الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

طباعة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 2 يوليو 2021

عدم دستورية اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على قرارات رفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية

الدعوى رقم 51 لسنة 42 ق "دستورية" جلسة 5 / 6 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يونيه سنة 2021م، الموافق الرابع والعشرين من شوال سنة 1442 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 42 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة النقض (الدائرة المدنية والعمالية)، بقرارها الصادر بجلسة 25/6/2020، ملف الطعن رقم4 لسنة 89 قضائية "نقابة".

المقام من

محمود طليحى أحمد محمد

ضد

نقيب المعلمين


الإجراءات
بتاريخ الثلاثين من سبتمبر سنة 2020، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الطعن رقم 4 لسنة 89 قضائية " نقابة "، بعد أن قررت الدائرة المدنية والعمالية بمحكمة النقض بجلسة 25/6/2020، وقف السير في الطعن، وإحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 15/5/2008، أقام الطاعن الدعوى رقم 6021 لسنة 25 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بقنا، ضد نقابة المعلمين، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي الصادر من نقابة المعلمين بالامتناع عن منحه بطاقة الاشتراك بالنقابة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على سند من القول بأنه من العاملين بإدارة قنا التعليمية، التابعة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة قنا، ويسدد بانتظام الاشتراكات المقررة لصالح تلك النقابة منذ تعيينه بتاريخ 1/8/1995، إلا أن النقابة رفضت منحه بطاقة العضوية، مما حدا به إلى إقامة دعواه ليضمن حقوقه في معاش النقابة، عند بلوغه سن المعاش. وبجلسة 27/9/2018، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة النقض للاختصاص، وقيد الطعن أمامها برقم 4 لسنة 89 قضائية " نقابة "، وبجلسة 25/6/2020، قررت الدائرة المدنية والعمالية بمحكمة النقض، وقف السير في الطعن، وإحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بالنقابة.

وحيث إن المادة (5) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1992، تنص على أنه " ينشأ بالنقابة جدول لقيد الأعضاء وفقا لما تنص عليه اللائحة الداخلية ".

وتنص المادة (6) من القانون ذاته على أنه " تشكل لجنة للقيد في الجدول برئاسة أحد وكلاء النقابة، وعضوين من مجلس إدارة النقابة يختارهما المجلس.

وعلى اللجنة أن تصدر قرارها خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببًا.

ويخطر الطالب بقرار اللجنة خلال خمسة عشر يومًا من صدوره، بكتاب مسجل مع علم الوصول. ويقوم مقام الإخطار تسلم الطالب صورة بإيصال موقع عليه منه.

ولمن صدر القرار برفض قيد اسمه أن يتظلم منه إلى مجلس الإدارة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره بالقرار".

وتنص المادة (7) من ذلك القانون على أنه " ينظر مجلس الإدارة في التظلمات من قرارات لجنة القيد المنصوص عليها في المادة السابقة على ألا يكون لأعضاء هذه اللجنة صوت معدود في قرار المجلس بقبول التظلم أو رفضه.

ولمن صدر قرار برفض تظلمه أن يطعن فيه أمام محكمة النقض خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه بالقرار".

وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها – مناطها، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. متى كان ذلك، وكانت محكمة النقض قد ارتأت أن الفصل في موضوع الطعن المعروض عليها، يتطلب ابتداء الفصل في دستورية ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (7) من قانون نقابة المهن التعليمية المشار إليه، من إسنادها الاختصاص لمحكمة النقض بالفصل في الطعون على القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية. وكان بحث أمر الاختصاص سابقًا بالضرورة على التعرض للموضوع، باعتباره من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية المحكمة في نظره والفصل فيه. ومن ثم، يكون الفصل في دستورية الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر، أمرًا لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، وتتحقق به المصلحة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما ورد بها من تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعون المار بيانها، دون سائر ما تضمنته من أحكام أخرى.

وحيث إن حكم الإحالة ينعى على المادة (7) من القانون المشار إليه، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية ، أنه جاء مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره من جهات القضاء، هو صاحب ولاية الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 1/12/2018، في الدعوى رقم 118 لسنة 26 قضائية " دستورية ".

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري، بدءًا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه، جهة قضائية قائمة بذاتها، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011، الذى أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه، والمادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/12/2012، والمادة (190) من الدستور الحالي التي تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ..... ". ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًّا يقضى بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وهو ما انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011، ونص المادة (75) من الدستور الصادر في 25/12/2012، وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في المادة (97) منه، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية. وإذ كان المشرع الدستوري بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن " ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي "، فقد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها. وكان مجلس الدولة قد غدا في ضوء الأحكام المتقدمة قاضي القانون العام؛ وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقته.

وحيث إن الدستور الحالي قد نص في مادته (76) على أنه " إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم". كما نص في المادة (77) منه على أنه " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية".

وحيث إن البين من مطالعة أحكام قانون نقابة المهن التعليمية المار ذكره، أنه أنشأ نقابة للمهن التعليمية، لتضم المشتغلين بمهنة التربية والتعليم، الذين سبق اشتغالهم بها، وأضفى عليها شخصية معنوية مستقلة، وخولها حقوقًا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت بين مقومات الهيئة العامة وعناصرها من شخصية مستقلة ومرفق عام، تقوم عليه، مستعينة في ذلك ببعض مزايا السلطة العامة التى منحها لها القانون، تمكينًا لها من أداء المهام الموكلة لها في خدمة المهنة القائمة عليها، ورعاية أعضائها، والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، ومن أجل ذلك جعل عضويتها إجبارية على المشتغلين بمهنة التربية والتعليم، في غير الجامعات والأزهر والكليات والمعاهد العليا والكليات والمدارس العسكرية، ورتب على مخالفة تلك الأحكام، توقيع عقوبة الحبس والغرامة على المخالفين، كما ألزم المنتمين للنقابة بأداء رسم قيد واشتراكات سنوية، وأنشأ هيئة تأديبية يحاكم أمامها الأعضاء الذين يخالفون قانون النقابة أو لائحتها الداخلية أو يرتكبون أمورًا مخلة بواجبات المهنة أو ماسة بكرامتها.

وحيث إن المشرع قد أنشأ بموجب أحكام المادة (5) من قانون نقابة المهن التعليمية المشار إليه، جدولاً لقيد أعضاء النقابة، على أن تتولى هذا القيد اللجنة المنصوص عليها في المادة (6) منه، المشكلة برئاسة أحد وكلاء النقابة، وعضوين من مجلس إدارة النقابة يختارهما المجلس، وتُصدر اللجنة قرارها خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حال رفضه يجب أن يكون قرارها مسببًا، ويُخطر الطالب بالقرار خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره، بكتاب مسجل مع علم الوصول، وأجاز المشرع - في النص المُحال - لمن رُفض طلب قيد اسمه في الجدول أن يتظلم إلى مجلس الإدارة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره بالقرار، وفى حالة صدور قرار برفض تظلمه، فله أن يطعن فيه أمام محكمة النقض، خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه به.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نقابة المهن التعليمية من أشخاص القانون العام، وأنها مرفق عام مهني، منحها قانون إنشائها المشار إليه، وهيئاتها، ومنها لجنة القيد، قدرًا من السلطة العامة، فإن لازم ذلك أن القرارات الصادرة عن النقابة أو لجنة القيد، قرارات إدارية، والمنازعة فيها - ومن بينها القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية - من قبيل المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، دون غيرها، طبقًا لنص المادة (190) من الدستور. وإذ أسند نص الفقرة الأخيرة من المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، الفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض، التابعة لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع، على هذا النحو، يكون مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى، بمقتضاه، مجلس الدولة، دون غيره، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستورية هذا النص.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية، فيما تضمنه من إسناد الفصل في الطعن على القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية، إلى محكمة النقض.

الطعن 95 لسنة 8 ق جلسة 8 / 6 / 1939 مج عمر المدنية ج 2 ق 189 ص 575

جلسة 8 يونيه سنة 1939

برياسة حضرة محمد فهمي حسين بك وبحضور حضرات: حامد فهمي بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

------------------

(189)
القضية رقم 95 سنة 8 القضائية

نقض وإبرام:
(أ، ب) الشريعة الإسلامية.

متى تعتبر من القانون الواجب على المحاكم النظامية تطبيقه؟ الأحكام التي أخذها الشارع عنها وأدمجها في القوانين. بيع المريض مرض الموت. أحكام الشفعة. عدم تقيد المحاكم في تفسيرها برأي أئمة الشرع. رقابة محكمة النقض عليها. متى يكون العمل بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية واجباً؟
)جـ، د) شفعة.

خيار الشفيع. انتقاله إلى الورثة. مذهب الأئمة عدا أبا حنيفة في انتقال الخيارات. مذهب القانون المدني المصري. (المواد 354 و355 و391 مدني(

---------------
1 - إن الشريعة الإسلامية لا تعتبر من القانون الواجب على المحاكم الأهلية تطبيقه إلا في خاصة العلاقات المدنية التي نشأت في ظلها قبل ترتيب هذه المحاكم وفي المسائل التي أحالها القانون إليها كالميراث والحكر. أمّا ما أخذه الشارع عنها وأدمجه في القوانين كأحكام بيع المريض مرض الموت وأحكام الشفعة وحقوق زوجات التجار فإنه من القوانين التي تطبقها المحاكم وتفسرها غير متقيدة برأي الأئمة، ولمحكمة النقض الرقابة عليها في ذلك.
2 - إن الشريعة الإسلامية والقوانين الدينية لليهود والنصارى وقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالأجانب تعتبر من القوانين الواجب على المحاكم تطبيقها فيما يعرض لها من مسائل الأحوال الشخصية ولا تجد فيه ما يستدعي وقف الدعوى لتفصل فيه محكمة الأحوال الشخصية المختصة به بصفة أصلية. ولا شك في أنه متى وجب الحكم في الأحوال الشخصية على مقتضى الشريعة الإسلامية أو القوانين الملية أو الجنسية فإنه يكون على المحكمة أن تتثبت من النص الواجب تطبيقه في الدعوى، وتأخذ في تفسيره بالوجه الصحيح المعتمد، وهي في ذلك خاضعة لرقابة محكمة النقض. ولذلك لا يكون العمل بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية واجباً على المحاكم الأهلية إلا في مسائل الأحوال الشخصية التي تختص المحاكم الشرعية بنظرها بصفة أصلية ولا تفصل فيها المحاكم الأهلية إلا بصفة فرعية.
3 - إن القانون المصري قد خلا من النص على حكم خيار العيب وخيار الشرط وخيار التعيين وخيار الاسترداد الوراثي وخيار المدين دفع ثمن الدين المبيع لمشتريه. وكذلك قد خلا قانون الشفعة من النص على حكم خيار الشفيع هل ينتقل للورثة أو لا ينتقل. والصحيح في هذه الخيارات أنها جميعاً تنتقل قانوناً إلى ورثة من له الخيار، لأنها حقوق مالية يجري فيها التوارث مجراه في المال. ولا يغض من ذلك أن الشريعة الإسلامية - في مذهب أبي حنيفة - لا تجيز انتقال خيار الشفعة إلى وارث الشفيع.
4 - إن من عدا أبا حنيفة من الأئمة وجمهور الفقهاء قد ذهبوا في انتقال الخيارات إلى الورثة انتقال الأموال والحقوق المذهب الذي انتحاه القانون المصري فيما جرى عليه من توريث الأموال والحقوق المتعلقة بالأموال والحقوق المجرّدة والمنافع والخيارات والمؤملات والدعاوى وآجال الديون. فمن مات وعليه دين مؤجل فلا يحل بموته أجل الدين لأنه حق استفاده المدين حال حياته فينتقل بعد موته إلى ورثته ميراثاً عنه. والمنافع المملوكة للشخص إذا مات قبل استيفائها يخلفه ورثته فيما بقي منها، فلا تنفسخ الإجارة بموت المستأجر أو المؤجر في أثناء مدّتها. ومن أعطيت له أرض ليحييها بالزراعة أو العمارة فحجرها ثم مات قبل مضي ثلاث سنين ولم يكن قد باشر فيها عمل الإحياء حل وارثه محله في اختصاصه وأولويته بإحيائها. وإذا مات الدائن المرتهن انتقل حقه في الرهن إلى ورثته وانتقل معه حقه في حبس العين المرهونة حتى يوفى الدين. وكل هذا كما هو صحيح في القانون صحيح عند الأئمة الثلاثة وجمهور الفقهاء، وغير صحيح عند أبي حنيفة.


الوقائع

تتضمن وقائع الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه - أنه بتاريخ 2 من مارس سنة 1937 باع عبد القادر توفيق بك وأحمد فؤاد عبد المجيد بك لرزق الله واصف خبل أفندي 24 فداناً و16 قيراطاً بناحية أولاد مهنا مركز بلبيس بثمن قدره 1657 جنيهاً و920 مليماً، وذلك بعقد رسمي سجل في 27 من مايو سنة 1937 أمام موثق العقود بمحكمة مصر الابتدائية المختلطة. ولأن المرحوم محمد مختار سري بك (مورّث الطاعنين) شفيع في هذه الصفقة أعلن للبائعين والمشتري رغبته في أخذها بالشفعة، وذلك في 27 من مايو سنة 1937. ثم رفع عليهم دعوى أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طلب فيها الحكم بأحقيته لأخذ هذه الأطيان بالشفعة بالثمن المسمى بالعقد.
وبعد أن ترافع الطرفان في القضية بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1937 أجلت المحكمة نطق الحكم لجلسة 23 من ديسمبر سنة 1937، ثم لجلسة 30 من ذلك الشهر. وفي 21 من الشهر المذكور قدّم رزق الله واصف خبل أفندي طلباً بفتح باب المرافعة ليتمكن من الدفع بسقوط الحق في الشفعة لوفاة الشفيع بتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1937. والمحكمة أصدرت بتاريخ 30 منه حكماً تمهيدياً بندب خبير لتحقيق الجوار ووجود حق الارتفاق بعد أن قضت بعدم سقوط حق الورثة في متابعة الدعوى.
وبتاريخ 5 من فبراير سنة 1938 استأنف رزق الله أفندي المشتري هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالباً إلغاءه والحكم بسقوط حق الشفيع في الشفعة لوفاته.
وفي 16 من يونيه سنة 1938 حكمت محكمة استئناف مصر بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بقبول الدفع المقدّم من المستأنف وبإلغاء الحكم المستأنف وسقوط حق ورثة المرحوم محمد مختار سري بك في أخذ العين بالشفعة الخ.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنة بصفتيها في 9 من أغسطس سنة 1938، فطعن فيه وكيلها بطريق النقض في 7 من سبتمبر سنة 1938 بتقرير أعلن إلى المدعى عليه في 19 من ذلك الشهر الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف بقضائها بإلغاء الحكم التمهيدي المستأنف وبسقوط الشفعة لوفاة الشفيع قبل القضاء له بها قد خالفت حكم القانون المدني الواجب الأخذ به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بني على أن الشريعة الإسلامية، على مذهب الإمام أبي حنيفة، هي الواجب الأخذ بأحكامها، لأن قانون الشفعة من جهةٍ خال من النص على ما إذا كان خيار الشفعة ينتقل لورثة الشفيع أو لا ينتقل، ولأن المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية تقضي "بأن الأحكام تصدر طبقاً للمدوّن في هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ما عدا الأحوال التي ينص فيها قانون للمحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقاً لتلك القواعد".
هذا. وحيث إن الشريعة الإسلامية لا تعتبر من القانون الواجب على المحاكم النظامية تطبيقه إلا في خاصة العلاقات المدنية التي نشأت في ظلها قبل إنشاء المحاكم الأهلية وفيما أحاله القانون إليها كالميراث والحكر. أما ما أخذه الشارع من أحكامها وطبعه بطابعه وأدمجه في القوانين كأحكام بيع المريض مرض الموت وأحكام الشفعة وحقوق الزوجات في القانون التجاري فإنه يكون قانوناً بذاته تطبقه المحاكم النظامية وتفسره غير متقيدة فيه بآراء أئمة الفقه الإسلامي. وقضاؤها في ذلك يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض.
وحيث إن الشريعة الإسلامية والقوانين الدينية للمسيحيين واليهود من المصريين وقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالأجانب غير المتمتعين بالامتيازات تعتبر أيضاً من القوانين التي يجب على المحاكم النظامية تطبيقها في مسائل الأحوال الشخصية التي تعرض لهذه المحاكم ولا تجد فيها ما يستدعي التقرير بوقف الدعوى حتى تفصل في تلك المسائل محكمة الأحوال الشخصية المختصة بنظرها بصفة أصلية. ولا شك أنه متى وجب الحكم في الأحوال الشخصية على مقتضى الشريعة الإسلامية أو القوانين الملية أو الجنسية الخاصة بالأجانب غير المتمتعين بالامتيازات، فإنه يكون على المحكمة النظامية أن تتثبت من النص الواجب تطبيقه في الدعوى وأن تأخذ في تفسيره بالوجه المعتمد أمام محاكم الأحوال الشخصية المختصة، ويكون حكمها كذلك خاضعاً لرقابة محكمة النقض. وبذلك لا يكون العمل بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية واجباً أمام المحاكم النظامية إلا في مسائل الأحوال الشخصية التي تفصل فيها هذه المحاكم بصفة فرعية كما سبق القول.
وحيث إن الأصل في القوانين الوضعية أن من ترك مالاً فلورثته إلا ما استثني من الحقوق والالتزامات التي تنتهي بالموت بحكم القانون أو بالاتفاق كحق السكنى والاستعمال والإيرادات المؤقتة. والأصل في المالية أنها تثبت بتموّل الناس كافة أو بتموّل البعض، والأصل في التقوّم أنه يثبت بها وبإباحة الانتفاع بها شرعاً أو قانوناً. فما يكون مباح الانتفاع دون تموّل الناس لا يكون مالاً كحبة من حنطة، وما يكون مالاً بين الناس ولا يكون مباح الانتفاع لا يكون متقوّماً كالخمر في حق المسلم في الشريعة الإسلامية. ولذلك جرى الفقه الإسلامي على تقسيم المال إلى مال غير متقوّم وهو ما كان مالاً في عرف مستحله ولكنه غير مال في نظر الشرع لأنه سلبه الاحترام والقيمة التي يسير بها في الأسواق والانتفاع الذي هو الثمرة الأولى من ثمرات المالية، كما جرى القانون على تقسيم المال إلى ما حرم اقتناؤه وعدّ إحرازه جريمة إلا في أحوال استثنائية كالمواد المخدّرة، وإلى ما أبيح اقتناؤه وإحرازه والتصرف فيه. ولهذا خلت القوانين الوضعية من النص فيها على ما ينتقل للورثة من الخيارات المختلفة، لأن الأصل فيها جميعاً الانتقال للورثة، إلا ما كان خاصاً بذات صاحب الخيار فيسقط بالموت. وكما خلا القانون المصري من حكم خيار العيب أو خيار الشرط أو خيار التعيين وخيار الاسترداد الوراثي وخيار المدين دفع ثمن الدين المبيع لمشتريه، كذلك خلا قانون الشفعة من النص على حكم خيار الشفيع أينتقل للورثة أو لا ينتقل. فالقول الفصل فيها جميعاً أنها تنتقل قانوناً إلى ورثة صاحب الخيار، لأنها حقوق مالية يجري فيها التوارث مجرى الأصل.
وحيث إن الأصل كذلك في الشريعة الإسلامية - على مذهب جمهور الفقهاء - هو أن تورث الحقوق والأموال إلا ما قام دليل على مفارقة الحق في هذا المعنى للمال. أما الحنفية منهم فالأصل عندهم أن يورث المال دون الحقوق، لأن الذي ثبت عن الشارع هو قوله صلى الله عليه وسلم "من ترك مالاً فلورثته" إلا ما قام دليله من إلحاق الحقوق بالأموال. فموضع الخلاف بين الأئمة هل الأصل هو أن تورث الحقوق كالأموال أم لا. فأبو حنيفة وأصحابه يذهبون إلى أن الوارث يكون له ما كان للمورّث من الخيارات في خيار العيب وخيار فوات الوصف المرغوب فيه وخيار التعيين وخيارات أخرى، لا على اعتبار أن الذي ينتقل للورثة هو حق من الحقوق، بل على اعتبار أن المنتقل إليهم عين التصقت بها حقوق. ففي خيار العيب وخيار فوات الوصف السبب الحامل على الخيار قائم بالعين بعد موت المورّث كما كان قائماً قبله. أما خيار الشفعة فليس متعلقاً بالعين المشفوع فيها ولا لاصقاً بها، بل هو راجع لمحض إرادة الشفيع فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فهو لا ينتقل إلى الوارث لأنه ليس بمال ولا في معنى المال. أما جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، فأصلهم أن الحقوق والاختصاصات والخيارات تورث كما تورث الأموال إلا ما كان صفة خاصة بذي الخيار كخيار الأب في ردّ هبته، فلا يورث لأنه خيار راجع إلى صفة في الأب لا توجد في غيره وهي الأبوّة. فسبب اختلافهم إذن في خيارٍ خيار على ما يقوله الإمام ابن رشد أنه من انقدح له في شيء منها أنه صفة للعقد ورّثه، ومن انقدح أنه صفة خاصة لذي الخيار لم يورّثه.
وحيث إن مذهب جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة في انتقال الخيارات انتقال الأموال والحقوق إلى الورثة هو الذي يلائم مذهب القانون المصري فيما جرى به من توريث الأموال والحقوق المتعلقة بالأموال والحقوق المجرّدة والمنافع والخيارات والمزاعم والدعاوى وآجال الديون. فمن مات وعليه دين مؤجل فلا يحل أجل الدين بموته لأنه حق استفاده المدين حال حياته فينتقل بعد موته إلى ورثته ميراثاً عنه. والمنافع المملوكة لشخص إذا مات قبل استيفائها يخلفه ورثته فيما بقي منها، ولهذا لا تنفسخ الإجارة بموت المستأجر أو المؤجر في أثناء المدّة. ومن أعطيت له أرض ليحييها بالزراعة أو العمارة فحجرها ولم يباشر فيها عمل الإحياء وكان ذلك قبل مضي ثلاث سنين حل وارثه محله في اختصاصه بها وأولويته بإحيائها. وإذا مات الدائن المرتهن انتقلت العين المرهونة إلى يد وارثه وانتقل معها حق حبسها حتى يستوفى الدين. وهذا كله صحيح في مذهب القانون وجمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة وغير صحيح في مذهب أبي حنيفة. والخلاصة أن حكم القانون في خيار الشفعة هو انتقاله إلى الورثة كرأي جمهور أولئك الفقهاء والأئمة.
وحيث إنه ينتج من ذلك أن محكمة الاستئناف إذ قضت بسقوط حق الشفيع بموته قبل القضاء معتمدة في ذلك على مذهب أبي حنيفة وعلى خلو القانون من نص صريح يخالف المعتمد في هذا المذهب تكون قد خالفت حكم القانون المدني فيما استنبطته هذه المحكمة من فقهه كما سبق الذكر.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه ورفض ما دفع به المستأنف من سقوط الحق في الشفعة.
وحيث إن الحكم المستأنف في محله فيتعين تأييده.


الطعن 87 لسنة 5 ق جلسة 2 / 4 / 1936 مج عمر المدنية ج 1 ق 344 ص 1087

جلسة 2 أبريل سنة 1936

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازى بك المستشارين.

----------------

(344)
القضية رقم 87 سنة 5 القضائية

شفعة:
(أ) طلب الشفعة بالثمن الحقيقي مقدّرا. القضاء بالشفعة بالثمن الوارد بالعقد. لا يعتبر قضاء بما لم يطلبه الشفيع.
(ب) الدفع بسقوط حق الشفيع في الشفعة لعدم عرضه الثمن الوارد بعقد الشراء. غير متعلق بالنظام العام. لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.

(المادتان 14 و15 من قانون الشفعة)

-------------
1 - إذا طلب شخص الحكم له بأحقيته في أخذ أطيان بالشفعة بالثمن الحقيقي لها وقدره كذا، مدّعيا أن الثمن الوارد بالعقد صوري لا يحتج به عليه وطالبا إثبات صحة الثمن بالبينة، ودفع المشترى الدعوى بأن الثمن المذكور بالعقد حقيقي، وأن الشفيع - مع علمه بالبيع وشروطه وثمنه - لم يرفع الدعوى في الميعاد القانوني، ثم أحالت المحكمة الدعوى على التحقيق لإثبات ما ادعاه كل من الطرفين ثم حكمت للمدّعى بالشفعة بالثمن الوارد بالعقد على اعتبار أنه لم يثبت لها من التحقيق أن هذا الثمن أكثر من الثمن الحقيقي، فهذا الحكم لا يعتبر أنه قد قضى للمدّعى بما لم يطلبه، ولو كان المدّعى لم يطلب على سبيل الاحتياط الحكم بأحقيته في أخذ الأطيان بأي ثمن آخر تثبت صحته، فان هذا الطلب يكون ملحوظا ومتعينا افتراضه لدخوله تحت عموم طلب المدّعى الشفعة بالثمن الحق.
2 - كل دفع لا يكون متعلقا بالنظام العام ولا داخلا في عموم ما طلب المدّعى الحكم به لا تستطيع محكمة الموضوع أن تتعرّض له من تلقاء نفسها. فإذا لم يدفع لدى هذه المحكمة بسقوط حق الشفيع في الشفعة لعدم قيامه بعرض الثمن الوارد بعقد الشراء على المشترى حين عرض عليه رغبته في أخذ الصفقة بالشفعة، فهذا الدفع لا يجوز إبداؤه لأوّل مرة أمام محكمة النقض، لأنه من جهة ليس من أسباب النظام العام، ومن جهة أخرى لأنه لا يدخل تحت عموم طلب الشفيع المنحصر في طلب الحكم له بأحقيته في أخذ الأطيان بالشفعة.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المحكمة الابتدائية حين قضت بأحقية الطاعنين لأخذ الأطيان التي اشتراها الدكتور محمد لبيب بالشفعة مقابل دفع ثمنها المسمى بعقد البيع البالغ قدره 1461 جنيها و111 مليما وملحقاته وإلزام المشترى بالمصاريف، وأن محكمة الاستئناف حين قضت كذلك برفض استئنافهم وتأييد الحكم المستأنف، قد خالفت كل منهما القانون بالحكم لهم بما لم يطلبوا وخالفت أيضا نص المادتين 14 و15 من قانون الشفعة بعدم الحكم بسقوط حقهم في الأخذ بالشفعة. ويقول الطاعنون في شرحهم هذين الوجهين: (أوّلا) إنهم لم يطلبوا الشفعة إلا على اعتبار أن ثمن الصفقة هو 840 جنيها و141 مليما فقضاء المحكمتين بأحقيتهم للشفعة بثمن قدره 1461 جنيها و111 مليما يكون من قبيل الحكم لهم بما لم يطلبوا. (ثانيا) أن المادتين 14 و15 من قانون الشفعة توجبان على الشفيع عرض الثمن وإلا سقط حقه في الأخذ وما داموا هم حين طلبوا الأخذ بالشفعة لم يعرضوا ذلك الثمن الذى ثبت للمحكمة أن الشراء وقع به وإنما عرضوا فقط 840 جنيها و149 مليما فكان على المحكمة أن تحكم بسقوط حقهم في الشفعة لعدم عرضهم الثمن الواجب عرضه.
عن الوجه الأوّل:
وحيث إنه وإن لم يظهر من وقائع الدعوى المدوّن ملخصها بصدر الحكم الابتدائي أن الطاعنين - حين منازعتهم في الثمن الوارد بعقد الشراء وادعائهم صوريته وأن الثمن الحقيقي هو 840 جنيها و141 مليما - طلبوا على سبيل الاحتياط الحكم بأحقيتهم لأخذ الأطيان بالشفعة بأى ثمن آخر تثبت صحته، إلا أن هذا الطلب كان ملحوظا ومتعينا افتراضه لدخوله تحت عموم طلبهم الشفعة بالثمن الحق، وقد انعقدت الخصومة بينهم وبين المشترى على هذا الأساس فادّعوا - عالمين أن الشفعة هي حق تملك العقار المبيع ولو جبرا على المشترى بما قام عليه من الثمن والمؤن - أن الثمن الحق هو 23 جنيها للفدان الواحد، وأن الثمن الوارد بالعقد هو ثمن صوري لا يحتج به عليهم، وطلبوا من المحكمة إثبات ذلك بالبينة. ودفع المشترى دعواهم هذه بأن الثمن المذكور بالعقد حقيقي لا شبهة فيه، وأنهم مع علمهم بالبيع وشروطه وثمنه لم يرفعوا دعواهم هذه في الميعاد المحدّد قانونا لرفعها، فسقط حقهم فيها ولذلك التمس الحكم برفضها. وقد فهمت المحكمة الابتدائية من سياق هذا التداعي أن المدّعين جادون في طلب الأخذ بالشفعة بالثمن الحق، وأن المدعى عليه الأوّل جاد في دفعهم عن الصفقة حتى يجبره القضاء على التسليم فيها بالثمن الحق كذلك. وما الثمن الحق عند الاختلاف عليه إلا ما يثبت لدى المحكمة أنه كذلك. ولهذا حكمت المحكمة الابتدائية بإحالة القضية على التحقيق لإثبات ما ادعاه كل من الخصمين وأنكره الآخر. ثم حكمت للمدعين بالشفعة بالثمن الذى ثبت لديها أنه الحق وقالت في أسباب حكمها إنه لم يثبت بطريقة قاطعة أن المدعين كانوا يعلمون بالبيع وظروفه العلم التام الذى يطلبه القانون، وأن حقهم سقط، كما أنه لم يثبت من التحقيق أن الثمن الوارد بالعقد أكثر من الثمن الحقيقي. ولذلك يتعين الحكم للمدّعين بأخذ الأعيان المطلوبة بالشفعة نظير دفعهم الثمن المبين بالعقد وملحقاته.
وحيث إن الطاعنين لم ينعوا أمام محكمة الاستئناف على هذا الحكم - حين قضى في الدعوى بأحقيتهم للشفعة مقابل دفعهم الثمن الوارد بالعقد - أنه أخطأ بالحكم لهم بما لم يطلبوا، فتحدّيهم الآن بهذا الخطأ في هذا الحكم وفى الحكم الاستئنافي المؤيد له يكون تحدّيا بسبب جديد، ولذلك يكون غير مقبول قانونا.
وحيث إنه بحسب الطاعنين أن يكونوا قد طلبوا في استئنافهم تعديل الحكم المستأنف والحكم بأحقيتهم لأخذ الأطيان بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي وتأييده فيما عدا ذلك، وأن يكونوا قد طلبوا في استئناف خصمهم الحكم برفض استئنافه وتأييد الحكم المستأنف، وبحسب خصمهم أن يكون قد طلب في استئنافه هذا الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له 116 جنيها و620 مليما علاوة على ما حكم له به وطلب في استئنافهم الحكم برفضه وتأييد الحكم المستأنف - بحسبهم وبحسبه هذا وذاك لتعتبرهم هذه المحكمة أنهم قد طلبوا في الدعوى على سبيل الاحتياط الحكم بأحقيتهم للشفعة بالثمن الوارد بالعقد متى ثبت لدى المحكمة صحته. وبذلك لا يكون قضاء محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف قضاء بما لم يطلبه الطاعنون ولا قضاء للمشترى بأكثر مما طلب. ولقد كان هذا مفهوما لدى محكمة الاستئناف كما شهد بذلك حكمها المطعون فيه. فقد جاء به أن المستأنف عليه قد عزز ما ورد بعقد مشتراه من أن الثمن الحقيقي هو الوارد في هذا العقد بواقع ثمن الفدان الواحد 40 جنيها أولا بشهادة شهود شهدوا بذلك في التحقيق، وثانيا أن نفس المستأنفين (الطاعنين) سبق أن اشتروا 25 فدانا و12 قيراطا من الست زينب هانم أنيس من نفس الأطيان المبيعة للمستأنف عليه بموجب عقد مسجل بثمن قدره....... أي بواقع الفدان الوحد 42 جنيها تقريبا. وجاء به أيضا: أما من حيث المصاريف الابتدائية لهذه الدعوى فانه ثابت أن المستأنف عليه نازع المستأنفين في أحقيتهم للأخذ بالشفعة وطلب سقوط حقهم لرفعهم الدعوى بعد ميعاد علمهم. وقد أحيلت الدعوى إلى التحقيق من أجل ذلك، ولم يثبت توافر هذا العلم، وثبت أحقية المستأنفين للأخذ بالشفعة. هذا فضلا عن أن المستأنف عليه لم يوضح مقدار الثمن الذى اشترى به عند عرض الثمن عليه واكتفى بأن قال إنه دفع أكثر من المبلغ المعروض وإن الثمن حسب ما هو موضح بالعقد بغير أن يعين مقداره. فالمستأنف عليه هو المتسبب في النزاع.... أى فتكون المحكمة محقة في الحكم بإلزامه هو بالمصاريف.
وحيث إنه لذلك يكون هذا الوجه مرفوضا.
عن الوجه الثاني:
وحيث إن ما ادّعاه الطاعنون، في الوجه الثاني من وجهى الطعن، من أن محكمة الموضوع قد أخطأت في عدم الحكم بسقوط حقهم في الشفعة لعدم قيامهم بعرض الثمن الوارد بعقد الشراء على المشترى حين عرضوا رغبتهم في أخذ الصفقة بالشفعة عليه، وذلك طبقا لنص المادتين 14 و15 من قانون الشفعة، هو ادّعاء بجديد لا يمكن قبوله لأنهم لم يبدوه أمام محكمة الموضوع ولا خصمهم وهو صاحب الحق فيه قد تمسك به ولا محكمة الموضوع قد تعرّضت له من تلقاء نفسها فخالفت القانون إذ أخطأت في تطبيقه. وما كان لهم أن يبدوه أمامها وهو لا يتوخى به إلا الحكم بعدم قبول دعواهم، وما كان لمحكمة الموضوع أن تتعرّض له لأنه ليس من أسباب النظام العام ولا مما يدخل تحت عموم طلبات المدّعين التي انحصرت في طلب الحكم بأحقيتهم لأخذ الأطيان بالشفعة بالثمن الحق.


الطعن 20 لسنة 5 ق جلسة 20 / 6 / 1935 مج عمر المدنية ج 1 ق 288 ص 874

جلسة 20 يونيه سنة 1935

برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك المستشارين.

---------------

(288)
القضية رقم 20 سنة 5 القضائية

(أ) شفعة.

إظهار الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة. ميعاد الخمسة عشر يوما المحدّدة لذلك. متى يبتدئ؟

(المادة 19 من قانون الشفعة)
)ب) مواعيد.

ميعاد المسافة. كيفية إضافته.

(المادة 17 مرافعات)
)حـ) مواعيد.

العطلة لا توقف سريانها.

(المادة 18 مرافعات)
)د) قوّة الشيء المحكوم فيه.

فصل محكمة النقض في نقطة قانونية. إعادة القضية لمحكمة الموضوع للفصل فيها مجدّدا. وجوب احترام حكم محكمة النقض فيما قضى به في تلك المسألة.

-----------
1 - إن المادة التاسعة عشرة من قانون الشفعة إذ نصت على أن إظهار الشفيع رغبته يكون في ظرف خمسة عشر يوما من وقت علمه بالبيع لم ترد أن تجعل هذه الخمسة عشر يوما تبتدئ من لحظة العلم بالبيع، بل أرادت أن تجعلها تبتدئ من اليوم التالي ليوم العلم به.
2 - إن ميعاد المسافة بحسب المادة 17 مرافعات إنما هو زيادة على أصل الميعاد. وكونه زيادة على الأصل يفيد بداهة أنه يتصل به مباشرة بحيث يكون هو وإياه ميعادا واحدا متواصل الأيام. فاذا كان الميعاد ينتهى آخره وسط أيام عطلة تستمرّ من بعده وكان لصاحب الشأن ميعاد مسافة فانه يأخذ هذا الميعاد متلاحقا متصلا مباشرة بأيام أصل الميعاد.
3 - إن مبدأ القانون في شأن المواعيد أن العطلة غير موقفة لسريانها، بل إنها تسرى في أثناءها؛ وكل ما أجازه بحسب مفهوم المادة 18 مرافعات أن الميعاد إذا وقع آخره يوم عطلة فانه يمتدّ لليوم التالي فان كانت الأيام التالية هي أيضا أيام عطلة امتدّ الميعاد لأوّل يوم عمل بعد هذه العطلة.
4 - إن قانون محكمة النقض يصرح لها بأنها متى ألغت حكما لمخالفة قانونية فان لها الحق في أن تفصل في الموضوع - أي الموضوع الذى وقعت فيه المخالفة - ما دام صالحا، فاذا كان الموضوع المطروح لديها هو هل سقط حق الأخذ بالشفعة أم لم يسقط، وهى بعد أن قرّرت بوقوع الخطأ في التطبيق على الوقائع الثابتة فصلت ضمنا في هذا الموضوع بأن حق طلب الشفعة لم يسقط، وعلى هذا الأساس وحده أصدرت حكمها بإعادة الدعوى لمحكمة الموضوع، فان حكم محكمة النقض هذا هو حكم نهائي في هذا الموضوع واجب الاحترام أكسب الشفيع حقا لا يستطيع أحد سلبه. حتى لو كانت هذه المحكمة أخطأت في حساب المدّة فان قوّة الشيء المحكوم فيه تمنع محكمة الموضوع - عند إعادة نظر الدعوى - من المساس بهذا الحق، ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى على اعتبار أن حق طلب الشفعة لم يسقط.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى - حسب البيان الوارد في الحكم المطعون فيه وما هو واضح من المستندات والمذكرات المقدّمة لهذه المحكمة - في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 158 سنة 1931 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية الأهلية قبل المطعون ضدّهم ادّعى فيها بأنه علم بأن الثلاثة الأخيرين من المطعون ضدّهم باعوا إلى المطعون ضدّه الأول فدانا وقيراطين و10 أسهم أطيانا كائنة بزمام حصة مليج مبينة الحدود والمعالم بعريضة دعواه نظير مبلغ 152 جنيها. ولما كان يجاور هذه القطعة من الجهة البحرية وكان لأرضه عليها حقوق ارتفاق الري فقد نبه على المشترى وأظهر له رغبته في أخذ هذه الأطيان بالشفعة بموجب إعلان رسمي تاريخه 23 فبراير سنة 1931 وطلب الحكم له بأحقيته في أخذ هذه الأطيان بالشفعة بثمنها المذكور وبتسليمها له مع إلزام المدّعى عليهم بالمصاريف.
وبجلسة المرافعة كان مما دفع به الحاضر عن المطعون ضدّه الأوّل سقوط الحق في الشفعة لعدم قيام الطاعن بإظهار رغبته في الأخذ بالشفعة في ظرف الخمسة عشر يوما المقرّرة قانونا.
ومحكمة أوّل درجة قضت بتاريخ 11 أكتوبر سنة 1931: (أوّلا) بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون ضدّه الأوّل علم الطاعن بالبيع في 3 فبراير سنة 1931 (ثانيا) بانتداب خبير لإجراء أمور عينتها. وبعد أن انتهى التحقيق وقدّم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 22 نوفمبر سنة 1932 بأحقية الطاعن لأخذ العين المبيعة وقدرها 23 قيراطا و15 سهما (لوجود عجز بها) بالشفعة نظير مبلغ 135 جنيها و843 مليما مستندة في حكمها على أن الطاعن لم يعلم بالبيع العلم التام النافي للجهالة، ولوجود حق عيني بأرض الطاعن على الأرض المبيعة. فاستأنف المطعون ضدّه الأوّل هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر الأهلية بالاستئناف رقم 346 سنة 50 قضائية طالبا إلغاءه ورفض دعوى الشفيع. ومحكمة الاستئناف استخلصت من التحقيق الذى أجرته محكمة أوّل درجة بخصوص إثبات علم الطاعن بالبيع أنه قد علم به من يوم 3 فبراير سنة 1931 وأنه لم يبد للمشترى رغبة الأخذ بالشفعة إلا في 23 فبراير سنة 1931 أى بعد مضى أكثر من خمسة عشر يوما على علمه بالبيع، وحكمت بتاريخ 9 مايو سنة 1933 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن مع إلزامه بالمصاريف عن الدرجتين ومبلغ 300 قرش أتعاب محاماة عنهما أيضا. فطعن فيه رزق الله أفندي حبشي بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت في 25 يناير سنة 1934 بنقض الحكم المذكور وبإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف لتقضى فيها دائرة أخرى من جديد. ومحكمة الاستئناف بعد أن أعادت نظر الدعوى قضت فيها بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1934 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الشفيع وإلزامه بمصاريف الدرجتين وبمبلغ 500 قرش أتعاب محاماة لميلاد أفندي جرجس المستأنف عن الدرجتين.
وقد أعلن هذا الحكم إلى رزق الله أفندي حبشي في 17 يناير سنة 1935 فطعن فيه بطريق النقض في 14 فبراير سنة 1935 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدّهم في 20 من الشهر المذكور. وقدّم الطاعن والمطعون ضدّه الأوّل المذكرات الكتابية في الميعاد القانوني، ولم يقدّم باقي المطعون ضدّهم شيئا، وقدّمت النيابة مذكرتها في 6 مايو سنة 1935. وقد نظرت المحكمة الدعوى بجلستي الخميس 6 يونيه سنة 1935 واليوم كما هو مبين بمحضر الجلسة ثم أصدرت الحكم الآتي:


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم محكمة النقض الصادر في 25 يناير سنة 1934 الذى قضى نهائيا بأن الإنذار المرسل في 23 فبراير سنة 1931 للمطعون ضدّه الأوّل من قبل الطاعن بإظهار رغبته في الأخذ بالشفعة قد حصل في الميعاد القانوني، وكان على محكمة الاستئناف أن تحترم هذا الحكم النهائي وأن لا تعيد النظر في كون إظهار الرغبة من قبل الطاعن حصل في الميعاد أو لم يحصل.
وحيث إنه بقطع النظر عما ذكرته محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه من أن المادة التاسعة عشرة من قانون الشفعة نصت على أن إظهار الشفيع رغبته يكون في ظرف خمسة عشر يوما من وقت علمه بالبيع، وأن ذلك يجعل الخمسة عشر يوما المذكورة تبتدئ من لحظة العلم بالبيع بدليل قول النسخة الفرنسية  "de moment"، ثم عما ذكرته من أن النص بهذه الكيفية يجعل يوم العلم كله محسوبا من الخمسة عشر يوما - بقطع النظر عن هذا المذهب الذى لا تقرّه محكمة النقض (أوّلا) لأن النسخة العربية إذا كانت قالت "من وقت علمه بالبيع" فقد قالت أيضا "ومن وقت تكليفه رسميا بإبداء رغبته"، وهذه العبارة الأخيرة قد ورد نصها بالفرنسية هكذا "ou de la date de la mise en demeure" ومقابلها بالعربية "أو من تاريخ تكليفه رسميا...." مما يفيد أن واضعي النص يستوى عندهم كلمة "وقت (moment)" وكلمة "تاريخ (date)". (وثانيا) لأنه إذا حصل تكليف رسمي لإبداء الرغبة فهو تنبيه بإجراء أمر في ميعاد مقدّر بالأيام، وبحسب المبدأ العام المقرّر في المادة 16 من قانون المرافعات لا يمكن قطعا أن يحتسب يوم الإعلان من ضمنه، بل الميعاد يبتدئ من اليوم التالي ليوم الإعلان. وبما أن التكليف الرسمي يجب بمقتضى المادة 21 من قانون الشفعة أن يشتمل على البيانات التي تفيد العلم بأقصى درجاته فلا يفهم كيف يكون العلم العادي الأقل تمكنا ودقة موجبا لاحتساب اليوم الذى حصل فيه من أصل الميعاد. بقطع النظر عن هذا وبقطع النظر أيضا عما يزعمه الطاعن من أن الميعاد إذا كان آخره ينتهى وسط أيام عطلة تستمر من بعده وكان لصاحب الشأن ميعاد مسافة فانه يعطى له من أيام العمل التالية لانتهاء العطلة، هذا الزعم الذى لا تقرّه محكمة النقض أيضا (أوّلا) لأن ميعاد المسافة بحسب المادة 17 مرافعات إنما هو زيادة على أصل الميعاد. وكونه زيادة على الأصل يفيد بداهة أنه يتصل به مباشرة بحيث يكون هو وإياه ميعادا واحدا متواصل الأيام. (ثانيا) لأن مبدأ القانون في شأن المواعيد أن العطلة غير موقفة لسريانها، بل إنها تسرى في أثناءها. وكل ما أجازه، بحسب مفهوم المادة 18 مرافعات، أن الميعاد إذا وقع آخره يوم عطلة فانه يمتد لليوم التالي فان كانت الأيام التالية هي أيضا أيام عطلة امتد الميعاد لأوّل يوم عمل بعد هذه العطلة. ولا يفهم كيف تكون العطلة موقفة لميعاد المسافة مع أنها غير موقفة للميعاد الأصلي.
بقطع النظر عن كل ذلك فان الثابت بحكم النقض الأوّل الصادر بتاريخ 25 يناير سنة 1934 (والمقدّمة صورته الرسمية من الطاعن) أن حكم الاستئناف الأوّل أثبت واقعيا أن رزق الله أفندي حبشي الشفيع علم بالبيع من يوم 3 فبراير سنة 1931 وأنه لم يبد رغبته الأخذ بالشفعة إلا في يوم 23 فبراير سنة 1931 أي بعد مضى الميعاد ولذلك حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعواه فطعن في الحكم بطريق النقض مدّعيا أنه أظهر رغبته في الميعاد القانوني، وأن حكم الاستئناف إذ رفض دعواه بناء على عدم إظهار هذه الرغبة في الميعاد قد خالف القانون. ومحكمة النقض نظرت في هذا الطعن وقضت بإلغاء الحكم قائلة "وبما أنه قد تبين من الحكم المطعون فيه ومن الإنذار المعلن بمعرفة الطاعن في 23 فبراير سنة 1931 بإبداء رغبته في الأخذ بالشفعة ومن الشهادة الرسمية المقدّمة منه الدالة على أنه كان وقت حصول هذا الإنذار شاغلا وظيفته الرسمية بمركز شبراخيت وجوب احتساب مدة المسافة بين شبراخيت وشبين الكوم، وذلك عملا بالمادة 17 من قانون المرافعات. وهذه المدة لا تقل عن يوم واحد، وبإضافة هذا اليوم إلى آخر الخمسة عشر يوما التي بدأت من 3 فبراير سنة 1931 وهو يوم علم الطاعن بالبيع كما قرّره الحكم المطعون فيه وانتهت في 18 فبراير سنة 1931 ثم امتدّت أربعة أيام العطلة أي إلى 22 فبراير سنة 1931 يكون الإنذار الصادر من الطاعن بإظهار رغبته الأخذ بالشفعة والمعلن إلى المطعون ضدّه في 23 فبراير سنة 1931 قد حصل في الميعاد القانوني. ومن ثم يكون الحكم الاستئنافي المطعون فيه الذى قضى برفض دعوى الطاعن بإبداء رغبته الأخذ بالشفعة بعد الميعاد - يكون هذا الحكم قد أخطأ فيما قضى به".
وبما أن المحكمة لا ترى بعد ذلك محلا لبحث الوجه الأوّل من الطعن الخاص بالعلم وماهيته. لذلك يتعين نقض الحكم بالنسبة للميعاد وإعادة القضية للفصل في موضوعها أمام دائرة استئنافية أخرى.
وحيث إنه ظاهر بكل وضوح من هذا الحكم أن محكمة النقض اعتبرت أن الأربعة الأيام التالية ليوم 18 فبراير كلها أيام عطلة، وأن أوّل يوم عمل بعدها يكون هو يوم 23 فبراير، ولذلك قرّرت أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون على الوقائع الثابتة، ثم طبقت هي القانون فعلا، وصرحت بأن دعوى الشفعة لم تسقط لأن إظهار الرغبة في الأخذ بها قد وقع في الميعاد، كما صرحت بأنها إنما تعيد الدعوى لمحكمة الاستئناف للنظر في موضوعها. ومحكمة النقض تملك ما قرّرته وما قضت به لأن قانونها يصرح لها بأنها متى ألغت حكما لمخالفة قانونية فان لها الحق أن تفصل في الموضوع - أي الموضوع الذى وقعت فيه المخالفة - ما دام صالحا. والموضوع الذى كان مطروحا لديها هو هل سقط حق الأخذ بالشفعة أم هو لم يسقط. فهي بعد أن قرّرت بوقوع الخطأ في التطبيق على الوقائع الثابتة فصلت ضمنا في هذا الموضوع بأن حق طلب الشفعة لم يسقط، وعلى هذا الأساس وحده قد صدر حكمها بإعادة الدعوى.
وحيث إن حكم النقض هذا هو حكم نهائي واجب الاحترام أكسب الشفيع حقا لا يستطيع أحد سلبه، ومهما تكن محكمة الاستئناف مصيبة في قولها في حكمها المطعون فيه الآن إن محكمة النقض أخطأت في حساب الميعاد وإن آخر ما امتدّ إليه ميعاد الشفيع هو يوم 22 فبراير سنة 1931، الذى كان في الواقع يوم عمل لا يوم 23 فبراير، فان محكمة النقض لا تستطيع مجاراتها لأن قوّة الشيء المحكوم فيه مانعة من هذا منعا باتا. ولذلك يتعين عليها القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف للنظر في موضوعها.
وحيث إنه لا محل بعد قبول الوجه الأوّل للنظر في باقي الأوجه لعدم إنتاجها.


الطعن 15 لسنة 5 ق جلسة 6 / 6 / 1935 مج عمر المدنية ج 1 ق 284 ص 864

جلسة 6 يونيه سنة 1935

تحت رياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك المستشارين.

--------------

(284)
القضية رقم 15 سنة 5 القضائية

شفعة:
مشتر ثان. شراؤه حصل بعد تقديم طلب الشفعة وتسجيله. إقامة دعوى الشفعة على المشترى الأوّل بالشروط التي اشترى بها. رفع دعوى الشفعة أمام المحكمة الأهلية. شراء أجنبي للعين المشفوع فيها بعد رفع الدعوى. لا أثر له على قيام الدعوى الأهلية بين أطرافها الوطنيين. حكم المحكمة الأهلية في مواجهة الأجنبي المدخل في الدعوى. لا يصح. (المادتان التاسعة والخامسة عشرة من قانون الشفعة)

--------------
إن المادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة تقضى بوجوب رفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى. كما تقضى المادة التاسعة منه بأن العين الجائز أخذها بالشفعة إذا باعها مشتريها قبل تقديم طلب مّا بالشفعة وتسجيله لا تقام دعوى أخذها بالشفعة إلا على المشترى الثاني بالشروط التي اشترى بها. وتدل هذه المادة بمفهوم المخالفة على أنه إذا باع العين مشتريها بعد تقديم طلب الشفعة وتسجيله، فان دعوى أخذها تقام على المشترى الأوّل بالشروط التي اشترى بها.
فاذا باع المشفوع منه العقار إلى أجنبي بعد رفع دعوى الشفعة أمام المحكمة الأهلية، فان هذا البيع لا يقتضى ترك الدعوى الأهلية ورفع دعوى أمام المحكمة المختلطة ولا إدخال المشترى الأجنبي أمام المحاكم الأهلية. ولكن إذا أدخل المشترى الأجنبي للحكم في مواجهته بطلبات المدّعى فدفع بعدم اختصاص المحاكم الأهلية فانه يجب على المحكمة الأهلية أن تأخذ بهذا الدفع في حق الأجنبي وأن تقصر حكمها على ما يتعلق بطلبات الخصوم الوطنيين ودفاعهم فقط.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن المادة العاشرة من قانون محكمة النقض لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية إلا لمخالفة للقانون أو لخطأ في تطبيقه أو في تأويله بشرط أن تكون صادرة في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في قضية من قضايا وضع اليد أو في مسألة اختصاص بحسب نوع القضية أو اختصاص بحسب أحكام المادتين 15 و16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة أسيوط الابتدائية في استئناف مرفوع عن حكم 8 أبريل سنة 1934 القاضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وفى استئناف مرفوع عن حكم 26 أبريل سنة 1934 القاضي برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة منفلوط الجزئية بنظر الدعوى وبأحقية الشفيع في شفعته، وقد قضى في الاستئنافين برفضهما وتأييد الحكمين المستأنفين، فلا يجوز الطعن فيه إذن إلا في جزئه الخاص بمسألة اختصاص المحاكم الأهلية فقط.
وحيث إن المادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة تقضى بوجوب رفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى، كما أن المادة التاسعة منه تقضى بأن العين الجائز أخذها بالشفعة إذا باعها مشتريها قبل تقديم طلب مّا بالشفعة وتسجيله لا تقام دعوى أخذها بالشفعة إلا على المشترى الثاني بالشروط التي اشترى بها، وتدل بمفهوم المخالفة على أنه إذا باعها مشتريها بعد تقديم طلب الشفعة وتسجيله تقام دعوى أخذها على المشترى الأوّل بالشروط التي اشترى بها.
وحيث إن الثابت من وقائع الحكم المطعون فيه والحكمين المستأنفين المؤيدين به أن الدعوى الحالية تقع في اختصاص المحاكم الأهلية لأن الشفيع والبائع والمشترين كلهم مصريون ولأن المدّعى قد رفعها في 13 فبراير سنة 1934 ولأن الست ماتيلده قد اشترت الصفقة بعقدها المؤرخ في 25 فبراير سنة 1934 المسجل في 3 مارس سنة 1934 بعد قيام الدعوى وأثناء السير فيها وليس في الأوراق المعروضة الآن على محكمة النقض ما يفيد أن الست ماتيلده أو أحدا من البائعين لها ادّعى أن طلب الشفعة غير مسجل على الوجه القانوني الممكن الاحتجاج به على الغير. وإذن فهذا البيع الذى وقع بعد تقديم طلب الشفعة ما كان يقتضى لا ترك الدعوى الأهلية ورفع الدعوى أمام المحكمة المختلطة ولا إدخال المشترية الأجنبية أمام المحاكم الأهلية، ولكن المدّعى أدخل الست ماتيلده في دعواه وطلب الحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص الذى دفع به أحد من باع لها هذه الصفقة والحكم على المدّعى عليهم بمواجهتها بطلباته الأصلية.
وحيث إن الست ماتيلده فرنسية فما كان يصح للمدّعى إدخالها في دعواه ولا طلب الحكم على المدّعى عليهم بطلباته الأصلية بمواجهتها.
وحيث إنه ما كان ينبغي لمحكمة الموضوع أن تحكم باختصاص المحاكم الأهلية بنظر مثل طلبات المدّعى التى وجهها على الست ماتيلده للقضاء المختلط، بل كان عليها الحكم بعدم اختصاصها بنظرها، وأن تقصر حكمها على ما يتعلق بطلبات الخصوم الوطنيين ودفاعهم فقط.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم من جهة ما يتعلق بالست ماتيلده.


الطعن 63 لسنة 3 ق جلسة 25 / 1 / 1934 مج عمر المدنية ج 1 ق 163 ص 314

جلسة 25 يناير سنة 1934

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

-----------

(163)
القضية رقم 63 سنة 3 القضائية

(أ) نقض وإبرام.

سبب للطعن لم يسبق الدفع به. متى لا يعتبر جديدا؟
(المادة 15 من قانون محكمة النقض)
(ب) شفعة.

ميعاد إبداء الرغبة في الشفعة. إضافة ميعاد مسافة. كيفية احتسابه.
(المادة 19 من دكريتو 23 مارس سنة 1901 بشأن الشفعة والمادة 17 من قانون المرافعات)

------------
1 - إذا كان السبب الذى يتمسك به الطاعن لأوّل مرة أمام محكمة النقض داخلا في عموم ما دفع به لدى محكمة الموضوع، وكانت عناصره الواقعية لا تخرج عما كان معروضا على تلك المحكمة، وكان فوق ذلك منتزعا من أسباب الحكم المطعون فيه، فلا يعتبر سببا جديدا. فاذا تمسك المشترى بسقوط حق الشفيع لعلمه بالبيع في تاريخ معين، ودفع الشفيع بعدم علمه العلم التفصيلي بالبيع، وقضت المحكمة باعتباره عالما من ذلك التاريخ المعين ورفضت دعوى الشفعة، ثم طعن الشفيع في هذا الحكم بوجه أنه أخطأ في تطبيق القانون في احتساب ميعاد الخمسة عشر يوما المقررة قانونا لإبداء الرغبة في الاستشفاع، وتبين لمحكمة النقض أن محكمة الموضوع أخطأت في احتساب هذا الميعاد على مقتضى القانون إذ لم تمدّه لليوم التالي للعطلة ولم تضف إليه ميعاد المسافة، تعين على محكمة النقض أن تقبل هذا الدفع لدخوله في عموم ما دفع به الطاعن أمام محكمة الموضوع.
2 - ميعاد الخمسة عشر يوما المحدّد قانونا لإبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة هو من المواعيد التي يزاد عليها ميعاد مسافة. وتحسب المسافة من محل الشفيع إلى محل المشفوع منه.

الطعن 25 لسنة 2 ق جلسة 27 / 10 / 1932 مج عمر المدنية ج 1 ق 64 ص 136

جلسة 27 أكتوبر سنة 1932

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.

---------------

(64)
القضية رقم 25 سنة 2 القضائية

شفعة.

مصاريف استغلال الأطيان المشفوع فيها والأموال المدفوعة عنها مدّة انتفاع المشفوع منه بها. عدم إلزام الشفيع بأدائها إلى المشفوع منه.
(المادة 462 مدنى والمادة العاشرة من دكريتو 23 مارس سنة 1901 بشأن الشفعة)

--------------
الشفيع غير ملزم بأن يؤدّى للمشفوع منه ما دفعه من الأموال عن الأطيان المشفوع فيها، ولا ما أنفقه عليها من مصاريف استغلالها، مدّة حيازته هو لها وانتفاعه بها.