برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حامد مكي، فتحي محمد حنضل، جرجس عدلي نواب رئيس المحكمة وعطية النادي.
-------------------------
1 - الأصل في التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنه طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتماً على ما تنصرف إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم إلا أن المستفاد من نصوص القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - المنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع لم يوجب تضمين اتفاق التحكيم (مشارطة التحكيم) تعييناً لموضوع النزاع إلا في حالة واحدة وردت في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من ذات القانون وهي عندما يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع حتى وإن كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام القضاء ففي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً.
2 - إذ كان الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم عند المنازعة قد تم قبل وقوع النزاع سواء كان هذا الاتفاق مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين محرر بين طرفيه وتم الاتفاق فيه على اللجوء إلى التحكيم بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بينهما، فإن المشرع لم يشترط في هذه الحالة أن يكون موضوع النزاع محدداً سلفاً في الاتفاق المستقل على التحكيم أو في العقد المحرر بين الطرفين واستعاض عن تحديده سلفاً في خصوص هذه الحالة بوجوب النص عليه في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون والذي يتطابق في بياناته مع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى من حيث أنه بياناً مكتوباً يرسله المدعي خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعى عليه وإلى كل من المحكمين يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته الختامية وفي حالة وقوع مخالفة في هذا البيان فقد أوجبت الفقرة الأولى من المادة 34 من ذات القانون على هيئة التحكيم إنهاء إجراءاته ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، بيد أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولاً منه عن حقه في الاعتراض.
3 - هيئة التحكيم تفصل في الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع، فإذا ما قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقاً للمادة 53 من هذا القانون.
4 - إذ كان القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية قد أجاز الطعن ببطلان حكم المحكمين إلا أنه قصر البطلان على أحوال معينة بينتها المادة 53 منه. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الشركة الطاعنة على حكم المحكمين بما جاء بسبب النعي ليس من بين حالات البطلان التي عددتها المادة 53 من القانون المار ذكره فلا تسوغ البطلان، إذ أن الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع (تعديل الطلبات) يجب التمسك به فوراً أمام هيئة التحكيم وإلا سقط الحق فيه وفقاً للمادة 22/2.
5 - المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن فهم نصوص وثيقة التحكيم والعقود والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها يدخل في السلطة التقديرية التامة لمحكمة الموضوع.
-------------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الجمعية المطعون ضدها الأولى الدعوى 3394 سنة 1998 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب بطلان حكم التحكيم الصادر بجلسة 28/12/1997 من هيئة التحكيم بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي في الطلب رقم 14 سنة 1997 على سند أن مشارطة التحكيم (اتفاق التحكيم) المؤرخة 2/7/1997 لم تتضمن تحديدا لموضوع النزاع, فضلا عن أن حكم التحكيم قد فصل في مسائل لا تشملها تلك المشارطة, وبتاريخ 22/9/1998 حكمت المحكمة بعدم اختصاصا نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة فقيدت أمامها برقم 6628 سنة 2 ق, وبتاريخ 8/12/1999 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقه القانون حين لم يعول على ما تمسكت به من طلب بطلان حكم المحكمين لخلو مشارطته من تحديد موضوع النزاع الذي اتجهت إرادة الطرفين لحله عن طريق التحكيم وأنه لا يغني عن ذلك ما أبدته الجمعية المطعون ضدها من طلبات بمذكرتها المقدمة بطلب التحكيم والمؤرخة 7/5/1997 لعدم موافقة الطاعنة عليها وأقام قضاءه خلافا لكل ذلك استنادا على ما ليس له دليل في الأوراق من علم الطاعنة بتلك المخالفة وعدم الاعتراض عليها في حين أن ذلك لا يصح البطلان الذي تمسكت به وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه وإن كان الأصل في التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية, وما تكلفه من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم إلا أن المستفاد من نصوص القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - المنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع لم يوجب تضمن اتفاق التحكيم (مشارطة التحكيم) تعيينا لموضوع النزاع إلا في حالة واحدة وردت في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من ذات القانون وهي عندما يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع حتى وإن كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام القضاء ففي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا. أما في حالة ما إذا كان الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم عن المنازعة قد تم قبل وقوع النزاع سواء كان هذا الاتفاق مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين محرر بين طرفيه وتم الاتفاق فيه على اللجوء إلى التحكيم بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بينهما, فإن المشرع لم يشترط في هذه الحالة أن يكون موضوع النزاع محددا سلفا في الاتفاق المستقل على التحكيم أو في العقد المحرر بين الطرفين واستعاض عن تحديده سلفا في خصوص هذه الحالة بوجوب النص عليه في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون والذي يتطابق في بياناته مع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى من حيث أنه بيانا مكتوبا يرسله المدعي خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعي عليه وإلى كل من المحكمين يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته لختامية وفي حالة وقوع مخالفة في هذا البيان فقد أوجبت الفقرة الأولى من المادة 34 من ذات القانون على هيئة التحكيم إنهاء إجراءاته ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك, بيد أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على محالفته ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق, اعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض. وتفصل هيئة التحكيم في الدفوع المبينة على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع, فإذا ما قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة 53 من هذا القانون. لما كان ذلك كذلك وكان الواقع الثابت في الدعوى وبما لا خلاف عليه بين الطرفين أن اتفاق التحكيم ورد بعقد المقاولة المؤرخ 20/3/1994 المبرم بين الشركة الطاعنة والجمعية المطعون ضدها في البند السادس والعشرين منه إذ اتفقا على اختصاص شعبة التحكيم والمصالحات بلجنة الخطة لتعاونيات البناء والإسكان بأن تتولى التحكيم بينهما في كل نزاع ينشأ عن تنفيذ العقد. وإذ كان التحكيم على نحو ما تقدم كان متفقا عليه قبل نشوب النزاع بين الطرفين وبعد وقوعه حددت الجمعية المطعون ضدها موضوع النزاع في البيان المكتوب الذي أودعته مع طلب التحكيم رقم 14 لسنة 1997 بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي والذي أرسلت منه نسخة متضمنة ذات البيانات إلى الشركة الطاعنة ومثلت الأخيرة بمحاميها أمام هيئة التحكيم التي وافقت على تكوينها بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي وجاء موضوع النزاع واضحا ودقيقا في هذا البيان, فإن ما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم الطعون فيه بما جاء بهذا السبب يفتقر إلى سنده القانوني, وبالتالي لا يلحقه البطلان, وإذ التزم الحكم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, إذ تمسكت ببطلان حكم التحكيم لقضائه بمصادرة خطاب الضمان ومبلغ التأمين دون أن يكون هذا الطلب واردا في اتفاق التحكيم وإنما قدم من المطعون ضدها أمام الخبير المنتدب, ولأنه فصل في مسألة قيمة استهلاك المياه والفوائد بالمخالفة لعقد المقاولة المبرم بينهما واكتفى الحكم المطعون فيه بالرد على هذا الدفاع بأن الطلب الأول تضمنته المذكرة الختامية المقدمة من المطعون ضدها إلى هيئة التحكيم فيعد مطروحا عليها وأسند مسألة استهلاك المياه والفوائد إلى بنود عقد المقاولة تحت مسمى المصروفات العمومية وفروق الأسعار في حين أن الطلب الأول لم تتبع المطعون ضدها بشأن تقديمه الإجراءات التي أوجبها القانون وأن مسألة استهلاك المياه والفوائد لا تدخل تحت مسمى البنود الواردة في العقد والتي أشار إليها الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله, ذلك أنه وإن كان القانون رقم 27 لسنة 1994بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية قد أجاز الطعن ببطلان حكم المحكمين إلا أنه قصر البطلان على أحوال معينة بينتها المادة 53 منه. لما كان ذلك, وكان ما تنعاه الشركة الطاعنة على حكم المحكمين بما جاء بسبب النعي ليس من بين حالات البطلان التي عددتها المادة 53 من القانون المار ذكره فلا تسوغ البطلان, إذ أن الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الأخر من مسائل أثناء نظر النزاع (تعديل الطلبات) يجب التمسك به فورا أمام هيئة التحكيم وإلا سقط الحق فيه وفقا للمادة 22/2, وأن فهم نصوص وثيقة التحكيم والعقود والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها يدخل في السلطة التقديرية التامة لمحكمة الموضوع. وكانت محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - قد استخلصت بأسباب سائغة أخذا من وثيقة التحكيم وعقد المقاولة المبرم بين الطرفين إلى أن مسألة استهلاك المياه والفوائد تدخل تحت مسمى البنود الواردة بالعقد فإن النعي على الحكم بما ورد بسبب النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الجمعية المطعون ضدها الأولى الدعوى 3394 سنة 1998 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب بطلان حكم التحكيم الصادر بجلسة 28/12/1997 من هيئة التحكيم بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي في الطلب رقم 14 سنة 1997 على سند أن مشارطة التحكيم (اتفاق التحكيم) المؤرخة 2/7/1997 لم تتضمن تحديدا لموضوع النزاع, فضلا عن أن حكم التحكيم قد فصل في مسائل لا تشملها تلك المشارطة, وبتاريخ 22/9/1998 حكمت المحكمة بعدم اختصاصا نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة فقيدت أمامها برقم 6628 سنة 2 ق, وبتاريخ 8/12/1999 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقه القانون حين لم يعول على ما تمسكت به من طلب بطلان حكم المحكمين لخلو مشارطته من تحديد موضوع النزاع الذي اتجهت إرادة الطرفين لحله عن طريق التحكيم وأنه لا يغني عن ذلك ما أبدته الجمعية المطعون ضدها من طلبات بمذكرتها المقدمة بطلب التحكيم والمؤرخة 7/5/1997 لعدم موافقة الطاعنة عليها وأقام قضاءه خلافا لكل ذلك استنادا على ما ليس له دليل في الأوراق من علم الطاعنة بتلك المخالفة وعدم الاعتراض عليها في حين أن ذلك لا يصح البطلان الذي تمسكت به وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه وإن كان الأصل في التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية, وما تكلفه من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم إلا أن المستفاد من نصوص القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - المنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع لم يوجب تضمن اتفاق التحكيم (مشارطة التحكيم) تعيينا لموضوع النزاع إلا في حالة واحدة وردت في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من ذات القانون وهي عندما يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع حتى وإن كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام القضاء ففي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا. أما في حالة ما إذا كان الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم عن المنازعة قد تم قبل وقوع النزاع سواء كان هذا الاتفاق مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين محرر بين طرفيه وتم الاتفاق فيه على اللجوء إلى التحكيم بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بينهما, فإن المشرع لم يشترط في هذه الحالة أن يكون موضوع النزاع محددا سلفا في الاتفاق المستقل على التحكيم أو في العقد المحرر بين الطرفين واستعاض عن تحديده سلفا في خصوص هذه الحالة بوجوب النص عليه في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون والذي يتطابق في بياناته مع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى من حيث أنه بيانا مكتوبا يرسله المدعي خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعي عليه وإلى كل من المحكمين يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته لختامية وفي حالة وقوع مخالفة في هذا البيان فقد أوجبت الفقرة الأولى من المادة 34 من ذات القانون على هيئة التحكيم إنهاء إجراءاته ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك, بيد أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على محالفته ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق, اعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض. وتفصل هيئة التحكيم في الدفوع المبينة على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع, فإذا ما قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة 53 من هذا القانون. لما كان ذلك كذلك وكان الواقع الثابت في الدعوى وبما لا خلاف عليه بين الطرفين أن اتفاق التحكيم ورد بعقد المقاولة المؤرخ 20/3/1994 المبرم بين الشركة الطاعنة والجمعية المطعون ضدها في البند السادس والعشرين منه إذ اتفقا على اختصاص شعبة التحكيم والمصالحات بلجنة الخطة لتعاونيات البناء والإسكان بأن تتولى التحكيم بينهما في كل نزاع ينشأ عن تنفيذ العقد. وإذ كان التحكيم على نحو ما تقدم كان متفقا عليه قبل نشوب النزاع بين الطرفين وبعد وقوعه حددت الجمعية المطعون ضدها موضوع النزاع في البيان المكتوب الذي أودعته مع طلب التحكيم رقم 14 لسنة 1997 بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي والذي أرسلت منه نسخة متضمنة ذات البيانات إلى الشركة الطاعنة ومثلت الأخيرة بمحاميها أمام هيئة التحكيم التي وافقت على تكوينها بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي وجاء موضوع النزاع واضحا ودقيقا في هذا البيان, فإن ما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم الطعون فيه بما جاء بهذا السبب يفتقر إلى سنده القانوني, وبالتالي لا يلحقه البطلان, وإذ التزم الحكم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, إذ تمسكت ببطلان حكم التحكيم لقضائه بمصادرة خطاب الضمان ومبلغ التأمين دون أن يكون هذا الطلب واردا في اتفاق التحكيم وإنما قدم من المطعون ضدها أمام الخبير المنتدب, ولأنه فصل في مسألة قيمة استهلاك المياه والفوائد بالمخالفة لعقد المقاولة المبرم بينهما واكتفى الحكم المطعون فيه بالرد على هذا الدفاع بأن الطلب الأول تضمنته المذكرة الختامية المقدمة من المطعون ضدها إلى هيئة التحكيم فيعد مطروحا عليها وأسند مسألة استهلاك المياه والفوائد إلى بنود عقد المقاولة تحت مسمى المصروفات العمومية وفروق الأسعار في حين أن الطلب الأول لم تتبع المطعون ضدها بشأن تقديمه الإجراءات التي أوجبها القانون وأن مسألة استهلاك المياه والفوائد لا تدخل تحت مسمى البنود الواردة في العقد والتي أشار إليها الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله, ذلك أنه وإن كان القانون رقم 27 لسنة 1994بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية قد أجاز الطعن ببطلان حكم المحكمين إلا أنه قصر البطلان على أحوال معينة بينتها المادة 53 منه. لما كان ذلك, وكان ما تنعاه الشركة الطاعنة على حكم المحكمين بما جاء بسبب النعي ليس من بين حالات البطلان التي عددتها المادة 53 من القانون المار ذكره فلا تسوغ البطلان, إذ أن الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الأخر من مسائل أثناء نظر النزاع (تعديل الطلبات) يجب التمسك به فورا أمام هيئة التحكيم وإلا سقط الحق فيه وفقا للمادة 22/2, وأن فهم نصوص وثيقة التحكيم والعقود والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها يدخل في السلطة التقديرية التامة لمحكمة الموضوع. وكانت محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - قد استخلصت بأسباب سائغة أخذا من وثيقة التحكيم وعقد المقاولة المبرم بين الطرفين إلى أن مسألة استهلاك المياه والفوائد تدخل تحت مسمى البنود الواردة بالعقد فإن النعي على الحكم بما ورد بسبب النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق