الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 يونيو 2023

الطعن 1649 لسنة 32 ق جلسة 1 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 140 ص 1359

جلسة الأول من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(140)

الطعن رقم 1649 لسنة 32 القضائية

( أ ) استيراد وتصدير - الرقابة على الواردات - إجراءاتها.
القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير.
أجاز المشرع للقطاعين العام والخاص استيراد احتياجات البلاد السلعية - أناط بوزير التجارة سلطة تحديد السلع التي تخضع للرقابة النوعية على الصادرات والواردات - حظر المشرع استيراد السلع إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يحددها وزير التجارة - لا وجه لهذا الإجراء متى كانت السلعة مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط - وزير التجارة هو المختص بتحديد إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة وإجراءات التظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة - تطبيق.
(ب) هيئات عامة - الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات - اختصاصاتها.
قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 118 لسنة 1975 - قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير.

---------------
الهيئة العامة للرقابة على الصادرات الواردات هي صاحبة الاختصاص في الرقابة على الواردات المبينة بالكشف رقم 11 الخاص بالسلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات ومنها الأسماك المجمدة - قرار وزير الصحة برفض الرسالة يعتبر نهائياً وملزماً للهيئة والمستورد - قرار وزير الصحة بقبول الرسالة صحياً لا يحول دون رقابة الهيئة عليها للتحقق من مطابقتها للشروط والمواصفات السلعية المقررة - لكل من الجهتين اختصاصه والغايات التي تستهدفها في إطار الصالح العام - رقابة وزارة الصحة تستهدف تحديد صلاحية الرسالة وعدم تعريض حياة المواطنين للخطر - رقابة الهيئة المذكورة تستهدف حماية المستهلكين من الغش التجاري - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9 من إبريل سنة 1986 أودع الأستاذ/ حسين صالح حسن المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1649/ 32 ق. عليا ضد السيد/ ...... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 11/ 2/ 1986 في الدعوى رقم 3686/ 38 ق. التي كانت مقامة من المطعون ضده، ضد الطاعن والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي تعويضاً قدره أربعة آلاف جنيه وألزمتها المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأودع الأستاذ المستشار/ محمد عزت السيد إبراهيم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة، ارتأى فيه - لأسبابه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة حيث حددت لنظره أمامها جلسة 2/ 2/ 1991، وتداولت المحكمة نظر الطعن واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 6/ 4/ 1991، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/ 5/ 1991 ثم لجلسة اليوم 1/ 6/ 1991 لإتمام المداولة، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة لنظره.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها تتحصل في أنه بتاريخ 18/ 4/ 1984 أقام السيد/ ....... (المطعون ضده) الدعوى رقم 3686/ 38 ق. أمام محكم القضاء الإداري، ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وطلب في ختامه صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من الهيئة المدعى عليها برفض كمية من السمك المجمد من صنف الماكريل مقدارها 100 طن ضمن رسالة أسماك مجمدة، واردة له على الباخرة مارد، مشمول الشهادة الجمركية رقم 9090 جمرك بور سعيد وعدم الموافقة على استيرادها ومنعه من التصرف فيها، وما يترتب على ذلك من آثار وتعويضه بمبلغ 8259.680 جنيه جبراً لما لحقه من أضرار نتيجة القرار المطعون فيه، وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وقال في بيان دعواه أنه استورد رسالة أسماك مجمدة من أسبانيا (سردين - ماكريل - بيلا) وصلت ميناء بور سعيد في 21/ 11/ 1983 وفي ذات التاريخ اجتمعت لجنة فحص المواد الغذائية المجمدة لفحص الرسالة، عملاً بأحكام قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 138 لسنة 1981 وقد قررت اللجنة بعد أخذ العينات اللازمة من الأسماك بأصنافها الثلاثة أنها محتفظة بدرجة تجميدها وبخواصها الطبيعية من حيث اللون والرائحة والقوام، ووافقت على نقل وتخزين الرسالة داخل وخارج ثلاجات بور سعيد تحت التحفظ الصحي والبيطري وعلى ألا يتم التصرف في الرسالة إلا بعد ثبوت صلاحيتها للاستهلاك الآدمي للعينات المأخوذة أثناء التفريغ، وكان من بين أعضاء اللجنة المذكورة ثلاثة أعضاء من الهيئة المدعى عليها وبتاريخ 23/ 11/ 1983 صدرت شهادة الإفراج الجمركي مؤشراً عليها بأنها عرضت على مندوب الهيئة المدعى عليها الذي أفاد بأنه لا مانع من نقل وتخزين الرسالة خارج وداخل بورسعيد مع عدم التصرف فيها ما دامت أنها تحت التحفظ الصحي وبتاريخ 10/ 12/ 1983 أخطر المدعي بكتاب مديرية الشئون الصحية ببور سعيد بأنه تقرر الإفراج الصحي عن الرسالة، كما أخطر بكتاب الإدارة المركزية للصحة الحيوانية قسم الحجر البيطري ببور سعيد بأن الرسالة صالحة للاستهلاك الآدمي وتعتبر أنها مفرج عنها وبتاريخ 15/ 12/ 1983 أخطر فرع الهيئة المدعى عليها ببور سعيد ثلاجة العالم العربي ببور سعيد بعدم التصرف في صنف الماكريل المجمد وبتاريخ 8/ 2/ 1984 تسلم المدعي إخطاراً من مراقبة الواردات ببور سعيد برفض مائة طن من السمك المجمد (الماكريل) وذلك لوجود سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية والفضلات المجاورة لها مما يؤدي إلى انبعاث رائحة كريهة مخالفاً بذلك القرار الوزاري الخاص بالمستورد من الأسماك المجمدة. وبتاريخ 5/ 3/ 1984 تظلم المدعي من منعه من التصرف في كمية الأسماك الماكريل وطلب الإفراج عن هذه الكمية وبتاريخ 22/ 3/ 1984 أخطر بقرار الهيئة بعدم الموافقة على استيرادها لأن العيوب الموجودة بها تؤثر على سلامتها وصلاحيتها - ونعى المدعي على هذا القرار مخالفة القانون وصدوره مشوباً بعيب غصب السلطة، بمقولة أن الهيئة المدعى عليها ليس لها اختصاص في فحص رسائل الأسماك المجمدة المستوردة أو أخذها لعينات منها وتقرير صلاحيتها للاستهلاك الآدمي لأن الاختصاص بذلك معقود للمعامل المركزية لوزارة الصحة ومعامل صحة الحيوان بوزارة الزراعة واللذان يصدر منهما قرار نهائي مشترك بنتيجة الفحص وأن اختصاص الهيئة المدعى عليها يقتصر على التأكد من الشروط والمواصفات الواجب توافرها في الأسماك المجمدة والمستوردة، وأنه ثبت من محضر اللجنة التي فحصت الأسماك، والتي مثلت فيها الهيئة المدعى عليها أن الأسماك محتفظة بدرجة تجمدها وبخواصها الطبيعية وصدر بذلك قرار وكيل الوزارة للشئون الوقائية بوزارة الصحة، بما يدحض ادعاء الهيئة بأن ثمة عيوباً موجودة في أسماك الماكريل، إذ لو كانت موجودة فعلاً لوجب على مندوب الهيئة إثباتها في محضر المعاينة، وبالتالي فإن ما أصاب العينة التي أخذها مندوب الهيئة تم أثناء نقلها وفحصها، وأنه لحقه ضرر مادي من القرار المطعون فيه يتمثل في زيادة فترة تخزين رسالة السمك بالثلاجة في الفترة من تاريخ رفض الرسالة في 23/ 12/ 1983 وحتى صدور حكم بإلغاء القرار المطعون فيه وتحمله مصاريف التخزين بما يساوي مبلغ 6259.680 جنيه، فضلاً عن الضرر الأدبي المتمثل في العدوان على ماله دون مسوغ مشروع وما لحقه من تشهير وعدم ثقة يؤثران على سمعته التجارية كتاجر للمواد الغذائية. وأجابت الهيئة المدعى عليها على الدعوى بأنها هي المختصة قانوناً بالتحقق من مدى مطابقة الأسماك المجمدة المستوردة للقرار الوزاري رقم 1203 لسنة 1975 وأن اللجنة التي قامت بفحص الرسالة أثبتت وجود بهتان في لون الخياشيم لبعض أسماك الماكريل وأن المدعي طلب من الهيئة إعادة فحص الصفقة وأعيد فحصها ورفضت لعدم مطابقتها للمواصفات إلا أنها وافقت على استثناء كمية من الماكريل المخزونة بثلاجة العالم العربي ببور سعيد وتم الإفراج عنها في 2/ 5/ 1984، أما الكمية الأخرى المخزونة بثلاجة بالمحلة الكبرى فقد قامت الهيئة بتتبعها بمالها من سلطة الضبطية القضائية فاستبان لها عدم وجودها، مما دل على تصرف المدعي فيها بالمخالفة للقانون، وتحرر عن ذلك محاضر بإثبات الحالة.
وبجلسة 11/ 2/ 1986 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين على أسباب محصلها استعراض أحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير والقرار الوزاري رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية له وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 128 لسنة 1981 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة من اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة وقرار وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي ووزير الدولة للصحة رقم 25 لسنة 1982 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة والمجمدة، ووقائع النزاع، طبقاً للثابت بأوراقه، وحسبما أورده المدعي في شرح دعواه، على النحو السابق بيانه، وخلصت إلى أنه لما كان المدعي قد أخطر بتاريخ 10/ 12/ 1983 بكتاب مديرية الشئون الصحية ببور سعيد بأن وكيل الوزارة للشئون الوقائية قد وافق على الإفراج الصحي عن رسالة الأسماك المجمدة ومن بينها أسماك الماكريل، وأن الإدارة المركزية للصحة الحيوانية - قسم الحجر البيطري ببور سعيد التابع لوزارة الزراعة - أخطرت المدعي أيضاً بأنه وردت نتيجة الفحص المعملي المشتركة للرسالة مشمول الشهادة الجمركية رقم 9090 وكانت نتيجة الفحص سلبية وصالحة للاستهلاك الآدمي وتقيد الرسالة مفرجاً عنها نهائياً، فإنه لا يحق للهيئة المدعى عليها بعد ذلك أن تقرر رفض الرسالة المذكورة استناداً إلى الأسباب التي أوضحتها من أنه يوجد سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية مما أدى إلى انبعاث رائحة كريهة، لأن المنوط به اتخاذ القرار النهائي في شأن قبول أو رفض هذه الرسالة هو وكيل وزارة الصحة للشئون الوقائية بعد ورود نتيجة الفحص المعملي، وأن المنوط به أخذ عينات الرسائل المستوردة من الأغذية المجمدة هو معمل وزارة الصحة ومعمل وزارة الزراعة، وذلك كله بعد الفحص الظاهري والإفراج المؤقت عن الرسالة، وهو ما تم فعلاً، إذ وافقت اللجنة التي اشترك فيها ثلاثة من مندوبي الهيئة المدعى عليها على الإفراج المؤقت عن الرسالة ونقلها وتخزينها لحين ورود نتائج التحليل المعملية، وقد وردت تلك النتائج بأن الرسالة سليمة وصالحة للاستهلاك الآدمي وتقيد مفرجاً عنها نهائياً، أي أن كافة الإجراءات الجوهرية المتطلبة قانوناً قد روعيت فعلاً وصدر قرار الإفراج عن الرسالة ممن يملك إصداره قانوناً، فلا يحق للهيئة المدعى عليها رفض نصف كمية السمك الماكريل، خاصة وأنها وافقت على الإفراج عن النصف الآخر للكمية، بعد مضي حوالي خمسة أشهر من تاريخ ورود الرسالة، وبعد ما أثارته الهيئة من عيوب في الرسالة، وهي إن صحت لا تجعل هذه الرسالة صالحة أبداً للاستهلاك الآدمي الأمر الذي يوضح مدى سلامة وصحة مسلك القرارات الوزارية المشار إليها في جعل أمر البت في رسائل الأغذية المجمدة والمستوردة منوط بالجهات الفنية المختصة، وأن قرار قبول هذه الرسائل أو رفضها يصدر من وزارة الصحة بحسبانها الأقدر على وزن وتقدير ما إذا كانت صالحة للاستهلاك الآدمي من عدمه بما لها من إمكانات فنية تطمئن معها إلى النتيجة التي تنتهي إليها وإذ صدر القرار المطعون فيه من الهيئة المدعى عليها برفض الرسالة، فإنه يكون غير قائم على سند صحيح من القانون ويتعين الإلغاء. وبالنسبة إلى طلب التعويض استند قضاء الحكم الطعين إلى توافر ركن الخطأ في جانب الهيئة المدعى عليها بإصدارها القرار المطعون فيه، وأن ضرراً مادياً أصاب المدعي من جراء تخزين حوالي 46 طناً من كمية السمك الماكريل التي تم تخزينها بثلاجة العالم العربي ببور سعيد ابتداءً من تاريخ إخطار الهيئة برفض الرسالة في 23/ 12/ 1983 حتى 2/ 5/ 1984 التاريخ الذي تسلم فيه المدعي من الهيئة المدعى عليها شهادة مطابقة الكمية المذكورة والإفراج عنها، وأن التعويض الجابر لهذا الضرر هو مبلغ أربعة آلاف جنيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ أن الاختصاص بفحص السلع معقود للهيئة الطاعنة، طبقاً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير ولائحته التنفيذية، وأن الحكم لم يفرق بين اختصاص الهيئة الطاعنة في هذا الشأن واختصاص وزارتي الصحة والزراعة، وأنه توجد أجهزة رقابية أخرى بخلاف الهيئة الطاعنة تقوم بفحص رسائل الأغذية المستوردة وفقاً للقوانين الصادرة في شأنها إلى جانب اختصاص الهيئة بفحص السلع الغذائية المستوردة حماية لجمهور المستهلكين من الغش التجاري والتأكد من مطابقتها لشروط استيرادها وللمواصفات التجارية المقررة والمتفق عليها دولياً، وأنه صدر قرارها برفض الرسالة بسبب عدم مطابقتها الشروط والمواصفات الفنية التي حددها القانون، لوجود سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية لبعض الأسماك، مما يؤثر على سلامتها أثناء التوزيع، مما يغدو معه القرار المطعون فيه قائماً على سبب صحيح من القانون وصادراً من مختص بإصداره.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة 1 من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير تنص على أنه "يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفي حدود الموازنة النقدية السارية...... وتنص المادة 9 من هذا القانون على أنه "تخضع السلع التي يحددها وزير التجارة للرقابة النوعية على الصادرات والواردات "وتنص المادة/ 11 من ذات القانون على أنه: "لا يجوز استيراد السلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة أو كانت مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط والمواصفات "وتنص المادة 13 من القانون المشار إليه على أنه "تحدد بقرار من وزير التجارة إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة والأوضاع الخاصة بالتظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة المنصوص عليها في المادتين 9 و10 "وتنص المادة 20 من هذا القانون على أنه "على وزير التجارة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون".
ومن حيث إن مفاد المواد المشار إليها، أن المشرع أجاز بالقانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير للقطاعين العام والخاص استيراد احتياجات البلاد السلعية، وأناط بوزير التجارة سلطة واختصاص تحديد السلع التي تخضع للرقابة النوعية على الصادرات والواردات، وحظر استيراد هذه السلع إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة، ما لم تكن مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط والمواصفات، كما أناط هذا القانون بوزير التجارة السلطة والاختصاص في إصدار قرار بتحديد إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة والأوضاع الخاصة بالتظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة المنصوص عليها في المادتين 9 و10 من هذا القانون.
ومن حيث إنه قد صدر قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير المشار إليه ثم صدر قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975 ونص في مادته 81 على إلغاء القرار الوزاري رقم 1336 لسنة 1975 وتعديلاته وكل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكامه، كما نصت المادة 82 منه على أن "ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به اعتباراً من 1/ 10/ 1978" وقد نشر القرار بالوقائع المصرية في أول أكتوبر سنة 1978 العدد 225 تابع.
ومن حيث إن المادة 71 من هذا القرار تنص على أنه "تقوم فروع الهيئة للرقابة على الصادرات والواردات التي يصدر بتحديدها قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة بفحص الصادرات والواردات للسلع الواردة بالكشفين المرفقين رقمي (10) و(11) وفقاً للقواعد والإجراءات الواردة بالمواد التالية." وقد وردت الأسماك المجمدة في الكشف رقم (11) الخاص بالسلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات تحت رقم (31) من هذا الكشف وتنص المادة (74) من هذا القرار على أنه "إما بالنسبة للسلع المستوردة يقوم الفرع بتشكيل لجنة لاختيار عينة من عبوات الرسالة بطريقة عشوائية بحيث تمثل الرسالة ما أمكن - في حدود 1% من عدد العبوات تؤخذ منها عينة عشوائية في حدود 2% من محتويات العبوات المختارة للتحقق من مطابقة الرسالة للشروط والمواصفات المقررة ومن مطابقة الرسالة للشهادة المعتمدة من السلطات المصرية بالخارج التي تثبت توافر الشروط والمواصفات ولا يجوز رفض الرسالة لعدم مطابقتها للشروط والمواصفات المقررة أو الشهادة المعتمدة إلا بعد زيادة النسب السابقة إلى الضعف ومن عبوات لم يسبق أخذ عينات منها ويوضع على كل طرد يتم فحصه ما يدل على ذلك.......".
وتقضي المادة 75 من القرار المذكور بأنه: "أما بالنسبة للسلع المستوردة فإذا اتضح من الفحص أن الرسالة مطابقة للشروط والمواصفات المقررة ومقبولة صحياً يصدر فرع الهيئة لصاحبها شهادة بالمطابقة والموافقة على الإفراج عنها من الجمارك أما إذا رفضت الرسالة صحياً فقرار وزارة الصحة نهائي يجب أي قرار آخر ولا يفرج عن الرسالة ويعطي المستورد إخطاراً برفض الرسالة لرفضها صحياً، أما إذا قبلت الرسالة صحياً ورفضت من قبل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات فيكون للمستورد في خلال 48 ساعة الحق في التظلم وطلب الاستثناء. وفي حالة عدم قبول التظلم أو الاستثناء فيجوز له التقدم بطلب لفرز الرسالة وإذا رفضت الرسالة بعد الفرز فيكون من حق المستورد التقدم في خلال 48 ساعة بالتظلم وطلب الاستثناء ثانية. ولا يجوز له طلب الفرز إلا مرة واحدة فقط. أما إذا رفضت الرسالة صحياً ثم أعادت وزارة الصحة فحصها وقبلتها فيقبل في هذه الحالة فحصها من قبل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بناء على طلب المستورد مع تطبيق باقي الخطوات السابقة، وتعتبر خطوات الفرز ثم التظلم أو طلب الاستثناء آخر التيسيرات التي يمكن منحها للمستورد....... وبينت المادة 76 من القرار المشار إليه كيفية تشكيل لجنة فحص التظلم وإجراءات نظره والبت فيه، ونصت في فقرتها الرابعة على أنه: "وإلى أن يصدر قرار اللجنة في شأن التظلم تحفظ الرسالة المرفوضة على مسئولية صاحبها في المكان الذي فحصت فيه أو في أي مكان آخر يرى فرع الهيئة المختص نقلها له".
ومن حيث إن المواد السابقة واضحة وصريحة وقاطعة في ولاية واختصاص الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في بسط رقابتها على الواردات المبينة بالكشف رقم (11) الخاص بالسلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات ومنها الأسماك المجمدة" والتي وردت تحت رقم 31 من هذا الكشف كما نصت صراحة على أن قرار وزارة الصحة برفض الرسالة يعتبر نهائياً وملزماً للهيئة وللمستورد، ويتعين بناء عليه رفض الرسالة ومن ثم فإن قرار وزارة الصحة بقبول الرسالة صحياً لا يحول دون الهيئة الطاعنة وبسط رقابتها على تلك الواردات للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات السلعية المقررة، أو الشهادة المعتمدة من السلطات المصرية بالخارج التي تثبت توافر هذه الشروط والمواصفات، ومن الجلي أن لكل من الجهتين اختصاصه والغايات المتخصصة من الصالح العام الذي تستهدفه فوزارة الصحة غايتها تحديد صلاحية الرسالة وعدم تعريضها حياة أو صحة المواطنين لأي خطر أو ضرر بينما غايات ومسئوليات الهيئة الطاعنة حماية جمهور المستهلكين من الغش والتلاعب التجاريين وذلك حتى لا يتم بيع سلع أو أطعمه لا تطابق الشروط والمواصفات المقررة، وذلك فضلاً عن حماية الشعب من تناول سلع وأطعمه غير صالحة للاستهلاك الآدمي توفيراً للحماية المتخصصة في هذا المجال بواسطة الهيئة الطاعنة وأجهزتها بما يحقق حماية الجمهور من الاستغلال وذلك مع الحرص في ذات الوقت على مصلحة المستورد في أن تفحص رسالته فحصاً جدياً وموضوعياً مع إتاحة الفرصة أمامه للتظلم من قرار رفض الرسالة وجواز طلب المستورد الاستثناء والفرز، حسبما نظمته تلك المواد كما سلف البيان.
ومن حيث إنه لا يغير من صحة ما سبق بيانه ما نص عليه قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 128 لسنة 1981 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة من اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة، في مادته الأولى من أن: تقوم وزارة التموين والجهات التابعة لها بإخطار كل من وزارتي الصحة والزراعة وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات مسبقاً بموعد وصول رسائل اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة مع تحديد ميناء الوصول وذلك قبل الموعد المحدد للوصول بوقت كاف والذي يقضي في مادته الرابعة بأن: تخطر وزارة الصحة الجهات المختصة بالقرار الذي يتخذ بشأن الرسالة بعد انتهاء كل من الفحص الظاهري ومراجعة المستندات المرفقة وإعداد التقرير المشترك بنتائج جميع الفحوص المعملية ويعتبر هذا القرار نهائياً بشأن الرسالة فلهذا القرار موضوعه وغايته ومجاله دون تعارض مع نظام وإجراءات الرقابة على الواردات الذي نظمه القرار الوزاري رقم 1306 لسنة 78 الصادر من وزير التجارة والذي نظم هذه الرقابة التي تمارسها الهيئة الطاعنة إذ أنه ليس من سلطة مصدر هذا القرار إلغاء أو تعديل بعض أحكام قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 78 المشار إليه من ناحية ولم يرد به فعلاً أي تعديل لهذه الأحكام، ومن ناحية أخرى فإن هذا القرار، بصريح عبارة نص المادة الأولى منه، إنما يخاطب بأحكامه وزارة التموين والجهات التابعة لها، دون مستوردي القطاع الخاص المخاطبين بأحكام قرار وزير التجارة رقم 1306 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975، السابق بيانها، كما أنهم مخاطبون بأحكام أية قرارات أخرى تتعلق بالرقابة على السلع الغذائية المستوردة، سواءً كانت صادرة من وزير التجارة أم من غيره إعمالاً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 المشار إليه، أو أي قانون آخر يخول هذا الوزير أو غيره سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه.
ولما كانت مطابقة المواصفات والشروط الخاصة بالسلع والأطعمة المستوردة لا تستهدف فقط مجرد حماية حياة وصحة المواطنين وإنما جودة السلع أو الأطعمة على المستوى الذي حددته هذه المواصفات والشروط بما لا يسمح بانتقاء جانب من منفعتها أو صلاحيتها للغرض المستوردة من أجله على المستوى المطلوب وبما لا يسمح باستغلال الشعب وغشه وتضليله في هذه المواصفات وبصرف النظر عن مدى أضرار بعضها بالصحة العامة الذي تتولى رقابته أساساً وزارة الصحة الأمر الذي يغدو معه قرار الهيئة الطاعنة برفض جزء من كمية الأسماك الماكريل لاحتوائها على سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة ووجود تهتك بالأحشاء الداخلية وانبعاث رائحة كريهة منها صادراً من مختص بإصداره على سند صحيح مع أحكام القانون الأمر الذي تنهار معه من أساسها منازعة المطعون ضده في مشروعية هذا القرار، إلغاء وتعويضاً، وتكون دعواه خليقة بالرفض ويجب من ثم إلزامه بالمصروفات وإذ ذهب الحكم الطعين إلى خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، عملاً بنص المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 270 لسنة 36 ق جلسة 19 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 14 ص 71

جلسة 19 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

-----------------

(14)
الطعن رقم 270 لسنة 36 القضائية

(أ) أهلية. "تصرف المجنون أو المعتوه". عقد. "إبطال العقد" بطلان. "بطلان التصرفات".
التفرقة بين تصرفات المجنون أو المعتوه في الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له. قرار الحجر قرينة على انعدام أهلية المجنون أو المعتوه. تسجيل ذلك القرار قرينة على علم الغير بذلك. عدم صدور قرار بتوقيع الحجر على المجنون أو المعتوه لا يعني بذاته أن تصرفاته صحيحة. ثبوت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته للتمييز لحظة إبرام التصرف. كاف لإبطاله ولو كان صادراً قبل توقيع الحجر وتسجيل قراره.
(ب) محكمة الموضوع. "تقدير حالة العته". نقض "أسباب الطعن". "مسائل الواقع". أهلية.
تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى. لا معقب من محكمة النقض على القاضي في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً.
(ج) أهلية "عوارض الأهلية". "العته". حكم. "عيوب التدليل" "فساد الاستدلال". "ما لا يعد كذلك". إثبات.
التزام مديري المستشفيات والمصحات والأطباء المعالجين بإبلاغ النيابة العامة عن حالات فقد الأهلية الناشئة عن عاهة عقلية وفقاً للقانون. إجراء تنظيمي واجب الإتباع قبل توقيع الحجر. يترتب على مخالفته جزاء جنائي. وليس من شأنه التزام طريق معين لإثبات حالة العته. اعتماد الحكم في إثبات حالة العته على شهادة طبية وما قرره الشهود دون اعتداد بعدم حصول التبليغ المشار إليه. لا فساد.
(د) حكم "حجية الحكم". "التناقض". أهلية.
إحالة الحكم المطعون فيه إلى حكم الإحالة إلى التحقيق في صدد بيان وقائع الدعوى وحدها. عدم اشتمال الحكم المحال إليه على قضاء قطعي له حجية في أي شق من النزاع. أو مناقشة لأدلة الدعوى ومدى كفايتها في الإثبات. استناد الحكم المطعون فيه - من بعد - إلى الأدلة المقدمة أمام محكمة أول درجة. لا تناقض.
(هـ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. أهلية. "عوارض الأهلية". "العته".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل من كافة أوراق الدعوى. لا تثريب عليها إن هي استعانت في شأن التدليل على قيام حالة العته وقت صدور التصرف بأقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته في شأن صدور التصرف حال مرض موت البائعة.
(و) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب يخالطها واقع". أهلية.
السبب القائم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال في أهلية.

----------------
1 - إنه وإن كانت المادة 114 من القانون المدني قد واجهت حالة الحجر وصدور قرار به، وفرقت بين الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له، وأقامت من قرار الحجر قرينة قانونية على انعدام أهلية المجنون أو المعتوه. ومن تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير بذلك، إلا أنه ليس معنى ذلك أن المجنون أو المعتوه الذي لم يصدر قرار بتوقيع الحجر عليه لسبب لآخر تعتبر تصرفاته صحيحة، إذ الأصل أنه يجب أن يصدر التصرف عن إرادة سليمة، وإلا انهار ركن من أركان التصرف بما يمكن معه الطعن عليه ببطلانه إذا ما ثبت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف أخذاً بأن الإرادة تعتبر ركناً من أركان التصرف القانوني.
2 - تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى. فلا يخضع فيه القاضي لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه في ذلك سائغاً.
3 - إنه وإن كانت المادة 980 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 1951 والسارية وقت رفع الدعوى. والتي حلت محل المادة 64 من القانون رقم 99 لسنة 1947 تضع على عاتق مديري المستشفيات والمصحات والأطباء المعالجين إبلاغ النيابة العامة عن حالات فقد الأهلية الناشئة عن عاهة عقلية، إلا أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - لم يقصد بتلك المادة التزام طريق معين لإثبات قيام حالة العته، وإنما استهدف فيها مجرد إجراءات تنظيمية واجبة الإتباع قبل توقيع الحجر، ورتب على مخالفتها جزاء جنائياً نص عليه في المادة 982 من ذات القانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى الشهادة الطبية باعتبارها ورقة صادرة من أحد الفنيين، ومؤيدة بما جرى على لسان الشهود من أن المورثة قد امتدت بها الحياة حتى تجاوزت التسعين من عمرها، وأنها كانت مصابة بعته شيخوخي. وكان من حق المحكمة أن تعتد على هذا الأساس بهذه الشهادة ما دامت قد اطمأنت إليها بما لها من سلطة تامة في تقدير الدليل، فإن ما يثيره الطاعنون من عدم صحة هذه الشهادة أو إهدار قيمتها لعدم اتخاذ الإجراءات المشار إليها لا ينطوي على فساد في الاستدلال.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى حكم الإحالة إلى التحقيق الصادر من نفس المحكمة في صدد بيان وقائع الدعوى وحدها، ولا يفهم منه أنه اعتمد على ذلك الحكم في غير ما أحال عليه صراحة. وكان البادي من الحكم المحال إليه أنه لم يتضمن قضاءً قطعياً له حجيته في أي شق من النزاع، كما أنه لم يناقش الأدلة المقدمة في الدعوى ولا مدى كفايتها في الإثبات، بل استبقى الفصل في الموضوع برمته لحين الانتهاء من تحقيق ثبوت صدور العقد في مرض الموت، دون أن يورد أية إشارة تنم عن قضائه في ثبوت حالة العته لدى المورثة، مما لا يمكن القول بأن حكم الإحالة إلى التحقيق انتهى إلى أن الدعوى بحالتها لا تؤدي إلى إجابة المطعون عليهن إلى طلباتهن، أو أن الشهادة الطبية المقدمة غير صالحة بذاتها لإثبات حالة العته، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - إذ كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقاً وعدلاً، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو استعان في شأن التدليل على قيام حالة العته وقت صدور التصرف بأقوال شهود المطعون عليهن أمام محكمة الاستئناف في التحقيق الذي أجرته في شأن صدور التصرف حال مرض موت البائعة، اعتباراً بأن ما حصله الحكم من هذه الأقوال قرينة تساند الأدلة الأخرى التي أوردها.
6 - إذا كان الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن علم المشتري بعته البائع لا ينصرف إليه باعتباره دائناً مرتهناً حسن النية وهو دفاع يخالطه واقع، فإن النعي بهذا السبب لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهن أقمن الدعوى رقم 1579 لسنة 1962 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين، وقلن بياناً لها إن المرحومة نعيمه علي عويس مورثة طرفي الخصومة كانت تمتلك العقار الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وإذ أصيبت بحالة عته أضعف قواها العقلية لكبر سنها فقد تقدمن في 8 من مايو 1960 بطلب إعفائهن من رسوم دعوى حجر عليها، غير أن المنية عاجلتها قبل إتمام إجراءاته، وقد كانت تقيم حال حياتها مع ولدها مورث الطاعنين الأربعة الأولين الذي استغل حالتها المرضية ووقع بختمها على عقد يحمل تاريخ 25 ديسمبر 1958 وضمنه بيعها له العقار سالف الذكر لقاء ثمن قدره 1500 جنيه، ثم أقام على والدته بوصفها البائعة له الدعوى رقم 2810 لسنة 1960 مدني كلي القاهرة طالباً الحكم بصحة ذلك العقد وقضى له بطلباته وسجل الحكم الصادر فيها، وإذ كان هذا العقد صورياً قصد به حرمانهن من الميراث علاوة على صدوره من المورثة وهي في حالة عته، وتواطأ المشتري مع الطاعن الأخير على تحرير عقد رهن تأميني على العقار المبيع بمبلغ 500 جنيه في 9 أكتوبر 1961، فقد طلبن الحكم بإبطال عقد البيع المشار إليه وبطلان جميع ما ترتب عليه من إجراءات بما في حكم دعوى صحة التعاقد المسجل وعقد الرهن الموثق. ومحكمة أول درجة حكمت في 29 من يناير 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهن أن البائعة كانت مصابة بالعته عند صدور عقد البيع وأن ذلك العته كان شائعاً بين الناس، وأن المشتري كان على بينة من أمرها عند التعاقد، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 30 من إبريل 1963 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليهن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1459 لسنة 80 ق وأضفن إلى طلباتهن احتياطياً اعتبار العقد وصية لصدوره في مرض موت البائعة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 29 من مايو 1965 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهن أن عقد البيع المتنازع عليه صدر من المورثة في مرض موتها وأنها ظلت واضعة اليد على العين المبيعة حتى وفاتها، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 19 من مارس 1966 بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المطعون عليهن إلى طلباتهن، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ستة ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أسس قضاءه ببطلان العقد الصادر إلى مورث الطاعنين الأربعة الأولين على أن المورثة البائعة كانت في حالة عته وأن المشتري كان على علم بقيام هذه الحالة بوالدته وقت صدور التصرف إليه وفق المادة 114 من القانون المدني، مع أن الفقرة الثانية من تلك المادة توجب لإمكان تطبيقها وجود قرار بالحجر وإن لم يكن قد سجل عند حصول التصرف، وإذ لم يصدر قرار بالحجر في النزاع المعروض فإنه يصبح ولا مجال لتطبيق حكم تلك المادة أصلاً، ولو قيل بجواز انصراف حكم تلك المادة إلى الفترة السابقة على رفع دعوى الحجر وتقديم طلب بها فإنه يلزم التحقيق من توافر شرط جوهري منصوص عليه فيها وهو شيوع حالة العته الأمر الذي لم تبحثه المحكمة، مما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون. هذا إلى أن الحكم أخذ من أقوال الشهود بما لا يكفي لثبوت حالة العته وشيوعها مما يجعل الحكم قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 114 من القانون المدني - التي تقضي بأنه يقع باطلاً تصرف المجنون أو المعتوه إذا صدر بعد تسجيل قرار الحجر، أما إذا صدر قبله فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها- وإن واجهت هذه المادة حالة الحجر وصدور قرار به وفرقت بين الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له وأقامت من قرار الحجر قرينة قانونية على انعدام أهلية المجنون أو المعتوه ومن تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير بذلك، إلا أنه ليس معنى ذلك أن المجنون أو المعتوه الذي لم يصدر قرار بتوقيع الحجر عليه لسبب أو لآخر تعتبر تصرفاته صحيحة، إذ الأصل أنه يجب أن يصدر التصرف عن إرادة سليمة وإلا انهار ركن من أركان التصرف بما يمكن معه الطعن عليه ببطلانه إذا ما ثبت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف أخذاً بأن الإرادة تعتبر ركناً من أركان التصرف القانوني. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بالبطلان على سند من أن مورث الطاعنين الأربعة الأولين كان على بينة من قيام حالة العته بالمورثة الأصلية البائعة وقت صدور التصرف إليه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيقه على غير أساس. لما كان ما تقدم وكان تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى فلا يخضع فيه القاضي لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه في ذلك سائغاً، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه - بعد أن أورد ملخص أقوال شهود الطرفين في مرحلتي التقاضي على ما شهد به شاهدا المطعون عليهن أمام محكمة أول درجة من أن أمارات العته كانت بادية على المورثة الأصلية وقت صدور العقد منها إلى ولدها مورث الطاعنين الأربعة الأول، وأنها في ذلك الوقت كانت قد تقدمت بها السن وكان قد اعتراها خلل في قواها العقلية تمثل في ذهولها عما يدور حولها وفي هذيانها بكلمات لا معنى لها، وأن هذه الحالة المرضية قد تدعمت بأقوال الشهود أمام محكمة الاستئناف وبشهادة طبية معاصرة مقدمة من مفتش الصحة، ثم استخلص من ذلك كله أن المورثة الأصلية كانت معدومة الإرادة يحركها ولدها مورث الطاعنين الأربعة الأول كيف يشاء وأن ذلك الأخير كان على علم بقيام حالة العته لدى والدته وقت إصدار العقد إليه، وكان ما استخلصه الحكم من أقوال شهود المطعون عليهن ومن الشهادة الطبية على النحو السابق تفصيله من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه من قيام حالة العته بالبائعة إبان تصرفها، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أسس ثبوت حالة العته بالبائعة على شهادة طبية صادرة من مفتش صحة البلدية بتاريخ 27 من يناير 1960 مع أن المادتين 64، 65 من القانون رقم 99 لسنة 1947 بشأن المحاكم الحسبية نظمتا وسيلة التحقق من حالة العته أو الجنون، وأوجبتا على الأطباء المعالجين التبليغ عن حالات فقدان الأهلية مما يسقط حجية الشهادة المقدمة ويوحي بأنها غير صحيحة، وإذ لم يعن الحكم بإثبات صحة تلك الشهادة ومدى مطابقتها للقانون فإنه يكون فاسد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة 980 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 1951 والسارية وقت رفع الدعوى والتي حلت محل المادة 64 من القانون رقم 99 لسنة 1947 - تضع على عاتق مديري المستشفيات والمصحات والأطباء المعالجين إبلاغ النيابة العامة عن حالات فقد الأهلية الناشئة عن عاهة عقلية، إلا أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يقصد بتلك المادة التزام طريق معين لإثبات قيام حالة العته. وإنما استهدف فيها مجرد إجراءات تنظيمية واجبة الإتباع قبل توقيع الحجر، ورتب على مخالفتها جزاءً جنائياً نص عليه في المادة 982 من ذات القانون. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند إلى الشهادة الطبية باعتبارها ورقة صادرة من أحد الفنيين المؤيدة بما جرى على لسان الشهود من أن المورثة قد امتدت بها الحياة حتى تجاوزت التسعين من عمرها وأنها كانت مصابة بعته شيخوخي، وكان من حق المحكمة أن تعتد على هذا الأساس بهذه الشهادة ما دامت قد اطمأنت إليها بما لها من سلطة تامة في تقدير الدليل، وكان استخلاصها في ذلك سائغاً على النحو الوارد بالرد على السببين الأول والثاني، فإن ما يثيره الطاعنون من عدم صحة هذه الشهادة أو إهدار قيمتها لعدم اتخاذ الإجراءات المشار إليها لا ينطوي على فساد في الاستدلال ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبنى السببين الرابع والخامس التناقض والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم المطعون فيه أحال إلى الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتاريخ 29 من مايو 1965، وعلى الرغم مما يؤدي إليه هذا الحكم من أنه وجد أن الدعوى بحالتها التي كانت عليها وبما حوته من مستندات غير كافية بذاتها لإثبات حالة العته لدى المورثة وغير مؤدية بالتالي لإجابة المطعون عليهن إلى طلباتهن، مما دعاه إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات مرض الموت، فإن الحكم المطعون فيه قد عاد رغم ذلك فاتخذ من أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة ومن الشهادة الطبية المقدمة إليها دليلاً على قيام حالة العته، فتعارض بذلك مع منطق الحكم الأول مما يعيبه بالتناقض. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة الاستئناف كدليل مؤيد لأقوال شهود محكمة أول درجة لإثبات حالة العته، مع أن التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف اقتصر على إثبات صدور التصرف في مرض الموت مما كان يمتنع معه مجاوزة هذا النطاق إلى واقعة أخرى لم ترد في الحكم أو الاعتماد على أقوال وردت في ذلك التحقيق عن واقعة لم تكن محله ولم يتناولها بالنفي شهود الطاعنين الأمر الذي ينطوي عليه إخلال حق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي بشقيه في غير محله، ذلك أن الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه إنما أحال إلى حكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 29 من مايو 1965 في صدد بيان وقائع الدعوى وحدها، ولا يفهم منه أنه اعتمد على ذلك الحكم في غير ما أحال عليه صراحة. ولما كان البادي من الحكم المحال إليه أنه لم يتضمن قضاءً قطعياً له حجيته في أي شق من النزاع، كما أنه لم يناقش الأدلة المقدمة في الدعوى ولا مدى كفايتها في الإثبات بل استبقي الفصل في الموضوع برمته لحين الانتهاء من تحقيق ثبوت صدور العقد في مرض الموت، دون أن يورد أية إشارة تتم عن قضائه في ثبوت حالة العته لدى المورثة، مما لا يمكن معه القول بأن حكم الإحالة إلى التحقيق انتهى إلى أن الدعوى بحالتها لا تؤدي إلى إجابة المطعون عليهن إلى طلباتهن أو أن الشهادة الطبية المقدمة غير صالحة بذاتها لإثبات حالة العته، ويكون النعي على الحكم بالتناقض في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان للمحكمة كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقاً وعدلاً، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو استعان في شأن التدليل على قيام حالة العته وقت صدور التصرف بأقوال شهود المطعون عليهن أمام محكمة الاستئناف في التحقيق الذي أجرته في شأن صدور التصرف حال مرض موت البائعة اعتباراً بأن ما حصله الحكم من هذه الأقوال قرينة تساند الأدلة الأخرى التي أوردها الحكم على النحو السالف البيان، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن الأخير ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى بطلان عقد الرهن الصادر لصالحه وإلغاء ما ترتب عليه من تأشيرات مع أن الفقرة الثانية من المادة 114 من القانون المدني إنما قصد بها عدم الإضرار بالغير حسن النية، ذلك أنه مع افتراض علم المشتري مورث الطاعنين الأربعة الأولين، بعته البائعة، فإن ذلك العلم لا يمكن أن ينصرف إلى الدائن المرتهن كما أن عبارة العلم لدى الطرف الآخر المشار إليها في تلك المادة كان يقتضي تطبيقها عليه وتمحيص علاقته بطرفي العقد مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع وهو دفاع يخالطه واقع، فإن النعي بهذا السبب يكون مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


(1) نقض 22/ 11/ 1951 مجموعة القواعد في خمسة وعشرين عاماً. حـ 1. ص 314. قاعدة/ 2.

الطعن 368 لسنة 28 ق جلسة 14 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 48 ص 313

جلسة 14 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(48)
الطعن رقم 368 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى "إجراءات نظر الدعوى". "سقوط الخصومة". "النزول عنه". نظام عام. استئناف.
سقوط الخصومة هو مما يتصل بمصلحة الخصم فله التنازل عنه صراحة أو ضمناً. صدور ما يدل على أن الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته قد نزل عن التمسك به. لا يصح له أن يعود إلى ما أسقط حقه فيه. إبداء المستأنف عليه طلبات في موضوع الاستئناف مما يفيد أنه اعتبر الخصومة قائمة ومنتجة لآثارها. ليس له بعد ذلك أن يتمسك بسقوط الخصومة.
(ب) نقل. "نقل الأشياء". "مسئولية الناقل". "الالتزام بتسليم البضاعة" "سند النقل لحامله". إثبات.
اشتمال بوليصة الشحن على حق مصلحة السكة الحديد - الناقل - في تسليم البضاعة لأي شخص يكون حاملاً للبوليصة. اعتبارها في حكم سند نقل لحامله. لا يلتزم الناقل في هذه الحالة بتسليم البضاعة للمرسل إليه المعين بالاسم في البوليصة وتبرأ ذمته بتسليمها لحامل البوليصة. مجرد تدوين اسم المرسل إليه بالبوليصة ليس دليلاً بذاته على أنه قد تسلم البضاعة.
(ج) إثبات. "عبء الإثبات". محكمة الموضوع.
عبء إثبات الالتزام يقع على الدائن. متى اعتبرت محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة - أن الأوراق المقدمة من الدائن لا تفيد في الإثبات جواز الإحالة إلى التحقيق وإلغاء عبء الإثبات على الدائن.

----------------
1 - سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح هو مما يتصل بمصلحة الخصم وله التنازل عنه صراحة أو ضمناً، فإذا بدا من الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته ما يدل على أنه قد نزل عن التمسك به فليس له بعد ذلك أن يعود إلى ما أسقط حقه فيه، ومن ثم فإذا كان المستأنف عليه لم يتمسك بسقوط الخصومة في الجلسة التي حددت لنظر الاستئناف بعد تحضيره في قلم الكتاب بل أبدى طلبات في موضوع الاستئناف مما مفاده أنه اعتبر الخصومة قائمة ومنتجة لآثارها فلا يحق له بعد ذلك أن يعود ويتمسك بسقوط الخصومة.
2 - متى كانت بوليصة الشحن - التي دون بها اسم المرسل إليه - قد تضمنت أن لمصلحة السكة الحديد (الناقل) الحق في تسليم البضاعة لأي شخص يكون حاملاً للبوليصة فإن هذا البيان يجعل البوليصة تأخذ حكم سند النقل لحامله بحيث لا يلتزم الناقل بتسليم البضاعة للمرسل إليه المعين بالاسم في البوليصة بل إن ذمته تبرأ بتسليمها لحامل البوليصة وعلى ذلك فإن مجرد تدوين اسم المرسل إليه بالبوليصة لا يدل بذاته على أنه قد تسلم البضاعة.
3 - لما كانت المادة 389 من القانون المدني تقضي بأنه على الدائن إثبات الالتزام وكانت محكمة الموضوع قد اعتبرت - في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها - أن الأوراق المقدمة من الدائن لإثبات دعواه لا تفيد في هذا الإثبات فإنها تكون محقة عندما ألقت على الدائن عبء الإثبات في حكم الإحالة إلى التحقيق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 792 سنة 1954 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1229 جنيهاً... من ذلك مبلغ 529 جنيهاً ثمن ستين خنزيراً كان قد شحنها الطاعن إلى المطعون عليه من محطة الرحمانية إلى محطة القباري بالإسكندرية بموجب بوليصتي شحن قدمهما ومبلغ 700 جنيه ثمن لحوم كان قد اشتراها منه المطعون عليه ولم يدفع ثمنها وبعد أن أحالت المحكمة الابتدائية الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي (الطاعن) دعواه وسمعت شهود الطرفين حكمت في 2 من أكتوبر سنة 1956 للمدعى بطلباته فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بصحيفة أودعها قلم كتابها في 15 من أكتوبر سنة 1956 وأعلنها إلى الطاعن في 20 من الشهر المذكور وقيد هذا الاستئناف برقم 392 سنة 12 ق تجاري ولدى نظره دفع المستأنف عليه (الطاعن) في جلسة 19 من فبراير سنة 1958 بسقوط الخصومة في هذا الاستئناف لعدم السير فيه بفعل المستأنف مدة تزيد على السنة قائلاً إن الاستئناف رفع في 15 من أكتوبر سنة 1956 وأن أول إجراء من إجراءات الخصومة اتخذ فيه بعد ذلك كان في 18 ديسمبر سنة 1957 وهو تاريخ الجلسة التي حددت لنظره أمام المحكمة وبتاريخ 5 من يونيه سنة 1958 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع بسقوط الخصومة وبقبول الاستئناف شكلاً وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت في 13 نوفمبر سنة 1958، بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن - وبتقرير تاريخه 30 ديسمبر سنة 1958 طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم الأخير وفي الحكم الصادر في 5 يونيه سنة 1958 برفض الدفع بسقوط الخصومة وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18 أكتوبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة التي قدمتها والتي طلبت فيها نقض الحكم في خصوص ما قضى به من رفض الدفع بسقوط الخصومة وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 14 فبراير سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في أولها على حكم 5 يونيه سنة 1958 أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الخصومة في الاستئناف وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون عليه أعلن صحيفة استئنافه في 20 أكتوبر سنة 1956 ولم يتخذ بعد ذلك أي إجراء في شأن هذا الاستئناف إلى أن حددت للمرافعة فيه جلسة 18 ديسمبر سنة 1957، بعد أن كانت قد انقضت مدة تزيد على السنة من تاريخ آخر إجراء صحيح وهو إعلان صحيفة الاستئناف ولقد كان على المطعون عليه المستأنف إذا أراد تفادي سقوط الخصومة بمضي هذه المدة أن يقوم بإعلان الطاعن الذي كان مستأنفاً عليه قبل انقضاء السنة معذراً إياه بأن يقدم مذكرة بدفاعه وإلا اعتبر الحكم الذي يصدر في الاستئناف حضورياً في حقه وإذا لم يفعل فإنه يكون قد تسبب بإهماله في تعطيل السير في الاستئناف مدة تزيد على السنة بما يحقق شروط المادة 301 من قانون المرافعات ويضيف الطاعن أن محكمة الاستئناف قد أخطأت فيما استندت إليه في قضائها برفض الدفع بسقوط الخصومة من أن الإجراءات التي اتخذت في الاستئناف رقم 398 سنة 12 ق الخاص بطلب وقف النفاذ المعجل الذي شمل به الحكم المستأنف تعتبر قاطعة لمدة سقوط الخصومة في الاستئناف رقم 392 سنة 12 ق الخاص بموضوع الحكم المستأنف ذلك أن كلاً من الاستئنافين المذكورين يعتبر مستقلاً عن الآخر ومختلفاً عنه في إجراءاته وموضوعه ومن ثم فإن الإجراءات التي تتخذ في أحدهما لا تقطع مدة سقوط الخصومة في الآخر.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه يبين من حكم 5 يونيه سنة 1958 المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الخصومة في الاستئناف على دعامتين الأولى أن إجراءات المرافعة التي اتخذت في طلب وقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المستأنف والذي قيد برقم 397 سنة 12 ق استئناف الإسكندرية تعتبر قاطعة لمدة سقوط الخصومة في الاستئناف الخاص بالموضوع. الثانية أن الطرفين حضرا في جلسة 18 ديسمبر سنة 1957 التي حددت لنظر الاستئناف بعد تحضيره في قلم الكتاب وأبديا فيها طلبات في موضوع الاستئناف ولم يدفع المستأنف عليه (الطاعن) بسقوط الخصومة في هذه الجلسة وإنما أبدي هذا الدفع لأول مرة بجلسة 19 فبراير سنة 1958 - ولما كان سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح هو مما يتصل بمصلحة الخصم فله التنازل عنه صراحة أو ضمناً. فإذا بدأ من الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته ما يدل على أنه قد نزل عن التمسك به فلاً يجوز له بعد ذلك أن يعود فيما أسقط حقه فيه - ولما كان الثابت من تدوينات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الذي كان مستأنفاً عليه أمام محكمة الاستئناف لم يتمسك بسقوط الخصومة في جلسة 18 من ديسمبر سنة 1957 التي حددت لنظر الاستئناف بعد تحضيره في قلم الكتاب بل إنه أبدى طلبات في موضوع الاستئناف مما مفاده أنه اعتبر الخصومة قائمة ومنتجة لآثارها فإنه لا يحل بعد ذلك أن يعود ويتمسك بسقوط الخصومة ومن ثم تكون الدعامة الثانية التي أقام عليها الحكم قضاءه برفض الدفع بسقوط الخصومة صحيحة في القانون وكافية بذاتها لحمل الحكم في هذا الخصوص ومن ثم فلا محل لبحث ما أثاره الطاعن في سبب الطعن خاصاً بالدعامة الأخرى التي بني عليها الحكم قضاءه هذا.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن حكم 13 نوفمبر سنة 1958 الذي قضى في موضوع الاستئناف قد خالف القانون بمخالفته قواعد الإثبات وخطئه في تطبيقها ذلك أنه أقام قضاءه على عدم إمكان محاجة المطعون عليه بما ورد في بوليصتي الشحن ما دام أنه لم يشترك في تحريرهما أو يوقع عليهما - هذا في حين أن هاتين البوليصتين وقد حررهما موظف عام في حدود سلطته واختصاصه مثبتاً فيهما ما تم على يديه من أن ستين خنزيراً قد شحنت من الطاعن إلى المطعون عليه فإنهما تعتبران ورقتين رسميتين وحجة على الكافة بما دون فيهما خاصاً بحصول الشحن من الطاعن إلى المطعون عليه وبعدد الماشية المشحونة ومن ثم فلا يجوز إطراحهما بالنسبة لهذين الأمرين ما دام لم يطعن فيهما بالتزوير كما أن الأشياء المشحونة تعتبر ملكاً للمرسل إليه وتلتزم مصلحة السكة الحديد بتسليمها إليه أو إلى من ينوب عنه وإلا كانت مسئولة قبله وعلى من يدعي عدم حصول التسليم على هذا النحو أن يقيم الدليل على صحة ما يدعيه ومن ثم فقد كان محكمة الاستئناف وقد ادعى المطعون عليه أنه لم يتسلم المواشي التي أرسلت إليه وأن الطاعن هو الذي استلمها أن تكفله بإثبات ما يدعيه وإذا لم يفعل وألقت عبء الإثبات على الطاعن فإنها تكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه ذكر عن بوليصتي الشحن المقدمتين من الطاعن "أنه لا يجوز الاحتجاج بهما ضد المطعون عليه لمجرد تدوين اسمه فيهما باعتباره المرسل إليه وذلك لأنه ليس لزاماً أن يقوم المرسل إليه باستلام البضاعة بنفسه بل إن مصلحة السكة الحديد قد أجازت تسليمها لأي شخص يكون حاملاً لبوليصة الشحن معتبرة إياه أنه هو صاحب البضاعة أو نائبه فيكفى إذن تقديم هذه البوليصة لتسليم البضاعة وقد أصدرت المصلحة تعليمات بذلك مدونة في ظاهر البوليصة وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه لقواعد الإثبات ذلك أنه وإن كان اسم المطعون عليه قد ذكر في كل من البوليصتين باعتباره المرسل إليه إلا أن ما دون فيهما من أن لمصلحة السكة الحديدية الحق في تسليم البضاعة لأي شخص يكون حاملاً للبوليصة من شأنه أن يفقد هذا البيان أهميته ويجعل حكم هذه البوليصة حكم سند النقل الذي لحامله وبالتالي فلاً تلتزم المصلحة الناقلة بتسليم البضاعة للمرسل إليه المعين بالاسم في البوليصة بل إن ذمتها تبرأ بتسليمها لحامل البوليصة ومتى كان الأمر كذلك وكانت البوليصتان لا تحملان توقيع المطعون عليه أو نائبه باستلام الماشية المشحونة بموجبهما فإن مجرد تدوين اسمه فيهما بوصفه "المرسل إليه" لا يدل بذاته على أنه قد تسلم هذه الماشية فعلاً ويكون الحكم المطعون فيه مصيباً فيما انتهى إليه من أن هاتين البوليصتين لا تعتبران حجة على المطعون عليه في خصوص استلامه تلك الماشية - ولما كانت المادة 389 من القانون المدني تقضى بأن على الدائن إثبات الالتزام وكانت محكمة الموضوع قد اعتبرت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها أن الأوراق التي قدمها الطاعن لإثبات دعواه لا تفيد في هذا الإثبات فإنها تكون محقة عندما ألقت عليه عبء الإثبات في حكمها الصادر بالإحالة إلى للتحقيق.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب ذلك أنه في سبيل التقليل من قيمة بوليصتي الشحن في الإثبات ذهب إلى حد القول بأن المطعون عليه علل سبب تدوين اسمه في البوليصتين بوصفه المرسل إليه تعليلاً مقبولاً بقوله إن الطاعن أراد تهريب الخنازير المشحونة من دائنيه وتفادي توقيعهم الحجز عليها وذلك بنسبة ملكيتها إلى شخص آخر غيره عند تصديرها إلى الإسكندرية ويقول الطاعن إن الحكم إذ قبل هذا التعليل دون أن يقدم الدليل على صحته ودون أن تعني المحكمة بتحقيق ما زعمه المطعون عليه من أن الطاعن مدين وأنه يخشى توقيع الحجز ضده من دائنيه يكون معيباً بالقصور خصوصاً وأن تدوين اسم المطعون عليه في بوليصتي الشحن على أنه المرسل إليه لا يمنع دائني الطاعن - إن صح أن له دائنين - من توقيع الحجز على الماشية المصدرة طالما أن هاتين البوليصتين تحملان اسم مدينهم الطاعن بوصفه المرسل لهذه الماشية.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى محاجه المطعون عليه ببوليصتي الشحن لمجرد تدوين اسمه فيهما بوصفه "المرسل إليه" فإنه لم يكن بعد ذلك بحاجة إلى تعليل سبب ورود هذا الاسم في البوليصتين وبالتالي يكون ما أورده الحكم خاصاً باعتباره تعليل المطعون عليه لذلك تعليلاً مقبولاً، تزيداً يستقيم الحكم بدونه فمهما كان في هذا التزيد من خطأ فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال فيما قرره من أنه ثبت له من القضية السابقة التي صدر فيها أمر الأداء لصالح المطعون عليه ضد الطاعن بمبلغ خمسمائة جنيه أن المطعون عليه كان قد استوقع الطاعن على سند بهذا المبلغ مما استدل منه الحكم المطعون فيه على أن المعاملة بين الطرفين كانت تثبت بالكتابة وأنه لو كان الطاعن صادقاً في دعواه لحصل من المطعون عليه على سند بدينه الذي يطالبه به في الدعوى الحالية ويقول الطاعن إن استدلال الحكم بما استدل به في هذا المقام قد قام على مالاً وجود له في الأوراق ذلك أنه قد طعن بالتزوير في السند الذي صدر أمر الأداء في الدعوى السابقة على أساسه وأنه وإن كان قد قضى ابتدائياً ضده برفض ادعائه بالتزوير إلا أنه لم يتم الفصل في الاستئناف الذي رفعه هذا الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن استدلال الحكم المطعون فيه بما استدل به على أن المعاملة بين الطرفين كانت تجري بالكتابة هو استدلال سائغ مستمد من أوراق الدعوى السابقة التي صدر فيها أمر الأداء، لصالح المطعون عليه ضد الطاعن وطالما أنه قد قضى برفض ادعاء الطاعن بتزوير السند الذي صدر أمر الأداء على أساسه بحكم حائز لحجة الأمر المقصى فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو بني استدلاله على اعتبار هذا السند صحيحاً خاصة وأن الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه رفع استئنافاً عن الحكم الذي قضى برفض ادعائه بتزوير ذلك السند.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 264 لسنة 36 ق جلسة 19 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 13 ص 67

جلسة 19 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

--------------

(13)
الطعن رقم 264 لسنة 36 القضائية

تنفيذ. "النفاذ المعجل". "التظلم من وصف النفاذ". قوة الأمر المقضي. استئناف "الاستئناف الوصفي".
القضاء في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف. قضاء وقتي. ليس له تأثير على استئناف الموضوع. لا تتقيد به المحكمة التي أصدرته عند نظر ذلك الاستئناف.

---------------
القضاء في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف هو قضاء وقتي لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - قوة الأمر المقضي، لأن الفصل في هذا الطلب إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل في الموضوع عن رأي ارتأته وقت الفصل في هذا الطلب، إذ ليس لحكمها فيه أي تأثير على الفصل في الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 80 لسنة 1960 تجاري كلي الإسكندرية ضد شركة تخزين البترول (التي سميت فيما بعد باسم الشركة الطاعنة) وطلبت الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 6052 جنيهاً، 816 مليماً. وقالت بياناً للدعوى إنها استوردت رسالتين من مادة الأسيتون القابلة للالتهاب أودعتها مخازن الشركة الطاعنة لحفظهما، وأنها تلقت منها في 24/ 6/ 1958، 10/ 7/ 1958 كتابين تخطرها فيهما بأنها رأت أن تنقل الرسالتين إلى منطقة حجر النواتية، وأنها لما عاينت البضاعة في هذا الموقع الجديد ووجدت أنها في العراء وهو ما يعرضها للتلف فقد أرسلت خطاباً للطاعنة بتاريخ 23/ 9/ 1958 توجه نظرها فيه إلى ذلك، غير أنها لم تعر الأمر التفاتاً مما نجم عنه أن تسربت هذه البضاعة من عبواتها بعد أن سرى إليها الصدأ وهو ما دعاها إلى أن تقيم عليها الدعوى 1595 لسنة 59 مدني مستعجل الإسكندرية بطلب إثبات حالة البضاعة وما لحقها من تلف، وإذ قدم الخبير الذي ندبته المحكمة في تلك الدعوى تقريرين أثبت فيهما سوء تخزين البضاعة المذكورة وقدر ما لحق بها من تلف بمبلغ 5985 جنيهاً، 486 مليماً فقد أقامت دعواها بطلباتها السابقة متضمنة مصاريف دعوى إثبات الحالة المشار إليها. ردت الطاعنة بعدم مسئوليتها عن تلف البضاعة، وقدمت تقريراً من خبير استشاري ناقش فيه الأسس التي اعتمد عليها خبير دعوى إثبات الحالة في تقريره، وبتاريخ 13/ 6/ 1961 قضت محكمة أو درجة بإعادة القضية إلى خبير دعوى إثبات الحالة لإبداء ملاحظاته على جاء في التقرير الاستشاري، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 19/ 11/ 1963 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 5486 جنيها، 695 مليماً ومصاريف دعوى إثبات الحالة المتقدمة الذكر. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 25 لسنة 20 ق وطلبت الحكم بوقف نفاذه، وبتاريخ 16/ 12/ 1964 قضت المحكمة بإجابتها إلى هذا الطلب، ثم قضت في 16/ 3/ 1966 في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في 16/ 12/ 1964 إذ قضى بوقف نفاذ الحكم الابتدائي قد
ضمن أسبابه عدم صحة ما استند إليه هذا الحكم وهو ما يترتب عليه بطلانه، وقد أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في قضائه بالتعويض وأحال إلى أسبابه وهو ما يعيبه بدوره بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان القضاء في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف هو قضاء وقتي لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوة الأمر المقضي لأن الفصل في هذا الطلب إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل في الموضوع عن رأي ارتأته وقت الفصل في هذا الطلب إذ ليس لحكمها فيه أي تأثير على الفصل في الموضوع، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في 16/ 12/ 1964 أنها قضت بوقف نفاذ الحكم الابتدائي بناء على ما انتهت إليه في بحثها الذي استندت فيه إلى ظاهر الأوراق دون تغلغل منها في أصل النزاع بما يكون معه ذلك الحكم وقتياً لا يحوز قوة الأمر المقضي، ولا تثريب على المحكمة أن تعدل - وعلى ما سبق البيان - على رأي كانت قد ارتأته عند إصدارها ذلك الحكم. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان بحجة أنه جاء على خلاف ذلك الحكم الوقتي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها ركنت في دفاعها أمام محكمة الموضوع إلى نصوص لائحتها الداخلية المطبوعة على شهادات إيداع البضاعة والتي تقضي بإعفائها من المسئولية عن التلف الذي يصيب هذه البضاعة وإلى أن الخطاب الذي أرسلته لها المطعون ضدها في 23/ 9/ 1985 قد اقتصر على إبداء بعض ملاحظات وقائية بشأن تخزين البضاعة دون أن تعترض فيه على حصول هذه التخزين في العراء، غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى مساءلة الطاعنة عن التلف الذي أصاب تلك البضاعة دون أن يرد على هذا الدفاع وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما يبين من مدونات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه، من أن الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة في 13/ 6/ 1961 بندب خبير دعوى إثبات الحالة رقم 1595 لسنة 1959 مدني مستعجل الإسكندرية لإبداء ملاحظاته على تقرير الخبير الاستشاري المقدم لها من الطاعنة قد استبعد الشروط المأخوذة من لائحتها الداخلية والمدونة على شهادات إيداع البضاعة والتي تقضي بإعفاء الطاعنة من المسئولية عن التلف الذي يصيبها، وذلك تأسيساً على أنه لم يقيم دليل من الأوراق على أن المطعون ضدها قلبت هذه الشروط، كما استبعد الحكم المشار إليه ما ثار من جدل بين طرفي الخصومة حول تحديد مكان إيداع تلك البضاعة وحصر الخلاف بينهما فيما إذا كان التلف الذي أصابها يرجع إلى خطأ الطاعنة في عملية تخزينها أم أنه يرجع إلى خطأ في طريقة تعبئتها أو في صنع عبواتها، مما يعفي الطاعنة من المسئولية عن هذا التلف، ثم حصل ذلك الحكم من كتابي الطاعنة للمطعون ضدها في 24/ 6/ 1958، 10/ 7/ 1958 أن الطاعنة قبلت إيداع رسالتي الأسيتون موضوع النزاع داخل المخازن وهو ما رتب عليه قضاءه بندب خبير دعوى إثبات الحالة لمناقشة المسائل الفنية التي وردت في تقرير الخبير بشأن أسباب هذا التلف. ولما كان هذا الذي قرره الحكم وانتهى إليه سائغا ويحمل الرد على دفاع الطاعنة في خصوص ما تدعيه من إعفائها من المسئولية عن تلف البضاعة ومن تحديد المكان المتفق عليه لإيداعها فيه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 10/ 1/ 1957 مجموعة المكتب الفني. السنة 8. ص 45.
نقض 16/ 1/ 1964 مجموعة المكتب الفني. السنة 15. ص 98.

الطعن 364 لسنة 28 ق جلسة 14 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 47 ص 308

جلسة 14 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(47)
الطعن رقم 364 لسنة 28 القضائية

استئناف. "الأثر الناقل للاستئناف" "الطلب الأصلي والطب الاحتياطي".
لا ينقل الاستئناف الدعوى - بالنسبة للطلب الأصلي - إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وفي حدود طلبات المستأنف. الطلب الأصلي والطلب الاحتياطي في الدعوى. توجيه كل منهما إلى خصم مستقل. إجابة المحكمة الابتدائية الطلب الأصلي دون التعرض للطلب الاحتياطي.

استئناف الحكم في الطلب الأصلي لا يطرح على المحكمة الاستئنافية الطلب الاحتياطي الموجه ابتداء لخصم آخر خلاف المستأنف بل يمتنع عليها النظر فيه وذلك متى كان الطلب الاحتياطي ليس نتيجة مترتبة بطبيعتها على الفصل في الطلب الأصلي وكان الاستئناف المرفوع عن الطلب الأخير جائزاً نظره بغير اختصام لمن وجه إليه الطلب الاحتياطي. هذا الطلب لا يعد من وسائل الدفاع أو الدفوع المشار إليها في المادة 410 مرافعات.
مجال إعمال قاعدة أن استئناف الطلب الأصلي يطرح الطلب الاحتياطي أن يكون الطلبان موجهين إلى خصم واحد.
----------------
لا ينقل الاستئناف الدعوى - بالنسبة للطلب الأصلي فيها - إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وفي حدود طلبات المستأنف (1) فإذا كانت الدعوى أمام محكمة أول درجة قد تضمنت طلبين أحدهما أصلي والآخر احتياطي وجه كل منهما إلى خصم مستقل وأجابت المحكمة الابتدائية الطلب الأصلي دون أن تتعرض في حكمها للطلب الاحتياطي واستأنف المحكوم عليه في الطلب الأصلي ذلك الحكم، فإن هذا الاستئناف ليس من شأنه أن يطرح على المحكمة الاستئنافية الطلب الاحتياطي الموجه ابتداء لخصم آخر بحيث يمتنع عليها النظر فيه، ذلك أن الطلب الاحتياطي لم يوجه إلى المستأنف ولم يكن نتيجة مترتبة بطبيعتها على الفصل في الطلب الأصلي متى كان الاستئناف المرفوع عنه جائزاً نظره بغير اختصام للخصم الموجه إليه الطلب الاحتياطي ولم يقض له بشيء على المستأنف. ولا محل للاستناد في قبول المحكمة الاستئنافية الطلب الاحتياطي إلى حكم المادة 410 مرافعات إذ أن الطلب لا يعتبر من وسائل الدفاع أو الدفوع المشار إليها في تلك المادة، كما أنه لا محل لإعمال قاعدة أن استئناف الطلب الأصلي يطرح الطلب الاحتياطي لأن مجال إعمال هذه القاعدة أن يكون الطلبان موجهين إلى خصم واحد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن وقائع النزاع - تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليها الثالثة أقامت الدعوى رقم 1506 سنة 55 كلي القاهرة ضد المطعون عليهما الأولين وضد الطاعنة قالت فيها إنها اشترت منزلاً من الطاعنة بمبلغ 5200 جنيه بعقد ابتدائي مؤرخ 14 يناير سنة 1954 وأنها قامت بسداد رسوم توثيق العقد النهائي وشهره ومقدارها 498 جنيهاً و750 مليماً وأثبتت ذلك بها على العقد في 15 مارس سنة 1954 إلا أن البائعة (الطاعنة) امتنعت عن الحضور في اليوم المحدد للتوقيع على عقد البيع النهائي رغم إنذارها في 8 من أبريل سنة 1954 وتحرر لذلك محضر ثبوت غيبة بمعرفة موثق العقود الرسمية وأصبح العقد لذلك غير ذي موضوع إذ أنه بسبب هذا الامتناع قد لجأت إلى رفع دعوى صحة التعاقد وقالت إن مصلحة الشهر العقاري رفضت أن ترد إليها رسوم التوثيق والشهر التي يحق لها استردادها مما اضطرها إلى إقامة هذه الدعوى - وطلبت الحكم لها أصلياً بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 498 جنيهاً و750 مليماً والفوائد بواقع 4% حتى السداد - واحتياطياً الحكم على السيدة ماري الطاعنة بدفع المبلغ المذكور وفوائده مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصروفات واستندت المدعية (المطعون عليها الثالثة) في طلبها الأصلي إلى المواد 179، 181، 377 / 2 من القانون المدني كما استندت في طلبها الاحتياطي إلى أن السيدة البائعة قد ارتكبت خطأ في حقها تسبب عنه ضرر - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 10 يونيه سنة 1956 بإلزام وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري بأن يدفعا للمدعية 498 جنيهاً و750 مليماً والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات والنفاذ بلا كفالة ورفضت ما خالف ذلك من الطلبات استأنفت وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري هذا الحكم وطلبتا إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الثالثة) وقيد الاستئناف برقم 1087/ 54 و73/ 75 ق وبتاريخ 25 يناير سنة 1958 أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليها الأولى بصفتها قبل المستأنفين مع إلزامها بالمصروفات وأجلت الدعوى لجلسة 18 مارس سنة 1958 وعلى قلم الكتاب إخطار المستأنف عليها للجلسة المذكورة - وقد عالجت محكمة الاستئناف الطلبات الاحتياطية وأصدرت فيها حكمها بتاريخ 27 أبريل سنة 1958 وهو يقضي بإلزام المستأنف عليها الثانية السيدة ماري بأن تدفع للمستأنف عليها الأولى السيدة سميرة بصفتها مبلغ 498 جنيهاً و750 مليماً والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 14 مارس سنة 1955 حتى السداد والمصروفات وقالت في أسباب حكمها - "إنه عملاً بالمادة 410 مرافعات يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى، وأنه متى ألغت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بالطلبات الأصلية فإنه يكون لزاماً عليها أن تتناول بالبحث والتمحيص الطلب الاحتياطي الذي تقدمت به المستأنف عليها الأولى للمحكمة الابتدائية ولم تر تلك المحكمة حاجة إلى التعرض له لإقناعها بصحة الطلبات الأصلية" - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 24 ديسمبر سنة 1958 وأصدرت دائرة فحص الطعون قرارها في 5 ديسمبر بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وبعد استيفاء الإجراءات تحدد لنظر الطعن لدى هذه الدائرة جلسة 7 فبراير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بطلانه - ذلك أن الأساس القانوني للطلبات الأصلية يقوم على الإثراء بلا سبب في حين أن أساس الطلبات الاحتياطية هو الخطأ وما ترتب عليه من ضرر وقد استجاب الحكم الابتدائي للطلب الأصلي فقضى برفض الدعوى بالنسبة للطاعنة واقتصر الاستئناف المرفوع من وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري على طلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليها الثالثة (المشترية) قبلها - ولم يكن للطاعنة شأن في الخصومة الاستئنافية لأنه لم توجه إليها طلبات قبلها من المستأنف - بعد إذ رفض الحكم الابتدائي الطلب الموجه إليها من المشترية. ولهذا لم تحضر الطاعنة في الاستئناف وإذا قبلت محكمة الاستئناف ما وجهته المطعون عليها الثالثة (المشترية) في مذكرتها من طلبات إلى الطاعنة فإنها تكون قد خالفت القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه يبين من الوقائع السالف ذكرها أن المطعون عليها الثالثة (المشترية) ضمنت دعواها الابتدائية طلبين يستقل كل منهما بسببه - أولهما - طلب أصلي - بإلزام وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري برد مبلغ 498 ج و750 م تأسيساً على أنه دفع إليهما بغير حق - وثانيهما - طلب احتياطي بإلزام الطاعنة بهذا المبلغ باعتباره تعويضاً عن الضرر الذي أصابها بسبب خطأ البائعة (الطاعنة) - وقد رأت المحكمة الابتدائية إجابة الطلب الأصلي فقضت به لصالح المشترية (المطعون عليها الثالثة) ولم تتعرض في حكمها للطلب الاحتياطي - وإذا استأنفت وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري الحكم الصادر عليهما طالبين إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليها الأولى (المشترية) قبلهما فإن هذا الاستئناف يكون مقصور على ما قضى به في الطلب الأصلي - ولما كان الاستئناف لا ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وفي حدود طلبات المستأنف (409 م مرافعات) وكانت الطلبات الأخرى التي قضى بها الحكم المطعون فيه على الطاعنة لم توجه ضد المستأنفين (وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري) ولم تكن نتيجة مترتبة بطبيعتها على الفصل في الطلبات الموجهة إليهما وكان الاستئناف جائزاً نظره بغير اختصام الطاعنة لأنه لم يقض لها بشيء على المستأنفين - لما كان ذلك، فإن الاستئناف المرفوع من وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري لم يكن من شأنه طرح الطلبات الموجهة ابتداء إلى الطاعنة - ولا محل لاستناد الحكم في قبول هذه الطلبات إلى المادة 410 مرافعات لأن هذه الطلبات لا تعتبر من وسائل الدفاع أو الدفوع المشار إليها في تلك المادة - ولا محل كذلك لإعمال قاعدة أن استئناف الطلب الأصلي بطرح الطلب الاحتياطي لأن مجال إعمال هذه القاعدة أن يكون الطلبان الأصلي والاحتياطي موجهين إلى ذات الخصم ومن ثم فإنه كان يمتنع على محكمة الاستئناف أن تنظر الطلبات المقدمة من المطعون عليها الثالثة (المستأنف عليها الأولى) إلى الطاعنة (المستأنف عليها الثانية) وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


(1) م 409 مرافعات.

الطعن 3036 لسنة 32 ق جلسة 28 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 139 ص 1343

جلسة 28 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز أحمد حمادة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا والدكتور/ أحمد مدحت علي ومحمد عبد الرحمن سلامة ود. أحمد محمود جمعة – المستشارين.

-----------------

(139)

الطعن رقم 3036 لسنة 32 القضائية

(أ) دعوى - الحكم في الدعوى - حجيته - نطاق الحجية بالنسبة للخلف الخاص. المادة (101) من قانون الإثبات والمادة (146) من القانون المدني.
الحكم القضائي الذي تمتد حجيته إلى الخلف الخاص هو الذي يصدر في نزاع بين مالك الشيء ومن كان قد تلقى منه حقاً شخصياً متولداً عن عقد متصل بهذا الشيء قبل قيام المالك بالتصرف في الشيء إلى الخلف الخاص - إذا صدر الحكم في تاريخ لاحق على انتقال الشيء إلى الخلف الخاص فلا تمتد الحجية للأخير - تطبيق.
(ب) إصلاح زراعي - شروط الاعتداد بتصرفات الملاك طبقاً لقانون رقم 50 لسنة 1969 وتعديلاته القانون رقم 50 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي. 

يشترط للاعتداد بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي ومنها القانون رقم 50 لسنة 1969 ولو لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل بها - شرطان: الأول: توافر حالة واحدة من الحالات الثلاثة التالية:

-----------------
1 - أن يكون المالك قد اثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
2 - أن يكون المتصرف إليه قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة المذكورة طبقاً للمادة (8) من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها متى كان الخاضع أجنبياً.
3 - أن يكون التصرف قد أقيمت بشأنه منازعة أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي حتى 31/ 12/ 1977.
أما الشرط الثاني: فهو ألا تزيد مساحة الأرض موضوع التصرف على خمسة أفدنة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 16 من يوليو سنة 1986 أودعت الأستاذة/ فايدة حسن الأفندي المحامية نائبة عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3036 لسنة 32 قضائية في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض المقيد برقم 774 لسنة 1977 المقام من السيد/ السيد عبد الحميد عبد العال محمد ضد كل من: 1 - الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. 2 - علي حسن يوسف وآخرين والذي قضى بجلسة 18/ 5/ 1986. بما يأتي: - أولاً: رفض الدفع بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه، وبنظره.
ثانياً: وفي الموضوع بالاعتداد بالتصرف الصادر من الخاضع/ أحمد يوسف حسن درويش إلى مورث المعترضين في مساحة مقدارها 12 قيراطاً بحوض لطيف باشا/ 6 بزمام سوالم طهطا بمحافظة سوهاج طبقاً للموقع والحدود المبينة بتقرير الخبير المنتدب في الدعويين رقمي 1025 و1069 لسنة 1974 والمرفوعتين أمام محكمة طهطا الجزئية المدنية، واستبعاد هذه المساحة مما يستولى عليه لدى الخاضع المذكور طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 (بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأرض الزراعية وما في حكمها)، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلبت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم.
أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر في الاعتراض رقم 774 لسنة 1977. ثالثاً: وفي الموضوع إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، وباستمرار الاستيلاء على الأرض محل النزاع، ومع إلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/ 11/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 25/ 12/ 1990 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وبالجلسات المبينة بمحاضرها، وأرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد واستوفى باقي أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل - حسبما هو ثابت بالأوراق في أن (المرحوم أحمد يوسف حسن درويش) كان قد أقام الاعتراض المقيد تحت رقم 448 لسنة 1971 بطلب الاعتداد بعقد البيع العرفي المؤرخ في 11/ 5/ 1963 والصادر منه إلى مورث المطعون ضدهم في الطعن الماثل (المرحوم عبد الحميد عبد العال محمد) لمساحة مقدارها اثنا عشر قيراطاً أرضاً زراعية وكائنة بحوض لطيف/ 6 قطعة/ 5 بزمام ناحية السوالم مركز طهطا محافظة سوهاج، استبعاد إلى أن هذا العقد ثبت تاريخه من واقع التأشير الأصلي من كاتب محكمة طهطا الجزئية على الطب المقدم منه لاستخراج صورة من حافظة المستندات المقدمة منه في القضية رقم 298 لسنة 1965 والتي تضمنت العقد المذكور، وأن هذا التأشير بتاريخ 21/ 1/ 1971. وبجلسة 27/ 4/ 1972 قررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 448 لسنة 1971 استجواب المعترض في أساس اعتراضه، مع تكليفه بتقديم أصل عقد البيع المطلوب الاعتداد به والشهادات التي تستند إليها في إثبات تاريخه، وحدد لذلك جلسة 17/ 5/ 1972 وكلفت قلم الكتاب بإخطار الخصوم وبجلسة 29/ 6/ 1972 أصدرت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قرارها المتضمن قبول الاعتراض شكلاً، وفي الموضوع برفضه بحالته، واستندت اللجنة إلى أن المعترض رغم تصريح اللجنة له بجلسة 13/ 1/ 1972 بإدخال المشتري لتقديم أصل عقد البيع، وتكليفه هو (أي المعترض بجلسة 27/ 4/ 1972 بتقديم أصل هذا العقد بأنه لم يقدم هذا العقد وقد خلا ملف إقراره رقم (1122 ف) منه، وخلصت اللجنة من ذلك إلى أن الاعتراض يكون قد خلا من المستندات المثبتة للتصرف المطلوب الاعتداد به، وأنه يتعين لذلك رفضه، ثم أقام ورثة المشتري "المرحوم عبد الحميد عبد العال محمد المطعون ضدهم في الطعن الماثل رقم 1025 لسنة 1974 بصحيفة أودعوها قلم كتاب محكمة طهطا الجزئية بتاريخ 22/ 9/ 1974 ضد علي يوسف حسن درويش ومحمد يوسف حسن درويش وعمر أحمد يوسف حسن درويش ومحمود أحمد يوسف حسن من ورثة المرحوم أحمد يوسف حسن درويش ووزير الإصلاح الزراعي بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ في 11/ 5/ 1963 الصادر من المدعى عليهما الأول والثاني ومورث المدعى عليهما الثالث والرابع وذلك في مواجهة المدعى عليه الخامس بصفته، وقدموا دعماً لدعواهم حافظة مستندات تضمنت عقد بيع عرفي محرر في 11/ 5/ 1963 يتضمن بيع المدعى عليهما الأول والثاني (وعلي يوسف حسن درويش ومحمد يوسف حسن درويش) والمرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش إلى المرحوم عبد الحميد عبد العال محمد أرضاً زراعية مساحتها اثني عشر قيراطاً والكائنة بزمام السوالم طهطا. ثم أقام السيد عبد الحميد عبد العال محمد الدعوى رقم 1069 لسنة 1974 بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة طهطا الجزئية بتاريخ 9/ 10/ 1974 ضد كل من:
1 - علي يوسف حسن درويش. 2 - محمد يوسف حسن درويش. 3 - عمر أحمد يوسف حسن درويش. 4 - محمود أحمد يوسف حسن. 5 - وزير الإصلاح الزراعي بطلب الحكم ببراءة ذمته من الإيجار المحجوز عليه - المدعى عليه الخامس بصفته - ومقداره خمسة عشر جنيهاً واعتبار إجراءات الحجز كأن لم تكن. وشرحاً للدعوى قال المدعي أنه وأخوته يضعون يدهم على قطعة الأرض المشار إليها بالميراث عن والدهم المرحوم عبد الحميد عبد العال محمد والذي كان قد اشتراها من المدعى عليهما الأول والثاني والمرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش غير أن وزارة الإصلاح الزراعي اعتبرت وضع يده كمستأجر وفرضت عليه مقابل إيجار مقداره خمسة عشر جنيهاً وأوقعت الحجز الإداري على هذا المقابل بالمخالفة للواقع وبجلسة 18/ 3/ 1975 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 1069 لسنة 1974 إلى الدعوى الأولى رقم 1025 لسنة 1974 للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 30/ 3/ 1975 حكمت المحكمة - قبل الفصل في موضوع الدعويين وقبل الفصل في الدفع المبدى من المدعى عليه الأخير بصفته بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعويين - بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة سوهاج ليندب بدوره من بين خبرائه المختصين من تكون مهمته الانتقال إلى الأطيان المبينة المساحة والموقع والمعالم والحدود بصحيفة افتتاح الدعوى وبعقد البيع العرفي المؤرخ في 11/ 5/ 1963 المقدم من المدعيين في الدعوى 1025 لسنة 1974 مدني طهطا وذلك لمعاينتها وإجراء المطابقة فيما بينهما وبين الأطيان المستولى عليها بمعرفة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المبينة بحافظة المستندات المقدمة من المدعى عليه الأخير بصفته بياناً لما إذا كانت الأطيان المبيعة بمقتضى العقد العرفي المتقدم الذكر تدخل ضمن الأطيان المستولى عليها بمعرفة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. وقدم الخبير تقريره المؤرخ في 1/ 5/ 1977 خلص فيه إلى ما يأتي:
1 - أن الأطيان موضوع عقد البيع العرفي المؤرخ في 11/ 5/ 1963 المقدم من المدعين في الدعوى رقم 1025 لسنة 1974 مدني طهطا هي ذاتها الأطيان المستولى عليها قبل السيد/ أحمد يوسف حسن درويش بموجب قانون الإصلاح الزراعي رقم 50 لسنة 1969 وذلك بإقرار من حضر أمامه من المدعين والمدعى عليهم والإصلاح الزراعي، كما اتضح له من الاطلاع بتعيين المساحة بسوهاج ومن المعاينة على الطبيعة.
وبجلسة 29/ 11/ 1977 حكمت المحكمة حضورياً في الدعويين رقمي 1025 لسنة 1974 و1069 لسنة 1974 مدني طهطا بقبول الدفع المبدى من المدعى عليه الخامس بصفته بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين، وإحالتهما للجنة القضائية المختصة للإصلاح الزراعي وأبقت الفصل في المصروفات، وأقامت المحكمة حكمها على أن الدفع المشار إليه إنما يقوم على أنه من المقرر طبقاً للمادة 13 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي أن اللجنة القضائية المشكلة بالتطبيق لأحكام هذه المادة تختص بكافة ما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء بين جهة الإصلاح الزراعي والمستولي لديهم أو بينهما وبين الغير ممن يدعي ملكية الأرض التي تقرر الاستيلاء عليها أو تكون عرضة للاستيلاء، وأنه يمتنع على المحاكم العادية النظر في المنازعات المتعلقة بملكية تلك الأطيان، وأن الثابت من مستندات المدعى عليه الخامس بصفته أنه استولى على أطيان النزاع بموجب محضر استيلاء في 21/ 1/ 1973 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 قبل أحد البائعين وهو المرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش، وأنه بالتالي فإن المنازعة على ملكية تلك الأطيان تضحى من اختصاص اللجنة القضائية وقيدت الدعويان بسجل اللجان القضائية للإصلاح الزراعي تحت رقم 774 لسنة 1977، وبجلسة 16/ 12/ 1981 قدمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي مذكرة دفاع دفعت فيها أصلياً: بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه في الاعتراض رقم 448 لسنة 1971 المقام من الخاضع المرحوم أحمد يوسف حسن درويش ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والذي قضت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي برفضه بحالته بجلسة 29/ 6/ 1972. وطلبت الهيئة احتياطياً: رفض الاعتراض ومن باب الاحتياط الكلي: فتح باب المرافعة لضم ملف الاعتراض رقم 448 لسنة 1971، وبجلسة 29/ 1/ 1984 قررت اللجنة ضم الاعتراض رقم 488 لسنة 1971 إلى الاعتراض رقم 774 لسنة 1977. وبجلسة 18/ 5/ 1976 أصدرت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قرارها المطعون فيه في الطعن الماثل، ويقضي بما يأتي: برفض الدفع بعدم جواز نظر الاعتراض رقم 774 لسنة 1977 لسابقة الفصل فيه في الاعتراض رقم 488 لسنة 1971 وبنظره. ثانياً وفي الموضوع بالاعتداد بالتصرف الصادر من - الخاضع المرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش إلى مورث المعترضين مساحة مقدارها اثنا عشر قيراطاً بحوض لطيف باشا/ 6 بزمام السوالم طهطا بمحافظة سوهاج طبقاً للموقع والحدود المبينة بتقرير لخبير المنتدب في الدعويين رقمي 1025، 1069 لسنة 1974 مدني طهطا أمام محكمة طهطا المدنية الجزئية، واستبعاد هذه المساحة مما يستولى عليه لدى الخاضع المذكور طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 مع كل ما يترتب على ذلك من آثار. وأقامت اللجنة قرارها المطعون فيه بالنسبة لرفض الدفع المشار إليه استناداً إلى أن الاعتراض رقم 488 لسنة 1971 وإن كان موضوعه هو ذات موضوع الاعتراض الماثل (رقم 774 لسنة 1977) إلا أنه يختلف عنه من حيث أطراف الخصومة حيث لم يكن المعترضون في الاعتراض الماثل ممثلين فيه، مما يفقد شرط اتحاد الخصوم وهو أحد الشروط اللازمة لإعمال أحكام المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 في شأن حجية الأمر المقضي، وأنه يكون الدفع المشار إليه غير قائم على أساس من القانون متعيناً رفضه. وبالنسبة لموضوع الاعتراض فقد استندت اللجنة على أنه بالاطلاع على تقرير مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج المقدم في الدعويين رقمي 1025 و1069 لسنة 1974 مدني طهطا جزئي، يبين أن المدعين قدموا للخبير عقد البيع المؤرخ في 11/ 5/ 1963 وهو صادر من كل من علي يوسف حسن درويش ومحمد يوسف حسن درويش وأحمد يوسف درويش (الخاضع) إلى عبد الحميد عبد العال محمد وأن تقرير الخبير انتهى إلى أن الأطيان موضوع هذا العقد هي ذاتها الأطيان المستولى عليها قبل أحمد يوسف حسن درويش طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها، كما إن الخبير أثبت اطلاعه على ملف إقرار الخاضع المذكور الذي ورد به في بند التصرفات قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 وهو 23/ 7/ 1969 أن ورثة المرحوم/ عبد الحميد عبد العال محمد يضعون اليد على مساحة مقدارها 12 قيراطاً بحوض لطيف/ 6 بزمام السوالم مركز طهطا سوهاج، وخلصت اللجنة من ذلك إلى أنها تطمئن إلى كل ما تضمنه تقرير الخبير، وأنها تأخذ به جملة وتفصيلاً وتعتبره منتجاً ومكملاً لقرارها.
وأوضحت اللجنة أنها تستند إلى أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 بتعديل أحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي، والذي يقضي بالاعتداد بالتصرفات الصادرة من الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي ومنها القانون رقم 50 لسنة 1969 إذا أثبت الخاضع التصرف في إقراره أو رفعت بشأنه منازعة أحكام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي حتى 31/ 12/ 1977 وبشرط ألا تزيد مساحة الأرض موضوع كل تصرف على حدة على خمسة أفدنة، وأن القاعدة أن للمحكمة أن تعمل أحكام القانون الواجب التطبيق على النزاع المطروح أمامها ولو من تلقاء نفسها دون حاجة إلى طلب الخصوم أن أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 تنطبق على النزاع الماثل إذ أن المساحة تقل عن النصاب المحدد في القانون وقد رفعت بشأنه المنازعة الماثلة أمام اللجنة بتاريخ 24/ 12/ 1977 أي قبل الميعاد الذي حدده هذا القانون وهو 31/ 12/ 1977 وأنه لذلك يتعين إعمال أحكامه والاعتداد بالتصرف في المساحة موضوع الاعتراض من الخاضع (أحمد يوسف حسن درويش) إلى مورث المعترضين.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الطاعنة تقيم طعنها الماثل بالنعي على القرار المطعون فيه الصادر في الاعتراض رقم 774 لسنة 1977 بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية: أولاً: أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي أخطأت في تطبيق القانون رقم 50 لسنة 1979 المشار إليه لأنه اشترط ثلاثة شروط لانطباق أحكامه بأن تكون المساحة المطلوب الاعتداد بها وإخراجها من الاستيلاء لا تجاوز خمسة أفدنة، وأن يكون التصرف وارداً في إقرار الخاضع وأن تكون المنازعة قد أقيمت بشأنه في تاريخ سابق على 31/ 12/ 1977 وأن الثابت من الأوراق أن الخاضع لم يدرج المساحة محل النزاع في إقراره ضمن التصرفات الصادرة منه، ولكن بوصفها من المساحات الموضوع اليد عليها خارج التصرفات، وأن هذا ما أكده الخبير في تقريره بأن المطعون ضدهم هم واضعوا اليد دون أن يحدد سند وضع اليد، وبالتالي لا تتوافر بذلك شروط إعمال أحكام هذا القانون، ويجعل قرار اللجنة المطعون فيه قد افتقد سنده القانوني.
ثانياً: أن اللجنة القضائية قد نبهت الخصوم إلى تطبيق ما لم يطلبوه مما أخل بحق الهيئة المعترض ضدها (الطاعنة) في الدفاع مما يبطل قرارها المطعون فيه.
ثالثاً: أن أدلة ثبوت تاريخ العقد العرفي المحرر في 11/ 5/ 1963 لاحقه على تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 والمستوفي بموجبه على أرض الاعتراض، لأنه قد تم إيداعه في القضية رقم 298 لسنة 1965 التي أرسلت إلى مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج بتاريخ 21/ 1/ 1971 حسبما تأشر من الطلب المقدم من المرحوم أحمد يوسف حسن درويش - إلى مكتب محكمة طهطا الجزئية بتاريخ 18/ 1/ 1971 لاستخراج صورة من حافظة المستندات المقدمة منه في تلك القضية والمتضمنة العقد المطلوب الاعتداد به.
رابعاً: أنه لم يثبت وضع يد المشتري بأي صورة لمدة سنة سابقة على صدور القانون رقم 50 لسنة 1969.
ومن حيث إن نعي الهيئة الطاعنة وأن اقتصر على أوجه النعي سالفة البيان، إلا أنه يثير بحكم اللزوم أن تتعرض هذه المحكمة للدفاع المبدى منها أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بعدم جواز نظر الاعتراض رقم 774 لسنة 1977 الصادر فيه القرار المطعون فيه لسابقة الفصل فيه في الاعتراض رقم 488 لسنة 1971 المقام من المرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش (أحد البائعين لمورث المطعون ضدهم)، والذي قضت اللجنة برفضه، وذلك بحسبان أن هذا الدفع يتعلق بالنظام العام وتتعرض له المحكمة من تلقاء نفسها، حسبما نصت عليه المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 بأن (الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق - ولا يجوز قبول دليل ينقص هذه الحجية ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها).
وأن مفاد هذا النص أن ثمة شروط يلزم توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي، وهي أن يكون الحكم السابق قضائياً وقطعياً، وأن يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم لا في أسبابه إلا إذا ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب ومتى كان ذلك وكان الثابت أن مورث المطعون ضدهم المشتري للمساحة محل النزاع (المرحوم عبد الحميد عبد العال محمد) يعتبر خلفاً خاصاً للخاضع أحد البائعين لهذه المساحة (المرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش)، وأن هذا الأخير أقام الاعتراض الأول رقم 488 لسنة 1971 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بطلب الاعتداد بعقد البيع العرفي المحرر بتاريخ 11/ 5/ 1963، وقضت اللجنة القضائية المختصة برفض هذا الاعتراض بحالته لخلوه من المستندات المثبتة للتصرف المطلوب الاعتداد به بعد أن كلفت اللجنة المعترضة بإدخال المشتري لتقديم أصل عقد البيع كما كلفته هو بتقديمه ولم يفعل كما أن الاعتراض الثاني رقم 774 لسنة 1977 أقامه ورثة المشتري المذكور ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بذات الطلب وهو الاعتداد بالعقد المذكور واستبعاد المساحة محل هذا العقد مما يستولى عليه قبل الخاضع المرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش وقضت اللجنة القضائية بالاعتداد بهذا العقد واستبعاد هذه المساحة.
فإنه متى كان ذلك وكان يبين مما تقدم أن الاعتراضين ولئن اتحدا في المحل والسبب، وإلا أن قاعدة سريان حجية الحكم القضائي بالنسبة للخلف الخاص وامتدادها إليه لا تسري في النزاع الماثل وذلك أنه فضلاً عن أن نطاق تطبيق هذه القاعدة، إنما يتحدد بالأحكام السابقة على كسب الخلف الخاص لحقه على العين وهي القاعدة التي ورد النص عليها في المادة 146 من القانون المدني بالنسبة للعقد بأنه (إذا انشأ العقد التزامات وحقوقاً شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه)، فالمقصود بالحكم القضائي الذي تمتد حجيته إلى الخف الخاص هو الحكم الذي يصدر في نزاع بين مالك الشيء وبين من كان قد تلقى منه حقاً شخصياً متولداً عن عقد متصل بهذا الشيء قبل قيام المالك بالتصرف ببيع هذا الشيء إذ في هذه الحالة ينتقل الحق المتولد من ذلك العقد إلى المشتري للشيء بوصفه خلفاً خاصاً متى كان الحكم لاحقاً في هذه الحالة على انتقال الشيء إلى الخلف الخاص، فلا تمتد حجية الحكم إلى الخلف الخاص باعتبار أن الخلف الخاص في هذه الحالة يصبح من الغير وعلى ذلك فإنه فضلاً عن أن نطاق تلك القاعدة بشقيها سواء كانت متعلقة بالأحكام السابقة أو اللاحقة على انتقال الشيء إلى الخلف لا تدخل فيه حالة النزاع الماثل على الوجه سالف البيان فإن مورث المطعون ضدهم (المشتري) بوصفه خلفاً خاصاً للبائع (المرحوم/ أحمد يوسف حسن درويش) لا يجوز أن يضار في هذه الحالة من تقصير هذا البائع إخفاقه في إثبات دعواه في الاعتراض المقام من هذا الأخير رقم 488 لسنة 1971 لأنه إذا كان من الجائز أن يفيد فعل الإنسان الغير إلا أنه لا يجوز أن يضره. لما كان ذلك وكانت اللجنة القضائية قد قضت في الاعتراض رقم 774 لسنة 1977 الصادر فيه القرار المطعون فيه في الطعن الماثل برفض الدفاع المشار إليه فإن اللجنة بذلك تكون قد أصابت وجه الحق والقانون فيما انتهت إليه بذلك.
ومن حيث إنه مما تنعى به الهيئة الطاعنة بأن اللجنة القضائية قد أخطأت في تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 المشار إليه بمقولة أن هذا القانون قد اشترط ثلاثة شروط مجتمعة لانطباق أحكامه وهي أن يكون المساحة المطلوب الاعتداد بها وإخراجها من الاستيلاء لا تجاوز خمسة أفدنه وأن يكون التصرف وارداً في إقرار الخاضع، أو أن تكون المنازعة قد أقيمت بشأنه في تاريخ سابق على 31/ 12/ 1977، وأن الثابت من الأوراق أن الخاضع لم يدرج المساحة محل النزاع في إقراره ضمن التصرفات الصادرة منه، ولكنها بوصفها من المساحات الموضوع اليد عليها خارج خانة التصرفات، وأن هذا ما أكده الخبير في تقريره بأن المطعون ضدهم هم واضعوا اليد دون أن يحرر سند وضع اليد، وأنه بالتالي فلا تتوافر بذلك شروط إعمال أحكام هذا القانون.
ويصبح بالتالي قرار اللجنة المطعون فيه قد افتقد سنده القانوني فإن هذا النعي مردود بأن المشرع في القانون رقم 50 لسنة 1979 المشار إليه لم يتطلب توافر تلك الشروط مجتمعة على النحو الذي تذهب إليه الهيئة الطاعنة، وإنما تطلب للاعتداد بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي التي أشير إليها ومنها القانون رقم 50 لسنة 1969، ولو لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل بها أن يتوافر شرطان أولهما يتعلق بتوافر حالة واحدة من ثلاث حالات وهي الحالة الأولى إما أن يكون المالك قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، والحالة الثانية هي أن يكون المتصرف إليه قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة طبقاً لحكم المادة (8) من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها إذا كان الخاضع أجنبياً، والحالة الثالثة أن يكون التصرف قد أقيمت بشأنه منازعة أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي حتى 31/ 12/ 1977، والشرط الثاني ومضمونه ألا تزيد مساحة الأرض موضوع التصرف على خمسة أفدنة حيث نصت المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1979 المشار إليه بأن يستبدل بنص المادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي النص الآتي: استناداً إلى أحكام المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والمادة (3) من القانون رقم 117 لسنة 1961 في شأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي والمادة (2) من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها والمادة (6) من القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها، يعتد بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام أي من هذه القوانين ولو لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به متى توافر الشرطان الآتيان: 1- أن يكون المالك قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً لأحكام أي من هذه القوانين، أو كان المتصرف إليه قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طبقاً لحكم المادة 8 من القانون رقم 15 لسنة 1963، المشار إليه، أو أن يكون التصرف قد رفعت بشأنه منازعة أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي حتى 31 ديسمبر سنة 1977.
2 - ألا تزيد مساحة الأرض موضوع كل تصرف على خمسة أفدنة).
ومتى كان ذلك وكان الثابت أن المنازعة بشأن التصرف محل النزاع قد أقيمت في عام 1974 - بالدعويين رقمي 1025 لسنة 1974 و1069 لسنة 1974 أمام محكمة طهطا الجزئية في 25/ 9/ 1974، 9/ 10/ 1974 على التوالي، حيث أحيل النزاع فيهما إلى اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بحكم تلك المحكمة الصادر بجلسة 29/ 11/ 1977، فإنه على هذا الوجه يكون التصرف قد رفعت بشأنه المنازعة قبل 31/ 12/ 1977 وتكون قد توافرت في شأنه إحدى الحالات الثلاث الواردة بالشرط الأول من الشرطين المنصوص عليهما بالمادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1979 على النحو سالف الذكر، فضلاً عن توافر الشرط الثاني المتعلق بمقدار مساحة الأرض حيث إنها تبلغ اثني عشر قيراطاً، وهو ما استندت إليه اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في إصدارها للقرار المطعون فيه، فهي لم تستند إلى أن الخاضع قد أورد التصرف في الإقرار المقدم إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بوصف أنه تصرف قانوني وإنما أشارت إلى ما أشار إليه الخبير في تقريره بأن الخاضع ذكر في هذا الإقرار إلى أن ورثة/ عبد الحميد عبد العال محمد يضعون اليد على تلك المساحة، ومن ثم فإن هذا الوجه من النص لا يكون قائماً على أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما تنعيه الهيئة الطاعنة بأن اللجنة قد نبهت الخصوم إلى تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 المشار إليه على الرغم أنهم لم يطلبوا تطبيقه، مما أخل بحقها في الدفاع ويترتب عليه بطلان القرار المطعون فيه، فإن هذا النعي في غير محله قانوناً ذلك أن اللجان القضائية للإصلاح الزراعي لا تطبق في الأصل أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا فيما لم يرد بشأنه نص خاص أي استناداً على هذا الأصل وهو ما نصت عليه المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي ومن ثم فهي لا تلتزم بحكم المادة 124 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1978 بأن يكون تغيير سبب الدعوى وفقاً على طلب المدعي فيما نصت عليه بأن (للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة): (1) ...... (3) ما يتضمن إضافة أو تغيير في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله....)، ومرد ذلك إلى أن اللجان القضائية للإصلاح الزراعي أناط بها المشرع الفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بالإصلاح الزراعي على النحو المنصوص عليه والمحدد لاختصاصها في المرسوم بقانون المشار إليه، ومن المسلم به أن المنازعة الإدارية تختلف عن المنازعة المدنية تأبى إجراءات المرافعات المدنية والتجارية كقاعدة عامة، تطبق من هذه الإجراءات ما يتلاءم مع طبيعة المنازعة الإدارية ومن ثم فإنه لا تثريب على اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي أن تصدت من تلقاء نفسها إلى تطبيق أحكام قانون رقم 50 لسنة 1979 المشار إليه دون أن يطلب المعترضون (المطعون ضدهم) تطبيقه على النزاع.
ومن حيث إنه تنعيه فيما الهيئة الطاعنة بأن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قد خالفت القانون بمقولة أن أدلة ثبوت تاريخ العقد العرفي المحرر في 11/ 5/ 1963 - لاحقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969، فإن هذا النعي ليس له صدى في قرار اللجنة فقد استندت إلى أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 والذي لم يتطلب أن تكون التصرفات الصادرة من الخاضعين ثابتة التاريخ، كما أن اللجنة لم تشر إلى مسألة ثبوت تاريخ التصرف من عدمه.
ومن حيث إنه فيما تنعى به الهيئة الطاعنة استناداً إلى القول أنه لم يثبت وضع يد المشتري (مورث المطعون ضدهم) بأي صورة من الصور لمدة سنة سابقة على صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه، فإن هذا النعي في غير محله أيضاً ذلك أن القرار المطعون فيه لم يستند أو يرتكن إلى أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، وإنما طبق على النزاع أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 على النحو سالف البيان، وهذا القانون لا يتطلب لإعمال أحكامه وضع اليد المكسب للملكية بالتقادم الطويل، لأنه يستلزم صدور تصرف من المالك الخاضع والذي يورده في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ولو لم يكن ثابت التاريخ قبل تاريخ العمل بالقانون الخاضع له على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 50 لسنة 1979 المشار إليه.
ومن حيث إنه تأسيساً على جميع ما تقدم، فإنه يتعين الحكم برفض الطعن موضوعاً وإلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.

الطعن 318 لسنة 28 ق جلسة 14 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 46 ص 303

جلسة 14 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

---------------

(46)
الطعن رقم 318 لسنة 28 القضائية

(أ) قرار إداري "ماهيته". اختصاص "الاختصاص الولائي". قاضي الأمور المستعجلة. نقض "حالات الطعن".
مجرد تعليمات مدير مصلحة إلى مرءوسيه بما يتبع في حالة التعدي على الأملاك العامة لا يتمخض عن قرار إداري فردي له حصانته أمام المحاكم العادية. ما يقع من رجال مصلحة السواحل لإزالة التعدي لا يكون مستنداً - في هذا الحالة - إلى قرار إداري. اعتبار الحكم التعليمات قراراً إدارياً وقضاؤه بعدم اختصاص المحاكم العادية - القضاء المستعجل - بنظر دعوى إثبات الحالة المترتبة على إزالة التعدي مخالفة للقانون في مسألة اختصاص متعلق بالولاية.
(ب) اختصاص "الاختصاص الولائي". أموال عامة. ملكية.
اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بملكية الأموال العامة. إلغاء قانون نظام القضاء للنص الوارد في لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الذي كان يحظر على المحاكم الحكم في هذه المنازعات.

------------------
1 - متى كان الكتاب الدوري الذي وجهه مدير مصلحة خفر السواحل إلى مرءوسيه، لا يعدو أن يكون مجرد تعليمات صادرة إلى أقسام المصلحة بما يجب عليها إتباعه في حالة وقوع تعد على أملاكها من إبلاغ السلطات الإدارية المختصة للعمل على إزالة هذا التعدي فإن الكتاب بهذه المثابة لا يتمخض عن قرار إداري فردي يتمتع بالحصانة القانونية أمام المحاكم العادية. وينبني على ذلك أن ما يقع من رجال المصلحة في سبيل إزالة التعدي لا يكون مستنداً إلى قرار إداري. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر هذه التعليمات قراراً إدارياً ورتب على ذلك قضاءه بعدم اختصاص المحاكم العادية (بما فيها القضاء المستعجل) بنظر دعوى إثبات الحالة المترتبة على إزالة التعدي، فإنه يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص متعلق بالولاية.
2 - لا شبهة في اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بملكية الأملاك العامة بعد أن ألغى القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء، النص الذي كان وارداً في لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الذي كان يحظر على المحاكم الحكم في الدعاوى المتعلقة بملكية الأملاك العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 136 سنة 57 مستعجل كفر الشيخ ضد المطعون عليه وقومندان مصلحة السواحل وقائد سواحل برج البرلس أمام قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة كفر الشيخ الابتدائية - وقال في بيان دعواه إنه يمتلك منزلاً مكوناً من دور واحد يشمل سبع حجرات مقاماً على أرض مملوكة له تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط مبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى - وأنه بتاريخ 11/ 8/ 1957 قام المدعى عليهما الثاني والثالث على رأس قوة وهدموا هذا المنزل وأتلفوا ما به من أثاث وضاع ما به من نقود كما أتلفوا شجيرات النخيل المحيطة به دون سبب يبرر لهما ذلك مما اضطره لرفع هذه الدعوى بطلب إثبات حالة المنزل قبل ضياع معالمه وآثاره وكذلك المنقولات التالفة - ودفعت وزارة الحربية بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى - وبعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظرها - كما طلبت رفض الدعوى موضوعاً. بتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة الأمور المستعجلة: أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى واختصاصها. ثانياً - برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل واختصاصه. ثالثاً - وبصفة مستعجلة بندب الخبير الهندسي الحكومي بمكتب الخبراء بكفر الشيخ للانتقال إلى العين محل النزاع لمعانية المنزل ومعاينة جدرانه الثابتة وأنقاضه الموجودة وعدد حجراته ومساحته ونوع البناء والسقوف والنخيل الموجود بفناء المنزل والمنقولات التي أتلفت وتقدير قيمة كل ذلك وقيمة الأضرار وسببها. وبتاريخ 26/ 11/ 1957 قضت المحكمة بانتداب الخبير الهندسي صاحب الدور بدلاً من مكتب خبراء كفر الشيخ لأداء المأمورية وفقاً لما قضى به الحكم السابق وقد باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره. وبتاريخ 28 يناير سنة 1958 قضت المحكمة بانتهاء الدعوى وأبقت الفصل في المصروفات. استأنفت وزارة الحربية بالاستئناف رقم 29 سنة 1958 مدني مستأنف كفر الشيخ طالبة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم اختصاص القاضي المستعجل بنظرها مع إلزام المستأنف عليه في كل حالة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد دفع المستأنف عليه الاستئناف بعدم قبوله لانتفاء المصلحة فيه فقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 22/ 6/ 1958 برفض الدفع لعدم قبول الاستئناف وبقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى وإلزام المستأنف عليه "الطاعن" بالمصروفات عن الدرجتين و3 ج مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 8 أكتوبر سنة 1958 وقدمت النيابة مذكرة برأيها تضمنت طلب نقض الحكم.
وبتاريخ 10 مايو سنة 1961 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 31/ 1/ 1963 وفيها صممت النيابة على طلبها السالف البيان.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في الوجه الثاني أن الحكم المذكور إذ أقام قضاءه بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى استناداً إلى القول بأن عين النزاع تعتبر ملكاً عاماً وأن إزالتها تمت وفقاً للأمر الصادر من جهة الإدارة في حدود سلطتها التقديرية مما يخرج عن ولاية المحاكم المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن النزاع في جوهره دار بين طرفي الخصومة حول ما إذا كانت عين النزاع تدخل أو لا تدخل في الأموال العامة وقد تمسك الطاعن بملكيته لهذه العين وأيده الخبير الذي أجرى المعاينة والنزاع على هذه الوضع يدخل في صميم اختصاص المحاكم المدنية - كما تمسك الطاعن في دفاعه بأن الأمر المقدم في الدعوى ليس قراراً إدارياً بالمعنى الذي يؤدى إلى عدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بعدم الاختصاص على أن الكتاب الدوري الرقيم 26/ 2/ 1953 والموجه من مصلحة خفر السواحل إلى مدير إدارة السواحل الغربية تضمن قراراً إدارياً يمتنع على المحاكم العادية النظر في أمر تأويله وإيقاف تنفيذه أو المطالبة أمامها بتعويض عن الضرر الناجم عنه - وأضاف الحكم أن الأرض المقام عليها منزل الطاعن من المنافع العامة ولا يجوز تملكها بالتقادم كما لا تجوز وضع اليد عليها وللإدارة حق إزالة التعدي الذي يقع عليها، ولما كان الكتاب الدوري الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه ووصفه بأنه قرار إداري قد وجه من مدير مصلحة خفر السواحل إلى مدير إدارة السواحل الغربية يطلب فيه" التنبيه على الأقسام والوحدات بإزالة التعدي على أملاك المصلحة على أن تخطر المصلحة أولاً وقبل إخطار البوليس والنيابة وأن تكون الأقسام مسئولة عن عدم إزالة الاعتداء وعن عدم إخطار المصلحة بها في أول الأمر وما تضمنه الكتاب المذكور على الصورة المتقدمة لا يعدو أن يكون مجرد تعليمات صادرة إلى أقسام السواحل الغربية لما يجب عليها إتباعه في حالة وقوع تعد على أملاك المصلحة في إبلاغ السلطات الإدارية المختصة للعمل على إزالة هذا التعدي فالكتاب بهذه المثابة لا يتمخض عن قرار إداري فردي يتمتع بالحصانة القانونية أمام المحاكم العادية ويترتب على ذلك أن ما وقع من رجال المصلحة في سبيل إزالة التعدي لا يستند إلى قرار إداري - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر التعليمات المشار إليها آنفاً قراراً إدارياً ورتب على ذلك عدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى يكون قد خالف القانون في مسألة اختصاص متعلق بالولاية ولا يغير من هذا النظر ما قرره الحكم المطعون فيه من أن العين المدعي بوقوع التعدي عليها من الأملاك العامة ذلك أنه لم تعد ثمة شبهة في اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بملكية الأملاك العامة بعد أن ألغى القانون رقم 147 سنة 49 الخاص بنظام القضاء النص الذي كان وارداً في لائحة ترتيب المحاكم الذي كان يحظر على المحاكم الحكم في الدعاوى المتعلقة بملكية الأملاك العامة، ويتعين لما سبق نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.