الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 5 أكتوبر 2025

الدعوى رقم 138 لسنة 31 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 5 / 7 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يوليو سنة 2025م، الموافق العاشر من المحرم سنة 1447ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 138 لسنة 31 قضائية "دستورية"
المقامة من
محمود شكري محمود عبد الفتاح
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الشورى (الشيوخ حاليًّا)
4- رئيس مجلس الوزراء
5- رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة كهرباء جنوب القاهرة
6- مدير إدارة كهرباء الهرم
---------------
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من يونيو سنة 2009، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (7 و8 و10 و11 و12 و19) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أن المدعي أقام أمام محكمة الجيزة الابتدائية الدعوى رقم 177 لسنة 2007 تعويضات كلي، ضد المدعى عليهما الخامس والسادس، طالبًا الحكم بإلزامهما أن يؤديا إليه مبلغ مائة وثمانين ألف جنيه، عن الوحدة المستولى عليها، ومبلغ ستمائة ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، على سند من أنه يمتلك عقار التداعي، وطلبت منه الشركة المدعى عليها الخامسة أن يُخصص لها فيه حجرة مساحتها عشرون مترًا مربعًا، لتضع بها محولات توزيع شبكات الجهود المتوسطة لتغذية العقار بالتيار الكهربائي، ولغرض المنفعة العامة، تسلمتها الشركة في 25/7/2007، دون أن تؤدي ثمنًا أو تعويضًا عنها؛ فأقام دعواه. ندبت المحكمة خبيرًا أودع تقريرًا أورد فيه أن الحجرة خُصصت للمنفعة العامة كحجرة محولات كهرباء، وأن المدعي لم يتقدم للشركة لطلب التعويض عنها. وفي أثناء نظر الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية المواد (7 و8 و10 و11 و12 و19) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على النصوص المطعون فيها العدوان على الملكية الخاصة؛ بمصادرتها دون تعويض، والإخلال بالمساواة بين أصحاب العقارات، وتقييد حق مالك البناء في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويضات المكافئة لما أصابه من ضرر، وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (34 و40 و68) من دستور سنة 1971.

وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء - قبل إلغائه بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 87 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون الكهرباء – تنص على أنه "يُقصد بمنشآت قطاع الكهرباء في تطبيق أحكام هذا القانون:

1-.... 7- أكشاك وحجرات محولات التوزيع لشبكات الجهود المتوسطة".

وتنص المادة (7) من القانون ذاته على أنه "في حالة إقامة أي من المنشآت المشار إليها في المادة (1) من هذا القانون يستحق الملاك وأصحاب الحقوق تعويضًا عما يصيبهم من أضرار نتيجة لذلك.

فإذا لم يلحق بالملاك وأصحاب الحقوق ضرر بسبب إقامة المنشآت سالفة الذكر فلا يستحق لهم أي تعويض ويقوم رئيس منطقة أو مدير مديرية الكهرباء المختص بإعلانهم بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول".

وتنص المادة (8) منه -المستبدل بها القانون رقم 204 لسنة 1991 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء- على أن "يتولى تقدير التعويض المستحق لجنة تشكل بقرار من المحافظ المختص برئاسة ممثل لقطاع الكهرباء بالمحافظة يختاره وزير الكهرباء والطاقة وعضوية ممثل عن كل من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والهيئة المصرية العامة للمساحة والمحافظة والمجلس الشعبي المحلى بها.
وللجنة أن تدعو من ترى من ذوي الخبرة لحضور اجتماعاتها دون أن يكون له صوت معدود.
وتدعو اللجنة الملاك وأصحاب الحقوق للحضور للاتفاق على قيمة التعويض خلال شهر على الأكثر من تاريخ تقديم طلب التعويض وذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول.
ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحًا إلا بحضور رئيسها وعضوين على الأقل من أعضائها، ويصدر قرار اللجنة خلال شهر من تاريخ أول جلسة بأغلبية أصوات الحاضرين وعند التساوي يرجح رأى الجانب الذي منه الرئيس".
وتنص المادة (10) منه على أنه "إذا تم الاتفاق على التعويض أديت قيمته لأصحاب الحقوق ويحرر بذلك محضر يودع مكتب الشهر العقاري المختص ويترتب على إيداعه الآثار التي تترتب على شهر العقد".
وتنص المادة (11) منه على أنه "إذا لم يتم الاتفاق على مقدار التعويض أو إذا لم يجب أحد من الملاك أو أصحاب الحقوق الدعوة لحضور جلسات اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) تودع قيمة التعويض خزانة منطقة أو مديرية الكهرباء المختصة مع إعلانهم بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول.
ويصدر رئيس منطقة أو مديرية الكهرباء المختص بعد اطلاعه على الشهادة المثبتة للإيداع قرارًا يحدد التاريخ الذي يبدأ فيه تنفيذ الأعمال".
وتنص المادة (12) منه على أن "للمالك أو صاحب الشأن خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إعلانه بقرار عدم استحقاق تعويض طبقًا للفقرة الثانية من المادة (7) من هذا القانون أن يعترض على هذا القرار بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول يوجه إلى رئيس منطقة أو مدير مديرية الكهرباء المختص، وفى هذه الحالة يعرض الاعتراض على اللجنة المشار إليها في المادة (8).
فإذا قبلت اللجنة الاعتراض تتبع أحكام المادتين (10 و11) من هذا القانون أما إذا رفضته اللجنة فيصدر رئيس المنطقة أو مدير مديرية الكهرباء المختص قرارًا يحدد التاريخ الذي يبدأ فيه تنفيذ الأعمال مع إخطار ذوي الشأن بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول".
وتنص المادة (19) منه على أنه "مع مراعاة أحكام المواد من (7 إلى 13) من هذا القانون يلزم أصحاب المباني أو المصانع أو الأراضي المقسمة والمعدة للبناء بإنشاء حجرات لتخصيصها لمحولات التوزيع لشبكات الجهود المتوسطة وذلك طبقًا للقواعد والقرارات التي تصدر من المؤسسة المصرية العامة للكهرباء في هذا الشأن وتبين فيها الأحوال والمواصفات والشروط المنظمة لذلك.
وعلى الجهات المختصة بإصدار تراخيص البناء مراعاة ذلك قبل إصدار التراخيص.
فإذا لم يقم الأشخاص المشار إليهم في الفقرة السابقة بهذا الالتزام خلال شهر من تاريخ إخطارهم بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول، قامت المؤسسة المذكورة بإنشاء حجرة على نفقتهم أو بالاستيلاء على إحدى حجرات العقار بالطريق الإداري وتخصيصها لهذا الغرض".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة –وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية– مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية المطروحة على هذه المحكمة لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وكان من المقرر كذلك أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، ومؤداه: ألا تُقبل الخصومة إلا من هؤلاء الذين أُضيروا من سريان النص المطعون عليه في شأنهم، سواءً أكان هذا الضرر يتهددهم أم كان قد وقع فعلًا، وبشرط أن يكون هذا الضرر مستقلًّا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه؛ دلَّ ذلك على انتفاء مصلحته الشخصية المباشرة؛ ذلك أن إبطال النص القانوني في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن إلغاء النص التشريعي لا يحول دون النظر والفصل في دستوريته؛ ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين القانونيتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين –القديم والجديد– تخضع لحكمه، فما نشأ منها وترتبت آثاره في ظل القانون القديم يظل خاضعًا له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره في ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده.
وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، فإن أحكام القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء تكون هي السارية على النزاع الموضوعي الذي نشأ المركز القانوني للمدعي واكتمل في ظل العمل بأحكامه.
وحيث إن المشرع أورد تنظيمًا خاصًّا بمنشآت قطاع الكهرباء بموجب القانون رقم 63 لسنة 1974؛ إذ أورد في المادة (1) منه المقصود بهذه المنشآت، وأفرد في المادة (19) منه حكم إنشاء أكشاك وحجرات محولات التوزيع لشبكات الجهود المتوسطة المنصوص عليها في البند رقم (7) من المادة (1) سالفة الذكر، مراعيًا أحكام المواد (7 إلى 13) المشار إليها، حين ألزم أصحاب المباني أو المصانع أو الأراضي المعدة للبناء بإنشاء حجرات لتخصيصها لهذا الغرض، وذلك طبقًا للقواعد والقرارات التي تصدر من الشركة القابضة في هذا الشأن، وبيَّن الأحوال والمواصفات والشروط المنظمة لذلك، وناط بالجهات المختصة بإصدار تراخيص البناء مراعاة ذلك قبل إصدار التراخيص، مانحًا السلطة المختصة بشركة توزيع الكهرباء تقدير مناسبة المكان لوضع المحولات، ثم وضَع قاعدة عامة في شأن حقوق الملاك وأصحاب الحقوق في التعويض عما يصيبهم من أضرار جراء هذا الالتزام، وأحقيتهم في التعويض عن نزع ملكيتهم لهذه العقارات، سواء اتبعت الإجراءات التي نص عليها القانون السالف، في شأن المطالبة بالتعويض عن إقامة هذه المنشآت، أم لم تتبع؛ إذ تكون أحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، وأحكام المسئولية المدنية – في الحالة الأخيرة – مصدرين للالتزام بالتعويض، بحسبان النصوص المطعون عليها لم تضع قيدًا أو ترتب جزاءً على رفع دعوى التعويض مباشرة دون اللجوء إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) – المستبدلة – من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء، وبما لا خروج فيه على ما تقرره الفقرة الأولى من المادة (7) من القانون ذاته من استحقاق الملاك وأصحاب الحقوق تعويضًا عما يصيبهم من أضرار نتيجة لإقامة أي من المنشآت المشار إليها في المادة (1) من هذا القانون. متى كان ما تقدم، فإن ما يدعيه المدعي من ضرر لا يعود إلى النصوص المطعون فيها، وإنما تُحقق هذه النصوص مبتغاه من الدعوى الموضوعية، وبلوغ ما ينشده منها بشأن التعويض عن الملكية ومقابل الانتفاع -حال إثبات الضرر الموجب للتعويض– الأمر الذي يكون معه القضاء في دستورية النصوص المطعون فيها غير لازم للفصل في النزاع الموضوعي؛ ومن ثم تغدو هذه الدعوى قمينة بعدم القبول.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 4769 لسنة 77 ق جلسة 23 / 9 / 2023 مكتب فني 74 ق 97 ص 657

جلسة 23 من سبتمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ عـمر الهادي معالي "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضـاة/ محمد مجدي البسيوني، وائل الطــنطاوي، هيثم عبدالحي ميدان وهشام عبد الرحمن محروس "نواب رئيس المحكمة".
--------------------
(97)
الطعن رقم 4769 لسنة 77 القضائية
(2،1) استئناف "شكل الاستئناف: ميعاد الاستئناف: استئناف دعوى شهر الإعسار: بدء الميعاد ومدته".
(1) دعوى شهر الإعسار. وجوب نظرها على وجه السرعة وتقصير مواعيد الطعن في الأحكام الغيابية الصادرة في شأن الإعسار فقط دون الحضورية سواء بالمعارضة أو الاستئناف. المعارضة في الحكم الصادر فيها. مدتها. ثمانية أيام من تاريخ إعلانه. ميعاد استئنافها. خمسة عشر يومًا من تاريخ إعلانه. المادتان 250، 252 مدني. استئناف الأحكام الحضورية الصادرة بشأنها. ميعاده. خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره. علة ذلك. خلو مواد القانون المدني المنظمة لدعوى شهر الإعسار من تحديد بدء سريان ميعاد استئناف الأحكام الحضورية. أثره. الرجوع في شأنها للقانون العام.
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط حق الطاعن في استئناف الحكم الحضوري في دعوى شهر الإعسار لإقامته بعد مضي خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره. صحيح. اشتمال أسبابه على تقريرات قانونية خاطئة. لا عيب. علة ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص في المادة 250 من القانون المدني على أن " يكون شهر الإعسار بحكم تصدره المحكمة الابتدائية التي يتبعها موطن المدين، بناءً على طلب المدين نفسه أو طلب أحد دائنيه، وتنظر الدعوى على وجه السرعة." وفي المادة 252 من ذات القانون على أن " مدة المعارضة في الأحكام الصادرة في شأن الإعسار ثمانية أيام، ومدة استئنافها خمسة عشر يومًا، تبدأ من تاريخ إعلان تلك الأحكام." - يدل على أن المشرع قصد إلى أن تُنظر دعوى شهر الإعسار على وجه السرعة وتقديمها على غيرها من الدعاوى العادية وتقصير مواعيد الطعن في الأحكام الصادرة فيها سواء بالمعارضة أو الاستئناف، وتنظيم مواعيد الطعن في الأحكام الغيابية الصادرة في شأن الإعسار فقط - دون الحضورية - ذلك أن ورود عبارة " في الأحكام الصادرة في شأن الإعسار ...." تاليــــة على عبـــارة "مدة المعارضة" وسابقة على عبارة "ومدة استئنافها.... " بالمادة المذكورة سلفًا - يدل على أن الأحكام المعنية في العبارة الأولى بهذه المادة هي الأحكام الغيابية الصادرة في شأن الإعسار إذ لا تُقبل المعارضة إلا في الأحكام الغيابية، وعلى اعتبار أن المشرع منزه عن اللغو فيكون قد حذف لفظ الغيابية بعد أن استهل المادة بكلمة المعارضة والتي تكفي تدليلًا على أن لفظ الأحكام الذي أتى بعدها لا يحتاج إلى وصفه بالغيابية، وبالتالي تكون العبارة الثالثة "ومدة استئنافها" راجعة كذلك على الأحكام الغيابية وليست الحضورية، فتكون المادة سالفة الذكر قد حددت ميعاد المعارضة في الحكم الغيابي "في الأحوال الجائز فيها المعارضة" بثمانية أيام من تاريخ إعلان الحكم، وميعاد استئناف الحكم الغيابي (سواء كان المحكوم عليه قد اختار استئنافه مباشرة دون المعارضة فيه أو استأنف الحكم الصادر ضده غيابيًا في المعارضة) بخمسة عشر يومًا تبدأ كذلك من تاريخ إعلان الحكم، وليس أدل على ذلك من أن المشرع لو كان يقصد تحديد بدء سريان ميعاد استئناف الأحكام الحضورية من تاريخ إعلانها لما أعوزه النص على ذلك على غرار ما نصت عليه المادة 394 من قانون التجارة القديم الملغي من أن " ميعاد استئناف أي حكم صدر في الدعاوى الناشئة عن نفس التفليسة يكون خمسة عشرة يومًا فقط من يوم إعلانه .." فجاءت صيغة النص واضحة بلفظ "أي حكم" لتنصرف إلى الغيابية والحضورية سواء، وكان في القول بتكليف المحكوم له بإعلان الحكم الصادر حضوريًا بالنسبة لخصمه وهو إجراء لا حاجة ولا مصلحة للمحكوم له فيه هو أمر يجافي العقل وعلى تقدير أن الخصم يفترض فيه عادةً العلم بالخصومة وما يُتخذ فيها من إجراءات، وبما مقتضاه وبطريق اللزوم واتساقًا مع غرض الشارع في نظر دعوى شهر الإعسار على وجه السرعة أن يكون ميعاد استئناف الأحكام "الحضورية" الصادرة من محكمة الدرجة الأولى في شأن تلك الدعوى هو خمسة عشر يومًا، ذلك أن قصر المشرع ميعاد استئناف الحكم الغيابي إلى خمسة عشر يومًا مفاده أن يكون ميعاد استئناف الحكم الحضوري - هو الآخر- خمسة عشر يومًا، إذ لا يتصور أن يكون ميعاد الاستئناف مختلف في حالة الحكم الغيابي عنه في الحكم الحضوري لاتحاد العلة في الحالتين وهي تقصير مواعيد الطعن على دعوى شهر الإعسار، وبحيث يبدأ سريان ميعاد استئناف الأحكام الحضورية وبحسب الأصل من تاريخ صدور الحكم اتساقًا مع القواعد العامة في قانون المرافعات لخلو مواد القانون المدني المنظمة لدعوى شهر الإعسار من تحديد بدء سريان ميعاد استئناف الأحكام الحضورية، ومن ثم فيرجع في شأنها للقانون العام.
2- إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم المستأنف صدر حضوريًا قبل الطاعن بتاريخ 30/3/2006 ولم يستأنفه إلا بتاريخ 3/5/2006، فإنه يكون قد أقام استئنافه بعد الميعاد لمضي أكثر من خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور الحكم المستأنف (في دعوى شهر الإعسار)، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون، ولا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة، إذ لمحكمة النقض أن تصوبها دون أن تنقضه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المــقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم .... لسنة 2005 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بشهر إعساره، وقال بيانًا لذلك: إنه استصدر حكمًا على المطعون ضده في الاستئناف رقم .... لسنة 118 ق القاهرة بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ مليون جنيه والفوائد القانونية، ولما كان المطعون ضده لم يؤد إليه المبلغ المقضي به وكانت أمواله لا تكفي للوفاء به. فقد أقام الدعوى استنادًا إلى نص المادة 252 مدني، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 30/3/2006 برفضها بحكم استأنفه الطاعن بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 3/5/2006 بالاستئناف رقم .... لسنة 123 ق القاهرة، وبتاريخ 15/1/2007 قضت المحكمة بعدم قبول الاستئناف شكلًا للتقرير به بعد الميعاد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم أسس قضاءه بعدم قبول استئنافه للتقرير به بعد الميعاد على سببين أولهما: أن دعوى الطاعن بطلب شهر الإعسار هي دعوى مستعجلة يكون ميعاد استئناف الحكم الصادر بشأنها خمسة عشر يومًا، وثانيهما: أن الحكم المستأنف صدر حضوريًا برفض دعوى الطاعن فيبدأ ميعاد استئنافه من تاريخ صدوره ولا يلزم إعلانه للطاعن المحكوم ضده لعدم وجود مصلحة للمطعون ضده المحكوم له في هذا الإعلان، في حين أن دعوى الطاعن هي دعوى موضوعية ليس مطلوبًا فيها الحكم بأي إجراء وقتي أو تحفظي فلا تعد دعوى مستعجلة، وحال أن مواعيد استئناف أحكام شهر الإعسار تخضع لحكم المادة 252 مدني والتي حددت مواعيد استئناف هذه الأحكام بخمسة عشر يومًا تبدأ من تاريخ إعلانها للمحكوم عليه سواء كانت بالقبول أو الرفض حتى وإن صدرت حضوريًا، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

النعي غير سديد؛ ذلك أن النص في المادة 250 من القانون المدني على أن "يكون شهر الإعسار بحكم تصدره المحكمة الابتدائية التي يتبعها موطن المدين، بناء على طلب المدين نفسه أو طلب أحد دائنيه، وتنظر الدعوى على وجه السرعة."، وفي المادة 252 من ذات القانون على أن "مدة المعارضة في الأحكام الصادرة في شأن الإعسار ثمانية أيام، ومدة استئنافها خمسة عشر يومًا، تبدأ من تاريخ إعلان تلك الأحكام."، يدل على أن المشرع قصد إلى أن تنظر دعوى شهر الإعسار على وجه السرعة وتقديمها على غيرها من الدعاوى العادية وتقصير مواعيد الطعن في الأحكام الصادرة فيها سواء بالمعارضة أو الاستئناف، وتنظيم مواعيد الطعن في الأحكام الغيابية الصادرة في شأن الإعسار فقط - دون الحضورية - ذلك أن ورود عبارة " في الأحكام الصادرة في شأن الإعسار ...." تالية على عبارة "مدة المعارضة" وسابقة على عبارة "ومدة استئنافها ...." بالمادة المذكورة سلفًا - يدل على أن الأحكام المعنية في العبارة الأولى بهذه المادة هي الأحكام الغيابية الصادرة في شأن الإعسار إذ لا تُقبل المعارضة إلا في الأحكام الغيابية، وعلى اعتبار أن المشرع منزه عن اللغو فيكون قد حذف لفظ الغيابية بعد أن استهل المادة بكلمة المعارضة والتي تكفي تدليلًا على أن لفظ الأحكام الذي أتى بعدها لا يحتاج إلى وصفه بالغيابية، وبالتالي تكون العبارة الثالثة "ومدة استئنافها" راجعة كذلك على الأحكام الغيابية وليست الحضورية، فتكون المادة سالفة الذكر قد حددت ميعاد المعارضة في الحكم الغيابي "في الأحوال الجائز فيها المعارضة" بثمانية أيام من تاريخ إعلان الحكم، وميعاد استئناف الحكم الغيابي (سواء كان المحكوم عليه قد اختار استئنافه مباشرة دون المعارضة فيه أو استأنف الحكم الصادر ضده غيابيًا في المعارضة) بخمسة عشرة يومًا تبدأ كذلك من تاريخ إعلان الحكم، وليس أدل على ذلك من أن المشرع لو كان يقصد تحديد بدء سريان ميعاد استئناف الأحكام الحضورية من تاريخ إعلانها لما أعوزه النص على ذلك على غرار ما نصت عليه المادة 394 من قانون التجارة القديم الملغي من أن " ميعاد استئناف أي حكم صدر في الدعاوى الناشئة عن نفس التفليسة يكون خمسة عشرة يومًا فقط من يوم إعلانه...." فجاءت صيغة النص واضحة بلفظ " أي حكم" لتنصرف إلى الغيابية والحضورية سواء، وكان في القول بتكليف المحكوم له بإعلان الحكم الصادر حضوريًا بالنسبة لخصمه وهو إجراء لا حاجة ولا مصلحة للمحكوم له فيه هو أمر يجافي العقل وعلى تقدير أن الخصم يفترض فيه عادة العلم بالخصومة وما يتخذ فيها من إجراءات، وبما مقتضاه وبطريق اللزوم واتساقًا مع غرض الشارع في نظر دعوى شهر الإعسار على وجه السرعة أن يكون ميعاد استئناف الأحكام "الحضورية" الصادرة من محكمة الدرجة الأولى في شأن تلك الدعوى هو خمسة عشر يومًا، ذلك أن قصر المشرع ميعاد استئناف الحكم الغيابي إلى خمسة عشر يومًا مفاده أن يكون ميعاد استئناف الحكم الحضوري - هو الآخر- خمسة عشر يومًا، إذ لا يتصور أن يكون ميعاد الاستئناف مختلف في حالة الحكم الغيابي عنه في الحكم الحضوري لاتحاد العلة في الحالتين وهي تقصير مواعيد الطعن على دعوى شهر الإعسار، وبحيث يبدأ سريان ميعاد استئناف الأحكام الحضورية وبحسب الأصل من تاريخ صدور الحكم اتساقًا مع القواعد العامة في قانون المرافعات لخلو مواد القانون المدني المنظمة لدعوى شهر الإعسار من تحديد بدء سريان ميعاد استئناف الأحكام الحضورية، ومن ثم فيرجع في شأنها للقانون العام؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم المستأنف صدر حضوريًا قبل الطاعن بتاريخ 30/3/2006 ولم يستأنفه إلا بتاريخ 3/5/2006، فإنه يكون قد أقام استئنافه بعد الميعاد لمضي أكثر من خمسة عشر يومًا من تاريخ صدور الحكم المستأنف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون، ولا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة، إذ لمحكمة النقض أن تصوبها دون أن تنقضه.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 7036 لسنة 92 ق جلسة 24 / 10/ 2023 مكتب فني 74 ق 84 ص 793

جلسة 24 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / علاء الدين مرسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الحليم ، محمود عصر ، د. هاني صبري وتامر جاد نواب رئيس المحكمة
-------------------
(84)
الطعن رقم 7036 لسنة 92 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.
(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقواله . غير مقبول . علة ذلك؟
(3) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
(4) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تدليل الحكم على ثبوت اتفاق الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ارتكاب جريمة الشروع في القتل . كفايته لاعتبارهما فاعلين أصليين فيها . تحديد الأفعال التي أتاها كل منهما على حدة . غير لازم . أساس ذلك ؟
مثال.
(5) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم عدم استظهاره عناصر اشتراكه في الجريمة . غير مقبول . متى دانه باعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
(7) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(8) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض .
للمحكمة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . حد ذلك ؟
مثال .
(9) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . عدم ضبط السلاح أو توصلها لمصدره وترديدها لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(11) قتل عمد . شروع . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن عن جريمة الشروع في القتل العمد المجرد بإحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التامة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 234 عقوبات بما يجاوز نصف الحد الأقصى المقرر للعقوبة وفقاً للمادة 46 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه ولو لم يرد بأسباب الطعن . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وأورد الحكم - على خلاف ما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - مؤدى تلك الأدلة ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن حكمها يكون محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن دوره في ارتكابها .
2- من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها - كما يدعي الطاعن في طعنه - أو يحرفها عن مواضعها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان ما أورده الحكم في تدليله على توافر نية القتل في حق الطاعن كافياً وسائغاً في استظهار هذه النية ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
4- لما كان ما أثبته الحكم في مدوناته وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ضرب المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان والتواجد على مسرح الجريمة وقت مقارفتها ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال التنفيذية المكونة لها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية في جناية الشروع في القتل عُرف محدث الضربات التي أحدثت إصابته أو لم يعرف ، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً من الوقائع التي أثبتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان الحكم لم يدن الطاعن بالاشتراك في الجريمتين اللتين دانه بهما بل دانه باعتباره فاعلاً أصلياً فيهما ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الاشتراك يكون وارداً على غير محل .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض عليها ، وكان من المقرر أن التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه ، ولما كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية لأدلة الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والتي حصلتها بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
7- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها ، هذا إلى أنه يتعين أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول في الوقائع موضوع الشهادة كما لم يبين أوجه الخطأ في الإسناد وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
8- لما كان الحكم قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الطب الشرعي الموقع على المجني عليه وبيّن الإصابات التي لحقت به ووضعها وطبيعة الآلة المستخدمة في إحداثها فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ولا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني ، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً أن ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الخبير الذي بُني على الترجيح لا القطع ، فإنه - بفرض صحته - مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
9- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال كما لا ينال منها عدم توصلها لمصدر السلاح المستخدم في الحادث وشخص من كان يحمل ذلك السلاح تحديداً أو عدم ضبط السلاح المستخدم في الحادث ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم ، هذا إلى أن الحكم عرض لدفع الطاعن بشأن عدم جدية التحريات واطرحه بردٍ سائغ .
10- من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره من خلو الأوراق من دليل يقيني على ثبوت الاتهام قبله لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد وأعمل في حقه المواد 45/1 ، 46 ، 234/1 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد ، وكان المشرع إذ نص في المادة ٤٦ من قانون العقوبات على أن : ( يُعاقب على الشروع في الجناية بالعقوبات الآتية إلا إذا نص قانوناً على خلاف ذلك : بالسجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجريمة الإعدام ، بالسجن المشدد إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد ، بالسجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن إذا كانت عقوبة الجناية السجن المشدد ، بالسجن مدة لا تزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو الحبس إذا كانت عقوبة الجناية السجن ) وفي المادة ٤٧ منه على أنه : ( تعين قانوناً الجنح التي يُعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع ) فقد أعلن صراحة أنه يرى العقاب على الشروع في الجريمة بعقوبة أقل من عقوبة الجريمة التامة ذلك لأن الشروع لا ينال بالاعتداء على الحق الذي يحميه القانون وإنما يقتصر على مجرد تهديده بالخطر ، فالشروع أقل أضراراً من الجريمة التامة والعقاب عليه يعد نوعاً من التوسع في المسئولية الجنائية ولذلك اختط الشارع خطة مؤداها أن الأصل عدم العقاب على الشروع في الجنح إلا بنص خاص وأنه لا عقاب على الشروع في المخالفات عامة ، وفرق بين العقوبة المقررة للشروع في الجناية وبين تلك المقررة للجريمة التامة فجعل الأولى أخف من الأخيرة ، ومن ثم تعين على المحكمة ألا توقع العقوبة على الشروع في الجناية إلا على الأساس الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر وأن تنزل بالعقوبة على الشروع إلى الحد الوارد فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التامة المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات دون النزول بها إلى الحد الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر ، فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون بتجاوزه نصف الحد الأقصى المقرر لعقوبة السجن المشدد ، مما يقتضي من هذه المحكمة - محكمة النقض - لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره أن تتدخل لتصحيح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة إلى الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه بجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها عليه السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... 2- .... ( الطاعن ) بأنهما :-
1- شرعا في قتل المجني عليه / .... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد إذ استقل المجني عليه سيارة أجرة قيادة المتهم الأول ونشبت بينهما مشادة على إثرها فوجئ بالمتهمين يتعديان عليه بالضرب اتبع ذلك سداد الأول ضربة له من السلاح الأبيض تالي الوصف استقرت بموضع قاتل بجسده فأحدثا إصابته الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعي قاصدين من ذلك قتله إلا أنه قد خاب أثر جريمتهما لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازا سلاحاً أبيض ( مدية ) دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم الثاني بمبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني وغيابياً للأول عملاً بالمواد 45/ 1 ، 46 ، 234/ 1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 5 لسنة 2019 والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون وقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة كلٍ منهما بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة لما أُسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية ، ثانياً : بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في القتل العمد وإحراز سلاح أبيض ( مدية ) دون مسوغ قانوني قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن أسبابه جاءت في عبارات عامة مجملة خلت من بيان الواقعة وظروفها ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه ، ولم يورد أقوال شهود الإثبات في بيان مفصل بما ينبئ عن عدم إلمام المحكمة بالواقعة عن بصر وبصيرة ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل في حقه ، ولم يستظهر الأفعال المادية التي أتاها وعناصر الاشتراك بالتحريض على ارتكابها ودوره فيها وتوافر اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكابها ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحتها ورغم تناقض أقوالهم مع بعضها البعض بشأن كيفية وقوع الحادث ، وأحال في بيان مضمون أقوال الشاهد الثاني إلى ما شهد به الشاهد الأول رغم ما بينهما من اختلاف بما يخالف الثابت بالأوراق ، وعول على تقرير الطب الشرعي رغم أنه لا يعد دليلاً على إسناد الاتهام إليه ولم يورد مضمونه مكتفياً بإيراد نتيجته دون الأسباب التي انتهى منها إلى تلك النتيجة ، كما عول على تحريات الشرطة وأقوال مجريها رغم عدم جديتها كونها جاءت ترديداً لأقوال المجني عليه ، كما أنها لم تتوصل لمصدر السلاح المستخدم بالجريمة وشخص حائزه وعدم ضبطه ورغم خلو الأوراق من دليل يقيني قبله ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم - على خلاف ما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - مؤدى تلك الأدلة ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن حكمها يكون محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن دوره في ارتكابها . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها - كما يدعي الطاعن في طعنه - أو يحرفها عن مواضعها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان ما أورده الحكم في تدليله على توافر نية القتل في حق الطاعن كافياً وسائغاً في استظهار هذه النية ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ضرب المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان والتواجد على مسرح الجريمة وقت مقارفتها ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال التنفيذية المكونة لها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية في جناية الشروع في القتل عُرف محدث الضربات التي أحدثت إصابته أو لم يعرف ، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً من الوقائع التي أثبتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعن بالاشتراك في الجريمتين اللتين دانه بهما بل دانه باعتباره فاعلاً أصلياً فيما ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الاشتراك يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض عليها ، وكان من المقرر أن التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه ، ولما كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية لأدلة الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والتي حصلتها بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها ، هذا إلى أنه يتعين أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول في الوقائع موضوع الشهادة كما لم يبين أوجه الخطأ في الإسناد وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الطب الشرعي الموقع على المجني عليه وبيّن الإصابات التي لحقت به ووضعها وطبيعة الآلة المستخدمة في إحداثها فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ولا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني ، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً أن ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الخبير الذي بُني على الترجيح لا القطع ، فإنه - بفرض صحته - مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال كما لا ينال منها عدم توصلها لمصدر السلاح المستخدم في الحادث وشخص من كان يحمل ذلك السلاح تحديداً أو عدم ضبط السلاح المستخدم في الحادث ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم ، هذا إلى أن الحكم عرض لدفع الطاعن بشأن عدم جدية التحريات واطرحه بردٍ سائغ . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره من خلو الأوراق من دليل يقيني على ثبوت الاتهام قبله لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد وأعمل في حقه المواد 45 /1 ، 46 ، 234 /1 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد ، وكان المشرع إذ نص في المادة ٤٦ من قانون العقوبات على أن : ( يُعاقب على الشروع في الجناية بالعقوبات الآتية إلا إذا نص قانوناً على خلاف ذلك : بالسجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجريمة الإعدام ، بالسجن المشدد إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد ، بالسجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن إذا كانت عقوبة الجناية السجن المشدد ، بالسجن مدة لا تزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو الحبس إذا كانت عقوبة الجناية السجن ) وفي المادة ٤٧ منه على أنه : ( تعين قانوناً الجنح التي يُعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع ) فقد أعلن صراحة أنه يرى العقاب على الشروع في الجريمة بعقوبة أقل من عقوبة الجريمة التامة ذلك لأن الشروع لا ينال بالاعتداء على الحق الذي يحميه القانون وإنما يقتصر على مجرد تهديده بالخطر ، فالشروع أقل أضراراً من الجريمة التامة والعقاب عليه يعد نوعاً من التوسع في المسئولية الجنائية ولذلك اختط الشارع خطة مؤداها أن الأصل عدم العقاب على الشروع في الجنح إلا بنص خاص وأنه لا عقاب على الشروع في المخالفات عامة ، وفرق بين العقوبة المقررة للشروع في الجناية وبين تلك المقررة للجريمة التامة فجعل الأولى أخف من الأخيرة ، ومن ثم تعين على المحكمة ألا توقع العقوبة على الشروع في الجناية إلا على الأساس الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر وأن تنزل بالعقوبة على الشروع إلى الحد الوارد فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التامة المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات دون النزول بها إلى الحد الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر ، فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون بتجاوزه نصف الحد الأقصى المقرر لعقوبة السجن المشدد ، مما يقتضي من هذه المحكمة - محكمة النقض - لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره أن تتدخل لتصحيح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة إلى الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه بجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها عليه السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1119 لسنة 2025 تمييز دبي تجاري جلسة 1 / 10 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 01-10-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1119 لسنة 2025 طعن تجاري

طاعن:
ش. ع. ص. ل. ا. ذ. م. م.
ن. م. خ. ب.

مطعون ضده:
ع. ع. ص. ب. ص. ا.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1534 استئناف تجاري بتاريخ 15-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر / طارق عبد العظيم ? وبعد المداولة. 
حيث ان الطعن قد استوفي اوضاعه الشكلية. 
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين 1- عبيد صبيح للمقاولات العامة (ش.ذ.م.م) 2- نزير مائي خدا بخش أقامتا على المطعون ضده عبد الله عبيد صبيح بن صبيح الفلاسي الدعوى رقم 970 لسنة 2022 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم -حسب الطلبات الختامية- بإثبات صورية عقد تأسيس الشركة الطاعنة الأولى وإثبات ملكيتها للطاعنة الثانية وأن المطعون ضده مجرد كفيل رخصة، وبإلزامه بأن يؤدي إليهما مقابل ريع وحق المنفعة لسكن العمال الذي يستحوذ عليه عن الفترة من 11-9-2019 وحتى تاريخ الحكم في الدعوى أو إيداع الخبير تقريره وما يستجد من مقابل الريع وحق المنفعة حتى تاريخ تسليم العقار إليهما مع الفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، وبأن يؤدي إليهما مبلغ 3,089,200 درهم مقابل ريع سكن العمال عن الفترة من مارس 2015 وحتى 10-9-2019 مع الفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، على سند من أن الطاعنة الأولى شركة ذات مسئولية محدودة تأسست بتاريخ 14-8-1995 بين المرحوم/ خدا بخش محمد عمر -مورث الطاعنة الثانية- وبين المطعون ضده باعتباره كفيل رخصة فقط، وقد توفى المورث سالف الذكر وانتقلت حقوقه في الشركة وإدارتها والتصرف فيها وملكية أصولها ومنها سكن العمال بمنطقة القصيص إلى الطاعنة الثانية، إلا أن المطعون ضده ارتكب غشاً وتزويراً وسجل المبنى باسمه الشخصي وأجره - كسكن عمال- للغير لحسابه، وتحصل من جراء ذلك على مبلغ إجمالي مقداره المبلغ المطالب به ووفقاً لتقرير الاستشاري المرفق الأوراق. وإذ طالباه بمبلغ الأجرة ورفض فقد أقامتا نزاع تعيين الخبرة رقم 9 لسنة 2022 تجاري، ثم أقامتا الدعوى الماثلة ، وجه المطعون ضده دعوى متقابلة قبل الطاعنتين طلب فيها فسخ عقد الشركة الطاعنة الأولى وحلها والحكم بتعيين خبير حسابي للاطلاع على دفاترها وسجلاتها واحتساب قيمة الأرباح والخسائر والمصاريف وتصفية أعمالها وجرد موجوداتها واستيفاء حقوقها ووفاء ديونها وإجراء المحاسبة اللازمة فيما يخص حقوق الأطراف وحساب المبالغ المستحقة له منذ تأجيره الأرض المملوكة للطاعنة الأولى المقام عليها سكن العمال عن الفترة من 18-5-1991وحتى تاريخ تمام التصفية وتقرير ملكية الأرض لصالحه . ندبت المحكمة خبيراً حسابياً قدم تقريره، وبتاريخ 30-1-2023 حكمت بوقف الدعوى تعليقاً وجري تعجيلها من الوقف ثم أعادت المحكمة الدعوي للخبرة، وبعد أن قدمت تقريرها التكميلي حكمت بتاريخ 29-4-2025 في الدعوي الأصلية بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالطعن بالتمييز رقم 570 لسنة 2023 مدني، وفي الدعوى المتقابلة برفضها . استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف 1534 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 15-7-2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت الكترونيا مكتب إدارة الدعوي لهذه المحكمة بتاريخ 13-8-2025 بطلب نقضه وقدم محامي المطعون ضده مذكره بالرد طلب في ختامها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشوره حددت جلسة لنظره. 
وحيث ان حاصل ما تَنعاه الطاعنتان بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى الأصلية لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الطعن بالتمييز رقم 570 لسنة 2023 مدني، على الرغم من اختلاف الطلب والسبب في كل من الدعويين، وحال أن الطلبات في الدعوى الأصلية تدور حول ثبوت استيلاء المطعون ضده على مبلغ 3,089,200 درهـم مقابـل ريـع سـكن العمـال الـذي يسـتحوذ عليه، بينما الطلبات في الدعوى المحاج بها هي التعويض عن أعمال الغصب، كما أن الحكم الصادر في الدعوى المحاج بها اقتصر في قضائه على تسليم الطاعنة الأولى مبنى سكن العمال ولم ينظر في أحقيتهما في الريع من تاريخ غصب المطعون ضده للمبنى من عدمه أو استرداد الأموال المغتصبة لعدم إثارة هذا النزاع أمامه، كما أن الطلبات في الدعوى الماثلة تضمنت كذلك إلزام المطعون ضده بأن يؤدي إليهما مقابل ريع السكن العمالي الذي يستحوذ عليه عن الفترة من 11-9-2019 وحتى تاريخ الحكم في الدعوى أو إيداع الخبير تقريره وهي فترة لاحقة لم يشملها الحكم الصادر في الطعن رقم 570 لسنة 2023 تمييز مدني، فضلاً عن أن الحكم اعتبر تسلم الطاعنة الأولى لمبلغ 300,000 درهم هو بمثابة تعويض عن أعمال الغصب ، بينما الثابت من خلال تقرير الخبير المودع بأوراق الدعوى أن الريع المستحق عن مبنى سكن العمال الذي يستحوذ عليه المطعون ضده عن الفترة من مارس 2015 وحتى 10-09-2019 يقدر بمبلغ 3,089,200 درهم، ، هذا الي ان الحكم خالف تقريري الخبرة الأصلي والتكميلي فيما اثبتا استحقاق الطاعنة الثانية لمبلغ 1,513,708 دراهم، لم يسددها المطعون ضده إليها على أساس أنه يمتلك المبنى المقام على قطعة الأرض محل التداعي، كما أثبت التقرير التكميلي أحقية الطاعنتين في مبلغ مقداره 1.213.708 دراهم من القيمة الإيجارية لسكن العمال محل التداعي، أي أن كل من التقريرين الأصلي والتكميلي أثبت أن حصيلة الريع وحق المنفعة التي تحصل عليها المطعون ضده بلغت 3,089,200 درهم، كما أن الثابت من المستندات المقدمة منهما أن المطعون ضده مجرد كفيل رخصة يتقاضى جعل سنوي نظير الكفالة، وأن عقد تأسيس الشركة الطاعنة الأولى الثابت به أنه شريك فيها ما هو إلا عقد صوري وإذ لم يفطن الحكم الطعين لكل ما تقدم مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
وحبت ان هذا النعي غير سديد ذلك بأنه من المقرَّر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقا لنص المادة (87) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الاتحادي رقم 35 لسنة 2022 أن الأحكام والقرارات القضائية المنهية للخصومة وأوامر الأداء التي حازت حجية الأمر المقضي فيه تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول أي دليل ينقض هذه القرينة بإعادة طرح النزاع الذي فصلت فيه المحكمة مرة أُخرى على القضاء إلا عن طريق الطعن فيه بالطرق المقررة قانونا للطعن عليها، ومن المقرر أيضا أن مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها بين الخصوم أنفسهم أن يكون هذا الحكم قد قطع بصفة صريحة أو ضمنيه في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة بالمنطوق في مسألة أساسيه استقرت حقيقتها بين الخصوم استقرارا جامعا يمنع ذات الخصوم والمحكمة من العودة إلى مناقشه ذات المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أُثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، وأنه لمعرفة ما إذا كان موضوع الدعوى متحدا في الدعويين أن يتحقق القاضي من أن قضاءه في الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق فلا يكون هناك فائدة منه أو أن يكون مناقضا للحكم السابق سواء بإقرار حق أنكره أو إنكار حق أقره فيكون هناك حكمان متناقضان، وأن وحدة المحل تكون متوافرة بين الدعويين متى كان الأساس فيهما واحدا حتى لو تغيرت الطلبات بينهما إذ إن العبرة في حجية الشيء المحكوم فيه تكون بطبيعة الدعوى وأن المسألة تكون واحدة بعينها إذا كان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى، وأن صدور حكم في هذه المسألة الأساسية يحوز قوة الأمر المقضي فيه في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف على ثبوت أو انتفاء ذات المسألة السابق الفصل فيها بينهم، ومن المقرر كذلك أن تقدير قيام وحدة الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين أو نفيها هو من سلطة محكمة الموضوع بغير معقب متى أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. ومن المقرر أيضا أن حجية الأحكام تعلو على اعتبارات النظام العام وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يثرها أي من الخصوم . وأن الأحكام التي تصدرها محكمة التمييز هي أحكام باتة تكتسب قوة الأمر المقضي به فيما فصلت فيه صراحة أو ضمنا من أوجه النزاع القائم بين الطرفين بحيث لا يجوز لهم معاودة المنازعة في المسألة الثابت فيها الحكم ، وأن حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع في ذات المسألة المقضي فيها بين ذات الخصوم مناطها أن يكون الحكم قد قطع في مسألة أساسية بعد أن تناقش فيها الطرفان واستقرت حقيقتها بينهما استقرارا يمنعهما من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها الحكم ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أُثيرت ولم يثبتها الحكم الصادر فيها. وأن كل حكم قضائي في الموضوع تكون لـه حجية الشيء المحكوم فيه يمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بادعاءات تناقض ما قضى به هذا الحكم، ولا سبيل إلى المجادلة فيما قضى به إلا عن طريق الطعن فيه بالطرق المقررة قانونا للطعن في الأحكام، وأن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم أنفسهم بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به ، ومن المقرر كذلك أن من مقتضى المادة 92 من قانون الإجراءات المدنية أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من النظام العام تقضي به كل من محكمة الموضوع ومحكمة التمييز من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به أي من الخصوم طالما كانت عناصره مطروحة عليها، وعلة ذلك احترام حجية الحكم السابق صدوره في نفس الدعوى وهذه الحجية أجدر بالاحترام وأكثر اتصالا بالنظام العام من أي أمر آخر لما يترتب على إهدارها من تأبيد المنازعات وعدم استقرار الحقوق لأصحابها، ومن المقرر كذلك أن الريع يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار . لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها أن الطاعنتين أقامتاها على المطعون ضده بطلب الحكم بإثبات صورية عقد تأسيس الشركة الطاعنة الأولى وإثبات ملكيتها للطاعنة الثانية وأن المطعون ضده هو مجرد كفيل رخصة، وبطلب إلزامه بأن يؤدي إليهما مبلغ 3,089,200 درهم مقابل ريع سكن العمال الذي يستحوذ عليه عن الفترة من مارس 2015 وحتى 10-9-2019، وبأن يؤدي إليهما مقابل ريع وحق المنفعة للسكن العمالي الذى يستحوذ عليه عن الفترة من 11-9-2019 وحتى تاريخ الحكم في الدعوى وما يستجد حتى تاريخ تسليمه إليهما، وكان الحكم الابتدائي -المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه- قد أقام قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى الأصلية لسابقة الفصل فيها تأسيساً على أن الشركة الطاعنة الأولى ممثلة في شخص مديرتها الطاعنة الثانية سبق وأن أقامت الدعوى رقم 1017 لسنة 2022 مدني جزئي بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده برد ذات سكن العمال وقطعة الأرض المقام عليها التي يستحوذ عليها الأخير دون وجه حق منذ عام 2013 وتسليمها بحالتها إليها مع إلزامه بتعويضها بمبلغ مليون درهم عما فاتها من كسب وما أصابها من ضرر من جراء استئثاره بالانتفاع بها وتأجيرها للغير بموجب عقود إيجار مختلفة تقاضى أجرتها لنفسه دون الشركة، وأنه قضي في تلك الدعوى بتاريخ 30-5-2024 بموجب الحكم البات الصادر في الطعن بالتمييز رقم 570 لسنة 2023 مدني بإلزام المطعون ضده بتسليم عقار النزاع "سكن العمال" إلى الطاعنة الأولى تأسيساً على جدية شراكة المطعون ضده في الشركة الطاعنة الأولى بنسبة 51% وأنه ولئن كان شريك حقيقي ويده على سكن العمال ليست يد غاصب، إلا أنه لا يحق له الانفراد بحيازته دون الشركة، كما رفض الحكم الأخير طلب الطاعنة الأولى التعويض تأسيساً على قيام المطعون ضده بتحويل مبلغ 300.000 درهم على دفعتين من حسابه إلى حساب الطاعنة الأولى بموجب شيكين دفعة جزئية لغرف سكن العمال، أي أن مسألة التعويض عن الكسب الفائت من جراء غصب المطعون ضده سكن العمال وتأجيره إياه لصالحه دون الشركة كانت مطروحة ضمن طلب التعويض بالدعوى السابقة وفصل فيها الحكم السابق برفض الطلب لأسبابه سالفة البيان، بما لا يجوز معه للطاعنتين معاودة طرح ذات المسألة التي حسمها الحكم السابق ولو بأدلة قانونية أو واقعية جديدة لم يبحثها الحكم السابق، خاصة وأنه لم يثبت للمحكمة أن المطعون ضده استأثر بأي أموال ناتجة عن تأجير سكن العمال في تاريخ لاحق على تاريخ الحكم البات الصادر في الدعوى السابقة بتاريخ 30-5-2024، ولم تطمئن لما أورده الخبير المنتدب أو الخبير الاستشاري المكلف من قبل الطاعنتين في هذا الخصوص، وبما لا يعد معه طلب الطاعنتين المطالبة بالريع عن الفترة اللاحقة على تاريخ 11-9-2019 وحتى تاريخ الحكم في الدعوى الماثلة طلباً جديداً يخرج عن نطاق ما فُصل فيه بموجب الحكم الصادر في الدعوى السابقة، وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف على ذلك قوله إن الحكم السابق الصادر في الدعوى حسم أن المطعون ضده شريك حقيقي في الشركة الطاعنة الأولى بنسبة 51% وأنه ليس شريك صوري وأنه يده على سكن العمال لا تعد يد غاصبة، وأن المطعون ضده استلم مبنى سكن العمال بعد ترميمه وسدد أجرة الأرض المتأخرة لمؤسسة دبي العقارية الجهة المالكة للأرض والتي لم تسددها الطاعنتان، كما أنه قام بتسليم المبنى للطاعنة الأولى بعد صدور الحكم البات في الدعوى السابقة، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بعدم جواز نظر الدعوى الأصلية لسابقة الفصل فيها وكانت هذه الأسباب سائغة ومستمدة مما له أصلٌ ثابتٌ بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وكافيه لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعنتين ولا مخالفة فيها لصحيح القانون، فإن النعي عليه بأسباب الطعن لا يعدو وأن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بسلطة تحصيله وتقديره من أدلة الدعوى وما طرح فيها من المستندات بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. ومن ثم على غير أساس، . 
وحيث انه ? ولما تقدم ? يتعين رفض الطعن. 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنتين بالمصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.

الطعن 1118 لسنة 2025 تمييز دبي تجاري جلسة 2 / 10 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 02-10-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1118 لسنة 2025 طعن تجاري

طاعن:
م. ع. ع. ا.

مطعون ضده:
ا. ا. ا. ش. م. ع.
ا. ا. ل. ذ. .. م. .. م. م. ح.
أ. ب. ل. ا. ذ.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1460 استئناف تجاري بتاريخ 15-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر/أحمد عبد القوي سلامة وبعد المداولة : ــ 
حيث استوفى الطعن أوضاعه الشكلية . 
وحيث ان الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 428 لسنة 204 تجاري على المطعون ضدهم بطلب الحكم ــ حسبما انتهت إليه الطلبات الختامية ــ أولا : برد وبطلان اتفاقية التسهيلات المصرفية المؤرخة 18/10/2018 المبرمة بين البنك المطعون ضده الأول والشركة المطعون ضدها الثانية ، ورد وبطلان ملحق تلك التسهيلات المؤرخ في نوفمبر 2019 ، واتفاقية الضمان الشخصي المؤرخة 6/11/2018 ، واتفاقية ضمان رهن الحصص المؤرخة 18/10/2018 ، واتفاقية الرهن العقاري المؤرخة 18/10/2018 ، وإلغاء وشطب ومحو الرهون المسجلة على قطعتي الأرض المبينتين بالصحيفة وما يترتب على ذلك من آثار ، ثانيا : بإلزام المطعون ضدهما الثانية والثالثة بالتضامن برد قيمة التسهيلات للبنك المطعون ضده الأول و براءة ذمته من قيمة التسهيلات والمديونية المترصدة في ذمة المطعون ضدها الثالثة لخروجه من الكفالة ، وقال بياناً لذلك أن البنك المطعون ضده الأول منح بتاريخ 18/10/2018 المطعون ضدها الثانية تسهيلات مصرفية بقيمة 313,000,000 درهم بكفالته الشخصية بغرض إنشاء وتطوير مشروع أورينتال بيرلز على قطعتي الأرض سالفتي البيان ، و أن البنك المطعون ضده الأول خالف شروط تلك الاتفاقية بعدم قيامه بإيداع قيمة التسهيلات الممنوحة للمطعون ضدها الثانية حساب ضمان المشروع بدائرة الأراضي والأملاك بالمخالفة لتعهده وإقراره بذلك لدى الدائرة المذكورة ، وإذ لم يتم تنفيذ الغرض الممنوحة من أجله هذه التسهيلات وتخلف الشكل الذي فرضه القانون لانعقادها ، ومن ثم كانت الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن قدم تقريره ، حكمت بتاريخ 29 /4/2025 برفض الدعوى . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1460 لسنة 2025 تجاري ، وبجلسة 15/7/2025 قضت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 14/8/2025 بطلب نقضه . قدم المطعون ضده الأول والمطعون ضدها الثالثة كل مذكرة بالرد . وإذ عرض الطعن في غرفة مشورة ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم . 
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك يقول أنه أسس طلبه في الدعوى ببطلان اتفاقية التسهيلات المؤرخة 18/10/2018 وما تلاها من عقود واتفاقيات على مخالفة البنك المطعون ضده الأول لأحكام المادة 13 من القانون رقم 8 لسنة 2007 بشأن حسابات الضمان العقاري في إمارة دبى بعدم إيداع التسهيلات الممنوحة للمطعون ضدها الثانية حساب ضمان المشروع رغم تعهده وإقراره الثابت لدى مؤسسة التنظيم العقاري بدائرة الأراضي والأملاك ، والذي بموجبه تعهد بالالتزام بنصوص وأحكام القانون المشار إليه ودلل على ذلك بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 54 لسنة 2021 مشاريع عقارية غير مكتملة وملغاة ببطلان وانعدام اتفاقية التسهيلات ، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتناول طلباته في الدعوى ورفض دعواه واكتفى بالقول أن تلك العقود لم يطعن عليها الطاعن بثمة مطعن وكيف الدعوى أنها براءة ذمته من الدين موضوع التسهيلات ، وهو ما لا يواجه دعواه بحسب الأساس الذى قامت عليه ، هذا إلي أن تقرير الخبرة المودع ملف الدعوى رقم 307 لسنه 2023 تجاري مصارف والذى عول عليه الخبير المنتدب في الدعوى المعروضة واعتد به الحكم المطعون فيه في قضائه قضت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 2234 لسنة 2024 تجاري بإعادة المأمورية بشأنه لبحث الاعتراضات عليه ، فضلاً عن أنه ــ الطاعن ــ تمسك ببطلان تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وطلب إلى المحكمة ندب لجنة خبرة لبحث وتحقيق عناصر الدعوى ، غير أن الحكم المطعون فيه أعرض عن طلبه وما تمسك به ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
حيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن عقد التسهيلات المصرفية هو اتفاق بين البنك وعميله يتعهد فيه البنك بأن يضع تحت تصرف عميله مبلغاً من المال موضوع التسهيلات خلال مدة معينة مقابل إلزام العميل بأداء الفائدة والعمولة المتفق عليها ، وإذا اقترنت هذه التسهيلات بحساب جارى لدى البنك ، فإن الحقوق والالتزامات الناشئة عنها تتحول إلى قيود في الحساب تتناقص فيما بينها بحيث يكون الرصيد النهائي عند غلق الحساب ديناً على العميل مستحق الأداء للبنك ، فالتسهيلات المصرفية التي يمنحها البنك للعميل صاحب الحساب الجاري وقبول الأخير هذه التسهيلات باستخدامه لها وسحب مبالغ منها يترتب عليه التزامه بما قد يسفر عنه الحساب من مديونيه للبنك ، و أن العقد شريعة المتعاقدين ويتعين على كل من طرفيه الوفاء بما أوجبه العقد عليه طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية وأن تنفيذه لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ، ولكن يشمل أيضاً كل ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف وطبيعة التصرف ، وأن القاعدة العامة هي عدم انصراف أثر العقد إلى الغير سواءً كان هذا الأثر حقاً أو التزاماً ، فالغير أجنبي تماماً عن العقد ، وبالتالي فلا يستفيد منه كما لا يضار بأثاره ، وأن العقد لا يقيد إلا أطرافه ، ولا ينتج التزامات أو حقوق إلا في مواجهتهم دون أن ينتقل إلى غيرهم ، وهذا هو الأثر النسبي للعقد ، أي النطاق الشخصي له ، وأنه وفقاً لنصوص المواد 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 7 ، 10 ، 18 ، 19 ، 20 من القانون رقم 14لسنة 2008 بشأن الرهن التأميني في إمارة دبي أن عقد الرهن التأميني هو عقد يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقاً عينياً بالتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون عند حلول أجل الدين بطلب نزع ملكية العقار المرهون وبيعه إذا لم يؤدي المدين الراهن الدين في ميعاد استحقاقه ، وأنه وفقاً لنص المادة 1419 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي أنه للمرتهن أن يستوفي دينه من العقار المرهون عند حلول أجل الدين طبقاً لمرتبته وبعد اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات أمام المحاكم المدنية والقوانين الخاصة ، وأن طلب ندب خبير ليس حقاً للخصم يتعين على المحكمة الاستجابة إليه بل لها أن تلتفت عنه متى كانت المحكمة قد وجدت في أوراق الدعوى وما قدم فيها من أدلة ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فيها دون حاجة لاتخاذ هذا الإجراء ، و أن مفاد المادتين 113 و 117 من قانون المعاملات المدنية والمادة الأولى من قانون الإثبات أن يتناوب الخصمان عبء الإثبات في الدعوى تبعاً لما يدعيه كل منهما فعلى من يدعى حقاً له على آخر أن يقم الدليل على ما يدعيه بخلاف الأصل وهو براءة الذمة بينما انشغالها عارض ، فإن أثبت حقه كان للمدعى عليه تقديم الدليل على انقضاء الدين وسببه ، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه ، ولها تفسير العقود والاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها ، وتقدير الوفاء بالالتزامات في العقود الملزمة للجانبين ، والأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بسلامة النتيجة التي انتهى إليها وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت الدليل عليها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد قضى برفض دعوى الطاعن على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير الذي اطمأن إليه أن العقود مثار النزاع قد تم التوقيع عليها في غضون عامي 2018 و 2019 من الطاعن بإرادة حرة ولم يطعن عليها بثمة مطعن وأنه جرى تزويده بنسخه من اتفاقية التسهيلات ووثائق التمويل الأخرى قبل إنفاذ ضمانه وكفالته الشخصية لتلك التسهيلات ، و أنه أقر بشروط اتفاقية التسهيلات ووثائق التمويل الأخرى و التزم بموجب كفالته وضمانه بالمسؤولية التي قد يتحملها المقترض ــ المطعون ضدها الثانية ، وأن الضمان الناشئ بموجب اتفاقية الرهن مستمراً لسداد الالتزامات المضمونة والوفاء بها ، وأن العقود قد خلت من ثمة أسباب موضوعية أو شكلية لردها أو بطلانها ، و أن البنك المطعون ضده الأول أوفى بالتزاماته بمنح المطعون ضدها الثانية قيمة هذه التسهيلات ، و أخل الطاعن كضامن مع المطعون ضدهما الثانية و الثالثة بالتزاماته ، وعجز عن إثبات أحقيته في طلباته ، ولا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن طلب الطاعن ندب لجنة خبرة وقد وجد في أوراق الدعوى ومستنداتها وسائر عناصرها الأخرى ما يكفى للفصل في النزاع ، هذا إلى أن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير أن عقد التسهيلات المصرفية بين البنك المطعون ضده الأول والشركة المطعون ضدها الثانية قد جرى إبرامه صحيحاً وانعقد مستوفياً لشروطه وأوضاعه القانونية ، وأن الطاعن أقر بكفالته لسداد الدين محل تلك التسهيلات ، إضافة إلى أن عقد الرهن التأميني بين الدائن المرتهن البنك المطعون ضده الأول و الراهن الشركة المطعون ضدها الثالثة لا يتعدى أثره للطاعن ــ الكفيل ــ ومن ثم لا علاقة للطاعن به لا سيما وأن عقد كفالة الأخير لهذه التسهيلات منبت الصلة عن عقد الرهن التأميني ولا يسوغ له ــ الطاعن ــ التمسك والتذرع ببطلانه بحسبان أنه ليس طرفاً فيه ويعتبر أجنبياً عنه ، ومن ثم يكون هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه يقوم علي أسباب سائغة لها مأخذها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى لما انتهى إليه وتتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة ، ومن ثم فإن النعي بما ورد بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقرير الخبير وتفسير العقود والاتفاقات وتحديد نطاق العقد وأطرافه والأثر المترتب عليه وهو مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة متعيناً رفضه . 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة : برفض الطعن وألزمت الطاعن المصروفات ومبلغ ألفين درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين .

الطعن 1113 لسنة 2025 تمييز دبي تجاري جلسة 24 / 9 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 24-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1113 لسنة 2025 طعن تجاري

طاعن:
ك. آ. ل. ذ.

مطعون ضده:
ا. ج. ل.
ا. و. ل. ا.
د. ا. س. د. د. س. ش.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1433 استئناف تجاري بتاريخ 15-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق في الملف الالكتروني للطعن وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ محمود عبد الحميد طنطاوي، وبعد المداولة. 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة (كاسيا آتام للمعادن ذ.م.م) أقامت الدعوى رقم (149) لسنة 2024 تجاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بتاريخ 17/12/2024م، بطلب الحكم ب إلزام كل من المطعون ضدهم: 1- (اوربن ويلنس للتطوير العقاري)، 2- ( دي ايه سي دايناميك ديزاين ستوديو ش.ذ.م.م)، 3- (ايبين جونسون للاستشارات)، بالتضامن والتضامم فيما بينها، بأن تسدد للمدعية مبلغ (1،971،432.05) درهمًا والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. على سند من إنه بتاريخ 14/12/2022م، وبموجب أمر العمل المحرر للمدعية من المدعى عليها الأولى، أسندت الأخيرة للمدعية أعمال توريد وتركيب أعمال الزجاج والألومنيوم بمشروع الشقق الفندقية العائدة لها والكائنة بمثلث قرية جميرا، البرشاء جنوب، لقاء سعر إجمالي قدره (8،598،229.50) درهمًا شاملة قيمة الضريبة المضافة، على أن يتم الدفع بحسب المتفق عليه بالبند رقم (12) مقابل الأعمال المنجزة من المدعية على أساس شهري، وبتاريخ 12/05/2023م، ونظراً لارتباط انجاز أعمال المدعية (المقاول الفرعي) بإنجاز المقاول الرئيسي لباقي الأعمال المسندة إليه والحصول على التراخيص والموافقات اللازمة لبدء المدعية في إنجاز الأعمال المسندة إليها وفق المتفق عليه تعاقدياً بين جميع أطراف التداعي بموجب الفقرة (م) من البند رقم (4) المعنون (الالتزامات العامة)، قامت المقاول الرئيسي (شركة ك بى جيه للمقاولات ش ذ.م.م.) بإرسال طلب التمديد المرسل لها من المدعية بطب التمديد للتأخر في الحصول على الموافقات على تغليف أعمال الألومنيوم المركبة وأعمال فواصل كبائن الاستحمام إلى استشاري التكاليف (المدعى عليها الثالثة)، إلا أن طلب التمديد سالف البيان، وفى تعنت شديد، قوبل بالرفض من جانب استشاري المشروع (المدعى عليها الثانية) بحسب خطاب المقاول الرئيسي المؤرخ 15/05/2023م. وبتاريخ 05/06/2023م، وبالمخالفة للمتفق عليه تعاقديًا بين جميع أطراف التداعي ودون ثمة مبرر من واقع أو قانون، قامت المدعى عليها الثالثة بالإنهاء الفوري لأمر العمل سند الدعوى، وإبلاغ المدعى عليها الثانية بذلك الإنهاء ومنع المدعية من استكمال أعمال المقاولة محل النزاع، كما قامت وباقي المدعى عليهم بمنع المدعية من استلام المواد والمعدات المملوكة لها والموجودة بموقع العمل بالمشروع، وذلك بزعم تأخر المدعية في إنجاز بعض أعمال المقاولة، وبتاريخ 10/06/2024م أرسلت المدعية خطابًا للمدعى عليها الأولى تخطرها فيه بالإنهاء التعسفي والغير قانوني الصادر من المدعى عليها الثالثة، وبتاريخ 10/07/2023 أرسلت المدعية للمرة الثانية خطابًا للمدعى عليها الأولى تخطرها بعدم تلقيها لثمة رد على خطابها السابق، وبأنه منذ تاريخ 08/06/2023م لم يسمح لها بالوصول إلى موقع العمل لاستكمال انجاز أعمال المقاولة المسندة إليها بموجب أمر العمل سند الدعوى، مع اخطار المدعى عليها الأولى بتحملها لكامل المسئولية عما قد يلحق بالمواد المشونة والمركبة بالمشروع من أضرر، وأحقية المدعية في اللجوء للقضاء لمطالبة بمستحقتها المالية لديها بالإضافة للتعويض عن الإنهاء الباطل والتعسفي لأمر العمل سند التداعي، ومن ثم فالمدعية تقيم الدعوى. والمدعى عليها الأولى دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. كما دفعت المدعى عليهما الثانية والثالثة بعدم قبول الدعوى قبلهما لرفعها على غير ذي صفة. ومحكمة أول درجة فضت بتاريخ 28/04/2025م، أولًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما الثانية والثالثة. ثانيًا: عدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. استأنفت المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم (1433) لسنة 2025 استئناف تجاري. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 15/07/2025م بقبول الاستئناف شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت المدعية في هذا الحكم بالتمييز بموجب الطعن الماثل بطلب نقضه، وذلك بصحيفة مقدمة الكترونيًا بتاريخ 13/08/2025م، وأودعت المطعون ضدها الأولى مذكرة بالرد طلبت في ختامها رفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره. 
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أيد الحكم المستأنف في قضائه بعدم قبول دعواها لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثانية والثالثة، مؤسسًا قضاءه على أنهما الاستشاري الفني واستشاري المالك، وليستا طرفًا في عقد المقاولة من الباطن المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى، والذي تضمن الاتفاق على شرط التحكيم، وأن اختصامهما كان لجلب الاختصاص للقضاء العادي وتجنب إعمال شرط التحكيم، هذا في حين أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن البندين رقمي (12) و(18) من أمر العمل قد عهد بالتزامات على المطعون ضدهما الثانية والثالثة، وأن أعمالهما وتصرفاتهما شابها الخطأ والتقصير وفق الثابت بالمراسلات بين أطراف الدعوى، وذلك برفضهما الاستجابة لطلب الطاعنة بالمصادقة على شهادات الدفع وتسليمها لها عندما أرسلت إليهما طلب الدفع بتواريخ 6/3/2023 و29/4/2023 و7/6/2023، وذلك بالمخالفة للبند رقم (12) من أمر العمل، مما ألحق بها العديد من الأضرار، وكذا عدم تقديم الموافقات والتصاريح من الدفاع المدني والبلدية والجهات الأخرى كما هو متفق عليه، والتراخي في تعيين طرف ثالث متخصص في الإطفاء والحرائق بناء على توجيهات الإدارة العامة للدفاع المدني، مما أدى إلى التأخير في مراحل الأعمال وتحمل الطاعنة نفقات إضافية بسبب ترك المعدات بالموقع وتكبدها مصاريف عمالة وغيره، فضلًا عن عدم تسليمها تقرير فحص الأعمال والمواد بالموقع في الميعاد المحدد وذلك للبدء في الأعمال، مع أنها خاطبتهما لأكثر من مرة لتسليم ذلك التقرير، ورفضهما تمديد فترة الإنجاز بالرغم من تسببهما في التأخير على نحو ما سلف بيانه، وكذا عدم تقييم الأعمال المنجزة بالموقع بعد انتهاء الطاعنة منها، وذلك بالمخالفة للبند (18) من أمر العمل، مما تكون معه المطعون ضدهما الثانية والثالثة خصمتين حقيقيتين إلى جانب المطعون ضدها الأولى المترصد بذمتها مبلغ (515،432.05) درهمًا، وأنهما لم تتفقا على التحكيم، وهو ما يتأكد معه أحقية الطاعنة في مبلغ التعويض، واختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة به، مراعاةً لحسن سير العدالة، بما يقتضي معه عدم تجزئة النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر، في قضاء هذه المحكمة، إن التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية، ومن ثم فهو لا يلزم إلا أطرافه، ويجوز النزول عنه صراحةً أو ضمنًا، وإنه يلزم أن يكون الخصوم الذين لم يوقعوا على شرط التحكيم خصومًا حقيقيين في النزاع، ولم يكن الغرض من اختصامهم مجرد جلب الاختصاص للمحاكم بنظر نزاع وجد بشأنه اتفاق تحكيم، واستخلاص أطراف شرط التحكيم وما إذا كان الأطراف الذين لم يوقعوا على شرط التحكيم خصومًا حقيقيين في النزاع أم لا هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها متى كان استخلاصها سائغًا وله أصله الثابت من الأوراق. كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إن الصفة في الدعوى تقوم بالمدعى عليه متى كان الحق المطلوب موجودًا في مواجهته باعتبار أنه صاحب الشأن فيه والمسئول عنه حال ثبوت احقية المدعى له، وأن استخلاص توافر الصفة في المدعى عليه او عدم توافرها من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها طالما كان استخلاصها سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. ومن المقرر ووفق ما تقضي به المادتان (250) و(252) من قانون المعاملات المدنية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، إن أثر العقد إنما ينصرف إلى المتعاقدين والخلف العام، وأن العقد لا يرتب شيئاً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقًا. وإن المهندس الاستشاري الذي يُعينه صاحب العمل فيما يتعلق بعقود المقاولات ينوب عن صاحب العمل في الإشراف على تنفيذ أعمال المقاولة وأن آثار تصرفاته تُضاف إلى صاحب العمل. ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة إن المسئولية لا تتحقق إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما، بحيث إذا انقضى ركن منها انقضت المسئولية ولا يُقضى بالتعويض. وإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، واستخلاص ثبوت الخطأ الموجب للمسئولية أو نفيه، وهي لا تكون ملزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة، والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه تأسيسًا على ما أورده بأسبابه من أنه ((عن الدفع المبدى من المدعى عليها الأولى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإن الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها إن المعاملات التجارية والعلاقة التعاقدية سند الدعوى بين المدعية والمدعى عليها الأولى بموجب أمر العمل سند الدعوى، وان المدعي عليهما الثانية استشاري فنى والثالثة استشاري المالك، وبناء عليه فإن المدعى عليها الثانية والثالثة ليستا طرفًا في عقد المقاولة من الباطن، كما لم يثبت من الأوراق أن المدعية قد ابرمت أي اتفاق مع المدعى عليهما الثانية والثالثة على شروط عقد المقاولة والتزاماته، هذا فضلًا عن أن المدعى عليها الثانية وإن رفضت تمديد مدة إنجاز الأعمال باعتبار انها استشاري فني فقط للمشروع، ونطاق عملها لا يتعدى الجزء الفني في المشروع كما هو ثابت بموجب خطاب مالك المشروع الصادر للمدعى عليها الأولى، كما أن المدعى عليها الثالثة هي الجهة المعينة من قبل المالك لإدارة عقد المقاولة بالكامل من الناحية المالية، ويقع على عاتقها مسئولية إنهاء التعاقدات أو الموافقة عليها، أو صرف المستحقات من عدمه، من ثم فإن المدعية ولئن كانت لها مصلحة اقتصادية في طلباتها إلا أنها لا تستند في ذلك إلى مركز قانوني قبل المدعى عليهما الثانية والثالثة ولا تربطهم بها علاقة تعاقدية، ولا يجوز للمدعية (مقاول الباطن) أن تطالب المدعى عليهم (صاحب العمل) أو استشاري المشروع بشيء مما تستحقه لدى المقاول الأصلي (المدعى عليها الأولى) إلا إذا أحاله على صاحب العمل، ومن ثم لا تتوافر للمدعى عليهما الثانية والثالثة الصفة في الاختصام في الدعوى، وهو ما يضحى معه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما الثانية والثالثة قائمًا على سند صحيح من الواقع والقانون وتقضى به المحكمة على نحو ما سيرد بالمنطوق. 
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليها الأولى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإن الثابت للمحكمة من أمر العمل سند الدعوى المؤرخ 14-12-2022 المبرم بين المدعية والمدعى عليها الأولى انها قد تضمنت في البند رقم (21) من أمر العمل سند الدعوى المعنون (اللغة والقانون والتحكيم) أنه "في حالة حدوث نزاع بين صاحب العمل والمقاول المباشر فيما يتعلق بأمر العمل؛ يجب تسويته وديا خلال 14 يومًا من تاريخ الأخطار به كتابيا، من أحد الطرفين للطرف الاخر. وإذا لم يتم التوصل الى تسوية ودية يحال النزاع الى التحكيم وفقا لقواعد مركز دبي للتحكيم الدولي. سوف يكون مقر التحكيم في دبي الامارات العربية المتحدة. ستعقد جلسات التحكيم في دبي ما يتفق الطرفين على مكان بديل. ستكون اللغة المستخدمة في التحكيم وكذلك جميع الوثائق المقدمة والمعتمدة هي اللغة الإنجليزية. وسيكون عدد المحكمين واحد"، ولما كان ذلك وكان وكيل الشركة المدعى عليها الأولى قد تمسك أمام هذه المحكمة بشرط التحكيم قبل ابداء أي دفع أو دفاع موضوعي واعترض على لجوء المدعية إلى القضاء بما يدعيه من حق رغم الاتفاق على شرط التحكيم، ولا ينال من ذلك اختصام المدعى عليهما الثانية والثالثة، استشاري المشروع، في الدعوى لجلب الاختصاص للمحكمة، إذ إنهما نائبان عن الأصيل (المدعى عليها الأولى) وتنصرف آثار ما يقوما به من أعمال نفاذًا لتلك النيابة للأصيل، ولا يلتزما بأي التزامات قبل المدعية بموجب أمر العمل سند الدعوى والذى تضمن الاتفاق على شرط التحكيم الملزم لطرفيه (المدعية والمدعى عليها الأولى) بوجوب تسوية أي نزاع ينشأ بينهما باللجوء للتحكيم وفقا لقواعد مركز دبى للتحكيم الدولي، وتمسكت المدعى عليها الأولى به منذ أول جلسة امام مكتب إدارة الدعوى ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم قد صادف صحيح الواقع والقانون، مما يجب معه على المحكمة القضاء بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم على نحو ما سيرد بالمنطوق.))، كما أضاف الحكم المطعون فيه إلى هذه الأسباب ما أورده بمدوناته من ان ((المستأنف ضدهما الثانية والثالثة لم تكونا طرفاً في العقد سند التداعي، وإن ما قامتا به من أعمال إنما كان بالإنابة والوكالة عن المستأنف ضدها الأولى، فيضحى بالتالي ما دفعتا به بانتفاء الصفة في الدعوى دفعاً سديداً له ما يسانده من الواقع والقانون، ومن ثم فإن كل ما تتمسك به المستأنفة من أسباب ليس من شأنه المساس بسلامة وصحة الحكم المستأنف، ومن ثم نقضي في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. ولا نرى سبباً لندب خبير في الاستئناف كطلب المستأنفة وقد وجدت المحكمة في ملفات الدعوى والاستئناف وما بهما من مستندات وتقارير ما يكفي ويعين للفصل في موضوع الاستئناف.))، ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه، على نحو ما سلف بيانه، سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون، وله أصله الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها، ومؤدياً لما انتهى إليه قضاؤه وكافياً لحمله وفيه الرد المسقط لما يخالفه، فإن النعي عليه بما ورد بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا يجوز إبداؤه أمام محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول. 
وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن. 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الطعن وبإلزام الطاعنة المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدها الأولى، مع مصادرة مبلغ التأمين.