جلسة الأول من يونيه سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.
--------------
(140)
الطعن رقم 1649 لسنة 32 القضائية
( أ ) استيراد وتصدير - الرقابة على الواردات - إجراءاتها.
القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير.
أجاز المشرع للقطاعين العام والخاص استيراد احتياجات البلاد السلعية - أناط بوزير التجارة سلطة تحديد السلع التي تخضع للرقابة النوعية على الصادرات والواردات - حظر المشرع استيراد السلع إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يحددها وزير التجارة - لا وجه لهذا الإجراء متى كانت السلعة مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط - وزير التجارة هو المختص بتحديد إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة وإجراءات التظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة - تطبيق.
(ب) هيئات عامة - الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات - اختصاصاتها.
قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 118 لسنة 1975 - قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير.
إجراءات الطعن
بتاريخ 9 من إبريل سنة 1986 أودع الأستاذ/ حسين صالح حسن المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1649/ 32 ق. عليا ضد السيد/ ...... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 11/ 2/ 1986 في الدعوى رقم 3686/ 38 ق. التي كانت مقامة من المطعون ضده، ضد الطاعن والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي تعويضاً قدره أربعة آلاف جنيه وألزمتها المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأودع الأستاذ المستشار/ محمد عزت السيد إبراهيم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة، ارتأى فيه - لأسبابه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة حيث حددت لنظره أمامها جلسة 2/ 2/ 1991، وتداولت المحكمة نظر الطعن واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 6/ 4/ 1991، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/ 5/ 1991 ثم لجلسة اليوم 1/ 6/ 1991 لإتمام المداولة، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة لنظره.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها تتحصل في أنه بتاريخ 18/ 4/ 1984 أقام السيد/ ....... (المطعون ضده) الدعوى رقم 3686/ 38 ق. أمام محكم القضاء الإداري، ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وطلب في ختامه صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من الهيئة المدعى عليها برفض كمية من السمك المجمد من صنف الماكريل مقدارها 100 طن ضمن رسالة أسماك مجمدة، واردة له على الباخرة مارد، مشمول الشهادة الجمركية رقم 9090 جمرك بور سعيد وعدم الموافقة على استيرادها ومنعه من التصرف فيها، وما يترتب على ذلك من آثار وتعويضه بمبلغ 8259.680 جنيه جبراً لما لحقه من أضرار نتيجة القرار المطعون فيه، وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وقال في بيان دعواه أنه استورد رسالة أسماك مجمدة من أسبانيا (سردين - ماكريل - بيلا) وصلت ميناء بور سعيد في 21/ 11/ 1983 وفي ذات التاريخ اجتمعت لجنة فحص المواد الغذائية المجمدة لفحص الرسالة، عملاً بأحكام قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 138 لسنة 1981 وقد قررت اللجنة بعد أخذ العينات اللازمة من الأسماك بأصنافها الثلاثة أنها محتفظة بدرجة تجميدها وبخواصها الطبيعية من حيث اللون والرائحة والقوام، ووافقت على نقل وتخزين الرسالة داخل وخارج ثلاجات بور سعيد تحت التحفظ الصحي والبيطري وعلى ألا يتم التصرف في الرسالة إلا بعد ثبوت صلاحيتها للاستهلاك الآدمي للعينات المأخوذة أثناء التفريغ، وكان من بين أعضاء اللجنة المذكورة ثلاثة أعضاء من الهيئة المدعى عليها وبتاريخ 23/ 11/ 1983 صدرت شهادة الإفراج الجمركي مؤشراً عليها بأنها عرضت على مندوب الهيئة المدعى عليها الذي أفاد بأنه لا مانع من نقل وتخزين الرسالة خارج وداخل بورسعيد مع عدم التصرف فيها ما دامت أنها تحت التحفظ الصحي وبتاريخ 10/ 12/ 1983 أخطر المدعي بكتاب مديرية الشئون الصحية ببور سعيد بأنه تقرر الإفراج الصحي عن الرسالة، كما أخطر بكتاب الإدارة المركزية للصحة الحيوانية قسم الحجر البيطري ببور سعيد بأن الرسالة صالحة للاستهلاك الآدمي وتعتبر أنها مفرج عنها وبتاريخ 15/ 12/ 1983 أخطر فرع الهيئة المدعى عليها ببور سعيد ثلاجة العالم العربي ببور سعيد بعدم التصرف في صنف الماكريل المجمد وبتاريخ 8/ 2/ 1984 تسلم المدعي إخطاراً من مراقبة الواردات ببور سعيد برفض مائة طن من السمك المجمد (الماكريل) وذلك لوجود سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية والفضلات المجاورة لها مما يؤدي إلى انبعاث رائحة كريهة مخالفاً بذلك القرار الوزاري الخاص بالمستورد من الأسماك المجمدة. وبتاريخ 5/ 3/ 1984 تظلم المدعي من منعه من التصرف في كمية الأسماك الماكريل وطلب الإفراج عن هذه الكمية وبتاريخ 22/ 3/ 1984 أخطر بقرار الهيئة بعدم الموافقة على استيرادها لأن العيوب الموجودة بها تؤثر على سلامتها وصلاحيتها - ونعى المدعي على هذا القرار مخالفة القانون وصدوره مشوباً بعيب غصب السلطة، بمقولة أن الهيئة المدعى عليها ليس لها اختصاص في فحص رسائل الأسماك المجمدة المستوردة أو أخذها لعينات منها وتقرير صلاحيتها للاستهلاك الآدمي لأن الاختصاص بذلك معقود للمعامل المركزية لوزارة الصحة ومعامل صحة الحيوان بوزارة الزراعة واللذان يصدر منهما قرار نهائي مشترك بنتيجة الفحص وأن اختصاص الهيئة المدعى عليها يقتصر على التأكد من الشروط والمواصفات الواجب توافرها في الأسماك المجمدة والمستوردة، وأنه ثبت من محضر اللجنة التي فحصت الأسماك، والتي مثلت فيها الهيئة المدعى عليها أن الأسماك محتفظة بدرجة تجمدها وبخواصها الطبيعية وصدر بذلك قرار وكيل الوزارة للشئون الوقائية بوزارة الصحة، بما يدحض ادعاء الهيئة بأن ثمة عيوباً موجودة في أسماك الماكريل، إذ لو كانت موجودة فعلاً لوجب على مندوب الهيئة إثباتها في محضر المعاينة، وبالتالي فإن ما أصاب العينة التي أخذها مندوب الهيئة تم أثناء نقلها وفحصها، وأنه لحقه ضرر مادي من القرار المطعون فيه يتمثل في زيادة فترة تخزين رسالة السمك بالثلاجة في الفترة من تاريخ رفض الرسالة في 23/ 12/ 1983 وحتى صدور حكم بإلغاء القرار المطعون فيه وتحمله مصاريف التخزين بما يساوي مبلغ 6259.680 جنيه، فضلاً عن الضرر الأدبي المتمثل في العدوان على ماله دون مسوغ مشروع وما لحقه من تشهير وعدم ثقة يؤثران على سمعته التجارية كتاجر للمواد الغذائية. وأجابت الهيئة المدعى عليها على الدعوى بأنها هي المختصة قانوناً بالتحقق من مدى مطابقة الأسماك المجمدة المستوردة للقرار الوزاري رقم 1203 لسنة 1975 وأن اللجنة التي قامت بفحص الرسالة أثبتت وجود بهتان في لون الخياشيم لبعض أسماك الماكريل وأن المدعي طلب من الهيئة إعادة فحص الصفقة وأعيد فحصها ورفضت لعدم مطابقتها للمواصفات إلا أنها وافقت على استثناء كمية من الماكريل المخزونة بثلاجة العالم العربي ببور سعيد وتم الإفراج عنها في 2/ 5/ 1984، أما الكمية الأخرى المخزونة بثلاجة بالمحلة الكبرى فقد قامت الهيئة بتتبعها بمالها من سلطة الضبطية القضائية فاستبان لها عدم وجودها، مما دل على تصرف المدعي فيها بالمخالفة للقانون، وتحرر عن ذلك محاضر بإثبات الحالة.
وبجلسة 11/ 2/ 1986 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين على أسباب محصلها استعراض أحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير والقرار الوزاري رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية له وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 128 لسنة 1981 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة من اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة وقرار وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي ووزير الدولة للصحة رقم 25 لسنة 1982 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة والمجمدة، ووقائع النزاع، طبقاً للثابت بأوراقه، وحسبما أورده المدعي في شرح دعواه، على النحو السابق بيانه، وخلصت إلى أنه لما كان المدعي قد أخطر بتاريخ 10/ 12/ 1983 بكتاب مديرية الشئون الصحية ببور سعيد بأن وكيل الوزارة للشئون الوقائية قد وافق على الإفراج الصحي عن رسالة الأسماك المجمدة ومن بينها أسماك الماكريل، وأن الإدارة المركزية للصحة الحيوانية - قسم الحجر البيطري ببور سعيد التابع لوزارة الزراعة - أخطرت المدعي أيضاً بأنه وردت نتيجة الفحص المعملي المشتركة للرسالة مشمول الشهادة الجمركية رقم 9090 وكانت نتيجة الفحص سلبية وصالحة للاستهلاك الآدمي وتقيد الرسالة مفرجاً عنها نهائياً، فإنه لا يحق للهيئة المدعى عليها بعد ذلك أن تقرر رفض الرسالة المذكورة استناداً إلى الأسباب التي أوضحتها من أنه يوجد سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية مما أدى إلى انبعاث رائحة كريهة، لأن المنوط به اتخاذ القرار النهائي في شأن قبول أو رفض هذه الرسالة هو وكيل وزارة الصحة للشئون الوقائية بعد ورود نتيجة الفحص المعملي، وأن المنوط به أخذ عينات الرسائل المستوردة من الأغذية المجمدة هو معمل وزارة الصحة ومعمل وزارة الزراعة، وذلك كله بعد الفحص الظاهري والإفراج المؤقت عن الرسالة، وهو ما تم فعلاً، إذ وافقت اللجنة التي اشترك فيها ثلاثة من مندوبي الهيئة المدعى عليها على الإفراج المؤقت عن الرسالة ونقلها وتخزينها لحين ورود نتائج التحليل المعملية، وقد وردت تلك النتائج بأن الرسالة سليمة وصالحة للاستهلاك الآدمي وتقيد مفرجاً عنها نهائياً، أي أن كافة الإجراءات الجوهرية المتطلبة قانوناً قد روعيت فعلاً وصدر قرار الإفراج عن الرسالة ممن يملك إصداره قانوناً، فلا يحق للهيئة المدعى عليها رفض نصف كمية السمك الماكريل، خاصة وأنها وافقت على الإفراج عن النصف الآخر للكمية، بعد مضي حوالي خمسة أشهر من تاريخ ورود الرسالة، وبعد ما أثارته الهيئة من عيوب في الرسالة، وهي إن صحت لا تجعل هذه الرسالة صالحة أبداً للاستهلاك الآدمي الأمر الذي يوضح مدى سلامة وصحة مسلك القرارات الوزارية المشار إليها في جعل أمر البت في رسائل الأغذية المجمدة والمستوردة منوط بالجهات الفنية المختصة، وأن قرار قبول هذه الرسائل أو رفضها يصدر من وزارة الصحة بحسبانها الأقدر على وزن وتقدير ما إذا كانت صالحة للاستهلاك الآدمي من عدمه بما لها من إمكانات فنية تطمئن معها إلى النتيجة التي تنتهي إليها وإذ صدر القرار المطعون فيه من الهيئة المدعى عليها برفض الرسالة، فإنه يكون غير قائم على سند صحيح من القانون ويتعين الإلغاء. وبالنسبة إلى طلب التعويض استند قضاء الحكم الطعين إلى توافر ركن الخطأ في جانب الهيئة المدعى عليها بإصدارها القرار المطعون فيه، وأن ضرراً مادياً أصاب المدعي من جراء تخزين حوالي 46 طناً من كمية السمك الماكريل التي تم تخزينها بثلاجة العالم العربي ببور سعيد ابتداءً من تاريخ إخطار الهيئة برفض الرسالة في 23/ 12/ 1983 حتى 2/ 5/ 1984 التاريخ الذي تسلم فيه المدعي من الهيئة المدعى عليها شهادة مطابقة الكمية المذكورة والإفراج عنها، وأن التعويض الجابر لهذا الضرر هو مبلغ أربعة آلاف جنيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ أن الاختصاص بفحص السلع معقود للهيئة الطاعنة، طبقاً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير ولائحته التنفيذية، وأن الحكم لم يفرق بين اختصاص الهيئة الطاعنة في هذا الشأن واختصاص وزارتي الصحة والزراعة، وأنه توجد أجهزة رقابية أخرى بخلاف الهيئة الطاعنة تقوم بفحص رسائل الأغذية المستوردة وفقاً للقوانين الصادرة في شأنها إلى جانب اختصاص الهيئة بفحص السلع الغذائية المستوردة حماية لجمهور المستهلكين من الغش التجاري والتأكد من مطابقتها لشروط استيرادها وللمواصفات التجارية المقررة والمتفق عليها دولياً، وأنه صدر قرارها برفض الرسالة بسبب عدم مطابقتها الشروط والمواصفات الفنية التي حددها القانون، لوجود سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية لبعض الأسماك، مما يؤثر على سلامتها أثناء التوزيع، مما يغدو معه القرار المطعون فيه قائماً على سبب صحيح من القانون وصادراً من مختص بإصداره.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة 1 من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير تنص على أنه "يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفي حدود الموازنة النقدية السارية...... وتنص المادة 9 من هذا القانون على أنه "تخضع السلع التي يحددها وزير التجارة للرقابة النوعية على الصادرات والواردات "وتنص المادة/ 11 من ذات القانون على أنه: "لا يجوز استيراد السلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة أو كانت مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط والمواصفات "وتنص المادة 13 من القانون المشار إليه على أنه "تحدد بقرار من وزير التجارة إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة والأوضاع الخاصة بالتظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة المنصوص عليها في المادتين 9 و10 "وتنص المادة 20 من هذا القانون على أنه "على وزير التجارة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون".
ومن حيث إن مفاد المواد المشار إليها، أن المشرع أجاز بالقانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير للقطاعين العام والخاص استيراد احتياجات البلاد السلعية، وأناط بوزير التجارة سلطة واختصاص تحديد السلع التي تخضع للرقابة النوعية على الصادرات والواردات، وحظر استيراد هذه السلع إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة، ما لم تكن مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط والمواصفات، كما أناط هذا القانون بوزير التجارة السلطة والاختصاص في إصدار قرار بتحديد إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة والأوضاع الخاصة بالتظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة المنصوص عليها في المادتين 9 و10 من هذا القانون.
ومن حيث إنه قد صدر قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير المشار إليه ثم صدر قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975 ونص في مادته 81 على إلغاء القرار الوزاري رقم 1336 لسنة 1975 وتعديلاته وكل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكامه، كما نصت المادة 82 منه على أن "ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به اعتباراً من 1/ 10/ 1978" وقد نشر القرار بالوقائع المصرية في أول أكتوبر سنة 1978 العدد 225 تابع.
ومن حيث إن المادة 71 من هذا القرار تنص على أنه "تقوم فروع الهيئة للرقابة على الصادرات والواردات التي يصدر بتحديدها قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة بفحص الصادرات والواردات للسلع الواردة بالكشفين المرفقين رقمي (10) و(11) وفقاً للقواعد والإجراءات الواردة بالمواد التالية." وقد وردت الأسماك المجمدة في الكشف رقم (11) الخاص بالسلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات تحت رقم (31) من هذا الكشف وتنص المادة (74) من هذا القرار على أنه "إما بالنسبة للسلع المستوردة يقوم الفرع بتشكيل لجنة لاختيار عينة من عبوات الرسالة بطريقة عشوائية بحيث تمثل الرسالة ما أمكن - في حدود 1% من عدد العبوات تؤخذ منها عينة عشوائية في حدود 2% من محتويات العبوات المختارة للتحقق من مطابقة الرسالة للشروط والمواصفات المقررة ومن مطابقة الرسالة للشهادة المعتمدة من السلطات المصرية بالخارج التي تثبت توافر الشروط والمواصفات ولا يجوز رفض الرسالة لعدم مطابقتها للشروط والمواصفات المقررة أو الشهادة المعتمدة إلا بعد زيادة النسب السابقة إلى الضعف ومن عبوات لم يسبق أخذ عينات منها ويوضع على كل طرد يتم فحصه ما يدل على ذلك.......".
وتقضي المادة 75 من القرار المذكور بأنه: "أما بالنسبة للسلع المستوردة فإذا اتضح من الفحص أن الرسالة مطابقة للشروط والمواصفات المقررة ومقبولة صحياً يصدر فرع الهيئة لصاحبها شهادة بالمطابقة والموافقة على الإفراج عنها من الجمارك أما إذا رفضت الرسالة صحياً فقرار وزارة الصحة نهائي يجب أي قرار آخر ولا يفرج عن الرسالة ويعطي المستورد إخطاراً برفض الرسالة لرفضها صحياً، أما إذا قبلت الرسالة صحياً ورفضت من قبل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات فيكون للمستورد في خلال 48 ساعة الحق في التظلم وطلب الاستثناء. وفي حالة عدم قبول التظلم أو الاستثناء فيجوز له التقدم بطلب لفرز الرسالة وإذا رفضت الرسالة بعد الفرز فيكون من حق المستورد التقدم في خلال 48 ساعة بالتظلم وطلب الاستثناء ثانية. ولا يجوز له طلب الفرز إلا مرة واحدة فقط. أما إذا رفضت الرسالة صحياً ثم أعادت وزارة الصحة فحصها وقبلتها فيقبل في هذه الحالة فحصها من قبل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بناء على طلب المستورد مع تطبيق باقي الخطوات السابقة، وتعتبر خطوات الفرز ثم التظلم أو طلب الاستثناء آخر التيسيرات التي يمكن منحها للمستورد....... وبينت المادة 76 من القرار المشار إليه كيفية تشكيل لجنة فحص التظلم وإجراءات نظره والبت فيه، ونصت في فقرتها الرابعة على أنه: "وإلى أن يصدر قرار اللجنة في شأن التظلم تحفظ الرسالة المرفوضة على مسئولية صاحبها في المكان الذي فحصت فيه أو في أي مكان آخر يرى فرع الهيئة المختص نقلها له".
ومن حيث إن المواد السابقة واضحة وصريحة وقاطعة في ولاية واختصاص الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في بسط رقابتها على الواردات المبينة بالكشف رقم (11) الخاص بالسلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات ومنها الأسماك المجمدة" والتي وردت تحت رقم 31 من هذا الكشف كما نصت صراحة على أن قرار وزارة الصحة برفض الرسالة يعتبر نهائياً وملزماً للهيئة وللمستورد، ويتعين بناء عليه رفض الرسالة ومن ثم فإن قرار وزارة الصحة بقبول الرسالة صحياً لا يحول دون الهيئة الطاعنة وبسط رقابتها على تلك الواردات للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات السلعية المقررة، أو الشهادة المعتمدة من السلطات المصرية بالخارج التي تثبت توافر هذه الشروط والمواصفات، ومن الجلي أن لكل من الجهتين اختصاصه والغايات المتخصصة من الصالح العام الذي تستهدفه فوزارة الصحة غايتها تحديد صلاحية الرسالة وعدم تعريضها حياة أو صحة المواطنين لأي خطر أو ضرر بينما غايات ومسئوليات الهيئة الطاعنة حماية جمهور المستهلكين من الغش والتلاعب التجاريين وذلك حتى لا يتم بيع سلع أو أطعمه لا تطابق الشروط والمواصفات المقررة، وذلك فضلاً عن حماية الشعب من تناول سلع وأطعمه غير صالحة للاستهلاك الآدمي توفيراً للحماية المتخصصة في هذا المجال بواسطة الهيئة الطاعنة وأجهزتها بما يحقق حماية الجمهور من الاستغلال وذلك مع الحرص في ذات الوقت على مصلحة المستورد في أن تفحص رسالته فحصاً جدياً وموضوعياً مع إتاحة الفرصة أمامه للتظلم من قرار رفض الرسالة وجواز طلب المستورد الاستثناء والفرز، حسبما نظمته تلك المواد كما سلف البيان.
ومن حيث إنه لا يغير من صحة ما سبق بيانه ما نص عليه قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 128 لسنة 1981 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة من اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة، في مادته الأولى من أن: تقوم وزارة التموين والجهات التابعة لها بإخطار كل من وزارتي الصحة والزراعة وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات مسبقاً بموعد وصول رسائل اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة مع تحديد ميناء الوصول وذلك قبل الموعد المحدد للوصول بوقت كاف والذي يقضي في مادته الرابعة بأن: تخطر وزارة الصحة الجهات المختصة بالقرار الذي يتخذ بشأن الرسالة بعد انتهاء كل من الفحص الظاهري ومراجعة المستندات المرفقة وإعداد التقرير المشترك بنتائج جميع الفحوص المعملية ويعتبر هذا القرار نهائياً بشأن الرسالة فلهذا القرار موضوعه وغايته ومجاله دون تعارض مع نظام وإجراءات الرقابة على الواردات الذي نظمه القرار الوزاري رقم 1306 لسنة 78 الصادر من وزير التجارة والذي نظم هذه الرقابة التي تمارسها الهيئة الطاعنة إذ أنه ليس من سلطة مصدر هذا القرار إلغاء أو تعديل بعض أحكام قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 78 المشار إليه من ناحية ولم يرد به فعلاً أي تعديل لهذه الأحكام، ومن ناحية أخرى فإن هذا القرار، بصريح عبارة نص المادة الأولى منه، إنما يخاطب بأحكامه وزارة التموين والجهات التابعة لها، دون مستوردي القطاع الخاص المخاطبين بأحكام قرار وزير التجارة رقم 1306 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975، السابق بيانها، كما أنهم مخاطبون بأحكام أية قرارات أخرى تتعلق بالرقابة على السلع الغذائية المستوردة، سواءً كانت صادرة من وزير التجارة أم من غيره إعمالاً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 المشار إليه، أو أي قانون آخر يخول هذا الوزير أو غيره سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه.
ولما كانت مطابقة المواصفات والشروط الخاصة بالسلع والأطعمة المستوردة لا تستهدف فقط مجرد حماية حياة وصحة المواطنين وإنما جودة السلع أو الأطعمة على المستوى الذي حددته هذه المواصفات والشروط بما لا يسمح بانتقاء جانب من منفعتها أو صلاحيتها للغرض المستوردة من أجله على المستوى المطلوب وبما لا يسمح باستغلال الشعب وغشه وتضليله في هذه المواصفات وبصرف النظر عن مدى أضرار بعضها بالصحة العامة الذي تتولى رقابته أساساً وزارة الصحة الأمر الذي يغدو معه قرار الهيئة الطاعنة برفض جزء من كمية الأسماك الماكريل لاحتوائها على سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة ووجود تهتك بالأحشاء الداخلية وانبعاث رائحة كريهة منها صادراً من مختص بإصداره على سند صحيح مع أحكام القانون الأمر الذي تنهار معه من أساسها منازعة المطعون ضده في مشروعية هذا القرار، إلغاء وتعويضاً، وتكون دعواه خليقة بالرفض ويجب من ثم إلزامه بالمصروفات وإذ ذهب الحكم الطعين إلى خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، عملاً بنص المادة (184) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.