جلسة 22 من ديسمبر سنة 1975
برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي رئيس المحكمة، وعضوية السادة
المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، وسعد العيسوي.
----------------
(308)
الطعن
رقم 431 لسنة 41 القضائية
(1)محكمة الموضوع "تكييف الدعوى". دعوى "صحيفة افتتاح
الدعوى".
تكييف الإجراء هو بحقيقة
وصفه القانوني لا بما يسبغه عليه الخصوم أو قلم الكتاب من أوصاف. شطب الدعوى.
تجديد السير فيها بصحيفة مستوفاة لجميع الشروط اللازمة لصحيفة الدعوى. اعتبارها
دعوى جديدة. لا خطأ.
(2)دعوى "اعتبار الدعوى
كأن لم تكن" "سقوط الخصومة". حكم. بطلان.
اعتبار الدعوى كأن لم تكن
لعدم تجديدها من الشطب في الميعاد القانوني. ترتب ذات الآثار الخاصة بسقوط
الخصومة. عدم سقوط الأحكام القطعية ولا الإجراءات السابقة على تلك الأحكام ما لم
تكن باطلة في ذاتها.
(3)حكم "حجية
الحكم". دعوى "اعتبار الدعوى كأن لم تكن". قوة الأمر المقضي. عقد.
فصل الحكم بندب الخبير في
تكييف العلاقة بين طرفي الخصومة. اعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد ذلك. لا يؤثر على
ما تضمنه هذا الحكم من قضاء قطعي صار نهائياً لعدم استئنافه في الميعاد.
(4)محكمة الموضوع
"تقدير الدليل" "أعمال الخبرة".
تقدير عمل الخبير
والموازنة بين الأدلة. من سلطة محكمة الموضوع.
-------------------
1 - العبرة في تكييف الإجراء هو بحقيقة وصفه القانوني وباستيفائه
للأوضاع والشروط التي يحددها القانون لا بما يسبغه عليه الخصوم أو قلم الكتاب من
أوصاف، وإذن فمتى كان الثابت بالأوراق أنه بعد أن شطبت دعوى الشركة المطعون ضدها
في 23/ 11/ 1965 أعلنت للطاعنين في 9/ 1/ 1968 بصحيفة استوفت جميع الشروط
والبيانات اللازمة لصحيفة افتتاح الدعوى، وأدت عنها الرسم المستحق على الدعوى
الجديدة، فلا تثريب على المحكمة إن هي أنزلت عليها الوصف القانوني الصحيح
باعتبارها دعوى جديدة ولا يؤثر على ذلك أن يكون قلم الكتاب قد قيدها بالجدول بذات
رقم الدعوى المشطوبة أو برقم جديد.
2 - اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا بقيت مشطوبة لمدة ستة شهور ولم
يطلب المدعي السير فيها وفقاً لنص المادة 91 من قانون المرافعات السابق (الذي يحكم
إجراءات الدعوى) وكذلك سقوط الخصومة في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو
امتناعه المنصوص عليه في المادة 301 من ذات القانون، هما لونان من ألوان الجزاء
قررهما المشرع لحكمة واحدة هي تقصير المدعي في موالاة السير في الدعوى وحثه على
متابعة إجراءاتها حتى لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم، الأمر الذي يقتضي توحيد
الأثر المترتب على كلا الجزاءين، ولما كان المشرع قد رتب في المادة 304 من قانون
المرافعات السابق - على الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك
صحيفة الدعوى، إلا أنه مع ذلك لم يسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها، ولا
الإجراءات السابقة على تلك الأحكام، وأجاز للخصوم التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال
الخبراء التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها - فإن هذه الأحكام تسري بدورها في حالة
اعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذ ليس في نصوص قانون المرافعات ما يمنع من تطبيقها أو
يدل على أن المشرع أراد أن يرتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن آثاراً أشد من
الآثار التي رتبها على سقوط الخصومة. كما أن الحكمة التي أملت على المشرع تقدير
هذه الأحكام بالنسبة لسقوط الخصومة - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وهي
احتمال زوال معالم الإثبات عند إعادة رفع الدعوى - متحققة كذلك في حالة اعتبار
الدعوى كأن لم تكن.
3 - إن اعتبار الدعوى كأن لم تكن، وإن كان يترتب عليه إلغاء
إجراءاتها إلا أنه لا يسقط الحق في الأحكام القطعية الصادرة فيها، وإذ كان الثابت
أن الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في...... بتحديد مأمورية الخبير، قد قطع
في تكييف العلاقة بين الطاعنين والشركة المطعون ضدها بأنها شركة محاصة، وحدد
مأمورية الخبير على هذا الأساس، فإن اعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد ذلك لا يؤثر على
ما تضمنه هذا الحكم من قضاء قطعي في هذا الشأن وإذ كان هذا القضاء قد أصبح نهائياً
لعدم استئنافه في الميعاد من جانب الطاعنين فإنه لا جناح على الحكم المطعون فيه إن
هو التزم حجية هذا القضاء.
4 - لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير عمل الخبير وفي الموازنة بين
الأدلة التي تقدم في الدعوى للأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه منها ما دامت
تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت
الدعوى رقم 420 سنة 57 تجاري كلي الإسكندرية طلبت فيها الحكم بإلزام الطاعنين
متضامنين بأن يقدما لها حساباً مؤيداً بالمستندات عن عمليات توريد الشعير والعدس
والأذرة، مع ندب خبير لفحص هذا الحساب، وإلزام الطاعنين بأن يدفعا لها متضامنين ما
يظهر في ذمتهما. وأسست دعواها على أنها تتعامل مع الطاعنين في توريد الحبوب للجهات
الحكومية مقابل ربح يقسم بينهم على أن يقدم الطاعنان كشوف حساب عن هذه العمليات،
وقد قام الطاعنان بالاشتراك معها في غضون عامي 1954، 1955 ببعض العمليات ولم يقدما
عنها كشوف حساب مؤيدة بالمستندات، ولم يؤديا لها نصيبها في ربح هذه العمليات
للشركة. دفع الطاعنان بعدم قبول الدعوى لإقامتها من غير ذي صفة. ومحكمة الإسكندرية
الابتدائية قضت في 27/ 1/ 1958 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبندب مكتب
الخبراء الحكوميين بالإسكندرية لتصفية الحساب بين الطرفين قدم الخبير تقريره الذي
انتهى فيه إلى أن الباقي في ذمة الطاعنين للشركة المطعون ضدها هو مبلغ 5231 ج و799
م. وبتاريخ 23/ 11/ 1965 قررت المحكمة شطب الدعوى وفي 9/ 1/ 1968 أعلنت الشركة
المطعون ضدها الطاعنين بصحيفة ذكرت فيها وقائع ومراحل النزاع سالفة البيان وقالت
أنه نظراً لعدم تجديد السير في الدعوى في خلال المدة القانونية فيحق لها إقامة
الدعوى من جديد، وتمسكت بما اتخذ من إجراءات في الدعوى رقم 420 سنة 57 تجاري كلي
إسكندرية. وبتاريخ 28/ 1/ 1969 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بسقوط الحق بالتقادم كما قضت بتاريخ
17/ 11/ 1970 بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للشركة المطعون ضدها مبلغ 5231 ج
و799 م. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 465 سنة 26 ق الإسكندرية.
ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 27/ 4/ 1971 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من
تضامن المستأنفين في أداء المبلغ المحكوم به ورفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف
فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة
المحددة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على
أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والقصور في التسبيب من وجهين مؤدى أولهما أن المحكمة الابتدائية قررت في
23/ 11/ 1965 بشطب الدعوى، وظلت الدعوى مشطوبة حتى عجلتها الشركة المطعون ضدها
بصحيفتها المعلنة في 9/ 1/ 1968 وقد تمسك الطاعنان باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم
تجديدها في الموعد القانوني استناداً إلى نص المادة 91 من قانون المرافعات السابق،
إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع استناداً إلى اعتبار هذا التجديد
دعوى جديدة في حين أن الشركة المطعون ضدها أشارت في صحيفتها إلى مراحل الدعوى
المشطوبة وطلباتها فيها، كما أن قلم الكتاب قيدها بذات رقم الدعوى السابقة مما يدل
على أنه اعتبرها تجديداً لها. وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى
إقرار ما تم في الدعوى المشطوبة من إجراءات وأحكام استند إليها في قضائه قياساً
على حالة سقوط الخصومة في حين أن سقوط الخصومة يختلف في طبيعته وآثاره عن اعتبار
الدعوى كأن لم تكن، إذ يترتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن زوالها وزوال جميع
الإجراءات التي تمت فيها بما في ذلك صحيفة الدعوى ذاتها.
وحيث إن هذا النعي مردود
في وجهه الأول بأن العبرة في تكييف الإجراء هو بحقيقة وصفه القانوني وباستيفائه
للأوضاع والشروط التي يحددها القانون لا بما يسبغه عليه الخصوم أو قلم الكتاب من
أوصافه، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق، أنه بعد أن شطبت دعوى الشركة المطعون
ضدها في 13/ 11/ 1965 أعلنت الطاعنين في 9/ 1/ 1968 بصحيفة استوفت جميع الشروط
والبيانات اللازمة لصحيفة افتتاح الدعوى، وأدت عنها الرسم المستحق على الدعوى
الجديدة، فلا تثريب على المحكمة إن هي أنزلت عليها الوصف القانوني الصحيح
باعتبارها دعوى جديدة، ولا يؤثر على ذلك أن يكون قلم الكتاب قد قيدها بالجدول بذات
رقم الدعوى المشطوبة أو برقم جديد. كما أن النعي مردود في وجهه الثاني بأن اعتبار
الدعوى كأن لم تكن إذا بقيت مشطوبة لمدة ستة شهور ولم يطلب المدعي السير فيها
وفقاً لنص المادة 91 من قانون المرافعات السابق (الذي يحكم إجراءات الدعوى) وكذلك
سقوط الخصومة وفي حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه المنصوص عليه
في المادة 301 من ذات القانون، هما لونان من ألوان الجزاء قررهما المشرع لحكمة
واحدة هي تقصير المدعي في موالاة السير في الدعوى وحثه على متابعة إجراءاتها حتى
لا تتراكم الدعاوى أمام المحاكم، الأمر الذي يقتضي توحيد الأثر المترتب على كلا
الجزاءين ولما كان المشرع قد رتب في المادة 304 من قانون المرافعات السابق على
الحكم بسقوط الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها بما في ذلك صحيفة الدعوى، إلا أنه مع
ذلك لم يسقط الأحكام القطعية الصادرة فيها، ولا الإجراءات السابقة على تلك
الأحكام، وأجاز للخصوم التمسك بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت ما لم تكن
باطلة في ذاتها - فإن هذه الأحكام تسري بدورها في حالة اعتبار الدعوى كأن لم تكن،
إذ ليس في نصوص قانون المرافعات ما يمنع من تطبيقها أو يدل على أن المشرع أراد أن
يرتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن آثار أشد من الآثار التي رتبها على سقوط
الخصومة، كما أن الحكمة التي أملت على المشرع تقرير هذه الأحكام بالنسبة لسقوط
الخصومة - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - وهي احتمال زوال معالم الإثبات
عند إعادة رفع الدعوى - تتحقق كذلك في حالة اعتبار الدعوى كأن لم تكن وإذ التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر، ورتب على اعتبار الدعوى كأن لم تكن ذات الآثار
المترتبة على سقوط الخصومة، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي
عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب،
وفي بيان ذلك يقولان أنهما دفعا الدعوى بعدم قبولها لإقامتها من غير ذي صفة
استناداً إلى أن السيد...... المقامة باسمه الدعوى لا يمثل الشركة وإلى أن
تعاملهما لم يكن مع الشركة وإنما كان تعاملاً فردياً مع بعض أعضائها، وقد رفض
الحكم المطعون فيه هذا الدفع تأسيساً على أن الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى
في 27/ 1/ 1958 الذي حدد مأمورية الخبير قد حسم النزاع حول الصفة وقطع في أسبابه
أن العلاقة إنما كانت بين الطاعنين والشركة المطعون ضدها على أساس المحاصة، وجعل
هذا الوصف أساساً لمأمورية الخبير، وأن هذا الحكم أنهى جزءاً من الخصومة وصار
نهائياً بعدم استئنافه من جانب الطاعنين وهو من الحكم المطعون فيه خطأ وقصور ذلك
أنه فضلاً عن أن الحكم الصادر في 27/ 1/ 1958 قد سقط وزال كأثر لازم لاعتبار
الدعوى كأن لم تكن، فإنه لم يكن من الجائز الطعن فيه على استقلال لأنه لم يفصل في
الخصومة.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أن اعتبار الدعوى كأن لم تكن وإن كان يترتب عليه إلغاء إجراءاتها، إلا
أنه لا يسقط الحق في الأحكام القطعية الصادرة فيها على ما سلف البيان، وإذ كان
الثابت أن الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 27/ 1/ 1958 بتحديد مأمورية
الخبير، قد قطع في تكييف العلاقة بين الطاعنين والشركة المطعون ضدها بأنها شركة
محاصة، وحدد مأمورية الخبير على هذا الأساس، فإن اعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد ذلك
لا يؤثر على ما تضمنه هذا الحكم من قضاء قطعي في هذا الشأن وإذ كان هذا القضاء قد
أصبح نهائياً لعدم استئنافه في الميعاد من جانب الطاعنين، فإنه لا جناح على الحكم
المطعون فيه إن هو التزم حجية هذا القضاء ويكون ما ينعاه عليه الطاعنان بهذا السبب
على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك
يقولان أن الحكم المطعون فيه قد اقتصر على ترديد ما قاله الخبير، ولم يعرض للمطاعن
التي ساقاها على تقريره، كما أنه التفت عن المستندات التي تقدم بها الطاعنان.
وحيث إن هذا النعي بسببيه
في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أحال إلى أسباب الحكم
الابتدائي، واجه جميع اعتراضات الطاعنين وعرض للمستندات المقدمة منهما، ولما كان
لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير عمل الخبير وفي الموازنة بين الأدلة التي تقدم في الدعوى
للأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه منها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة،
وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد النتيجة التي انتهى إليها الخبير المنتدب في
الدعوى، من بحثه للأوراق التي قدمت إليه ورد على ما قدمه الطاعنان من اعتراضات على
عمل الخبير، وذلك للاعتبارات السائغة التي تضمنتها أسبابه في هذا الخصوص والتي
تحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب بهذين
السببين يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق