جلسة 24 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / علاء الدين مرسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الحليم ، محمود عصر ، د. هاني صبري وتامر جاد نواب رئيس المحكمة
-------------------
(84)
الطعن رقم 7036 لسنة 92 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.
(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقواله . غير مقبول . علة ذلك؟
(3) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
(4) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تدليل الحكم على ثبوت اتفاق الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ارتكاب جريمة الشروع في القتل . كفايته لاعتبارهما فاعلين أصليين فيها . تحديد الأفعال التي أتاها كل منهما على حدة . غير لازم . أساس ذلك ؟
مثال.
(5) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم عدم استظهاره عناصر اشتراكه في الجريمة . غير مقبول . متى دانه باعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
(7) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(8) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض .
للمحكمة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . حد ذلك ؟
مثال .
(9) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . عدم ضبط السلاح أو توصلها لمصدره وترديدها لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(11) قتل عمد . شروع . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن عن جريمة الشروع في القتل العمد المجرد بإحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التامة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 234 عقوبات بما يجاوز نصف الحد الأقصى المقرر للعقوبة وفقاً للمادة 46 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه ولو لم يرد بأسباب الطعن . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وأورد الحكم - على خلاف ما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - مؤدى تلك الأدلة ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن حكمها يكون محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن دوره في ارتكابها .
2- من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها - كما يدعي الطاعن في طعنه - أو يحرفها عن مواضعها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان ما أورده الحكم في تدليله على توافر نية القتل في حق الطاعن كافياً وسائغاً في استظهار هذه النية ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
4- لما كان ما أثبته الحكم في مدوناته وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ضرب المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان والتواجد على مسرح الجريمة وقت مقارفتها ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال التنفيذية المكونة لها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية في جناية الشروع في القتل عُرف محدث الضربات التي أحدثت إصابته أو لم يعرف ، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً من الوقائع التي أثبتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان الحكم لم يدن الطاعن بالاشتراك في الجريمتين اللتين دانه بهما بل دانه باعتباره فاعلاً أصلياً فيهما ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الاشتراك يكون وارداً على غير محل .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض عليها ، وكان من المقرر أن التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه ، ولما كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية لأدلة الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والتي حصلتها بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
7- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها ، هذا إلى أنه يتعين أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول في الوقائع موضوع الشهادة كما لم يبين أوجه الخطأ في الإسناد وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
8- لما كان الحكم قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الطب الشرعي الموقع على المجني عليه وبيّن الإصابات التي لحقت به ووضعها وطبيعة الآلة المستخدمة في إحداثها فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ولا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني ، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً أن ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الخبير الذي بُني على الترجيح لا القطع ، فإنه - بفرض صحته - مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
9- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال كما لا ينال منها عدم توصلها لمصدر السلاح المستخدم في الحادث وشخص من كان يحمل ذلك السلاح تحديداً أو عدم ضبط السلاح المستخدم في الحادث ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم ، هذا إلى أن الحكم عرض لدفع الطاعن بشأن عدم جدية التحريات واطرحه بردٍ سائغ .
10- من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره من خلو الأوراق من دليل يقيني على ثبوت الاتهام قبله لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد وأعمل في حقه المواد 45/1 ، 46 ، 234/1 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد ، وكان المشرع إذ نص في المادة ٤٦ من قانون العقوبات على أن : ( يُعاقب على الشروع في الجناية بالعقوبات الآتية إلا إذا نص قانوناً على خلاف ذلك : بالسجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجريمة الإعدام ، بالسجن المشدد إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد ، بالسجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن إذا كانت عقوبة الجناية السجن المشدد ، بالسجن مدة لا تزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو الحبس إذا كانت عقوبة الجناية السجن ) وفي المادة ٤٧ منه على أنه : ( تعين قانوناً الجنح التي يُعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع ) فقد أعلن صراحة أنه يرى العقاب على الشروع في الجريمة بعقوبة أقل من عقوبة الجريمة التامة ذلك لأن الشروع لا ينال بالاعتداء على الحق الذي يحميه القانون وإنما يقتصر على مجرد تهديده بالخطر ، فالشروع أقل أضراراً من الجريمة التامة والعقاب عليه يعد نوعاً من التوسع في المسئولية الجنائية ولذلك اختط الشارع خطة مؤداها أن الأصل عدم العقاب على الشروع في الجنح إلا بنص خاص وأنه لا عقاب على الشروع في المخالفات عامة ، وفرق بين العقوبة المقررة للشروع في الجناية وبين تلك المقررة للجريمة التامة فجعل الأولى أخف من الأخيرة ، ومن ثم تعين على المحكمة ألا توقع العقوبة على الشروع في الجناية إلا على الأساس الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر وأن تنزل بالعقوبة على الشروع إلى الحد الوارد فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التامة المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات دون النزول بها إلى الحد الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر ، فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون بتجاوزه نصف الحد الأقصى المقرر لعقوبة السجن المشدد ، مما يقتضي من هذه المحكمة - محكمة النقض - لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره أن تتدخل لتصحيح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة إلى الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه بجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها عليه السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... 2- .... ( الطاعن ) بأنهما :-
1- شرعا في قتل المجني عليه / .... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد إذ استقل المجني عليه سيارة أجرة قيادة المتهم الأول ونشبت بينهما مشادة على إثرها فوجئ بالمتهمين يتعديان عليه بالضرب اتبع ذلك سداد الأول ضربة له من السلاح الأبيض تالي الوصف استقرت بموضع قاتل بجسده فأحدثا إصابته الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعي قاصدين من ذلك قتله إلا أنه قد خاب أثر جريمتهما لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازا سلاحاً أبيض ( مدية ) دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم الثاني بمبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني وغيابياً للأول عملاً بالمواد 45/ 1 ، 46 ، 234/ 1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 5 لسنة 2019 والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون وقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة كلٍ منهما بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة لما أُسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية ، ثانياً : بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في القتل العمد وإحراز سلاح أبيض ( مدية ) دون مسوغ قانوني قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن أسبابه جاءت في عبارات عامة مجملة خلت من بيان الواقعة وظروفها ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه ، ولم يورد أقوال شهود الإثبات في بيان مفصل بما ينبئ عن عدم إلمام المحكمة بالواقعة عن بصر وبصيرة ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل في حقه ، ولم يستظهر الأفعال المادية التي أتاها وعناصر الاشتراك بالتحريض على ارتكابها ودوره فيها وتوافر اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكابها ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحتها ورغم تناقض أقوالهم مع بعضها البعض بشأن كيفية وقوع الحادث ، وأحال في بيان مضمون أقوال الشاهد الثاني إلى ما شهد به الشاهد الأول رغم ما بينهما من اختلاف بما يخالف الثابت بالأوراق ، وعول على تقرير الطب الشرعي رغم أنه لا يعد دليلاً على إسناد الاتهام إليه ولم يورد مضمونه مكتفياً بإيراد نتيجته دون الأسباب التي انتهى منها إلى تلك النتيجة ، كما عول على تحريات الشرطة وأقوال مجريها رغم عدم جديتها كونها جاءت ترديداً لأقوال المجني عليه ، كما أنها لم تتوصل لمصدر السلاح المستخدم بالجريمة وشخص حائزه وعدم ضبطه ورغم خلو الأوراق من دليل يقيني قبله ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم - على خلاف ما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - مؤدى تلك الأدلة ، وجاء استعراض المحكمة لها على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن حكمها يكون محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن دوره في ارتكابها . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها - كما يدعي الطاعن في طعنه - أو يحرفها عن مواضعها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان ما أورده الحكم في تدليله على توافر نية القتل في حق الطاعن كافياً وسائغاً في استظهار هذه النية ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر على ضرب المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان والتواجد على مسرح الجريمة وقت مقارفتها ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال التنفيذية المكونة لها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية في جناية الشروع في القتل عُرف محدث الضربات التي أحدثت إصابته أو لم يعرف ، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً من الوقائع التي أثبتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعن بالاشتراك في الجريمتين اللتين دانه بهما بل دانه باعتباره فاعلاً أصلياً فيما ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الاشتراك يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض عليها ، وكان من المقرر أن التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه ، ولما كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية لأدلة الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والتي حصلتها بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها ، هذا إلى أنه يتعين أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول في الوقائع موضوع الشهادة كما لم يبين أوجه الخطأ في الإسناد وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الطب الشرعي الموقع على المجني عليه وبيّن الإصابات التي لحقت به ووضعها وطبيعة الآلة المستخدمة في إحداثها فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ولا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني ، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً أن ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الخبير الذي بُني على الترجيح لا القطع ، فإنه - بفرض صحته - مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وأن للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه أو قرره الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال كما لا ينال منها عدم توصلها لمصدر السلاح المستخدم في الحادث وشخص من كان يحمل ذلك السلاح تحديداً أو عدم ضبط السلاح المستخدم في الحادث ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم ، هذا إلى أن الحكم عرض لدفع الطاعن بشأن عدم جدية التحريات واطرحه بردٍ سائغ . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره من خلو الأوراق من دليل يقيني على ثبوت الاتهام قبله لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد وأعمل في حقه المواد 45 /1 ، 46 ، 234 /1 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو المشدد ، وكان المشرع إذ نص في المادة ٤٦ من قانون العقوبات على أن : ( يُعاقب على الشروع في الجناية بالعقوبات الآتية إلا إذا نص قانوناً على خلاف ذلك : بالسجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجريمة الإعدام ، بالسجن المشدد إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد ، بالسجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن إذا كانت عقوبة الجناية السجن المشدد ، بالسجن مدة لا تزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو الحبس إذا كانت عقوبة الجناية السجن ) وفي المادة ٤٧ منه على أنه : ( تعين قانوناً الجنح التي يُعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع ) فقد أعلن صراحة أنه يرى العقاب على الشروع في الجريمة بعقوبة أقل من عقوبة الجريمة التامة ذلك لأن الشروع لا ينال بالاعتداء على الحق الذي يحميه القانون وإنما يقتصر على مجرد تهديده بالخطر ، فالشروع أقل أضراراً من الجريمة التامة والعقاب عليه يعد نوعاً من التوسع في المسئولية الجنائية ولذلك اختط الشارع خطة مؤداها أن الأصل عدم العقاب على الشروع في الجنح إلا بنص خاص وأنه لا عقاب على الشروع في المخالفات عامة ، وفرق بين العقوبة المقررة للشروع في الجناية وبين تلك المقررة للجريمة التامة فجعل الأولى أخف من الأخيرة ، ومن ثم تعين على المحكمة ألا توقع العقوبة على الشروع في الجناية إلا على الأساس الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر وأن تنزل بالعقوبة على الشروع إلى الحد الوارد فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التامة المنصوص عليها في المادة ٢٣٤/١ من قانون العقوبات دون النزول بها إلى الحد الوارد في المادة ٤٦ سالفة الذكر ، فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون بتجاوزه نصف الحد الأقصى المقرر لعقوبة السجن المشدد ، مما يقتضي من هذه المحكمة - محكمة النقض - لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره أن تتدخل لتصحيح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة إلى الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه بجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها عليه السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ