وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ
1/4/2012 أقام المطعون ضدهم من الأول وحتى السادس في الطعنين رقمي 4524 و6248 لسنة
59ق.ع الماثلين (والمذكورين عاليه) الدعوى رقم 32349 لسنة 66ق. أمام محكمة القضاء
الإداري (الدائرة الثانية) ضد كل من: رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس
مجلس الوزراء ووزير التعليم العالي ورئيس مجلس أمناء المؤسسة المصرية لتطوير
التعليم التكنولوجي ورئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ورئيس
جامعة النيل (بصفاتهم)، وطلبوا الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ قرارات رئيس
مجلس الوزراء أرقام 305 و356 و1000 و1366 لسنة 2011 مع ما يترتب ذلك من آثار،
أخصها تمكين جامعة النيل من استعادة أرضها ومبانيها وتجهيزاتها، وصدور القرار
الجمهوري بتحويلها إلى جامعة أهلية، وفي الموضوع بالإلغاء.
وذكر المدعون شرحًا لدعواهم: أنه تم إشهار المؤسسة المصرية لتطوير
التعليم التكنولوجي برقم 1777 في 25/5/2003 بمحافظة الجيزة على وفق أحكام القانون
رقم 84 لسنة 2002، ومنحت صفة النفع العام بالقرار رقم 221 لسنة 2004، وميدان عملها
الخدمات الثقافية والعلمية وتحقيق أهداف منها إنشاء الجامعة التكنولوجية المصرية
كجامعة أهلية مصرية لا تهدف إلى الربح، ومقرها الرئيس مدينة 6 أكتوبر، وقامت هيئة
المجتمعات العمرانية الجديدة بتاريخ 4/10/2003، بتخصيص قطعة أرض بمساحة (127,032
فدانًا) بمحور (كريزي ووتر) بمدينة الشيخ زايد لوزارة الاتصالات لإقامة جامعة
النيل، ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، بالموافقة على التخصيص
الممنوح من وزارة الاتصالات للمؤسسة بتخصيص قطعة الأرض لإنشاء الجامعة لمدة عشرين
عامًا، وبتاريخ 15/7/2006 صدر للمؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي قرار
رئيس الجمهورية رقم 255 لسنة 2006 بإنشاء جامعة خاصة باسم جامعة النيل؛ وفور ذلك
شرعت وزارة الاتصالات في إقامة المباني التي تكلفت (400 مليون جنيه)، وفي أثناء
إقامة المباني فتحت الجامعة أبواب القبول وقبلت دفعات دراسات عليا للباحثين
والطلاب اعتبارًا من العام الدراسي 2006/2007، بالقرية الذكية بشكل مؤقت، وبعد ذلك
صدر قرار وزير التعليم العالي رقم 49 في 13/1/2007، ببداية الدراسة في ثلاث كليات
واستمرت في القرية الذكية حتى عام 2010 حتى أتمت المؤسسة تجهيز المباني وإعدادها
للدراسة وإعداد المعامل واستكملت الجامعة هيكلها الوظيفي.
وأضاف المدعون أنه في 22/10/2010، وبعد صدور القانون رقم 12 لسنة
2009، صدر قرار مجلس أمناء المؤسسة بتحويل جامعة النيل إلى جامعة أهلية بعد أن
كانت جامعة خاصة، وبتاريخ 15/1/2011 صدرت موافقة الوزير على تحويل الجامعة إلى
جامعة أهلية، وعقب الثورة -وبالهاتف- أصدر مجلس أمناء المؤسسة موافقته على التنازل
بصورة نهائية وغير مشروطة عن حق الانتفاع الصادر بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم
372 لسنة 2006، وعقب عبارة التنازل عبارة: "مع توفيق الجامعة لأوضاعها كجامعة
أهلية"، وفي 19/2/2011 أصدر رئيس الوزراء القرار رقم 305 لسنة 2011،
بالموافقة على قبول التنازل، وصدر قرار جديد من المؤسسة بالتنازل عن التجهيزات
التي تمت لمباني جامعة النيل، والتي تقدر بمبلغ (40 مليون جنيه)، بالإضافة إلى ما
قد يتبقى من التبرعات المخصصة لإنشاء الجامعة، كما صدر قرار رئيس الوزراء رقم 1000
لسنة 2011، بنقل الإشراف الإداري على أرض الجامعة ومبانيها وتجهيزاتها لصندوق
تطوير التعليم، ثم ألحق به -وعلى عجل- القرار 1366 لسنة 2011 بالموافقة على
استخدام مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا (مشروع مصر القومي للنهضة العلمية)
للمباني والتجهيزات.
ونعى المدعون على هذه القرارات الانعدام؛ لأن للمؤسسة شخصية اعتبارية
مستقلة عن جامعة النيل التي تحققت شروط نشأتها واستقلالها عن المؤسسة بصدور القرار
الجمهوري رقم 255 لسنة 2006، مما يجعل التنازل الصادر عن مجلس الأمناء منعدما
لصدوره عن غير مالك، كما أن التخصيص تم من هيئة المجتمعات لغرض إنشاء جامعة النيل،
وتغيير الغرض يبطل التصرف، عملا بالمادة (14) من القانون رقم 59 لسنة 1979، خاصة
أن وزارة الاتصالات كانت قد قامت بالتبرع بالأرض للمؤسسة طبقًا للفقرة (2) من
المادة (486) من القانون المدني، ويُضاف إلى ما تقدم أن التنازل تم على خلاف صحيح
الواقع والقانون؛ لصدور قرار بتحويل جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية
وبتنازل المؤسسة للجامعة تكون قد فقدت شرعيتها ويكون قرارها بالتنازل غير مشروع،
كما نعى المدعون على القرار التعسف في استعمال السلطة؛ لصدور أربعة قرارات متلاحقة
بالموافقة على قبول التنازل عن الأرض، وبقبول التنازل عن التجهيزات، وبنقل الإشراف
على الجامعة إلى صندوق تطوير التعليم، وبالموافقة على استخدام مدينة زويل للعلوم
والتكنولوجيا لها، مما يجعل هذه القرارات باطلة، وأوضح المدعون توفر ركن الاستعجال
في طلباتهم، وأنهوا صحيفة دعواهم بما سلف ذكره من طلبات.
ونظرت المحكمة الشق العاجل من تلك الدعوى بجلسة 10/6/2012، وما تلاها
من جلسات، على النحو الثابت بمحاضرها، وخلالها قدم المطعون ضدهم من السابع وحتى
الثاني عشر في الطعنين رقمي 4524 و6248 لسنة 59ق.ع الماثلين (والمذكورين عاليه)
صحيفة بتدخلهم بصفاتهم عاليه في الدعوى انضماميا إلى المدعين، كما طلب خلالها
أيضًا الحاضر عن/... (بصفته رئيس مجلس الأمناء لمدينة زويل- مشروع مصر القومي
للنهضة العلمية) التدخل في الدعوى، وبجلسة 24/10/2012، وجهت له المحكمة سؤالا عن
الكيان القانوني لمشروع مصر القومي للعلوم والتكنولوجيا، فأفاد أنه جزء من مشروع
مصر القومي للعلوم والتكنولوجيا، وأنه يجد أساسه في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 738
لسنة 2011 بتشكيل مجلس الأمناء الأول لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا (مشروع مصر
القومي للنهضة العلمية) برئاسة السيد الدكتور/ أحمد زويل، وأضاف أنه ينضم لهيئة
قضايا الدولة في جميع الدفوع المبداة منها في الدعوى، كما طلب الحاضر عن هيئة
المجتمعات العمرانية الجديدة الحكم بإخراج الهيئة من الدعوى بلا مصروفات، مع
احتفاظ الهيئة بحقها في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية المقررة بقانونها ولائحتها
العقارية في إطار عقد البيع الابتدائي لقطعة الأرض وذلك في مواجهة جميع خصوم
التداعي، وعقب الحاضر عن جامعة النيل على الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم
قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد بأن الكثير من المدعين لا يعلمون فحوى هذه
القرارات.
وكان رئيس جامعة النيل قد أقام (بصفته) بتاريخ 15/8/2012 الدعوى رقم
55780 لسنة 66ق أمام المحكمة ذاتها، وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا،
وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام 305 و356 و1000 و1366 لسنة
2011، وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بتمكين جامعة النيل من استعادة الأرض المخصصة
لها ومساحتها (127,032 فدانًا) بما عليها من مبانٍ وتجهيزات، وبإلغاء القرار
السلبي لرئيس الجمهورية بعدم تحويل جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية.
وذكر شرحًا للدعوى: أن جامعة النيل أُنشِئَت بخطوات واضحة، ومن خلال
قيام هيئة المجتمعات العمرانية ببيع قطعة أرض بمساحة (127 فدانًا) لوزارة
الاتصالات بغرض إنشاء جامعة النيل، وورد في عقد البيع التزام الوزارة بإقامة مشروع
جامعة تكنولوجية على الأرض المعروضة للبيع، وتشكلت المؤسسة المصرية لتطوير التعليم
التكنولوجي طبقًا لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتم إشهارها برقم 1777 لسنة
2003، وصدر قرار منحها صفة النفع العام بالقرار رقم 221 لسنة 2004، وصدر قرار رئيس
مجلس الوزراء بالموافقة على منح المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي حق
الانتفاع لإقامة جامعة لا تهدف للربح، تحت مسمى جامعة النيل، بإيجار اسمي مقداره
جنيه واحد سنويا للفدان، ولمدة ثلاثين عامًا لقطع الأرض الفضاء أرقام (61) و(62)
و(63) بمساحة (127 فدانًا)، كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 255 لسنة 2006،
بإنشاء جامعة خاصة باسم جامعة النيل، لها الشخصية الاعتبارية ويمثلها رئيس
الجامعة، وتَخَرَّج في الجامعة أكثر من دفعة، وكانت قاب قوسين أو أدنى من التحول
إلى جامعة أهلية، ثم قامت الثورة ومع الضغط السياسي تم الاجتماع برئيس مجلس
الأمناء، وكان الكثير من أعضاء مجلس الأمناء خارج البلاد، فقرر رئيس مجلس الأمناء
التنازل عن أرض جامعة النيل وعن المباني وعن الأموال والتبرعات، وصدر القرار رقم
305 لسنة 2011 بالموافقة على قبول تنازل المؤسسة المصرية لتطوير التعليم
التكنولوجي عن قطعة الأرض المخصصة لها، ثم القرار رقم 356 لسنة 2011 بالموافقة على
قبول التنازل عن تجهيزات مباني الجامعة والتي قامت المؤسسة بتوريدها من تبرعات
لمصلحة الجامعة، ثم صدر القرار رقم 1000 لسنة 2011 بنقل الإشراف الإداري على أرض
ومباني الجامعة لصندوق تطوير التعليم، ثم القرار رقم 1366 لسنة 2011 بالموافقة على
إعطاء المنشآت والمباني والتجهيزات بالجامعة لمدينة زويل.
ونعى المدعي على القرارين رقمي 305 و356 لسنة 2011 الانعدام، وبطلان
القرارين رقمي 1000 و1366 لسنة 2011، إذ خالف القراران رقما 305 و356 لسنة 2011
المادة (31) من القانون رقم 12 لسنة 2009، كما خالفا المواد (11) و(22/5) و(27) من
القانون رقم 84 لسنة 2002، بالإضافة إلى مخالفة المادتين (2) و(3) من النظام
الأساسي للمؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي بقبول التنازل من مؤسسة ذات
نفع عام إلى وزارة، في حين أن التنازل لا يصح إلا لمؤسسة ذات نفع عام.
كما أورد المدعي سببًا ثانيا لبطلان القرارين رقمي 305 و356 لسنة 2011
(المشار إليهما) مفاده أن العقد المبرم بين وزارة الاتصالات وهيئة المجتمعات
تضمَّن التزامًا على الوزارة بإقامة مشروع الجامعة التكنولوجية على الأرض خلال
ثلاث سنوات مع حظر التصرف فيها لغير هذا الغرض، وهو عقد اشتراط لمصلحة الغير، وهو
المنتفع (جامعة النيل)، وهو عقد مدني وتضمن منفعة تعود على المشترط، إذ تم تأجير
الأرض مقابل التزام بقبول عدد من العاملين بوزارة الاتصالات كمنحة ليقوموا
بالدراسة بالجامعة، بالإضافة إلى المنافع المعنوية التي تعود على الوزارة، وأن من
آثار العقد الذي أُبرم أن أصبحت جامعة النيل -وحدها ودون غيرها- صاحبة التصرف في
الأموال العقارية منها والمنقولة، فإذا صدر تنازل عن غيرها فلا يعتد به؛ طبقًا
للمواد (154) و(155) و(156) و(502) من القانون المدني.
وأضاف سببًا ثالثًا للبطلان يتمثل في غصب السلطة بقبول التنازل تحت
ضغط سياسي في ظل حكومات انتقالية، ونقل الأموال المملوكة لجامعة النيل إلى صندوق
تطوير التعليم، ومنه إلى مؤسسة الدكتور/ أحمد زويل، كما شاب القرارات الانحراف عن
المصلحة العامة بالتضحية بجامعة النيل، والتي ثبت نجاحها بتعاقد وزارة الاتصالات
معها للاستفادة من أبحاثها، من أجل مصلحة أخرى، وهي إنشاء مدينة زويل التي لم
يُتحَقَّق من نجاحها، واختتم المدعي صحيفة دعواه بالطلبات المبينة سالفًا.
ونظرت المحكمة الشق العاجل من تلك الدعوى بجلسة 25/9/2012، وما تلاها
من الجلسات، وخلالها قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع، طلب في ختامها (أصليا)
الحكم بعدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى رقم
32349 لسنة 66ق. لرفعها من غير ذي صفة، و(على سبيل الاحتياط): (أولا) بعدم قبول
الدعويين لرفعهما على غير ذي صفة بالنسبة لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
ورئيس الجمهورية، و(ثانيا) برفض الدعويين في شقهما العاجل والموضوعي، وإلزام
المدعين المصروفات، كما قدم كلٌ من: (1)... بصفته وليا طبيعيا على ابنته القاصرة
(...)، (2)... بصفته وليا طبيعيا على ابنته القاصرة (...)، (3)... بصفته وليا
طبيعيا على ابنه القاصر (...)، (4)... بصفته وليا طبيعيا على ابنته القاصرة (...)،
(5)... بصفته وليا طبيعيا على ابنه القاصر (...)، (6)... بصفته وليا طبيعيا على
ابنه القاصر (...), (وهم: المطعون ضدهم من السابع وحتى الثاني عشر في الطعنين رقمي
4524 و6248 لسنة 59ق.ع الماثلين والمذكورين عاليه) –قدموا- صحيفة بتدخلهم انضماميا
إلى المدعي في الدعوى، وخلالها أيضًا طلب الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة إخراج الهيئة من الدعوى بلا مصروفات، مع احتفاظ الهيئة بحقها في اتخاذ
جميع الإجراءات القانونية المقررة بقانونها ولائحتها العقارية في إطار عقد البيع
الابتدائي لقطعة الأرض وذلك في مواجهة جميع خصوم التداعي، كما قدم الحاضر عن
المدعين مذكرة دفاع في الدعويين، وكذا مذكرة ختامية بالطلبات، أضاف فيها طلبًا
ثالثًا بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي لرئيس الجمهورية بالامتناع عن تحويل جامعة
النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تقرر ضم هذه الدعوى إلى الدعوى رقم 32349 لسنة 66ق المشار إليها
بجلسة 24/10/2012، ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 11/11/2012، وقد تقرر مد أجل النطق
بالحكم لجلسة 18/11/2012، لاستمرار المداولة، وتقدم وكيل د./ أحمد زويل (بصفته)
بطلبَي إعادة للمرافعة، أرفق معهما بعض المستندات، كما قدم الحاضر عن الدولة طلبًا
آخر لإعادة الدعوى للمرافعة، التفتت عنها المحكمة لكفاية المستندات المقدمة -على
نحو ما أثبته الحكم الطعين كما هو ثابت من محاضر الجلسات- لتكوين عقيدة المحكمة.
وبجلسة 18/11/2012 صدر الحكم الطعين على نحو ما قضى به كما هو بين مما
تقدم.
وشَيَّدت المحكمة حكمها فيما قضت به في البند (أولا) على أنه تم إثبات
طلب تدخل د./ أحمد زويل (بصفته رئيس مجلس أمناء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا)
هجوميا بمحضر جلسة 21/10/ 2012، كما توفر في شأنه شرط المصلحة في التدخل في الدعوى
رقم 55780 لسنة 66ق، فضلا عن أن دفوعه وطلباته في الدعوى تفيد انضمامه للجهة
الإدارية المدعى عليها في الدفوع المبداة منها، وكذلك طلباتها الختامية برفض
الدعوى في شقيها العاجل والموضوعي، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بقبول طلب تدخله
خصمًا منضمًا للجهة الإدارية على وفق حكم المادة (126) من قانون المرافعات المدنية
والتجارية.
وبالنسبة لطلبات التدخل من كل من: (1)... بصفته وليا طبيعيا على ابنته
القاصرة...، (2)... بصفته وليا طبيعيا على ابنته القاصرة...، (3)... بصفته وليا طبيعيا
على ابنه القاصر...، (4)... بصفته وليا طبيعيا على ابنته القاصرة...، (5)... بصفته
وليا طبيعيا على ابنه القاصر...، (6)... بصفته وليا طبيعيا على ابنه القاصر...،
(وهم المطعون ضدهم من السابع وحتى الثاني عشر في الطعنين رقمي 4524 و6248 لسنة
59ق.ع الماثلين) بالانضمام في الدعوى رقم 32349 لسنة 66ق إلى المدعي، فإن جميعهم
من أولياء أمور طلاب جامعة النيل، ولهم مصلحة في التدخل في تلك الدعوى، وإذ تدخلوا
بصحيفة معلنة على وفق الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، وكانوا منضمين للمدعين في
طلباتهم، فمن ثم يتعين القضاء بقبول طلب تدخلهم خصومًا منضمين للمدعين.
وبالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى رقم 32349 لسنة 66ق. لرفعها من غير
ذي صفة، فإن المدعي الأول/....... (المطعون ضده الأول في الطعنين رقمي 4524 و6248
لسنة 59ق.ع) لم يقدم ما يفيد صفته في الدعوى، في حين أن باقي المدعين من العاملين
بالجامعة، والأخيرة ولي أمر أحد الطلاب (المطعون ضدها السادسة في الطعنين المشار
إليهما)، ومن ثم تكون الدعوى مقامة من غير ذي صفة بالنسبة للمدعي الأول، ويتعين
الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة له.
وبالنسبة للدفع بعدم قبول الدعويين لرفعهما على غير ذي صفة بالنسبة
لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية، فإنه بالنسبة لرئيس المجلس
الأعلى للقوات المسلحة، فإنه لم يَتَّخِذْ أي قرار فيها، ولم تُوجه له أي طلبات في
الدعوى، سواء في الفترة الانتقالية أو بعدها، ومن ثم يكون اختصامه اختصامًا لغير
ذي صفة بالنسبة له.
وشَيَّدت المحكمة حكمها فيما قضت به في البند (الثاني) - بعد استعراض
نص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972،
ونصوص المواد أرقام (36) و(37) و(40) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات الخاصة
والأهلية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 302 لسنة 2010- على انتفاء القرار الذي
كان يتعين اتخاذه على وفق القوانين واللوائح، سواء بالموافقة على تحويل جامعة
النيل إلى جامعة أهلية أو الرفض، وينتفي تبعًا لذلك القرار الإداري السلبي الجائز
الطعن عليه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار السلبي بعدم
تحويل جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية.
في حين شَيَّدت المحكمة حكمها فيما قضت به في البند (الثالث) -على نحو
ما تقدم- بأن الأوراق لم يرد بها ما يفيد إخطار جامعة النيل بالقرارات المطعون
فيها، فضلا عن مبادرة ذوي الشأن إلى رفع الدعوى رقم 41289 لسنة 65ق. أمام هذه
المحكمة بتاريخ 10/7/2011، ليعلم مصدر هذه القرارات بعدم استقرار مركزهم القانوني
بسبب المنازعة في صحة الأساس الواقعي والقانوني والذي بنيت عليه هذه القرارات، هذا
ولما كان الثابت أن جامعة النيل قد حاولت حل النزاع بالطرق الودية بتوقيع مذكرة
تفاهم بينها وبين مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، بيد أنه لم يتم التصديق عليها
من أية سلطة مختصة، كما أن النزاع بين جامعة النيل ومدينة زويل كان محلا لنظر
جَدِّي من مجلس الوزراء، فتم توكيل لجنة وزارية بقرار من مجلس الوزراء عقدت جلسات
متعددة كان آخرها الجلسة الختامية بتاريخ 13/9/2012، وأفصحت فيها اللجنة عن موقفها
النهائي، ومن ثم تكون الدعويان مقامتين في الميعاد؛ لرفعهما قبل أن تُدْلي اللجنة
المختصة بموقف نهائي وقرار حاسم في موضوع النزاع، وهو القرارات المطعون عليها، فلم
يكن مطلوبًا منها وقد لجأت إلى السلطات المختصة التي اتخذت مسلكًا إيجابيا واضحًا
نحو تحقيق تظلمها، إلا أن تتريث حتى الموقف النهائي، مما يستوجب حساب ميعاد رفع
دعوى الإلغاء في هذه الحالة من التاريخ الذي تكشف فيه السلطات الخاصة عن موقفها
النهائي في هذا الشأن، وهو ما استبقته برفع الدعويين، وبذلك يكون الدفع بعدم قبول
الدعويين لرفعهما بعد الميعاد غير قائم على سند من القانون جديرًا بالرفض، وانتهت
المحكمة إلى أن الدعويين قد استوفتا جميع أوضاعهما الشكلية والإجرائية المقررة
قانونًا بالنسبة لقرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام 305 و356 و1000 و1366 لسنة 2011،
ومن ثم فهما مقبولتان شكلا.
وبعد ذلك ذهبت المحكمة إلى أنه -بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس
بأصل الحق- قد توفر بشأن طلب وقف تنفيذ القرارات المطعون فيها ركنا الجدية
والاستعجال، على وفق ما هو مستقر عليه، وانتهت إلى قضائها المبين سالفًا، بعد أن
استعرضت حكم المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1958 في شأن التصرف بالمجان في
العقارات المملوكة للدولة والنزول عن أموالها المنقولة، وما جرت به أحكام قانون
تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، والمادة الأولى من
القانون رقم 101 لسنة 1992 بشأن إنشاء الجامعات الخاصة، والمواد أرقام (42/1)
و(55) و(56) و(57) و(61) من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بالقانون رقم
84 لسنة 2002، والمواد (106) و(115) و(116) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون
الصادرة بقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 178 لسنة 2002، والمادة الثالثة من
لائحة النظام الأساسي للمؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي المقيدة بمديرية
الشئون الاجتماعية تحت رقم 1777 بتاريخ 25/5/2003، وأحكام قانون الجامعات الخاصة
والأهلية الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2009، فإنه بالنسبة لطلب وقف تنفيذ القرار
رقم 305 لسنة 2011، فإنه بتاريخ 9/3/2003 تم تشكيل مجلس أمناء المؤسسة المصرية
لتطوير التعليم التكنولوجي، ثم بتاريخ 25/5/2003 وافقت مديرية الشئون الاجتماعية
على إشهار المؤسسة المذكورة تحت الرقم المبين سالفًا، طبقًا لأحكام القانون رقم 84
لسنة 2002، ثم بتاريخ 29/9/2004 صدر قرار وزير التأمينات رقم 221 لسنة 2004
باعتبار المؤسسة المبينة سالفًا ذات صفة عامة، وتمتعها بامتيازات السلطة العامة،
وقد تضمنت لائحة النظام الأساسي لتلك المؤسسة في المادة الثالثة منها تسعة أغراض
تهدف إلى تحقيقها، منها إنشاء الجامعة التكنولوجية المصرية كجامعة أهلية لا تهدف
إلى الربح، وأن رأس المال المخصص للمؤسسة طبقًا للمادة الرابعة هو (81083,80
جنيهًا (واحد وثمانون ألفًا وثلاثة وثمانون جنيهًا وثمانون قرشًا)، وطبقًا للمادة
(20) فإنه يتولى مجلس الأمناء إدارة المؤسسة بما يحقق أغراضها، وله في سبيل ذلك
القيام باختصاصات مجلس الإدارة، والجمعية العمومية الواردة في القانون 84 لسنة
2002 (المشار إليه) ولائحته التنفيذية، فيما عدا تعديل الغرض الأصلي للمؤسسة
الأهلية المحدد في هذا النظام، ثم قامت المؤسسة بإنشاء جامعة النيل كجامعة خاصة لا
تهدف إلى الربح، ومن ثم فإن النظام الأساسي للمؤسسة، وموافقة وزارة الشئون
الاجتماعية على قيدها، طبقًا لهذا النظام قد تضمن نشاطًا لا ينتظمه النظام
القانوني للجامعات في هذا الوقت، الذي لم يتنَاول بالتنظيم سوى الجامعات الحكومية
والجامعات الخاصة، كما أن تخصيص المبلغ المذكور سالفًا كرأس مال لا يكفي بأية حال
لتحقيق أيٍ من أغراضها، وذلك مقارنة بما تكلفته الدولة من خلال وزارة الاتصالات
والمعلومات، وهو الأمر الذي كان يتعين معه على وزارة الشئون الاجتماعية التوقف
عنده، إلا أنها غضت الطرف عن ذلك، ووافقت على قيد المؤسسة المذكورة.
وبتاريخ 15/7/2006 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 255 لسنة 2006 بإنشاء
جامعة خاصة باسم (جامعة النيل) لا تهدف إلى الربح، وبصدور هذا القرار تكون المؤسسة
المذكورة قد تصرفت في أموالها وخصصتها في غير الأغراض التي أُنشِئت من أجلها؛ فليس
من ضمن أغراضها التي قامت لتحقيقها إنشاء جامعة خاصة، فإنها وإن كانت لا تهدف إلى
الربح، فإن هذا ليس هو العنصر الوحيد الذي يُميزها عن الجامعات الأهلية، فضلا عن
أن المنظومة التشريعية للجامعات لم تكن تسمح بإنشاء جامعات أهلية، وبالتالي كان
يتعين على المؤسسة أن تُعدل هذا الغرض من أغراضها إلى إنشاء جامعة خاصة، أو أن
توقف تحقيق هذا الغرض إلى أن يسمح لها المشرع بذلك، أما وأنها قد طلبت إنشاء جامعة
خاصة، فإنها تكون قد خالفت لائحة نظامها الأساسي، وخصصت أموالها في غير الغرض الذي
أُنشِئت من أجله، وهذه المخالفة من المخالفات التي تستوجب حل المؤسسة، وهو ما لم
يقم به وزير الشئون الاجتماعية.
وأضافت المحكمة أنه بتاريخ 8/3/2006 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم
372 لسنة 2006 بالموافقة على منح المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي حق
الانتفاع لإقامة جامعة لا تستهدف الربح تحت مسمى (جامعة النيل) بإيجار اسمي مقداره
جنيه للفدان سنويا ولمدة ثلاثين عامًا، وذلك لقطع الأراضي أرقام (61) و(62) و(63)
بمساحة (127,032 فدانًا) -أي بمساحة (533534,4 م2)-، واستند هذا القرار إلى أحكام
القانون رقم 29 لسنة 1958 المبين سالفًا، الذي وضع أسس وقواعد التصرف بالمجان في
مال من أموال الدولة الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار اسمي أو بأقل من أجر
المثل إلى شخص طبيعي أو معنوي بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام، وحدد الإجراءات المتطلبة
في هذا الشأن، إلا أن تلك الأسس والقواعد ليست هي فقط الواجبة الاتباع، وإنما
يُضاف إليها ما قد يرد في تشريعات أخرى، سواء بحظر هذا التصرف أو بتقييده أو
بإضافة ضابط جديد، ومن ثم فإنه عند النظر في مدى صحة تصرف في مال من أموال الدولة
بالمجان أو تأجيره بإيجار اسمي أو بأقل من أجر المثل، فإن ذلك يكون بتطبيق الأحكام
الواردة بالقانون رقم 29 لسنة 1958، مضافًا إليها أي قيودٍ أُخرى وردت في
التشريعات الحاكمة لموضوع التصرف، وهو في الحالة الماثلة القانون رقم 101 لسنة
1992 بإنشاء الجامعات الخاصة، ولما كان هذا القانون لم يصدر إلا بهدف تحقيق
المشاركة غير الحكومية، وهو ما يميز الجامعات الخاصة عن غيرها من الجامعات، ومن ثم
فإن هذا الهدف يُعد قيدًا على التصرف في أموال الدولة أو تأجيرها بإيجار اسمي أو
بأقل من أجر المثل، وهو الأمر الذي لم يُراعِهِ هذا القرار.
ثم صدر قرار وزير التعليم العالي رقم 49 بتاريخ 11/1/2007 بالتصريح
ببدء الدراسة بكل من كليات هندسة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدراسات
العليا لإدارة التكنولوجيا، وإدارة الأعمال بجامعة النيل، بدءًا من الفصل الدراسي
الثاني للعام الجامعي 2006/ 2007، ثم تم تسليم أرض جامعة النيل بتاريخ 9/8/2007 من
وزارة الاتصالات إلى المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي، ولما كانت
(المادة العاشرة) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 101 لسنة 1992 بشأن الجامعات
الخاصة، تحظر على الجامعات الخاصة (التي صدر القرار بإنشائها) البدء في مزاولة
نشاطها قبل استكمال مقوماتها البشرية والمادية على وفق البيانات والدراسات
والمستندات والرسومات التفصيلية الهندسية المقدمة منها، ويشكل المجلس (مجلس
الجامعات الخاصة) لجنة لمعاينة منشآت ومرافق الكليات والأقسام والمعاهد العليا
المتخصصة والوحدات البحثية التي تتكون منها الجامعة؛ للتحقق من كفايتها وصلاحيتها
لحسن أداء العملية التعليمية والبحث العلمي، وبعد إجراء هذه المعاينة فإنه طبقًا
للمادة (11) من اللائحة ذاتها يصدر التصريح عن الوزير ببدء الدراسة في الجامعة
الخاصة، وهي الإجراءات التي لم تُتبَع في شأن الجامعة المذكورة، والتي صدر لها هذا
التصريح ببدء الدراسة قبل تسلم الأرض على النحو المبين سالفًا.
وأضافت المحكمة أنه بتاريخ 8/11/2007 تم إبرام اتفاق عمل وإطار تعاون
بشأن النشاط التدريبي المتخصص ومراكز البحوث ودعم الإنشاءات لمصلحة جامعة النيل،
بين كل من: وزارة الاتصالات والمؤسسة المذكورة سالفًا (المؤسسة المصرية لتطوير
التعليم التكنولوجي)، تَضَمَّن موافقة رئيس مجلس الوزراء على قيام وزارة الاتصالات
بدعم الإنشاءات لمصلحة الجامعة، وذلك بإعداد وتجهيز الأراضي المخصصة لجامعة النيل
بالبنية الأساسية، وإنشاء عدد (2) مبنى لبدء النشاط التدريبي والمتخصص ومراكز
البحوث ذات الاهتمام المشترك بين الوزارة والمؤسسة، بتمويل ذاتي من موازنة الوزارة
الاستثمارية، تم توقيعه بحضور ممثل عن إدارة جامعة النيل، وفي التاريخ ذاته أُبرم
اتفاق عمل وإطار تعاون بشأن النشاط التدريبي المتخصص ومراكز البحوث ودعم الإنشاءات
لمصلحة جامعة النيل، بين كل من: المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي،
وجامعة النيل، يتضمن مضمون التزامات المؤسسة لتكون التزامًا على جامعة النيل،
وتحدد فيه التزامات الطرف الأول (المؤسسة المذكورة)، وأهمها متابعة قيام وزارة
الاتصالات بالوفاء بالتزاماتها على وفق اتفاق العمل وإطار التعاون، وتضمن التزامات
الطرف الثاني (جامعة النيل)، وأهمها المساهمة في خطط التنمية التكنولوجية والتنمية
البشرية الخاصة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بغرض إقامة مناطق تكنولوجية
متميزة لتصدير الخدمات التكنولوجية في مجالات الاتصالات والمعلومات والمساهمة في
خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع باقي الالتزامات المحددة في البند الثالث
منه، وخلصت المحكمة إلى أنه كان يتعين على وزارة الاتصالات والمعلومات أن تتقدم
بطلب إلى وزير الشئون الاجتماعية قبل إبرام تلك الاتفاقات لإسناد إنشاء جامعة
النيل إلى المؤسسة المذكورة، ومبررات هذا الإسناد إلى تلك المؤسسة، وصدور قراره
بالموافقة على ذلك، طبقًا لحكم المادة (106) من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات
والمؤسسات الأهلية، والتي تُطبق على المؤسسات بمقتضى المادة (115) من اللائحة
ذاتها.
وإذ إنه بتاريخ 17/2/2011 أصدر مجلس أمناء المؤسسة المذكورة القرار
الآتي: (موافقة مجلس أمناء المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي على التنازل
بصورة نهائية وغير مشروطة عن حق الانتفاع الصادر بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم
372 لسنة 2006، وذلك لمصلحة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على أن تتولى
الجامعة توفيق أوضاعها كجامعة أهلية على وفق ما يُستَجد من إجراءات وتقديم الأوراق
اللازمة لوزارة التعليم العالي)، ثم بتاريخ 19/2/2011 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 305 (القرار المطعون فيه) بالموافقة على قبول التنازل النهائي من مجلس أمناء
المؤسسة المذكورة سالفًا عن حق الانتفاع الموافق عليه بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم
372 لسنة 2006 المشار إليه، وذلك عن مساحة (127,032 فدانًا) (533534,4 م2) وهي قطع
الأراضي الفضاء أرقام (61) و(62) و(63) المخصصة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا
المعلومات بمدينة الشيخ زايد بمحافظة السادس من أكتوبر، على أن تتولى الجامعة
توفيق أوضاعها كجامعة أهلية، وخلصت المحكمة إلى أن البادي من ظاهر العبارة الأخيرة
أن مجلس أمناء المؤسسة لهذه الجامعة يُدْرك تمامًا مدى العوار الذي لحق بتأسيس
وإنشاء المؤسسة وجامعة النيل، وإلا ما كان دعاها لتوفيق أوضاعها، ولما كان هذا
القرار هو الذي يُشكل ركن السبب في القرار المطعون فيه المبين سالفًا، طبقًا
للمادة (20) من لائحة النظام الأساسي للمؤسسة المذكورة، التي يقضي حكمها بأن يتولى
مجلس الأمناء إدارة المؤسسة بما يحقق أغراضها، وله في سبيل ذلك القيام باختصاصات
مجلس الإدارة، والجمعية العمومية الواردة في القانون رقم 84 لسنة 2002، ولائحته
التنفيذية، فيما عدا تعديل الغرض الأصلي للمؤسسة الأهلية المحدد في هذا النظام،
ومن ثم فإن هذا التنازل يكون قد صدر عن السلطة التي تملك إصداره، ويكون القرار
الطعين -والحال كذلك- قد صدر على سبب صحيح.
كما أضافت المحكمة أنه لا ينال مما خلصت إليه في هذا الصدد ما ذهب
إليه المدعون بأن مجلس أمناء المؤسسة أُكْره على تقديم هذا التنازل تحت ضغط سياسي،
وأنه يلزم لصحة القرار المطعون فيه أن يكون الإقرار بالتنازل قائمًا حتى صدور
القرار مستوفيا شروط صحته شكلا وموضوعًا باعتباره مظهرًا من مظاهر الإرادة ويجب
صدوره برضاء صحيح، بحسبان أنه كان الأولى بالمؤسسة المذكورة أن تدَّعي بقيام هذا
الإكراه، إلا أنها لم تحضر وتَدَّعِي ذلك، رغم اختصامها في الدعوى وإعلانها، وأن
توضح مظاهره وعناصره وتأثيره في إرادتها، ومن ثم فإن العبارة الأخيرة في إقرار
التنازل توضح أنها رغبة من جانب المؤسسة في تصحيح الأوضاع ووضعها في نصابها
الصحيح، دون وقوع إكراه من جانب أية جهة على مجلس أمناء المؤسسة.
كما لا يقدح في صحة قرار مجلس أمناء المؤسسة أنه قد صدر من خلال
الاتصال التليفوني بجميع الأعضاء عدا واحدا تعذر التواصل معه؛ فإن استخدام وسائل
الاتصال المختلفة أصبح السمة المتبعة كبديل عن الحضور الفعلي، ويؤكد ذلك أن اجتماع
مجلس أمناء جامعة النيل رقم 12 بتاريخ 22/11/2010، والذي تمت فيه الموافقة على
تحويل جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، لم يحضُرْه سوى ستة أعضاء من
ثمانية عشر عضوًا، وتم التواصل مع ثمانية أعضاء إلكترونيا، واعتذر عن عدم الحضور
أربعة أعضاء، ومن ثم فإن طريق التواصل ليس من شأنه المساس بصحة القرار، مادام لم
يعترض عليه أعضاء مجلس أمناء المؤسسة.
كما لا ينال مما تقدم أيضًا ما ذهب إليه المدعون من أن هناك اشتراطًا
لمصلحة الغير من جانب هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لمصلحة الجامعة (جامعة
النيل)، فإنه قولٌ يجافي الحقيقة والمنطق في ضوء ما سبق إيضاحه من أن أساس التصرف
في أموال الدولة العامة بتقرير حق انتفاع للمؤسسة المذكورة لإنشاء جامعة خاصة قد
تم بالمخالفة لأحكام القانون، وأن الأصل في مجال علاقات القانون العام أن الانتفاع
بالمال العام يكون على سبيل التخصيص.
واستكملت المحكمة أن القرار الطعين وإن قام على سبب صحيح، إلا أن هذا
الأمر غير كافٍ وحده للحكم بمشروعيته، وإن كانت الغاية منه والقرارات اللاحقة له
استرداد أملاك الدولة التي تم التصرف فيها على نحو مخالف للقانون؛ ذلك أن سلطة جهة
الإدارة في ذلك وإن كانت سلطة تقديرية، فإنها تخضع لرقابة القضاء الإداري؛ بحسبان
أن الأصل في نشاط جهة الإدارة أنه يستهدف المصلحة العامة، وأن يكون جوهر وظيفة
الإدارة العامة إشباع الحاجات العامة تحقيقًا لهذا الهدف، وبالتالي فإنه يجب على
جهة الإدارة أن تصدر تصرفاتها بما يراعي المصلحة العامة ويناسبها، ومن ثم وإذ
استهدفت القرارات المشار إليها مصلحة عامة، لا ريب فيها، قوامها الحفاظ على أملاك
الدولة، إلا أنه في الجانب الآخر قد ضحت بوجه مصلحة عامة آخر يتمثل في هدم مؤسسة
علمية، وهي جامعة النيل، بعد أن تم استرداد كل مقوماتها المادية التي منحت لها
بالمخالفة لأحكام القانون، مما يُفقدها القدرة على القيام برسالتها العلمية، فضلا
عن المساس بمراكز قانونية مستقرة لطلبة الجامعة، الذين لا يمكن بأية حال تحميلهم
آثار تصرفات قانونية خاطئة للدولة بجميع أجهزتها لا شأن لهم بها، وأن هذا الكيان
العلمي بجميع مقوماته لم يُنْشَأ إلا بعد أن سخرت له الدولة جميع إمكانياتها
المادية، ضاربةً عرض الحائط بجميع القواعد القانونية المعمول بها، باعتبار أن هناك
مؤسسة علمية (وهي جامعة النيل) قد أصبحت قائمة واقعًا وقانونًا، فلا يجوز للدولة أن
تنشط فجأة للقضاء عليها باسترداد جميع مقوماتها المادية، ويعد قيامها بذلك إخلالا
منها بمسئوليتها نحو الحفاظ على هذا الكيان العلمي والطلبة الذين التحقوا به، إذ
مؤدى ذلك التضحية بوجه المصلحة العامة القائم للجامعة وطلابها، وتغليب وجه مصلحة
عامة أخرى عليه وهو حماية أموال الدولة، بينما الوجه الأول أظهر وأولى بالرعاية،
وأجدر بالعناية، وأحقُ بالتغليب، ويكون إهماله إخلالا لا يجوز قانونًا بحكم طبيعة
الوظيفة الإدارية، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه شابه عوارٌ في الغاية،
متنكبًا صحيح حكم القانون، ومن ثم فإنه عملا بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات، وأن
دفع الضرر مقدم على جلب المنافع، وأن الضرورة تقدر بقدرها عند التصرف لرفعها، فإنه
لما كان ما تقدم، وكان البادي من المستندات أن الجامعة تمارس نشاطها لعدة سنوات من
خلال المبنى (B2) بالقرية
الذكية، ومن ثم لا يحق لها سوى تسلم مبنى واحد من المباني التي أقامتها وزارة
الاتصالات والمعلومات المخصصة للعملية التعليمية على الأرض التي تم التنازل عنها
واستردتها الدولة بمقتضى القرار المطعون فيه، وعلى ذلك وقد صدر ذلك القرار مطلقًا
شاملا مساحة الأرض كاملة دون استقطاع للأرض المقام عليها ذلك المبنى، فإنه -بحسب
الظاهر- يكون قد شابه عوارٌ في الغاية بالنسبة للأرض المقام عليها ذلك المبنى فقط
دون باقي المساحة، ومن ثم خلصت المحكمة في هذا الصدد إلى حكمها الطعين على النحو
المبين سالفًا.
- أما بالنسبة لطلب وقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 356 لسنة 2011
الصادر في 14/3/2011 بالموافقة على قبول وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
جميع التجهيزات الإضافية لمباني جامعة النيل، الممولة من المؤسسة المصرية لتطوير
التعليم التكنولوجي، البالغ قيمتها (40 مليون جنيه)، بالإضافة إلى ما قد يتبقى من
التبرعات المخصصة لإنشاء الجامعة الجاري حصرها، فقد شَيَّدت المحكمة قضاءها على أن
البادي من ظاهر الأوراق -بالقدر اللازم للفصل في طلب وقف تنفيذ ذلك القرار- أنه قد
صدر بناء على خطاب من رئيس مجلس أمناء المؤسسة المذكورة تضمن هذا التنازل، وليس
بناء على قرار من مجلس الأمناء، ومن ثم يكون هذا التنازل قد صدر عن غير مختص، وهو
والعدم سواء، فضلا عن أن ما تم التنازل عنه لم تساهم فيه الدولة، وإنما تم تجهيز
تلك المباني من موارد المؤسسة، ومن تبرعاتٍ تلقتها بلغت (150 مليون جنيه) -على وفق
المستند رقم (7) في حافظة المستندات المقدمة من الحاضر عن رئيس مجلس أمناء مدينة
زويل للعلوم والتكنولوجيا بجلسة 24/10/2012 (الذين ليس من بينهم الدولة)- لجامعة
النيل تحديدًا، والتبرع واجبُ التوجيهِ في مصارفه التي حددها المتبرع، ولا يجوز
تغيير مصرفه ولو كان إلى ما يَعُدُّهُ المتبرَّع له أولى إلا بإذن ممن قدم هذا
التبرع، وفي حالة عدم توجيه التبرُّع في مصرفه المحدد من المتبرِّع يجوز لمن
تبرَّع به أن يطلب استرداده، فضلا عن أن جامعة النيل في موقفها الحالي في أشد
الحاجة لتلك التجهيزات والتبرعات لتستكمل مقوماتها المادية، بعد أن رفعت الدولة
يدها عنها، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد صدر بناء على سند غير صحيح، ولم يهدف
إلى تحقيق المصلحة العامة، مخالفًا أحكام القانون، بما يتوفر معه ركن الجدية في
طلب وقف تنفيذه فضلا عن ركن الاستعجال، وخلصت المحكمة إلى القضاء بوقف تنفيذ ذلك
القرار.
- أما بالنسبة لطلب وقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1000 لسنة
2011 (المطعون فيه) بنقل الإشراف الإداري على الأرض والمباني، الصادر بشأنها قرارا
رئيس مجلس الوزراء رقما 305 و356 لسنة 2011، المبينان سالفًا، وذلك من وزارة
الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى صندوق تطوير التعليم، فإنَّه لما كان ذلك
القرار قد استند إلى صدور القرارين المشار إليهما بما تضمناه على نحو ما سلف، وقد
انتهى قضاء المحكمة حيالهما بوقف تنفيذ القرار رقم 305 لسنة 2011 في الجزء الخاص
بالأرض المقام عليها المبنى الذي ستشغله جامعة النيل، وبوقف تنفيذ القرار رقم 356
لسنة 2011، وكان من الضروري أن تقوم الدولة بعد استردادها للأرض وما أقيم عليها من
مبانٍ، أن تحدد جهة إدارية تتولى الإشراف عليها، حيث اختارت صندوق تطوير التعليم
للقيام بهذا الدور، فإنه أمر يخضع لسلطتها التقديرية دون معقب عليها في هذا الشأن،
إلا أن نطاق هذا الإشراف يجب أن يتقيد بالقضاء المبين سالفًا، فيشمل مساحة الأرض
جميعها عدا الجزء المقام عليه المبنى الذي ستشغله جامعة النيل، ولا يشمل التجهيزات
والتبرعات، ومن ثم فإنه بصدوره شاملا كل ما تقدم، يكون قد خالف صحيح حكم القانون
بالنسبة للجزء المقام عليه المبنى الذي ستشغله جامعة النيل والتجهيزات والتبرعات،
بما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه فضلا عن ركن الاستعجال، وخلصت المحكمة
إلى القضاء بوقف تنفيذ ذلك القرار.
- أما عن طلب وقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1366 لسنة 2011،
الصادر بتاريخ 27/10/2011، والذي نص في (المادة الأولى) منه على: "الموافقة
على استخدام مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا (مشروع مصر القومي للنهضة العلمية)
المباني والمنشآت المقامة على الأراضي التي خُصِّصت لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا
المعلومات بمدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة، والصادر في شأنها قرارا رئيس مجلس
الوزراء رقما 305 و356 لسنة 2011، والتي تم نقل الإشراف الإداري عليها إلى صندوق
تطوير التعليم بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1000 لسنة 2011، لحين استكمال
الإجراءات اللازمة وفقًا للقانون"، ونص في (المادة الثانية) منه على:
"الموافقة على الترخيص للسيد الأستاذ الدكتور/ أحمد زويل بصفته رئيسًا لمجلس
الأمناء لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا (مشروع مصر القومي للنهضة العلمية)
بالتعامل مع الجهات الحكومية وغيرها من الأشخاص المعنوية العامة والخاصة لإنجاز
كافة الإجراءات اللازمة لاستكمال المقومات المادية والمعنوية اللازمة للمدينة، على
أن تُعرض هذه التعاملات على مجلس الأمناء للمراجعة والاعتماد"- فقد شَيَّدت
المحكمة قضاءها على أنه باستعراض ما ورد في هذا القرار من أحكام، يبين أن الطعن
عليه ينصرف إلى (المادة الأولى) منه فقط دون (الثانية)؛ إذ لا مصلحة للمدعين أو
الخصوم المتدخلين في الطعن عليها، وأن البادي من ظاهر الأوراق -بالقدر اللازم
للفصل في طلب وقف تنفيذ (المادة الأولى) منه- أن ذلك القرار قد شاب مادته الأولى
العوار ذاته الذي شاب القرار رقم 1000 لسنة 2011 على النحو المبين سالفًا، ومن ثم
خلصت المحكمة إلى الحكم بوقف تنفيذه للأسباب ذاتها المبينة سالفًا، دون أن ينال من
ذلك أن مدينة زويل ليس لها كيان قانوني، أو التصريح لها باستخدام المباني والأرض
قبل التأكد من جدوى المشروع؛ بحسبان أن (المادة الأولى) من القرار الطعين تضمنت في
عجزها عبارة "لحين استكمال الإجراءات اللازمة وفقًا للقانون"، ومن ثم فإن
تبعية الإشراف الإداري على الأرض والبناء لا تزال للدولة ممثلة في صندوق تطوير
التعليم، كما ثبت للمحكمة من المستندات المقدمة من الحاضر عن رئيس مجلس أمناء
مدينة زويل أنها قد أظهرت كَمَّ المبالغ التي تم صرفُها والتي بلغت ملايين
الجنيهات، ولم يَدَّعِ أي من الخصوم أنها من أموال الدولة، مما يؤكد جدية هذا
المشروع، وأنه في سبيل استكمال مقوماته.
ومن جميع ما تقدم، فقد خلص الحكم الطعين في البند (ثالثًا) منه إلى
القضاء بوقف تنفيذ القرار رقم 356 لسنة 2011 بجميع أجزائه، وبوقف تنفيذ القرارات
أرقام 305 و1000 و1366 لسنة 2011 بالنسبة للجزء من الأرض والمبنى المقام عليه الذي
ستشغله جامعة النيل -على النحو المبين بالأسباب، مع ما يترتب على ذلك من آثار على
النحو المبين سالفًا.
وإذ لم يرض الطاعنون الحكم الطعين فيما قضى به:
فأقام الطاعن بالطعن رقم 4524 لسنة 59ق.ع طعنه للحكم بطلباته المشار
إليها بصدر الحكم، وذلك على أسباب حاصلها:
(1) مخالفة الحكم الطعين القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك من
وجهين:
أولهما: الخطأ في قبول الدعويين شكلا؛ بحسبان أن القرار رقم 305 لسنة
2011 صدر في 19/2/2011، وصدر القرار رقم 356 بتاريخ 14/3/2011، ثم صدر القرار رقم
1000 بتاريخ 27/7/2011، في حين صدر القرار رقم 1366 بتاريخ 27/10/2011، وقد أقام
المدعون بالدعوى رقم 32349 لسنة 66ق. دعواهم بتاريخ 1/4/2012 بطلباتهم المبينة
سالفًا، في حين أقيمت الدعوى رقم 55780 لسنة 66ق. في 1/8/2012، وقد تحقق العلم
اليقيني في حق رافعي الدعويين بهذه القرارات بنشرها في الجريدة الرسمية، وما نُشر
بوسائل الإعلام المختلفة على نحوٍ يكاد يكون يوميا، ولا يجوز الاعتداد بأنه تشكلت
لجنة وزارية في سبتمبر 2012 لفض الخلاف بين مدينة زويل وجامعة النيل بحثًا عن حلول
توفيقية بعد تعدي أفراد من جامعة النيل في 28/8/2012 على أرض ومنشآت مشروع مصر
القومي للنهضة (مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا)، والذي تحرَّر عنه المحضر رقم
2197/ 2012 إداري الشيخ زايد، والذي صدر فيه قرار النيابة العامة بتمكين مدينة
زويل من الأرض والمنشآت حيازتها، وإحالة موظف بجامعة النيل وعدد (16) طالبًا بها
إلى محكمة الجنح عن جريمتي الانتهاك وإتلاف المنشآت والمزروعات الخاصة بمدينة زويل
–لا يجوز الاعتداد بذلك- ليستطيل الأمر إلى مد قبول ميعاد رفع الدعوى، ومن ثم قبول
الدعويين شكلا، بحسبان أن مهمة اللجنة الوزارية -فضلا عن تجاوزها لاختصاصها- لم
تكن النظر في إلغاء القرارات المبينة سالفًا الصادرة عن رئيس الوزراء أو قرار
النيابة العامة.
أما الوجه الآخر: فهو خطأ الحكم الطعين فيما قضى به من وقف تنفيذ
القرارات المطعون فيها دون توفر شرائطه على وفق حكم المادة (49/1) من قانون مجلس
الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، إذ ينتفي ركنا الجدية والاستعجال
في طلب وقف تنفيذها، كما أنه لم يلحق جامعة النيل ضرر؛ إذ إنها بإقرارها ما زالت
منذ نشأتها كائنة بالقرية الذكية، وتمارس نشاطها بالدراسة بها.
(2) الفساد في الاستدلال: ذلك أن الحكم الطعين بعد أن عَدَّد أوجه العوار
الذي صاحب نشأة جامعة النيل، وبدلا من أن يقضي برفض طلب وقف تنفيذ القرارات
المطعون فيها، عدل إلى صدور حكم توفيقي -بما لا يجوز لقضاء الإلغاء-، فقضى بأحقية
جامعة النيل لجزء من الأرض والمبنى المقام عليه الذي ستشغله، وذلك على نحو ما قضى
البند (ثالثًا) منه على نحو ما تقدم، مما يكون معه قد جاء متناقضًا، مشوبًا بفساد
الاستدلال.
(3) الإخلال بحق الدفاع: إذ قَدَّم الدفاعُ ردًا على الدعويين المستندات
التي تؤكد صحة وأحقية مدينة زويل في الأرض والمباني المخصصة لها بالشيخ زايد بموجب
قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1366 لسنة 2011، وهو الذي صدر فيه قرار النيابة العامة
بتمكينها من الأرض والمنشآت حيازتها عما تحرر عنه المحضر رقم 2197/ 2012 إداري
الشيخ زايد، حيث تسلمتها بموجب محضر لإشكال وجرد وتمكين مؤرخ في 17/9/2012، ولم
يتناوله الحكم الطعين تعقيبًا، مما يكون ما قضى به -والحال هذه- متعارضًا مع ما
انتهى إليه قرار النيابة العامة المبين سالفًا بتأكيد الحيازة لمدينة زويل على
المقر المخصص لها، ومن جميع ما تقدم خلص الطاعن (بصفته) إلى طلباته المبينة سالفًا.
كما أقام الطاعن بالطعن رقم 6033 لسنة 59ق.ع طعنه للحكم بطلباته
المبينة سالفًا، على أسباب حاصلها: مخالفة الحكم الطعين للقانون، والخطأ في تطبيقه
وتأويله، وذلك لما يلي:
(أولا) انعدام الوجود القانوني لمؤسسة (أحمد زويل)، ومن ثم عدم جواز
تلقيها أموال جامعة النيل وأصولها ومبانيها ومنشآتها، حسبما انتهى الحكم المطعون
فيه، بحجة غياب مجلس الشعب، حيث تناسى الحكم وجود تنظيم قانوني لإنشاء الجمعيات
والمؤسسات الأهلية في القانون رقم 84 لسنة 2002، فضلا عن أن القرارين رقمي 305
و356 لسنة 2011 المطعون فيهما قد صدرا بالتصديق وبالموافقة على قبول التنازل عن
تلك المباني والأصول والأموال من المؤسسة المصرية لتطوير التعليم، والتي لا تملك
إجراء هذا التنازل، بعد صدور القرار الجمهوري رقم 255 لسنة 2006، بإنشاء جامعة
النيل ومنحها الشخصية الاعتبارية، بما يجعل رئيسها هو ممثلها في صِلاتها بالغير،
وأنه على فرض جواز صدور هذا التنازل من المؤسسة المذكورة، فإن الثابت من الأوراق
السابق تقديمها من تلك المؤسسة، أن هذا التنازل كان مشروطًا أو مؤجلا لحين تحويل
جامعة النيل إلى جامعة أهلية.
و(ثانيا) أنه بصدور القرار رقم 1000 لسنة 2011 المطعون فيه، مستندًا
إلى القرارين رقمي 305 و356 لسنة 2011 رغم ما شابهما من عوار ومخالفة قانونية،
فضلا عن صدور القرار رقم 1366 لسنة 2011، تأسيسًا على وجود كيان قانوني لمؤسسة
(أحمد زويل) بالمخالفة للواقع القانوني، تغدو تلك القرارات مخالفة لأحكام القانون،
الأمر الذي كان يتعين معه وقف تنفيذها بكامل أركانها وآثارها، وليس في جزء منها
فقط، والذي يخص أرض جامعة النيل المقامة عليها الدراسة، بالإضافة إلى أنه كان
يتعين عدم المساس بالقرارات الإدارية الصادرة بإنشاء جامعة النيل ومنحها أرضها بحق
الانتفاع، وكذلك جميع الأصول والأموال والمنشآت الخاصة بالجامعة، لما ترتب على ذلك
من مراكز قانونية مستقرة وحقوق مكتسبة لطلابها، وكذلك للجامعة كشخصية اعتبارية.
و(ثالثًا) أن جامعة النيل -فضلا عن سلامة موقفها القانوني- كانت في
طريقها للتحول إلى جامعة أهلية طبقًا للغرض من إنشائها، ويتضح ذلك من تقدم الجامعة
بطلب إلى وزير التعليم العالي لتحويلها إلى جامعة أهلية، حيث شُكِّلت لجنة لبحث
الطلب، وبتاريخ 19/1/2011 أوصت اللجنة بالموافقة على تحويلها إلى جامعة أهلية،
وبتاريخ 20/1/2011 تم اجتماع مجلس الجامعات الخاصة ووافق على تحويلها إلى جامعة
أهلية، ثم عُرض الأمر على مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية لإصدار قرار تحويلها إلى
جامعة أهلية، إلا أنه بالنظر للظروف التي مرت بها البلاد إزاء ثورة 25 من يناير لم
يصدر قرار رئيس الجمهورية في هذا الصدد، ثم صدرت القرارات المطعون فيها، والتي
بمقتضاها تم تجريد جامعة النيل من مقوماتها المادية، الأمر الذي كان يتعين معه
القضاء بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تحويل جامعة النيل من جامعة خاصة
إلى جامعة أهلية.
و(رابعًا) عدم اعتداد الحكم المطعون فيه بنصوص العقد المحرر بين هيئة
المجتمعات العمرانية الجديدة وبين وزارة الاتصالات والمؤرخ في 20/9/2004، والذي
تضمن النص على التزام الطرف الثاني (وهو وزارة الاتصالات) بإقامة مشروع جامعة
تكنولوجية على الأرض المعروضة للبيع، بحيث تتم إقامتها متكاملة بما فيها من أبنية
ومرافق صرف ومياه وكهرباء واتصالات، وكذلك ما تضمنه العقد بالنص على أن: يُحظر على
الطرف الثاني استعمال الأرض محل هذا العقد في غير الغرض المخصصة له، وهو إنشاء
جامعة تكنولوجية كاملة المنشآت والمرافق، وأعمال تنسيق الموقع لخدمة المشروع، وحسب
اشتراطات الطرف الأول (هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة) وطبقًا لقرار التخطيط
والتقسيم للطرف الأول.
في حين أقام الطاعنون (بصفاتهم) الطعن رقم 6248 لسنة 59ق.ع للحكم
بطلباتهم المشار إليها، وذلك على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه فيما قضي به
في البند (ثالثًا) قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ إذ إنه:
(أولا) كان يتعين القضاء بعدم قبول الدعويين الصادر فيهما الحكم
المطعون فيه شكلا لرفعهما بعد الميعاد، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون
فيه من فتح الميعاد بعد فواته؛ لكون النزاع محل التداعي كان قد استمر محل نظر
اللجنة الوزارية المشكلة في هذا الصدد؛ ذلك أن اللجنة الوزارية المشار إليها تم
تشكيلها بتاريخ 15/8/2012، أي بعد فوات أكثر من ستين يومًا على العلم بالقرارات
المطعون فيها، وبعد إقامة الدعويين محل الطعن، كما أنها شكلت للبحث عن حلول
توفيقية بين مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا وجامعة النيل، ولم تنظر أي تظلمات في
هذا الشأن، ومن ثم لا يُعوَّل على ما انتهت إليه تلك اللجنة لفتح ميعاد الطعن،
فضلا عن أنه من المقرر أن سلوك الجهة الإدارية مسلكًا إيجابيا في بحث التظلم هو
أمر طبيعي وواجب عليها بالنسبة لأي تظلم مقدم إليها، ومن ثم فليس من شأن بحث
التظلم من قبل جهة الإدارة أن ينفتح ميعاد الطعن؛ خاصة أنه قد تم نشر القرارات
المطعون فيها في الجريدة الرسمية في 3/11/2011 بالعدد (44)، وتحقق علم المدعين
والمتدخلين في الطعن على تلك القرارات علمًا يقينيا بها من تاريخ مذكرة التفاهم
الموقعة بين مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا وجامعة النيل، والموقعة بين الطرفين
بتاريخ 17/12/2011، وقد أُقيمت الدعويان المطعون على حكمهما بتاريخي 1/4/2012
و15/8/2012 على التوالي، ومن ثم فإنهما تكونان قد أقيمتا بعد الميعاد المقرر
قانونًا.
و(ثانيا) عدم توفر ركني الجدية والاستعجال بطلب وقف تنفيذ القرارات
المطعون فيها المشار إليها سالفًا، لكون جامعة النيل منذ بداية دراستها وحتى
تاريخه تَستَخْدِم بصفة مؤقتة موقعًا بالقرية الذكية، ومن ثم لا توجد نتائج يتعذر
تداركها من القرارات المطعون فيها، وينتفي ركن الاستعجال لوقف تنفيذها، فضلا عن
صحة سند القرار رقم 305 لسنة 2011 المطعون فيه، والقرارات المطعون فيها الأخرى
المترتبة عليه، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية أيضًا لوقف تنفيذ تلك القرارات.
و(ثالثًا) أن الحكم الطعين عمد في قضائه المطعون فيه إلى رقابة ملاءمة
القرارات المطعون فيها، والتي تقوم على فكرة المصلحة العامة، وهي فكرة غامضة ليس
لها معيار جامع مانع، والأصل امتناع القضاء عن رقابة ملاءمة القرارات الإدارية،
وإلا عُدَّ ذلك تغوَّلا من القضاء على مبدأ الفصل بين السلطات، وحلولا محل الإدارة،
وهو ما لا يجوز على وفق ما هو مستقرٌ عليه بقضاء المحكمة الإدارية العليا منذ
إنشائها.
- وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الطعن المقام
من كل من أطراف المنازعة في الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري، يعيد طرح
المنازعة برمتها على المحكمة الإدارية العليا، بجميع عناصرها، والطلبات المبداة
فيها؛ لتفصل فيها وتُنزل في شأنها صحيح أحكام القانون. (راجع حكمها في الطعون
أرقام 313 و423 و601 و609 و703 و7709 و8051 لسنة 44ق.ع بجلسة 30/8/2001)
- وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق وصدر متفقًا مع صحيح حكم
القانون، فيما قضى به في البند (أولا) من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعي الأول في
الدعوى رقم 32349 لسنة 66ق (حمدي...) لرفعها من غير ذي صفة، وبعدم قبولها بالنسبة
لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة لرفعها على غير ذي صفة، وبقبول تدخل رئيس مجلس
أمناء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا خصمًا منضمًا للجهة الإدارية في الدعوى
32349 لسنة 66ق، وبقبول جميع طلبات التدخل الانضمامي للمدعين في الدعويين؛ وذلك
للأسباب التي قام عليها هذا الشق منه، وليس فيما ساقه الطاعنون ما ينال من صحتها،
ومن ثم تستند إليها المحكمة، وتكتفي بإثباته في أسباب الحكم الماثل دون منطوقه،
لذلك تحيل إليها وإلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد منعًا للتكرار.
- وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعويين الصادر فيهما الحكم
الطعين شكلا لرفعهما بعد الميعاد، فإن المستقر عليه بقضاء المحكمة الإدارية العليا
أن نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به، هما أداتان للعلم
بالقرار المطعون فيه، كما ورد بنص المادة (24) من قانون مجلس الدولة، إلا أنه غنيٌ
عن البيان أنه إذا كانت نصوص القانون قد حددت واقعة النشر أو الإعلان لبدء الميعاد
المقرر لرفع دعوى الإلغاء؛ بالنظر إلى أنهما ليستا إلا قرينتين على وصول القرار
المطعون عليه إلى علم صاحب الشأن، فالقضاء الإداري في مصر وفرنسا لم يلتزم حدود
النص في ذلك بإنشاء نظرية العلم اليقيني، وهذا العلم يقوم مقام النشر والإعلان،
وذلك بشرط أن يكون علمًا يقينًا لا ظنيا ولا افتراضيا، وللقضاء الإداري التحقق من
قيام أو عدم قيام أية قرينة أو واقعة على العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه،
وتقدير الأثر الذي يمكن ترتيبه عليها، من حيث كفاية العلم أو قصوره لبدء سريان
ميعاد رفع دعوى الإلغاء. (راجع في ذلك حكمها في الطعن رقم 8500 لسنة 46ق.ع بجلسة
11/11/2006)
وحيث إنه من المقرر أيضًا أن العلم اليقيني الذي يبدأ منه سريان ميعاد
رفع دعوى الإلغاء المنصوص عليه في المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 هو العلم اليقيني بالقرار وبجميع عناصره، علمًا يُمكِّن
الطاعن من تحديد مركزه القانوني بالنسبة للقرار المطعون فيه بصفه نهائية، ومن ثم
فإنه يقوم بحسب تكييف المحكمة واقتناعها بحصوله على ركنين: (الأول) أن يكون يقينيا
لا ظنيا، وثابتًا لا افتراضيا، وإيجابيا ومؤكدًا لا مستنتجًا من قرائن تقبل العكس،
و(الثاني) أن يكون هذا العلم شاملا جميع عناصر القرار، بما يُمكِّن صاحب الشأن من
تحديد مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار؛ لكي يستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك
طريقه في الطعن فيه، وإذا تخلف أحد هذين الركنين فقد العلم أثره المنتج في بدء
سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء. (راجع في ذلك أحكام المحكمة الإدارية العليا في
الطعن رقم 2109 لسنة 29ق.ع بجلسة 19/5/1984، وفي الطعن رقم 621 لسنة 37ق.ع بجلسة
21/3/1998، وفي الطعن رقم 2223 لسنة 43ق.ع بجلسة 19/11/2000)
وحيث إنه ترتيبًا على ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن السلطة التي
أصدرت القرارات المطعون فيها قد شَكلت لجنة وزارية بقرارٍ منها، وأَوكلت إليها نظر
النزاع الماثل بشأن الأرض محل القرارات المطعون فيها وحسمه بالعرض عليها؛ لتصدر
قرارها النهائي فيه بشأن تلك القرارات وما تمس به من مراكز قانونية لذوي الشأن،
واستمرت تلك اللجنة في عملها وعقدت جلسات متعددة، كان آخرها الجلسة الختامية
بتاريخ 13/9/2012، والتي أفصحت فيها عن موقفها النهائي، ومن ثم فإن هذا التاريخ هو
الذي تكشف فيه السلطة الإدارية مُصدِرة القرارات الطعينة عن موقفها النهائي من
خلال اللجنة الوزارية التابعة لها والمفوضة منها في ذلك، وهو ما استبقه ذوو الشأن
برفع الدعويين محل الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يتخلف معه ركن قيام العلم
اليقيني بالقرارات المطعون فيها، لسريان ميعاد الإلغاء في حق المدعين بالدعويين
المشار إليهما، للقول بعلمهم بتلك القرارات علمًا إيجابيا ومؤكدًا وشاملا جميع
عناصر تلك القرارات، بما يُمَكِّن أيا منهم من تحديد مركزه القانوني في ضوء تلك
القرارات بصفة نهائية، يتحدد على مقتضاها الطريق في الطعن عليها بالإلغاء، وهو ما
يغدو معه علم أيٍ منهم بصدور تلك القرارات علمًا مجردًا من عناصره وأركانه، ولا
يُمْكِن أن ينتج أثره في بدء سريان ميعاد قبول دعوى الإلغاء، ومن ثم لا ينبغي حساب
ميعاد رفع الدعويين المشار إليهما من تاريخ علم المدعين بصدور القرارات المطعون
فيها، مادام أن هذه القرارات ظلت محلا للدراسة والتمحيص والعرض على اللجنة التابعة
للسلطة التي أصدرتها، وفي ضوء ما تم إبداؤه من آراء وتوجهات بشأن مراكزهم
القانونية، والتي لم تصبح نهائية إلا بعد أن أفصحت الجهة الإدارية عن موقفها
النهائي في 13/9/2012، وهو تاريخ لاحق على إقامة الدعويين طعنًا على تلك القرارات،
الأمر الذي تكون معه هاتان الدعويان مقامتين بمراعاة الميعاد المقرر قانونًا
لرفعهما، وإذ استوفتا جميع أوضاعهما الشكلية الأخرى المقررة قانونًا، فإنهما
تكونان مقبولتين شكلا، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قبول الدعويين
المشار إليهما سالفًا شكلا؛ تطبيقًا لصحيح حكم القانون على النحو المتقدم، فإنه
يكون قد أصاب وجه الحق، ويكون طلب إلغاء هذا الشق منه غير قائم على أساس من
القانون خليقًا بالرفض.
ولا ينال مما تقدم ما دفعت به هيئة قضايا الدولة من توفر العلم
اليقيني بالقرارات المطعون فيها في حق المدعين بالدعويين محل الحكم المطعون فيه،
وذلك استنادًا إلى أنه بتاريخ 10/7/2011 أقام بعض أعضاء هيئة التدريس وبعض
العاملين والباحثين والطلاب الدارسين بجامعة النيل الدعوى رقم 41289 لسنة 65ق.
أمام محكمة القضاء الإداري، ضد كل من المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي
وجامعة النيل، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 305
و356 لسنة 2011 المطعون فيهما بالدعويين الصادر فيهما الحكم المطعون فيه، كما علم
رئيس جامعة النيل وأعضاء هيئة التدريس بمضمون القرارين المطعون فيهما رقمي 305
و356 لسنة 2011 قبل صدورهما، وذلك في 17/2/2011 و21/2/2011 (تاريخي التنازلين
الصادرين عن المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي المنشِئة لجامعة النيل)،
فضلا عن وجود اتفاق بين وزارة التعليم العالي وجامعة النيل بتاريخ 16/11/2011،
بشأن تنفيذ القرارات المطعون فيها والمعلَن بالصحف في 17/11/2011، كما تم تنفيذ
تلك القرارات فعليا بتحرير محضر مؤرخ في 11/12/2011، بتسليم الأرض محل تلك
القرارات إلى مدينة زويل تحت بصر وسمع القائمين على جامعة النيل، هذا بالإضافة إلى
تحرير مذكرة تفاهم بين جامعة النيل ومدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بتاريخ
17/12/2012، تضمنت انتقال أعضاء هيئة التدريس والباحثين والدارسين بالجامعة بكامل
هيئاتهم إلى مدينة زويل للعلوم وتقييمهم على وفق المعايير العالمية، وأخيرًا نظرًا
لنشر القرار رقم 1366 لسنة 2011 المطعون فيه بالجريدة الرسمية بالعدد (44) بتاريخ
3/11/2011، والذي تضمن في ديباجته الإشارة إلى قراري رئيس مجلس الوزراء المطعون
فيهما رقمي 356 و1000 لسنة 2011- فذلك مردودٌ عليه بأن الدعوى رقم 41289 لسنة 65ق.
المشار إليها لم تتحد في الخصوم مع أي من الدعويين محل الحكم المطعون فيه، وفضلا
عن ذلك فإن القول باختصام القرارين المطعون عليهما بالدعوى رقم 41289 لسنة 65ق.
المشار إليها، وبوجود اتفاق بين وزارة التعليم العالي وجامعة النيل بشأن تنفيذ
القرارات المطعون فيها، وتحرير مذكرة تفاهم بين جامعة النيل ومدينة زويل للعلوم
والتكنولوجيا، قولٌ وإن دلَّ فإنه يدلُّ على عدم استقرار المركز القانوني بشكل
نهائي للطاعنين بالإلغاء على القرارات المشار إليها بعد صدورها ليتحدد على مقتضاه
الطريق في الطعن عليها، وإلا ما كان هناك داعٍ لمعاودة الطعن على تلك القرارات،
ولإجراء أية مفاوضات وصولا إلى اتفاق أو تفاهم بشأن تنفيذ تلك القرارات، غير عدم
علم الطاعنين على تلك القرارات بمراكزهم القانونية بالنسبة لها بصفة نهائية، ذلك
العلم الذي من المفترض أن يتعين توفره يقينًا بالنسبة لهم، لا بالنسبة للجهة
مُصْدِرة القرارات الطعينة.
ولعل ما يؤكد ذلك أنه لم يتم التصديق على مذكرة التفاهم المشار إليها
من أية سلطة مختصة، وهو أمر لا يقطع بتوفر شرط جوهري لبدء سريان ميعاد الإلغاء،
وهو توفر العلم اليقيني لدى ذوي الشأن بالمراكز القانونية النهائية المترتبة على
تلك القرارات، في ضوء مسلك السلطة مُصْدِرة تلك القرارات بعد إصدارها على النحو
الموضح سالفًا، الأمر الذي يضحى معه علم ذوي الشأن بالقرارات المطعون فيها علمًا
مجردًا من عناصره، ولا يُعوَّل عليه ولا ينتج أثره في بدء سريان ميعاد دعوى
الإلغاء، والقول بخلاف ذلك سيؤدي إلى إقرار نتيجة لم يقصدها المشرع في النص على
ميعاد دعوى الإلغاء، مؤداها تحصين القرارات غير المشروعة بتفويت مواعيد الطعن
عليها بزعم مُصْدِرها القيام بتصحيح المراكز القانونية التي رتبتها لذوي الشأن،
كما أن واقعتي نشر أو إعلان القرارات المطعون عليهما ليستا إلا قرينتين على وصول
تلك القرارات إلى علم ذوي الشأن، وإذ لم يتوفر العلم اليقيني بركنيه بتلك القرارات
في حق ذوي الشأن على النحو المبين سالفًا، فمن ثم تكون واقعتا نشر وإعلان تلك
القرارات غيرا كافيتين لبدء سريان ميعاد دعوى الإلغاء، إذ إن القرارات الطعينة
ليست قرارات تنظيمية عامة، بحيث يكفي نشرها لتوفر العلم بها، إنما هي قرارات أقرب
إلى القرارات الفردية، لأنها تمس مراكز قانونية خاصة وذاتية، ومن ثم يلزم العلم
بها فضلا عن نشرها (بهذا قضت المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1871 لسنة
27ق.ع بجلسة 14/1/1984).
وبالنسبة لتنفيذ القرارات المطعون عليها فعليا بتسليم الأرض محل
التداعي إلى مدينة زويل، فإن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد أثر من آثار القرارات
المطعون عليها فيما يتعلق بحيازة الأرض محل التداعي، ومن ثم فإن علم ذوي الشأن
بواقعة تسليم الأرض لمدينة زويل، لا يكفي لتحقق علمهم اليقيني بجميع عناصره وآثار
تلك القرارات ومراكزهم القانونية النهائية بناءً عليها على النحو السابق إيضاحه،
فضلا عن أن حيازة الأرض محل التداعي ظلت محل نزاع بعد تنفيذ القرارات المطعون
عليها، وحتى صدور قرار من النيابة العامة بشأنها، وذلك لحين الفصل في الطعنين
الماثلين.
كما لا ينال من ذلك ما دفعت به هيئة قضايا الدولة من أن اللجنة
الوزارية التي شُكِّلت للنظر في النزاع الماثل قد شُكِّلت بعد إقامة الدعويين، ولم
يثبت تقديم تظلمات إليها؛ حيث إن ذلك مردود عليه بأن التراخي في تشكيل تلك اللجنة
وما انتهت إليه بتاريخ 13/9/2012 بعد اختصام القرارات المطعون فيها أمام القضاء،
هو في ذاته ما أدى إلى انفتاح ميعاد الطعن على تلك القرارات، وذلك لعدم توفر العلم
اليقيني بكامل عناصره بالقرارات المطعون فيها في حق ذوي الشأن على النحو المبين سالفًا،
فضلا عن أن التظلم من تلك القرارات ليس وجوبيا بحكم القانون، والقول بعدم وجود
تظلم منها يدعم قرينة عدم علم ذوي الشأن بها علمًا يقينيا بكامل عناصره ولا يثبت
العكس، بيد أنه يجدر التنويه إلى التفرقة في هذا الصدد للإيضاح بين فرضين: (الأول)
أثر التظلم في قطع ميعاد دعوى الإلغاء، والذي يبدأ سريانه من تاريخ ثبوت العلم
اليقيني بالقرار المطعون فيه، و(الثاني) الأثر المترتب على عدم ثبوت ذلك العلم
بجميع عناصره وأركانه على سريان ميعاد الإلغاء، حيث ينطبق الأثر الثاني على النزاع
الماثل في شأن سريان ميعاد الطعن بالإلغاء على القرارات المشار إليها دون اشتراط
التقدم بتظلم من تلك القرارات.
ولا ينال أيضًا مما تقدم ما دفعت به هيئة قضايا الدولة من أن اللجنة
الوزارية المشار إليها كانت تنظر أعمال التعدي على حيازة الأرض محل التداعي، ولم
تنتهِ إلى مسلك إيجابي يفيد العدول عن القرارات المطعون فيها، إذ إنها لا تملك
إلغاء أو سحب أي من القرارات المطعون فيها، حيث إن ذلك مردود عليه؛ بما سبق بيانه
من أن السلطة التي أصدرت القرارات المطعون فيها بصفتها تلك قد شَكَلت اللجنة
الوزارية المشار إليها بقرار منها، وأَوكلت إليها نظر النزاع الماثل بشأن الأرض
محل القرارات المطعون فيها وحسمه بالعرض عليها، لتصدر قرارها النهائي فيه بشأن تلك
القرارات وما تمس به من مراكز قانونية لذوي الشأن، وهو ما قامت به اللجنة حتى
13/9/2012 (تاريخ إفصاحها عن الموقف النهائي للسلطة مُصْدِرة القرارات الطعينة)،
حيث انتهت اللجنة إلى:
(1) وضع حل بديل لجامعة النيل، تمثل في السماح للجامعة باستخدام مباني
ومعامل المدينة التعليمية بمدينة السادس من أكتوبر لحين توفيق أوضاعها كجامعة
أهلية، لمدة عام بمقابل انتفاع.
(2) السماح لمدينة زويل باستخدام المباني الصادر بها قرار رئيس مجلس
الوزراء رقم 1366 لسنة 2011 لمدة عام بمقابل انتفاع، وذلك لحين صدور القانون الخاص
بها.
(3) استمرار عمل اللجنة الحالية كلجنة متابعة لحين حسم الموضوع بشكل
نهائي، مع دورية العرض على الأستاذ الدكتور/ رئيس مجلس الوزراء.
(4) رفع الأمر إلى رئيس مجلس الوزراء ليقرر بشأنه ما يراه مناسبًا.
وأخيرًا وليس بآخر؛ فإن ما انتهت إليه اللجنة المذكورة سالفًا من وضع
حل بديل لكل من جامعة النيل ومدينة زويل على النحو المشار إليه، لم تأتِ به
القرارات الطعينة، صحيحٌ أن الأوراق قد جاءت خلوًا مما يفيد اعتماد هذا الحل
البديل، ولكن ما خلصت إليه اللجنة يكشف بجلاء ووضوح أن القرارات الطعينة محل شكٍ
وريبة من جانب مُصْدِرها، ولم تستقر بعد بصفة نهائية، وآية ذلك أن اللجنة المذكورة
قد أوصت باستمرار عملها كلجنة متابعة؛ لحين حسم الموضوع بشكل نهائي، مع دورية
العرض على رئيس مجلس الوزراء، ومادام أن القرارات المذكورة لا زالت محل شكٍ وريبة
ولم تستقر بعد بصفة نهائية، فإنه لا جُنَاح على المدعين من اختصامها أمام القضاء
بدعوى إلغائها؛ حتى يتسنى استقرار هذه القرارات تبعًا لذلك، إما بإقرارها أو
بإنكارها.
كما لا يشفع في هذا الصدد مذكرة التفاهم المؤرخة في 17/12/2011؛ وذلك
لأن هذه المذكرة قد ورد بالبند الخامس منها النص التالي: "أنه سيُعقد اجتماع
في القريب العاجل لدراسة وتقييم الأوضاع المالية والإدارية؛ توطئةً لتكامل جامعة
النيل مع جامعة زويل العلمية"، لأن هذه العبارة تدل دلالة واضحة -لا لبس فيها
ولا غموض- على أن جامعة النيل لا تعلم مضمون القرارات الطعينة وأثرها عليها، وذلك
لأن كلمة (التكامل) المذكورة تفيد بالقطع واليقين قيام الجامعتين معًا، وأن كلا
منهما يستكمل الآخر دون انتقاص أو محو لأي منهما، إذ لا يُعقل أن يكون هناك اجتماع
الهدف منه قيام أحدهما على أنقاض الثاني، وعليه فإن هذه المذكرة تفيد عدم توفر
العلم اليقيني بالمفهوم القانوني السليم المذكور سالفًا في حق جامعة النيل على
الأقل، (وهي المدعية بالدعوى رقم 55780 لسنة 66ق. المطعون في حكمها بالطعن الماثل
رقم 6033 لسنة 59ق.ع)، والمطلوب توفر العلم اليقيني لديها بالقرارات الطعينة، مما
يكون معه الدفع بعدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد غير قائم على سند من
القانون جديرًا بالرفض.
وحيث إن حقيقة طلبات المدعين بالدعويين المشار إليهما في الشق العاجل
محل الحكم الطعين تتعلق بطلب الحكم بقبول الدعويين شكلا، وبوقف تنفيذ القرار
السلبي بالامتناع عن تحويل جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، وبوقف
تنفيذ قرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام 305 و356 و1000 و1366 لسنة 2011، مع ما
يترتب على ذلك من آثار، أخصها تمكين جامعة النيل من الأرض والمباني والتجهيزات،
وبإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وحيث إنه من المقرر -طبقًا لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة
الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972- أن المحكمة لا تقضي بوقف تنفيذ القرار
الإداري إلا بتوفر ركنين، أولهما: ركن الجدية: بأن يكون ذلك القرار معيبًا حسب
الظاهر من الأوراق مما يُرجح معه إلغاؤه، وثانيهما: ركن الاستعجال: بأن يترتب على
تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن طلب الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تحويل
جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، فإن
المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على
أنه: "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: (أولا)...
(ثانيا)... (ثالثًا)... (رابعًا)... (خامسًا) الطلبات التي يقدمها الأفراد أو
الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية... ويعتبر في حكم القرارات الإدارية
رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرارٍ كان من الواجب عليها اتخاذُه
وفقًا للقوانين واللوائح".
وحيث إن المادة (1) من الباب الأول "الجامعات الخاصة" من
قانون الجامعات الخاصة والأهلية الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2009( ) تنص على أنه:
"يجوز إنشاءُ جامعاتٍ خاصة تكون أغلبية الأموال المشاركة في رأسمالها مملوكة
لمصريين، ولا يكون غرضُها الأساسي تحقيق الربح، ويصدر بإنشاء الجامعات الخاصة
وتحديد نظامها قرارٌ من رئيس الجمهورية بناءً على طلبِ جماعة المؤسسين وعرضِ وزير
التعليم وموافقةِ مجلس الوزراء".
وتنص المادة (3) من القانون ذاته على أن: "يكون للجامعة شخصيةٌ
اعتبارية خاصة، ويمثلها رئيسُها أمام الغير، وتتكون من أقسامٍ أو كليات أو معاهد
عليا متخصصة أو وحدات بحثية...".
وتنص المادة (5) من القانون ذاته على أن: "تدير الجامعةُ
أموالَها بنفسِها، وتُحدِّد مصروفاتها الدراسية، وللجامعة الخاصة أن تقبل التبرعات
والوصايا والهبات والمنح التى تحقق أغراضها، سواء من داخل جمهورية مصر العربية أو
من خارجها، بما يتفق ومصالح البلاد...".
وتنص المادة (11) من الباب الثاني "الجامعات الأهلية" من
القانون ذاته على أن: "الجامعات الأهلية لا تهدف إلى الربح، ويجوز إنشاؤها
بناءً على طلب شخصٍ طبيعي أو شخص اعتباري أو منهما معًا أو مؤسسةٍ ذات نفعٍ عام
طبقًا لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية".
وتنص المادة (12) من القانون ذاته على أن: "يصدر بإنشاء الجامعة
الأهلية قرارٌ من رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس الوزراء، بناءً على عرضِ الوزير
المختص بالتعليم العالي. وتكون للجامعة الأهلية شخصيةٌ اعتبارية خاصة من تاريخ
إنشائها".
وتنص المادة (13) من القانون ذاته على أن: "تتكون موارد الجامعة
الأهلية -فضلا عما يئول إليها ممن طَلب إنشاءها- من المساهماتِ المالية والأصولِ
العينية التى يقدمها لها المواطنون والأشخاصُ الاعتبارية العامة والخاصة
والجمعياتُ الأهلية والمؤسساتُ ذات النفع العام وهيئاتُ المجتمع المدني، وأيَّةِ
منحٍ أخرى يقبلها مجلسُ أمناء الجامعة، وذلك بالإضافة إلى المصروفاتِ الدراسية
ومقابلِ الخدمات والمواردِ البحثية. وتعتبر أموال الجامعة الأهلية أموالا عامة في
تطبيق أحكام قانون العقوبات".
وتنص المادة (14) من القانون ذاته على أن: "يجوز للدولة أن تقدم
العون للجامعات الأهلية لتمكينها من أداء رسالتها، سواءً بتخصيص عقارات لها
بمقابلٍ يصدر بتحديده وبأحكام الوفاء به قرارٌ من مجلس الوزراء، أم بتقديم مساعدات
مالية أو عينية وفقًا للقواعد التى يُقرِّرُها مجلسُ الوزراء، وذلك بناءً على ما
يعرضه الوزير المختص بالتعليم العالي".
وحيث إنه قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 302 لسنة 2010 باللائحة
التنفيذية لقانون الجامعات الخاصة والأهلية الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2009،
ونصت (المادة الثانية) من مواد إصدار تلك اللائحة على أنه: "في تطبيق أحكام
اللائحة المرافقة، يُقصد بكلٍّ من العبارات والكلمات المبيَّنة فيما يأتي المعنى
المبيَّن قرينها:... المجلس: مجلس الجامعات الخاصة والأهلية. الوزارة: الوزارة
المختصة بالتعليم العالي. الوزير: الوزير المختص بالتعليم العالي".
وحيث إن المادة (31) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته الصادرة بقرار
رئيس الجمهورية رقم 302 لسنة 2010 نصت على أنه: "مع عدم الإخلال بقواعد توزيع
الفائض في الجامعات الخاصة، لا يجوز سحبُ الأموال المودَعة لحساب الجامعة الخاصة
أو الأهلية أو التصرف في ممتلكاتها لغير مصلحة الجامعة".
وتنص المادة (36) من الباب التاسع (الخاص بتحويل الجامعة الخاصة إلى
جامعةٍ أهلية) من اللائحة على أنه: "يجوز تحويل الجامعة الخاصة إلى جامعةٍ
أهلية بناءً على طلبٍ يُقدَّم إلى الوزارة من رئيس الجامعة الخاصة بعد موافقة مجلس
الأمناء، وذلك في حالة توافر شروط إنشاء الجامعة الأهلية المقرَّرة في قانون
الجامعات الخاصة والأهلية الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2009 وهذه اللائحة".
وتنص المادة (37) من اللائحة ذاتها على أن: "يُقدَّم طلبُ
التحويل من رئيس الجامعة الخاصة مشفوعًا بما يلي:
(أ) موافقة مجلس الأمناء الصريحة غير المشروطة على تحويل الجامعة
الخاصة إلى جامعةٍ أهلية.
(ب) موافقة مجلس الأمناء على نقل كافة حقوق الجامعة الخاصة على كامل
أرض ومنشآت وتجهيزات الجامعة إلى الجامعة الأهلية اعتبارًا من تاريخ صدور قرار
رئيس الجمهورية بالتحويل.
(ج) موافقة مُؤسِّسي الجامعة الخاصة الصريحة غير المشروطة على نقل كافة
حقوقهم المالية بالجامعة الخاصة إلى الجامعة الأهلية اعتبارًا من تاريخ صدور قرار
رئيس الجمهورية بالتحويل.
(د) صورة طبق الأصل من القوائم المالية للجامعة الخاصة عن العامين
السابقين على تقديم طلب التحويل.
(ه) التشكيل المقترَح لمجلس أمناء الجامعة الأهلية وفقًا لأحكام
القانون وهذه اللائحة".
وتنص المادة (38) من اللائحة ذاتها على أن: "يَعرِض الوزيرُ طلبَ
التحويل على المجلس مشفوعًا برأيه فيه. ويتولى المجلس فحص الطلب في ضوء الأحكام
المقرَّرة بالقانون وهذه اللائحة خلال مدةٍ لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ إحالة
الطلب إليه. وللمجلس الحق في الموافقة على طلب التحويل أو رفضه".
وتنص المادة (39) من اللائحة ذاتها على أن: "تبلغ الوزارة رئيس
الجامعة الخاصة التى طلبت التحويل بموافقة المجلس على الطلب أو رفضه بكتابٍ مُوصَى
عليه بعلم الوصول، وذلك خلال (30) يومًا من تاريخ صدور توصية المجلس بشأن هذا
الطلب".
وتنص المادة (40) من اللائحة ذاتها على أنه: "في حالة الموافقة
على طلب التحويل، يَتخِذ الوزيرُ إجراءات استصدار قرار رئيس الجمهورية بتحويل
الجامعة الخاصة إلى جامعةٍ أهلية وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء".
وتنص المادة (41) من اللائحة ذاتها على أن: "تنتقل كافةُ حقوق
والتزامات الجامعة الخاصة إلى الجامعة الأهلية اعتبارًا من تاريخ صدور قرار رئيس
الجمهورية بالتحويل".
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع في المادة (36) من اللائحة المشار
إليها أجاز لرئيس الجامعة الخاصة بعد موافقة مجلس أمنائها التقدم بطلب تحويلها إلى
جامعة أهلية إلى الوزارة المختصة بالتعليم العالي، وذلك في حالة توفر شروط إنشاء
الجامعة الأهلية المقررة في قانون الجامعات الخاصة والأهلية المشار إليه ولائحته
التنفيذية، وعلى أن يكون هذا الطلب مشفوعًا بموافقة مجلس الأمناء الصريحة غير المشروطة
على تحويل الجامعة الخاصة إلى جامعة أهلية، وعلى نقل جميع حقوق الجامعة الخاصة على
كامل أرض ومنشآت وتجهيزات الجامعة الخاصة إلى الجامعة الأهلية اعتبارًا من تاريخ
صدور قرار رئيس الجمهورية بالتحويل، وكذا موافقة مؤسسي الجامعة الخاصة الصريحة غير
المشروطة على نقل جميع حقوقهم المالية بالجامعة الخاصة إلى الجامعة الأهلية
اعتبارًا من تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية بالتحويل، وصورة طبق الأصل من القوائم
المالية للجامعة الخاصة عن العامين السابقين على تقديم طلب التحويل، والتشكيل
المقترح لمجلس أمناء الجامعة الأهلية على وفق أحكام القانون ولائحته التنفيذية،
وإذا استوفى الطلب الموافقات المشار إليها، ألزم المشرع الوزير المختص بالتعليم
العالي عرض الطلب على مجلس الجامعات الخاصة والأهلية، والذي يلتزم بدوره بفحص
الطلب في ضوء الأحكام المقرَّرة بالقانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية خلال
أجل حدده المشرع بمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ إحالة الطلب إلى المجلس، إلا
أن المشرع منح مجلس الجامعات الخاصة والأهلية السلطة التقديرية في الموافقة على
طلب التحويل أو رفضه، في ضوء الأحكام المقررة بالقانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته
التنفيذية، وعلى المجلس المشار إليه إبلاغ رئيس الجامعة الخاصة التى طلبت التحويل
بموافقته أو رفضه للطلب بكتاب مُوصى عليه بعلم الوصول، خلال (30) يومًا من تاريخ
صدور توصية المجلس بالموافقة أو بالرفض، وقرر المشرع في المادة (40) من اللائحة
ذاتها أنه في حالة الموافقة على طلب التحويل من مجلس الجامعات الخاصة والأهلية يتعين
على الوزير المختص بالتعليم العالي اتخاذ جميع إجراءات استصدار قرار رئيس
الجمهورية بتحويل الجامعة الخاصة إلى جامعة أهلية وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء،
وقد رتب المشرع في المادة (41) من اللائحة ذاتها أثرًا على صدور قرار رئيس
الجمهورية بتحويل الجامعة الخاصة إلى جامعة أهلية، مؤداه انتقال جميع حقوق
والتزامات الجامعة الخاصة إلى الجامعة الأهلية من تاريخ صدور القرار الجمهوري
بتحويلها، لا من تاريخ صدور موافقات الجهات المعنية، ومنها الموافقة على نقل تلك
الحقوق مسبقًا من مجلس الأمناء المشار إليه ختامًا بموافقة مجلس الوزراء.
ويجدر التنويه في هذا الصدد إلى أن المشرع في النص على موافقة مجلس
الوزراء لم يمنح المجلس السلطة التقديرية في الموافقة أو الرفض، شأن حال مجلس
الجامعات الخاصة والأهلية، وإلا عُدَّ ذلك تدخلا في صميم عمل مجلس الجامعات،
ومصادرة على الدور الذي أوكله المشرع له في نص المادة (38) من اللائحة ذاتها،
والأمر ذاته بالنسبة لرئيس الجمهورية، الأمر الذي تضحى معه السلطة التقديرية لمجلس
الوزراء في الموافقة على تحويل الجامعة الخاصة إلى جامعة أهلية، ثم لرئيس
الجمهورية في اختيار وقت إصدار هذا القرار، ليست طليقة من كل قيد، وإنما تجد حدها
في التحقق من صدور جميع الموافقات السابقة من الجهات المعنية المشار إليها سالفًا،
على وفق أحكام القانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية، دون الحلول محل تلك
الجهات في تقدير الموافقات الصادرة عنها، ومن ثم تخضع في ذلك لرقابة القضاء.
وحيث إنه من المقرر أن القول من جانب جهة الإدارة بممارستها لسلطتها
التقديرية بلا معقب عليها، مادام تصرفها قد خلا من إساءة استعمال السلطة، قولٌ
ينقصه الكثير من التحديد؛ ذلك أن الرقابة القضائية على تصرفات الإدارة ليست حقيقةً
على قدر واحد بالنسبة لجميع التصرفات الإدارية، وإنما تختلف درجاتها بحسب المجال
الذي تتصرف فيه، ومدى ما تتمتع به من حرية وتقدير في التصرف، فهذه الرقابة تضيق
حقيقة في مجال السلطة التقديرية، حيث لا يُلْزِمُ القانونُ الإدارةَ بنص يحدُّ من
سلطتها أو يقيد من حريتها في وسيلة التصرف أو التقدير، إلا أن هذا لا يعني أبدًا
أنها سلطة مطلقة، وأن الرقابة القضائية تكون في هذه الحالة منعدمة، بل إن الرقابة
القضائية موجودة دائمًا على جميع التصرفات الإدارية، لا تختلف في طبيعتها، وإن
تفاوتت فقط في مداها، وهي تتمثل في هذا المجال التقديري في التحقق من أن التصرف
محل الطعن يستندُ إلى سببٍ موجود ماديا وصحيح قانونًا، وأنه صدر مُستهدِفًا
المصلحة العامة، ومن ثم فإنه في ضوء هذه المبادئ المسلمة، يتعين النظر في مشروعية
القرار محل الطعن، وإذ لم تذكر الإدارة سببًا لقرارها الطعين، وكانت الظروف
والملابسات التي أحاطت بالنزاع وما كشفت عنه الأوراق أن القرار الطعين لم يكن
قائمًا على سببٍ صحيح يبرره، فمن ثم يتعين لذلك إلغاؤه في هذا الخصوص. (يراجع في
ذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 748 لسنة 16ق.ع بجلسة 5/5/1974)
وحيث إن عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها من العيوب القصدية
في السلوك الإداري، ويجب أن يشوب الغاية من إصدار القرار، بأن تكون جهة الإدارة قد
تنكبت وجه المصلحة العامة التى يتغياها القرار، أو أن تكون قد أصدرت القرار بباعث
لا يمت لتلك المصلحة، ومن المقرر أيضًا أن حرية جهة الإدارة في اختيار وقت تدخلها
بإصدار القرار تخضع لقيدين: الأول: ألا تكون الإدارة مدفوعة في هذا الاختيار
بعوامل لا تمت إلى المصلحة العامة، والثاني: ألا تسيء اختيار وقت تدخلها، فتتعجل
بإصدار قرارها، أو تتراخى في إصداره، مما يؤدي إلى الإضرار بالأفراد. (راجع في
ذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 899 لسنة 30ق.ع بجلسة 16/11/1985،
وحكمها في الطعن رقم 7113 لسنة 51ق.ع بجلسة 10/2/2007)
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت أنه بتاريخي 24/2 و22/11/2010،
على التوالي، اجتمع مجلس أمناء جامعة النيل وقرر الموافقة على تحويل جامعة النيل
من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، والموافقة بصورة نهائية وغير مشروطة على نقل جميع
حقوق جامعة النيل على كامل أرض ومنشآت وتجهيزات الجامعة إليها بعد تحويلها إلى
جامعة أهلية اعتبارًا من تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية بالتحويل، وبالتاريخين
ذاتهما المشار إليهما كان قد اجتمع مجلس أمناء المؤسسة المصرية لتطوير التعليم
التكنولوجي وانتهى إلى القرارين ذاتهما، فضلا عن تقريره ضم كل المقومات المادية
سواء تم تمويلها ذاتيا أو تم التبرع بها وكذلك العقود القانونية لتكون ضمن الأصول
المملوكة لجامعة النيل اعتبارًا من تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية بتحويلها إلى
جامعة أهلية، طبقًا للقانون رقم 12 لسنة 2009 المشار إليه، هذا وقد تقدم رئيس
جامعة النيل بطلب تحويلها من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية إلى وزارة التعليم
العالي، وبتاريخ 15/1/2011 وافق وزير التعليم العالي على تشكيل لجنة لبحث ودراسة
المستندات المرفقة بالطلب والمقدمة من الجامعة لتحويلها إلى جامعة أهلية، وبتاريخ
19/1/2011 اجتمعت اللجنة المشار إليها وانتهت إلى التوصية بالموافقة على طلب تحويل
جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، ورفع الأمر بعد ذلك لوزير التعليم
العالي مرة أخرى لإبداء رأيه، وصدرت موافقته على التوصية المشار إليها، وأشر عليها
بالعرض على مجلس الجامعات الخاصة والأهلية، وبتاريخ 20/1/2011 اجتمع مجلس الجامعات
الخاصة والأهلية وقرر بجلسته المنعقدة ذلك اليوم الموافقة على تحويل جامعة النيل
المصرية إلى جامعة أهلية، الأمر الذي يضحى معه طلب تحويل جامعة النيل من جامعة
خاصة إلى جامعة أهلية قد استوفى جميع الاشتراطات المنصوص عليها بالقانون رقم 12
لسنة 2009 ولائحته التنفيذية، غير أن ثورة 25 من يناير 2011 قد حالت بين مجلس
الوزراء واستصدار القرار الجمهوري بهذا التحويل، بل أصدر رئيس مجلس الوزراء
القرارات الطعينة وهي القرارات أرقام: 305 و356 و1000 و1366 لسنة 2011، على نحو ما
تضمنته.
ولما كان الأمر كذلك، وكانت السلطة التقديرية لمجلس الوزراء في
الموافقة على تحويل الجامعة الخاصة إلى جامعة أهلية، ثم لرئيس الجمهورية في إصدار
قرار التحويل، ليست طليقة من كل قيد، وإنما تجد حدَّها في التحقق من صدور جميع
الموافقات السابقة من الجهات المعنية المشار إليها سالفًا، دون الحلول محل تلك
الجهات في تقدير الموافقات الصادرة عنها، وكذا التحقق من اتباع جميع الإجراءات
واستيفاء جميع المستندات، على وفق ما هو مقرَّر بأحكام القانون رقم 12 لسنة 2009
ولائحته التنفيذية، وهو ما تحقق بشأن طلب جامعة النيل في تحويلها لجامعة أهلية،
الأمر الذي كان يتعين معه استصدار القرار الجمهوري في هذا الشأن، وهو ما يضحى معه
الامتناع عن إصدار القرار الجمهوري في هذا الشأن مسلكًا سلبيا يفتقر إلى ما يبرره
قانونًا، كما لم يستهدف وجه المصلحة العامة بتحقيق الغرض المنصوص عليه بالمادة (3)
من النظام الأساسي للمؤسسة المصرية لتطوير التعليم المشهرة والمعتبرة ذات صفة عامة.
ولما كانت جهة الإدارة في مسلكها المشار إليه أساءت في استعمال سلطتها
في اختيار وقت تدخلها لإصدار القرار الجمهوري بتحويل جامعة النيل من جامعة خاصة
إلى جامعة أهلية، وهو ما أدى إلى الإضرار بجامعة النيل وبمقوماتها المادية
والبشرية وطلابها؛ وذلك بالتراخي في منحها المركز القانوني والذي يتعين مآلها إليه
على وفق الغرض الذي أُنشئت من أجله، وطبقًا للقانون رقم 12 لسنة 2009، المشار
إليه، وعملا بالأحكام القضائية المذكورة سالفًا، الأمر الذي يكون معه القرار
بالامتناع عن تحويل جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية مخالفًا لأحكام
القانون ومُرجحَ الإلغاء، ويتوفر بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، ولا مراء في
توفر ركن الاستعجال المتمثل في تمكين الجامعة من توفيق أوضاعها كجامعة أهلية، فيما
يخصها وفي علاقتها بالغير، على وفق أحكام القانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته
التنفيذية، وتمكينها من أداء رسالتها العلمية بوصفها كذلك، بما يُفَعِّل الغرضَ من
إنشائها، مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ القرار السلبي المشار إليه.
وحيث إنه عن طلب الحكم بوقف تنفيذ قرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام 305
و356 و1000 و1366 لسنة 2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تمكين جامعة
النيل من الأرض والمباني والتجهيزات فإن المادة (1) من القانون رقم 29 لسنة 1958
في شأن قواعد التصرف بالمجان في العقارات المملوكة للدولة والنزول عن أموالها
المنقولة تنص على أنه: "يجوز التصرف بالمجان في مالٍ من أموال الدولة الثابتة
أو المنقولة أو تأجيره بإيجارٍ اسمي أو بأقل من أجر المثل، إلى شخصٍ طبيعي أو
معنوي، بقصد تحقيق غرضٍ ذي نفعٍ عام. ويكون التصرفُ بناءً على اقتراحِ الوزير
المختص، وبعد موافقة اللجنة المالية بوزارة الخزانة. ويصدر بالتصرف أو التأجير
قرارٌ من رئيس الجمهورية إذا جاوزت قيمة المال المتنازل عنه ألف جنيه، ومن الوزير
المختص إذا لم تجاوز القيمة القدر المذكور".
كما تنص المادة (3) من القانون ذاته على أنه: "يجبُ بقاءُ العقار
المؤجَّر وفقًا لهذا القانون مخصَّصًا للغرض الذي أُجِّر من أجله طوال مدة
الإيجار، فإذا لم يُخصَّص العقارُ للغرض المذكور اعتُبِرَ العقدُ مفسوخًا من تلقاء
نفسه دون حاجةٍ إلى حكمٍ قضائي أو إعذار".
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 5 لسنة 2006 بتفويض رئيس مجلس
الوزراء في بعض الاختصاصات، وقرر في (المادة الأولى) منه أن: "يُفوَّض السيد
الدكتور/ أحمد محمود محمد نظيف رئيس مجلس الوزراء في مباشرة اختصاصات رئيس
الجمهورية المنصوص عليها في القوانين والقرارات والمواد والأحكام الآتية: 1-
القانون رقم 29 لسنة 1958 في شأن قواعد التصرف بالمجان في العقارات المملوكة
للدولة والنزول عن أموالها المنقولة...".
وحيث إن المادة (1) من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر
بالقانون رقم 84 لسنة 2002 تنص على أن: "تعتبر جمعية في تطبيق أحكام هذا
القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص
طبيعيين، أو أشخاص اعتبارية، أو منهما معًا، لا يقل عددهم في جميع الأحوال عن
عشرة، وذلك لغرضٍ غير الحصول على ربحٍ مادي".
وتنص المادة (6) من القانون ذاته على أنه: "... وتثبت الشخصيةُ
الاعتبارية للجمعية بإجراء هذا القيد أو بمضي ستين يومًا من تاريخ قيام ممثل جماعة
المؤسسين بتقديم طلب القيد مُستوفِيا، أيهما أقرب. فإذا تبين للجهة الإدارية خلال
الستين يومًا المشار إليها أن من بين أغراض الجمعية نشاطًا مما تحظره المادة (11)
من هذا القانون، وجب عليها رفضُ طلب القيد بقرارٍ مُسبَّب يُخطَر به ممثلُ جماعة
المؤسسين بموجب كتاب مُوصَى عليه بعلم الوصول، وذلك خلال الستين يومًا المشار
إليها في الفقرة السابقة. ويكون لممثل جماعة المؤسسين الطعنُ على هذا القرار أمام
المحكمة المختصة خلال ستين يومًا من تاريخ إخطاره به وفق الإجراءات المقرَّرة.
وعلى الجهة الإدارية اتخاذُ إجراءات نشر ملخص النظام الأساسي للجمعية بالوقائع
المصرية خلال ستين يومًا من تاريخ ثبوت الشخصية الاعتبارية للجمعية، ويكون النشرُ
بغير مقابل".
وتنص المادة (15) من القانون ذاته على أنه: "للجمعية الحقُّ في تملك
العقارات بما يُمكِّنها من تحقيق أغراضها، مع مراعاة أحكام القوانين التى تنظم
تملك الأجانب للعقارات".
وتنص المادة (17) من القانون ذاته على أنه: "للجمعية الحقُّ في
تلقي التبرعات، ويجوز لها جمعُ التبرعات من الأشخاص الطبيعيين ومن الأشخاص
الاعتبارية بموافقة الجهة الإدارية على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا
القانون...".
وتنص المادة (42) من القانون ذاته على أن: "يكون حلُّ الجمعية
بقرارٍ مُسبَّب من وزير الشئون الاجتماعية، بعد أخذ رأي الاتحاد العام، وبعد دعوة
الجمعية لسماع أقوالها، في الأحوال الآتية: 1- التصرف في أموالها أو تخصيصها في
غير الأغراض التى أنشِئت من أجلها... 6- القيام بجمع تبرعات بالمخالفة لحكم الفقرة
الأولى من المادة (17) من هذا القانون...".
وتنص المادة (48) من القانون ذاته على أن: "تخضع الجمعياتُ ذات
النفعِ العام فيما لم يرد بشأنه نصٌّ خاص في هذا الفصل للأحكام المقرَّرة في شأن
الجمعيات".
وتنص المادة (49) من القانون ذاته على أن: "كلُّ جمعيةٍ تهدف إلى
تحقيق مصلحةٍ عامة عند تأسيسها أو بعد تأسيسها، يجوز إضفاءُ صفة النفع العام عليها
بقرارٍ من رئيس الجمهورية،...".
وتنص المادة (55) من القانون ذاته على أن: "تسري على المؤسسات
الأهلية فيما لم يرد بشأنه نصٌّ خاص في هذا الباب الأحكامُ المقرَّرة في شأن
الجمعيات".
وتنص المادة (56) من القانون ذاته على أن: "تنشأ المؤسسةُ
الأهلية بتخصيص مالٍ لمدةٍ معينة أو غير معينة لتحقيق غرضٍ غير الربح المادي،
وتسري في هذا الخصوص أحكام المادة (11) من هذا القانون".
وتنص المادة (57) من القانون ذاته على أن: "يكون إنشاءُ المؤسسة
الأهلية بواسطة مؤسِّس واحد أو مجموعة من المؤسِّسين من الأشخاص الطبيعيين أو
الأشخاص الاعتبارية أو منهما معًا، ويضع المؤسِّسون نظامًا أساسيا يشمل على الأخص
البيانات الآتية:
(أ) اسم المؤسسة ونطاق عملها الجغرافي ومقر مركز إدارتها بجمهورية مصر
العربية.
(ب) الغرض الذي تُنشَأ المؤسَّسةُ لتحقيقه.
(ج) بيان تفصيلي للأموال المخصَّصة لتحقيق أغراض المؤسسة...".
وتنص المادة (59) من القانون ذاته على أن: "تثبت الشخصية
الاعتبارية للمؤسسة الأهلية اعتبارًا من اليوم التالي لقيد نظامها الأساسي أو لقيد
ما في حكمه، ويتمُّ القيدُ بالجهة الإدارية بناءً على طلب مُنشِئ المؤسَّسة أو
رئيس مجلس الأمناء أو الشخص المعيَّن لتنفيذ الوصية".
وتنص المادة (60) من القانون ذاته على أن: "يكون لكلِّ مؤسَّسةٍ
أهلية مجلسُ أمناء يتكون من ثلاثة على الأقل يعينهم المؤسِّس أو المؤسِّسون، ويجوز
أن يكون منهم أو من غيرهم الرئيس والأعضاء...".
وتنص المادة (61) من القانون ذاته على أن: "يتولى إدارةَ
المؤسَّسة الأهلية مجلسُ الأمناء وفقًا لنظامها الأساسي، ويمثلُها رئيسُ المجلس
أمام القضاء وقِبل الغير".
وتنص المادة (62) من القانون ذاته على أنه: "يجوز للمؤسَّسة
الأهلية أن تتلقى أموالا من الغير بعد موافقة وزير الشئون الاجتماعية على ذلك وعلى
الشروط التى قد يضعها مُقَدِّمُ المال".
وحيث إن المادة (16) من اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات
العمرانية الجديدة والأجهزة التابعة لها -الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة
رقم 3 لسنة 2001- تنص على أن: "تُتخَذ إجراءاتُ إلغاء تخصيص الأراضي
والعقارات في الحالات الآتية: 1-... 7- تغيير الغرض المخصَّصة من أجله الأرض أو
العقار دون الحصول على موافقة طبقًا لحكم المادة (15) من هذه اللائحة".
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع في القانون رقم 29 لسنة 1958 أجاز
للدولة التصرف بالمجان في مال من أموالها الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار
اسمي أو بأقل من أجر المثل، وذلك إلى أي شخص طبيعي أو معنوي، بقصد تحقيق غرض ذي
نفع عام، على أن يكون التصرف بموجب قرار من رئيس الجمهورية إذا جاوزت قيمة المال
المتنازل عنه ألف جنيه، وبقرار من الوزير المختص إذا لم تجاوز القيمة القدر
المذكور، وقرر المشرع في هذا الصدد قاعدة قانونية آمرة مؤداها أنه في حالة تصرف
الدولة بطريق الإيجار في مال من أموالها الثابتة أو المنقولة على وفق الضوابط
الواردة بأحكام هذا القانون، يتعين الإبقاء على العقار المؤجَّر مخصَّصًا للغرض
الذي أُجِّر من أجله طوال مدة الإيجار، فإذا لم يخصَّص العقار للغرض المؤجَّر من
أجله، فقد رتب المشرع على هذه الحالة اعتبار عقد الإيجار مفسوخًا من تلقاء نفسه
دون حاجةٍ إلى حكمٍ قضائي أو إعذار، وبموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 5 لسنة 2006،
تمَّ تفويضُ رئيس مجلس الوزراء في بعض اختصاصات رئيس الجمهورية، ومنها المقرَّرة
في القانون رقم 29 لسنة 1958 المشار إليه سالفًا، وبذلك يكون لرئيس مجلس الوزراء التصرف
بالمجان أو بإيجار اسمي أو بأقل من أجر المثل في أموال الدولة الثابتة أو
المنقولة، دون التقيد في ذلك بقيمة المال المتنازل عنه، على وفق أحكام القانون
المذكور سالفًا.
كما نظم المشرع الكيان القانوني للجمعيات والمؤسسات الأهلية في
القانون رقم 84 لسنة 2002، ولائحته التنفيذية، بحيث تعد جمعية كل جماعة ذات تنظيم
مستمر لمدة معينة أو غير معينة، تتألف من أشخاص طبيعيين أو اعتبارية أو منهما
معًا، بحيث لا يقل عددهم في جميع الأحوال عن عشرة، وذلك لغرض غير الحصول على ربح
مادي، وتُمنح تلك الجمعيات الشخصية الاعتبارية بمجرد إجراء قيدها، أو بمضي ستين
يومًا من تاريخ قيام ممثل جماعة المؤسسين بتقديم طلب القيد مستوفيا أيهما أقرب،
وأجاز المشرع للجمعية تملك العقارات وتلقى التبرعات بما يمكنها من تحقيق أغراضها،
وذلك سواء من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتبارية، وفي حالة قيام الجمعية بالتصرف في
أموالها أو تخصيصها في غير الأغراض التى أُنشئت من أجلها، يكون حلها بقرار مُسبب
من وزير الشئون الاجتماعية، وأحال المشرع إلى تلك الأحكام الواردة في تنظيم
الجمعيات ذات النفع العام، فيما لم يرد بشأنه نص خاص بشأنها بالقانون ذاته،
مُعَرِفًا إياها بأنها: كل جمعية تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة عند تأسيسها أو بعد
تأسيسها، يصدر قرار جمهوري بمنحها صفة النفع العام، وعلى ذات المنوال قرر المشرع
سريان الأحكام المنظمة للجمعيات على المؤسسات الأهلية، فيما لم يرد بشأنه نص خاص
في هذا القانون، مُعَرِفًا إياها بأنها تنشأ بتخصيص مال لمدة معينة أو غير معينة
لتحقيق غرض غير الربح المادي، على أن يكون إنشاء المؤسسة الأهلية بواسطة مؤسس واحد
أو مجموعة من المؤسسين من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتبارية أو منهما معًا،
وَأَلْزَمَ المؤسسين وضع نظامٍ أساسي يشمل على الأخص بيانات منها: اسم المؤسسة
ونطاق عملها الجغرافي ومقر مركز إدارتها بجمهورية مصر العربية، والغرض الذي تنشأ
المؤسسة لتحقيقه، وبيان تفصيلي للأموال المخصصة لتحقيق أغراض المؤسسة، كما قرر منح
الشخصية الاعتبارية للمؤسسة الأهلية اعتبارًا من اليوم التالي لقيد نظامها الأساسي
أو لقيد ما في حكمه على النحو المقرَّر بالقانون ذاته، وأوجب أن يكون لكل مؤسسة
أهلية مجلس أمناء، وبَيَّنَ كيفية تشكيله، وأناط به إدارة المؤسسة الأهلية على وفق
نظامها الأساسي، والتي يمثلها رئيسه أمام القضاء وَقِبَل الغير، وأجاز المشرع للمؤسسة
الأهلية أن تتلقى أموالا من الغير بعد موافقة وزير الشئون الاجتماعية على ذلك وعلى
الشروط التى قد يضعها مقدم المال.
ونظم المشرع في اللائحة العقارية الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة والأجهزة التابعة لها، إجراءات حجز وتخصيص وحالات إلغاء التخصيص بالنسبة
للأراضي والعقارات التي للهيئة حق التصرف فيها، ومن ضمن الحالات المقررة لإلغاء
التخصيص حالة تغيير الغرض المخصصة من أجله الأرض أو العقار دون الحصول على موافقة
من الهيئة على ذلك.
وحيث إنه على هدي مما تقدم، ولما كان البادي من ظاهر الأوراق -وبما
يكفي للفصل في طلب وقف تنفيذ القرارات المطعون فيها دون مساس بأصل طلب الإلغاء-
أنه في غضون عام 2001، تقدم وزير الاتصالات الدكتور/أحمد نظيف بطلب إلى رئيس مجلس
الوزراء، وقت ذاك، لتخصيص أرض لإنشاء جامعة للتعليم التكنولوجي، وتمت الاستجابة
إلى ذلك بقرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 10/11/2001، حيث بدأت إجراءات تخصيص
قطعة أرض بمساحة (127 فدانًا تقريبًا) بمدينة الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر، وصدر
بذلك قرار عن وزير الإسكان في 10/7/2002, ثم تقدم وزير الاتصالات بمذكرة في سبتمبر
2002 إلى رئيس مجلس الوزراء بخصوص إنشاء الجامعة المذكورة من خلال مؤسسة تُنشأ
لهذا الغرض، حيث وافق سيادته في 29/9/2002 بضرورة التنسيق مع وزير التعليم وتحديد
المؤسسين وإنشاء مجلس الأمناء، وبتاريخ 9/3/2003 تم تشكيل مجلس أمناء المؤسسة
المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي، وبتاريخ 25/5/2003 وافقت مديرية الشئون الاجتماعية
على إشهار المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي تحت رقم 1777، طبقًا لأحكام
القانون رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية، وبتاريخ 29/9/2004 صدر قرار وزيرة
التأمينات رقم 221 لسنة 2004 باعتبار المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي
ذات صفة عامة، وتمتعها بامتيازات السلطة العامة، وقد تضمنت لائحة النظام الأساسي
لهذه المؤسسة في المادة (3) تسعة أغراض تهدف إلى تحقيقها، منها إنشاء الجامعة
التكنولوجية المصرية جامعة أهلية لا تهدف إلى الربح، وأن رأس المال المخصَّص
للمؤسسة طبقًا للمادة (4) هو واحد وثمانون ألفًا وثلاثة وثمانون جنيهًا وثمانون
قرشًا، وطبقًا للمادة (20) يتولى مجلس الأمناء إدارة المؤسسة بما يحقق أغراضها،
وله في سبيل ذلك القيام باختصاصات مجلس الإدارة والجمعية العمومية الواردة في
القانون 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية، فيما عدا تعديل الغرض الأصلي للمؤسسة
الأهلية المحدد في هذا النظام، وفي غضون ما تقدم صدرت موافقة رئيس مجلس الوزراء
على ما عرضه وزير الاتصالات والمعلومات بشأن تفعيل فكرة إنشاء جامعة تكنولوجية
أهلية من خلال المؤسسة المذكورة، عن طريق منحها حق الانتفاع بمساحة من الأرض يتم
تدعيمها ببعض الإنشاءات، مع بقاء الأرض وما عليها مملوكًة للدولة طبقًا لأحكام
القانون رقم 29 لسنة 1958 المشار إليه، مع حصول الوزارة على منح دراسية مجانية من
إجمالي عدد الطلاب الدارسين في كل سنة دراسية بعد بدء الدراسة بالجامعة، وجاء ذلك
في ضوء المنظومة التشريعية المتاحة، والتي كانت تجيز قبول الجامعات الخاصة
للتبرعات والوصايا والهبات والمنح التى تحقق أغراضها، دون طرح أي تنظيم قانوني
لفكرة الجامعات الأهلية، والتي قننها القانون رقم 12 لسنة 2009 فيما بعد، ومَايَزَ
بين نوعي الجامعات الخاصة والأهلية، هذا وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372
لسنة 2006 بتاريخ 8/3/2006، وقرر في (المادة الأولى) منه أنه: "وُوفِقَ على
منح المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي حق الانتفاع لإقامة جامعةٍ لا
تستهدف الربح، تحت مسمى جامعة النيل، بإيجارٍ اسمي مقداره جنيه للفدان الواحد
سنويا، ولمدة ثلاثين عامًا، وذلك لقطع الأراضي الفضاء أرقام (61) و(62) و(63)
بمساحة 127,032 فدانًا (533534,4 مترًا مربعًا)"، وكانت قطع الأراضي المذكورة
والواقعة بمدينة الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر قد تملكتها وزارة الاتصالات
والمعلومات بموجب عقد تخصيص وبيع، أُبرم بينها وبين هيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة، حيث تضمن النص في الجزء التمهيدي منه على أن: "يلتزم الطرف الثاني
(وزارة الاتصالات والمعلومات) بإقامة مشروع جامعة تكنولوجية على الأرض المعروضة
للبيع، تتم إقامته متكاملا بما فيه من أبنية ومرافق وأعمال تنسيق الموقع وفقًا
للتخطيط المعتمد من الطرف الأول"، كما تضمن البند السادس من العقد ذاته النص
على أن: "يُحظر على الطرف الثاني استعمال الأرض محل هذا العقد في غير الغرض
المخصصة له، وهو إنشاء جامعة تكنولوجية كاملة المنشآت والمرافق، وأعمال تنسيق
الموقع لخدمة المشروع، وحسب اشتراطات الطرف الأول، وطبقًا لقرار التخطيط والتقسيم
الصادر من الطرف الأول"، الأمر الذي يكون معه القرار رقم 372 لسنة 2006 قد
صدر بمراعاة الغرض الذي تُمَلِّكُ الدولةُ الأرضَ على أساسه، وهو الغرض الذي تغيته
المؤسسة المذكورة في نظامها الأساسي، وإن كان غرض المؤسسة المشار إليه قد أضاف إلى
الجامعة التكنولوجية المراد إنشاؤها فكرة الجامعة الأهلية، وهي ما تندرج تحت الغرض
المخصصة على أساسه الأرض ولا تعارض بينهما، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد صدر
متفقًا وأحكام المادة (16) من اللائحة العقارية المشار إليها سالفًا، والعقد
المبرَم طبقًا لها، والمادة (1) من القانون رقم 29 لسنة 1958 المبين سالفًا،
(والمادة الأولى) من قرار رئيس الجمهورية رقم 5 لسنة 2006 بتفويض رئيس مجلس
الوزراء في بعض الاختصاصات المشار إليه سالفًا، ويكون منتجًا لجميع آثاره، بما في
ذلك بقاء حق الانتفاع بتلك الأرض للمؤسسة المذكورة؛ تخصيصًا للغرض الذي أُجِّرَتْ
من أجله طوال مدة الإيجار، وهي ثلاثون عامًا، مادام لم يتم تغيير ذلك الغرض، وهو
"إقامة جامعة تكنولوجية لا تستهدف الربح"، عملا بنص المادة (3) من
القانون ذاته المشار إليه.
وبتاريخ 15/7/2006 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 255 لسنة 2006 بإنشاء
جامعة خاصة باسم جامعة النيل لا تهدف إلى الربح كجامعة تكنولوجية، وبذلك تحقق
الغرض الذي مَلَّكَت الدولةُ الأرضَ على أساسه، وهو "إنشاء جامعة تكنولوجية
على تلك الأرض"، فضلا عن الغرض الذي تضمنه قرار رئيس مجلس الوزراء بالتصرف
بالأرض بمنح حق انتفاع عليها للمؤسسة المذكورة، وهو "إقامة جامعة تكنولوجية
لا تستهدف الربح"، ومن ثم يتحقق الأثر الوارد بنص المادة (3) من القانون رقم
29 لسنة 1958، وهو بقاء حق الانتفاع بتلك الأرض للمؤسسة المذكورة، تخصيصًا للجامعة
التكنولوجية المقامة عليها، مادامت تتمتع بهذا الوصف ولمدة ثلاثين عامًا.
ولا يغير مما سبق أن المؤسسة المذكورة ليس من الأغراض التي أُنشئت من
أجلها إنشاء جامعة خاصة، حتى وإن كانت لا تهدف إلى الربح، وإنما إنشاء جامعة أهلية
لا تهدف إلى الربح؛ لأن إنشاء جامعة النيل كجامعة تكنولوجية لا يخرج عن الغرض،
فضلا عن أن المنظومة التشريعية للجامعات لم تكن تتضمن تنظيمًا لفكرة إنشاء جامعات
أهلية (قبل صدور القانون رقم 12 لسنة 2009)، ومن ثم كان يتعين على المؤسسة
المذكورة في سبيل تحقيقها لهذا الغرض المشروع، والذي لم يرد نص بحظره أو بمنع
الإبقاء عليه كغرض للمؤسسة، إما أن تُعَدِّلَ هذا الغرض من أغراضها إلى إنشاء
جامعة خاصة، وهي غير مجبرة وغير مرخص لها دون إرادة مؤسسيها على نهج هذا المسلك،
أو أن تسلك طريق المطالبة باستحداث فكرة الجامعات الأهلية، وهو ما سلكته، فضلا عن
قيامها باستغلال مواردها من مؤسسيها والتبرعات الواردة لها من الغير، سواء كان
شخصًا معنويا عامًا أو خاصًا، مترجيةً من ذلك تحقيق فكرة الجامعات الأهلية على أرض
الواقع بداية من وجود مقوماتها المادية بإنشاء جامعة النيل، وصدور قرار رئيس مجلس
الوزراء رقم 372 لسنة 2006 بتخصيص الأرض لها، وحتى تسمح المنظومة التشريعية بتحويل
جامعة النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، ومن ثم لا ينال من صدور القرار رقم
372 لسنة 2006 المشار إليه متفقًا وصحيح أحكام القانون القول بعدم إعمال القيود
الواردة بالقانون رقم 101 لسنة 1992 بشأن إنشاء الجامعات الخاصة، والذي لم يصدر
إلا بهدف تحقيق المشاركة غير الحكومية لتلك الجامعات، لأن التفرقة بين الجامعات
الخاصة والجامعات الأهلية لم توجد بالمنظومة التشريعية قبل صدور القانون رقم 12
لسنة 2009 المبين سالفًا، ومن ثم لا يمكن تصور وقوع مخالفة قانونية مبناها تلك
التفرقة قبل تاريخ العمل بهذا القانون، والقول بخلاف ذلك يقوم على افتراض يجافي
الواقع القانوني، أَمَا أنه وقد صدر قرار إنشاء الجامعة ولكن في الثوب المخصص
للجامعات الخاصة، على مبرر من القول بقصور المنظومة التشريعية، والتي تم تعديلها
فيما بعد لتسمح بتحويل جامعة النيل إلى جامعة أهلية في القانون رقم 12 لسنة 2009،
فإن المؤسسة المذكورة لم يكن أمامها سوى أن تبذل قصارى الجهد لتكوين وإعداد
كياناتها المادية والبشرية اللازمة نحو قيام الجامعة الأهلية المبتغاة، وذلك
بمواردها الذاتية من مؤسسيها والتبرعات الواردة إليها من الغير، بما في ذلك مشاركة
الدولة بمنح المؤسسة حق انتفاع -وليس تملك- على بعض أملاكها حسبما سبق البيان، ومن
هذا المنطلق وُلِدَتْ جامعة النيل ولكن في ثوب الجامعات الخاصة، الأمر الذي يكشف
عن مشروعية الغرض الذي تبنته المؤسسة المذكورة، وما اتبعته من سبل قانونية لتحقيق
هذا الغرض، تتمثل في المطالبة بتحويل الجامعة إلى جامعة أهلية بقرار من السلطة
المختصة على وفق الغرض المشروع من إنشائها، فضلا عن قيام قرار إنشاء تلك الجامعة
على قرينة الصحة، والتي أجدبت الأوراق مما يفيد إهدارها -باستثناء مخالفة غرض
إنشاء جامعة أهلية- والتي يمكن تفادي الآثار المترتبة عليها بتحويل الجامعة إلى
جامعة أهلية، في ضوء الموافقات التي صدرت في هذا الصدد عن الجهات المعنية على وفق
القانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية، ومن ثم فإن جامعة النيل قد جاءت
وليدة غرض مشروع في ضوء منظومة تشريعية غير كاملة التنظيم لجميع أغراض التعليم
العالي، ووليدة إجراءات اتفقت وتلك المنظومة التشريعية كل إجراء في حينه.
وحيث إنه بتاريخ 17/2/2011 أصدر مجلس أمناء المؤسسة المصرية لتطوير
التعليم التكنولوجي القرار الآتي: "موافقة مجلس أمناء المؤسسة المصرية لتطوير
التعليم التكنولوجي بجلسته على التنازل بصورة نهائية وغير مشروطة عن حق الانتفاع الصادر
بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، وذلك لصالح وزارة الاتصالات
وتكنولوجيا المعلومات، على أن تتولى الجامعة توفيق أوضاعها كجامعة أهلية، وفق ما
يستجد من إجراءات وتقديم الأوراق اللازمة لوزارة التعليم العالي".
وفي هذا المقام، فإن موافقة مجلس أمناء المؤسسة المصرية العامة لتطوير
التعليم التكنولوجي على التنازل المذكور المؤرخ في 17/2/2011، النهائي وغير
المشروط، قد أتى بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، الذي منح
المؤسسة المذكورة حق الانتفاع بالأرض (127 فدانًا تقريبًا) لإنشاء جامعة تكنولوجية
عليها، حيث صدر بالفعل القرار الجمهوري رقم 255 لسنة 2006، وأصبح لهذه الجامعة
كيان قانوني مستقلٌ خاص بها، ويمثلها أمام القضاء والغير رئيس الجامعة، وبالتالي
فإن صاحب حق التصرف في الأرض المذكورة سالفًا هو مجلس أمناء هذه الجامعة دون غيره.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن التنازل المذكور لو تم الأخذ به لأدى
إلى فسخ عقد إيجار قطعة الأرض المذكورة، عملا بالمادة الثالثة من القانون رقم 29
لسنة 1958 المشار إليه، كما أنه لا يجوز التنازل من الجامعة المذكورة ذاتها لأنه
في غير مصلحتها، عملا بقانون الجامعات الخاصة والأهلية رقم 12 لسنة 2009 المشار
إليه، ولائحته التنفيذية (المادة 31 من هذه اللائحة)، وترتيبًا على ذلك فإن
التنازل الصادر عن مجلس أمناء المؤسسة المشار إليه يكون قد وقع باطلا ومخالفًا
لأحكام القانون على نحو ما سبق.
وحيث إنه بتاريخ 19/2/2011، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 305 لسنة
2011 بالموافقة على قبول التنازل النهائي الصادر عن مجلس أمناء المؤسسة المصرية
لتطوير التعليم التكنولوجي عن حق الانتفاع الموافق عليه بقرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 372 لسنة 2006 المشار إليه، وذلك عن مساحة 127,032 فدانًا، وهي قطع الأراضي الفضاء
أرقام (61 و62 و63) المخصصة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمدينة الشيخ
زايد بمحافظة السادس من أكتوبر-آن ذاك-، على أن تتولى الجامعة توفيق أوضاعها
كجامعة أهلية، ولما كان هذا القرار هو الذي يشكل ركن السبب في القرار المطعون فيه
رقم 305 لسنة 2011، طبقًا للمادة (20) من لائحة النظام الأساسي للمؤسسة المذكورة،
والتي تنص على أن: "يتولى مجلس الأمناء إدارة المؤسَّسة بما يحقق أغراضها،
وله في سبيل ذلك القيام باختصاصات مجلس الإدارة والجمعية العمومية الواردة في
القانون رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية، فيما عدا تعديل الغرض الأصلي
للمؤسَّسة الأهلية المحدَّد في هذا النظام".
كما جاء القرار المطعون فيه رقم 305 لسنة 2011 بقبول التنازل عن حق
الانتفاع الموافق عليه بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، مخالفًا لنص
المادة (3) من القانون رقم 29 لسنة 1958 المذكور سالفًا، والتي استند إليها قرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، والتي تعد بمثابة قاعدة قانونية آمرة لا
يجوز الاتفاق على مخالفتها، حيث أوجب المشرع على السلطة المختصة (رئيس مجلس
الوزراء في تلك الحالة) في حالة التصرف بطريق الإيجار في مال من أموالها الثابتة
أو المنقولة على وفق الضوابط الواردة بأحكام هذا القانون، الإبقاء على العقار
المؤجر مُخصصًا للغرض الذي أُجِّرَ من أجله طوال مدة الإيجار، فإذا لم يُخصص
العقار للغرض المؤجر من أجله، فقد رتب المشرع على تلك الحالة اعتبار عقد الإيجار
مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي أو إعذار، وهو الشق الثاني من
القاعدة الآمرة المشار إليها، ومن ثم وإذ لم يتحقق إنشاء جامعة النيل كجامعة
تكنولوجية لا تهدف إلى الربح، وهو الغرض المنصوص عليه صراحة في قرار رئيس مجلس
الوزراء رقم 372 لسنة 2006 المشار إليه، وكذلك في العقد المبرم بين وزارة
الاتصالات وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، كما أن القرار المذكور بُنِيَ على
التنازل المذكور سالفًا، والذي انتهت المحكمة إلى بطلانه, فأصبح القرار رقم 305
لسنة 2011، هو الآخر باطلا.
أما بالنسبة لركن الغاية في هذا القرار، فإنه وإن تمثل في استرداد
أملاك الدولة الخاصة التي تم التصرف فيها بزعم من وقوع تعدٍ عليها، فإن من المقرر
أن قيام السلطة المختصة بإزالة ما يقع من تعدٍ على أملاك الدولة الخاصة بالطريق
الإداري منوطٌ بتوفر أسباب ذلك من اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو غصبه، وإذا استند
واضع اليد في وضع يده إلى ادعاء له ما يبرره من مستندات تؤيده، أو كانت الحالة
الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه صاحب الشأن إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة
للعقار، فلا يكون هناك غصب أو اعتداء وقع على ملك الدولة، وفي هذه الحالة لا يسوغ
لجهة الإدارة أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد، لأنها حينئذ لا تكون بصدد
إزالة اعتداء على ملكها، وإنما تكون بمعرض انتزاع ما تدعيه من حق، وهو أمر غير
جائز قانونًا، بحسب الأصل العام الذي يجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع فيه
لسلطة القضاء المختص بحكم ولايته الدستورية. (يراجع في ذات المعنى: حكم المحكمة
الإدارية العليا في الطعن رقم 4231 لسنة 42ق.ع بجلسة 4/4/2001)
ولما كان ذلك، وكان ارتباط واضع اليد (جامعة النيل) على الأرض محل
القرار الطعين، يرجع إلى العلاقة الإيجارية بين الدولة والمؤسسة المصرية لتطوير
التعليم التكنولوجي، بترتيب حق انتفاع لمدة ثلاثين عامًا لجامعة النيل على تلك
الأرض، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، الصادر استنادًا لأحكام
القانون رقم 29 لسنة 1958، ومن ثم يكون وضع اليد قائمًا على ما يبرره، بما يجعل
القرار المطعون فيه رقم 305 لسنة 2011 قد تنكب وجه المصلحة العامة باستهدافه غايةً
غير مشروعة قانونًا.
وفضلا عن ذلك، فإن ركن الغاية في هذا القرار الطعين قد شابه عوارٌ آخر
بالتضحية بوجه مصلحة عامة أخرى، وذلك طبقًا لما هو مقرر في نشاط الإدارة من وجوب
استهداف المصلحة العامة، وإن تعددت أو اختلفت المصالح العامة فإنها لا تتعارض، ومن
هذا المنطلق كانت قاعدة تخصيص الأهداف لكل جهة معنية على حدة، وطُبقت في المجال
الإداري بغية التوفيق بين المصالح العامة المختلفة، بحيث تحقق كل جهة معنية
بالمصلحة العامة الغاية والهدف التي أُنشئت من أجله، ويكون جوهر وظيفة الإدارة
العامة هو إشباع الحاجات العامة المختلفة والمتعددة تحقيقًا لكل من تلك الأهداف،
وأن تراعي في تصرفاتها تلك المصالح العامة والغايات تلبيةً للاحتياجات العامة
المتعددة، وإذ ضحت السلطة مُصدِرة القرار الطعين المشار إليه بوجه مصلحة عامة آخر،
تغيته المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجي -وهي ذات نفع عام- كمؤسسة أهلية،
والتي ولدت على يدها وفي كنفها جامعة النيل كجامعة تكنولوجية في سبيل تحولها إلى
جامعة أهلية، وكان من مقتضى القرار الطعين هدم تلك الجامعة كمؤسسة علمية قائمة
والحيلولة دون تحولها لجامعة أهلية، حسبما كانت تسعى إليه في ضوء الغرض من إنشائها،
على وفق المنظومة التشريعية الحالية كما سلف البيان، وتلبية للحاجة العامة الملحة
في هذا الصدد، وذلك بعد أن قامت على مقوماتها المادية التي منحتها لها السلطة
ذاتها، مما يفقد الجامعة القدرة على القيام برسالتها العلمية، الأمر الذي كان
يتعين معه ألا يمس القرار المشار إليه بالمراكز القانونية المستقرة للجامعة
وطلابها والقائمين عليها، والمستمدة من عدة قرارات أخرى، منها القرار الجمهوري
الصادر بإنشاء جامعة النيل، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، وقرار
وزير التعليم العالي والبحث العلمي رقم 49 بتاريخ 12/1/2007 بالتصريح ببدء الدراسة
في جامعة النيل، بكل من كلية هندسة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكلية
الدراسات العليا لإدارة التكنولوجيا، وكلية إدارة الأعمال، وذلك اعتبارًا من الفصل
الدراسي الثاني للعام الجامعي 2006/2007، وكذا قراره رقم 3207 بتاريخ 8/10/2009
ببدء الدراسة بمرحلة البكالوريوس بكلية هندسة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،
وكلية الهندسة والعلوم التطبيقية، وكلية إدارة الأعمال بجامعة النيل، اعتبارًا من
العام الدراسي 2009/2010، وكذلك الموافقات الصادرة على تحويل الجامعة إلى جامعة
أهلية من الجهات المعنية، بما في ذلك موافقة مجلس الجامعات الخاصة والأهلية على
ذلك، كمركز قانوني اكتسبته الجامعة في ضوء مقوماتها المادية والتي هدف القرار
الطعين إلى تجريدها، وكل تلك المراكز القانونية التي أنشأتها الدولة، لا يجوز أن
تكون بعد ذلك مِعْولَ هدمٍ لها، حتى وإن زعمت بذلك تصحيحًا لقرارات أوجدت أغلب
المقومات المادية للجامعة، لأنه وعلى الفرض جدلا بصحة تلك الغاية، خلافًا لما تقدم
في هذا الشأن، فإنه من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن القرارات الإدارية التي تؤكد
حقا أو مركزًا شخصيا للأفراد لا يجوز المساس بها بعد فوات الميعاد المقرر
لإلغائها؛ إعمالا لدواعي المصلحة العامة، والتي تقتضي أنه إذا صدر قرار معيب من
شأنه أن يولد حقا للشخص أن يستقر هذا القرار عقب فترة معينة من الوقت، بحيث يطبق
عليه ما يطبق على القرار الصحيح، (يراجع في ذلك حكم المحكمة الإدارية العليا في
الطعن رقم 6450 لسنة 45ق.ع بجلسة 5/9/2001)، وهو ما لا يمكن معه بأية حال تحميل
طلبة الجامعة والعاملين بها والقائمين عليها آثار قصور المنظومة التشريعية قبل
صدور القانون رقم 12 لسنة 2009، خاصة أن النظام القانوني المصري يفتقر لأي من
الركائز المعمول بها في الدول الأخرى، والتي تجيز قيام مسئولية الدولة عن القصور
أو التراخي التشريعي، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه رقم 305 لسنة 2011، قد صدر
متنكبًا وجهًا آخرَ من أوجه المصلحة العامة، وبمثابة تنصل من الدولة عن مسئوليتها
الدستورية نحو الحفاظ على هذا الكيان العلمي والطلبة الذين التحقوا به، وبالتالي
يكون القرار المطعون فيه قد شابه عوارٌ آخر في الغاية منه.
ولما كان ما تقدم، وكان البادي من المستندات المقدمة أن الجامعة مارست
نشاطها بالمبنى (B2) بالقرية
الذكية، وأن هذا المبنى لم يعد يفي لتلبية احتياجات الجامعة والطلاب اللازمة
للدراسة بها، خاصة بعد صدور قراري وزير التعليم العالي والبحث العلمي رقمي 49
بتاريخ 12/1/2007 و3207 بتاريخ 8/10/2009، المشار إليهما سالفًا، بالتصريح ببدء
الدراسة بعدة كليات بجامعة النيل، على وفق المقر المحدد لكل منها قبل صدور تلك
القرارات، ولعل ذلك ما حدا باللجنة الوزارية المشار إليها سالفًا -والمشكلة بقرار
من السلطة مُصدِرة القرارات الطعينة- على محاولة وضع حل بديل لجامعة النيل، تمثل
في التوصية بالسماح للجامعة باستخدام مباني ومعامل المدينة التعليمية بمدينة
السادس من أكتوبر لحين توفيق أوضاعها كجامعة أهلية، ومن ثم فإنه يحق لجامعة النيل
حق الانتفاع وما يستتبع ذلك من الحق في التسلم والاستخدام للأراضي الفضاء أرقام
(61) و(62) و(63) بمساحة 127,032 فدانًا (534744,4 مترًا مربعًا) بمدينة الشيخ
زايد بالسادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، بما عليها من عقارات شملها قرار رئيس مجلس
الوزراء رقم 372 لسنة 2006، وذلك دون قصر ذلك حسبما ذهب الحكم المطعون فيه على
الجزء من تلك الأرض والمبنى (B2) بالقرية
الذكية المقام عليه فقط لا غير، نظرًا لما انتهى إليه الحكم الماثل من مخالفة
القرار المطعون فيه رقم 305 لسنة 2011 في محله لأحكام القانون، والقول بخلاف ذلك
يحصر المنازعة الماثلة في نطاق نزاع حول الحيازة، وهو ما كانت تختص به جهة قضائية
أخرى، في حين أن مدار واقعات المنازعة الماثلة حول القرارات الإدارية المطعون
فيها، باعتبارها منازعة إدارية تدخل في اختصاص مجلس الدولة كجهة قضائية، وعلى ذلك
فإن القرار المطعون فيه رقم 305 لسنة 2011 بجميع أجزائه، قد صدر مخالفًا لأحكام
القانون في محله، ومتنكبًا بأوجه مختلفة للمصلحة العامة حسبما تقدم، مما يكون معه
بحسب الظاهر قد شابه عوارٌ في محله والغاية منه، بالنسبة للأرض محل التداعي وما
عليها من مبانٍ على النحو الموضح سلفا، بما يُرجح معه إلغاؤه عند الفصل في الطلب
الموضوعي من الدعوى، الأمر الذي يتوفر معه في طلب وقف تنفيذه ركن الجدية المشروط
في إجابته، فضلا عن ركن الاستعجال؛ إذ من شأن تنفيذه أن يُلْحِقَ بالمدعين والخصوم
المتدخلين آثارًا يتعذر تداركها، ويصيبهم بأضرار بالغة لا عوض لهم عنها، أخصها
القضاء نهائيا على جامعة النيل، فضلا عن المساس بمستقبل واستقرار الطلبة الذين
التحقوا بها بالفعل، ومن ثم وقد استقام في طلب وقف تنفيذ ذلك القرار ركناه: الجدية
والاستعجال، فإنه يتعين القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار بجميع أجزائه على النحو
الموضح آنفًا.
وحيث إنه بالنسبة لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 356 لسنة 2011 الصادر
بتاريخ 14/3/2011، بالموافقة على قبول وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جميع
التجهيزات الإضافية لمباني جامعة النيل الممولة من المؤسسة المصرية لتطوير التعليم
التكنولوجي البالغ قيمتها (40 مليون جنيه)، بالإضافة إلى ما قد يتبقى من التبرعات
المخصصة لإنشاء الجامعة الجاري حصرها، فإن البادي من ظاهر الأوراق -وبالقدر اللازم
للفصل في طلب وقف تنفيذ هذا القرار- أنه قد صدر بناء على خطاب من رئيس مجلس أمناء
المؤسسة المذكورة، والذي تضمن هذا التنازل، وليس بناء على قرار من مجلس الأمناء،
ومن ثم فإن هذا التنازل يكون قد صدر عن غير مختص، وهو والعدم سواء، فضلا عن أن ما
تم التنازل عنه لم تساهم فيه الدولة، وإنما تم تجهيز تلك المباني من موارد
المؤسسة، حيث تلقت تبرعات بلغت مِئة وخمسين مليون جنيه {على وفق المستند رقم (7) من
حافظة المستندات رقم (1) المقدمة من الحاضر عن رئيس مجلس أمناء مدينة زويل للعلوم
والتكنولوجيا بجلسة 24/10/2012 أمام محكمة القضاء الإداري}، وهي مبالغ قدمها
المانحون لجامعة النيل تحديدًا، والتبرع على هذا النحو واجب التوجيه في مصارفه
التي حددها المتبرِع، ولا يجوز تغيير مصرفه، ولو كان إلى ما يَعُدُّهُ المتبرَع له
أولى، إلا بإذن ممن قدم هذا التبرع، وفي حالة عدم توجيه التبرع في مصرفه المحدد من
المتبرِع يجوز لمن تبرع به أن يطلب استرداده، فضلا عن ذلك فإن القرار رقم 356 لسنة
2011 الطعين قد صدر معيبًا في محله؛ لمخالفته لنص المادة (31) من اللائحة
التنفيذية للقانون رقم 12 لسنة 2009 المشار إليه، فيما تضمنته من أنه لا يجوز سحب
الأموال المودعة لحساب الجامعة الخاصة أو الأهلية أو التصرف في ممتلكاتها لغير
مصلحة الجامعة، الأمر الذي يكون معه هذا القرار قد صدر بناء على سبب غير صحيح، ولم
يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، ومخالفًا لأحكام القانون ومُرجح الإلغاء، ويتوفر
بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، ولا مِراء في توفر ركن الاستعجال، المتمثل في
تمكين الجامعة من أداء رسالتها العلمية، ومن ثم تعين القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار
بجميع أجزائه.
- وحيث إنه عن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1000 لسنة 2011 الصادر بتاريخ
27/7/2011 المطعون فيه بنقل الإشراف الإداري على الأرض والمباني الصادر بشأنها
قرارا رئيس مجلس الوزراء رقما 305 و356 لسنة 2011، وذلك من وزارة الاتصالات
وتكنولوجيا المعلومات إلى صندوق تطوير التعليم، ولما كان ذلك القرار قد استند إلى
صدور القرارين رقمي 305 و356 لسنة 2011 بما تضمناه على نحو ما سلف، وقد انتهى
الحكم الماثل إلى وقف تنفيذ هذين القرارين بجميع أجزائهما، ومن ثم فإن صدور القرار
رقم 1000 لسنة 2011 المطعون فيه بنقل الإشراف على الأرض والمباني إلى صندوق تطوير
التعليم المشار إليه، يكون غير جائز قانونًا؛ لتمتع الجامعة بالشخصية الاعتبارية،
بما يترتب على ذلك من حقها في الإشراف والإدارة على استخدامها لحق الانتفاع المقرر
لها على الأرض والمباني المخصصة من الدولة، وبطبيعة الحال بالنسبة للمباني والتجهيزات
التي تملكها الجامعة طبقًا للقانون رقم 12 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية، ومن ثم
فإن نطاق هذا الإشراف يجب أن يتقيد بما انتهى إليه هذا الحكم حسبما تقدم؛ الأمر
الذي يكون معه القرار رقم 1000 لسنة 2011 المطعون فيه والحال هذه قد خالف صحيح حكم
القانون بالنسبة للأرض والمباني المخصصة لجامعة النيل والتجهيزات والتبرعات التي
تتملكها، ويكون مرجح الإلغاء، مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فضلا
عن ركن الاستعجال، المتمثل في تمكين جامعة النيل من أداء رسالتها العلمية على نحو
مستقل، ومن ثم تقضي المحكمة بوقف تنفيذه بجميع أجزائه على وفق التفصيل السابق
بيانه.
- وحيث إنه عن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1366 لسنة 2011، الصادر
بتاريخ 27/10/2011، المطعون فيه، والذي نص في (المادة الأولى) منه على:
"الموافقة على استخدام مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا (مشروع مصر القومي للنهضة
العلمية) المباني والمنشآت المقامة على الأرض التي خُصِّصت لوزارة الاتصالات
وتكنولوجيا المعلومات بمدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة، والصادر في شأنها قرارا
رئيس مجلس الوزراء رقما 305 و356 لسنة 2011، والتي تمَّ نقلُ الإشراف الإداري
عليها إلى صندوق تطوير التعليم بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1000 لسنة 2011، لحين
استكمال الإجراءات اللازمة وفقًا للقانون".
ونص في (المادة الثانية) منه على: "الموافقة على الترخيص للسيد
الأستاذ الدكتور/ أحمد زويل بصفته رئيسًا لمجلس الأمناء لمدينة زويل للعلوم
والتكنولوجيا (مشروع مصر القومي للنهضة العلمية) بالتعامل مع الجهات الحكومية
وغيرها من الأشخاص المعنوية العامة والخاصة لإنجاز كافة الإجراءات اللازمة
لاستكمال المقومات المادية والمعنوية اللازمة للمدينة، على أن تُعرَض هذه
التعاملات على مجلس الأمناء للمراجعة والاعتماد".
وباستعراض ما ورد في هذا القرار من أحكام يبين أن الطعن عليه كان
ينصرف إلى (المادة الأولى) منه فقط دون الثانية؛ إذ لا مصلحة للمدعين ولا للخصوم
المتدخلين في الطعن عليها.
وحيث إن البادي من ظاهر الأوراق، وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف
تنفيذ (المادة الأولى) من القرار رقم 1366 لسنة 2011 المطعون فيه، أنه في مادته
الأولى قد شابه العيوب ذاتها التي شابت القرار رقم 1000 لسنة 2011، فإنه للأسباب
ذاتها السابق إيضاحها في شأن قرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام 305 و356 و1000 لسنة
2011، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، بالنسبة للأرض محل التداعي والمباني
والتجهيزات والتبرعات، وفضلا عن ذلك فإن مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا المشار
إليها لم تكتسب الشخصية الاعتبارية كمؤسسة علمية إلا اعتبارًا من 20/12/2012
(تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 161 لسنة 2012 الصادر بإنشائها
ومنحها الشخصية الاعتبارية العامة كمؤسسة علمية)، ومن ثم لا يجوز لها قانونًا تلقي
حق استخدام المباني والمنشآت على الأرض محل التداعي قبل تاريخ 20/12/2012، حسبما
ذهب القرار 1366 لسنة 2011 المشار إليه، كما أجدبت الأوراق من قيام كيان قانوني
لها -على وفق أحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 ولائحته
التنفيذية المشار إليهما سالفًا- يجيز لها تلقي الحق المنصوص عليه بالقرار الطعين،
ومن ثم يكون القرار رقم 1366 لسنة 2011 المطعون فيه، قد أصابه العوار القانوني في
أكثر من موضع، ويكون مرجح الإلغاء، ويتوفر بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، ولا
جدال في توفر ركن الاستعجال، المتمثل في تمكين جامعة النيل من أداء رسالتها
العلمية على نحو مستقل، مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذه بجميع أجزائه على وفق
التفصيل السابق بيانه.
ولا ينال من جماع ما تقدم قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 161 لسنة
2012 المشار إليه، والذي صدر ونُشِرَ بالجريدة الرسمية بالعدد (51) بتاريخ
20/12/2012، فيما تضمنه من النص في (المادة الأولى) منه على: إنشاء مدينة زويل
للعلوم والتكنولوجيا، كمؤسَّسةٍ علمية بحثية، ذات شخصية اعتبارية عامة مستقلة،
وغير هادفة للربح، وفي المادة الثالثة منه على أن: تتكون المدينة من جامعة العلوم
والتكنولوجيا، ومعاهد بحثية متخصِّصة في مجالات محدَّدة، وغير ذلك، وفي (المادة
الثالثة) عشرة منه على أن: تتكون موارد المدينة من: ما قد تساهم به الدولة من
مساهماتٍ مالية أو عينية، وما يقبله مجلسُ الإدارة من التبرعات والهبات والوصايا
والإسهامات المالية والمحلية أو الأجنبية طبقًا للقواعد المقرَّرة في هذا الشأن،
وكذا المنح والقروض التي تُعقَد لصالح المدينة وفقًا للقوانين المنظِّمة لذلك،
ومقابل الخدمات والأبحاث والاستشارات التي تؤديها وعائد استثمار أموالها، وعلى وجه
الخصوص ما نصت عليه (المادة الخامسة عشرة) منه على أن: "تُخصِّص الدولةُ ما
تقدِّره من الأراضي والمباني لتحقيق أغراض المدينة وأهدافها وفقًا للقوانين
واللوائح المنظِّمة لذلك على أن تظل ملكية الأراضي والمباني للدولة"، حيث إنه
من المقرَّر أن القانون بوجهٍ عام يحكمُ الوقائع والمراكز التي تتم تحت سلطانه، أي
في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه، وهذا هو مجال تطبيقه الزمني، فيطبق
القانون بأثره المباشر على الوقائع والمراكز التي تقع أو تتم بعد نفاذه، ولا يطبق
بأثر رجعي على الوقائع أو المراكز القانونية التى تقع أو تتم قبل نفاذه إلا بنص
صريح يقرر الأثر الرجعي متى كان ذلك جائزًا. (يراجع في ذلك حكم المحكمة الإدارية
العليا في الطعن رقم 4124 لسنة 43ق.ع بجلسة 30/1/2001، وحكمها في الطعن رقم 321
لسنة 45ق.ع بجلسة 3/2/2001)، وهو ما ينطبق على نصوص القانون المشار إليه، والتي لم
ترتب أيَّ حقٍّ لمدينة زويل على الأرض محل التداعي، فضلا عن أن جميع القرارات
الطعينة لم تصدر في فترة نفاذه ولم تستند إليه؛ نظرًا للعمل به اعتبارًا من
20/12/2012، بأثر فوري وبعد صدوره، وكل ما في الأمر أن القانون المشار إليه صدر
لإنشاء كيان قانوني باسم/ مدينة زويل، كمؤسسة علمية، حتى تتمكن من استكمال
مقوماتها المادية والقانونية هي الأخرى، دون المساس بالمقومات المادية لجامعة
النيل، وهو ما تكون الدولة في أشد الحاجة إليه في المرحلة الحالية.
وحيث إنه مما يجدر التنويه إليه في ختام هذا الحكم إيجاز ما سبق جميعه
في النقاط التالية:
(1) أن جامعة النيل بحسبانها جامعة تكنولوجية بدأ التفكير في إنشائها
بتكليف من الدكتور/عاطف عبيد، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، في عام 2001، إلى وزارة
الاتصالات والمعلومات، التي كان يرأسها الدكتور/ أحمد نظيف -وقت ذاك- للقيام بهذا
المشروع مع نخبة من المهتمين بهذا الموضوع من رجال الجامعات والمجتمع المدني
والشخصيات العامة.
(2) تقدمت الوزارة المذكورة في 24 من أكتوبر 2001، بمشروع جامعة أهلية
مصرية لا تهدف إلى الربح، وتتخصص في التكنولوجيا المتقدمة، وتبدأ بمجالات
الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووافق الدكتور/عاطف عبيد -وقت ذاك- بصفته
المذكورة سالفًا في 10/11/2001 على هذا المقترح.
(3) بدأت إجراءات تخصيص قطعة أرض بمساحة (127 فدانًا تقريبًا) بمدينة
الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر، وتم تخصيص هذه المساحة فعلا بقرار وزير الإسكان في
10/7/2002.
(4) في سبتمبر 2002 تقدم الدكتور/ أحمد نظيف وزير الاتصالات بمذكرة
للسيد/رئيس مجلس الوزراء في إطار إنشاء الجامعة التكنولوجية المصرية من خلال مؤسسة
تُنشأ لهذا الغرض، حيث وافق سيادته في 29/9/2002، بضرورة التنسيق مع وزير التعليم
العالي، وتحديد المؤسسين، وإنشاء مجلس الأمناء.
(5) بتاريخ 25 من مايو 2003 تأسست بالفعل المؤسسة المصرية العامة لتطوير
التعليم، كمؤسسة أهلية على وفق قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة
2002، وقُيِّدت برقم 1777 لسنة 2003، ثم مُنحت صفة النفع العام بالقرار رقم 221
لسنة 2004.
(6) بتاريخ 29/4/2004 عُقِدَت لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء ضمت
العديد من الوزارات منها: الاتصالات والتجارة الخارجية والتنمية الإدارية والصناعة
والإنتاج الحربي، وفي هذا الاجتماع عرض وزير الاتصالات اقتراحًا مؤداه إنشاء جامعة
النيل، وهي جامعة لا تهدف إلى الربح، وتتولى إدارتها المؤسسة المصرية العامة
لتطوير التعليم التكنولوجي المذكورة سالفًا، على أن تكون ملكية الأرض والمباني
للدولة ممثلة في وزارة الاتصالات، وانتهت اللجنة الوزارية المذكورة إلى عدة قرارات
منها: سرعة إنهاء الإجراءات الخاصة للبدء في إنشاء وتشييد جامعة النيل
التكنولوجية، لذلك طلبت وزارة الاتصالات من رئيس مجلس الوزراء في 3/6/2004،
الموافقة على استصدار قرار جمهوري يقضي بإنشاء جامعة النيل، وأن يتم منح حق
الانتفاع بالأرض وما عليها من مبانٍ للمؤسسة المصرية العامة لتطوير التعليم
التكنولوجي، طبقًا لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1958 -المشار إليه- مع حق نقل هذا
الانتفاع لمصلحة جامعة النيل.
(7) في تاريخ 24/5/2004 وافق مجلس الجامعات الخاصة برئاسة وزير التعليم
العالي من حيث المبدأ على إنشاء الجامعة المذكورة، وإخطار مجلس أمناء المؤسسة
المشار إليها بذلك.
(8) وافق مجلس الوزراء في 18/1/2005 على مشروع القرار الجمهوري بإنشاء
جامعة النيل، حيث صدر القرار الجمهوري رقم 255 لسنة 2006 بإنشاء الجامعة المذكورة
كجامعة خاصة لا تهدف إلى الربح.
وحيث إنه يُستفاد مما تقدم أن جامعة النيل التي تتولى إدارتها المؤسسة
المصرية العامة لتطوير التعليم التكنولوجي قد بدأت بتكليفٍ من رئيس مجلس الوزراء
إلى وزارة الاتصالات والمعلومات، وقد تم إنشاء المؤسسة المذكورة، ثم مُنِحت صفة
النفع العام على وفق أحكام القانون رقم 84 لسنة 2002 المذكور سالفًا، ومُنِحت
أيضًا حق الانتفاع بقطعة الأرض التي كانت مخصَّصة لوزارة الاتصالات والمعلومات
بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 372 لسنة 2006، كما أُنشئت الجامعة المشار إليها
بقرار جمهوري على وفق قانون الجامعات الخاصة رقم 101 لسنة 1992، وأن القرارات
المذكورة لم تكن محل طعن، وانقضى الميعاد المقرَّر لذلك قانونًا دون سحب أو إلغاء
أو تعديل، ومن ثم فقد صادفت صحيح حكم القانون، ووجب احترامها والعمل بمقتضاها دون
تعطيل لأحكامها أو الحد من آثارها، فلا يجوز قانونًا إصدار قواعد تشريعية مضادة،
الهدف منها تقويض أحكامها أو العمل على عدم تنفيذها، أيا كان الغرض من إنشائها،
لأن إعلاء دولة القانون ليس باحترام أحكام القضاء فحسب، إنما باحترام القواعد
التشريعية السابقة، ما دام أنها سليمة وموافقة لحكم القانون، لاسيما أن جامعة
النيل قد بدأت التشغيل منذ عام 2006، وقَبلت لديها (86 طالبًا) في المرحلة
الجامعية الأولى، فضلا عن طلبة الدراسات العليا، وأنشأت ستة مراكز بحثية
للتكنولوجيا المتقدمة مع الجامعات والمراكز البحثية العالمية، وقد تم إرسال أعداد
من الطلاب للتدريب في الجامعات العالمية، كما تلقت تبرعات بمبلغ يقترب من (150
مليون جنيه) من شركات ومؤسسات وبنوك محلية وأجنبية، وتمارس عملها المنوط بها منذ
عام 2006 حتى الآن (أي لمدة قاربت الثماني السنوات)، لذا وجب عدم المساس بالمراكز
القانونية المستقرة طيلة هذه المدة، ومنح الثقة والطمأنينة في نفوس المؤسسين
والمتبرعين والمعاونين والغير على إقامة هذا الصرح العلمي الجليل، غير أن الدولة،
وبدلا من المحافظة على هذا الكيان العلمي القائم قانونًا وواقعًا منذ مدة طويلة
على نحو ما سلف، والعمل على تفعيله بصورة قوية تدفعه إلى الأمام بقرارات من شأنها
تحقيق الغرض الذي يصبو إليه، وذلك لخلق جيل من الشباب يستوعب تكنولوجيا العصر
والاستفادة بها في مجالات الحياة المختلفة نحو الرقي والتقدم، تقوم بدلا من ذلك
بمفاجأة الكيان القانوني المذكور بالقرارات الطعينة، وكأنها سيلٌ عَرم، القرار تلو
القرار، قُصِدَ بها إقصاؤه، والعمل على تدميره، ليَنْشَأَ بدلا منه كيانٌ آخر في
علم الغيب، لم يكن له وجودٌ قانوني إلا بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 738
لسنة 2011 بتاريخ 1/6/2011، بتشكيل مجلس الأمناء الأول لمدينة زويل للعلوم
والتكنولوجيا، حيث صدرت القرارات الطعينة في تاريخ سابق، عدا القرار الأخير
(القرار رقم 1366 لسنة 2011)، وهي جميعها ذات نسيج واحد، وهي قبول التنازل عن
الأرض، والمباني والتجهيزات المقامة عليها، ونقل الإشراف، ثم استخدام مدينة زويل
لها، وقد أصابها البطلان والعوار بسبب ما لحق التنازل الأول النهائي وغير المشروط
الصادر عن مجلس أمناء المؤسسة المصرية العامة لتطوير التعليم التكنولوجي عن حق
الانتفاع المقرر على هذه الأرض لجامعة النيل وذلك لمصلحة وزارة الاتصالات، حيث لا
يملك هذا الحقَّ إلا هذه الجامعة؛ باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل في ذلك، ومن
ثم، وإذ كان ما بُنِيَ على باطلٍ فهو باطل، على وفق البادي من أوراق الطعن على
النحو المشار إليه سابقًا، فإن القرارات الطعينة قد استقامت على ركن الجدية على
نحو ما سلف ذكره، فضلا عن ركن الاستعجال؛ بحسبان أن مصير طلاب جامعة النيل
والعاملين بها في مسيس الحاجة اليوم -وليس الغد- إلى استقرار مراكزهم القانونية،
حتى يتسنى لهم التفرغ لأداء رسالتهم العلمية العالية نحو خيرِ هذا المجتمعِ الطيب
أهلُه، ومن ثم وجب القضاء بوقف تنفيذ هذه القرارات الطعينة بجميع أجزائها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه فيما قضي به بالبندين (ثانيا) و(ثالثًا)
منه قد ذهب إلى خلاف هذا النظر، فإنه يكون قد صدر على خلاف صحيح حكم القانون، ومن
ثم تقضي المحكمة بإلغائه، والقضاء مجددًا بقبول الدعويين رقمي 32349 و55780 لسنة
66ق. شكلا، وفي الشق العاجل: بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تحويل جامعة
النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية، وبوقف تنفيذ القرارات أرقام 305 و356 و1000
و1366 لسنة 2011 بجميع أجزائها، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين
سالفًا، وبرفض الطعنين رقمي 4524 و6248 لسنة 59ق.ع.
وحيث إن المحكمة بقضائها المبين سالفًا، لا يفوتها في هذا المقام -وهي
أعلى مدارج حصن المشروعية- سوى التأكيد على ما هو مستقر عليه قضاؤها في هذا الصدد
من أنه لا محل لرقابة القضاء الإداري على الملاءمات التقديرية التى تباشرها السلطة
الإدارية المختصة عند إصدار قراراتها، سواء من حيث اختيارها لمحل القرار، أو وقت
وأسلوب تنفيذه، ما لم تنحرف عن المصلحة العامة؛ إذ يكون القرار الإداري -والحال
هذه- غير مشروع، إذا تنكب غايات المصلحة العامة، أو إذا استند إلى غاية من غايات
المصلحة العامة يكون ظاهرًا ومؤكدًا أنها أدنى في أولويات الرعاية من غايات قومية
أخرى أسمى وأجدر بالرعاية منها، وأن محاكم مجلس الدولة إذ تباشر الرقابة على
مشروعية قرارات وتصرفات الإدارة، متمتعةً بالاستقلال الكامل عن أية سلطة في
الدولة، في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون، لا تحل محل جهة الإدارة في
أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها التنفيذية، والتي تتحمل مسئولية إدارتها لها
مدنيا وجنائيا وإداريا وسياسيا، فرقابة مشروعية القرار الإداري الذي تُصْدِره جهة
الإدارة لا يمكن أن تمتد أبعد مدى من القضاء بوقف التنفيذ أو الإلغاء، ومن ثم تقف
هذه الرقابة عند حدها الطبيعي، وهى مراجعة قرارات الإدارة وتصرفها الإيجابي أو
السلبي؛ لتعيد جهة الإدارة على وفق ما تتضمنه الأحكام منطوقًا وأسبابًا مرتبطة به،
تصحيح تصرفاتها وقراراتها، إعلاءً للمشروعية وسيادة القانون.
وإذ تعتز المحكمة بالمشروع القائم عليه الدكتور/ أحمد حسن زويل، كأحد
دعائم التكنولوجيا، التي هي واجهة القرن ومسايرة للركب العالمي، والتي تهفو نفوس
المصريين إليها بعد ثورة 25 من يناير 2011، والتي كانت شرارتها تكنولوجيا
الاتصالات والمعلومات، إلا أنها تربأ به -كأحدِ نفائسِ المصريين عزةً وكرامةً- أن
تكون دعامةُ المشروعِ القائم عليه وَأْدًا لكيانٍ أضحى وليدًا وتبلور كيانه، وهو
جامعة النيل ومكوناتها من الكليات التي انتظمت الدراسة بها على نحو ما تقدم، ومن
ثم تهيب المحكمة بالدولة -بغية المصلحة العامة، وحتى لا يهجرَ الوطنَ من يرجو له
الخيرَ من أبنائه الذين يتهافت الغربُ على ما يتمتعون به من نبوغٍ، وهي بصدد تنفيذ
الحكم الماثل فيما قضى به- أن توفرَ البديلَ المناسب، والإمكانيات التي يستلزمها
المشروع القائم عليه مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، على نحو ما جرى به حكم
المادتين (13) و(15) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 161 لسنة 2012 المشار
إليه، والذي يقضي بأن تتكون موارد المدينة مما قد تساهم به الدولة من مساهمات
مالية أو عينية وما يقبله مجلس الإدارة من التبرعات والهبات والوصايا والإسهامات
المالية المحلية أو الأجنبية طبقًا للقواعد المقرَّرة في هذا الشأن، وكذا المنح
والقروض التي تُعقد لمصلحة المدينة على وفق القوانين المنظِّمة لذلك، ومقابل
الخدمات والأبحاث والاستشارات التي تؤديها وعائد استثمار أموالها، وأن تخصص الدولة
ما تقدره من الأراضي والمباني لتحقيق أغراض المدينة وأهدافها على وفق القوانين
واللوائح المنظِّمة لذلك، على أن تظل ملكية الأراضي والمباني للدولة، وبخاصة أنه
يبين من أوراق الطعن أن هناك مساحة مجاورة للمساحة المخصصة لجامعة النيل بالشيخ
زايد تبلغ تقريبًا (148 فدانًا) كانت الدولة في طريق تخصيصها لجامعة الدكتور/
زويل، ولها في ذلك أن ترعى توأمة بين الكيانين المتنازعين -توفيقًا- كما هو معلوم
من تبادل للمنح بين الجامعات المختلفة، بحسبان أن ذلك جميعَه -بلا خلاف- نهضةٌ
علمية تَشْرَئِبُّ إليها قامات المصريين استكمالا لمقومات الحضارة المصرية التي
درس العالم منها علومه وثقافته وفنونه المختلفة.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة (184) من قانون
المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
(أولا) بقبول الطعون أرقام 4524 و6033 و6248 لسنة 59ق.ع شكلا.
(ثانيا) إلغاء الحكم المطعون فيه الصادر في الدعويين رقمي 32349 و55780
لسنة 66ق. فيما تضمنه البندان (ثانيا) و(ثالثًا) منه.
(ثالثًا) القضاء مجددًا: بقبول الدعويين المنصوص عليهما بالبند السابق
شكلا، وفي الشق العاجل: (أ) وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تحويل جامعة
النيل من جامعة خاصة إلى جامعة أهلية. (ب) وقف تنفيذ القرارات أرقام 305 و356
و1000 و1366 لسنة 2011، بجميع أجزائها، وما يترتب على ذلك من الآثار، على النحو
المبين بالأسباب.
(رابعًا) رفض الطعنين رقمي 4524 و6248 لسنة 59ق.ع، مع إلزام طاعنيهما
المصروفات.