الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 يوليو 2021

الطعن 17518 لسنة 76 ق جلسة 28 / 3 / 2017 مكتب فني 68 ق 67 ص 409

جلسة 28 من مارس سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، أحمد العزب وإبراهيم الشلقاني نواب رئيس المحكمة.
-------------
(67)
الطعن رقم 17518 لسنة 76 قضائية
(1 ،2) تحكيم "بطلان حكم التحكيم: الطعن على حكم التحكيم". نقض "جواز الطعن بالنقض: الأحكام الجائز الطعن فيها بالنقض".
(1) الطعن بالنقض. جوازه بحسب الأصل في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف. م 248 مرافعات.

(2) أحكام التحكيم. لا تقبل الطعن عليها. الاستثناء، رفع دعوى ببطلانها في الأحوال التي أوردتها المادتان 52، 53/1 ق 27 لسنة 1994. عدم قابلية الحكمان الصادران من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية للطعن فيهما بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات. مؤداه. عدم جواز الطعن عليهما بطريق النقض.

(3 ، 4) حكم" إصدار الأحكام: التوقيع على مسودة الحكم والنطق به: التوقيع على مسودة الحكم".
(3) الأحكام. العبرة فيها بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة. مسودة الحكم ورقة لتحضيره.

(4) وجوب توقيع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته. تخلف ذلك. أثره. بطلان الحكم. لا يغني عن ذلك توقيعهم على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت منفصلة عن أسبابه. تحرير الأسباب على أوراق منفصلة واشتمال الأخيرة منها على جزء منها اتصل بمنطوق الحكم وتوقيع جميع القضاة الذين أصدروه عليها. لا بطلان. علة ذلك. نسخة الحكم الأصلية. كفاية توقيع رئيس هيئة المحكمة عليها دون الأعضاء. عدم اشتراط أن يكون التوقيع مقروء. المادتان 175، 179 مرافعات. مثال.

(5 - 15) تحكيم "اتفاق التحكيم: ماهيته" "رضائية التحكيم" "مشارطة التحكيم" "إجراءات التحكيم" "حكم التحكيم: ميعاد إصدار حكم التحكيم" "بطلان حكم التحكيم". نقض "جواز الطعن بالنقض: الأحكام غير الجائز الطعن فيها بالنقض" "أسباب الطعن بالنقض: السبب الجديد".
(5) التحكيم. ماهيته. اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها. أساسه. القانون. أثره. سلب ولاية القضاء.

(6) قيام التحكيم. شرطه. رضاء الأطراف به كوسيلة تحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم. مفاده. إرادة المتعاقدين توجده وتحدد نطاقه.

(7) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعريف المقصود منها. شرطه. تبيان الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.

(8) القضاء ببطلان حكم التحكيم. أثره. انتهاء الخصومة وزوال كل ما ترتب على حكم التحكيم أو الجزء الذي أبطل منه من آثار بحسب ما إذا كان البطلان كليا أو جزئيا.

(9) اتفاق التحكيم. بقاء أثره رغم القضاء ببطلان حكم التحكيم. مؤداه. جواز إبرام مشارطة تحكيم جديدة لنفس النزاع. عدم إبرام مشارطة التحكيم الجديدة مع عدم تعرض الحكم الصادر في دعوى البطلان لمسألة وجود أو صحة أو نفاذ أو بطلان اتفاق التحكيم. مؤداه. لكل ذي مصلحة اللجوء إلى التحكيم نفاذا لاتفاق التحكيم. القضاء ببطلان اتفاق التحكيم استنادا لإحدى هذه المسائل. مؤداه. جواز إبرام اتفاق تحكيم جديد. عدم تحقق ذلك. أثره. وجوب اللجوء إلى المحكمة للمطالبة بالحق. القضاء ببطلان حكم التحكيم استنادا لبطلان مشارطة التحكيم اللاحقة على إبرام شرط التحكيم. لا أثر له على شرط التحكيم. مؤداه. بقاء أثره في التزام الطرفين باللجوء إلى التحكيم. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة. النعي عليه على غير أساس.

(10) التزام هيئة التحكيم بإصدار حكمها خلال الميعاد المحدد وفقا لاتفاق الخصوم. عدم الاتفاق على الميعاد. مؤداه. وجوب إصدار الحكم خلال اثني عشر شهر من تاريخ بدء إجراءات التحكيم. جواز مد هذا الميعاد لفترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر. شرطه.

(11) إجراءات التحكيم. بدايتها من يوم تسلم المدعى عليه طلب التحكيم ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر. المادة 27 من القانون 27 لسنة 1994.

(12) إقامة المطعون ضدها دعوى بطلب تعيين محكم عن الطاعنة. لازمه. وقف سريان ميعاد التحكيم حتى صدور الحكم في هذه الدعوى. مؤداه. عدم احتساب هذه المدة ضمن الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم. علة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. النعي عليه على غير أساس.

(13) الطعن بالنقض، عدم اتساع نطاقه لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف. علة ذلك.

(14) الطلب المقدم للمحكمة هو الطلب الذي يتمسك به صاحبه في صورة الطلب الصريح الجازم. عدم التمسك به أمام محكمة الموضوع. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

(15) عدم تمسك الطاعنة في صورة الطلب الصريح الجازم بعدم جواز السير في الدعوى أو بطلب وقفها تعليقا لحين الفصل في الطعن بالنقض رغم أنها أشارت في صحيفة دعواها إلى سابقة الطعن على حكم التحكيم المقضي ببطلانه بطريق النقض كما أنها لم تتمسك ببطلان إجراءات الخصومة التحكيمية أمام محكمة الاستئناف. أثره. عدم جواز إثارة هذه الأسباب لأول مرة أمام محكمة النقض.
--------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد نص المادة 248 من قانون المرافعات أن الطعن بطريق النقض في الحالات التي حددتها هذه المادة على سبيل الحصر جائز- كأصل عام- في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مؤدى نص المادتين 52، 53 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أن أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويجوز فقط رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم في أحوال معينة أوردتها الفقرة الأولى من المادة (53) من القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أوردت في عدة مواضع من صحيفة الطعن الراهن أن طعنها ينصب على الحكمين الصادرين في القضية التحكيمية رقم ... لسنة 2004 أولهما الجزئي بتاريخ 17 من مارس سنة 2005 وثانيهما المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005 بالإضافة إلى الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في دعوى البطلان، وكان الحكمان الصادران من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية المذكورة لا يقبلان الطعن فيهما بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات، فإن الطعن عليهما بطريق النقض يكون غير جائز.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن العبرة في الأحكام هي بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة، فهي التي تحفظ بملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وغيرها من الصور، ولا تعدو مسودة الحكم أن تكون ورقة لتحضير الحكم.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مؤدي نص المادتين 175، 179 من قانون المرافعات أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعا عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته وإلا كان الحكم باطلا، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم جميعا على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه، أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب اتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق والأسباب مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلا. ولم يستلزم المشرع توقيع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم على نسخته الأصلية بل اكتفى بتوقيع رئيسها فقط وكاتب الجلسة، ولم يشترط أن يكون التوقيع مقروء. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها جاءت موقعة من جميع القضاة الذين اشتركوا في إصداره على كل ورقة من أوراقها، وكان الثابت في النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه المودعة ملف الدعوى أن كل أوراقه موقعة من رئيس الجلسة وكاتبها وتم إثبات صفتيهما بالصفحة الأخيرة للحكم إذ جاء توقيعيهما عليها مسبوقا بعبارتي (رئيس المحكمة) و(أمين السر) وهو ذات توقيعيهما الثابت على باقي صفحات الحكم، ومن ثم فإن النعي عليه بالبطلان يكون على غير أساس.

5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء.

6 - التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية. فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها.

7 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعرف ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها ولا رقابة عليها في ذلك مادامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.

8 - إذ قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم فإنه يترتب على ذلك زواله كله أو جزء منه بحسب ما إذا كان البطلان كليا أو جزئيا ويزول كل ما ترتب على حكم التحكيم أو على الجزء الذي أبطل منه من آثار وتنتهي الخصومة أمامها.

9 - يبقى للاتفاق على التحكيم أثره بعد القضاء ببطلان حكم التحكيم، فلا يوجد ما يمنع الطرفين من إبرام مشارطة تحكيم جديدة بالنسبة لنفس النزاع، وإذا لم تعقد هذه المشارطة وكان الحكم الصادر في دعوى بطلان حكم التحكيم لم يعرض لمسألة وجود أو صحة أو نفاذ أو بطلان اتفاق التحكيم فإن هذا الحكم لا يؤثر في اتفاق التحكيم ويكون لكل ذي مصلحة بعد صدور حكم البطلان اللجوء إلى التحكيم نفاذا لهذا الاتفاق. أما إذا كان الحكم - ببطلان حكم التحكيم- قد تعرض لمسألة صحة أو بطلان اتفاق التحكيم فقضى ببطلان حكم التحكيم استنادا إلى بطلان الاتفاق شرطا أو مشارطة أو إلى سقوطه أو عدم نفاذه - سواء كان قضاؤه بهذا صريحا أو ضمنيا - فإن الحكم ببطلان حكم التحكيم يمنع الالتجاء إلى التحكيم ويجب على ذي المصلحة إن أراد المطالبة بحقه أن يلجأ إلى المحكمة، ما لم يبرم الطرفان اتفاق تحكيم جديد. أما في حالة ما إذا كان هناك شرط تحكيم وأبرمت بعده مشارطة وحكم ببطلان المشارطة وبالتبعية ببطلان حكم التحكيم الذي صدر استنادا إليها، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم السابق عليها، فيبقى لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين باللجوء إلى التحكيم. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن طرفي التداعي حررا عقد اتفاق مؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- مكملا لعقد المقاولة المبرم بينهما بتاريخ 18 من يناير سنة 1995- واتفقا في البند التاسع منه على حسم أي منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار خلاف بينهما فأقامت المطعون ضدها القضية التحكيمية رقم ... لسنة 1999 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وتم الاتفاق بين الطرفين على اعتبار ما تضمنه محضر جلسة التحكيم المؤرخ 22 من فبراير سنة 1999 بمثابة مشارطة للتحكيم وأصدرت هيئة التحكيم حكمها والذي قضى ببطلانه بالحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 117ق القاهرة تأسيسا على أن هيئة التحكيم فصلت في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف ولم تتقيد بتطبيق أحكام القانون الذي اتفق عليه الطرفان، ولم يتعرض حكم البطلان إلى صحة أو بطلان شرط التحكيم الوارد في العقد أو مشارطة التحكيم المتفق عليها في محضر جلسة التحكيم، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد ويظل لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين بالالتجاء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة بهذا العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه يكون على غير أساس.

10 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في الفقرة الأولى من المادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية يدل على أن المشرع أوجب على هيئة التحكيم أن تصدر حكمها المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الخصوم، وأنه في حالة عدم اتفاقهم على الميعاد فإنه يجب عليها أن تصدر حكمها خلال إثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم ويجوز لهيئة التحكيم أن تقرر مد هذا الميعاد أو المدة المتفق عليها فترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مد الميعاد أكثر من ذلك.

11 - إجراءات التحكيم عند الاتفاق عليه - بديلا عن القضاء- إنما تبدأ من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم عن الحق المتنازع عليه من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر له وذلك على نحو ما استنه الشارع في المادة 27 من القانون سالف الذكر (القانون رقم 27 لسنة 1994).

12 - إذ كان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم السابق رقم ... لسنة 1999 الصادر بناء على مشارطة التحكيم المؤرخة 22 من فبراير سنة 1999 قد قضى ببطلانه لسبب لا يتعلق بهذه المشارطة، وكانت الطاعنة قد أقامت التحكيم رقم ... لسنة 2004 استنادا إلى شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد المؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- الذي يستمر أثره في التزام طرفيه باللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة به - وذلك بأن أبدت رغبتها بالبدء في تحكيم جديد لفض النزاع بتوجيه الإنذار المؤرخ 17 من فبراير سنة 2003 إلى الطاعنة وتم قيد التحكيم بمركز القاهرة للتحكيم بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 2004، وإزاء امتناع الطاعنة عن تعيين محكم عنها فأقامت المطعون ضدها دعوى بطلب تعيين محكم عن الطاعنة فصل فيها نهائيا بالاستئناف رقم ... لسنة 8ق القاهرة بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 2004، ومن ثم يقف سريان ميعاد التحكيم حتى تاريخ صدور هذا الحكم ولا تحسب تلك المدة ضمن الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم، وذلك بحسبان أن هذه المسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم، وإذ كانت هيئة التحكيم قد عقدت أولى جلساتها بعد اكتمال تشكيلها بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2004 وأصدرت حكمها المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005، وكان شرط التحكيم الوارد في العقد لم يتضمن تحديد ميعاد لإجراء التحكيم أو إصدار الحكم فيه، فإن حكم التحكيم يكون قد صدر خلال مدة سريان شرط التحكيم وفي الميعاد المقرر قانونا، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.

13 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن نطاق الطعن بالنقض لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف، فلا يجوز أن يضمن الطاعن صحيفة طعنه نعيا يخرج عن نطاق الخصومة المعروضة.

14 - لا يعتبر الطلب مقدما للمحكمة إلا إذا كان قد تمسك به صاحبه في صورة الطلب الصريح الجازم فإذا كان الطاعن لم يتمسك بطلبه أمام محكمة الموضوع على هذا النحو فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.

15 - إذ إن الطاعنة قد أشارت في صحيفة دعواها إلى أن حكم التحكيم السابق المقضي ببطلانه عن ذات الموضوع مطعون عليه بطريق النقض ولم يفصل فيه، بيد أنها لم تشفع ذلك بطلب صريح بعدم جواز السير في الدعوى أو بطلب وقفها تعليقا حتى يفصل في الطعن بالنقض، كما أنها لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات الخصومة التحكيمية بسبب عدم إعلانها بحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص ونظر موضوع التحكيم في غيبتها دون إعلانها إعلانا صحيحا مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، ومن ثم فلا يجوز لها التحدي بهذه الأسباب لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذين الوجهين على غير أساس.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت لدى محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم .... لسنة 123ق على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم هيئة التحكيم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم .... لسنة 2004 (adhoc) بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 2005 من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وفي الموضوع ببطلانه، على سند من أنه بموجب عقد مقاولة عمومية مؤرخ 18 من يناير سنة 1995 اتفق الطرفان على قيام الشركة المطعون ضدها بإنشاء وصيانة فندق "......" شرم الشيخ - وتم تغيير اسمه إلى " ......" شرم الشيخ - لصالح الشركة الطاعنة، وبتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1996 أبرم الطرفان عقدا مكملا للعقد الأول لتنظيم بعض المسائل الخلافية بينهما تضمن الاتفاق على حسم أية منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار نزاع بينهما فأقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى التحكيمية رقم .... لسنة 1999 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبتاريخ 22 من فبراير سنة 1999 عقدت هيئة التحكيم أولى جلساتها وحررت محضرا اعتبر بمثابة مشارطة للتحكيم وباشرت إجراءات الدعوى حتى أصدرت حكمها بتاريخ 18 من يونيو سنة 2000، أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 117ق القاهرة بطلب بطلان حكم التحكيم سالف البيان فأجابتها محكمة استئناف القاهرة لطلبها وطعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم .... لسنة 72ق ولم يتم الفصل فيه، وإزاء ذلك أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى التحكيمية رقم ... لسنة 2004 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي واختارت محكما عنها واستصدرت حكما بتعيين محكم عن الطاعنة وبعد اكتمال تشكيل هيئة التحكيم تم إخطار الطاعنة ببدء السير في إجراءات التحكيم فوجهت إنذارات إلى المحكمين ومدير مركز التحكيم بعدم جواز السير في التحكيم لانتهاء وسقوط مشارطة التحكيم، بيد أن هيئة التحكيم باشرت الإجراءات في غيبتها وأصدرت بتاريخ 17 من مارس سنة 2005 حكما جزئيا باختصاصها ثم أصدرت حكمها النهائي في 20 من أكتوبر سنة 2005، فأقامت الطاعنة دعواها للقضاء ببطلان هذا الحكم. وبتاريخ 18 من سبتمبر سنة 2006 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، ودفعت الشركة المطعون ضدها والنيابة بعدم جواز الطعن بطريق النقض على حكمي التحكيم الجزئي والنهائي الصادر أولهما في 17 من مارس سنة 2005 وثانيهما بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 2005 في القضية التحكيمية رقم ... لسنة 2004، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مبنى الدفع المثار من المطعون ضدها والنيابة بعدم جواز الطعن أن المشرع في المادة 52 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 نص على عدم جواز الطعن في أحكام التحكيم التي تصدر طبقا له بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات وأجاز استثناء رفع دعوى بطلان على هذه الأحكام في حالات محددة على سبيل الحصر، فإن الحكمين الجزئي والنهائي الصادرين في الدعوى التحكيمية رقم .... لسنة 2004 لا يجوز الطعن فيهما بطريق النقض باعتبارهما غير صادرين من محاكم الاستئناف.

وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك بأن مفاد نص المادة 248 من قانون المرافعات- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الطعن بطريق النقض في الحالات التي حددتها هذه المادة على سبيل الحصر جائز - كأصل عام - في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، وأن مؤدى نص المادتين 52، 53 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أن أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويجوز فقط رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم في أحوال معينة أوردتها الفقرة الأولى من المادة (53) من القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أوردت في عدة مواضع من صحيفة الطعن الراهن أن طعنها ينصب على الحكمين الصادرين في القضية التحكيمية رقم .... لسنة 2004 أولهما الجزئي بتاريخ 17 من مارس سنة 2005 وثانيهما المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005 بالإضافة إلى الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في دعوى البطلان، وكان الحكمان الصادران من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية المذكورة لا يقبلان الطعن فيهما بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات، فإن الطعن عليهما بطريق النقض يكون غير جائز.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان، إذ لم يوقع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرته على كل أوراقه والتي جاءت منفصلة حال كون الورقة الأخيرة منه تضمنت منطوقه فقط دون أي جزء من الأسباب المتصلة به، فضلا عن أن الصورة الرسمية المستخرجة من الحكم لا يوجد بها سوى توقيعين غير مقروءين بما يتعذر معه معرفة اسم وصفة المنسوب إليهما التوقيعين فيكون مشوبا بالبطلان بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن العبرة في الأحكام هي بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة، فهي التي تحفظ بملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وغيرها من الصور، ولا تعدو مسودة الحكم أن تكون ورقة لتحضير الحكم، وأن مؤدى نص المادتين 175، 179 من قانون المرافعات أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعا عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته وإلا كان الحكم باطلا، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم جميعا على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه، أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب اتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق والأسباب مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلا، ولم يستلزم المشرع توقيع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم على نسخته الأصلية بل اكتفى بتوقيع رئيسها فقط وكاتب الجلسة، ولم يشترط أن يكون التوقيع مقروء. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها جاءت موقعة من جميع القضاة الذين اشتركوا في إصداره على كل ورقة من أوراقها، وكان الثابت في النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه المودعة ملف الدعوى أن كل أوراقه موقعة من رئيس الجلسة وكاتبها وتم إثبات صفتيهما بالصفحة الأخيرة للحكم إذ جاء توقيعيهما عليها مسبوقا بعبارتي (رئيس المحكمة) و(أمين السر) وهو ذات توقيعيهما الثابت على باقي صفحات الحكم، ومن ثم فإن النعي عليه بالبطلان يكون على غير أساس.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالوجوه الأول والثاني والثالث من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والتناقض، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بأن شرط التحكيم الوارد في العقد المؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996 تم نسخه بموجب مشارطة التحكيم التي تضمنها محضر جلسة 22 من فبراير سنة 1999 في التحكيم رقم .... لسنة 1999 بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بين طرفي النزاع والتي استنفدت كافة آثارها بانتهائه وصدور حكم هيئة التحكيم في موضوعه، ومن ثم فلا يصلح الاستناد إلى شرط التحكيم الوارد بالعقد في إقامة التحكيم الجديد رقم ... لسنة 2004- موضوع التداعي- وإجبارها على قبول الدخول فيه قسرا عنها رغم عدم وجود اتفاق تحكيم ساري المفعول يمكن الاستناد إليه، سيما وقد صدر الحكم رقم .... لسنة 117ق القاهرة ببطلان حكم التحكيم السابق وتضمنت أسبابه انقضاء مشارطة التحكيم الواردة في العقد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم تأسيسا على أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقا مستمرا على استبعاد اللجوء إلى القضاء لحل النزاع ويجوز إعادة استخدامه بعد إبطال حكم التحكيم إذا لم يكن حكم البطلان مؤسسا على بطلان اتفاق التحكيم، وهو ما لا يصلح ردا على دفاع الطاعنة سالف البيان، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعرف ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها ولا رقابة عليها في ذلك مادامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه، وإذا قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم فإنه يترتب على ذلك زواله كله أو جزء منه بحسب ما إذا كان البطلان كليا أو جزئيا ويزول كل ما ترتب على حكم التحكيم أو على الجزء الذي أبطل منه من آثار وتنتهي الخصومة أمامها، ويبقى للاتفاق على التحكيم أثره بعد القضاء ببطلان حكم التحكيم، فلا يوجد ما يمنع الطرفين من إبرام مشارطة تحكيم جديدة بالنسبة لنفس النزاع، وإذا لم تعقد هذه المشارطة وكان الحكم الصادر في دعوى بطلان حكم التحكيم لم يعرض لمسألة وجود أو صحة أو نفاذ أو بطلان اتفاق التحكيم فإن هذا الحكم لا يؤثر في اتفاق التحكيم ويكون لكل ذي مصلحة بعد صدور حكم البطلان اللجوء إلى التحكيم نفاذا لهذا الاتفاق، أما إذا كان هذا الحكم قد تعرض لمسألة صحة أو بطلان اتفاق التحكيم فقضى ببطلان حكم التحكيم استنادا إلى بطلان الاتفاق شرطا أو مشارطة أو إلى سقوطه أو عدم نفاذه - سواء كان قضاؤه بهذا صريحا أو ضمنيا- فإن الحكم ببطلان حكم التحكيم يمنع الالتجاء إلى التحكيم ويجب على ذي المصلحة إن أراد المطالبة بحقه أن يلجأ إلى المحكمة، ما لم يبرم الطرفان اتفاق تحكيم جديد. أما في حالة ما إذا كان هناك شرط تحكيم وأبرمت بعده مشارطة وحكم ببطلان المشارطة وبالتبعية ببطلان حكم التحكيم الذي صدر استنادا إليها، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم السابق عليها، فيبقى لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين باللجوء إلى التحكيم. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن طرفي التداعي حررا عقد اتفاق مؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- مكملا لعقد المقاولة المبرم بينهما بتاريخ 18 من يناير سنة 1995- واتفقا في البند التاسع منه على حسم أي منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار خلاف بينهما فأقامت المطعون ضدها القضية التحكيمية رقم .... لسنة 1999 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وتم الاتفاق بين الطرفين على اعتبار ما تضمنه محضر جلسة التحكيم المؤرخ 22 من فبراير سنة 1999 بمثابة مشارطة للتحكيم وأصدرت هيئة التحكيم حكمها والذي قضى ببطلانه بالحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 117ق القاهرة تأسيسا على أن هيئة التحكيم فصلت في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف ولم تتقيد بتطبيق أحكام القانون الذي اتفق عليه الطرفان، ولم يتعرض حكم البطلان إلى صحة أو بطلان شرط التحكيم الوارد في العقد أو مشارطة التحكيم المتفق عليها في محضر جلسة التحكيم، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد ويظل لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين بالالتجاء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة بهذا العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الرابع من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بانتهاء مدة مشارطة التحكيم التي تضمنها محضر جلسة 22 من فبراير سنة 1999 في التحكيم رقم ... لسنة 1999- والمحددة بسنة واحدة - بصدور الحكم المنهي للخصومة التحكيمية وذلك قبل البدء في التحكيم الجديد رقم .... لسنة 2004، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل دفاعها سالف البيان وقضى برفض الدعوى ببطلان حكم التحكيم الأخير مسايرا الحكمين الجزئي بالاختصاص والمنهي للخصومة الصادرين فيه بقالة أن مدة التحكيم تبدأ من تاريخ صدور الحكم في الاستئناف بتعيين محكم عن الطاعنة باعتباره عقبة مادية تحول دون السير في إجراءات التحكيم، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في الفقرة الأولى من المادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية يدل على أن المشرع أوجب على هيئة التحكيم أن تصدر حكمها المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الخصوم، وأنه في حالة عدم اتفاقهم على الميعاد فإنه يجب عليها أن تصدر حكمها خلال اثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم ويجوز لهيئة التحكيم أن تقرر مد هذا الميعاد أو المدة المتفق عليها فترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مد الميعاد أكثر من ذلك، وكانت إجراءات التحكيم عند الاتفاق عليه - بديلا عن القضاء - إنما تبدأ من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم عن الحق المتنازع عليه من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر له وذلك على نحو ما إستنه الشارع في المادة 27 من القانون سالف الذكر. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم السابق رقم .... لسنة 1999 الصادر بناء على مشارطة التحكيم المؤرخة 22 من فبراير سنة 1999 قد قضى ببطلانه لسبب لا يتعلق بهذه المشارطة، وكانت الطاعنة قد أقامت التحكيم رقم .... لسنة 2004 استنادا إلى شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد المؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- الذي يستمر أثره في التزام طرفيه باللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة به- وذلك بأن أبدت رغبتها بالبدء في تحكيم جديد لفض النزاع بتوجيه الإنذار المؤرخ 17 من فبراير سنة 2003 إلى الطاعنة وتم قيد التحكيم بمركز القاهرة للتحكيم بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 2004، وإزاء امتناع الطاعنة عن تعيين محكم عنها فأقامت المطعون ضدها دعوى بطلب تعيين محكم عن الطاعنة فصل فيها نهائيا بالاستئناف رقم .... لسنة 8ق القاهرة بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 2004، ومن ثم يقف سريان ميعاد التحكيم حتى تاريخ صدور هذا الحكم ولا تحسب تلك المدة ضمن الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم، وذلك بحسبان أن هذه المسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم، وإذ كانت هيئة التحكيم قد عقدت أولى جلساتها بعد اكتمال تشكيلها بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2004 وأصدرت حكمها المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005، وكان شرط التحكيم الوارد في العقد لم يتضمن تحديد ميعاد لإجراء التحكيم أو إصدار الحكم فيه، فإن حكم التحكيم يكون قد صدر خلال مدة سريان شرط التحكيم وفي الميعاد المقرر قانونا، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجهين الخامس والسادس من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام هيئة التحكيم ومحكمة الاستئناف بطلب عدم جواز السير في التحكيم رقم .... لسنة 2004 حتى يفصل في الطعن بالنقض رقم .... لسنة 72ق المقام من المطعون ضدها عن الحكم الصادر ببطلان حكم التحكيم رقم .... لسنة 1999 حتى لا تواجه تنفيذا مزدوجا عن ذات الموضوع إذا تم نقض حكم البطلان، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل تكييف طلبها سالف البيان تكييفا صحيحا بأنه في حقيقته طلب بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في الطعن بالنقض والتفت عن الرد عليه، وقضى برفض الدعوى ببطلان حكم التحكيم موضوع النزاع إعمالا للمادة 53/ ج من قانون التحكيم رغم عدم إعلانها بإجراءات الدعوى التحكيمية وحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص الصادر فيها مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن نطاق الطعن بالنقض لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف، فلا يجوز أن يضمن الطاعن صحيفة طعنه نعيا يخرج عن نطاق الخصومة المعروضة، ولا يعتبر الطلب مقدما للمحكمة إلا إذا كان قد تمسك به صاحبه في صورة الطلب الصريح الجازم فإذا كان الطاعن لم يتمسك بطلبه أمام محكمة الموضوع على هذا النحو فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أشارت في صحيفة دعواها إلى أن حكم التحكيم السابق المقضي ببطلانه عن ذات الموضوع مطعون عليه بطريق النقض ولم يفصل فيه، بيد أنها لم تشفع ذلك بطلب صريح بعدم جواز السير في الدعوى أو بطلب وقفها تعليقا حتى يفصل في الطعن بالنقض، كما أنها لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات الخصومة التحكيمية بسبب عدم إعلانها بحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص ونظر موضوع التحكيم في غيبتها دون إعلانها إعلانا صحيحا مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، ومن ثم فلا يجوز لها التحدي بهذه الأسباب لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذين الوجهين على غير أساس.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق