جلسة 17 من مايو سنة 2021
برئاسة السيد القاضي/ محمد فوزي خفاجي "نائب رئـيس المحكمـة"، وعضوية السادة القضاة/ محمد محسن غبارة، علي مرغني الصادق، أمين طنطـاوي محمد ومجدي حسن الشريف "نواب رئيس المحكمة".
---------------
(67)
الطعن رقم 10503 لسنة 90 القضائية
(2،1) إثبات " قرينة مشروعية سبب الالتزام " " عبء الإثبات في الصورية " .
(1) سبب الدين . اعتباره مشروعًا ولو لم يذكر في سنده . ذكر السبب في سند الدين . اعتباره السبب الحقيقي الذي قبل المدين الالتزام من أجله . ادعاء المدين عدم صحته أو صوريته . وجوب إقامته الدليل على ذلك . المادتان 136 ، 137 مدني.
(2) إثبات المديونية في السند . لا يحرم المدين من المنازعة في صحته .
(3-5) التزام " من أركان الالتزام : سبب الالتزام " .
(3) سند المديونية . شرطه . الرضا والأهلية ومشروعية المحل والسبب .
(4) ركن السبب في سند المدين . أساسه . العلاقة الأصلية التي ترتب عليها إنشاء السند . مؤداه . استناد الالتزام فيما بين المدين والدائن إلى هذه العلاقة . أثره . للأول أن يتمسك في مواجهة الثاني بانعدام المديونية وبطلان الالتزام .
(5) تمسك الطاعن بتوقيعه على إيصال الأمانة سند الدعوى على بياض لآخر كضمان لحين تحرير قائمة المنقولات الزوجية . أثره . صورية سبب الالتزام . مؤداه . براءة ذمة الطاعن من الدين . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه بإلزام الطاعن بالمبلغ كقيمة منقولات زوجية للمطعون ضده دون وجود رابطة قانونية بمالكة المنقولات . خطأ ومخالفة للقانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن مؤدى نص المادتين 136 ، 137 من القانون المدني أن المشرع قد وضع قرينة قانونية يُفترض بمقتضاها أن للدين سببًا مشروعًا ولو لم يذكر هذا السبب في سند الدين، فإنْ ذُكر فإنه يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله، وإن ادعى المدين أن السبب المذكور في السند غير صحيح أو أنه سبب صوري كان عليه أن يقيم الدليل على ذلك.
2- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أن السند المثبت للمديونية لا يحرم المدين من المنازعة في صحة هذا الدين.
3-المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن سند المديونية يُشترط فيه الأركان الأربعة اللازمة للتعاقد، وهي الرضا، والأهلية، ومشروعية المحل، والسبب.
4- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنه يُقصد بالسبب، سبب التزام المدين، والذي يكمن في العلاقة القانونية بينه وبين الدائن، والتي ترتب عليها إنشاء سند المديونية، مما يكون معه التزام المدين قِبل الدائن مُستندًا إلى العلاقة الأصلية التي من أجلها حُرر سند المديونية؛ باعتبار أن هذه العلاقة ذاتها هي مصدر الالتزام الأصلي، فيصدران من أصل واحد، كما يستندان على سبب واحد، بما يكون معه للمدين أن يتمسك في مواجهة دائنه بانعدام السبب، أي انعدام مديونيته، وما يترتب على ذلك من بطلان الالتزام.
5- إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم مديونيته للمطعون ضده بالمبلغ الوارد بإيصال الأمانة سند الدعوى؛ لتوقيعه عليه على بياض كضمان لحين تحرير قائمة منقولات الزوجية وسلمه لوالد زوجته، الذي سلمه بدوره إلى المطعون ضده (عم زوجته)، والذي لا تربطه به أية علاقة قانونية، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته أنه قد خلص مما اطمأن إليه من شهود طرفي الدعوى إلى وجود المانع الأدبي، والذي يجيز للطاعن إثبات صورية سبب الالتزام، وأنه قد وقع على الإيصال سند الدعوى على بياض كضمان لحين تحرير قائمة منقولات الزوجية، مما مؤداه انعدام مديونيته للمطعون ضده بالمبلغ الثابت بالسند لصورية سببه وبراءة ذمته من هذا الدين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالمبلغ المقضي به كقيمة منقولات زوجية، وألزم الطاعن بأدائه للمطعون ضده الذي لا تربطه ثمة رابطة قانونية بمالكة هذه المنقولات تبرر قضاءه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لخروجه عن نطاق الخصومة المطروحة عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعدَ الاطلاعِ على الأوراق، وسماعِ التقريرِ الذي تلاه السيدُ القاضي المقررُ، والمرافعةِ، وبعد المداولةِ.
حيثُ إنَّ الطعنَ استوفى أوضاعَه الشكليِّةَ.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2017 مدني محكمة المحلة الكبرى الابتدائية "مأمورية زفتى" بعد رفض طلب أمر الأداء بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ تسعمائة ألف جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، على سند من أنه يداينه بهذا المبلغ بموجب إيصال أمانة، وأنه امتنع عن الوفاء به رغم إنذاره، فقد أقام الدعـوى. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا "مأمورية المحلة الكبرى" بالاستئناف رقم ... لسنة 13 ق، والتي أحالت الدعوى للتحقيق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين، قضت بتاريخ 3/3/2020 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بمبلغ ثلاثمائة ألف جنيه وفائدة قانونية 4% سنويًا من تاريخ صدور الحكم وحتى تمام السداد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال؛ إذ تمسك أمام محكمة الموضوع بأن إيصال الأمانة موضوع الدعوى لا يمثل مديونية حقيقية، ويفتقر إلى سببه، وقد وقَّع عليه على بياض ضمانًا لتحرير قائمة منقولات الزوجية، وسلمه إلى والد زوجته الذي سلمه بدوره إلى المطعون ضده –عم زوجته–، الذي قام بملء بيانات الإيصال بما يفيد مديونيته له بمبلغ تسعمائة ألف جنيه رغم انعدام صفته، وقد تأيَّد ذلك بأقوال الشهود، إلا أن الحكم المطعون فيه، رغم أنه خلص بأسبابه إلى أنه وقع على إيصال الأمانة كضمان لتحرير قائمة منقولات زوجية لها، ألزمه بأدائه إلى المطعون ضده الذي لا تربطه به ثمة رابطة قانونية، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر –في قضاء هذه المحكمة– أن مؤدى نص المادتين 136، 137 من القانون المدني أن المشرع قد وضع قرينة قانونية يُفترض بمقتضاها أن للدين سببًا مشروعًا ولو لم يذكر هذا السبب في سند الدين، فإنْ ذُكر فإنه يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله، وإن ادعى المدين أن السبب المذكور في السند غير صحيح أو أنه سبب صوري كان عليه أن يقيم الدليل على ذلك، كما أن السند المثبت للمديونية لا يحرم المدين من المنازعة في صحة هذا الدين؛ ذلك أن سند المديونية يُشترط فيه الأركان الأربعة اللازمة للتعاقد وهي الرضا والأهلية ومشروعية المحل والسبب، ويُقصد بالسبب، سبب التزام المدين، والذي يكمن في العلاقة القانونية بينه وبين الدائن والتي ترتب عليها إنشاء سند المديونية، مما يكون معه التزام المدين قبل الدائن مستندًا إلى العلاقة الأصلية التي من أجلها حرر سند المديونية؛ باعتبار أن هذه العلاقة ذاتها هي مصدر الالتزام الأصلي، فيصدران من أصل واحد، كما يستندان على سبب واحد، بما يكون معه للمدين أن يتمسك في مواجهة دائنه بانعدام السبب، أي انعدام مديونيته وما يترتب على ذلك من بطلان الالتزام. لمَّا كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم مديونيته للمطعون ضده بالمبلغ الوارد بإيصال الأمانة سند الدعوى؛ لتوقيعه عليه على بياض كضمان لحين تحرير قائمة منقولات الزوجية وسلمه لوالد زوجته الذي سلمه بدوره إلى المطعون ضده (عم زوجته)، والذي لا تربطه به ثمة علاقة قانونية، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته أنه قد خلُص مما اطمأن إليه من شهود طرفي الدعوى إلى وجود المانع الأدبي، والذى يجيز للطاعن إثبات صورية سبب الالتزام، وأنه قد وقع على الإيصال سند الدعوى على بياض كضمان لحين تحرير قائمة منقولات الزوجية، مما مؤداه انعدام مديونيته للمطعون ضده بالمبلغ الثابت بالسند لصورية سببه وبراءة ذمته من هذا الدين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالمبلغ المقضي به كقيمة منقولات زوجية، وألزم الطاعن بأدائه للمطعون ضده الذي لا تربطه أية رابطة قانونية بمالكة هذه المنقولات تبرر قضاءه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه؛ لخروجه عن نطاق الخصومة المطروحة عليه، مما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم، وكان الحكم المستأنف قد ألزم الطاعن بالمبلغ الثابت بالسند رغم عدم مديونيته به لصورية سببه، ومن ثم تقضي المحكمة بإلغائه ورفض الدعوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق