الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

(الطعن 18640 لسنة 68 ق جلسة 20 / 3 / 2002 س 53 ق 81 ص 497)

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوي، عبد الرؤف عبد الظاهر، عمر الفهمي نواب رئيس المحكمة وسمير سامي.
-------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
 
2 - القانون لا يوجب حقا أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام إنه اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم - بفرض حصوله - لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري. ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهنته.
 
3 - من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقا أو بحثا في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن وظيفة محكمة النقض، فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالا بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يثر شيئا بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به، فإذا لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة
 
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن آخذا بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استنادا إلى أقوالهما، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
 
5 - من المقرر أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شهود الإثبات فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقوالهم، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من قرائن للتشكيك في أقوال شاهدي الإثبا.
 
6 - للمحكمة الالتفات عن أقوال شهود النفي وما حوته المستندات المقدمة من الطاعن إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها كما لها ألا تأخذ بدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، وفي قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود أو تلك الورقة فأطرحتها مما يكون معه النعي في هذا الصدد غير سديد.
 
7 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء معين في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.
 
8 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من إقرار الطاعن بمحضر الضبط دليلا قبله على مقارفته جريمة حيازة المخدر التي دانه بها، ومن ثم فإنه انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالا على الدفع ببطلان اعترافه بمحضر الضبط.
 
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعن قصور تحقيقات النيابة العامة عن تحقيق دفاعه بعدم صحة ما أثبت بمحضر الضبط عن مسكنه وخلص إلى أن هذا النقص يفيد منه المتهم، دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، إن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم.
 
10 - لما كان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
 
11 - لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعليا. ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالسيارة التي كان يقودها كافيا في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغا في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن في شأن علمه بما كان يحمله بسيارته من مخدر لا يكون سديدا.
 
12 -  لما كان دفاع المتهم باحتمال دس المخدر عليه وشيوع التهمة. إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة ردا صريحا، فإن منعي الطاعن في هذا المنحى يكون غير قويم.
 
13 - لما من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها.
 
14 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط معه بركنيه المادي والمعنوي، ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه مستظهرا أن الحيازة كانت مجردة من أي قصد من القصود الثلاثة المسماة في القانون مما يتضمن الرد على دفاعه بأن الحيازة للمخدر كانت بقصد التعاطي.
 
15 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها، وكان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحه - كافيا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان ذلك محققا لحكم القانون.
 
16 - لما كانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم 5 وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه يجب تفسير هذا النص على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية وكانت المصادرة وجوبا تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرما تداوله بالنسبة للكافة بما في ذلك المالك والحائز على السواء، أما إذا كان الشيء مباحا لصاحبه الذي لم يكن فاعلا أو شريكا في الجريمة فإنه لا يصح قانونا القضاء بمصادرة ما يملكه وإذ كان ما تقدم، وكانت السيارات غير محرم إحرازها، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد اقتصرت على بيان واقعة ضبط المخدر بالسيارة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة دون استظهار ملكية السيارة وبيان مالكها وما إذا كانت مملوكة للمطعون ضده الذي قضي بإدانته، أم للمتهم الآخر الذي قضي ببرائته أم لأحد غيرهما، وكان قصور الحكم في هذا الصدد من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه والإعادة.
------------------
     اتهمت النيابة العامة كلا من (1).......... (2)...... بأنهما حازا بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وأحالتهما إلى محكمة جنايات السويس لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 7/1، 34/1، أ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم "1" الملحق به مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات أولا بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر وببراءة الثاني.
فطعنا المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
-----------------------
     أولا: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد من القصود المسماة في القانون قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات التي سبقته لخطئها في مهنته وإغفالها قرابة المصاهرة بينه وبين المتهم الآخر وأن محررها لم يجر مراقبة شخصية لهما ولم يفصح عن مصدر معلوماته ولقول الضابطين أنهما أجريا التحريات على الطاعن لمدة سابقة على صدور الإذن رغم تواجد الطاعن بعمله وتواجد المتهم الآخر بعزبة ...... بمدينة ....... خلال هذه المدة بدلالة المستندات المقدمة وأقوال ..... و...... وبطلان الإذن - أيضا - لصدوره عن جريمة مستقبلة، وبطلان القبض والتفتيش وإقرار الطاعن بمحضر الضبط لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بهما وفي مكان مغاير لما أثبت بالمحضر وتأييد ذلك بأقوال شاهد النفي وقصور تحقيق النيابة في هذا الشأن إلا أن المحكمة التفتت عن مستنداته ولم تعن بتحقيق دفوعه وأطرحتها بما لا يسوغ، كما أغفل الحكم الرد على دفعه بشيوع الاتهام، ورد بما لا يصلح ردا على منازعته في حيازة المخدر واحتمال دسه بدرج السيارة التي يستعملها معه آخرون، وافترض علمهم بالجوهر المخدر من واقع حيازته، وحصل الواقعة وأقوال شاهدي الإثبات بما يدل على توافر قصد الاتجار في حقه ثم عاد ونفى هذا القصد، هذا إلى أن الحيازة كانت بقصد التعاطي، ولم يبين الحكم أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنه إن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. وإذ كان القانون لا يوجب حقا أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم بفرض حصوله لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري، ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهنته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقا أو بحثا في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن وظيفة محكمة النقض، فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالا بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يثر شيئا بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استنادا إلى أقوالهما، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. ولما كان من المقرر أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شهود الإثبات فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقوالهم، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من قرائن للتشكيك في أقوال شاهدي الإثبات وكذلك لا محل لما يثيره من التفات المحكمة عن أقوال شهود النفي وما حوته المستندات المقدمة منه إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها كما لها ألا تأخذ بدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، وفي قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود أو تلك الورقة فأطرحتها مما يكون معه النعي في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء معين في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من إقرار الطاعن بمحضر الضبط دليلا قبله على مقارفته جريمة حيازة المخدر التي دانه بها، ومن ثم فإنه انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالا على الدفع ببطلان اعترافه بمحضر الضبط، ويكون منعاه في هذا المقام لا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعن قصور تحقيقات النيابة العامة عن تحقيق دفاعه بعدم صحة ما أثبت بمحضر الضبط عن مسكنه وخلص إلى أن هذا النقص يفيد منه المتهم، دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى كان الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعليا. ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالسيارة التي كان يقودها كافيا في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغا في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن في شأن علمه بما كان يحمله بسيارته من مخدر لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان دفاع المتهم باحتمال دس المخدر عليه وشيوع التهمة إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة ردا صريحا، فإن منعى الطاعن في هذا المنحى يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط معه بركنيه المادي والمعنوي. ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه مستظهرا أن الحيازة كانت مجردة من أي قصد من القصود الثلاثة المسماة في القانون مما يتضمن الرد على دفاعه بأن الحيازة للمخدر كانت بقصد التعاطي، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يضحى لا محل له. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها، وكان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان ذلك محققا لحكم القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون غير أساس، متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:-
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دان المطعون ضده بجريمة حيازة جوهر مخدر قد أخطأ في تطبيق القانون، إذ أغفل القضاء بمصادرة السيارة المضبوطة والتي استخدمت في ارتكاب الجريمة في حين أن المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات توجب القضاء بمصادرتها مما يستوجب نقضه وتصحيحه وفق القانون.
من حيث إن المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم 5 وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه يجب تفسير هذا النص على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية. وكانت المصادرة وجوبا تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرما تداوله بالنسبة للكافة بما في ذلك المالك والحائز على السواء، أما إذا كان الشيء مباحا لصاحبه الذي لم يكن فاعلا أو شريكا في الجريمة فإنه لا يصح قانونا القضاء بمصادرة ما يملكه وإذ كان ما تقدم، وكانت السيارات غير محرم إحرازها، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد اقتصرت على بيان واقعة ضبط المخدر بالسيارة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة دون استظهار ملكية السيارة وبيان مالكها وما إذا كانت مملوكة للمطعون ضده الذي قضى بإدانته، أم للمتهم الآخر الذي قضى ببراءته أم لأحد غيرهما، وكان قصور الحكم في هذا الصدد من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه والإعادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق