الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 يوليو 2021

عدم دستورية اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على قرارات رفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية

الدعوى رقم 51 لسنة 42 ق "دستورية" جلسة 5 / 6 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يونيه سنة 2021م، الموافق الرابع والعشرين من شوال سنة 1442 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 42 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة النقض (الدائرة المدنية والعمالية)، بقرارها الصادر بجلسة 25/6/2020، ملف الطعن رقم4 لسنة 89 قضائية "نقابة".

المقام من

محمود طليحى أحمد محمد

ضد

نقيب المعلمين


الإجراءات
بتاريخ الثلاثين من سبتمبر سنة 2020، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الطعن رقم 4 لسنة 89 قضائية " نقابة "، بعد أن قررت الدائرة المدنية والعمالية بمحكمة النقض بجلسة 25/6/2020، وقف السير في الطعن، وإحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 15/5/2008، أقام الطاعن الدعوى رقم 6021 لسنة 25 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بقنا، ضد نقابة المعلمين، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي الصادر من نقابة المعلمين بالامتناع عن منحه بطاقة الاشتراك بالنقابة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على سند من القول بأنه من العاملين بإدارة قنا التعليمية، التابعة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة قنا، ويسدد بانتظام الاشتراكات المقررة لصالح تلك النقابة منذ تعيينه بتاريخ 1/8/1995، إلا أن النقابة رفضت منحه بطاقة العضوية، مما حدا به إلى إقامة دعواه ليضمن حقوقه في معاش النقابة، عند بلوغه سن المعاش. وبجلسة 27/9/2018، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة النقض للاختصاص، وقيد الطعن أمامها برقم 4 لسنة 89 قضائية " نقابة "، وبجلسة 25/6/2020، قررت الدائرة المدنية والعمالية بمحكمة النقض، وقف السير في الطعن، وإحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بالنقابة.

وحيث إن المادة (5) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1992، تنص على أنه " ينشأ بالنقابة جدول لقيد الأعضاء وفقا لما تنص عليه اللائحة الداخلية ".

وتنص المادة (6) من القانون ذاته على أنه " تشكل لجنة للقيد في الجدول برئاسة أحد وكلاء النقابة، وعضوين من مجلس إدارة النقابة يختارهما المجلس.

وعلى اللجنة أن تصدر قرارها خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببًا.

ويخطر الطالب بقرار اللجنة خلال خمسة عشر يومًا من صدوره، بكتاب مسجل مع علم الوصول. ويقوم مقام الإخطار تسلم الطالب صورة بإيصال موقع عليه منه.

ولمن صدر القرار برفض قيد اسمه أن يتظلم منه إلى مجلس الإدارة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره بالقرار".

وتنص المادة (7) من ذلك القانون على أنه " ينظر مجلس الإدارة في التظلمات من قرارات لجنة القيد المنصوص عليها في المادة السابقة على ألا يكون لأعضاء هذه اللجنة صوت معدود في قرار المجلس بقبول التظلم أو رفضه.

ولمن صدر قرار برفض تظلمه أن يطعن فيه أمام محكمة النقض خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه بالقرار".

وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها – مناطها، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. متى كان ذلك، وكانت محكمة النقض قد ارتأت أن الفصل في موضوع الطعن المعروض عليها، يتطلب ابتداء الفصل في دستورية ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (7) من قانون نقابة المهن التعليمية المشار إليه، من إسنادها الاختصاص لمحكمة النقض بالفصل في الطعون على القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية. وكان بحث أمر الاختصاص سابقًا بالضرورة على التعرض للموضوع، باعتباره من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية المحكمة في نظره والفصل فيه. ومن ثم، يكون الفصل في دستورية الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر، أمرًا لازمًا للفصل في الدعوى الموضوعية، وتتحقق به المصلحة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما ورد بها من تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعون المار بيانها، دون سائر ما تضمنته من أحكام أخرى.

وحيث إن حكم الإحالة ينعى على المادة (7) من القانون المشار إليه، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون على القرارات الصادرة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية ، أنه جاء مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره من جهات القضاء، هو صاحب ولاية الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 1/12/2018، في الدعوى رقم 118 لسنة 26 قضائية " دستورية ".

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري، بدءًا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه، جهة قضائية قائمة بذاتها، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011، الذى أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه، والمادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/12/2012، والمادة (190) من الدستور الحالي التي تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ..... ". ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًّا يقضى بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وهو ما انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011، ونص المادة (75) من الدستور الصادر في 25/12/2012، وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في المادة (97) منه، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية. وإذ كان المشرع الدستوري بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن " ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي "، فقد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها. وكان مجلس الدولة قد غدا في ضوء الأحكام المتقدمة قاضي القانون العام؛ وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقته.

وحيث إن الدستور الحالي قد نص في مادته (76) على أنه " إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم". كما نص في المادة (77) منه على أنه " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية".

وحيث إن البين من مطالعة أحكام قانون نقابة المهن التعليمية المار ذكره، أنه أنشأ نقابة للمهن التعليمية، لتضم المشتغلين بمهنة التربية والتعليم، الذين سبق اشتغالهم بها، وأضفى عليها شخصية معنوية مستقلة، وخولها حقوقًا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت بين مقومات الهيئة العامة وعناصرها من شخصية مستقلة ومرفق عام، تقوم عليه، مستعينة في ذلك ببعض مزايا السلطة العامة التى منحها لها القانون، تمكينًا لها من أداء المهام الموكلة لها في خدمة المهنة القائمة عليها، ورعاية أعضائها، والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، ومن أجل ذلك جعل عضويتها إجبارية على المشتغلين بمهنة التربية والتعليم، في غير الجامعات والأزهر والكليات والمعاهد العليا والكليات والمدارس العسكرية، ورتب على مخالفة تلك الأحكام، توقيع عقوبة الحبس والغرامة على المخالفين، كما ألزم المنتمين للنقابة بأداء رسم قيد واشتراكات سنوية، وأنشأ هيئة تأديبية يحاكم أمامها الأعضاء الذين يخالفون قانون النقابة أو لائحتها الداخلية أو يرتكبون أمورًا مخلة بواجبات المهنة أو ماسة بكرامتها.

وحيث إن المشرع قد أنشأ بموجب أحكام المادة (5) من قانون نقابة المهن التعليمية المشار إليه، جدولاً لقيد أعضاء النقابة، على أن تتولى هذا القيد اللجنة المنصوص عليها في المادة (6) منه، المشكلة برئاسة أحد وكلاء النقابة، وعضوين من مجلس إدارة النقابة يختارهما المجلس، وتُصدر اللجنة قرارها خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حال رفضه يجب أن يكون قرارها مسببًا، ويُخطر الطالب بالقرار خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره، بكتاب مسجل مع علم الوصول، وأجاز المشرع - في النص المُحال - لمن رُفض طلب قيد اسمه في الجدول أن يتظلم إلى مجلس الإدارة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره بالقرار، وفى حالة صدور قرار برفض تظلمه، فله أن يطعن فيه أمام محكمة النقض، خلال ثمانية عشر يومًا من تاريخ إعلانه به.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نقابة المهن التعليمية من أشخاص القانون العام، وأنها مرفق عام مهني، منحها قانون إنشائها المشار إليه، وهيئاتها، ومنها لجنة القيد، قدرًا من السلطة العامة، فإن لازم ذلك أن القرارات الصادرة عن النقابة أو لجنة القيد، قرارات إدارية، والمنازعة فيها - ومن بينها القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية - من قبيل المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، دون غيرها، طبقًا لنص المادة (190) من الدستور. وإذ أسند نص الفقرة الأخيرة من المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، الفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض، التابعة لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع، على هذا النحو، يكون مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى، بمقتضاه، مجلس الدولة، دون غيره، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستورية هذا النص.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (7) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية، فيما تضمنه من إسناد الفصل في الطعن على القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة برفض التظلمات من قرارات لجنة القيد بنقابة المهن التعليمية، إلى محكمة النقض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق