الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 يوليو 2018

الطعن 19551 لسنة 64 ق جلسة 6 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 102 ص 677

جلسة 6 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(102)
الطعن رقم 19551 لسنة 64 القضائية

 (1)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.
مثال لتسبيب سائغ لرفض طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في جريمة قتل عمد.
 (2)إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الإعراض عن طلب الدفاع. متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. شرطه: بيان العلة.
طلب المعاينة المقصود منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
مثال لتسبيب سائغ للرد على طلب إجراء معاينة في جريمة قتل عمد.
 (3)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته. ماهيته؟
مثال.
 (4)إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه" "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش والاعتراف في جريمة قتل عمد.
(5)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
 (6)إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. لها الأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون بيان العلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
 (8)إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(9) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال.
 (10)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة" "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بتلفيق التهمة وبشيوعها.
 (11)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
 (12)قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
 (13)إعدام. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "إصداره".
وجوب أخذ رأي المفتي قبل الحكم بالإعدام. لا يجعل رأيه دليلاً في الدعوى مما يجب عرضه على الخصوم.
عدم تقيد المحكمة برأي المفتي ولا يجب عليها انتظاره ما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه. أساس ذلك؟
 (14)نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وضوح وجه الطعن وتحديده. شرط لقبوله.
مثال.
 (15)نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها.
 (16)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

---------------
1 - من المقرر أن الأصل أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل - فيما يوجه إليه من اعتراضات - وأنها لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكان الثابت أن الحكم عرض لطلب المدافع عن الطاعن دعوة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح جثث المجني عليهم الثلاثة ورد عليه في قوله "إن طلب الدفاع استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته مردود بما هو ثابت من مطالعة تقارير الصفة التشريحية وما دون بها وقد بلغ حد الكفاية ووفرت القناعة لقيامها على أسس فنية سائغة ومقدمات تتفق والنتائج التي خلصت إليها تلك التقارير يضاف إلى ذلك أن المحكمة بهيئة مغايرة استدعت مدير عام منطقة الطب الشرعي لشرق الدلتا الدكتور/ .... تمكيناً للدفاع من إجراء المناقشة التي طلبها إلا أن الدفاع لم يستكمل مناقشته وعاد إلى التمسك باستدعاء الطبيب الذي أجرى التشريح رغم ما قرره في تلك الجلسة مدير عام الطب الشرعي المذكور من أن الطبيب الذي أجرى التشريح متواجد بالأراضي السعودية وأنه ترك العمل بالمصلحة كما حوت الأوراق إفادات تحمل ذات المعنى رغم التأجيل عديد من الجلسات استغرقت خمس سنوات منذ وقوع الحادث في محاولات من الهيئات المتعاقبة على المحكمة لإجابة هذا الطلب ولكن تعذر تحقيقه لما سلف بيانه وأنه وإن كان من المقرر وفقاً للمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأصل في المحاكمات أنها تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في مواجهة المتهم بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأي سبب من الأسباب وهو الواقع الحاصل في هذه الدعوى حسب الإيضاح المتقدم" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح جثث المجني عليهم وثبت وجوده بالسعودية وتركه العمل بالمصلحة حسبما شهد بذلك مدير عام الطب الشرعي لمنطقة شرق الدلتا بجلسة.... على خلاف ما ذهب إليه الطاعن فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله.
2 - لما كان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الحادث للوقوف على استحالة حدوث الواقعة كما صورها الشهود وأطرحه في قوله "أن طلب الدفاع القائم على انتقال المحكمة لإجراء معاينة لمكان الحادث ترى أنه لا محل له بعد أن اطمأن وجدانها إلى ارتكاب المتهم لجنايات القتل المقترنة والشروع فيه التي سجلتها أوراق الدعوى واستمدت هذا الاطمئنان من أدلة الثبوت التي عولت عليها كما أن المعاينة المرسومة التي قدمها الدفاع بجلسة المرافعة اطلعت عليها المحكمة وحصلت منها ماديات ومعاني أما مادياتها فتشير إلى أن الأحداث بدأت بمنزل.... وتحققت أولى نتائجه بمنزل.... الذي يقع على يمين المنزل الأول وشهد مصرع المجني عليهما.... بداخله و.... قبالته وأن منزل.... مؤلف من طابقين وله نوافذ في كل الطابقين وأنه يمكن بالنظر من هذه النوافذ مشاهدة ما يدور بالخلاء الواقع بين المنزلين ودلالته صدق رواية الشاهد.... من مشاهدته المتهم يتعقب المجني عليه الأول إلى داخل منزل.... المجاور ويطلق عليه النار وما قرره أيضاً من مشاهدته للمجني عليه الثاني من نافذة الطابق الثاني لمنزله وهو منكفئاً على وجهه أمام بيت.... واستخلصت المحكمة أيضاً من ماديات هذه المعاينة أن منزل.... يليه مسجد ثم يقع منزل المرحوم.... الذي شهد مصرع زوجته... في شرفته على يد المتهم والمسافة بين منزلي....،.... خمسمائة متر حسبما صورت هذه - المعاينة ودلالته في يقين المحكمة أنها مسافة ليست ببعيدة على المتهم أن يقطعها وهو شاب لم يتجاوز عمره تسعة وعشرين عاماً يوم الحادث فضلاً عن رغبة جازمة وآثمة تملكته للثأر والانتقام تهون في سبيل تحقيقها المسافات وإن طالت والأماكن وإن بعدت وهو ما يسري أيضاً على منزل المجني عليه.... هذا فضلاً عن أن الواقع الذي حصلته المحكمة فهما من هذه المعاينة أن منازل المجني عليهم جميعاً تقع على طريق واحد تنعدم فيه أية موانع للرؤية، ومن ثم فإن المحكمة تقنع بهذه المعاينة وقد وثقت أدلة الثبوت التي ارتاح إليها وجدانها من قبل ومن ثم ترفض هذا الطلب بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى بما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق ويصبح هذا الطلب بعد ذلك ليس فيه إلا إثارة للشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها هذه المحكمة طبقاً للتصور الذي أخذت به خاصة وأن هذا الطلب وفقاً لما تم تحصيله من المعاينة المرسومة المقدمة من الدفاع لن يؤدي إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصولها وفق رواية شهود الإثبات" لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح طلب إجراء المعاينة دون أن يوصم الحكم المطعون فيه بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع، فضلاً عن أن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ولما كان البين من محضر جلسة.... التي تمت فيها المرافعة واختتمت بإصدار المحكمة قرارها حضورياً وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة للنطق بالحكم - الذي صدر فيها فعلاً، وأن المدافع عن الطاعن وإن استهل مرافعته بطلب ضم جناية قتل قضى فيها ببراءة والده منها، إلا أنه أتم مرافعته في الدعوى دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب ولم تجبه أو ترد عليه ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الطلب ورد عليه بقوله "أن طلب الدفاع المؤسس على ضم الجناية السالف الإشارة إلى رقمها فإن الدفاع لم يبين أسانيد هذا الطلب ومبرراته وترك بيان أن العلاقة بين الجنايتين المطلوب ضمها والمطروحة في طي الكتمان ومن ثم فإن المحكمة وقد سكت الدفاع عن بيان ذلك حتى يبيح لها إعمال سلطتها التقديرية لتقدير أهمية الطلب وجدواه فإنها تلتفت عنه عملاً بما هو مقرر من أن الواقعة إن كانت قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق فإنه لا تثريب عليها إن هي أعرضت عن دفاع المتهم القائم على طلب المعاينة أو ضم مستندات بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من الحقيقة" وهو رد كاف وسائغ في رفض طلب الطاعن ضم القضية التي أرشد عنها ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد.
4 - لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض عليه وبطلان الدليل المستمد من تفتيش مسكنه لإجرائه دون إذن من النيابة العامة وببطلان الاعتراف المنسوب إليه بمحضر الضبط لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وأطرحه في قوله "وأما عن الدفع ببطلان القبض على المتهم وبطلان تفتيشه وبطلان اعترافه في محضر الضبط فكلها دفوع تحوي من الأخطاء بقدر ما تحوي عباراتها من حروف وألفاظ ذلك أن القبض على المتهم قد تم نفاذاً لأمر صادر من سلطة التحقيق على ما يبين من تحقيقات النيابة المؤرخة.... الساعة الثانية وخمسة وثلاثون دقيقة مساءً وإرشاد المتهم عن السلاح والذخيرة المضبوطين حسب الثابت بهذا التحقيق يتحقق به معنى الرضا بالتفتيش ويوفر له المشروعية واعتراف المتهم بارتكاب الحادث أثبتته النيابة بهذا التحقيق أيضاً فضلاً عن محضر الضبط وقد اطمأنت المحكمة إلى هذا الإقرار ووثقت به وأوردته ضمن أدلة الثبوت التي عولت عليها في الحكم بالإدانة وذلك من السلطات المخولة لها وحقوقها المقررة وهي تؤدي وظيفة القضاء إذ لها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة أو في تحقيق إداري لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه اطمئناناً منها إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدلت عنه بعد ذلك" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف رداً على ما أثاره الطاعن له أصله الثابت في الأوراق - ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان تفتيش مسكنه وبطلان إقراره بمحضر الضبط للأسباب التي حددها، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي ترها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه - في أقواله - أو مع أقوال غيره من الشهود لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
7 - لما كانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة وإلى صدورها منهم وحصلتها كما هي في الأوراق وبلا تناقض فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
9 - لما كان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان الحكم قد اعتمد فيما استخلصه من حمل الطاعن سلاحين ناريين على أقوال.... التي شهدت بأن الطاعن كان يحمل سلاحين ناريين وما ورد بتقرير فض المضبوطات من أن فوارغ الطلقات التي عثرت عليها النيابة بجوار جثث المجني عليهم بعضها أطلق من الطبنجة المضبوطة والبعض الآخر لم يطلب منها، بما لا تناقض فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على أقوال الشهود - مع أنه لم يعول في هذا الشأن إلا على أقوال.... دون سواها، ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.
10 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشيوع التهمة وبتلفيق الاتهام وبعدم صحة تصوير الواقعة كما رواها الشهود في قوله "وحيث إن المحكمة وقد خلصت من مناقشة طلبات الدفاع فإنها تنتقل إلى المرافعة وما أبدي فيها من أوجه دفاع باستعراضها يبين بجلاء أنها تدور حول ما يمكن اعتباره دفعاً بتلفيق التهمة أو دفعاً بشيوع الاتهام أو تجريحاً لأقوال شهود الإثبات ويكفي للرد عليه سواء في خصوصية التلفيق أو الشيوع القول بأنها تعد من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع مع المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، كما أن دفاع التجريح الذي استهدف أقوال شهود الإثبات يرد عليه بأن المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومن المقرر أيضاً أن المحكمة ما دامت قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره المتهم من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه" وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به الرد على ما أثير به من دفاع فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
11 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد اطمأن إلى صحة اعتراف الطاعن بمحضر الضبط والثابت مضمونه بصدر تحقيقات النيابة العامة يوم.... ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن.
12 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد القتل وأثبت توافره في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل ومعلوم أنها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وتلك النية متوافرة ولا ريب لدى المتهم من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف الدعوى ومن ضغينة مسبقة أشعلت نار العداء والبغضاء في صدره تجاه عائلة المجني عليهم لسبق اتهامهم بقتل خاله المرحوم.... منذ سنوات ثلاث سابقة على ارتكابه للحادث الراهن وأقدم على إثمه بعد أن تروى في تفكيره وتدبر أمر الخلاص من المجني عليهم وأعد لهذا الغرض سلاحين ناريين محشوين بالرصاص ومدية وهي أسلحة من شأنها إحداث الوفاة وصوب أسلحته النارية تلك إلى مواضع قاتلة من جسد المجني عليهم وأطلق عليهم عديداً من الأعيرة وزيادة في التشف والانتقام أجهز على المجني عليه الأول.... بإحداث جروح قطعية برقبته كان لها دور في إحداث الوفاة إضافة إلى الأعيرة النارية الخمس التي أطلقها عليه من الخلف وانصرف قصد المتهم من الاعتداء على المجني عليهم على هذا النحو إلى قتلهم فأزهق أرواحهم وامتد هذا القصد إلى المجني عليه.... فأشبع رأسه ضرباً بمؤخرة سلاحه الناري بعد أن نفذت منه رصاصاته فكان أن أحدث بالمجني عليهم جميعاً الإصابات التي كشف عنها التقريرين الشرعي والطبي أبان عنها الحكم في حينه وأودت بحياة ثلاثتهم ووقفت الجريمة عند حد الشروع بالنسبة للمجني عليه المذكور آنفاً لمداركته بالعلاج" وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً - على نحو ما سلف بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - لما كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ برأي مفتي الجمهورية قبل أن تصدر حكمها بالإعدام، إلا أن ذلك، لا يجعل من رأي المفتي دليلاً من أدلة الدعوى مما يجب طرحه على الخصوم بجلسة مرافعة للوقوف على حقيقته ومناقشته - قبل إصدار الحكم إذ مفاد نص المادة المشار بيانها أن المحكمة تكون عقيدتها بالإدانة وتقدر عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراق الدعوى إلى المفتي، بعد أن تكون الدعوى قد استكملت كل إجراءاتها - حتى يمكن إبداء المفتي الرأي فيها، وهو رأي لا يقيد المحكمة ولا تنتظره فيما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه بل لها أن تحكم في الدعوى بما رأته.
14 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي أوردها على حافظة مستنداته، ولم توردها المحكمة أو ترد عليها، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
15 - لما كانت النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها فيها انتهت إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
16 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايتي قتل عمد مع سبق الإصرار وشروع في قتل عمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاحين ناريين أحدهما طبنجة، وذخائر بغير ترخيص، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على، واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً (مسدس حلوان 6 مم) وترصده في الطريق الموصل إلى محل جلوسه لدى الشاهد الأول والذي أيقن مروره وتواجده في هذا المكان في ذلك الوقت من الليل حتى إذا ظفر به فأطلق عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر (1) قتل عمداً مع سبق الإصرار.... بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً السالف ذكره وحتى إذا ما ظفر به أطلق عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (2) قتل عمداً مع سبق الإصرار.... بأن بيت النية على قتلها وأعد لذلك السلاح الناري السالف ذكره وما أن ظفر بها حتى أطلق عليها الأعيرة النارية قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. (3) شرع في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك السلاح الناري سالف الذكر وحتى إذ ما ظفر به فقام بضربه بالسلاح السالف على رأسه محدثاً إصابته قاصداً من ذلك قتله ولكن خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارية مششخناً "طبنجة حلوان 9 مم". ثالثاً: أحرز ذخائر (ثلاثة وعشرون طلقة) مما تستخدم في السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى.... مدنياً قبل المتهم بمبلغ 150 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بإحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما نسب إليه ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 150 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجناية قتل عمد مع سبق الإصرار وشروع في قتل وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك أن المدافع عن الطاعن تمسك بمناقشة الطبيب الشرعي الذي أجرى الصفة التشريحية في أوجه التناقض بين التقرير الفني والدليل القولي وفي المدة التي يبقى فيها أثر البارود ورائحته وما إذا كانت إصابة المجني عليه.... جائزة الحدوث من الطبنجة المضبوطة من عدمه وبمعاينة مكان الحادث بمعرفة المحكمة للوقوف على استحالة وقوع الحادث كما صوره الشهود وضم الجناية رقم....، .... كلي منيا القمح التي قضى فيها ببراءة والده من تهمة القتل، وببطلان الدليل المستمد من تفتيش مسكنه لإجرائه دون إذن من النيابة العامة، وببطلان الإقرار المنسوب إليه بمحضر الضبط لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه، وببطلان الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات الأول.... ولتناقض أقواله بتحقيقات النيابة العامة مع أقواله بالجلسة فضلاً عن أنه لم يشاهد الطاعن يطلق النار على المجني عليه.... بمدخل المسكن على خلاف ما حصله الحكم في أقواله ولا هو يطلق النار على.... ولتناقض أقواله مع أقوال.... و.... و.... إذ شهد أن الطاعن كان يحمل سلاحاً نارياً واحداً في حين أنهم شهدوا أنه كان يحمل سلاحين ناريين، وببطلان الدليل المستمد من أقوال.... التي شهدت أمام المحكمة أنها لم تر الحادث على خلاف ما ورد بأقوالها في تحقيقات النيابة التي لم توقع عليها مما يصح معه نسبة هذه الأقوال إلى غيرها، وببطلان الدليل المستمد من أقوال.... لتناقض أقواله بتحقيقات النيابة العامة مع أقواله بالجلسة ولتناقض أقواله مع أقوال زوجته.... إذ شهد أنه ضربه قبل أن تستيقظ زوجته من نومها وأنه أخبر زوجته بقدوم زوج ابنتهما... فجرا عن مقتل.... بينما شهدت أنها رأت الطاعن وهو يعتدي بالضرب على زوجها وأنها لا تعرف من الذي أخبر زوجها بمقتل المجني عليه....، وببطلان الدليل المستمد من شهادة.... لتناقضها مع أقوال باقي الشهود في خصوص عدد الأسلحة التي كان يحملها الطاعن ورؤيتها دون باقي الشهود.... يوم الحادث، وببطلان الدليل المستمد من أقوال.... لتراخيه في الإبلاغ ولتناقض أقواله في تحقيقات النيابة مع أقواله بجلسة المحاكمة وباستبعاد الدليل المستمد من أقوال.... لتراخيه في الشهادة واستشهاده بأقوال.... الذي كذبه فيها واستبعاد الدليل المستمد من أقول القاصرة.... لعدم انطباق الأوصاف التي أدلت بها على الطاعن ولتناقض أقوالها مع أقوال باقي الشهود واستبعاد الدليل المستمد من أقوال.... لعدم معقوليتها لتركه الطاعن دون أن يسعى لقتله وببطلان الدليل المستمد من أقوال رئيس المباحث.... لتناقضها مع محضري تحريه بخصوص.... التي أثبت في أحدهما هروبه بعد ارتكاب الحادث ثم أثبت في الآخر أنه لم يشترك في ارتكابه وبتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني الذي قطع بوجود أعيرة من نوع مغاير لعيار السلاح المضبوط وبشيوع التهمة بين المشتركين في المشاجرة وباستحالة تصوير الواقعة على النحو الذي قرره شهود الواقعة فلم تقدم المدية التي قيل بضبطها ومن غير المتصور أن يحمل الطاعن سلاحين ناريين ومدية ولا يتخلف به إصابات ثم يتمكن من الفرار دون أن يمسك به أحد بعد أن فرغت منه الأعيرة النارية، إلا أن الحكم أطرح ما أثاره بخصوص طلب استدعاء الطبيب الشرعي وإجراء المعاينة وضم الجناية برد قاصر وغير سائغ ويخالف الثابت في الأوراق من أن الطبيب الشرعي لم يترك العمل ومحل إقامته معروف، ولم يورد الحكم أو يرد على ما أثبته على حافظة مستنداته المقدمة بالجلسة الأخيرة، وجاء بتصوير الحكم لواقعة الدعوى أن الطاعن تعقب.... وأطلق عليه عدة أعيرة نارية بظهره قاصداً قتله فسقط على الأرض داخل المنزل فأخرج الطاعن المدية وأحدث به جرحين قطعيين بيسار رقبته للإجهاز عليه ثم ألقى بالمدية الملوثة بدمائه إلى جوار الجثة مع أن أياً من شهود الواقعة لم يشهد بأن الطاعن كان يحمل مدية أو استعملها ومجرد إيراد تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه لإصابات تحدث بمدية لا يكفي لنسبتها للطاعن، وأورد الحكم أن الطاعن اعترف بمحضر الضبط الثابت بتحقيقات النيابة يوم.... بارتكابه الحادث مع أنه أنكر بها ما أسند إليه، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر نية القتل لدى الطاعن وأطرح دفاع الطاعن بشأن عدم توافرها برد قاصر وغير سائغ ولم تعرض المحكمة رأي المفتي بجلسة مرافعة ليقف على حقيقة ما ورد به كدليل من الأدلة وبما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة مما شهد به في تحقيقات النيابة كل من.... و.... و.... و.... و.... وإقرار المتهم في محضر الضبط وإرشاده عن سلاح ناري وطلقات وما أثبته تقرير الصفة التشريحية لجثث المجني عليهم والتقرير الطبي الموقع على المشروع في قتله وتقرير طبي شرعي فحص السلاح وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة - ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل - فيما يوجه إليه من اعتراضات - وأنها لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكان الثابت أن الحكم عرض لطلب المدافع عن الطاعن دعوة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح جثث المجني عليهم الثلاثة ورد عليه في قوله "إن طلب الدفاع استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته مردود بما هو ثابت من مطالعة تقارير الصفة التشريحية وما دون بها وقد بلغ حد الكفاية ووفرت القناعة لقيامها على أسس فنية سائغة ومقدمات تتفق والنتائج التي خلصت إليها تلك التقارير يضاف إلى ذلك أن المحكمة بهيئة مغايرة استدعت مدير عام منطقة الطب الشرعي لشرق الدلتا الدكتور.... تمكيناً للدفاع من إجراء المناقشة التي طلبها إلا أن الدفاع لم يستكمل مناقشته وعاد إلى التمسك باستدعاء الطبيب الذي أجرى التشريح رغم ما قرره في تلك الجلسة مدير عام الطب الشرعي المذكور من أن الطبيب الذي أجرى التشريح متواجد بالأراضي السعودية وأنه ترك العمل بالمصلحة كما حوت الأوراق إفادات تحمل ذات المعنى رغم التأجيل عديد من الجلسات استغرقت خمس سنوات منذ وقوع الحادث في محاولات من الهيئات المتعاقبة على المحكمة لإجابة هذا الطلب ولكن تعذر تحقيقه لما سلف بيانه وأنه وإن كان من المقرر وفقاً للمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأصل في المحاكمات أنها تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في مواجهة المتهم بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأي سبب من الأسباب وهو الواقع الحاصل في هذه الدعوى حسب الإيضاح المتقدم" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح جثث المجني عليهم وثبت وجوده بالسعودية وتركه العمل بالمصلحة حسبما شهد بذلك مدير عام الطب الشرعي لمنطقة شرق الدلتا بجلسة.... على خلاف ما ذهب إليه الطاعن فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الحادث للوقوف على استحالة حدوث الواقعة كما صورها الشهود وأطرحه في قوله "إن طلب الدفاع القائم على انتقال المحكمة لإجراء معاينة لمكان الحادث ترى أنه لا محل له بعد أن اطمأنت وجدانها إلى ارتكاب المتهم لجنايات القتل المقترنة والشروع فيه والتي سجلتها أوراق الدعوى واستمدت هذا الاطمئنان من أدلة الثبوت التي عولت عليها كما أن المعاينة المرسومة التي قدمها الدفاع بجلسة المرافعة اطلعت عليها المحكمة وحصلت منها ماديات ومعاني أما مادياتها فتشير إلى أن الأحداث بدأت بمنزل.... وتحققت أولى نتائجه بمنزل.... الذي يقع على يمين المنزل الأول وشهد مصرع المجني عليهما.... بداخله و.... قبالته وأن منزل.... مؤلف من طابقين وله نوافذ في كل الطابقين وأنه يمكن بالنظر من هذه النوافذ مشاهدة ما يدور بالخلاء الواقع بين المنزلين ودلالته صدق رواية الشاهد.... من مشاهدته المتهم يتعقب المجني عليه الأول إلى داخل منزل.... المجاور ويطلق عليه النار وما قرره أيضاً من مشاهدته للمجني عليه الثاني من نافذة الطابق الثاني لمنزله وهو منكفئاً على وجهه أمام بيت.... واستخلصت المحكمة أيضاً من ماديات هذه المعاينة أن منزل.... يليه مسجد ثم يقع منزل المرحوم.... الذي شهد مصرع زوجته... في شرفته على يد المتهم والمسافة بين منزلي....،.... خمسمائة متر حسبما صورت هذه - المعاينة ودلالته في يقين المحكمة أنها مسافة ليست ببعيدة على المتهم أن يقطعها وهو شاب لم يتجاوز عمره تسعة وعشرين عاماً يوم الحادث فضلاً عن رغبة جازمة وآثمة تملكته للثأر والانتقام تهون في سبيل تحقيقها المسافات وإن طالت والأماكن وإن بعدت وهو ما يسري أيضاً على منزل المجني عليه.... هذا فضلاً عن أن الواقع الذي حصلته المحكمة فهما من هذه المعاينة أن منازل المجني عليهم جميعاً تقع على طريق واحد تنعدم فيه أية موانع للرؤية، ومن ثم فإن المحكمة تقنع بهذه المعاينة وقد وثقت أدلة الثبوت التي ارتاح إليها وجدانها من قبل ومن ثم ترفض هذا الطلب بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى بما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق ويصبح هذا الطلب بعد ذلك ليس فيه إلا إثارة للشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها هذه المحكمة طبقاً للتصور الذي أخذت به خاصة وأن هذا الطلب وفقاً لما تم تحصيله من المعاينة المرسومة المقدمة من الدفاع لن يؤدي إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصولها وفق رواية شهود الإثبات" لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح طلب إجراء المعاينة دون أن يوصم الحكم المطعون فيه بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع، فضلاً عن أن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ولما كان البين من محضر جلسة.... التي تمت فيها المرافعة واختتمت بإصدار المحكمة قرارها حضورياً وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة.... للنطق بالحكم - الذي صدر فيها فعلاً، أن المدافع عن الطاعن وإن استهل مرافعته بطلب ضم جناية قتل قضى فيها ببراءة والده منها، إلا أنه أتم مرافعته في الدعوى دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب ولم تجبه أو ترد عليه ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الطلب ورد عليه بقوله "أن طلب الدفاع المؤسس على ضم الجناية السالف الإشارة إلى رقمها فإن الدفاع لم يبين أسانيد هذا الطلب ومبرراته وترك بيان أن العلاقة بين الجنايتين المطلوب ضمها والمطروحة في طي الكتمان ومن ثم فإن المحكمة وقد سكت الدفاع عن بيان ذلك حتى يبيح لها إعمال سلطتها التقديرية لتقدير أهمية الطلب وجدواه فإنها تلتفت عنه عملاً بما هو مقرر من أن الواقعة إن كانت قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق فإنه لا تثريب عليها إن هي أعرضت عن دفاع المتهم القائم على طلب المعاينة أو ضمن مستندات بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من الحقيقة وهو رد كاف وسائغ في رفض طلب الطاعن ضم القضية التي أرشد عنها ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض عليه وبطلان الدليل المستمد من تفتيش مسكنه لإجرائه دون إذن من النيابة العامة وببطلان الاعتراف المنسوب إليه بمحضر الضبط لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وأطرحه في قوله "وأما عن الدفع ببطلان القبض على المتهم وبطلان تفتيشه وبطلان اعترافه في محضر الضبط فكلها دفوع تحوي من الأخطاء بقدر ما تحوي عباراتها من حروف وألفاظ ذلك أن القبض على المتهم قد تم نفاذاً لأمر صادر من سلطة التحقيق على ما يبين من تحقيقات النيابة المؤرخة.... وإرشاد المتهم عن السلاح والذخيرة المضبوطين حسب الثابت بهذا التحقيق يتحقق به معنى الرضا بالتفتيش ويوفر له المشروعية واعتراف المتهم بارتكاب الحادث أثبتته النيابة بهذا التحقيق أيضاً فضلاً عن محضر الضبط وقد اطمأنت المحكمة إلى هذا الإقرار ووثقت به وأوردته ضمن أدلة الثبوت التي عولت عليها في الحكم بالإدانة وذلك من السلطات المخولة لها وحقوقها المقررة وهي تؤدي وظيفة القضاء إذ لها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة أو في تحقيق إداري لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه اطمئناناً منها إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدلت عنه بعد ذلك" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف رداً على ما أثاره الطاعن له أصله الثابت في الأوراق - ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان تفتيش مسكنه وبطلان إقراره بمحضر الضبط للأسباب التي حددها، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي ترها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه - في أقواله - أو مع أقوال غيره من الشهود لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة وإلى صدورها منهم وحصلتها كما هي في الأوراق وبلا تناقض فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تعول في إدانتها للطاعن على دليل مستمد من أقوال كل من.... و.... و....، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان الحكم قد اعتمد فيما استخلصه من حمل الطاعن سلاحين ناريين على أقوال.... التي شهدت بأن الطاعن كان يحمل سلاحين ناريين وما ورد بتقرير فض المضبوطات من أن فوارغ الطلقات التي عثرت عليها النيابة بجوار جثث المجني عليهم بعضها أطلق من الطبنجة المضبوطة والبعض الآخر لم يطلب منها، بما لا تناقض فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على أقوال الشهود - مع أنه لم يعول في هذا الشأن إلا على أقوال.... دون سواها، ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشيوع التهمة وبتلفيق الاتهام وبعدم صحة تصوير الواقعة كما رواها الشهود في قوله "وحيث إن المحكمة وقد خلصت من مناقشة طلبات الدفاع فإنها تنتقل إلى المرافعة وما أبدي فيها من أوجه دفاع باستعراضها يبين بجلاء أنها تدور حول ما يمكن اعتباره دفعاً بتلفيق التهمة أو دفعاً بشيوع الاتهام أو تجريحاً لأقوال شهود الإثبات ويكفي للرد عليه سواء في خصوصية التلفيق أو الشيوع القول بأنها تعد من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع مع المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، كما أن دفاع التجريح الذي استهدف أقوال شهود الإثبات يرد عليه بأن المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومن المقرر أيضاً أن المحكمة ما دامت قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره المتهم من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة وفي تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه" وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به الرد على ما أثير به من دفاع فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما يثيره بشأن السلاحين الناريين والمدية التي وجدت إلى جوار جثة المجني عليه.... في قوله "وحيث إنه لما كان ما سلف وكان ما أبداه - الدفاع عدا ما تقدم ويقوم على عدم معقولية ما قررته التحقيقات الشاهدة.... من أن المتهم كان يحمل سلاحين ناريين فضلاً عما ثبت من التحقيقات من ضبط مدية بجوار جثة المجني عليه.... فإن ما يثيره الدفاع في هذا الخصوص مردود عليه بأن حمل المتهم لهذه الأسلحة جميعاً هي واقعة اطمأنت إليها بعد أن قام الدليل على صحتها وثبوتها في حقه من واقع التقرير الفني لفحص المضبوطات وما انتهى إليه من أن فوارغ الطلقات التي عثرت عليها النيابة العامة بجوار جثث المجني عليهم بعضاً منها أطلق من الطبنجة المضبوطة والبعض الآخر لم يطلق منها مما يقطع بأنه كان يحمل سلاحين وفق رواية الشاهدة المذكورة كما وأنه وإذا كان الواقع الذي لا يماري فيه أحد أن المجني عليه.... كان قبل الحادث يجلس مع شاهد الإثبات الأول سليماً معافاً لا أثر لطلقات أو بجروح بجسده وأن ما أصاب الجسد من أعيرة نارية بعد ذلك كان نتيجة إطلاق المتهم النار عليه حسبما قرره شهود الإثبات. وأنه تعقبه إلى داخل منزل.... وتخوف الجميع من الدخول خلفهما حتى أن شاهد الإثبات الأول دخل منزله وأغلق بابه عليه ودفعه الرعب إلى عدم البقاء بالطابق الأول وإنما صعد إلى الطابق الثاني فإذا أثبت التشريح وجود جروح قطعية بيسار العنق للمجني عليه المذكور وأنها تحدث من آلة حادة ذو حافة مدببة كمدية أو سكين وعثرت النيابة على المدية بجوار جثة المجني عليه المذكور فإن واقع الحال والعقل والمنطق وترتيب النتائج على المقدمات كل ذلك يقطع بأن المدية كانت بحوزة المتهم وهو الذي أحدث بالمجني عليه جروح الرقبة ثم تخلص منها اكتفاء بما يحمله من سلاحين ناريين والقول بغير ذلك لا يحمل إلا معنى واحداً هو إلغاء العقل ودوره الذي قد يقطع بما لا يقطع به الشهود خاصة إذا كان استنباطه مستنداً إلى المنطق ومستمد من واقع الحال وظروفه ومن المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تنكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات" وكان ما أورده الحكم فيما تقدم صحيح ويسوغ به مساءلة الطاعن عن حمل السلاحين الناريين والمدية وإحداث الجروح القطعية بيسار عنق المجني عليه الأول.... فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد اطمأن إلى صحة اعتراف الطاعن بمحضر الضبط والثابت مضمونه بصدر تحقيقات النيابة العامة يوم.... ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد القتل وأثبت توافره في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل ومعلوم أنها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وتلك النية متوافرة ولا ريب لدى المتهم من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف الدعوى ومن ضغينة مسبقة أشعلت نار العداء والبغضاء في صدره تجاه عائلة المجني عليهم لسبق اتهامهم بقتل خاله المرحوم.... منذ سنوات ثلاث سابقة على ارتكابه للحادث الراهن وأقدم على أثمه بعد أن تروى في تفكيره وتدبر أمر الخلاص من المجني عليهم وأعد لهذا الغرض سلاحين ناريين محشوين بالرصاص ومدية وهي أسلحة من شأنها إحداث الوفاة وصوب أسلحته النارية تلك إلى مواضع قاتلة من جسد المجني عليهم وأطلق عليهم عديداً من الأعيرة وزيادة في التشف والانتقام أجهز على المجني عليه الأول.... بإحداث جروح قطعية برقبته كان لها دور في إحداث الوفاة إضافة إلى الأعيرة النارية الخمس التي أطلقها عليه من الخلف وانصرف قصد المتهم من الاعتداء على المجني عليهم على هذا النحو إلى قتلهم فأزهق أرواحهم وامتد هذا القصد إلى المجني عليه.... فأشبع رأسه ضرباً بمؤخرة سلاحه الناري بعد أن نفذت منه رصاصاته فكان أن أحدث بالمجني عليهم جميعاً الإصابات التي كشف عنها التقريرين الشرعي والطبي أبان عنها الحكم في حينه وأودت بحياة ثلاثتهم ووقفت الجريمة عند حد الشروع بالنسبة للمجني عليه المذكور آنفاً لمداركته بالعلاج" وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً - على نحو ما سلف بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ برأي مفتي الجمهورية قبل أن تصدر حكمها بالإعدام، إلا أن ذلك، لا يجعل من رأي المفتي دليلاًَ من أدلة الدعوى مما يجب طرحه على الخصوم بجلسة مرافعة للوقوف على حقيقته ومناقشته - قبل إصدار الحكم وإذ مفاد نص المادة المار بيانها أن المحكمة تكون عقيدتها بالإدانة وتقدر عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراق الدعوى إلى المفتي، بعد أن تكون الدعوى قد استكملت كل إجراءاتها - حتى يمكن إبداء المفتي الرأي فيها، وهو رأي لا يقيد المحكمة ولا تنتظره فيما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه بل لها أن تحكم في الدعوى بما رأته ولما كان ذلك فإن منعى الطاعن بعدم طرح رأي المفتي بجلسة مرافعة قبل الحكم يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي أوردها على حافظة مستنداته، ولم توردها المحكمة أو ترد عليها، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها فيها انتهت إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم - هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايتي قتل عمد مع سبق الإصرار وشروع في قتل عمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاحين ناريين أحدهما طبنجة، وذخائر بغير ترخيص، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.... .

الطعن 12547 لسنة 63 ق جلسة 6 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 101 ص 670

جلسة 6 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ومحمد حسين وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(101)
الطعن رقم 12547 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "وضعه والتوقيع عليه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النص في المادة 312 إجراءات على أن التوقيع على الحكم من رئيس المحكمة قصد به تنظيم العمل وتوحيده. طروء مانع قهري حال بينه وبين التوقيع على الحكم وتوقيعه من أقدم الأعضاء الذين اشتركوا في المداولة. لا بطلان. أساس ذلك؟
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات كل الشهود إذا تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عقيدة المحكمة. قيامها على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(5) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها ما يراه وإطراح ما عداه. حد ذلك؟
(7) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لم تثق بما شهدوا به إشارتها إلى أقوالهم. غير لازم. ما دامت لم تستند إليها. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. دلالته: عدم اطمئنانها لأقوالهم فأطرحتها.
(9) إثبات "اعتراف" "شهود". دفوع "الدفع ببطلان أقوال الشاهد للإكراه". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان أقوال الشاهد للإكراه. غير مجد. طالما لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منها.
(10) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. مفاد التفاتها عنه: إطراحها له.

----------------
1 - من المقرر أن الشارع قد دل بنص المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية على أن التوقيع على الحكم من رئيس المحكمة هو بمثابة شهادة بما حصل، فيكفي فيه أن يكون من أي واحد ممن حضروا المداولة - وليس النص على اختصاص الرئيس بالتوقيع إلا بقصد تنظيم العمل وتوحيده - إذ الرئيس كزملائه في ذلك فإن عرض له مانع قهري - بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب - التي كانت محل مداولتهم جميعاً - فوقع الحكم بدلاً منه زميله - وهو العضو الذي يليه في الأقدمية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يصح أن ينعى عليه بالبطلان.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
3 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
4 - من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
5 - من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه.
6 - من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها.
7 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد مضمون أقوال الشهود ومؤدى التقرير الفني بما لا تناقض فيه فيكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني وبذلك يبرأ من قالة التناقض الذي رماه بها الطاعن.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
9 - لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان أقوال الشاهد.... للإكراه ما دام - البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من أقوال هذا الشاهد.
10 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل عمداً.... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً (فرد خرطوش) وترصده في المكان الذي أيقن مروره فيه وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش" ثالثاً: أحرز ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. رابعاً: أطلق عياراً نارياً داخل القرية. وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت أرملة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة بعد أن عدلت وصف التهمة إلى ضرب أفضى إلى موت قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وإطلاق عيار ناري داخل القرية - قد شابه البطلان والقصور والتناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه قد وقع من أحد أعضاء الدائرة التي أصدرته ولم يوقع من رئيسها، وأحال في بيان أقوال الشاهدة.... إلى ما أورده من أقوال الشاهد.... رغم اختلافها معه وباقي الشهود في شأن كيفية إحراز الطاعن للسلاح ومرافقة آخرين له وقت الحادث ومستوى الإطلاق ووقوع مشاجرة سابقة، وفي حين أطرحت أقوال الشهود في شأن توافر الظروف المشددة ونية القتل وعولت عليها في شأن نسبة الاتهام إلى الطاعن ولم ترد على ما أثاره المدافع عنه من أوجه دفاع تتعلق بتناقض الدليلين القولي والفني، وتناقض أقوال كل شاهد مع نفسه ومع غيره من الشهود وتعارض صفتهم كشهود وكونهم متهمين في ذات الواقعة، كما لم ترد على ما قرره الشاهد.... في نفي الاتهام عن الطاعن وما قرره الشاهد.... أمام المحكمة من صدور أقواله تحت تأثير الإكراه الذي وقع عليه من الضابط لاحتجازه إياه قبل الإدلاء بها. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أوراق الدعوى من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الشارع قد دل بنص المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية على أن التوقيع على الحكم من رئيس المحكمة هو بمثابة شهادة بما حصل، فيكفي فيه أن يكون من أي واحد ممن حضروا المداولة - وليس النص على اختصاص الرئيس بالتوقيع إلا بقصد تنظيم العمل وتوحيده - إذ الرئيس كزملائه في ذلك فإن عرض له مانع قهري - بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب - التي كانت محل مداولتهم جميعاً - فوقع الحكم بدلاً منه زميله - وهو العضو الذي يليه في الأقدمية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يصح أن ينعى عليه بالبطلان. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، كما أن من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكان المعنى المشترك بين شهادة الشاهدة.... وباقي الشهود وهو إحراز الطاعن للسلاح الناري وقت الحادث وقدوم المجني عليه إلى مكان الحادث ومعه آخرون فإن ما يثيره الطاعن بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل وليس بذي أثر من بعد أن يكون لأي من الشهود قول آخر غير الذي أوردته عنه المحكمة على فرض صحة ذلك، لما هو مقرر من أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - وهو الحال في الدعوى الماثلة. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم ما ينعاه الطاعن عليه من إطراحه لأقوال الشهود في شق منها وتعويله على الشق الآخر - وذلك لما هو مقرر من أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد مضمون أقوال الشهود ومؤدى التقرير الفني بما لا تناقض فيه فيكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني وبذلك يبرأ من قالة التناقض الذي رماه بها الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان أقوال الشاهد.... للإكراه ما دام - البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من أقوال هذا الشاهد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة فإن ما يثيره الطاعن في شأن تعارض صفة الشهود لا يكون له وجه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 6845 لسنة 63 ق جلسة 6 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 100 ص 663

جلسة 6 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي.

----------------

(100)
الطعن رقم 6845 لسنة 63 القضائية

(1) دعوى جنائية "وقفها". دفوع "الدفع بالإيقاف". قانون "تفسيره". ضرب " أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية الدفع بالإيقاف". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب وقف الدعوى الجنائية. متى كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى. أساس ذلك؟
تقدير جدية الدفع بالإيقاف. موضوعي.
تقدير الدليل في دعوى. لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى. أثر ذلك؟
مثال.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
(4) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها استقلالاً. طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً خاصاً. كفاية إيراد أدلة الثبوت بما يفيد إطراحه.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.

------------------
1 - لما كانت المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى إلا أنها لم تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو الفصل فيها. لما كان ذلك، كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة أن الدفاع إذ طلب وقف الدعوى الجنائية لحين الفصل في جناية الأحداث رقم.... التي نوه عنها لم يبين سبب هذا الطلب ومرماه منه فإنه يعدو طلباً مجهلاًً فضلاً عن أن الطاعن لم يقدم أي دليل للمحكمة عن موضوع تلك الجناية - خلافاً لما ذهب إليه بأسباب طعنه - ولما كان من المقرر أن تقدير الدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى، ومن ثم فإن الحكم الذي سيصدر في الدعوى الأخرى - على فرض وجودها - لا يقيد المحكمة ولا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في خصوص الجناية الماثلة لاختلاف أطرافها، وإذ كان ما تقدم فلا تثريب على المحكمة أن هي سكتت عن هذا الدفع إيراداً له أو رداً عليه ويضحى معنى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بالإخلال بحق الدفاع غير سديد.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
5 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحها له.
6 - لما كان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب.... بجسم صلب على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بطلب وقف الدعوى لحين الفصل في الجناية رقم.... أحداث كفر الشيخ والمتهم فيها الحدث.... نجل الطاعن الذي اعترف بقتله المجني عليه، واختصت محكمة جنح الأحداث بنظرها ولم يعرض الحكم المطعون فيه للمستندات المؤيدة لهذا الطلب، كما أن دفاع الطاعن قام على تكذيب أقوال شهود الإثبات خاصة ما قرره.... شقيق المجني عليه بمحضر الشرطة من أن الطاعن وولديه.... و.... قد تعدوا على المجني عليه بالضرب بما يناقض الثابت من التقرير الطبي الشرعي من أن إصابة المجني عليه واحدة في رأسه إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع ولم تقسطه حقه إيراداً ورداً كما أطرح الحكم ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ورد عليه بما لا يصلح رداً كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى إلا أنها لم تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو الفصل فيها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة أن الدفاع إذ طلب وقف الدعوى الجنائية لحين الفصل في جناية الأحداث رقم.... التي نوه عنها لم يبين سبب هذا الطلب ومرماه منه فإنه يعدو طلباً مجهلاًً فضلاً عن أن الطاعن لم يقدم أي دليل للمحكمة عن موضوع تلك الجناية - خلافاً لما ذهب إليه بأسباب طعنه - ولما كان من المقرر أن تقدير الدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى، ومن ثم فإن الحكم الذي سيصدر في الدعوى الأخرى - على فرض وجودها - لا يقيد المحكمة ولا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في خصوص الجناية الماثلة لاختلاف أطرافها، وإذ كان ما تقدم فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عن هذا الدفع إيراداً له أو رداً عليه ويضحى معنى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بالإخلال بحق الدفاع غير سديد. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من أقوال.... و.... و.... والد المجني عليه والنقيب.... رئيس مباحث قسم كفر الشيخ و.... و.... و.... ومما جاء بالتقرير الطبي الشرعي. كما عرض لدفاع الطاعن بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أن الثابت من الأوراق أن المتهم هو الذي كان يبادر بتهديد أسرة المجني عليه وأنه كلما حاول المتواجدون التدخل لإنهائها فإن المتهم يسعى لإشعالها فضلاً عن أن كلاً من.... و.... فوجئا بولدي المتهم.... و.... يقومان بالاعتداء وأن المتهم خرج من مسكنه حاملاً كوريك حيث ضرب المجني عليه الذي لم يكن يشارك في المشاجرة وأنه كان خارجاً لتوه من مسكنه لاستطلاع الأمر ولم تفلح محاولة الجميع تهدئة المتهم الأمر الذي لا يمكن معه القول أن تواجد المتهم على مسرح الحادث كان لدرء الاعتداء عن أبنائه بل إن تواجده أصلاً كان بقصد ارتكاب فعل الاعتداء كما أن المتهم ذاته قرر بتواجده على مسرح الحادث وأنه كان يحمل عصا ولا يتذكر اعتدائه على المجني عليه" ثم عرض لدفاع الطاعن بشيوع التهمة "مؤكداً أن فعل الاعتداء الذي قارفه المتهم على المجني عليه هو الذي أدى إلى إصابته التي أودت بحياته وأن الشهود قد أجمعوا على ذلك" لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحها له فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً الرفض موضوعاً.

الطعن 2640 لسنة 61 ق جلسة 5 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 99 ص 660

جلسة 5 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي خليل ويحيى محمود خليفه.

------------------

(99)
الطعن رقم 2640 لسنة 61 القضائية

محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. سرقة "سرقة بسيطة". نصب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
اختلاف جريمة السرقة في أركانها وعناصرها عن جريمة النصب.
تعديل المحكمة للتهمة المرفوعة بها الدعوى من جريمة السرقة المنصوص عليها في المادة 318 عقوبات إلى جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 من القانون ذاته. وجوب إجرائه أثناء المحاكمة ومراعاة الضمانات المنصوص عليها في المادة 308 إجراءات. مخالفة ذلك: إخلال بحق الدفاع.

----------------
لما كانت جريمة السرقة المنصوص عليها في المادة 318 من قانون العقوبات التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الطاعن وجرت المحاكمة على أساسها تختلف في أركانها وعناصرها عن جريمة النصب التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادة 336 من ذات القانون، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن مما تملك المحكمة إجراءه بغير سبق تعديل في التهمة بل يجاوزه إلى إسناد واقعة جديدة إلى الطاعن وإلى تعديل في التهمة نفسها لا تملكه المحكمة إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى وبشرط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق القرط الذهبي المملوك.... المبين وصفاً وقيمة بالأوراق وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قسم دمياط قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ. استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبحبس المتهم شهراً مع الشغل باعتبار أن ما نسب إليه هو جريمة النصب.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دانه بجريمة النصب على الرغم من أنه كان متهماً بجريمة السرقة دون أن تعني المحكمة بلفت نظر الدفاع عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن عن جريمة السرقة وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانته بجريمة النصب. لما كان ذلك، وكانت جريمة السرقة المنصوص عليها في المادة 318 من قانون العقوبات التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الطاعن وجرت المحاكمة على أساسها تختلف في أركانها وعناصرها عن جريمة النصب التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادة 336 من ذات القانون، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن مما تملك المحكمة إجراءه بغير سبق تعديل في التهمة بل يجاوزه إلى إسناد واقعة جديدة إلى الطاعن وإلى تعديل في التهمة نفسها لا تملكه المحكمة إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى وبشرط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية أما وهي لم تفعل فإن حكمها المطعون فيه يكون قد بني على إجراء باطل أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقي ما يثيره الطاعن.

الطعن 15249 لسنة 64 ق جلسة 4 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 98 ص 646

جلسة 4 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وفتحي حجاب وعلي شكيب نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(98)
الطعن رقم 15249 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟.
(2) إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال المحكمة بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) طعن "نظره والحكم فيه". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها" "نظرها الدعوى والحكم فيها".
قاعدة عدم وجوب تسوئ مركز الطاعن. عدم سريانها على الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات. أساس ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب المحكمة محامياً عن المتهم الذي لم يوكل محامياً للدفاع عنه. عدم تمسكه بالتأجيل لتوكيل محام. لا إخلال بحق الدفاع.
(5) قتل عمد. سرقة. مواقعة أنثى بغير رضاها. اقتران. ارتباط. عقوبة "توقيعها". رابطة السببية. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعدام.
كفاية ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. لتطبيق عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها: أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. موضوعي.
توقيع العقوبة المنصوص عليها بالمادة 234/ 3 عقوبات. شرطه؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل وتوافر ظرفي الاقتران والارتباط في جريمة قتل عمد مقترنة بجناية مواقعة أنثى بغير رضاها ومرتبطة بجنحة سرقة.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون وعاهة العقل". مسئولية جنائية "موانعها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي.
(7) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير. ما دام ما انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق.
(8) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنه بعد ذلك. متى اطمأنت إليه.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

-------------------
1 - من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه قضاؤه بعقوبة الإعدام وهي تزيد عن عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي قضى بها الحكم الغيابي ذلك بأن قاعدة عدم وجوب تسوئ مركز الطاعن لا تنطبق على الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات ذلك بأن الحكم الصادر منها في هذه الحالة يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتعويضات ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية.
4 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عَّن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها، فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع.
5 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه وتوافر ظرفي الاقتران والارتباط في جريمة القتل بقوله "إن القصد الجنائي في جناية القتل وهو نية القتل لا يتحقق إلا إذا ثبت أن نية الجاني قد انصرفت بصفة خاصة - إلى إزهاق روح المجني عليها وإن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية" ولما كان ذلك، وكانت نية القتل قد توافرت في حق المتهم من اعترافه بتحقيقات النيابة، والذي تطمئن إليه المحكمة ومما شهد به ضابط المباحث بشأن ما أجراه من تحريات من أن المتهم عندما أبصر المجني عليها تلعب في الطريق العام وبأذنيها قرط ذهبي ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتلها للاستيلاء على ذلك القرط الذهبي فضمر ذلك في نفسه وقام باستدراجها إلى منزل مهجور وعندما وصل إليه أدخلها فيه عنوة منتوياً قتلها فقام بطرحها أرضاً على ظهرها وبعد أن قام بمواقعتها جنسياً قام على الفور بذبحها بأن استعمل آلة حادة من شأنها إحداث الوفاة هي سكين أعدها لهذا الغرض وقد حزبها عنقها وهو موضع قاتل لها قاصداً من ذلك إزهاق روحها إذ لم يتركها إلا بعد أن أحدث إصابتها القاتلة المبينة بتقرير الصفة التشريحية وبعد أن تأكد من وفاتها ثم قام بوضع جثتها في جوال وألقاه بمكان العثور على الجثة. وحيث إن ظرف الاقتران بين جانية القتل وجناية المواقعة فمن المقرر أنه يتحقق من القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى ويجب لتحققه أن يتوافر شرطان الأول هو توافر الرابطة الزمنية بين الجريمتين بحيث تكون الجنايتان وقعتا معاً أو متعاقبتان في فترة زمنية قصيرة والثاني هو أن تكون الجريمة الأخرى جناية، ولما كان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم وأقوال ضابط المباحث وتقرير الصفة التشريحية والذين تطمئن المحكمة إليهم جميعاً أن المتهم بعد أن أدخل المجني عليها الصغيرة السن المنزل المهجور محل الواقعة والذي انتوى قتلها فيه قام أولاً بمواقعتها جنسياً بغير رضاها بأن طرحها أرضاً على ظهرهاً وهددها بالسكين التي كانت معه ونحى عنها ملابسها وأولج قضيبه في فرجها ثم قام عقب ذلك مباشرة وفور إتمام فعلته بقتلها بأن ذبحها من عنقها بذات السكين المذكورة وعلى النحو المتقدم بيانه مما يجعل هذا الظرف الاقتران متوافراً في حقه، وحيث إنه عن رابطة السببية بين جناية القتل وجنحة السرقة فمن المقرر أن هذا الظرف يتحقق إذا كان القصد من القتل العمد هو التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة وذلك يتحقق بتوافر شرطان هما أولاً أن يقوم بين القتل العمد والجريمة المتصلة بها رابطة السببية أي أن تكون الغاية من ارتكاب جريمة القتل العمد هي الوصول إلى أحد الأهداف المذكورة سلفاً والتي بينها المشرع في الجزء الثاني من الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات والشرط الثاني هو أن تكون الجريمة المرتبطة جنحة. ولما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة ومن شهادة ضابط المباحث والتي تطمئن المحكمة إلى كليهما أن المتهم لم يضمر في نفسه إزهاق روح المجني عليها وانتوى قتلها إلا بقصد الاستيلاء على قرطها الذهبي، إذ أنه بمجرد رؤيته لذلك القرط الذهبي بأذنيها ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتل المجني عليها بهدف وغاية الاستيلاء على ذلك القرط وأنه لذلك الغرض قام باستدراجها إلى المنزل المهجور محل الواقعة منتوياً قتلها والاستيلاء على قرطها المذكور وما أن انفرد بها وفرغ من مواقعتها جنسياً حتى قام بذبحها بالسكين التي كانت معه وبعد ذلك استولى على قرطها الذهبي الذي كان بأذنيها ثم قام ببيعه إلى الشاهد الثالث حيث تم ضبطه بأُذن شقيقته ومن ثم يكون هذا الظرف - الارتباط بين جناية القتل العمد وجنحة السرقة - متوافراً في حق المتهم" لما كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضي الموضوع. ولما كان شرط إنزال العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 من قانون العقوبات هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل وعلى محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرفا الاقتران والارتباط المشددان لعقوبة القتل العمد كما هما معرفان به في القانون، إذ أثبت الحكم مقارفة كل من جريمتي قتل المجني عليها ومواقعتها بغير رضائها بفعل مستقل وإتمامهما على مسرح واحد وفي نفس الوقت كما أوضح رابطة السببية بين الفعل وارتكاب جنحة السرقة التي كانت الغرض المقصود منه.
6 - لما كان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.
7 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المأمورية إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم في هذا الخصوص.
8 - لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
9 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المحكوم عليه وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيحة من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليه. كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل عمداً.... بأن ذبحها بجسم صلب حاد (سكين) قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها واقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر أ - واقع المجني عليها المذكورة بغير رضاها بأن استدرجها إلى مكان الحادث وطرحها أرضاً مهدداً إياها بالسكين ونحى عنها ملابسها وأولج قضيبه بفرجها، ب - سرق القرط الذهبي المبين وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوك للمجني عليها سالفة الذكر. ثانياً: أحرز بغير ترخيص أو مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية سلاحاً أبيض (سكين). وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 13، 234، 267/ 1، 318 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم (1) المرفق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ولم يقدم أسباباً لطعنه، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بالرأي طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه في يوم.... أبصر المتهم وشهرته.... المجني عليها الطفلة.... تلعب في الطريق العام وبأذنيها قرط ذهبي ولحاجته الشديدة للمال فقد سولت له نفسه بإغواء من شيطانه قتل المجني عليها للاستيلاء على قرطها الذهبي ولذلك قام باستدراجها إلى منزل مهجور وأدخلها فيه عنوة وطرحها أرضاً على ظهرها وأغواه شيطانه بمواقعتها جنسياً فنحى عنها ملابسها وهددها بسكين كانت معه وأعدها لهذا الغرض وأخرج قضيبه وأولجه في فرجها وعقب ذلك قام بذبحها بالسكين المذكورة ثم استولى على قرطها الذهبي ووضع جثة المجني عليها داخل جوال وألقاه بمكان العثور على الجثة وقد قام ببيع القرط الذهبي إلى من يدعي.... وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليها عبارة عن جرح قطعي ذبحي غائر واقع بأعلى يسار مقدم العنق وأن هذا الجرح يحدث بآلة صلبة ذات نصل حاد مثل سكين أو مطواة أو ما يشابههما كما ثبت وجود تمزق حيوي غير كامل بغشاء البكارة من اعتداء جنسي على المجني عليها بإيلاج جزئي بفرجها قبل وفاتها" وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة ومما أثبته تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من إدانة الطاعن بالجرائم المنصوص عليها في المواد 13، 234، 267، 318 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 المرفق وأنزل عليه بعد إعمال المادة 32 من قانون العقوبات عقوبة الإعدام وهي مقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية مواقعة أنثى بغير رضائها والمرتبط بجنحة سرقة. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم في قضاؤه بعقوبة الإعدام وهي تزيد عن عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي قضى بها الحكم الغيابي ذلك بأن قاعدة عدم وجوب تسوئ مركز الطاعن لا تنطبق على الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات ذلك بأن الحكم الصادر منها في هذه الحالة يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتعويضات ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عَّن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه وتوافر ظرفي الاقتران والارتباط في جريمة القتل العمد بقوله "إن القصد الجنائي في جناية القتل وهو نية القتل لا يتحقق إلا إذا ثبت أن نية الجاني قد انصرفت بصفة خاصة - إلى إزهاق روح المجني عليها وأن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كان ذلك. وكانت نية القتل قد توافرت في حق المتهم من اعترافه بتحقيقات النيابة، والذي تطمئن إليه المحكمة ومما شهد به ضابط المباحث بشأن ما أجره من تحريات من أن المتهم عندما أبصر المجني عليها تلعب في الطريق العام وبأذنيها قرط ذهبي ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتلها للاستيلاء على ذلك القرط الذهبي فضمر ذلك في نفسه وقام باستدراجها إلى منزل مهجور وعندما وصل إليه أدخلها فيه عنوة منتوياً قتلها فقام بطرحها أرضاً على ظهرها وبعد أن قام بمواقعتها جنسياً قام على الفور بذبحها بأن استعمل آلة حادة من شأنها إحداث الوفاة هي سكين أعدها لهذا الغرض وقد حزبها عنقها وهو موضع قاتل لها قاصداً من ذلك إزهاق روحها إذ لم يتركها إلا بعد أن أحدث إصابتها القاتلة المبينة بتقرير الصفة التشريحية وبعد أن تأكد من وفاتها ثم قام بوضع جثتها في جوال وألقاه بمكان العثور على الجثة. وحيث إن ظرف الاقتران بين جناية القتل وجناية المواقعة فمن المقرر أنه يتحقق من القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى ويجب لتحققه أن يتوافر شرطان الأول وهو توافر الرابطة الزمنية بين الجريمتين بحيث تكون الجنايتان وقعتا معاً أو متعاقبتان في فترة زمنية قصيرة والثاني هو أن تكون الجريمة الأخرى جناية، ولما كان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم وأقوال ضابط المباحث وتقرير الصفة التشريحية والذين تطمئن المحكمة إليهم جميعاً أن المتهم بعد أن أدخل المجني عليها الصغيرة السن المنزل المهجور محل الواقعة والذي انتوى قتلها فيه قام أولاً بمواقعتها جنسياً بغير رضاها بأن طرحها أرضاً على ظهرهاً وهددها بالسكين التي كانت معه ونحى عنها ملابسها وأولج قضيبه في فرجها ثم قام عقب ذلك مباشرة وفور إتمام فعلته بقتلها بأن ذبحها من عنقها بذات السكين المذكورة وعلى النحو المتقدم بيانه مما يجعل هذا الظرف الاقتران متوافر في حقه. وحيث إنه عن رابطة السببية بين جناية القتل وجنحة السرقة فمن المقرر أن هذا الظرف يتحقق إذا كان القصد من القتل العمد هو التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة وذلك يتحقق بتوافر شرطان هما أولاً أن يقوم بين القتل العمد والجريمة المتصلة بها رابطة السببية أي أن تكون الغاية من ارتكاب جريمة القتل العمد هي الوصول إلى أحد الأهداف المذكورة سلفاً والتي بينها المشرع في الجزء الثاني من الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات والشرط الثاني هو أن تكون الجريمة المرتبطة جنحة. ولما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة ومن شهادة ضابط المباحث والتي تطمئن المحكمة إلى كليهما أن المتهم لم يضمر في نفسه إزهاق روح المجني عليها وانتوى قتلها إلا بقصد الاستيلاء على قرطها الذهبي إذ أنه بمجرد رؤيته لذلك القرط الذهبي بأذنيها ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتل المجني عليها بهدف وغاية الاستيلاء على ذلك القرط وأنه لذلك الغرض قام باستدراجها إلى المنزل المهجور محل الواقعة منتوياً قتلها والاستيلاء على قرطها المذكور وما أن انفرد بها وفرغ من مواقعتها جنسياً حتى قام بذبحها بالسكين التي كانت معه وبعد ذلك استولى على قرطها الذهبي الذي كان بأذنيها ثم قام ببيعه إلى الشاهد الثالث.... حيث تم ضبطه بأُذن شقيقته ومن ثم يكون هذا الظرف - الارتباط بين جناية القتل العمد وجنحة السرقة - متوافراً في حق المتهم". لما كان ذلك، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضي الموضوع، ولما كان شرط إنزال العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 من قانون العقوبات هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل وعلى محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرفا الاقتران والارتباط المشدد في عقوبة القتل العمد كما هما معرفان به في القانون، إذ أثبت الحكم مقارفة كل من جريمتي قتل المجني عليها ومواقعتها بغير رضاها بفعل مستقل وإتمامها على مسرح واحد وفي نفس الوقت كما أوضح رابطة السببية بين الفعل وارتكاب جنحة السرقة التي كانت الغرض المقصود منه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن أنه مصاب بعاهة في العقل ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم سلامة قوى المتهم العقلية فالثابت بالأوراق أن المحكمة كانت قد أمرت بإيداعه مستشفى الأمراض العقلية وتم إيداعه بها وورد التقرير الطبي فيها يفيد سلامة قوى المتهم العقلية وأنه متمتع بالوعي والإدراك وقت الحادث وحتى الآن ومن ثم يكون الدفع قائم على غير أساس متعيناً رفضه". وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع وعول عليه - ضمن ما عول - في قضائه، وهو ما يتضمن الرد على ما أثاره دفاع الطاعن لدى محكمة الموضوع في شأن اعتراف المحكوم عليه، فإنه يكون برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيحة من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.... .

الطعن 7235 لسنة 63 ق جلسة 4 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 97 ص 640

جلسة 4 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نائبي رئيس المحكمة وطه سيد قاسم وزغلول البلشي.

-----------------

(97)
الطعن رقم 7235 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(2) شروع.
الشروع. ماهيته؟. المادة 45 عقوبات.
(3) سرقة. قصد جنائي. حكم "بيانات التسبيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة. ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة. إلا إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة.
(4) سرقة. شروع. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد اعتراض الطاعن الأول طريق الآخرين حال عودتهم بالمسروقات وإطلاق أعيرة نارية عليهم. لا يفيد توافر البدء في التنفيذ وقصد السرقة.
(5) نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة".
القول بعدم الجدوى من الطعن باعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز سلاح مششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضي بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة. لا محل له. ما دام أنه ينازع في الواقعة بأكملها.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محاماة. بطلان.
وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات للدفاع عنه.
تولى محام غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية الدفاع عن المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات. أثره: بطلان إجراءات المحاكمة. أساس ذلك؟.

-------------------
1 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً.
2 - من المقرر أن الشروع كما عرفته المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها.
3 - من المقرر أن تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة وإن كان له شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بجريمة الشروع في سرقة بالإكراه ولم يقل في ذلك إلا أن المتهم الثاني - الطاعن الثاني - وآخرين قاموا بسرقة كمية من فضلات الألمونيوم من مصنع شركة.... ووضعوها في أجولة داخل سيارات، وحال عودتهم بالمسروقات اعترض الطاعن الأول طريقهم وأطلق عليهم وابلاً من الأعيرة النارية قاصداً سرقتها إلا أنه لم يتمكن من ذلك لفراره إثر حضور خفراء المنطقة خشية ضبطه والجريمة متلبس بها، فإنه يكون معيباً إذ هو لم يأت بما يفيد توافر البدء في التنفيذ وقصد السرقة وهما من الأركان التي لا تقوم جريمة الشروع في السرقة إلا بهما.
5 - لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز السلاح الناري المششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة، ما دام الطاعن ينازع في طعنه في الواقعة التي اعتنقها الحكم بأكملها سواء فيما يتعلق بتواجده على مسرح الجريمة أثناء الحادث أو إحراز السلاح الناري وذخيرته.
6 - لما كان من المقرر أنه يجب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات يتولى الدفاع عنه، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو أمام المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات، وكان يبين من كتاب نقابة المحامين المرفق أن المحامي الذي قام بالدفاع عن الطاعن الثاني غير مقبول للمرافعة أمام هذه المحكمة إلا بتاريخ.... فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهم الأول: أ - قتل.... عمداً بأن أطلق صوبه عدة أعيرة نارية من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ب - شرع في سرقة الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة لشركة.... والتي كانت في حيازة المتهم الثاني وآخرين بالإكراه بأن اعترض طريقهم وهو حامل لبندقية آلية وأطلق منها صوبهم أعيرة نارية وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو حضور خفراء المنطقة وفراره من مكان الحادث خشية ضبطه متلبساً بجريمته. جـ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية). د - أحرز ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. هـ - أتلف عمداً أجزاء السيارات المبينة بالتحقيقات. المتهم الثاني: سرق وآخر الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة لشركة.... حالة كونهما شخصان ويحمل الآخر سلاحاً وكان ذلك ليلاً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 314/ 1، 316، 361/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 - 6، 26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة سبع سنوات عن التهم الثانية والثالثة والرابعة والخامسة المسندة إليه وبراءته من التهمة الأولى. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الشروع في سرقة بالإكراه وإحراز سلاح ناري مششخن "بندقية" وذخائر مما تستعمل فيه بغير ترخيص والإتلاف العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ولم يستظهر نية السرقة رغم أنها كانت محل منازعة - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً، وكان الشروع كما عرفته المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها - لما كان ذلك، وكان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة وإن كان ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بجريمة الشروع في سرقة بالإكراه ولم يقل في ذلك إلا أن المتهم الثاني - الطاعن الثاني - وآخرين قاموا بسرقة كمية من فضلات الألمونيوم من مصنع شركة.... ووضعوها في أجولة داخل سيارات، وحال عودتهم بالمسروقات اعترض الطاعن الأول طريقهم وأطلق عليهم وابلاً من الأعيرة النارية قاصداً سرقتها إلا أنه لم يتمكن من ذلك لفراره إثر حضور خفراء المنطقة خشية ضبطه والجريمة متلبس بها، فإنه يكون معيباً إذ هو لم يأت بما يفيد توافر البدء في التنفيذ وقصد السرقة وهما من الأركان التي لا تقوم جريمة الشروع في السرقة إلا بهما. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه. ولا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز السلاح الناري المششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة، ما دام الطاعن ينازع في طعنه في الواقعة التي اعتنقها الحكم بأكملها سواء فيما يتعلق بتواجده على مسرح الجريمة أثناء الحادث أو إحراز السلاح الناري وذخيرته، وإذ كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلاً بتقدير الواقع، فإنه يتعين إعادة استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة سرقة ليلاً من شخصين يحمل أحدهما سلاحاً قد شابه بطلان في الإجراءات أثر فيه، ذلك بأن المحامي الذي حضر معه أمام محكمة الجنايات غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه ومحضر جلسة المحاكمة بتاريخ.... أنه حضر مع الطاعن الثاني أمام محكمة الجنايات الأستاذ/ .... المحامي وهو الذي شهد المحاكمة وقام بالدفاع عنه، ولما كان من المقرر وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات يتولى الدفاع عنه، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو أمام المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات، وكان يبين من كتاب نقابة المحامين المرفق أن المحامي الذي قام بالدفاع عن الطاعن الثاني غير مقبول للمرافعة أمام هذه المحاكم إلا بتاريخ....، فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة بما يعيب الحكم ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 20110 لسنة 62 ق جلسة 4 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 96 ص 636

جلسة 4 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نائبي رئيس المحكمة وطه سيد قاسم وسلامة عبد المجيد.

------------

(96)
الطعن رقم 20110 لسنة 62 القضائية

 (1)إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان.
وقف المحكمة الدعوى وإعادتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها. استئناف السير فيها يوجب دعوة الخصوم للاتصال بالدعوى.
تمام الدعوى بإعلان الخصوم وفق أحكام القانون.
 (2)معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان. حكم "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إخطار المعلن إليه بحصول إعلانه لجهة الإدارة. وجوب تمامه بكتاب مسجل في موطنه الأصلي أو المختار. مخالفة ذلك: بطلان الإعلان. المادتان 11، 19 مرافعات.
مجرد التأشير بنهاية الإعلان بما يفيد الإخطار. عدم كفايته مجرداً تدليلاً على تمامه وفق القانون. أثر ذلك: بطلان الإعلان والحكم الصادر في المعارضة بناء عليه.
قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي بناء على إعلان باطل. يبطله.

-----------------
1 - من المقرر أنه متى أوقفت المحكمة الدعوى وأعادتها للنيابة إثر اتخاذ شئونها بالنسبة للطعن بالتزوير، استئنافاً للسير فيها تحتم دعوة الخصوم للاتصال بها ولا تتم هذه الدعوة إلا بإعلانهم على الوجه المنصوص عليه في القانون.
2 - لما كانت المادة 11 من قانون المرافعات توجب على المحضر إذا لم يجد من يصح تسليم الإعلان إليه في موطن المراد إعلانه أو امتنع من وجد فيه عن التوقيع على الأصل بالاستلام أو عن استلام الصورة أن يعلنه في اليوم ذاته في مواجهة الإدارة وأن يوجه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً مسجلاً يخطره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة وكانت المادة 19 من قانون المرافعات قد رتبت البطلان على عدم مراعاة هذه الإجراءات، وكان يبين من الاطلاع على إعلان الطاعن بجلسة.... المشار إليها التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بأن المحضر الذي باشر الإعلان قام بإعلانه لجهة الإدارة يوم.... لعدم الاستدلال عليه وأثبت في نهاية الإعلان أنه أخطر عنه في ذات اليوم وهي عبارة لا تفيد بذاتها قيام المحضر بإرسال كتاب للمعلن إليه - الطاعن - في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن صورة الإعلان سلمت إلى جهة الإدارة وأن الإخطار تم بطريق المسجل، ومن ثم فإن إعلان الطاعن لجهة الإدارة يكون قد تم باطلاً ولا يصح أن يبنى عليه الحكم في معارضته، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه بناء على ذلك الإعلان الباطل فإنه يكون باطلاً.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح سوهاج ضد الطاعن بوصف أنه: أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً في الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض المطلوب قد شابه البطلان، ذلك أنه قضى في معارضته الاستئنافية بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، رغم أنه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بالجلسة التي صدر فيها الحكم مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن محكمة سوهاج الكلية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعن شكلاً للتقرير به بعد الميعاد فقرر المحكوم عليه بالطعن بالمعارضة في الحكم المذكور وتحدد لنظر المعارضة جلسة.... وفيها مثل الطاعن وطعن بالتزوير على الشيك محل الاتهام فقررت المحكمة وقف الدعوى مؤقتاً وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها في هذا الطعن، ثم أعيد تقديم القضية لجلسة.... حيث لم يحضر المعارض - الطاعن - فأصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه استناداً إلى أنه قد تم إعلان الطاعن بهذه الجلسة - وإذ كان من المقرر أنه متى أوقفت المحكمة الدعوى وأعادتها النيابة إثر اتخاذ شئونها بالنسبة للطعن بالتزوير استئنافاً للسير فيها تحتم دعوة الخصوم للاتصال بها ولا تتم هذه الدعوى إلا بإعلانهم على الوجه المنصوص عليه في القانون وكانت المادة 11 من قانون المرافعات توجب على المحضر إذا لم يجد من يصح تسليم الإعلان إليه في موطن المراد إعلانه أو امتنع من وجد فيه عن التوقيع على الأصل بالاستلام أو عن استلام الصورة أن يعلنه في اليوم ذاته في مواجهة الإدارة وأن يوجه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً مسجلاً يخطره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة، وكانت المادة 19 من قانون المرافعات قد رتبت البطلان على عدم مراعاة هذه الإجراءات، وكان يبين من الاطلاع على إعلان الطاعن بجلسة.... المشار إليها التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بأن المحضر الذي باشر الإعلان قام بإعلانه لجهة الإدارة يوم.... لعدم الاستدلال عليه وأثبت في نهاية الإعلان أنه أخطر عنه في ذات اليوم وهي عبارة لا تفيد بذاتها قيام المحضر بإرسال كتاب للمعلن إليه - الطاعن - في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن صورة الإعلان سلمت إلى جهة الإدارة وأن الإخطار تم بطريق المسجل، ومن ثم فإن إعلان الطاعن لجهة الإدارة يكون قد تم باطلاً ولا يصح أن يبنى عليه الحكم في معارضته، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه بناء على ذلك الإعلان الباطل فإنه يكون باطلاً بما يوجب نقضه والإعادة وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.

الطعن 4385 لسنة 63 ق جلسة 2 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 95 ص 631

جلسة 2 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ وعبد الله المدني نواب رئيس المحكمة وعاطف عبد السميع.

-----------------

(95)
الطعن رقم 4385 لسنة 63 القضائية

(1) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. إثبات "بوجه عام". نيابة عامة.
لمأمور الضبط القضائي سؤال المتهم دون استجوابه تفصيلاً. محضره عنصر من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه.
(2) استجواب. مأمورو الضبط القضائي. استدلالات.
الاستجواب المحظور على غير سلطة التحقيق. ماهيته؟
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". استجواب. مواجهة.
المواجهة كالاستجواب من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط اتخاذها.
(4) استجواب. مأمورو الضبط القضائي. إثبات "بوجه عام" "مواجهة". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نطاق الطعن" "أثر الطعن".
إقامة الحكم قضاءه على الدليل المستمد من الاستجواب الباطل. يعيبه. تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
صدور الحكم غيابياً بالنسبة إلى أحد المتهمين. عدم امتداد أثر النقض إليه.

-------------------
1 - من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستوجبه تفصيلاً، وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة، ويكون هذا المحضر من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه.
2 - من المقرر أن الاستجواب المحظور قانوناً على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله، ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف.
3 - من المقرر أن المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي اتخاذها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - ضمن الأدلة التي تساند إليها في إدانة الطاعن والمحكوم عليه الثاني على الدليل المستمد من هذا الاستجواب الباطل، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد صدر غيابياً بالنسبة إلى المتهم الثاني فلا يمتد إليه أثر النقض. بل يقتصر على الطاعن وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ..... "طاعن" 2 - .... - المتهم الأول بصفته موظفاً عاماً" سائق بشركة أسمنت العامرية "إحدى وحدات القطاع العام" استولى بغير حق على شكائر الأسمنت المعدة للتعبئة المبينة بالأوراق والبالغ قيمتها 1604.124 مليمجـ والمملوكة لشركة.... على النحو المبين بالتحقيقات المتهم الثاني: أخفى الأشياء المتحصلة من جناية الاستيلاء موضوع التهمة الأولى مع علمه بذلك وأحالتهما إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 113/ 1، 118، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات بمعاقبة كلاً منهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريم المتهم الأول ألف وستمائة وأربع جنيهات ومائة وأربعة وعشرين مليماً وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان استجواب مأمور الضبط القضائي له في محضر ضبط الواقعة المؤرخ....، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون، وعول في إدانته - ضمن ما عول عليه - على الدليل المستمد من هذا الإجراء الباطل. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه، بعد أن حصل واقعة الدعوى، وأوضح دور كل من المتهمين فيها، استمد الدليل على ثبوت الاتهام المنسوب إلى كل منهما من شهادة كل من النقيب.... و.... و.... و.... و....، ومما أدلى به المتهم الثاني بتحقيقات النيابة، ومن إقرار المتهمين بمحضر ضبط الواقعة ثم عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان استجوابه بهذا المحضر وأطرحه بقوله "إن ما أثبته الشاهد الأول - مأمور الضبط القضائي في محضره بعد أن أقر له المتهم - الطاعن - شفاهة باستيلائه على المضبوطات هو سماع أقواله في محضره حيث أقر بارتكابه الحادث دون أن يقوم بمناقشته تفصيلياً وإنما استوضح حقيقة ما أقر به، وبالتالي فإن ما قام به مأمور الضبط القضائي ليس إلا التزاماً بما يوجبه عليه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 36 منه التي تنص على أنه يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المضبوط، ومن ثم فلا وجه للدفع المبدى في هذا الشأن". لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستوجبه تفصيلاً، وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة، ويكون هذا المحضر من عناصر الدعوى. تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه، وكان الاستجواب المحظور قانوناً على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله، ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف، ومن المقرر أيضاً أن المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي اتخاذها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر ضبط الواقعة المؤرخ.... أن مأمور الضبط القضائي بعد أن تلقى أقوال الطاعن استرسل (مأمور الضبط القضائي) في مناقشته تفصيلاً فيما جاء بأقواله وواجهه بالأدلة القائمة في حقه مما أدلى به المتهم الثاني والشهود ثم انتهى إلى توجيه الاتهام إليه بارتكاب الجريمة المسندة إليه، فيكون ما صدر عن مأمور الضبط القضائي من مواجهة الطاعن بالأدلة القائمة ضده ومناقشته تفصيلياً فيها وتوجيه الاتهام إليه إنما ينطوي على استجواب محظور في تطبيق الفقرة الأولى من المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - ضمن الأدلة التي تساند إليها في إدانة الطاعن والمحكوم عليه الثاني على الدليل المستمد من هذا الاستجواب الباطل، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد صدر غيابياً بالنسبة إلى المتهم الثاني فلا يمتد إليه أثر النقض. بل يقتصر على الطاعن وحده.