الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 8 سبتمبر 2023

الطعن 110 لسنة 47 ق جلسة 15 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 211 ص 1133

جلسة 15 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار: نائب رئيس المحكمة - حافظ رفقي وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد، علي عمرو وعزت حنوره.

------------------

(211)
الطعن رقم 110 لسنة 47 القضائية

(1) بيع.
البيع من حق التقرير بالشراء عن الغير، ماهيته.
(2) تزوير.
النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه بالتزوير، م 57 إثبات، وجوب أن يكون قبل صدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير، علة ذلك.

----------------
1 - البيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير وإن لم يرد فيه نص في التقنين المدني إلا أنه من الجائز التعامل به، ويجب لإعمال آثار هذا النوع من البيع أن يذكر شرط اختيار الغير في العقد بأن يحتفظ المشتري عند إبرام العقد بحقه في التقرير بالشراء عن الغير ويتفق مع البائع على مدة يعلن المشتري خلالها اسم من اشترى له الصفقة، فإذا أفصح المشتري الظاهر عن المشتري المستتر في الميعاد المتفق عليه اعتبر البيع صادراً من البائع إلى هذا المشتري المستتر مباشرة وانصرفت إليه آثاره دون حاجة إلى بيع جديد له من المشتري الظاهر.
2 - مفاد النص في المادة 57 من قانون الإثبات أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يستتبعه من إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير ينبغي أن يتم قبل صدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير، أما من بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإعمال هذا النص إذ قد انتهت إجراءات هذا الادعاء بالفعل بصدور قضاء فيها استنفدت المحكمة بمقتضاه ولايتها على هذه المسألة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها قدمت لرئيس محكمة القاهرة الابتدائية عريضة لاستصدار أمر بإلزام الطاعن الأول أن يؤدي لها في مواجهة الطاعنين الثاني والثالث مبلغ 16265 جنيهاً و110 مليماً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، وقالت بياناً لذلك أنها باعت إلى الطاعن الأول أرضاً زراعية مساحتها 50 فدان 15 قيراط 11 سهم بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 8/ 5/ 1960 صدر من وكيلها لقاء ثمن مقداره 20765 جنيهاً و110 مليماً أدى منه حال انعقاد العقد ألفين وخمسمائة جنيه واتفق على دفع الباقي على أقساط نهايتها 15/ 11/ 1962 وفي منها مبلغ ألفي جنيه وامتنع عن سداد الباقي، وإذ كانت قد علمت بتصرفه في بعض القدر المبيع إلى الطاعنين الثاني والثالث لذا فهي تطلب أن يكون إلزامه بأداء باقي الثمن في مواجهتهما، وإذ امتنع رئيس المحكمة عن إصدار الأمر بالأداء انعقدت خصومة الدعوى رقم 829 لسنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة للحكم بالطلبات آنفة الذكر، وبتاريخ 21 من إبريل سنة 1973 قضت المحكمة بطلبات المطعون ضدها، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف الرقيم 3990 لسنة 90 قضائية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى، وأثناء نظر الاستئناف قدم الطاعنون كشف حساب مؤرخ 20/ 3/ 65 يحمل توقيعاً منسوباً إلى وكيل المطعون ضدها متضمناً تصفية حساب ثمن الأرض المبيعة الذي أسفر عن أن الباقي من الثمن أصبح منحصراً في مبلغ ألفين من الجنيهات، فاتخذت المطعون ضدها إجراءات الطعن بالتزوير على هذا المحرر، ومن بعد تحقيق هذا الطعن قضت المحكمة بتاريخ 22 من مارس سنة 1976 برد وبطلان ذلك المحرر وإلزام الطاعن الأول مصاريف إجراءات الادعاء بالتزوير وحددت جلسة لنظر موضوع النزاع، ثم قضت بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1976 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين أبانوا في طعنهم أن الطعن أقيم على سببين يتعلقان بالطاعن الأول وثلاثة أسباب تخص نعي الطاعنين الثاني والثالث.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى بالسبب الأول من سببي طعنه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه لم يقدم لمحكمة الاستئناف كشف الحساب المؤرخ 2/ 3/ 1965 ولم يركن إليه في دفاعه بل كان الطاعنان الثاني والثالث هما اللذان تمسكا به فلا يكون طرفاً في إجراءات الادعاء بالتزوير التي اتخذتها المطعون ضدها على هذا المحرر، وإذ كان الحكم المطعون فيه قضى برده وبطلانه مع إلزامه مصروفات الادعاء بالتزوير فإنه قد أخطأ فهم واقع الدعوى أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بتحميله مصاريف إجراءات ذلك الادعاء الذي لم يكن طرفاً فيه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت بالأوراق أن الطاعن الأول هو الذي حكم عليه وحده من محكمة أول درجة بأداء باقي الثمن في مواجهة الطاعنين الثاني والثالث فأقام ثلاثتهم استئنافاً عن هذا الحكم وتمسكوا في صحيفة استئنافهم بتصفيته حساب باقي الثمن بمقتضى مؤرخ 20/ 3/ 1965 صادر من وكيل المطعون ضدها وقدموا للمحكمة هذا المحرر بحافظة عنونت بأسمائهم الثلاثة وأورد الحكم المطعون فيه بمدوناته أن الطاعن الأول قدم تقرير خبير استشاري تضمن صحة التوقيع بالورقة المدعي بتزويرها رداً على تقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي الذي ندبته المحكمة، ومن ثم يكون هذا الطاعن هو خصم أصيل في إجراءات الادعاء بالتزوير إذ طرحت الورقة المقدمة منه مع الطاعنين الآخرين وتمسك بما حوته من بيانات وحمل لواء المنازعة بشأن الادعاء بتزويرها، ولما كان الأصل في تحمل مصروفات التقاضي وفقاً لنص المادة 174 من قانون المرافعات أن تكون هذه المصروفات على عاتق الخصم خاسر الدعوى وهو من رفعها أو دفعها بغير وجه حق، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ قضى بإلزام الطاعن الأول مصاريف إجراءات الادعاء بالتزوير اعتباراً بأنه محكوم عليه فيها بالقضاء برد وبطلان ذلك المحرر الذي تمسك به ونازع بشأن الادعاء بتزويره مما يكون معه النعي الذي يثيره في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من سببي طعن الطاعن الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن عقد البيع تضمن نصاً يخول له حق اختيار الغير في الشراء وتنفيذاً لهذا النص أعلم المطعون ضدها باختياره الطاعنين الثاني والثالث مشترين مما يستتبع انصراف آثار العقد إليهما ولا يكون هو إلا نائباً عنهما في إبرام البيع اعتباراً بأن التكييف القانوني للعقد هو البيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير الذي يترتب على انعقاده نفاذه في حق المشتري الظاهر إلى أن يعمل حقه في اختيار الغير فإنه أعمله وقعت الصفقة لهذا الغير وأنه المشتري مباشرة من البائع وأن المشتري الظاهر لم يكن إلا وكيلاً عنه، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى التكييف القانوني السليم لعقد البيع والتفت عن دفاعه معتبراً إياه طرفاً في العقد ملتزماً بأداء باقي الثمن على سند من أنه قدم اعتراضاً لهيئة الإصلاح الزراعي عند الاستيلاء على الأرض المبيعة بوصفه مشترياً وأنه إنما باع للطاعنين الثاني والثالث بعقد آخر مساحة تقل عن تلك التي اشتراها وأن عقد البيع محل النزاع اشترط فيه تضامنه مع من يدخله في الصفقة، في حين أن هذه المبررات التي ساقها الحكم لا تؤثر في كون عقد البيع وفقاً لنصوصه تضمن الشراء المقرون بشرط اختيار الغير والذي يؤدى إلى اعتباره وكيلاً عن الطاعنين الثاني والثالث اللذين تخيرهما مشتريين، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن البيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير وإن لم يرد فيه نص في التقنين المدني إلا أنه من الجائز التعامل به، ويجب لإعمال آثار هذا النوع من البيع أن يذكر شرط اختيار الغير في العقد بأن يحتفظ المشتري عند إبرام العقد بحقه في التقرير بالشراء عن الغير ويتفق مع البائع على مدة يعلن المشتري خلالها اسم من اشترى له الصفقة، فإذا أفصح المشتري الظاهر عن المشتري المستتر في الميعاد المتفق عليه أعتبر البيع صادراً من البائع إلى هذا المشتري المستتر مباشرة وانصرفت إليه آثاره دون حاجة إلى بيع جديد له من المشتري الظاهر، وإذ كان البين من عقد البيع الابتدائي محل التداعي أنه تضمن بالبندين الأول والثاني بيع المطعون ضدهما إلى الطاعن الأول الأرض الزراعية المبينة به لقاء ثمن مقداره 20765 جنيهاً و110 مليماً التزم هذا الأخير بأدائه في المواعيد المحددة بالبند الثاني، ثم جاء بعجز البند السادس عبارة "وللطرف الثاني - المشتري - الحق في أن يدخل معه في عقد البيع النهائي آخرين بشرط تضامن الجميع في كافة التزامات هذا العقد"، وكان مفاد هذه العبارة لا تكشف في دلالتها إلا على مجرد رضا من البائعة يبيح للمشتري أن يشاركه في الصفقة عند العقد النهائي آخرون شريطة أن يكونوا جميعاً ملتزمين التزاماً تضامنياً بكافة التزامات العقد، بما يعني أن يظل الطاعن الأول حتى مع إدخاله الغير في الصفقة طرفاً أصيلاً في العقد يقع على كاهله كافة الالتزامات المتولدة عنه ومنصرفاً إليه آثاره، وهو ما يخالف البيع المقرون بشرط الشراء عن الغير الذي يترتب على إفصاح المشتري الظاهر عن المشتري المستتر أن يكون هذا الأخير هو المشتري الذي تنصرف إليه آثار البيع ويعتبر البيع كأنه صادر إليه ولم يكن المشتري الظاهر عند إبرامه إلا نائباً عنه، وكان الثابت أيضاً بالأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول إنما أبرم عقداً ابتدائياً آخر مع الطاعنين الثاني والثالث مؤرخاً 20/ 5/ 1960 بمقتضاه باع إليهما الأرض التي اشتراها من المطعون ضدها فيما عدا مساحة نحو خمسة أفدنة مما يصبح معه هذا البيع الثاني هو وحده الذي يحكم علاقة البيع بين الطاعن الأول والطاعنين الثاني والثالث وليس من شأنه أن يجعل من هذين الأخيرين مشتريين تنصرف إليهما بالطريق المباشر آثار عقد البيع المؤرخ 8/ 5/ 1960 الذي عقده الطاعن الأول مع المطعون ضدهما وجاء خلواً من تقرير الشراء عن الغير، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وخلص إلى اعتبار الطاعن الأول هو الطرف المشتري الأصيل في عقد البيع محل النزاع وقد انصرفت إليه آثاره وتعلقت بذمته الالتزامات المتولدة عنه ومن بينها التزام أداء باقي الثمن المتفق عليه، فإنه يكون قد أنزل القانون منزله الصحيح ويكون نعي الطاعن الأول في غير محله.
وحيث إن الطاعنين الثاني والثالث ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب طعنهما مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان أنهما قدما مذكرة لمحكمة الاستئناف تنازلا فيها عن التمسك بالمحرر المطعون فيه بالتزوير ولكن الحكم المطعون فيه قضى برد وبطلان المحرر مع أنه كان متعيناً تطبيق المادة 57 من قانون الإثبات التي توجب إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير في أية حالة كانت عليها بمجرد النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المشرع إذ نص في نص المادة 57 من قانون الإثبات على أن "للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الادعاء في أية حالة كانت عليها بنزوله عن التمسك بالمحرر المطعون فيه" فإن مفاد هذا النص أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يستتبعه من إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير ينبغي أن يتم قبل صدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير، أما من بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإعمال هذا النص إذ قد انتهت إجراءات هذا الادعاء بالفعل بصدور قضاء استنفدت المحكمة بمقتضاه ولايتها على هذه المسألة، لما كان ذلك، وكان الثابت أن محكمة الاستئناف قضت في الادعاء بالتزوير بتاريخ 22 من مارس سنة 1976 برد وبطلان المحرر المطعون فيه ولم يقدم الطاعنان الثاني والثالث مذكرتهما التي تضمنت نزولهما عن هذا المحرر إلا بجلسة 8 من نوفمبر سنة 1976 تالياً لصدور القضاء الفاصل في الادعاء بالتزوير فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً في القانون إذ أعرض عن هذا النزول ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث من أسباب طعن الطاعنين المذكورين أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحقهما في الدفاع وشابه القصور، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا بدفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأن هيئة الإصلاح الزراعي وضعت يدها على الأرض المبيعة استناداً إلى أن المطعون ضدها تملك ما يزيد عن الحد الأقصى المقرر للملكية وظل استيلاؤها قائماً حتى فصل من اللجنة المختصة في الاعتراض المرفوع عن هذا الاستيلاء الأمر الذي ترتب عليه حرمانها من ثمرة العقار المبيع طوال فترة الاستيلاء وكان هذا الحرمان بسبب تراخي المطعون ضدها في تسليمهما العقار المبيع وإخلالها بالتزامها بضمان عدم تعرض هيئة الإصلاح الزراعي مما يبرر إنقاص الثمن بمقدار ما ضاع عليهما من ريع غلة الأرض المبيعة، كذلك فقد أصبح جانباً من هذه الأرض بحوزة آخرون استناداً إلى ادعائهم ملكيته دون المطعون ضدها مما يخول لهما الحق في حبس الثمن حتى تثبت ملكيتها، وقد طلبا من المحكمة تحقيق هذا الدفاع بندب خبير إلا أنها لم تستجب لطلبهما ولم يعن الحكم المطعون فيه بالرد على دفاعهما رداً سائغاً يصلح لمواجهته.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه لم يقض بإلزام الطاعنين الثاني والثالث بأداء الثمن المتفق عليه بالعقد المؤرخ 8/ 5/ 1960 المعقود بين المطعون ضدها والطاعن الأول إنما اقتصر قضاءه على إلزام هذا الأخير باعتباره وحده المشتري في هذا العقد وتعلقت بذمته الالتزامات الناشئة عنه، وكان الطاعنان الثاني والثالث لم تنصرف إليهما آثار ذلك العقد على نحو ما سبق بيانه في الرد على السبب الثاني من سببي الطاعن الأول بل تربطهما بهذا الأخير علاقة أخرى ناشئة عن عقد بيع آخر أبرم معهما بتاريخ 20/ 5/ 1960 فإن ما يثيره الطاعنان المذكوران من نعي على الحكم المطعون فيه لعدم تحقيق دفاعهما بشأن طلب إنقاص الثمن المقضى به أو الحق في حبسه يغدو غير مقبول لانتفاء مصلحتهما من إثارة هذا النعي.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق