جلسة 24 من نوفمبر سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد برهام عجيز، سعيد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة، عبد الصبور خلف الله ومصطفى أحمد عبيد.
---------------
(220)
الطعن رقم 468 لسنة 65 القضائية "أحوال شخصية"
(1، 2) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: نسب، إثبات النسب".
(1) ثبوت النسب بالفراش عند قيام الزوجية الصحيحة. شرطه. نفي الزوج نسب الولد. شرطه. أن يكون نفيه وقت الولادة وأن يلاعن امرأته تمام اللعان مستوفياً شروطه. أثره. التفريق بينهما ونفي الولد عن أبيه وإلحاقه بأمه. الاحتياط في ثبوت النسب. مؤداه. ثبوته مع الشك وابتناؤه على الاحتمالات النادرة. علة ذلك.
(2) ما تصير به المرأة فراشاً. مناطه. العقد مع إمكان الوطء. م 15 من ق 25 لسنة 1929.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها. حسبها بيان الحقيقة التي اقتنعت بها وإقامة قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة أو دليل يناهضها.
(4) عقد "عيوب الرضا: الإكراه". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير وسائل الإكراه".
الإكراه المبطل للرضا. تحققه بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله. تقدير وسائله ومبلغ جسامتها وتأثيرها. موضوعي تستقل بالفصل فيه محكمة الموضوع.
(5) أحوال شخصية "نسب: نفي النسب". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات". إثبات. خبرة.
خلو الأوراق من ثمة دليل على أن خطراً جسيماً كان يهدد الطاعن وقت المصادقة على الزواج. التفات المحكمة عن هذا الدفاع وعدم استجابتها لطلبه ندب طبيب لفحصه والصغير لنفي نسبه. لا عيب. شرطه.
2 - مفاد المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 أن المناط فيما تصير به المرأة فراشاً إنما هو العقد مع إمكان الوطء بصرف النظر عن تحقق الدخول أو عدم تحققه أو الاتصال الجنسي الفعلي.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة أو دليل يناهضها.
4 - الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم يحدق بنفسه أو بماله، وتقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في نفس المتعاقد من الأمور الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً.
5 - إذ خلت الأوراق من ثمة دليل على أن خطراً جسيماًً كان يتهدد الطاعن وقت المصادقة على الزواج، فلا على محكمة الموضوع إذ التفتت عن هذا الدفاع، كما لا عليها من بعد إذ لم تستجب لطلب الطاعن ندب طبيب لفحصه والصغير للتثبت من نفي نسبه إليه طالما رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم....... لسنة........ كلي أحوال شخصية طنطا على المطعون ضدهم للحكم بنفي نسب وليد المطعون ضدها الثانية "........" إليه.
وقال بياناً لدعواه إنه اضطر للتصادق على الزواج بالمطعون ضدها الثانية ليدرء عن نفسه اتهام والدها - المطعون ضده الأول - له باغتصابها.
وإذ كان تاريخ التصادق على الزواج 3/ 10/ 1993 وأتت المطعون ضدها الثانية بالولد في 2/ 12/ 1993 لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد ولم يسبق له معاشرتها، فقد أقام الدعوى.
أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 31/ 1/ 1995 برفض الدعوى.
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم....... لسنة..... ق طنطا فقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
عُرِض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على عشرة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول: إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن زواجه بالمطعون ضدها الثانية كان وليد إكراه وقع عليه من والدها - المطعون ضده الأول - فأراد أن يدفع اتهامه إياه باغتصابها، وطلب ندب خبير لإجراء الفحوص الطبية عليه وعلى الصغير للتحقق من أنه ليس ابنه، وإذ أغفلت المحكمة الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى، وانتهت في استخلاص غير سائغ إلى أن ثمة زواجاً عرفياً تم بين الطاعن والمطعون ضدها الثانية بتاريخ 1/ 2/ 1993 وقت أن كانت بكراً رغم أنها أقرت في محضر الشرطة رقم....... لسنة....... إداري مركز زفتى بأنه لم يعدها بالزواج بما ينفي واقعة الزواج العرفي المزعوم، كما نسبت المحكمة إلى الشاهد الأول من شهوده - على خلاف الحقيقة - أنه قال بأن المطعون ضدها الثانية كانت حاملاً من الطاعن مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية أن النسب يثبت بالفراش. وفي قيام الزوجية الصحيحة إذا أتى الولد لستة أشهر على الأقل من وقت الزواج وكان يتصور الحمل من الزوج بأن كان مراهقاً أو بالغاً، ثبت نسب الولد من الزوج بالفراش دون حاجة إلى إقرار أو بينة، وإذا نفاه الزوج فلا ينتفي إلا بشرطين: أولهما: أن يكون نفيه وقت الولادة، وثانيهما: أن يلاعن امرأته، فإذا تم اللعان بينهما مستوفياً لشروطه فرق القاضي بينهما، ونفى الولد عن أبيه وألحقه بأمه. والأصل في النسب الاحتياط في ثبوته ما أمكن فهو يثبت مع الشك، وينبني على الاحتمالات النادرة التي يمكن تصورها بأي وجه حملاً لحال المرأة على الصلاح وإحياء للولد. وكان مفاد المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 أن المناط فيما تصير به المرأة فراشاً إنما هو العقد مع إمكان الوطء بصرف النظر عن تحقق الدخول أو عدم تحققه أو الاتصال الجنسي الفعلي، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة أو دليل يناهضها.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن نفي نسب الولد "......." إليه على سند مما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها من أن الطاعن والمطعون ضدها الثانية قد تصادقا بتاريخ 3/ 10/ 1993 أمام مأذون ناحية........ التابع لمحكمة زفتى الجزئية على قيام الزوجية بينهما بالدخول والمعاشرة من 1/ 2/ 1993 وفرض لها مهر بوثيقة، ثم أتت بالصغير........ بعد مدة حمل كاملة في 9/ 12/ 1993، وأن الطاعن آنذاك ابن ست وعشرين سنة ويتصور الحمل منه، ولم يثبت قيام المانع من الدخول ولم يقم بنفي نسب الصغير وقت ولادته، وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم، وفيها الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن من حجج مخالفة، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن من أن زواجه بالمطعون ضدها الثانية تم تحت التهديد باتهامه باغتصابها، إذ الإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلا بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم يحدق بنفسه أو بماله، وتقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في نفس المتعاقد من الأمور الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً، إذ خلت الأوراق من ثمة دليل على أن خطراً جسيماًً كان يتهدد الطاعن وقت المصادقة على الزواج، فلا على محكمة الموضوع إذ التفتت عن هذا الدفاع، كما لا عليها من بعد إذ لم تستجب لطلب الطاعن ندب طبيب لفحصه والصغير للتثبت من نفي نسبه إليه طالما رأت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، وكانت المطعون ضدها الثانية قد أتت بالصغير في ظل فراش صحيح لأكثر من ستة أشهر من تاريخ الزواج العرفي الذي صادق عليه بوثيقة رسمية ولم ينفِ النسب وقت الولادة ولم يلاعن امرأته، ومن ثم لا ينتفي نسب الصغير منه.
وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة وكان النعي بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإنه يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق