الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 2 سبتمبر 2023

الطعن 489 لسنة 74 ق جلسة 17 / 11 / 2018 مكتب فني 69 ق 152 ص 1054

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ سمير فايزي عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصمد محمد هريدي، محمد مأمون سليمان، عبد الناصر عبد اللاه فراج ووليد ربيع السعداوي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(152)
الطعن رقم 489 لسنة 74 القضائية

(1 - 7) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: الأجرة في ظل تشريعات إيجار الأماكن: تحديد الأجرة: تعلقها بالنظام العام، من قواعد تحديد الأجرة" "قرارات لجان تحديد الأجرة والطعن عليها". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال".
(1) تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام قوانين إيجار الأماكن. تعلقه بالنظام العام. أثره.

(2) القواعد الموضوعية والإجرائية المتعلقة بتقدير الأجرة الواردة في قوانين الإيجارات الاستثنائية أرقام 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981. استمرار سريانها في النطاق القانوني لكل منها.

(3) القانون الواجب التطبيق بشأن تقدير أجرة المبنى. تحديده. وفق تاريخ إنشائه.

(4) تقدير الأجرة طبقا للق 52 لسنة 1969. انعقاده للجان تقدير الأجرة. مؤداه. المحكمة الابتدائية جهة طعن لا جهة تقدير. أثره. عدم جواز تصديها ابتداء لتقدير الأجرة. مخالفة ذلك. تجاوز لاختصاصها الولائي المتعلق بالنظام العام.

(5) تحديد أجرة الأماكن المرخص بإنشائها في ظل ق 52 لسنة 1969 والتي لم تحددها لجان تقدير الأجرة المشكلة وفقا لهذا القانون. اختصاص اللجان المشكلة وفقا للق 49 لسنة 1977 بتحديدها سواء قدمت الطلبات للجان الأولى أم لم تقدم. علة ذلك. م 41 ق 52 لسنة 1969 و12 ق 49 لسنة 1977.

(6) الفساد في الاستدلال. ماهيته.

(7) ثبوت خضوع عين النزاع للق 52 لسنة 1969. وجوب تقدير أجرتها بمعرفة اللجان المشكلة وفقا لذلك القانون. تقدم الطاعن (المستأجر) بطلب إلى تلك اللجان بعد العمل بأحكام القانون 49 لسنة 1977. صيرورة اللجان المشكلة بمقتضى القانون الأخير في المختصة بنظرها. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بتأييد الحكم المستأنف بعدم جواز لجوء الطاعن إلى لجان تحديد الأجرة المشكلة طبقا للق 52 لسنة 1969 التي يشترط لصحة انعقادها حضور أحد عضوي الاتحاد الاشتراكي العربي الذي لم يعد له وجود. فساد وخطأ.

---------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تحديد أجرة الأماكن طبقا للقوانين المحددة للإيجارات من النظام العام، إذ تتحدد به- متى صار نهائيا- القيمة الإيجارية إزاء الكافة.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن قوانين الإيجارات الاستثنائية أرقام 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 قد نص كل منها على القواعد الموضوعية المتعلقة بتقدير أجرة الأماكن الخاضعة لأحكامه والقواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في الأحكام الصادرة فيها، وهذه القواعد الموضوعية أو الإجرائية تختلف من قانون لآخر ويستمر العمل بأحكامه وتظل واجبة التطبيق في نطاق سريان القانون الذي أوجبها.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن العبرة في تحديد القانون الواجب التطبيق بشأن تقدير أجرة المبنى هو تاريخ إنشائه.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن مؤدي نصوص المواد 8، 9، 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المشرع اختص بتقدير إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لجانا خاصة جعل من سلطتها إجراء هذا التقدير طبقا للأسس التي وضعها، وخول لكل من المالك والمستأجر الحق في الطعن في قرارها أمام المحكمة الابتدائية المختصة، وهي بذلك تكون جهة طعن لا جهة تقدير، فلا يحق لها أن تتصدى ابتداء لتقدير أجرة تلك الأماكن، فإن تصدت وأصدرت قرارا بتقدير أجرة تلك الأماكن فإنها تكون قد تجاوزت ولايتها واختصاصها المبين في القانون على سبيل الحصر، وهذا الاختصاص الذي نص عليه القانون رقم 52 لسنة 1969 هو من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام، ويعتبر مطروحا دائما على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي به من تلقاء نفسها.

5 - النص في المادة 12 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أن "تتولى تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون وتوزيعها على وحداته لجان يصدر بتشكيلها قرار من المحافظ المختص ..."، ولم تبين تلك المادة ما إذا كانت هذه اللجان تختص بتحديد أجرة الأماكن التي رخص بإنشائها قبل العمل بالقانون المذكور، سواء كانت الطلبات الخاصة بها قد عرضت على اللجان المشكلة وفقا للقانون رقم 52 لسنة 1969 أم لم تعرض عليها كما فعل القانون الأخير بنصه في المادة 41 منه على أن "تستمر لجان تقدير القيمة الإيجارية بتشكيلها المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 في أعمالها لحين الانتهاء من الحالات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون ..." إذ أفاد هذا النص بمفهوم المخالفة أن الحالات التي لم تعرض على اللجان القديمة حتى بدء العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 تختص بها اللجان المشكلة وفق القانون الأخير، مما يتعين معه الرجوع في هذا الصدد إلى المبادئ العامة في سريان قوانين المرافعات من حيث الزمان، وفي هذا تنص المادة الأولى منه على أن "تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، ويستثنى من ذلك: (1) القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى ..."، وعلى ذلك فإن تحديد أجرة الأماكن المرخص بإقامتها قبل العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 بتاريخ 9/9/1977 والتي لم يتم تحديد أجرتها تختص بها اللجان المشكلة وفقا لهذا القانون، فإذا لم تكن طلبات تقدير أجرة هذه الأماكن قد قدمت بعد إلى اللجان القديمة، فإنها تقدم مباشرة إلى اللجان الجديدة، أما إذا كانت هذه الطلبات معروضة على اللجان القديمة فإنه يتعين إحالتها إلى اللجان الجديدة ما لم يكن قد أقفل فيها باب المرافعة قبل ذلك، ولا يقدح في هذا النظر أن المادة المذكورة قد نصت في فقرتها الأولى على أن اللجان التي أنشئت بمقتضاها تتولى تحديد أجرة الأماكن الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1977، لأن هذا النص لم يرد في صيغة القصر أو الحصر.

6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا أنطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها بأن كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدي عقلا إلى ما انتهى إليه، أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها.

7 - إذ كان البين من الأوراق- وبما لا خلاف عليه بين الخصوم- أن تاريخ إنشاء العين محل النزاع هو تاريخ التعديل الجوهري بالدور الأرضي الكائنة به العين عام 1972/1973، مما يخضعها في تحديد أجرتها القانونية لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 التي أوجبت تقديرها بمعرفة لجان مختصة بذلك دون سواها، مما لا يجوز معه لأي جهة أخرى أو الأفراد من الملاك أو المستأجرين نزع هذا الاختصاص الوظيفي منها أو الاتفاق على مخالفته باعتبارها قواعد قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تقدم بطلب إلى لجنة تحديد الأجرة بمركز ومدينة المنزلة- دقهلية لتقدير القيمة الإيجارية للعين محل النزاع، وكان ذلك بتاريخ 31/10/2000- بعد العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/9/1977 - ومن ثم تكون لجان تحديد الأجرة المشكلة بمقتضى هذا القانون الأخير هي المختصة بنظر ذلك الطلب، أخذا بمفهوم المخالفة لنص المادة 41 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي أبقت على استمرار لجان تقدير الأجرة بتشكيلها المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون رقم 46 لسنة 1962 في أعمالها لحين الانتهاء من الحالات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون، وكذا نص المادة 12 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي أبقى على لجان تحديد الأجرة ولم يرد في صيغة القصر أو الحصر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد قضاء الحكم المستأنف بعدم جواز لجوء الطاعن إلى لجان تحديد الأجرة بشأن العين محل النزاع تأسيسا على أن "القانون رقم 52 لسنة 1969 قد اشترط لصحة انعقاد تلك اللجان المشكلة بموجبه حضور أحد عضوي الاتحاد الاشتراكي العربي، وهو ما يشير إلى استحالة انعقاده وأنه لم يعد لها وجود"، فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب نقضه، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد صدور قرار من لجنة تقدير الإيجارات المختصة بتحديد الأجرة القانونية للعين محل النزاع، ومن ثم تضحى الدعوى قد أقيمت على غير سند صحيح من القانون متعينا رفضها.

-----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن وباقي المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم ... لسنة 2003 مساكن المنصورة الابتدائية "مأمورية المنزلة" بطلب الحكم بسقوط الحق في تقدير أجرة الشقة المؤجرة منه للطاعن بالعقد المؤرخ 1/3/1986 وانتهاء ولاية لجنة تقدير الإيجارات على تلك الشقة، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد الإيجار سالف الذكر أجر للطاعن الشقة محل النزاع لاستعمالها مكتبا للمحاماة بأجرة شهرية مقدارها ثمانون جنيها، وبصدور القانون رقم 6 لسنة 1997 نازعه الطاعن في قيمة تلك الأجرة بزعم مخالفتها للقانون، وأقام بشأنها دعوى قضائية استؤنفت برقم ... لسنة 53ق "المنصورة"، وحال تداول الاستئناف تقدم بشهادة رسمية تفيد أنه تقدم للجنة المختصة بتقدير الإيجارات بمحافظة الدقهلية لتحديد أجرة عين النزاع وأنه لم يبت في طلبه هذا لتوقف نشاط اللجنة مؤقتا وإعادة تشكيلها في وقت لاحق، فأوقفت المحكمة الاستئناف تعليقا لحين الفصل في تحديد أجرة عين النزاع من لجنة تقدير الإيجارات المختصة، وإذ سقط حق تلك اللجنة في تقدير أجرة العين محل النزاع لعدم صدور قرارها خلال الميعاد المقرر قانونا بنصوص المواد من 15 إلى 19 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1977، ومن ثم أقام الدعوى. حكمت المحكمة بعدم جواز لجوء الطاعن إلى لجان تحديد الأجرة بشأن العين محل النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 55ق "المنصورة"، وبتاريخ 27/1/2004 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه على الرغم من انتهاء الحكم المطعون فيه إلى خضوع العين المؤجرة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 المنشأة في ظله، وأن تحديد أجرتها وفقا للمادة الثامنة من القانون سالف الذكر يكون بمعرفة اللجنة المختصة بتقدير الأجرة والتي حددت تشكيلها واشترطت لصحة انعقادها حضور أحد عضوي الاتحاد الاشتراكي العربي، إلا أنه أيد الحكم الابتدائي بعدم جواز اللجوء إلى لجان تحديد الأجرة على سند من استحالة انعقاد تلك اللجان، وأنه لم يعد لها وجود فعلي، في حين أن مقتضيات العدالة تقتضي أن تكون لجان تحديد الأجرة المشكلة بالقانون رقم 49 لسنة 1977 مختصة بالفصل في طلبات تحديد أجرة الأماكن الخاضعة للقانون رقم 52 لسنة 1969 التي قدمت بعد سريان القانون رقم 49 لسنة 1977 ولم تعرض على اللجان المشكلة بالقانون الأول أو عرضت ولم يفصل فيها ما لم يكن قد أقفل فيها باب المرافعة قبل ذلك، لا سيما وأن المادة التاسعة من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد أبقت على قواعد تحديد الأجرة المنصوص عليها بالقانون رقم 52 لسنة 1969 بالنسبة للأماكن الخاضعة لأحكامه، كما أن الحكم قد خلط بين النص على ولاية اللجنة الإدارية المشار إليها استنادا لقرار يصدر من المحافظ المختص وبين ترشيح بعض الأعضاء الداخلين في تشكيل هذه اللجنة - خاصة - أن العضوين اللذين كان القانون رقم 52 لسنة 1969 قد نص على أن يرشحهما الاتحاد الاشتراكي العربي وأن يكون أحدهما من الملاك والآخر من المستأجرين قد انتقل إلى القانون رقم 49 لسنة 1977 مع اختلاف النص على أن يختارهما المجلس المحلي من غير أعضائه، ويكون أحدهما من الملاك والآخر من المستأجرين، وهنا لا تقوم العلة على الجهة التي ترشحهما سواء كان الاتحاد الاشتراكي العربي أم المجلس المحلي، لا سيما وأنه قد قدم أمام محكمة أول درجة ما يفيد أن تشكيل اللجان الخاضعة لها العين محل التداعي ما زال ساريا ومعمولا به، ومن ثم فلا يكون من المستحيل انعقاد اللجنة المختصة لتحديد أجرة عين النزاع، لانعقادها بالفعل وفقا للقانون وقرار محافظ الدقهلية، وأنه قدم لتلك اللجنة طلبا بتاريخ 31/10/2001 ولم يبت فيه لإخطار المطعون ضده الأول رئيس اللجنة بوجود نزاع قضائي حول هذه المسألة بموجب إنذار رسمي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن تحديد أجرة الأماكن طبقا للقوانين المحددة للإيجارات من النظام العام، إذ تتحدد به- متى صار نهائيا- القيمة الإيجارية إزاء الكافة، وأن قوانين الإيجارات الاستثنائية أرقام 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 قد نص كل منها على القواعد الموضوعية المتعلقة بتقدير أجرة الأماكن الخاضعة لأحكامه والقواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في الأحكام الصادرة فيها، وهذه القواعد الموضوعية أو الإجرائية تختلف من قانون لآخر ويستمر العمل بأحكامه وتظل واجبة التطبيق في نطاق سريان القانون الذي أوجبها، وأن العبرة في تحديد القانون الواجب التطبيق بشأن تقدير أجرة المبنى هو تاريخ إنشائه، وأن مؤدي نصوص المواد 8، 9، 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المشرع اختص بتقدير إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لجانا خاصة جعل من سلطتها إجراء هذا التقدير طبقا للأسس التي وضعها، وخول لكل من المالك والمستأجر الحق في الطعن في قرارها أمام المحكمة الابتدائية المختصة، وهي بذلك تكون جهة طعن لا جهة تقدير، فلا يحق لها أن تتصدى ابتداء لتقدير أجرة تلك الأماكن، فإن تصدت وأصدرت قرارا بتقدير أجرة تلك الأماكن فإنها تكون قد تجاوزت ولايتها واختصاصها المبين في القانون على سبيل الحصر، وهذا الاختصاص الذي نص عليه القانون رقم 52 لسنة 1969 هو من قبيل الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام، ويعتبر مطروحا دائما على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي به من تلقاء نفسها، كما أن من المستقر عليه- فقها- أن النص في المادة 12 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أن "تتولى تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون وتوزيعها على وحداته لجان يصدر بتشكيلها قرار من المحافظ المختص ..."، ولم تبين تلك المادة ما إذا كانت هذه اللجان تختص بتحديد أجرة الأماكن التي رخص بإنشائها قبل العمل بالقانون المذكور، سواء كانت الطلبات الخاصة بها قد عرضت على اللجان المشكلة وفقا للقانون رقم 52 لسنة 1969 أم لم تعرض عليها كما فعل القانون الأخير بنصه في المادة 41 منه على أن "تستمر لجان تقدير القيمة الإيجارية بتشكيلها المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 في أعمالها لحين الانتهاء من الحالات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون ..." إذ أفاد هذا النص بمفهوم المخالفة أن الحالات التي لم تعرض على اللجان القديمة حتى بدء العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 تختص بها اللجان المشكلة وفق القانون الأخير، مما يتعين معه الرجوع في هذا الصدد إلى المبادئ العامة في سريان قوانين المرافعات من حيث الزمان، وفي هذا تنص المادة الأولى منه على أن "تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، ويستثنى من ذلك: (1) القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى ..."، وعلى ذلك فإن تحديد أجرة الأماكن المرخص بإقامتها قبل العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 بتاريخ 9/9/1977 والتي لم يتم تحديد أجرتها تختص بها اللجان المشكلة وفقا لهذا القانون، فإذا لم تكن طلبات تقدير أجرة هذه الأماكن قد قدمت بعد إلى اللجان القديمة، فإنها تقدم مباشرة إلى اللجان الجديدة، أما إذا كانت هذه الطلبات معروضة على اللجان القديمة فإنه يتعين إحالتها إلى اللجان الجديدة ما لم يكن قد أقفل فيها باب المرافعة قبل ذلك، ولا يقدح في هذا النظر أن المادة المذكورة قد نصت في فقرتها الأولى على أن اللجان التي أنشئت بمقتضاها تتولى تحديد أجرة الأماكن الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1977، لأن هذا النص لم يرد في صيغة القصر أو الحصر، وكان من المقرر أيضا- في قضاء هذه المحكمة- أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي تثبت لديها بأن كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدي عقلا إلى ما انتهى إليه، أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق- وبما لا خلاف عليه بين الخصوم- أن تاريخ إنشاء العين محل النزاع هو تاريخ التعديل الجوهري بالدور الأرضي الكائنة به العين عام 1972/1973، مما يخضعها في تحديد أجرتها القانونية لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 التي أوجبت تقديرها بمعرفة لجان مختصة بذلك دون سواها، مما لا يجوز معه لأي جهة أخرى أو الأفراد من الملاك أو المستأجرين نزع هذا الاختصاص الوظيفي منها أو الاتفاق على مخالفته باعتبارها قواعد قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تقدم بطلب إلى لجنة تحديد الأجرة بمركز ومدينة المنزلة- دقهلية لتقدير القيمة الإيجارية للعين محل النزاع، وكان ذلك بتاريخ 31/10/2000- بعد العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/9/1977- ومن ثم تكون لجان تحديد الأجرة المشكلة بمقتضى هذا القانون الأخير هي المختصة بنظر ذلك الطلب، أخذا بمفهوم المخالفة لنص المادة 41 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي أبقت على استمرار لجان تقدير الأجرة بتشكيلها المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون رقم 46 لسنة 1962 في أعمالها لحين الانتهاء من الحالات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون، وكذا نص المادة 12 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي أبقى على لجان تحديد الأجرة ولم يرد في صيغة القصر أو الحصر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد قضاء الحكم المستأنف بعدم جواز لجوء الطاعن إلى لجان تحديد الأجرة بشأن العين محل النزاع تأسيسا على أن "القانون رقم 52 لسنة 1969 قد اشترط لصحة انعقاد تلك اللجان المشكلة بموجبه حضور أحد عضوي الاتحاد الاشتراكي العربي، وهو ما يشير إلى استحالة انعقاده وأنه لم يعد لها وجود"، فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث السبب الثاني من سببي الطعن.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد صدور قرار من لجنة تقدير الإيجارات المختصة بتحديد الأجرة القانونية للعين محل النزاع، ومن ثم تضحي الدعوى قد أقيمت على غير سند صحيح من القانون متعينا رفضها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق