جلسة 16 من مارس سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/
محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد جلال
الدين رافع، محمد طه سنجر، جلال الدين أنسي، واصل علاء الدين.
--------------
(57)
الطعن رقم 44 لسنة 51
القضائية "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية. دعوى
"دعوى إثبات النسب".
دعوى إثبات النسب وصحتها.
يكفي لسماعها في المذهب الحنفي. وجود عقد زواج استوفى أركانه وسائر شروط صحته
شرعاً سواء وثق رسمياً أو أثبت بمحرر عرفي أو كان غير مكتوب.
(2)أحوال شخصية "البينة الشرعية" إثبات.
الشهادة عند فقهاء
الحنفية. يشترط فيها أن تكون موافقة للدعوى. مخالفة الشهادة للدعوى مؤداه. عدم
قبولها إلا إذا وفق المدعي بينهما. لا محل لتوافر هذا الشرط إذ كان تكذيب المدعي
لشهوده في شيء زائد عن الدعوى.
---------------
1 - دعاوى النسب لا زالت
باقية على حكمها المقرر في المذهب الحنفي فلا يشترط لسماع الدعوى بإثبات النسب
وصحتها إذا كان سببه زواج صحيح أن يكون هذا الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية وإنما يصدق
عليه هذا الوصف ويصح سبباً لإثبات النسب باعتباره كذلك متى حضره شهود واستوفى
أركانه وسائر شروط صحته شرعاً سواء وثق رسمياً أو أثبت بمحرر عرفي أو كان بعقد غير
مكتوب.
2 - المتفق عليه عند
فقهاء الحنفية أنه يشترط في الشهادة أن تكون موافقة للدعوى فيما تشترط فيه الدعوى،
فإن خالفتها لا تقبل إلا إذا وفق المدعي بين الدعوى وبين الشهادة عند إمكان
التوفيق وأن هذا الشرط لا يجد محلاً يرد عليه إذا كان تكذيب المدعي لشهوده في شيء
زائد عن الدعوى (1)
.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول
أقام الدعوى رقم 273 لسنة 1977 "أحوال شخصية" أمام محكمة المنصورة
الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليها الثانية بطلب الحكم على الأول في مواجهة
الثانية بثبوت نسبه منه وأنه والده شرعاً وعدم التعرض له في ذلك. وقال بياناً
لدعواه أن الطاعن تزوج بالمطعون عليها الثانية بصحيح العقد ودخل بها وعاشرها
معاشرة الأزواج ورزقا به على فراش هذه الزوجية، وإذ أنكر الطاعن نسبه منه وأبى
المصادقة على أبوته له فقد أقام الدعوى. أقرت المطعون عليها الثانية بهذا النص،
وأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصرها وبعد أن سمعت شهود الطرفين ندبت
مصلحة الطب الشرعي لتقدير سن المطعون عليه الأول ثم عادت وحكمت في 31/ 12/ 1980
بثبوت نسب المطعون عليه الأول من أبيه الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف
رقم 2 لسنة 1981 أحوال شخصية (نفس) المنصورة. وفي 11/ 5/ 1981 حكمت محكمة
الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في
التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بثبوت النسب على سند مما شهد به
شاهدا المطعون عليه الأول من أنه كان ثمرة زواجه هو بالمطعون عليها الثانية بعقد
عرفي بعد وفاة زوجها الأول في 1/ 3/ 1956 وقبل زواجها الثاني بـ......... بتاريخ
23/ 12/ 1959 في حين أن هذه الشهادة تتناقض مع دعوى المطعون عليه الأول بأن الزواج
المدعى به تم بعقد صحيح شرعاً مما مفاده تحرير وثيقة به كما أنه تناقض مع نفسه إذ
لم يقدم هذه الوثيقة وشهادة ميلاده هذا إلى أن شاهديه اختلفا بشأن تحرير عقد
بالزواج أو عدم تحريره أصلاً مما ينال من صحة شهادتهما. وإذ عول الحكم في قضائه
على هذه البينة غير الصحيحة ولم يرفع التناقض بينها وبين الدعوى ودون أن يرد على
ما أثبته التقرير الطبي الشرعي من أن المطعون عليه الأول ولد في سنة 1961 أي بعد
الزواج الثاني للمطعون عليها الثانية بعامين وما أثبت بعقد هذا الزواج من أنها
أرملة الزوج الأول دون الإشارة فيه إلى زواج بآخر توسط هاتين الزيجتين وعلى تقاعس
المطعون عليه الأول عن إقامة دعواه سنوات طويلة دون مبرر مقبول مع ما لهذه
البيانات من دلالة قاطعة على نفي نسبه من الطاعن، فإن الحكم يكون قد خالف القانون
وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن دعاوى النسب لا زالت باقية على حكمها المقرر في المذهب الحنفي فلا يشترط
لسماع الدعوى بإثبات النسب وصحتها إذا كان سببه زواج صحيح أن يكون هذا الزواج
ثابتاً بوثيقة رسمية وإنما يصدق عليه هذا الوصف ويصح سبباً لإثبات النسب باعتباره
كذلك متى حضره شهود واستوفى أركانه وسائر شروط صحته شرعاً سواء وثق رسمياً أو أثبت
بمحرر عرفي أو كان بعقد غير مكتوب ومن ثم فإن ما ادعاه المطعون عليه الأول سبباً
لثبوت نسبه من الطاعن من زواج الأخير بالمطعون عليها بصحيح العقد الشرعي لا يعني
بذاته أن العقد قد وثق رسمياً أو حررت به ورقة عرفية فلا يكون قد تناقض مع نفسه إذ
لم يقدم عقد الزواج مكتوباً وإذ كان المتفق عليه عند فقهاء الحنفية أنه يشترط في
الشهادة أن تكون موافقة للدعوى فيما تشترط فيه الدعوى، فإن خالفتها لا تقبل إلا
إذا وفق المدعي بين الدعوى وبين الشهادة عند إمكان التوفيق وأن هذا الشرط لا يجد
محلاً يرد عليه إذ كان تكذيب المدعي لشهوده في شيء زائد عن الدعوى، وكان البين من
الأوراق أن المطعون عليه الأول أسس دعواه بنسبة من الطاعن على زواجه بالمطعون
عليها الثانية بصحيح العقد الشرعي وأنه رزق به على فراش هذه الزوجية في أواخر عام
1957، وأن ما جاء على لسان شاهديه من أن هذا الزواج تم بعقد عرفي وحضره شهود لا يتناقض
مع موضوع الدعوى، ولا يؤثر في جوهر هذه الشهادة اختلاف الشاهدين حول تحرير ورقة
بإثبات عقد الزواج أو عدم تحريرها لأن هذه الواقعة زائدة عن موضوع الدعوى والتناقض
فيها لا يضر الشهادة. فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بثبوت النسب على سند من
هذه البينة الصحيحة شرعاً والتي جاءت موافقة للدعوى لا يكون قد خالف القانون. لما
كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع سلطة الترجيح بين
البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق منها، وكان الحكم المطعون فيه رجح بينة
الإثبات على ما ساقه الطاعن من بينات النفي وأقام عليها قضاءه ودلل على ذلك بأسباب
سائغة من شأنها أن تؤدي في العقل والمنطق إلى ما انتهى إليه، فإن ما يسوقه الطاعن
بأسباب النعي في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير الدليل مما
لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 11/ 2/ 1970 مجموعة المكتب الفني - السنة 21 ص 290.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق