الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 يوليو 2014

الطعون 1859 و2444 و2447 لسنة 70 ق جلسة 12 / 6 / 2001 مكتب فني 52 ج 2 ق 171 ص 861

جلسة 12 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، مدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.

---------------------

(171)
الطعون أرقام 1859، 2444، 2447 لسنة 70 القضائية

(1، 2) إثبات. بيع. عقد. هبة. إرث. تركة. وصية. دفوع. نقض "أسباب الطعن: السبب غير المنتج". حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت في الأوراق".
 (1)
إثبات الورثة أن البيع صدر في مرض موت مورثهم. أثره. افتراض أنه في حقيقته هبة ما لم ينقض المشتري هذه القرينة القانونية غير القاطعة. سبيله. إثباته أنه دفع ثمناً للمبيع لا يقل عن قيمته فيكون البيع صحيحاً نافذاً في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم. علة ذلك. انتفاء شبهة المجاملة في الثمن. ثبوت أن ما دفعه يقل عن قيمة المبيع بمقدار الثلث. أثره. سريان البيع أيضاً في حق الورثة. علة ذلك. دخول ما تمت المحاباة فيه من الثمن في نطاق ما يجوز الإيصاء به. تحقيق صدور البيع في مرض الموت في الحالتين الأخيرتين. لا محل له. مجاوزة الزيادة الثلث. أثره. صيرورة البيع في حكم الوصية وعدم سريانه في حق الورثة في حدود هذه الزيادة إلا بإجازتهم أو بتقاضيهم ما يُكمل ثلثي التركة من المشترين. وجوب تحقيق الدفع بصدور البيع في مرض الموت في هذه الحالة. المادتان 477، 916 مدني.
 (2)
عدم دفع الورثة بأن مورثتهم وهبت المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل نصيبها في العقار المبيع وثبوت تضمن الإنذار الموجه من الورثة مطالبتهم للمشترين بباقي ثمن المبيع بما يؤكد عدم منازعتهم في أن هذا الثمن لا يقل عن قيمة المبيع الحقيقية وأنه الثمن الذي تم التعامل به مع باقي البائعين. أثره. صيرورة البيع صحيحاً خالياً من شبهة المجاملة في الثمن ونافذاً في حق الورثة باعتبار أن ما دفعه المشترون هو ثمن المثل. تعييب الحكم المطعون فيه بأنه خالف الثابت في الأوراق حين خلص إلى خلوها مما يقطع بأن المورثة كانت في مرض الموت عند توقيعها على العقد. غير منتج
.
(3، 4 ) عقد "الشرط الفاسخ الضمني". بيع. التزام. دعوى "الطلبات فيها" "دعوى الفسخ". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن الشرط الفاسخ الضمني". نقض "أسباب الطعن: السبب غير المنتج".
 (3)
الشرط الفاسخ الضمني في العقد. أثره. للمدين توقي الفسخ. سبيله. أداؤه دينه كاملاً قبل صدور حكم نهائي بالفسخ. مؤداه. إجابة طلب الفسخ الضمني. مناطه. أن يظل الطرف الآخر متخلفاً عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي.
(4)
وفاء المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل بباقي ثمن المبيع قبل صدور الحكم المطعون فيه. أثره. امتناع القضاء بالفسخ الضمني قانوناً. انتهاء الحكم إلى هذه النتيجة الصحيحة. النعي على أسباب قضائه في هذا الخصوص. غير منتج. أثره. عدم قبوله
.
 (9 - 5)
التزام. عقد. بيع. تعويض. مسئولية. تنفيذ. إثبات. محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع الجوهري". حراسة. حكم "عيوب التدليل: القصور، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
 (5)
للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض عما ينجم من ضرر بسبب عدم تنفيذ أحد الالتزامات المنصوص عليها في العقد. التعويض في هذه الحالة. ماهيته. تعويض عن عدم التنفيذ. عدم جواز الجمع بينه وبين التنفيذ العيني. للمتعاقدين تحديد التعويض الجابر للضرر عن التأخير في التنفيذ. جواز الجمع بين التعويض الأخير والتنفيذ العيني. علة ذلك. القضاء بإلزام المدين بتنفيذ التزامه عيناً لا يخل بحق الدائن فيما يجب له من هذا التعويض. المواد 215/ 2، 216، 223، 224/ 2 مدني.
 (6)
التعويض الاتفاقي عدم جواز القضاء به إلا إذا توافرت أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية طبقاً للقواعد العامة. حكمه في ذلك حكم التعويض القضائي. الاختلاف بينهما. وجهه. أن الاتفاق مقدماً على قيمة التعويض عن الإخلال بالالتزام العقدي تنفيذاً أو تأخيراً يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته.
 (7)
انفراد الدائن بالخطأ أو استغراق خطئه خطأ المدين بحيث كان هو السبب المنتج للضرر. أثره. سقوط حق الدائن في التعويض فلا يكون مستحقاً أصلاً. إسهام الدائن بخطئه في وقوع الضرر وتقصيره هو الآخر في تنفيذ التزامه. أثره. عدم أحقيته في اقتضاء تعويض كامل.
 (8)
إثبات المدين أن تقدير التعويض الاتفاقي كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة أو أنه نفذ التزامه الأصلي في جزء منه. أثره. للقاضي تخفيض التعويض بنسبة ما تم تنفيذه من هذا الالتزام.
(9)
تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الجمع بين إلزامهم بتسليم أربع شقق خالية عيناً وبين إلزامهم بقيمة التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في عقد البيع المبرم بينهم والمطعون ضدهم الثلاثة الأوائل وبأن الأخيرين أخلوا بالتزامهم بسداد باقي ثمن المبيع في المواعيد المقررة مما يعد مساهمة منهم في الخطأ توجب تخفيض التعويض وبأنه مبالغ فيه إلى درجة كبيرة وبأنهم نفذوا التزامهم جزئياً بعرض شقتين على خصومهم. دفاع جوهري. عدم تمحيصه أو مناقشة أدلته وعدم تفسير المحكمة ذلك الشرط الجزائي توصلاً لما إذا كان عن عدم تسليم تلك الشقق أم عن التأخير في تسليمها ودون الإدلاء برأيها فيما إذا كان مجرد عرض الطاعنين الشقتين دون أن يتلوه إجراء مماثل للإيداع طبقاً للمادتين 336 مدني، 489/ 3 مرافعات يقوم مقام الوفاء الجزئي بالالتزام الذي يبيح للقاضي تخفيض التعويض. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وقصور مبطل.

----------------
1 - النص في المادة 477 من القانون المدني على أن "إذا باع المريض في مرض الموت لوارث أو لغير وارث بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت، فإن البيع يسري في حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة داخلاً فيها المبيع ذاته. أما إذا كانت هذه الزيادة تجاوز ثلث التركة، فإن البيع - فيما يجاوز الثلث - لا يسري في حق الورثة إلا إذا أقروه أو رد المشتري للتركة ما بقى بتكملة الثلثين"، وفي المادة 916 منه على أن "كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت، ويكون مقصوداً به التبرع يعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطى لهذا التصرف...... وإذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت، اعتبر التصرف صادراً على سبيل التبرع ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك" - يدل على أنه إذا أثبت الورثة أن البيع صدر في مرض موت مورثهم، فإن المشرع يفترض أن هذا البيع هو في حقيقته هبة ما لم ينقض المشتري هذه القرينة القانونية غير القاطعة بإثبات أنه دفع ثمناً للمبيع لا يقل عن قيمته، فيكون البيع صحيحاً نافذاً في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم لانتفاء شبهة المجاملة في الثمن. وإذا ثبت أن ما دفعه من ثمن يقل عن قيمة المبيع بمقدار الثلث، فإن البيع يسري أيضاً في حق الورثة لدخول ما تمت المحاباة فيه من الثمن في نطاق ما يجوز الإيصاء به، وفي الحالتين لا يكون ثمة محل لتحقيق صدور البيع في مرض الموت، أما إذا جاوزت الزيادة الثلث، فإن البيع يأخذ حكم الوصية ولا يسري في حق الورثة - في حدود هذه الزيادة - إلا بإجازتهم، أو بتقاضيهم ما يكمل ثلثي التركة من المشتري، وعندئذ يتعين تحقيق الدفع بصدور البيع في مرض الموت.
2 - إذ كان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن أحداً من ورثة المرحومة........ لم يدفع بأنها وهبت المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل نصيبها في العقار المبيع بالعقد المؤرخ 11/ 9/ 1995، كما تضمن الإنذار المؤرخ...... مطالبة الورثة للمشترين بباقي ثمن المبيع بما يؤكد عدم منازعتهم في أن هذا الثمن لا يقل عن قيمة المبيع الحقيقية وأنه الثمن الذي تم التعامل به مع باقي البائعين، ومن ثم فإن البيع يكون صحيحاً خالياً من شبهة المجاملة في الثمن ونافذاً في حق الورثة باعتبار أن المبلغ الذي دفعه المشترون ثمناً للمبيع هو ثمن المثل. وعلى ذلك، فإن تعييب الحكم المطعون فيه بأنه خالف الثابت في الأوراق حين خلص إلى أن أوراق الدعوى خلت مما يقطع بأن المورثة المذكورة كانت في مرض الموت عند توقيعها على العقد المشار إليه، يكون غير منتج أياً كان وجه الرأي فيه.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الشرط الذي تضمنه العقد شرطاً فاسخاً ضمنياً، فإن للمدين أن يتوقى الفسخ بأداء دينه كاملاً قبل أن يصدر ضده حكم نهائي بالفسخ، ومن ثم فإنه يتعين لإجابة طلب الفسخ الضمني أن يظل الطرف الآخر متخلفاً عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي.
4 - إذ كان الثابت في الأوراق وأقر به الطاعنون أنفسهم أن المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل أوفوا بباقي ثمن العقار المبيع قبل صدور الحكم المطعون فيه، فإنهم بذلك يكونون قد توقوا الفسخ بأداء دينهم كاملاً مما يمتنع معه قانوناً القضاء به. وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة الصحيحة، فإن النعي على الأسباب التي أقام الحكم عليها قضاءه في هذا الخصوص - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
5 - مؤدى المواد 215/ 2، 216، 223، 224/ 2 من القانون المدني أنه يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض الواجب أداؤه عما قد ينجم من ضرر بسبب "عدم تنفيذ" التزام من الالتزامات المنصوص عليها في العقد المبرم بينهما ويكون التعويض في هذه الحالة تعويضاً عن عدم التنفيذ لا يجوز الجمع بينه وبين التنفيذ العيني، كما يجوز لهما تحديد التعويض الجابر للضرر عن "التأخير في التنفيذ" حيث يجوز الجمع بين هذا التعويض والتنفيذ العيني لأن القضاء بإلزام المدين بتنفيذ التزامه عيناً لا يخل بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عن التأخير في التنفيذ.
6 - التعويض الاتفاقي - حكمه في ذلك حكم التعويض القضائي - لا يجوز القضاء به إلا إذا توافرت أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية طبقاً للقواعد العامة، قصارى ما في الأمر أن الاتفاق مقدماً على قيمة التعويض عن الإخلال بالالتزام العقدي - تنفيذاً أو تأخيراً - يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته.
7 - كما يسقط حق الدائن في التعويض فلا يكون مستحقاً أصلاً إذا انفرد بالخطأ أو استغرق خطؤه خطأ المدين فكان هو السبب المنتج للضرر، فإنه ليس من حق الدائن أن يقتضي تعويضاً كاملاً إذا كان قد أسهم بخطئه في وقوع الضرر وثبت أنه قصر هو الأخر في تنفيذ التزامه.
8 - إذا أثبت المدين أن تقدير التعويض الاتفاقي كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، أو أنه نفذ التزامه الأصلي في جزء منه، جاز للقاضي تخفيض التعويض بنسبة ما تم تنفيذه من هذا الالتزام.
9 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الجمع بين إلزامهم بتسليم أربع شقق خالية عيناً، وبين إلزامهم بقيمة التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في عقد البيع المبرم بينهم والمطعون ضدهم الثلاثة الأوائل، كما تمسكوا بأن المطعون ضدهم المذكورين أخلوا بالتزامهم بسداد باقي ثمن المبيع في المواعيد المقررة مما يعد مساهمة منهم في الخطأ توجب تخفيض التعويض, وبأن هذا التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة إذ قدر بمليون جنيه عن عدم تسليم أربع شقق في عقار مساحته 1350 متراً مربعاً بيع بمبلغ مليونين وثمانمائة ألف جنيه، وبأنهم نفذوا التزامهم جزئياً بعرض شقتين خاليتين على خصومهم. وإذ كان لا يبين من الحكم المطعون فيه أنه محص هذا الدفاع الجوهري أو ناقش الأدلة التي ساقها الطاعنون تأييداً له حيث لم تعمل المحكمة سلطتها في تفسير ذلك الشرط الجزائي توصلاً لما إذا كان جزاءاً عن عدم تسليم تلك الشقق خالية أو عن التأخير في تسليمها رغم اختلاف الحكم في كل من الحالتين، ولم تقل كلمتها فيما إذا كان مجرد عرض الطاعنين هاتين الشقتين على المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل - دون أن يتلوه إجراء مماثل للإيداع طبقاً للمادتين 336 من القانون المدني، 489/ 3 من قانون المرافعات - يقوم مقام الوفاء الجزئي بالالتزام الذي يبيح للقاضي تخفيض التعويض المتفق عليه إلى الحد المناسب، فإن الحكم - فضلاً عن مخالفته القانون وخطئه في تطبيقه - يكون معيباً بقصور يبطل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن..... و..... و..... باعوا إلى...... و...... و...... أرض وبناء عقار مقابل ثمن قدر بمبلغ مليونين وثمانمائة ألف جنيه بعقد مؤرخ 11/ 9/ 1995 نص فيه على أن المشترين سددوا مبلغ مليون وخمسمائة ألف جنيه عند التوقيع على العقد، واتفق على سداد الباقي على ثلاث دفعات أولاها في 1/ 1/ 1996، والثانية في 1/ 4/ 1996، والثالثة في 1/ 7/ 1996، وعلى أن يسلم البائعون المشترين أربع شقق خالية في 1/ 4/ 1996، وعلى التزام من يخل من طرفي العقد بأي بند من بنوده - بما في ذلك التأخير في الوفاء بأي قسط من أقساط باقي الثمن - بأن يدفع مليون جنيه كشرط جزائي. أقام البائعان الأول والثاني الدعوى 4564 لسنة 1997 مدني الإسكندرية على المشترين الثلاثة بطلب الحكم بفسخ العقد، وبإلزامهم بسداد مبلغ المليون جنيه قيمة الشرط الجزائي تأسيساً على أنهم تأخروا في سداد القسط الأول من باقي الثمن، ولم يسددوا القسط الثاني إلا بعد اللجوء إلى القضاء، وامتنعوا عن سداد القسط الثالث رغم انقضاء عام على تاريخ استحقاقه، تدخل ورثة........ - البائعة الثالثة - في هذه الدعوى منضمين إلى المدعيين في طلباتهما، وأقام المشترون الدعوى 5407 لسنة 1997 مدني كلي الإسكندرية على البائعين بطلب الحكم بإلزامهم بتسليم الشقق الأربع والمستندات وعقود الإيجار الخاصة بوحدات العقار المبيع، وبسداد مليون جنيه قيمة الشرط الجزائي المتفق عليه في العقد. دفع ورثة........ ببطلان البيع الصادر من مورثتهم لصدوره في مرض الموت. ومحكمة أول درجة حكمت بقبول التدخل وبرفض الدعوى الأولى، وبالطلبات في الدعوى الثانية. استأنف فريق البائعين الحكم بالاستئنافات أرقام 1568، 1641، 1707، 1726 لسنة 55 ق الإسكندرية، وبتاريخ 20/ 2/ 2000 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن كل من...... و..... - وارثا البائعة الثالثة - في هذا الحكم بالطعنين رقمي 1859، 2444 لسنة 70 ق، وطعن فيه...... و...... و...... بالطعن رقم 2447 لسنة 70 ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في الطعنين الأولين بنقض الحكم المطعون فيه، وفي الطعن الأخير برفضه، وعرضت الطعون الثلاثة على هذه المحكمة في غرفة مشورة فأمرت بضم الطعنين الثاني والثالث إلى الطعن الأول لورودها على حكم واحد، وحددت جلسة لنظرها، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين في الطعن رقم 1859 لسنة 70 ق ينعيان بالوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا ببطلان بيع مورثتهما المرحومة...... لحصتها بالعقد المؤرخ 11/ 9/ 1995 لصدوره في مرض الموت، وقدما المستندات الدالة على أنها كانت تعاني من مرض السرطان منذ عام 1994 إلى أن توفيت متأثرة به في 19/ 10/ 1995 بعد أقل من أربعين يوماً من التوقيع على ذلك العقد، كما أشهدا شاهدين على صحة الدفع، إلا أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى رفض الدفع تأسيساً على أن أوراق الدعوى خلت مما يقطع بأن المورثة المذكورة كانت في مرض الموت لدى توقيعها على العقد، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن النص في المادة 477 من القانون المدني على أن "إذا باع المريض في مرض الموت لوارث أو لغير وارث بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت، فإن البيع يسري في حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة داخلاً فيها المبيع ذاته. أما إذا كانت هذه الزيادة تجاوز ثلث التركة، فإن البيع - فيما يجاوز الثلث - لا يسري في حق الورثة إلا إذا أقروه أو رد المشتري للتركة ما بقى بتكملة الثلثين"، وفي المادة 916 منه على أن "كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت، ويكون مقصوداً به التبرع يعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطى لهذا التصرف.... وإذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت، اعتبر التصرف صادراً على سبيل التبرع ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك" - يدل على أنه إذا أثبت الورثة أن البيع صدر في مرض موت مورثهم، فإن المشرع يفترض أن هذا البيع هو في حقيقته هبة ما لم ينقض المشتري هذه القرينة القانونية غير القاطعة بإثبات أنه دفع ثمناً للمبيع لا يقل عن قيمته، فيكون البيع صحيحاً نافذاً في حق الورثة دون حاجة إلى إجازتهم لانتفاء شبهة المجاملة في الثمن. وإذا ثبت أن ما دفعه من ثمن يقل عن قيمة المبيع بمقدار الثلث، فإن البيع يسري أيضاً في حق الورثة لدخول ما تمت المحاباة فيه من الثمن في نطاق ما يجوز الإيصاء به، وفي الحالتين لا يكون ثمة محل لتحقيق صدور البيع في مرض الموت، أما إذا جاوزت الزيادة الثلث، فإن البيع يأخذ حكم الوصية ولا يسري في حق الورثة - في حدود هذه الزيادة - إلا بإجازتهم، أو بتقاضيهم ما يكمل ثلثي التركة من المشتري، وعندئذ يتعين تحقيق الدفع بصدور البيع في مرض الموت، لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن أحداً من ورثة المرحومة...... لم يدفع بأنها وهبت المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل نصيبها في العقار المبيع بالعقد المؤرخ 11/ 9/ 1995، كما تضمن الإنذار المؤرخ 8/ 10/ 1997 مطالبة الورثة للمشترين بباقي ثمن المبيع بما يؤكد عدم منازعتهم في أن هذا الثمن لا يقل عن قيمة المبيع الحقيقية وأنه الثمن الذي تم التعامل به مع باقي البائعين، ومن ثم فإن البيع يكون صحيحاً خالياً من شبهة المجاملة في الثمن ونافذاً في حق الورثة باعتبار أن المبلغ الذي دفعه المشترون ثمناً للمبيع هو ثمن المثل. وعلى ذلك، فإن تعييب الحكم المطعون فيه بأنه خالف الثابت في الأوراق حين خلص إلى أن أوراق الدعوى خلت مما يقطع بأن المورثة المذكورة كانت في مرض الموت عند توقيعها على العقد المشار إليه، يكون غير منتج أياً كان وجه الرأي فيه، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين في الطعون الثلاثة ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع، ومخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه برفض طلب فسخ عقد البيع موضوع النزاع على سند من أنهم أخلوا بالتزامهم بتسليم أربع شقق خالية والمستندات اللازمة لنقل ملكية المبيع مما يجيز لخصومهم حبس باقي الثمن طبقاً للمادة 457/ 2 من القانون المدني، في حين أنهم سلموا الأخيرين تلك المستندات، ومكنوهم من وضع أيديهم على العقار المبيع والتعامل مع مستأجريه، بيد أنهم لم يوفوا بقيمة القسط الثاني من باقي الثمن المستحق في 1/ 4/ 1996 إلا تحت وطأة العقوبة الجنائية لإصدارهم شيكات بدون رصيد بتلك القيمة، وبعد انقضاء عام كامل على تاريخ استحقاقه مما يجيز لهم - الطاعنون - الامتناع عن تنفيذ التزامهم بتسليم الشقق الأربع وطلب الحكم بفسخ عقد البيع وإلزام المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل بقيمة التعويض الاتفاقي، هذا فضلاً عن أن الأخيرين قدموا إقراراً مؤرخاً 13/ 9/ 1995 - أي بعد يومين فقط من تاريخ تحرير ذلك العقد - عدل بمقتضاه ميعاد تسليم الشقق من 1/ 4/ 1996 ليصبح حده الأدنى ستة أشهر من تاريخ الإقرار وحده الأقصى الوفاء بكامل الثمن. وإذ لم يفطن الحكم إلى ذلك كله، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الشرط الذي تضمنه العقد شرطاً فاسخاً ضمنياً، فإن للمدين أن يتوقى الفسخ بأداء دينه كاملاً قبل أن يصدر ضده حكم نهائي بالفسخ، ومن ثم فإنه يتعين لإجابة طلب الفسخ الضمني أن يظل الطرف الآخر متخلفاً عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق وأقر به الطاعنون أنفسهم أن المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل أوفوا بباقي ثمن العقار المبيع قبل صدور الحكم المطعون فيه، فإنهم بذلك يكونون قد توقوا الفسخ بأداء دينهم كاملاً مما يمتنع معه قانوناً القضاء به. وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة الصحيحة، فإن النعي على الأسباب التي أقام الحكم عليها قضاءه في هذا الخصوص - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من سبب الطعن رقم 1859 وبالسبب الأول من الطعن رقم 2444 وبالسبب الثاني من الطعن رقم 2447 لسنة 70 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب، وبياناً لذلك يقولون إن الحكم خالف المادتين 215، 223 من القانون المدني إذ قضى بالتنفيذ العيني - بإلزامهم بتسليم أربع شقق خالية من العقار المبيع - وبالتنفيذ بمقابل بإلزامهم بقيمة التعويض الاتفاق المنصوص عليه في العقد جزاء عدم التنفيذ، وهما نقيضان لا يجتمعان، كما خالف المادتين 216، 224 من القانون ذاته إذ قصر سلطة المحكمة في تخفيض ذلك التعويض على حالتي انعدام الضرر أو تفاهته ملتفتاً بذلك عما جرى به دفاعهم من أن تسليم تلك الشقق خالية كان مرهوناً بالوفاء بالقسط الثاني من مؤجل الثمن المستحق في 1/ 4/ 1996 الذي لم يوف به خصومهم إلا تحت طائلة العقوبة الجنائية لإصدارهم بقيمته شيكات بدون رصيد، وبعد مدة تزيد على عام من تاريخ استحقاقه، وأنهم قاموا بالوفاء بالتزامهم جزئياً بعرضهم تسليم شقتين خاليتين في 29/ 9/ 1998 مما كان يوجب تخفيض التعويض الاتفاقي لتنفيذ الالتزام في جانب منه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مؤدى المواد 215/ 2، 216، 223، 224/ 2 من القانون المدني أنه يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض الواجب أداؤه عما قد ينجم من ضرر بسبب "عدم تنفيذ" التزام من الالتزامات المنصوص عليها في العقد المبرم بينهما ويكون التعويض في هذه الحالة تعويضاً عن عدم التنفيذ لا يجوز الجمع بينه وبين التنفيذ العيني، كما يجوز لهما تحديد التعويض الجابر للضرر عن "التأخير في التنفيذ" حيث يجوز الجمع بين هذا التعويض والتنفيذ العيني لأن القضاء بإلزام المدين بتنفيذ التزامه عيناً لا يخل بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عن التأخير في التنفيذ. كذلك فإن التعويض الاتفاقي - حكمه في ذلك حكم التعويض القضائي - لا يجوز القضاء به إلا إذا توافرت أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية طبقاً للقواعد العامة، قصارى ما في الأمر أن الاتفاق مقدماً على قيمة التعويض عن الإخلال بالالتزام العقدي - تنفيذاً أو تأخيراً - يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته. وكما يسقط حق الدائن في التعويض فلا يكون مستحقاً أصلاً إذا انفرد بالخطأ أو استغرق خطؤه خطأ المدين فكان هو السبب المنتج للضرر، فإنه ليس من حق الدائن أن يقتضي تعويضاً كاملاً إذا كان قد أسهم بخطئه في وقوع الضرر وثبت أنه قصر هو الأخر في تنفيذ التزامه. وإذا أثبت المدين أن تقدير التعويض الاتفاقي كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، أو أنه نفذ التزامه الأصلي في جزء منه، جاز للقاضي تخفيض التعويض بنسبة ما تم تنفيذه من هذا الالتزام. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الجمع بين إلزامهم بتسليم أربع شقق خالية عيناً، وبين إلزامهم بقيمة التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في عقد البيع المبرم بينهم والمطعون ضدهم الثلاثة الأوائل، كما تمسكوا بأن المطعون ضدهم المذكورين أخلوا بالتزامهم بسداد باقي ثمن المبيع في المواعيد المقررة مما يعد مساهمة منهم في الخطأ توجب تخفيض التعويض, وبأن هذا التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة إذ قدر بمليون جنيه عن عدم تسليم أربع شقق في عقار مساحته 1350 متراً مربعاً بيع بمبلغ مليونين وثمانمائة ألف جنيه، وبأنهم نفذوا التزامهم جزئياً بعرض شقتين خاليتين على خصومهم. وإذ كان لا يبين من الحكم المطعون فيه أنه محص هذا الدفاع الجوهري أو ناقش الأدلة التي ساقها الطاعنون تأييداً له حيث لم تعمل المحكمة سلطتها في تفسير ذلك الشرط الجزائي توصلاً لما إذا كان جزاءً عن عدم تسليم تلك الشقق خالية أو عن التأخير في تسليمها رغم اختلاف الحكم في كل من الحالتين، ولم تقل كلمتها فيما إذا كان مجرد عرض الطاعنين هاتين الشقتين على المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل - دون أن يتلوه إجراء مماثل للإيداع طبقاً للمادتين 336 من القانون المدني، 489/ 3 من قانون المرافعات - يقوم مقام الوفاء الجزئي بالالتزام الذي يبيح للقاضي تخفيض التعويض المتفق عليه إلى الحد المناسب، فإن الحكم - فضلاً عن مخالفته القانون وخطئه في تطبيقه - يكون معيباً بقصور يبطله ويوجب نقضه في هذا الخصوص
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق