الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

(الطعن 9841 لسنة 70 ق جلسة 18 / 3 / 2002 س 53 ق 80 ص 485)

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، سمير مصطفى، عبد المنعم منصور، إيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.
-----------------
1 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها كما أنها غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضا في حكمها.
 
2 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وهي غير ملزمة من بعد الرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي القائم على أساس نفي التهمة ما دام الرد عليه مستفاد ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها.

3 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق.
 
5 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقة بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفاع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وكان ما أورده الحكم سائغا في العقل والمنطق ومقبولا في بيان كيفية وقوع الحادث، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الرد على الدفع المار ذكره ومنازعته في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأديا إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
6 - من المقرر أن رابطة السببية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقع من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها إثباتا ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه.
 
7 - من المقرر أن المتهم في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي - كإطالة أمد علاج المجني عليه أو تخلف عاهة مستديمة أو الإفضاء إلى موته - ولو كانت عن طريق غير مباشر ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل في مدونته - بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه - أن وفاة المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن، وكان الطاعن لم يمارى في أن ما أقام عليه الحكم قضاءه له سنده الصحيح من الأوراق، وكان ما أثاره الطاعن في دفاعه بجلسة المحاكمة أو في أسباب طعنه عن انقطاع رابطة السببية تأسيسا على أن الوفاة كان مرجعها حالة مرضية بالمجني عليه وليس الاعتداء الواقع عليه مردود بما هو مقرر أن مرض المجني عليه هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع رابطة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التي انتهى إليها المجني عليه بسبب إصابته.
 
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقديره متى أيدت ذلك وقائع الدعوى وأكدته لديها.
 
9 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
 
10 - من المقرر أن المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية والتي أحالت إليها المادة 381 من هذا القانون وإن كانت قد نصت على أن "ينادى على الشهود بأسمائهم وبعد الإجابة منهم يحجزون في الغرفة المخصصة لهم ولا يخرجون منها إلا بالتوالي لتأدية الشهادة أمام المحكمة، ومن تسمع شهادته منهم يبقى في قائمة الجلسة إلى حين إقفال باب المرافعة....." فإنها لم ترتب على مخالفة هذه الإجراءات بطلانا، وكل ما في الأمر أن للمحكمة تقدير شهادة الشاهد المؤداة في هذا الظرف، على أنه ما دام الشاهد قد سمع بحضور المتهم ولم يعترض على سماعه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن حقه في هذا الاعتراض يسقط بعدم تمسكه في الوقت المناسب.
 
11 - من المقرر أنه ولئن كان ليس من المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم في الجلسة بملاحظات قد تنم عن رأيها في تقدير وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها، إلا أنه إذا كان المقام يحتمل أن يكون الملاحظات قد وجهت بدافع الرغبة في تنبيه الخصوم إلى مواضع الضعف في دعواهم لتسمع منهم الرد عليها، فإن ذلك لا يعد منها إخلالا بحق الدفاع، وإذن فإذا كان الظاهر من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى استبعادها أقوال الشاهد الأول من الأوراق، فإنه يكون من المجازفة القول بأن ذلك من المحكمة ينبئ عن عقيدة كانت مستقرة عند رئيسها، وإذن فلا يكون هناك إخلال بحق الدفاع.
-------------------
   اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب......... عمدا المجني عليه بيده في وجهه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله لكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات وإحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.
------------------
     من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المقضي إلى الموت، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم اجتزء محضر الضبط وشهادة النقيب ....... ولم يورد مؤدى كل منهما وعول على أقوال شهود الإثبات ....... والنقيب ........ رغم تناقضهم في كيفية سقوط المجني عليه على الأرض وحدوث إصابته وقدم الدفاع عن الطاعن مستندات للتشكيك في أقوال شاهد الإثبات ..... بيد أن المحكمة التفتت عنها ولم تعرض لها إيراداً ودفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس، كما دفع بانقطاع رابطة السببية بين فعل الطاعن والنتيجة المتمثلة في وفاة المجني عليه، بيد أن المحكمة ردت على هذين الدفعين بما لا يصلح ردا، وعولت في ذلك على تقرير الطبيب الشرعي رغم أنه لم يجزم بمسئولية الطاعن عن الوفاة، والتفتت عن شهادة الطبيبين ....... في هذا الشأن واستمعت إلى شهادة كبيرة الأطباء الشرعيين دون أن يطلب أحد من الخصوم ذلك، فضلا عن أن المحكمة ناقشتها والطبيب الاستشاري ...... في توقيت واحد دون مقتض، وأخيرا فقد نبهت المحكمة - أثناء المرافعة - الدفاع عن الطاعن بأنها تستبعد من الأوراق أقوال الشاهد الأول بما يعد إفصاحا منها عن رأيها في أحد أدلة الدعوى، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وأقوال الطبيب الشرعي ومن محضر الضبط وهي أدلة لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها كما أنها غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضا في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وهي غير ملزمة من بعد بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي القائم على أساس نفي التهمة ما دام الرد عليه مستفاد ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي عن نفسه وإطراحه بقوله "...... لا دليل في الأوراق يساند رواية المتهم بمحضر الضبط من أن المتهم وابنه اعتديا عليه بالضرب وأنه دفعهما من أمامه فسقط المجني عليه على الأرض، بل إن المتهم نفسه نفى بتحقيقات النيابة وقوع اعتداء عليه من المجني عليه" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها إن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، كما أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقة بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وكان ما أورده الحكم سائغا في العقل والمنطق ومقبولا في بيان كيفية وقوع الحادث، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الرد على الدفع المار ذكره ومنازعته في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأديا إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بانتفاء رابطة السببية وإطراحه في قوله "........ الثابت من أدلة الثبوت المبسوطة آنفا والتي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهم ضرب المجني عليه بيده على وجهه فأسقطه أرضا". لما كان ذلك، وكان من الثابت من التقرير الطبي الشرعي ومما شهد به الطبيب الشرعي أن إصابة المجني عليه بمؤخرة الرأس وما أحدثته من كسر بالجمجمة ونزف دماغي. كما أن الثابت من التقرير الطبي الشرعي سالف البيان أن الإصابة المذكورة تنشأ عن المصادمة الشديدة بجسم صلب راض ويجوز حصولها من السقوط فجأة على الأرض التي كانت مسرحا للحادث عقب ضربة يد وفق التصوير الوارد بأقوال شهود الإثبات، وإذ تطمئن المحكمة إلى التقرير الطبي الشرعي وما شهد به الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة، فإن علاقة السببية تكون متوافرة بين اعتداء المتهم على المجني عليه ووفاته ..... وبعد استعراض القواعد القانونية استطرد قائلا "ولا يقدح في توافر علاقة السببية - على النحو المتقدم - ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من أن المجني عليه كان يعاني ويعالج من داء البول السكري والتهاب كبدي فيروسي وعنده تليف بالكبد ونقص في نشاط البروتروجين وأن تلك الأحوال المرضية يصحبها تأثير بجدر الأوعية الدموية وبعملية تجلط الدم بدرجات متفاوتة مما ساهم في درجة النزف التي أثرت على المخ ووظائفه، إذ إن الثابت من أقوال الطبيب الشرعي أن إصابة المتهم بمؤخرة الرأس - وما أحدثته من كسر بالجمجمة ونزف دماغي - هي سبب الوفاة، وأن الأمراض التي كان يعاني منها من شأنها أن تزيد من جسامة الإصابة إذا كانت بسيطة من خلال تأثيرها على التجلط أما وأن إصابته جسيمة من الأصل فقد كانت السبب في إحداث الوفاة، فضلاً عن أنه حتى مع الافتراض الجدلي بأن أمراض المجني عليه ساهمت في إحداث الوفاة فإن ذلك لا ينفي علاقة السببية بين فعل المتهم والوفاة، لأن من المقرر أن المتهم يسأل عن النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع هذه العلاقة، ولا وجه للقول أن الإصابة ما كانت لتحدث لولا الحالة المرضية للمجني عليه إذ لا يلزم في فعل الضرب المفضي إلى الموت درجة معينة من الجسامة تكفي لموت الشخص المعتاد، وإنما العبرة بكون الموت نتيجة مباشرة لفعل الضرب بصرف النظر عن حالة المجني عليه الصحية أو تدخل عوامل أخرى كانت ساكنة ولم تتحرك إلا بنتيجة لفعل الضرب". لما كان ذلك، وكانت رابطة السببية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقع من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها إثباتا ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان المتهم في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي - كإطالة أمد علاج المجني عليه أو تخلف عاهة مستديمة أو الإفضاء إلى موته - ولو كانت عن طريق غير مباشر ما دام الحكم المطعون فيه قد دلل في مدونته - بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه - أن وفاة المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن، وكان الطاعن لم يماري في أن ما أقام عليه الحكم قضاءه له سنده الصحيح من الأوراق، وكان ما أثاره الطاعن في دفاعه بجلسة المحاكمة أو في أسباب طعنه من انقطاع رابطة السببية تأسيسا على أن الوفاة كان مرجعها حالة مرضية بالمجني عليه وليس الاعتداء الواقع عليه مردود بما هو مقرر أن مرض المجني عليه هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع رابطة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التي انتهى إليها المجني عليه بسبب إصابته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الصفة التشريحية من أنه بني على الترجيح لا القطع فضلا عن أن الطبيب الشرعي قد قطع بذلك في تقريره وبأقواله أمام المحكمة فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية متفقاً مع ما شهد به الطبيب الشرعي أمامها، وأطرحت - في حدود سلطتها التقديرية - أقوال الطبيبين ....... و....... أمامها فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية والتي أحالت إليها المادة 381 من هذا القانون وإن كانت قد نصت على أن "ينادى على الشهود بأسمائهم وبعد الإجابة منهم يحجزون في الغرفة المخصصة لهم ولا يخرجون منها إلا بالتوالي لتأدية الشهادة أمام المحكمة، ومن تسمع شهادته منهم يبقى في قائمة الجلسة إلى حين إقفال باب المرافعة ...." فإنها لم ترتب على مخالفة هذه الإجراءات بطلانا، وكل ما في الأمر أن للمحكمة تقدير شهادة الشاهد المؤداه في هذا الظرف، على أنه ما دام الشاهد قد سمع بحضور المتهم ولم يعترض على سماعه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن حقه في هذا الاعتراض يسقط بعدم تمسكه به في الوقت المناسب، هذا فضلا عن أن الحكم لم يعول على أقوال كبيرة الأطباء الشرعيين أو الطبيب الاستشاري .......... في قضائه بإدانة الطاعن، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل. لما كان ذلك، ولئن كان ليس من المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم في الجلسة بملاحظات قد تنم عن رأيها في تقدير وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها، إلا أنه إذا كان المقام يحتمل أن يكون الملاحظات قد وجهت بدافع الرغبة في تنبيه الخصوم إلى مواضع الضعف في دعواهم لتسمع منهم الرد عليها، فإن ذلك لا يعد منها إخلالا بحق الدفاع، وإذن فإذا كان الظاهر من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى استبعادها أقوال الشاهد الأول من الأوراق، فإنه يكون من المجازفة القول بأن ذلك من المحكمة ينبئ عن عقيدة كانت مستقرة عند رئيسها، وإذن فلا يكون هناك إخلال بحق الدفاع، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق