جلسة 15 يناير سنة 1945
برياسة سعادة سيد مصطفى
باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك وجندي عبد الملك بك وأحمد محمد
حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.
---------------
(461)
القضية رقم 144 سنة 15
القضائية
قوّة الشيء المحكوم فيه.
حكم بانقضاء الحق في إقامة الدعوى بسبب وفاة المتهم. لا يمنع من إعادة نظر الدعوى
إذا تبين أن المتهم لا يزال حياً. هو إعلان من جانب المحكمة بأنها لا تستطيع بسبب
وفاة المتهم إلا أن تقف بالدعوى الجنائية عند هذا الحد.
----------------
الحكم الذي يصدر في
الدعوى العمومية بانقضاء الحق في إقامتها بسبب وفاة المتهم لا يصح عدّه حكماً من شأنه
أن يمنع من إعادة نظر الدعوى إذا ما تبين أن المتهم لا يزال حياً. لأنه لا يصدر في
دعوى مردّدة بين خصمين معلنين بالحضور أو حاضرين يدلي كل منهما بحجته للمحكمة ثم
تفصل هي فيها باعتبارها خصومة بين متخاصمين، بل هو يصدر غيابياً بغير إعلان، لا
فاصلاً في خصومة أو دعوى، بل لمجرّد الإعلان من جانب المحكمة بأنها لا تستطيع،
بسبب وفاة المتهم، إلا أن تقف بالدعوى الجنائية عند هذا الحدّ، إذ الحكم لا يكون
لميت أو على ميت. فإذا ما تبين أن ذلك كان على أساس خاطئ فلا يصح القول بأن هناك
حكماً حاز قوّة الشيء المحكوم فيه لا يصح العدول عنه. وإذن فالحكم الذي يقضي بعدم
جواز نظر الدعوى بمقولة إنه سبق الفصل فيها بالحكم الصادر بسقوط الحق في رفعها
لوفاة المتهم، مع ما ظهر من أن المتهم لا يزال حياً - هذا الحكم يكون مخطئاً
ويتعين نقضه.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن
المرفوع من النيابة العامة أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسبق
الفصل فيها بالحكم القاضي بسقوط الدعوى العمومية لوفاة المتهم قد أخطأ في تطبيق
القانون لأن الحكم بسقوط الدعوى العمومية لوفاة المتهم لا يعدو أن يكون تقريراً لحالة
مدنية خاصة بالمتهم المقول بوفاته تثبتها المحكمة دون بحث في الدعوة نفسها.
وحيث إن واقع الحال هو أن
النيابة رفعت الدعوى العمومية على المتهم محمد رمضان السمان وآخر بأنهما في يوم 26
ديسمبر سنة 1940 بدائرة قسم الموسكي عثرا على معطف لأحد رجال الجيش البريطاني وحبساه
بنية تملكه، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 21 مايو سنة 1941 غيابياً بالنسبة إلى
المتهم محمد رمضان السمان بمعاقبته بالحبس شهرين مع الشغل، فاستأنفت النيابة هذا
الحكم، وعارض فيه هذا المتهم، وحكم في المعارضة برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه،
ثم قضت المحكمة الاستئنافية في استئناف النيابة بسقوط الدعوى العمومية لوفاة
المتهم، غير أنه تبين للنيابة بعد ذلك أن المتهم لا يزال حياً، فقدّمت القضية إلى
المحكمة الاستئنافية لإعادة النظر في الاستئناف المرفوع منها، على أساس أن الحكم
القاضي بسقوط الدعوى العمومية لوفاة المتهم قد صدر باطلاً. فقضت المحكمة بحكمها
المطعون فيه بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بحجة "أن الحكم الذي يصدره
القاضي ينهي ولايته على الدعوى ويصبح الحكم ملكاً للخصوم لتعلق حقهم به فيمتنع
عليه العودة إليه أو إعادة النظر فيه إلا في حدود ما رسمه القانون من طرق الطعن في
الأحكام...، وأن الحكم بسقوط الدعوى العمومية هو حكم يغل يد النيابة عن السير في
إجراءات الدعوى المذكورة، ويمنعها من التعرّض لموضوعها، ويفترض مع قيام هذه الحالة
براءة المتهم، وتطهيره من أدران التهمة. ولذا نصت المادة 172 من قانون تحقيق
الجنايات على أنه "في حالة سقوط الدعوى العمومية بمضي المدّة يكون الحكم
بالبراءة. فالمتهم الذي يصدر بالنسبة له حكم بسقوط الدعوى العمومية يتعلق حقه بهذا
الحكم ويستفيد منه، ولا يملك القاضي الذي أصدر الحكم أن يحرمه من هذه الفائدة".
وحيث إن الحكم الذي يصدر
في الدعوى العمومية بانقضاء الحق في إقامتها بسبب وفاة المتهم لا يمكن عدّه حكماً
من شأنه أن يمنع من إعادة نظر الدعوى إذا ما تبين أن المتهم لا يزال حياً، لأنه لا
يصدر في دعوى مردّدة بين خصمين معلنين بالحضور، أو حاضرين يدلي كل منهما بحجته
لها، ثم تفصل في الخصومة المرفوعة بها الدعوى أمامها، بل يصدر غيابياً بغير إعلان
لا للفصل في خصومة أو دعوى بل لمجرّد الإعلان من جانب المحكمة بأنها لا تستطيع
بسبب القول بوفاة المتهم إلا الوقوف بالدعوى الجنائية عند هذا الحدّ، لأن الحكم لا
يكون لميت أو على ميت. فإذا ما تبين أن هذا الإعلان بني على أساس خاطئ، فلا يصح
القول بأن هناك حكماً حاز قوّة الشيء المحكوم فيه يحول دون العدول عنه.
وحيث إنه متى تقرّر ذلك
فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر
بسقوط الحق في رفعها لوفاة المتهم يكون قد أخطأ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق