الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 مايو 2020

الطعن 188 لسنة 30 ق جلسة 26/ 4/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 77 ص 380


جلسة 26 من أبريل سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمود حلمي خاطر، ورشاد القدسي المستشارين.
--------------
(77)
الطعن رقم 188 لسنة 30 القضائية

(أ - ز) نقض. بطلان. دعوى جنائية.
المصلحة في الطعن بالنقض: توافرها بالنسبة للنيابة العامة ولو كانت المصلحة هي للمحكوم عليه. علة ذلك.
متى تنتفي مصلحة المتهم في التمسك بعدم إعلانه؟
أوجه الطعن: بطلان. وسيلة التمسك ببطلان الحكم.
عدم جواز التمسك ببطلان الحكم بغير طرق الطعن. سناد هذه القاعدة في قانوني الإجراءات الجنائية والمرافعات المدنية والتجارية. عدم جواز سماع الدعوى الأصلية ببطلان الحكم.
تصحيح البطلان: قوة الأمر المقضي: سموها على قواعد النظام العام.
دلالة الحكم برفض الطعن: صدور الحكم بعد بحث تشكيل المحكمة التي نظرت الدعوى. الم 35 من ق 57 لسنة 59.
انقضاء الدعوى الجنائية بالحكم البات: آثار ذلك.
(ح) انعدام الأحكام.
أسباب الانعدام: ليس من بينها بطلان تشكيل المحكمة.
(ط) قضاة. حكم.
ندب القضاة عند وجود مانع: سناد الندب ونطاقه.
ما لا يلزم بيانه في ديباجة الحكم: الإشارة إلى الندب لوجود المانع.
(ي، ك) محكمة الجنايات.
مكان انعقادها: هو الجهة التي بها مقرها. عدم اشتراط انعقادها بذات المبنى الذي تجري فيه جلسات المحكمة الابتدائية. صدور قرار من وزير العدل. محله: انعقاد المحكمة خارج المدينة التي يقع بها مقرها.

----------------
1 - من المقرر أن النيابة العامة - وهي تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية - هي خصم عام تختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم - وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن - بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه من المتهمين، ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبني الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، وكان المتهم يرمي من وراء دعواه أن تقضي له محكمة الجنايات ببطلان الحكم - وهو أمر يتجاوز حدود سلطتها فضلاً عن مساسه بقوة الشيء المقضي - فإن مصلحة النيابة في الطعن تكون قائمة بكل صفاتها ومميزاتها - ولو أن الحكم قد قضى برفض الدعوى موضوعاً.
2 - إذا كان مآل دعوى المتهم حتماً هو القضاء بعدم جواز سماعها، فإن ما يثيره في شأن عدم إعلانه وما ينسبه من خطأ إلى المحكمة في ذلك لم يكن يغير من تلك النتيجة إذ أن المحكمة قد اتصلت بالدعوى بصدور الأمر بإحالتها إليها.
3 - نظم قانون الإجراءات الجنائية أحوال البطلان في قواعد عامة أوردها في الفصل الثاني عشر من الباب الثاني من الكتاب الثاني - ودل الشارع بما نص عليه في المادتين 332 و333 من قانون الإجراءات الجنائية - في عبارة صريحة - على أن التمسك بالدفع بالبطلان إنما يكون أثناء نظر الدعوى التي وقع البطلان في إجراءاتها - وهذا الإجراء الباطل - أياً كان سبب البطلان يصححه عدم الطعن به في الميعاد القانوني - ولهذا اشترط لقبول أسباب النظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض ألا يكون الحكم المطعون فيه قد اكتسب قوة الشيء المحكوم به، وأن تكون هذه الأسباب مستفادة من الأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع وألا يخالطها أي عنصر واقعي لم يسبق عرضه عليها - وذلك تغليباً لأصل اكتساب الحكم قوة الشيء المحكوم فيه على أصل جواز التمسك بالأسباب الجديدة الماسة بالنظام العام.
4 - نصت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية في قوة الأحكام النهائية على ما يأتي "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو الإدانة - وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون"، ولما كان القانون قد بين طرق الطعن في الأحكام الجنائية وهي المعارضة والاستئناف والنقض، ورسم أحوال وإجراءات كل منها فإن الطعن في تلك الأحكام الجنائية بالبطلان بدعاوى مستقلة ترفع بصفة أصلية يكون غير جائز في القانون مما يقتضي الحكم بعدم جواز سماع دعوى البطلان فيها.
5 - أجازت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها ولغير الأسباب التي بني عليها الطعن في أي حالة من الحالات المشار إليها فيه - فيكون قضاء محكمة النقض برفض الطعن معناه بالضرورة أنها أصدرت حكمها بعد بحث تشكيل المحكمة التي نظرت الدعوى ولم تر في ذلك عيباً - ومثل هذا الحكم بعد هذه المرحلة يحوز قوة الشيء المقضي ويعتبر عنواناً للحقيقة بما جاء فيه.
6 - لا يسوغ في القانون تأخير تنفيذ الأحكام النهائية إلى غير مدى بدعوى أن يجد المحكوم عليهم سبيلاً للطعن بالبطلان مما يتحتم معه القول بأن الشارع قد قصد بغير شك أن يجعل لطرق الطعن الممنوحة للمتهم والمذكورة في القانون على سبيل الحصر حداً يجب أن تقف عنده الأحكام ضماناً لحسن سير العدالة واستقراراً للأوضاع النهائية التي انتهت إليها كلمة القضاء.
7 - دل الشارع بما نص عليه في المادة 396 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المعدلة بالقانون رقم 137 لسنة 1956 على أن الطعن في الأحكام بدعوى البطلان الأصلية غير جائز - إذ لو كان الأمر كذلك لما كان هناك محل لإيراد ذلك النص الذي خرج به عن القواعد التي حددت نصاب الاستئناف - ولم يخرج الشارع عن هذا الأصل - إلا بقدر ما خول لمحكمة النقض من حق إعادة النظر في الدعاوى التي أصدرتها هي - في حالة واحدة نصت عليها المادة 314 مرافعات في باب رد القضاة عن الحكم إذ نصت على: "عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة - أحوال عدم الصلاحية - ولو باتفاق الخصوم يقع باطلاً - وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى" وذلك باعتبار أن محكمة النقض - وهي المحكمة العليا - لا سبيل إلى تصحيح حكمها - في الحالة المشار إليها في المادة المذكورة إلا بالرجوع إليها فيها - أما في غير هذه الحالة التي جاءت على سبيل الاستثناء والحصر - فإن في سلوك طرق الطعن العادية منها وغير العادية ما يكفل إصلاح ما وقع في الأحكام من أخطاء - فإذا توافر سبيل الطعن وضيعه صاحب الشأن فلا يلومن إلا نفسه.
8 - إذا جاز القول في بعض الصور بانعدام الأحكام لفقدانها مقوماتها الأساسية فليس هذا هو الشأن فيما يثيره الطاعن بشأن تشكيل المحكمة التي نظرت الدعوى.
9 - ندب رئيس محكمة الاستئناف أحد مستشاري المحكمة لنظر الطلب الذي تقدم به المتهم ببطلان الحكم بدلاً من المستشار الأصلي - الذي وجد لديه مانع - إجراء مطابق لما نصت عليه المادة 71 في فقرتها الثانية من القانون رقم 56 لسنة 1959 - في شأن السلطة القضائية - والواردة في الفصل الثاني منه المعنون "في نقل القضاة وندبهم" - سواءً في محاكم الاستئناف، أو في المحاكم الابتدائية - ولا يلزم الإشارة إلى هذا الندب في الحكم.
10 - المادة السابعة من قانون السلطة القضائية وإن اشترطت أن تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية إلا أنها لم تشترط أن تنعقد المحكمة في ذات المبنى الذي تجري فيه جلسات المحاكم الابتدائية - وما دامت محكمة الجنايات التي نظرت الطلب قد انعقدت في مقرها وهو مدينة القاهرة، فإن انعقادها يكون صحيحاً.
11 - صدور قرار من وزير العدل إنما يكون واجباً إذا كان محل انعقاد محكمة الجنايات في مكان آخر خارج المدينة التي تقع بها ذات المحكمة الابتدائية.


الوقائع
تخلص الواقعة في أنه بتاريخ 30/ 4/ 1959 أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكماً قضى بمعاقبة حسني أحمد توفيق مورو بالإعدام شنقاً. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقضي فيه بتاريخ 17/ 11/ 1959 بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً. وبتاريخ 13/ 12/ 1959 قدم المحكوم عليه المذكور طلباً إلى محكمة استئناف القاهرة يطلب فيه القضاء بانعدام الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة والقاضي بإعدامه شنقاً واعتبار الدعوى كأنما لم يصدر فيها حكم. وقال في طلبه إن محكمة الجنايات التي أصدرت حكم الإعدام لم تكن مشكلة تشكيلاً صحيحاً. ومحكمة الجنايات قضت في الدعوى بتاريخ 31/ 12/ 1959 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وبصحة الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في 30/ 4/ 1959 القاضي بإعدام حسني أحمد توفيق مورو شنقاً. فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
... من حيث إن النيابة العامة تعيب على الحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك تقول أن سبيل الطعن في الأحكام الجنائية هي المعارضة والاستئناف والنقض وليس من بينها رفع دعوى أصلية بطلب بطلان الحكم - فمتى استنفد صاحب الشأن هذه الطرق أو سكت عن سلوكها، فإن الحكم يحوز قوة الشيء المقضي به ويرتفع عنه وصف البطلان أياً كان العيب الذي لحقه، ومن ثم فإن محكمة جنايات القاهرة - إذ أجازت رفع دعوى البطلان وأسبغت على نفسها ولاية البحث في صحة تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم في الموضوع - تكون قد تجاوزت حدود اختصاصها المقرر لها في القانون.
وحيث إن واقع الحال في الدعوى أن محكمة جنايات القاهرة حكمت بتاريخ 30 من أبريل سنة 1959 بإعدام حسني أحمد توفيق مورو شنقاًًًًً. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقضي فيه بالرفض في 17 من نوفمبر سنة 1959. فقدم المطعون ضده طلباًًًًً إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة التمس فيه القضاء ببطلان الحكم الموضوعي بمقولة إن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة تشكيلاًًًًًًًًًً صحيحاًًًًً إذ اشترك في الحكم المرحوم الأستاذ شفيق الكاشف وكيل محكمة القاهرة في حين أن المادة السادسة من الباب الأول من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية والمعمول به من 21 من فبراير سنة 1959 قد نصت على: "تشكل في كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر للجنايات وتؤلف كل منها من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف. ويرأس محكمة الجنايات رئيس المحكمة أو أحد رؤساء الدوائر وعند الضرورة يجوز أن يرأسها أحد المستشارين بها". كما نصت المادة الأولى من قانون إصدار السلطة القضائية على أن "يلغى من قانون نظام القضاء ومن قانون استقلال القضاء ومن قانون السلطة القضائية ما يخالف أحكام نصوص القانون المرافق ويستعاض عنها بالنصوص المرافقة ويلغى كل نص آخر يخالف أحكامه" وانتهى إلى القول بأن المادة 372 من قانون الإجراءات - التي كانت تجيز - عند الاستعجال ندب رئيس محكمة ابتدائية أو وكيلها للجلوس في محاكم الجنايات قد ألغيت بموجب هذا القانون - فأحال رئيس المحكمة الطلب إلى محكمة جنايات القاهرة فقضت بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1959 بعد بحث تشكيل المحكمة والوقوف على صحته بقبول الدعوى شكلاًًًًً وفي الموضوع برفضها وبصحة الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بتاريخ 30 من أبريل سنة 1959 والقاضي بإعدام حسني أحمد توفيق مورو شنقاًًًًً. هذا هو الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الحاضر عن المطعون ضده - دفع بعدم قبول طعن النيابة لانتفاء المصلحة منه وأشار بمذكرته أن المصلحة هي مقياس الدعوى - وأن مصلحة النيابة من وراء هذا الطعن هي مصلحة نظرية صرف، إذ هي تطلب من طعنها أن يقضي فيه بعدم قبول دعوى البطلان - في حين أن الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى موضوعاًًًًً وهو ما يستوي من الناحية العملية مع الحكم بعدم قبول الدعوى - إذ أن الحكم المطعون فيه لم يمس موضوع الحكم الأصلي واستبقاه على حاله دون أي مساس - فليس للنيابة من وراء الطعن أية فائدة عملية.
وحيث إن النيابة العامة - وهي تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون - من جهة الدعوى العمومية هي خصم عام تختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم - وإن لم يكن لها - كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن - بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه من المتهمين، وكانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، وكان المطعون ضده يرمي من وراء طعنه أن تقضي له محكمة الجنايات - ببطلان الحكم - وهو أمر يتجاوز حدود سلطتها فضلاًًًًً عن مساسه بقوة الشيء المقضي به، فإن مصلحة النيابة في الطعن تكون قائمة بكل صفاتها ومميزاتها - ولو أن الحكم قد قضى برفض الدعوى موضوعاًًًًً - والطعن من جانب النيابة - لم ينصب على تعييب الحكم المطعون فيه من حيث الموضوع - كما يظن لأول وهلة، بل هو ينكر على المطعون ضده حقه في سلوك هذا السبيل كما ينكر على المحكمة حقها فيما قضت به من قبول دعوى البطلان بالمخالفة للقانون مما أدى بها بالضرورة إلى البحث في صحة تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم وما قد يجره هذا البحث من إهدار قوة الشيء المقضي به التي حازها هذا الحكم. لما كان ذلك، فإن الدفع يكون على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - تحدث عن جواز رفع دعوى البطلان في قوله: "وحيث إن قانون الإجراءات الجنائية وإن لم يتحدث عن دعوى البطلان الأصلية فإنه لم يجحد قيام البطلان في الأحكام فتحدث في الفصل الثاني عشر من الباب الثاني من الكتاب الثاني عن أوجه البطلان فقال إن البطلان يترتب على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري، وأنه إذا كان البطلان راجعاًًًًً لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها للحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو غير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب - كما نص القانون رقم 57 لسنة 1959 الصادر في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أن للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاًًًًً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى، كما نص قانون الإجراءات على ما عدا ذلك من أنواع البطلان وقال بسقوط الحق في الدفع بها في الأحوال التي عددها. وحيث إن مؤدى ما تقدم هو أن قانون الإجراءات الجنائية فرق بين البطلان الماس بالنظام العام وبين غير ذلك من أوجه البطلان ورتب على النوع الأول جواز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وأن المحكمة تقضي به ولو بغير طلب - ومعنى هذا أن القانون افترض قيام البطلان وقت نظر الدعوى وقبل استنفاذ طرق الطعن فيها ولم يفترض أن المحكوم عليه كشف أمر البطلان وأراد الطعن في الحكم بدعوى أصلية بعد أن انتهت وسائله القانونية للطعن فيه. وحيث إن البطلان الماس بالنظام العام والذي قد يشوب الحكم النهائي الحائز لقوة الشيء المحكوم فيه أمر محتمل الوقوع في بعض الصور رغم اجتياز الحكم لجميع مراحل الطعن - بل إنه يمكن تصوره في الدعوى التي بصددها البحث والتي رفض الطعن المرفوع عنها أمام محكمة النقض - ذلك أنه مع افتراض أن محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم المطعون فيه كانت مشكلة تشكيلاًًًًً باطلاًًًًً بإجماع الآراء وبلا خلاف كأن كان العضو المكمل لها قاضياًًًًً ووصف خطأ في محضر الجلسة وفي الحكم بأنه رئيس محكمة ابتدائية ولم يكشف الطاعن هذا الخطأ فيضمنه أسباب طعنه ولم تلتفت محكمة النقض من تلقاء نفسها إلى ما شاب الحكم لأن محضر الجلسة صحيح حسب نصوص قانون الإجراءات وتم القضاء برفض الطعن - هذه الحالة لم ينظمها قانون الإجراءات الجنائية مع أنه لا سبيل إلى الطعن في مثل هذا الحكم بالطريق الآخر غير العادي وهو طلب إعادة النظر لأن الأسباب التي بينها قانون الإجراءات الجنائية لهذا الطلب وردت على سبيل الحصر وليس من بينها بطلان تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم. وحيث إن هذا المثل الذي ساقته المحكمة يجعل إجازة رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم لا مناص منه متى استنفدت أوجه الطعن الأخرى وذلك إذا ما كان البطلان ماساًًًًً بالنظام العام لأن هذا النوع من البطلان يجعل الحكم فاقداًًًًً لمقوماته الأساسية ويعد في حكم العدم". ثم تحدث الحكم عن اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم الأول بنظر الدعوى وانتهى من ذلك بقوله: "إن رفع هذه الدعوى أمامها قد وقع صحيحاًًًًً مطابقاًًًًً للقانون".
وحيث إن قانون الإجراءات القانونية - قد نظم أحوال البطلان في قواعد عامة أوردها في الفصل الثاني عشر من الباب الثاني من الكتاب الثاني فنص في المادة 332 على أنه "إذا كان البطلان راجعاًًًًً لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى - وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب - كما نصت المادة 333 "في غير الأحوال المشار إليها في المادة السالفة يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه. أما في مواد المخالفات فيعتبر الإجراء صحيحاًًًًً إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محام في الجلسة. وكذلك يسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك به في حينه" فدل الشارع بذلك في عبارة صريحة على أن التمسك بالدفع بالبطلان إنما يكون أثناء نظر الدعوى التي وقع البطلان في إجراءاتها - وهذا الإجراء الباطل أياًًًًً كان سبب البطلان يصححه عدم الطعن به في الميعاد القانوني، ولهذا اشترط لقبول أسباب النظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض ألا يكون الحكم المطعون فيه قد اكتسب قوة الشيء المحكوم به وأن تكون هذه الأسباب مستفادة من الأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، وألا يخالطها أي عنصر واقعي لم يسبق عرضه عليها، وذلك تغليباًًًًً لأصل اكتساب الحكم قوة الشيء المحكوم فيه على أصل جواز التمسك بالأسباب الجديدة الماسة بالنظام العام. هذا وقد نصت المادة 454 من قانون الإجراءات - في قوة الأحكام النهائية - على ما يأتي: "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو الإدانة. وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون" لما كان ذلك، وكان القانون قد بين طرق الطعن في الأحكام الجنائية وهي المعارضة والاستئناف والنقض ورسم أحوال وإجراءات كل منها، فإن الطعن في تلك الأحكام الجنائية بالبطلان بدعاوى مستقلة ترفع بصفة أصلية يكون غير جائز في القانون.
وحيث إنه فضلاًًًًً عن ذلك فقد نصت المادة 396 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 137 لسنة 1956 على: "يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الجزئية أو من المحاكم الابتدائية بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم" فقد دل الشارع بذلك على أن سبيل تعييب الأحكام لا يكون إلا عن طريق الطعن فيها بالطرق المقررة في القانون وأن الطعن فيها بدعوى البطلان الأصلية غير جائز - إذ لو كان الأمر كذلك لما كان هناك محل لإيراد ذلك النص الذي خرج به عن القواعد التي حددت نصاب الاستئناف - ولم يخرج الشارع عن هذا الأصل - إلا بقدر ما خول لمحكمة النقض من حق إعادة النظر في الدعاوى التي أصدرتها هي - في حالة واحدة نصت عليها المادة 314 من قانون المرافعات في باب رد القضاة عن الحكم إذ نصت على: "عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر (أحوال عدم الصلاحية) ولو باتفاق الخصوم، يقع باطلاًًًًً. وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى" - وذلك باعتبار أن محكمة النقض وهي المحكمة العليا وأنه لا سبيل إلى تصحيح حكمها - في الحالة المشار إليها في المادة المذكورة - إلا بالرجوع إليها فيها. أما في غير هذه الحالة التي جاءت على سبيل الاستثناء والحصر فإن في سلوك طرق الطعن العادية منها وغير العادية ما يكفل إصلاح ما وقع في الأحكام من أخطاء - فإذا توافر سبيل الطعن وضيعه صاحب الشأن فلا يلومن إلا نفسه. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، قد نصت على ما يأتي: "لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة السابقة. ومع ذلك فللمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون، أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاًًًًً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى، أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى" وبهذا أجازت لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها ولغير الأسباب التي بني عليها الطعن في أية حالة من الحالات المشار إليها آنفاًًًًًًًًًً دون غيرها - فإن قضاء محكمة النقض برفض الطعن، معناه بالضرورة أنها أصدرت حكمها - بعد بحث تشكيل المحكمة التي نظرت الدعوى ولم تر في ذلك عيباًًًًً - فمثل هذا الحكم - بعد هذه المرحلة يحوز قوة الشيء المقضي فتنقضي به الدعوى العمومية ويعتبر عنواناًًًًً للحقيقة بما جاء فيه وحجة على الكافة. لما كان ذلك، وكان لا يسوغ في القانون تأخير تنفيذ الأحكام النهائية إلى غير مدى بدعوى أن يجد المحكوم عليهم سبيلاًًًًً للطعن بالبطلان، فإنه يتحتم القول بأن الشارع قصد بغير شك أن يجعل لطرق الطعن الممنوحة للمتهم والمذكورة في القانون علي سبيل الحصر - حداًًًًً يجب أن تقف عنده ضماناًًًًً لحسن سير العدالة واستقراراً للأوضاع النهائية التي انتهت إليها كلمة القضاء.
وحيث إنه متى تقرر ذلك، وكان الحكم الصادر ضد المطعون ضده بتاريخ 30 أبريل سنة 1959 قد أصبح باتاًًًًً فلا يجوز الطعن فيه بدعوى البطلان الأصلية - وحتى إذا جاز القول - في بعض الصور - بانعدام الأحكام لفقدانها مقوماتها الأساسية، فليس هذا هو الشأن في الدعوى الحالية، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة جنايات القاهرة بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1959 والقضاء بعدم جواز سماع دعوى البطلان.
بالنسبة للطعن المقدم من المتهم:
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن يستند في أوجه الطعن المقدمة منه على الحكم إلى وجوه متنوعة قسمها إلى طائفتين: الطائفة الأولى ترد على الحكم المطعون فيه الصادر في 31 ديسمبر سنة 1959، والطائفة الثانية ترد على الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 30 من أبريل سنة 1959. ويقول في الطائفة الأولى أن الحكم بني على إجراءات باطلة إذ أن رئيس الدائرة التي نظرت الدعوى وقضت فيها وهو السيد المستشار محمود عبد اللطيف لم يندب للعمل في محاكم الجنايات من قبل الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة - كما تقضي بذلك المادتان 6 و35 من الباب الأول من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية، كما أن المحكمة قامت بعقد جلساتها في دار القضاء العالي - دون مقر مبنى محكمة القاهرة الابتدائية المقرر لعقدها بمقتضى القانون المذكور ولم يثبت أن وزير العدل قد أذنها في ذلك - فتجاوزت بذلك قواعد تحديد مكان انعقاد المحاكم مما يترتب عليه بطلان الإجراءات والأحكام بطلاناًًًًً مطلقاًًًًً. هذا إلى أن الطاعن لم يعلن بالحضور في الجلسة وسارت الإجراءات في الدعوى في غيبته ودون إعلانه رغم أن القانون لا يسمح بأن يمثله غيره فيها - وقد جاء الحكم خالياًًًًً من أية إشارة إلى ذلك. أما الطائفة الأخرى فتتمثل في أن الحكم الصادر في 30 أبريل سنة 1959 قد صدر باطلاًًًًً قانوناًًًًً لبطلان تشكيل المحكمة التي أصدرته، ذلك أن المادة السادسة من الباب الأول من القانون رقم 56 لسنة 1959 والمادة الأولى من قانون الإصدار قد ألغتا المادة 372 من قانون الإجراءات التي كانت تجيز ندب أحد رؤساء المحاكم الكلية أو وكلائها للجلوس بمحكمة الجنايات - على ما سبق بيانه - وأنه لا يصح في مجال التفسير الاعتماد على ما جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون لمخالفتها لنصوص القانون الصريحة في هذا الخصوص.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الطلب الذي تقدم به الطاعن إلى رئيس محكمة الاستئناف ببطلان الحكم الموضوعي قد عرض على السيد المستشار محمد كامل البهنساوي رئيس الدائرة الجنائية الثانية من دوائر محكمة جنايات القاهرة فاعتذر عن نظره فندب السيد رئيس محكمة الاستئناف بتاريخ 14 ديسمبر سنة 1959 السيد المستشار محمود عبد اللطيف للجلوس بدله. لما كان ذلك، وكانت المادة 71 فقرة ثانية من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية والواردة في الفصل الثاني منه المعنون "في نقل القضاة وندبهم" سواءً في محاكم الاستئناف أو في المحاكم الابتدائية قد نصت على: "وفي حالة غياب أحد القضاة أو وجود مانع لديه يندب رئيس المحكمة من يحل محله..." فإن ندب السيد المستشار محمود عبد اللطيف لنظر هذا الطلب بدلاًًًًً من المستشار الأصلي - الذي وجد لديه المانع يكون مطابقاًًًًً للقانون - ولا داعي بعد ذلك للإشارة إلى هذا الندب في الحكم.
وحيث إن المادة السابعة من القانون المذكور - وإن اشترطت أن تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية - إلا أنها لم تشترط أن تنعقد المحكمة في ذات المبنى الذي تجري فيه جلسات المحكمة الابتدائية - وما دامت محكمة الجنايات التي نظرت الطلب قد انعقدت في مدينة القاهرة - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإن انعقادها يكون صحيحاًًًًً. أما ما أشار إليه الطاعن من وجوب صدور قرار من وزير العدل، فإن ذلك محله أن يكون محل انعقاد المحكمة في مكان آخر خارج المدينة التي تقع بها دائرة المحكمة الابتدائية - وهو ما لم يحدث في الدعوى. لما كان ذلك، وكان مآل دعوى الطاعن حتماًًًًً هو القضاء بعدم جواز سماعها، فإن ما يثيره في شأن عدم إعلانه لم يكن يغير من تلك النتيجة، إذ أن المحكمة قد اتصلت بالدعوى بصدور الأمر بإحالتها إليها. أما في خصوص الطعن الذي يرد على الحكم الموضوعي، فإنه يضحى - بعدم جواز سماع دعوى البطلان - غير ذي موضوع.

الطعن 38 لسنة 29 ق جلسة 14 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 نقابات ق 3 ص 305


جلسة 14 من يونيه سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
------------------
(3)
الطعن رقم 38 لسنة 29 القضائية

محاماة .
ما ينفي حسن السمعة والاحترام الواجب للمهنة. 
أمثلة.
---------------
إذا كان يبين من ملف خدمة الطاعن أن بعض الجزاءات التي وقعت عليه كان لأسباب لا تتفق وحسن السمعة والاحترام الواجب لمهنة المحاماة - كتحيزه لجانب بدال ليدفع عنه تهمة نسبت إليه، وإدلائه بأقوال غير صحيحة في محضر البوليس لصالح هذا البدال وإخفائه محضراً محرراً ضد تاجر، واستعماله استمارات سفر صرفت إليه للحضور أمام محكمة عسكرية للشهادة ولحضور جلسة مجلس تأديب مع عدم حضوره أمامهما، وتوقيعه في دفتر الحضور والانصراف في يوم لم يتواجد فيه، فإن ذلك يفقده صلاحية الاشتغال بالمحاماة التي تطلبتها المادة الثانية من القانون رقم 96 لسنة 1957 في فقرتها الرابعة.


الوقائع
قيدت لجنة قبول المحامين بمحكمة استئناف القاهرة اسم الطاعن بجدول المحامين تحت التمرين، ثم نقلته إلى قوائم غير المشتغلين لتعيينه بوزارة التجارة والصناعة ثم نقل إلى وزارة التموين واستمر بها إلى أن رفع اسمه من عداد موظفي هذه الوزارة فعاد وقدم طلباً لإعادة اسمه إلى جدول المحامين المشتغلين فقررت اللجنة غيابياً برفض طلبه. فعارض وقضت اللجنة بقبول معارضته شكلاً ورفضها موضوعاً فقرر الوكيل عن الطاعن الطعن في القرار الأخير بطريق النقض إلخ......

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن القرار استند في رفضه طلب إعادة قيد اسم الطاعن إلى جدول المحامين المشتغلين إلى سبق إيقاع عدة جزاءات عليه ومحاكمته أمام مجلس التأديب مما يفقده صلاحية الاشتغال بالمحاماة طبقاً لنص الفقرة الرابعة من المادة الثانية من القانون رقم 96 لسنة 1957 مع أن هذه الجزاءات لا مساس لها بالذمة والشرف لأنها وقعت عليه لمخالفته التعليمات الإدارية ولتغيبه عن عمله بدون إذن وإهماله في عمله، كما أن محاكمته أمام مجلس التأديب كانت لعدم انتظام القيد في الدفاتر ووجود شطب وتصحيح فيها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة الطاعن التي أمرت هذه المحكمة بضمه أنه وقعت عليه عدة جزاءات وأن بعضها كان لأسباب لا تتفق وحسن السمعة والاحترام الواجب لمهنة المحاماة - كتحيزه لجانب البدال....... ليدفع عنه التهمة التي نسبت إليه وإدلائه بأقوال غير صحيحة في محضر البوليس لصالح هذا البدال، وإخفائه المحضر المحرر ضد التاجر....... واستعماله استمارات سفر صرفت إليه للحضور أمام المحكمة العسكرية للشهادة ولحضور جلسة مجلس التأديب وعدم حضوره أمامها، وتوقيعه في دفتر الحضور والانصراف في يوم 2 يناير سنة 1958 مع عدم تواجده في ذلك اليوم. ولما كانت الفقرة الرابعة من المادة الثانية من القانون رقم 96 لسنة 1957 تنص على أنه يشترط فيمن يقيد اسمه بجدول المحامين أن يكون محمود السيرة حسن السمعة أهلاً للاحترام الواجب للمهنة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام قضائية أو تأديبية أو اعتزل وظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بالذمة أو بالشرف وكان من بين الجزاءات الموقعة على الطاعن ما وقع لأسباب تتنافى مع حسن السمعة مما يفقده الصلاحية للاشتغال بالمحاماة، ويكون القرار المطعون فيه صحيحاً بقضائه برفض الطلب ولا يرد عليه ما جاء بوجه الطعن، ويتعين لذلك رفضه موضوعاً وتأييد القرار المطعون فيه.

الطعن 1747 لسنة 29 ق جلسة 4/ 4/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 61 ص 308


جلسة 4 من أبريل سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
--------------------
(61)

الطعن رقم 1747 لسنة 29 القضائية

(أ ) استدلال.

تفتيش السيارة الخاصة بالطرق العامة في غير إذن من سلطة التحقيق وفي غير حالة التلبس بالجريمة. متى يجوز ذلك؟
عند خلوها مع تخلي صاحبها عنها.
(ب، ج) تلبس.
ماهيته: وصف يلازم الجريمة ذاتها.
حالاته: التلبس الحقيقي. مشاهدة الجريمة حال ارتكابها وإدراك وقوعها إدراكاً يقينياً عن طريق أي حاسة من الحواس.
التلبس الاعتباري. مطاردة الجاني بالصياح وتجمع العامة حوله.
شروطه. ما لا ينفي تحقق مأمور الضبط القضائي بنفسه من قيام حالة التلبس. مشاهدته الجريمة في حالة تلبس بعد تلقي نبأه عن طريق الرواية ممن شاهده.

---------------------

1 - لا يجوز تفتيش السيارات الخاصة بالطرق العامة بغير إذن من سلطة التحقيق وفي غير أحوال التلبس إلا إذا كانت خالية وكان ظاهر الحال يشير إلى تخلي صاحبها عنها.
2 - التلبس وصف يلازم الجريمة ذاتها بغض النظر عن شخص مرتكبها، ولا يلزم لكشف هذه الحالة أن تكون الرؤية بذاتها هي وسيلة هذا الكشف، بل يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه - تستوي في ذلك حاسة البصر، أو السمع، أو الشم متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكا.
3 - ليس في القانون ما يمنع المحكمة - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى - من الاستدلال بحالة التلبس بناءً على ما استخلصته من أقوال الشهود من شم رائحة المخدر منبعثة من السيارة التي في حوزة المتهمين وتجمع العامة حولهما مع صياحهم بأن بالسيارة مخدراً وشم شرطي المرور هذه الرائحة وإنهاء ذلك إلى الضابط الذي تحقق بنفسه من قيام حالة التلبس بالجريمة عن طريق متابعة العامة للمتهمين بالصياح ورؤيته إياهما على تلك الحال، وهو ما تتوافر به حالة التلبس كما هي معرفة به قانوناً.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم: حازوا بقصد الإتجار مواد مخدرة وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1؛ 2؛ 33 أ - جـ أخيرة و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول أ فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة وببراءة المتهم الثالث مما أسند إليه. فطعن المتهمان في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.....


المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد كما شابه فساد في الاستدلال وقصور في البيان حين دان الطاعنين بحيازة مخدر للإتجار ذلك أنهما دفعا ببطلان القبض والتفتيش لإجرائهما في غير الأحوال الجائزة قانوناً وجاء رفض الحكم لهذا الدفع مخالفاً للقانون إذ أسسه على أن الطاعنين كانا في حالة تلبس لانبعاث رائحة المخدرات من مكمنها بحقيبة السيارة التي كانت في حيازتهما وأن تفتيش السيارة ولو كانت خاصة جائز قانوناً إذا وجدت في الطريق العام، وأن الطاعنين رضيا بالتفتيش إذ سلما مفاتيح السيارة إلى جندي المرور عند طلبها منهما وقد سلمها هذا الأخير إلى معاون البوليس الذي تولى فتح السيارة وضبط المخدرات بها. وهذا الذي ذكره الحكم مردود بأن حالة التلبس لم تكن متوافرة في حق الطاعنين لأنها لا تقوم إلا على مشاهدة رجل الضبط إياها - ولا يكفي أن يتلقى نبأها من الغير، وقد استخلص الحكم ما يفيد أن معاون البوليس الذي تولى فتح مؤخر السيارة وتفتيشها قد أقر في جميع مراحل التحقيق بأنه لم يشتم رائحة المخدر بنفسه إلا بعد أن ساق السيارة والطاعنين من نقطة المرور إلى مخفر البوليس وذلك في أثناء فتحه الحقيبة الخلفية للسيارة، أي بعد إتمام القبض والتفتيش، مع أنه من المسلم به أن التلبس يجب أن يسبق القبض والتفتيش لا أن يأتي ثمرة لهما، ولا يصحح من هذه الإجراءات ما نقل عن جندي المرور من أنه شم رائحة المخدر لأن هذا الشم لا يخلق حالة التلبس بالنسبة إلى ضابط البوليس الذي قام بالقبض والتفتيش، كما أن تفتيش السيارة التي لم يكن قد تخلى عنها صاحبها أو انقطعت صلته بها غير جائز، وقد ثبت أن السيارة كانت إلى حين استيلاء الضابط عليها ما تزال في حيازة الطاعنين - أما عن رضاء الطاعنين بالتفتيش فقد استدل الحكم عليه من أمرين - الأول - أن الطاعن الثاني أقر صراحة في تحقيق النيابة أنه وزميله الطاعن الأول سمحا لضابط البوليس بتفتيش السيارة - والثاني - أن الطاعنين سلما جندي المرور أربعة مفاتيح خاصة بالسيارة أحدها تفتح به حقيبتها الخلفية التي وجد بها المخدر وفي تسليم هذه المفاتيح ما يدل على تمام الرضاء بالتفتيش - وما نسبه الحكم إلى الطاعن الثاني لا مأخذ له من الأوراق، كما أن تسليم المفاتيح كلها لا يفيد بطريق اللزوم العقلي قيام الرضاء الحر وقد ثبت من الأوراق أن رجل البوليس طلب مفاتيح السيارة من الطاعنين فصدعا للأمر خوفاً ورهبة مما يجعل رضاهما مشوباً - هذا إلى أن الحكم لم يستظهر علم الطاعنين بوجود المخدر مخبأ في السيارة فقد قام دفاعهما على أن شخصا معيناً سلم أحدهما مفاتيح السيارة للسفر بها من القاهرة إلى أخميم لتسليمها إلى آخر يساوم على شرائها وتركها لديه إن أعجبته، ودفعا في كافة مراحل الدعوى بجهلهما ما كان مخبأ بالسيارة وقد خلا الحكم من التحدث عن هذا الركن مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه حوالي الساعة الحادية عشرة والثلث من مساء يوم 18 من يوليه سنة 1957 بناحية الحواتكه مركز منفلوط مديرية أسيوط بينما كان شرطي المرور شلقاني فرج علي في فترة عمله الاحتياطي بنقطة مرور الحواتكه إذ رأى السيارة الخاصة 13370 القاهرة يقودها المتهم الأول وبرفقته المتهم الثاني (الطاعنين) تسير في طريقها إلى الجهة القبلية فلما جاوزت مبنى نقطة المرور انعطفت نحو اليمين ثم وقفت على بعد حوالي خمسة عشر متراً منه وآنئذ كان الشرطي عائداً من منزل السيد/ إبراهيم محفوظ حيث كان يزيل ضرورة فلما مر خلف السيارة اشتم فيها رائحة مخدر تنبعث وكان قائدها قد وقف إلى جوارها ومعه المتهم الثاني - وقد رفع الأول غطاء محركها (الموتور) حتى يبرد ورأى الشرطي بعض الأهالي قد تجمعوا حول هذين المتهمين والسيارة وسمعهم يقولون إن بها مخدرات، كما لاحظ الشرطي على المتهمين دلائل الارتباك وإذ ذاك اشتبه في أمرهما وطلب من قائد السيارة مفتاحها فقدمه إليه ثم طلب منه مفتاح الحقيبة (الشنطة) الخلفية فقدم إليه ثلاثة مفاتيح وعندئذ كان معاون بوليس نقطة الحواتكه قد أقبل فأفضى إليه الشرطي بما تقدم وسلمه المفاتيح وسمع المعاون قول الناس الملتفين حول السيارة أن فيها مخدرات فلما لم يجد بداخلها شيئاً ظاهراً اقتادها إلى نقطة البوليس مستصحباً معه الشرطي والمتهمين الأول والثاني وسمح له هذا الأخير أن يفتشها ففتح الحقيبة الخلفية بمفتاح الإدارة (الكونتاكت) بعد أن استعطى عليه فتحها بالمفاتيح الأخرى وآنئذ اشتم رائحة المخدر تنبعث من هذه الحقيبة - ولما فتحها عثر بها على سلة ومعطفين بداخلهما تسع عشر لفافة من الأفيون بلغ وزنها 17.940 كيلو جراماً وثمان وثلاثون لفافة من الحشيش بلغ وزنها 10.550 كيلو جراماً ولقد زعم المتهمان الأول والثاني أنهما موفدان بهذه السيارة من مالكها منير محمد الدسوقي إلى أخميم ليسلماها إلى تاجر يدعى عبد الحميد علي تبين أنه غائب في الحجاز، كما تبين أن منير محمد الدسوقي باع هذه السيارة منذ ثلاثة أسابيع سابقة إلى المتهم الثالث بعقد مصدق عليه في مكتب توثيق الزقازيق ولقد أقر المتهم الثالث واقعة الشراء منكراً كل علاقة له بالمخدرين وذاكراً أنه لم يتسلم السيارة من بائعها بل تركها في حوزته حتى يجد لها مشترياً آخر بثمن أعلى فيقتسم الربح مع بائعها الأصلي - كما أنكر المتهمان الأول والثاني (الطاعنان) علاقتهما بالمخدر وعلمهما بوجوده في السيارة. ورأى وكيل النيابة المحقق أن يستوثق من مدى انبعاث رائحة المخدرين من حقيبة السيارة ومدى قدرة كل من الضابط والشرطي على كشف هذه الرائحة، فقام وكيل النيابة بإجراء معاينة واختبار في حضور المتهمين الأول والثاني ومحاميهما فوضح له أن كلاً من الضابط والشرطي قد استطاع أن يستبين وجود المخدر كلما كان موضوعاً داخل الحقيبة وأن يستبين عدم وجوده كلما كان مستبعداً منها." وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة بالنسبة إلى الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال كل من شرطي المرور ومعاون بوليس نقطة الحواتكة ومنير محمد الدسوقي ومما أسفر عنه الفحص الكيمائي للمادتين المخدرتين ومن التجربة التي أجرتها النيابة العامة. وعرض الحكم إلى دفاع الطاعنين بشأن بطلان القبض والتفتيش ففنده تأسيساً على رضاء الطاعنين بالتفتيش أخذاً من واقعة تسليمهما مفاتيح السيارة طواعية إلى الشرطي والضابط وعدم اقتصارهما على تسليم مفتاح الإدارة وحده بل تسليمهما الثلاثة المفاتيح الأخرى والتفت الحكم عما ذهب إليه الطاعنان من أنهما سلما الشرطي مفتاح السيارة لمجرد توكيد ركوبه معهما إلى أسيوط ودحضه بأمرين - الأول - أن الشرطي قد أنكر ما عزى إليه من طلب الركوب إلى أسيوط ويؤيده في ذلك أنه كان وقتئذ في عمله كجندي احتياطي في نقطة المرور وكانت الساعة آنئذ حوالي الحادية عشرة والنصف وكان لزاماً عليه أن يبقى في نقطة الحواتكة حتى نهاية فترة العمل أي حتى الثانية من صباح اليوم التالي فما كان له أن يبرحها إلى أسيوط والأمر الثاني أنه لو فرض جدلاً أن تسليم المفتاح إليه كان بقصد ضمان ركوبه السيارة لأنه مفتاح الإدارة (الكونتاكت) ففيم إذن كان تسليم المفاتيح الثلاثة الأخرى إلا أن يكون ذلك هو الرضاء الصريح بالتفتيش. كما استند الحكم إلى أن تبليغ الشرطي الضابط أمر انبعاث رائحة المخدر من السيارة والتفاف الناس حولها ورؤية الشرطي والضابط لهم وسماعهما إياهم وهم يرددون القول بأن فيها مخدرات وهذا القول الذي أيد صدوره المتهم الأول (الطاعن الأول) في أقواله أمام النيابة، ثم رؤية الضابط لهذين المتهمين (الطاعنين) في حالة ارتباك ظاهر - كل ذلك كان بلا ريب لإبراز حالة تلبس ظاهرة بنفسها - فقد كان المتهمان الأول والثاني (الطاعنان) متبوعين بصياح القوم ورائحة المخدر منبعثة من صندوق السيارة نحو حاسة الشم من هؤلاء القوم فضلاً عن شرطي المرور - والمتهمان فوق هذا كله في حالة ارتباك ظاهرة - ثم عرض الحكم إلى دفاع الطاعنين الموضوعي في قوله: "وحيث إنه عن الموضوع فقد استبان مما سلف بيانه من أقوال شرطي المرور شلقاني فرج علي ومعاون بوليس نقطة الحواتكة اليوزباشي علي أحمد علي ومن ضبط المخدرين في صندوق مغلق - هو الحقيبة الخلفية للسيارة التي كانت وما تحتويه في حوزة المتهمين الأول والثاني (الطاعنين) ومعهما مفاتيحها - أن هذين المتهمين هما المحرزان للمخدر - ولم يستطيعا نفي ذلك ولا هما جرحا أقوال الشاهدين بشيء" وخلص الحكم من ذلك إلى إدانة الطاعنين بحيازة الجواهر المخدرة المضبوطة بقصد الإتجار - لما كان ذلك، وكان التلبس هو وصف يلازم الجريمة ذاتها بغض النظر عن شخص مرتكبها ولا يلزم لكشف هذه الحالة أن تكون الرؤية بذاتها هي وسيلة هذا الكشف، بل يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة - تستوي في ذلك حاسة البصر أو السمع أو الشم متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاًًًًً، وليس في القانون ما يمنع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى من الاستدلال بحالة التلبس بناءً على ما استخلصته من أقوال الشهود من شم رائحة المخدر منبعثة من السيارة التي في حوزة الطاعنين وتجمع العامة حولهما مع صياحهم بأن بالسيارة مخدرات وشم شرطي المرور هذه الرائحة بنفسه وإنهاء أمرها إلى الضابط الذي تحقق بنفسه من قيام حالة التلبس بالجريمة عن طريق متابعة العامة للطاعنين بالصياح ورؤيته إياهما على تلك الحال وهو ما تتوافر به حالة التلبس كما هي معرفة به قانوناً. ولما كان الرضاء بالتفتيش يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه فإن التفتيش يكون صحيحاً مشروعا، ويكون الحكم إذ اعتبره كذلك ودان الطاعنين استناداً إلى الدليل المستمد منه بناءً على ما أورده من عناصر سائغة لم يخالف القانون في شيء، وليس مما يطعن عليه أن يكون قد أخطأ في الإسناد حين ذكر أن الطاعن الثاني قد أقر في تحقيقات النيابة بأنه سمح هو وزميله الطاعن الأول للضابط بتفتيش السيارة ذلك أن الخطأ في سرد هذه الواقعة بفرض حصوله لم يكن له أثر في منطق الحكم حين استنتج هذا الرضاء من عناصر تنتجه ويستقيم معها بصرف النظر عن هذه الواقعة، وكان لا يعيب الحكم بعد أن استوفى دليله بما أورده من اعتبارات صحيحة تكفي لحمل قضائه برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش أن يتزيد فيخطئ في ذكر بعض اعتبارات قانونية لم يكن لها شأن فيه كقوله: "بأن المشرع لم يحظر تفتيش السيارة في الطريق حتى ولو كانت سيارة خاصة لأنها ليست مسكناً فليس لها حرمة المساكن التي فرض لها حصانة لا يصح التوسع فيها ولا القياس عليها" - ذلك أن هذا القول على إطلاقه غير صحيح قانوناً لأنه لا يجوز تفتيش السيارات الخاصة بالطرق العامة بغير إذن من سلطة التحقيق وفي غير أحوال التلبس إلا إذا كانت خالية وكان ظاهر الحال يشير إلى تخلي صاحبها عنها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنان على الحكم إغفاله التحدث عن ركن العلم بحقيقة المواد المخدرة المضبوطة مردوداً بأن الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة المواد المخدرة بقصد الإتجار التي دان الطاعنين بها واستظهر ركن العلم مما ساقه من أدلة تؤدي إلى قيامه في حقهما بما لا يلزم من بعد ذلك التحدث عنه استقلالاً اكتفاءً بما تكشف عنه الحكم من توافر هذا الركن لدى الطاعنين. لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعنان في طعنهما لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الخميس، 30 أبريل 2020

الطعن 1485 لسنة 29 ق جلسة 8/ 2/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 30 ص 148

جلسة 8 من فبراير سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
------------
(30)
الطعن رقم 1485 لسنة 29 القضائية
(أ، ب) استدلال. ندب مأموري الضبط القضائي للتحقيق. تحديد نطاق الندب ومداه:
الرجوع في ذلك إلى المادة 200 لا المادة 70 من قانون الإجراءات الجنائية. أثر ذلك:
سلطة النيابة في تفويض الضابط المأذون بندب آخر لتنفيذ إذن التفتيش تفتيش الأنثى. متى يشترط أن يكون بمعرفة أخرى؟
عند وقوع التفتيش على عورة من عورات المرأة. اليد ليست منها.
-------------------
1 - نصت المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية - وقد وردت في الباب الرابع وعنوانه "في التحقيق بمعرفة النيابة العامة" على أنه "فيما عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لنص المادة (64) تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق مع مراعاة ما هو منصوص عليه في المواد التالية"، كما نصت المادة (200) على أن "لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من خصائصه" ولم ترد في هذا الباب أية إشارة إلى المادة (70) من قانون الإجراءات الجنائية - فدل الشارع بذلك على أن المادة (200) هي الأساس التي يرجع إليها وحدها في تحديد نطاق الندب من جانب النيابة ومداه - وقد جاء هذا النص خالياً من أي قيد، وتقدير كل ما يتعلق بالندب متروك للجهة الآمرة به.
2 - مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست، فلا يكون ضابط البوليس قد خالف القانون إن هو أمسك بيد المتهمة وأخذ العلبة التي كانت بها.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: أحرزت حشيشاً وأفيوناً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمادتين 33/ 1 - جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 والجدول رقم 1 المرافق. فقررت بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهمة ببطلان إذن التفتيش والمحكمة قضت حضورياً - عملاً بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 والجدول 1 - بمعاقبة الطاعنة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها مبلغ خمسمائة جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة، وقالت في أسباب حكمها إن الدفع في غير محله، فطعنت المتهمة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق يقوم به قاضي التحقيق بتفويض من الشارع، وأن النيابة العامة وإن حلت محل قاضي التحقيق في إجرائه - فإنما تتولاه في حدود ما أورده القانون من نصوص، وأن المادة (70) من قانون الإجراءات الجنائية التي وضعت لتنظيم الندب بمعرفة قاضي التحقيق قد أجازت فقط للقاضي المندوب من قاضي التحقيق في حالة اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق خارج دائرة اختصاصه أن يندب عند الضرورة أحد أعضاء النيابة أو أحد مأموري الضبط القضائي بإجراء عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم، ولم يرد مثل هذا النص في شأن سلطات النيابة عند قيامها بالتحقيق بنفسها، مما مفاده أن الضابط القضائي المندوب من النيابة لا يملك أن يندب غيره في إجراء كل أو بعض ما ندب له، ولو صرح له بذلك في إذن التفتيش ذاته لمخالفة ذلك للقانون، لهذا دفعت الطاعنة ببطلان التفتيش لحصوله بمعرفة ضابط غير الضابط الذي ندب أصلاً لإجرائه، كما دفعت بالبطلان لإجراء التفتيش بمعرفة الضابط نفسه دون الاستعانة في ذلك بأنثى، إذ جاءت أقوال الضابط صريحة في أن الطاعنة كانت تضع يدها وهي مطبقة على فخذها فإمساكه يدها ومحاولته فتحها بالقوة يقتضي بالضرورة أن يمس مواضع من جسم الطاعنة يعتبر من العورات التي تخدش حياءها إذا مست، وأن الحكم رفض هذا وذاك لأسباب غير صحيحة في القانون، وليس يقلل من قوة هذا الدفع الأخير أن تكون هناك مواد مخدرة قد ضبطت في غرفة الفرن لأن الحكم لم يعرض لهذه الواقعة ولم يبين وجهة نظره فيها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن الصاغ السيد علي مصطفى وكيل مكتب مكافحة المواد المخدرة بالمنصورة حرر في 7 أكتوبر سنة 1957 محضراً أثبت فيه أنه وصل إلى علمه من التحريات السرية الدقيقة أن محمود رمضان قرامة من بندر السنبلاوين يتجر بالمخدرات ويقوم بتوزيعها في منزله بشارع القماشين بالبندر وأن أخته المتهمة تفيده رمضان قرامه (الطاعنة) تساعده في الإتجار في المخدرات وتوزعها في منزلها المجاور لمنزله، وقد عرض هذا المحضر على النيابة ففتحت في اليوم نفسه تحقيقاً سألت فيه الصاغ فقرر بما جاء في محضر تحرياته ثم ندبت البكباشي حسن أحمد أحمد رئيس مكتب مخدرات المنصورة أو من يندبه من رجال الضبط القضائي لضبط وتفتيش المتهمة وأخيها وتفتيش منزلهما، وفي الساعة 5 من صباح اليوم التالي - 8 من أكتوبر سنة 1957 ندب رئيس المكتب الصاغ السيد علي مصطفى وكيل المكتب لتفتيش المتهمة وتفتيش منزلها، وفي الساعة 7.30 من صباح هذا اليوم حرر رئيس المكتب محضر ضبط أثبت فيه أنه قام مع وكيل المكتب في الساعة 5.20 صباحاً وتوجه هو لتفتيش منزل محمود رمضان قرامة، كما توجه وكيل المكتب لتفتيش منزل المتهمة تفيده رمضان قرامة، ولم يجد رئيس المكتب مواد مخدرة بمنزل الأول، ثم توجه إلى منزل المتهمة فوجد أن وكيل المكتب قد قارب الانتهاء من تفتيشه وعرض عليه علبة صفيح "بروكلاكس" مملوءة بكرات أفيون مختلفة الأحجام قرر أنه ضبطها في يد المتهمة أثناء جلوسها أمام منزلها من الخارج، كما عرض عليه لفافة سلوفان بها لفافتان من نفس النوع بإحداها ثلاث لفافات حشيش وبالأخرى قطعة من الحشيش، وقرر أن المتهمة أخرجتها من ياقة جلبابها وألقتها على الأرض وعرض عليه كمية من ورق السلوفان قرر أنه وجدها على أريكة خشبية بحجرة نوم المتهمة"، واستند الحكم في إدانة الطاعنة إلى أقوال الصاغ السيد علي مصطفى والكونستابل السيد عطية والمخبر عبد اللطيف الشربيني وإلى ما أسفرت عنه المعاينة وما ظهر من تقرير التحليل، ثم عرض للدفع الأول ورد عليه في قوله "وبما أنه لا محل أيضاً لما ذهب إليه الدفاع من بطلان إذن التفتيش بمقولة عدم جواز الترخيص للمندوب بإجرائه بندب آخر، وذلك أن النيابة بوصفها سلطة تحقيق تباشر تحقيق الجنايات والجنح طبقاً للمادة (199) من قانون الإجراءات الجنائية لها أن تقوم بإجراءات التحقيق المخوّل لقاضي التحقيق في المادة (70) من هذا القانون ولها بالتالي أن تكلف أحد مأموري الضبط القضائي القيام بأي عمل من أعمال التحقيق لتفتيش المنازل، ولم يرد في نص هاتين المادتين أو غيرهما ما يحظر على وكيل النيابة الترخيص لمن كلفه القيام بهذا العمل بندب آخر لإجرائه". كما رد على الدفع الآخر فقال "وبما أنه لا محل كذلك لما ذهب إليه الدفاع من بطلان ضبط علبة الأفيون وهي في يد المتهمة بمقولة إنه كان يتعين أن تقوم بهذا الإجراء إحدى النساء، لا محل لهذا الدفع إذ أن العلبة ضبطت في يد المتهمة دون أن يمس وكيل المكتب أي جزء آخر من جسمها، وظاهر من الوقائع السابقة أن وكيل المكتب لم يفتش المتهمة على أية صورة بل ضبط العلبة في يدها وهي من الأطراف التي لا يخدش الإمساك بها حياء المرأة" لما كان ذلك، وكانت المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية وقد وردت في الباب الرابع - في التحقيق بمعرفة النيابة - قد نصت على أنه "فيما عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لنص المادة (64) تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق مع مراعاة ما هو منصوص عليه في المواد التالية"، كما نصت المادة (200) على أن "لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من خصائصه" ولم ترد في هذا الباب أية إشارة إلى المادة (70) من قانون الإجراءات فدل الشارع بذلك على أن المادة (200) هي الأساس التي يرجع إليها وحدها في تحديد نطاق الندب من جانب النيابة ومداه، وقد جاء هذا النص خالياً من أي قيد، وتقدير كل ما يتعلق بالندب متروك للجهة الآمرة به. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن وكيل النيابة المحقق أصدر إذناً لرئيس مكتب المخدرات أو من يندبه من رجال الضبط القضائي بإجراء التفتيش وكان إصدار هذا الإذن ملاحظاً فيه - ممن أصدره - أن التفتيش يتناول أكثر من منزل في وقت واحد، وأثبت الضابط في محضره أنه انتقل لتفتيش منزل المتهم محمود رمضان قرامة وأنه كلف الصاغ السيد علي مصطفى وكيل المكتب بتفتيش منزل الطاعنة، فهذا التكليف من جانبه يعد ندباً له لإجراء التفتيش في حدود الإذن الصادر من النيابة ويكون التفتيش الذي أجراه صحيحاً. لما كان ذلك، وكان مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الإطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست ومن ثم فإن ضابط البوليس لا يكون قد خالف القانون إن هو أمسك بيد المتهمة وأخذ العلبة التي كانت بها، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنة عن هذه الوقائع جميعها بجريمة إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي فلا جدوى لها في الطعن على الحكم في صدد قصوره في التسبيب بشأن جانب من المواد المخدرة هي تلك التي عثر عليها في حجرة الفرن ما دامت أسباب الحكم وافية ولا قصور فيها بالنسبة للوقائع الأخرى، لما كان ذلك فإن الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 (1)المبدأ ذاته في الطعن 1873 لسنة 29 ق (جلسة 9/ 5/ 1960).

الطعن 1483 لسنة 30 ق جلسة 26 / 12/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 187 ص 959


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي؛ وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود إسماعيل المستشارين.
------------------
(187)
الطعن رقم 1483 سنة 30 القضائية

مواد مخدرة. قانون أصلح. نقض.
مجال تطبيق نص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960: عند عدم استظهار الحكم قصداً خاصاً لدى المتهم من إحراز المخدر.
الخروج عن مبدأ التقيد بأسباب الطعن:
وجوب نقض الحكم عند صدور قانون أصلح. مثال في القانون رقم 182 لسنة 1960.

-------------------
[(1)] المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى - فإذا كان الحكم لم يستظهر قصداً خاصاً لدى الطاعن من إحرازه المخدر، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 هو القانون الأصلح للمتهم بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف، وهو الواجب التطبيق عملاً بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين نقض الحكم نقضاً جزئياً وتطبيق المادتين 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في خصوص العقوبة المقيدة للحرية.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جوهراً مخدراً "أفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرفق فقررت بذلك، وأمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفع قائلة بأنه لا أساس له. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
... وحيث إن مبنى وجهي الطعن هو الإخلال بحق الدفاع بالإضافة إلى القصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن أنكر حيازة المخدر المضبوط، ودفع بأن جيب الجلباب الذي قيل أنه كان يضعه فيه لا يتسع له، وطلب تحقيقاً لدفاعه معاينة الجلباب وبيان مدى اتساع جيبه، إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه ولم يتناول حكمها بحث هذا الدفاع أو مناقشته والرد عليه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن قد اقتصر على إنكار الواقعة وتكذيب شاهدي الإثبات بمقولة أنهما لم يشما رائحة المخدر الذي شهدا بأنهما قد شما رائحته وذلك لعدم العثور في جيب الجلباب الذي قيل بأن المخدر كان به أي أثر لمخدر، وقد سألت المحكمة المتهم عن نوع الجلباب الذي كان يرتديه، وأثبتت أن له جيباً كبيراً وموضوع به لفة كبيرة من القماش، ولم يعلق الدفاع على هذا التحقيق الذي أجرته المحكمة بشيء، ولم يطلب إليها طلباً خاصاً بالحرز الذي أودعت به الجلباب المضبوطة، ولا يجوز له بعد ذلك النعي على المحكمة أنها لم تحقق دفاعاً لم يبده للمحكمة في عبارة صريحة حتى تكون المحكمة مطالبة بأن تتصدى لإجابته والرد عليه. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الحكم المطعون فيه لم يستظهر قصداً خاصاً لدى الطاعن من إحرازه المخدرات، ولما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى، ولما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 هو القانون الأصلح للمتهم بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف وهو الواجب التطبيق عملاً بالمادة 5 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم نقضاً جزئياً وتطبيق المادتين 37 و38 من القانون رقم 182 لسنة 1960. في خصوص العقوبة المقيدة للحرية ومعاقبته بالسجن لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى العقوبتين الأخريين المقضى بهما.


[(1)] المبدأ ذاته في الطعون 1206/ 30 ق - (جلسة 17/ 10/ 1960)، 1295/ 30 ق - (جلسة 15/ 11/ 1960)، 1398/ 30 ق - (جلسة 5/ 12/ 1960)، 1486/ 30 ق - (جلسة 26/ 12/ 1960)، 1587/ 30 ق - (جلسة 16/ 1/ 1961).

الطعن 2032 لسنة 29 ق جلسة 4 / 1/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 2 ص 11

جلسة 4 من يناير سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
----------------
(2)
الطعن رقم 2032 لسنة 29 القضائية
(أ) استدلال.
سلطة مأمور الضبط القضائي في ضبط الشيء المستعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها أو ما وقعت عليه الجريمة وما يفيد في كشف الحقيقة. قيودها وجود الشيء في محل يجوز لمأمور الضبط القضائي دخوله. مثال.
(ب) إثبات. محكمة الموضوع.
قواعد تحريز المضبوطات. ما لا يرتب البطلان. مخالفة القواعد التنظيمية. مثال.
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ به عند الاطمئنان إلى سلامته رغم مخالفة إجراءات التحريز.
(ج) خبير. رأيه.
سلطة محكمة الموضوع في الجزم بما رجحه الطبيب الشرعي اعتماداً على وقائع الدعوى.
---------------
1 - التفتيش الذي يحرمه القانون على مأمور الضبط القضائي هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المنازل، أما ضبط الأشياء التي يحتمل أن تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة، أو نتجت عن ارتكابها، أو ما وقعت عليه الجريمة، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، فإنه مما يدخل في اختصاص هؤلاء المأمورين - طبقاً للمادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية - بشرط أن تكون هذه الأشياء موجودة في محل يجوز لمأموري الضبط القضائي دخوله - فإذا كان مأمور الضبط القضائي الذي ضبط قطعة القماش في مكتب المتهم مأذوناً بضبطه وإحضاره، فإنه إذا شاهد هذه القطعة التي وصل إليه نبأ استعمالها في ارتكاب الحادث من المجني عليه وقام بضبطها بإرشاده بغية كشف الحقيقة، لا يكون قد خالف القانون.
2 - القانون حين أوجب المبادرة إلى وضع المضبوطات في أحراز مغلقة إنما قصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل لعدم توهين قوته في الإثبات، ولكن لم يرتب على مجرد الإهمال في ذلك أي بطلان، فالأمر مرجعه إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا الدليل كغيره من عناصر الدعوى.
3 - لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره، متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: هتك عرض الصبيين...... و..... التلميذين بمدرسة ..... واللذين لم يبلغ سن كل منهما ثمانية عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد، وذلك بأن أولج قضيبه في دبر الأول ووضع أصبعه بدبر الثاني من الخارج حالة كونه من المتولين تربيتهما وملاحظتهما وممن له سلطة عليهما (ناظر المدرسة)، وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 267 و269/ 1 و3 من قانون العقوبات فقررت، بذلك، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن الوارد بتقرير الأسباب المقدم في 15 من فبراير سنة 1959 هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على بطلان لعدم إيداعه قلم الكتاب مختوماً في ظرف ثمانية أيام من تاريخ النطق به طبقاً لما تضمنته الشهادة الصادرة من قلم الكتاب المختص.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن هذا السبب وحده لا يكفي لنقض الحكم، ذلك لأن الشارع في المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية إنما يوصي فقط بالتوقيع على الحكم في خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره، ولم يرتب البطلان على عدم مراعاته وكل ما رتبه الشارع من أثر على عدم التوقيع على الحكم في هذا الميعاد هو أن يكون للمحكوم عليه إذا حصل من قلم الكتاب على شهادة بعدم وجود الحكم في الميعاد المذكور أن يقرر بالطعن ويقدم أسبابه في ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانه بإيداعه قلم الكتاب، وذلك طبقاً للمادة 426 من قانون الإجراءات الجنائية التي كانت سارية وقت التقرير بالنقض قبل إلغائها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الطعن الوارد بتقرير الأسباب المقدم في 24 من فبراير سنة 1959 هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في البيان وتناقض في الأسباب وفساد في الاستدلال، ذلك أنه دان الطاعن استناداً إلى شهادة الشهود والتقرير الطبي الشرعي وإلى العثور على مواد منوية في قطعة من القماش وفي سروال المجني عليه الأول، في حين أن أقوال الشاهدين......... جاءت متناقضة ومتعارضة ولا تتفق مع المنطق أو المعقول، وغفلت النيابة العامة وقت التحقيق عن هذا التناقض الواضح في شهادتهما فلم تواجههما مما يعيب تحقيقها، وقد أثار الطاعن ذلك في دفاعه ولكن الحكم لم يعن بالرد عليه، كما أن شهادة....... سماعية نقلاً عن الشاهد الأول وكذبه فيها الشاهد الثاني، أما اعتماد الحكم على التقرير الطبي الشرعي فغير سديد لأنه نفى العنف والقوة التي قال بها الشاهد وأثبت أنه متكرر الاستعمال من مدة لا يمكن تحديدها مما لا يمكن معه الاستناد إليه في نسبة الجريمة إلى الطاعن، كما أنه لا يسوغ الاستناد إلى ما عثر بسروال الشاهد من حيوانات منوية لأنه لم يكن متحفظاً عليه حتى يصح نسبتها إلى فعل الطاعن، وكذلك الحال بالنسبة إلى ما وجد بقطعة القماش من حيوانات منوية، فقد جاء ضبطها باطلاً وتمسك الطاعن بهذا البطلان، فكان يتعين استبعاد الدليل المستمد منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما والشاهد...... ومن تقرير الطبيب الشرعي وتقرير المعامل الكيماوية، وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ولما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها من عناصر الإثبات المطروحة أمامها وأن تعول في ذلك على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود بما في ذلك الأقوال المنقولة عن شهود آخرين طالما اطمأنت إلى صدورها عمن نقلت عنه، إذ أن تقدير قيمة الشهادة ومبلغ قوتها في الإثبات من شأن محكمة الموضوع وحدها، وكان الحكم قد أحاط بواقعة الدعوى وبأدلتها واستخلص الإدانة من أقوال الشهود بما لا تناقض فيه، وكان ما ينعاه الطاعن على تحقيق النيابة العامة من عدم مواجهتها الشهود في نقطة الخلاف التي أثارها في طعنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وكان ما يثيره الطاعن من منازعته في نسبة جريمة هتك عرض المجني عليه الأول إليه استناداً إلى ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي من أن المجني عليه المذكور متكرر الاستعمال من مدة يتعذر تحديدها بالضبط مردود بأن التقرير المذكور - كما نقله الحكم - صرح باحتمال اتفاق هذه الحالة والتواريخ التي وردت بأقوال ذلك المجني عليه، وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها كما هي الحال في واقعة الدعوى المطروحة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أنه لم يصل أي عبث إلى سروال المجني عليه الأول المضبوط في التحقيقات، فكل ما يثيره الطاعن في صدد عدم التحفظ على هذا الحرز لا يكون له وجه، ذلك أن القانون حين أوجب المبادرة إلى وضع المضبوطات في أحراز مغلقة إنما قصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل توهين قوته في الإثبات، ولكن لم يرتب على مجرد الإهمال في ذلك أي بطلان، فالأمر مرجعه إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا الدليل كغيره من عناصر الدعوى، وكان للمحكمة أن تعتمد على الدليل المستمد من تحليل ما وجد بسروال المجني عليه الأول وبقطعة القماش التي ضبطت بمكان الحادث، وكان الحكم قد ردّ على الدفع ببطلان ضبط قطعة القماش فقال "وحيث إن الثابت من الأوراق في هذا الخصوص أن المحقق كلف ضابط المباحث الملازم إسماعيل عبد الرؤوف حتاتة بإحضار المتهم (الطاعن) بإرشاد الغلام المجني عليه الأول فانتقل الضابط لتنفيذ أمر الضبط والإحضار حيث وجد الناظر المتهم في مكتبه، وكانت قطعة القماش التي ورد ذكرها على لسان المجني عليه في أقواله الشفوية للضابط موضوعة فوق صندوق الطباشير وهي على هذا الوضع كانت ظاهرة، وقد أشار إليها المجني عليه باعتبارها إحدى الأدلة المثبتة للجريمة موضوع التحقيق فكان من واجب الضابط ضبطها، ومن ثم فإنه لم يكن في الأمر تفتيش مسكن أو مكان خاص على أي صورة من الصور ويكون الدفع على غير أساس متعين الرفض". لما كان ذلك، وكان التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المنازل، أما ضبط الأشياء التي يحتمل أن تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة أو نتجت عن ارتكابها أو ما وقعت عليه الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة فإنه مما يدخل في اختصاص هؤلاء المأمورين طبقاً للمادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية بشرط أن تكون هذه الأشياء موجودة في محل يجوز لمأموري الضبط القضائي دخوله، ولما كان مأمور الضبط القضائي الذي ضبط قطعة القماش في مكتب الطاعن مأذوناً بضبطه وإحضاره فإنه إذا شاهد هذه القطعة التي وصل إليه نبأ استعمالها في ارتكاب الحادث من المجني عليه وقام بضبطها بإرشاده بغية كشف الحقيقة، فلا يكون قد خالف القانون، لما كان ما تقدم فإن الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.