جلسة 28 من مايو سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/
محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أسامة
توفيق، محمد ناجي دربالة نائبي رئيس المحكمة، هشام البسطويسي وربيع لبنه.
------------
(95)
الطعن رقم 16241 لسنة 63
القضائية
(1)دستور.
قانون "تفسيره". قرارات إدارية. قضاء إداري. نقض "أسباب الطعن. ما
يقبل منها". دعوى مدنية.
الإلغاء الجزئي أو النسبي
للقرار الإداري. ماهيته؟
للجهة الإدارية عند تنفيذ
حكم الإلغاء الجزئي الخيار بين الإبقاء والتصحيح أو الإلغاء. مناط ذلك؟
المنوط به تنفيذ أحكام
القضاء في نطاق كل وزارة. وزيرها. المادة 157 من الدستور.
وزير الخارجية هو المنوط
به تنفيذ حكم بإلغاء قرار جمهوري خاص بوزارته. مخالفة ذلك. خطأ في تأويل القانون.
(2)امتناع عن تنفيذ حكم. قضاء إداري. جريمة "أركانها". قصد
جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تحقق الجريمة المنصوص
عليها في المادة 123/ 2 عقوبات بامتناع الموظف عمداً عن تنفيذ الحكم واجب التنفيذ
بعد إنذاره قانوناً. طالما لم يصدر حكم ببطلانه أو بإيقاف تنفيذه.
صدور حكم من المحكمة
الإدارية العليا - بعد وقوع الجريمة - بإلغاء الحكم المنفذ به أو بإيقاف تنفيذه.
لا يؤثر في قيامها. وإن كان من قبيل الظروف القضائية المخففة. مخالفة ذلك. خطأ في
تأويل القانون.
(3)نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى
مدنية.
عدم جواز طعن المدعي
بالحقوق المدنية بالنقض إلا فيما يتعلق بالدعوى المدنية. المادة 30/ 2 من القانون
57 لسنة 1959.
2 - من المقرر أنه متى صدر حكم واجب التنفيذ كان على كل مخاطب بهذا الحكم وعلى كل مكلف بتنفيذ أحكام القضاء أن يبادر إلى تنفيذه نزولاً على ما للأحكام من قوة الأمر المقضي واحتراماً لهيبة الدولة ممثلة في سلطتها القضائية. فإذا امتنع موظف - عامداً عن تنفيذ حكم واجب التنفيذ بعد إنذاره على النحو الذي رسمه القانون، وكان تنفيذه داخلاً في اختصاصه الوظيفي فقد اقترف الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة 123 من قانون العقوبات، ولا يحق له أن يدفع مسئوليته عنها بأن الحكم المطلوب تنفيذه باطل طالما لم يصدر حكم ببطلانه أو بإيقاف تنفيذه. كما لا يشفع لهذا الموظف - بعد وقوع الجريمة - أن يصدر حكم بإلغاء الحكم المنفذ به أو بإيقاف تنفيذه، وإن كان يصح أن يعتبر ذلك من قبيل الظروف القضائية المخففة عند تقدير العقوبة أو التعويض. لما كان ذلك، وكانت المادة 50 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 سنة 1972 تنص في فقرتها الأولى على أنه "لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك". وكان الحكم المنفذ به - على ما حصله الحكم المطعون فيه - صدر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 6/ 2/ 1989 فقد كان واجب التنفيذ منذ صدوره وحتى تاريخ 11/ 12/ 1989 الذي صدر فيه الأمر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بإيقاف تنفيذه. ومتى كان امتناع المطعون ضده عن تنفيذ الحكم المذكور قد وقع في الفترة التي كان التنفيذ فيها واجباً، فإن صدور قرار دائرة فحص الطعون - من بعد - لا يكون له أثر على الجريمة بعد وقوعها. ويكون الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى ما يخالف ذلك، قد أخطأ في تأويل القانون خطأ حجبه - مرة أخرى - عن بحث استيفاء الواقعة المسندة إلى المطعون ضده وباقي أركان الجريمة المسندة إليه، مما يقتضي أن يكون مع النقض الإعادة.
3 - لما كان حق المدعي بالحقوق المدنية في الطعن على الحكم الصادر من المحكمة الجنائية يقتصر على ما تضمنه من قضاء فيما يتعلق بحقوقه المدنية عملاً بالفقرة الثانية من المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 سنة 1959، فإن المحكمة تعرض عن طلب الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - نقض الحكم المطعون فيه في الشق المتعلق بالبراءة - لعدم جوازه - وتقصر النقض على ما قضى به في الدعوى المدنية.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق
المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضده بوصف أنه: امتنع عن تنفيذ
الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم..... بوقف تنفيذ القرار
الجمهوري رقم..... فيما تضمنه من تخطيه في النقل رئيساً لإحدى البعثات الدبلوماسية
بالخارج. وطلب عقابه بالمادة 123/ 2 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ
واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح........ قضت غيابياً
بقبول تدخل وزير الخارجية بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية وببراءة المطعون ضده
الثاني مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف، ومحكمة....... الابتدائية -
بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد
الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .......
المحامي عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه
المدعي بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من
جريمة الامتناع عمداً عن تنفيذ حكم وبرفض الدعوى المدنية، قد أخطأ في تطبيق
القانون وفسد استدلاله، ذلك بأن الحكم تساند في ذلك إلى أن الحكم موضوع الدعوى قد
أوقف تنفيذه في حين أن الإيقاف حدث بعد وقوع الجريمة، كما أنه تساند إلى أن تنفيذ
الحكم المنفذ به يحتاج إلى صدور قرار من رئيس الجمهورية لا من المطعون ضده، في حين
أن تنفيذ الحكم المشار إليه لا يحتاج إلى ذلك، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما
يستوجب نقضه.
ومن حيث إن واقعة الدعوى
حسبما حصلها الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - تجمل في أنه
بتاريخ...... قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم.... بوقف تنفيذ قرار رئيس
الجمهورية رقم...... فيما تضمنه من تخطي الطاعن في النقل رئيساً لإحدى البعثات
الدبلوماسية بالخارج مع ما يترتب على ذلك من آثار ثم أن الطاعن بتاريخ 14 من
فبراير سنة 1989 أعلن المطعون ضده - الذي كان وزيراً للخارجية - بصورة من هذا
الحكم مذيلة بالصيغة التنفيذية ثم أعلن إليه بتاريخ....... إنذاراً بالتنفيذ، ولكن
المطعون ضده امتنع عن تنفيذ الحكم فأقام الطاعن الدعوى الماثلة بالطريق المباشر
يطلب فضلاً عن عقاب المطعون ضده بموجب نص المادة 123/ 2 من قانون العقوبات إلزامه
بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وبعد أن نظرت
الدعوى أمام محكمة أول درجة أصدرت حكمها ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية
وبرر الحكم قضاءه هذا بأنه صدر من المحكمة الإدارية العليا (دائرة فحص الطعون)
بتاريخ........ أمر بوقف تنفيذ الحكم الصادر في....... مما يتخلف معه الشرط الأول
لقيام الجريمة المنسوبة للمتهم وهو وجود حكم قابل للتنفيذ ثم أردف الحكم بقوله
"وإذا أضفنا إلى ما تقدم أن النص في المادة 35 من القانون رقم 45 سنة 1982
بتنظيم السلك الدبلوماسي والقنصلي على أن لا يتم تعيين ونقل رؤساء البعثات
الدبلوماسية والقنصلية للعمل في البعثات بالخارج أو إلى الديوان العام بقرار من
رئيس الجمهورية بناء على ترشيح من وزير الخارجية ويتم نقل باقي أعضاء السلك بقرار من
وزير الخارجية......." مما مؤداه أن يكون تعيين أو نقل رؤساء البعثات
الدبلوماسية والقنصلية ومن بينهم المدعي بالحقوق المدنية للعمل في البعثات بالخارج
أو إلى الديوان العام بقرار جمهوري وهو ما لا يختص به المتهم الذي يقتصر دوره على
عملية الترشيح فقط الأمر الذي يكون معه الشرط الثاني أيضاً من الشروط اللازم
توافرها لقيام جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم (شرط اختصاص الموظف) قد انتفى من
الأوراق. ومن حيث إنه من المقرر أن قضاء الإلغاء قد ينصب على قرار إداري بكامله
فيعدمه أو على جزء من القرار دون باقيه - وهو ما اصطلح على تسميته بالإلغاء الجزئي
أو النسبي - ومن ذلك إلغاء قرار التعيين أو الترقية فيما تضمنه من تخطي شخص معين.
وعند تنفيذ حكم الإلغاء الجزئي تكون جهة الإدارة بالخيار إن شاءت أبقت القرار
المطعون فيه وصححت الوضع بالنسبة لرافع الدعوى، أو ألغت القرار المطعون فيه إذا
كان ذلك هو السبيل الوحيد لتصحيح الوضع. والمنوط به تنفيذ أحكام القضاء في نطاق كل
وزارة هو وزيرها لما نصت عليه المادة 157 من الدستور من أن "الوزير هو الرئيس
الإداري الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياسة الوزارة في حدود السياسة العامة للدولة
ويقوم بتنفيذها" فإذا كان الحكم المطلوب تنفيذه صادراً بإلغاء أو إيقاف تنفيذ
قرار جمهوري كان على الوزير أن يتخذ من جانبه ما يستلزمه تنفيذ الحكم من مراحل
استصدار القرار الجمهوري الذي يتفق وموجبات التنفيذ وإزالة الأثر المترتب على
القرار المحكوم بإلغائه أو بوقف تنفيذه. لما كان ذلك، وكان نص المادة 35 من
القانون رقم 45 لسنة 1982 المشار إليه وإن جعل تعيين ونقل أعضاء البعثات
الدبلوماسية والقنصلية في الخارج بموجب قرار من رئيس الجمهورية، إلا أنه جعل ذلك
بناء على ترشيح من وزير الداخلية. ومن ثم فإن تنفيذ الحكم بإلغاء القرار الصادر
بتعيين رؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين
يكون داخلاً في اختصاص المطعون ضده، لأنه المنوط به ذلك التنفيذ في وزارته ولأنه
المختص بترشيح رؤساء البعثات الذين يصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية. وإذ كان
الحكم المطعون فيه قد حاد عن هذا النظر وقال بعدم اختصاص المطعون ضده - وزير
الخارجية - بذلك، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون خطأ حجبه عن بحث حقيقة موقف
المطعون ضده من تنفيذ الحكم موضوع الاتهام. ومن ناحية أخرى، فإنه متى صدر حكم واجب
التنفيذ كان على كل مخاطب بهذا الحكم وعلى كل مكلف بتنفيذ أحكام القضاء أن يبادر
إلى تنفيذه نزولاً على ما للأحكام من قوة الأمر المقضي واحتراماً لهيبة الدولة
ممثلة في سلطتها القضائية. فإذا امتنع موظف - عامداً - عن تنفيذ حكم واجب التنفيذ
بعد إنذاره على النحو الذي رسمه القانون، وكان تنفيذه داخلاً في اختصاصه الوظيفي،
فقد اقترف الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة 123 من قانون العقوبات
ولا يحق له أن يدفع مسئوليته عنها بأن الحكم المطلوب تنفيذه باطل، طالما لم يصدر
حكم ببطلانه أو بإيقاف تنفيذه، كما لا يشفع لهذا الموظف - بعد وقوع الجريمة - أن
يصدر حكم بإلغاء الحكم المنفذ به أو بإيقاف تنفيذه، وإن كان يصح أن يعتبر ذلك من
قبيل الظروف القضائية المخففة عند تقدير العقوبة أو التعويض. لما كان ذلك، وكانت
المادة 50 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 سنة 1982 تنص في فقرتها
الأولى على أنه "لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ
الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك". وكان الحكم
المنفذ به - على ما حصله الحكم المطعون فيه - صدر من محكمة القضاء الإداري
بجلسة....... فقد كان واجب التنفيذ منذ صدوره وحتى تاريخ....... الذي صدر فيه الأمر
من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بإيقاف تنفيذه. ومتى كان امتناع
المطعون ضده عن تنفيذ الحكم المذكور قد وقع في الفترة التي كان التنفيذ فيها
واجباً فإن صدور قرار دائرة فحص الطعون - من بعد - لا يكون له أثر على الجريمة بعد
وقوعها. ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ما يخالف ذلك، قد أخطأ في تأويل
القانون خطأ حجبه - مرة أخرى - عن بحث استيفاء الواقعة المسندة إلى المطعون ضده
وباقي أركان الجريمة المسندة إليه، مما يقتضي أن يكون مع النقض الإعادة. وحيث إن
حق المدعي بالحقوق المدنية في الطعن على الحكم الصادر من المحكمة الجنائية، يقتصر
على ما تضمنه من قضاء فيما يتعلق بحقوقه المدنية عملاً بالفقرة الثانية من المادة
30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 سنة
1959، فإن المحكمة تعرض عن طلب الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - نقض الحكم المطعون
فيه في الشق المتعلق بالبراءة - لعدم جوازه - وتقصر النقض على ما قضى به في الدعوى
المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق