جلسة 21 من إبريل سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد محمود الباجوري وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي، جلال الدين أنسي، أحمد كمال سالم، هاشم قراعة.
-----------------
(222)
الطعن رقم 10 لسنة 50 القضائية
(1) نقض "إيداع المستندات". قانون.
الطعن بالنقض للمرة الثانية. لا يشترط لصحة إجراءاته تقديم صورة حكم النقض. النقض الأول. علة ذلك.
(2، 3) أحوال شخصية. وقف. قانون.
"2" تبرع الواقف بريع وقفه غير لازم. للواقف أن يرجع عن وقفه كله أو بعضه وأن يغير في مصارفه وشروطه ق 48 لسنة 1946. لزوم الوقف بعد موت الواقف.
"3" الأوقاف الخيرية. لوزير الوقف تغيير مصرف الوقف دون تقيد بشرط الواقف ق 247 لسنة 1953. مؤداه. اعتبار الوقف الخيري تبرع غير لازم. صدور قرار بتغيير المصرف أثره. ليس للجهة الموقوف عليها حق في غلته عن المدة التالية للعمل بالقانون وحتى صدور قرار التغيير.
(4) أحوال شخصية. قانون.
القانون 462 لسنة 1955. وجوب إصدار الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف طبقاً للمذهب الحنفي. الاستثناء الأحوال التي ترد بشأنها قواعد قانونية خاصة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد/ المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 3983 لسنة 1968 كلي القاهرة بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 5540 جنيهاً والفوائد، وقالت بياناً للدعوى أنه بموجب إشهاد تاريخه 21/ 3/ 1910 وقفت الأميرة نجوان هانم أرضاً زراعية بكفر الجرايدة مركز الزقازيق مساحتها 16 س 12 ط 712 ف واشترطت في كتاب الوقف أن يصرف من ريعها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه سنوياً لمن عنتهم من أشخاص وجهات وأن يصرف نصف باقي الريع على الأسطول العثماني بالدولة العلية، وبموجب إشهاد تفسير مؤرخ 14/ 7/ 1938 حدد هذا المصرف بأنه الآلات والمعدات اللازمة لحماية الوطن التركي أياً كان نوعها والحكومة القائمة فيه، وبتاريخ 1/ 3/ 1956 صدر قرار هيئة التصرفات في المادة رقم 237 لسنة 1956 بتغيير المصرف المذكور بجعله للجيش المصري وتأيد القرار استئنافياً. وإذ لم تؤد الطاعنة لها ريع هذا المصرف بواقع 2770 جنيهاً سنوياً عن المدة من 1 - 2 - 1954 إلى تاريخ صدور القرار بتغييره، فقد أقامت الدعوى، وفي 24 - 11 - 1969 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، فاستأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2308 لسنة 86 ق القاهرة، وبتاريخ 22/ 11/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى وبقبولها ورفضها موضوعاً، طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 57 لسنة 41 قضائية، فقضت المحكمة في 7/ 4/ 1976 بنقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بتاريخ 18/ 4/ 1978 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى وبقبولها وندب مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير الريع المطالب به، ثم عادت فقضت في 17/ 12/ 1979 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 5540 جنيهاً والفوائد، طعنت الطاعنة في الحكمين بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع من النيابة ببطلان الطعن أن المستفاد من نص المادتين 255، 273 من قانون المرافعات أنه إذا كان الطعن بطريق النقض للمرة الثانية وجب عند تقديم صحيفة الطعن أن يودع الطاعن صورة رسمية من حكم محكمة النقض في الطعن الأول حتى يتسنى مراقبة محكمة الاستئناف في اتباعها قضاء النقض في المسائل القانونية التي فصل فيها، وإذ لم تودع الطاعنة وقت تقديم هذا الطعن صورة رسمية من حكم محكمة النقض في الطعن الأول رقم 57 لسنة 41 ق، فإن الطعن يكون باطلاً طبقاً لنص المادة 25 سالفة الذكر.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن المادة 255 من قانون المرافعات إذ توجب على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديمه صحيفة الطعن صورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه أو صورته المعلنة وصورة من الحكم الابتدائي إن كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه وترتب البطلان على عدم إيداع هذه الأوراق دون غيرها، فإنه لا يلزم لصحة إجراءات الطعن بالنقض للمرة الثانية أن يودع الطاعن صورة من حكم النقض في الطعن الأول لأن الطعن لا يرد على هذا الحكم حتى تصدق في شأنه صفة الحكم المطعون فيه الواجب تقديم صورته، ومن ثم لا يترتب البطلان على عدم تقديمها، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد أودعت وقت تقديم صحيفة الطعن صورتي الحكمين المطعون فيهما، فإن الدفع ببطلان الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بسبب واحد حاصله مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على أن للمطعون ضدها حقاً مكتسباً في غلة مصرف الوقف عن المدة السابقة على تغيير هذا المصرف، في حين أن الوقف غير لازم طبقاً لنص المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، فلا يصح أن يترتب عليه حق مكتسب للموقوف عليه في قبض ما شرط له من غلة عن المدة السابقة على تغيير المصرف ولو كانت قد حصلت في تاريخ سابق على هذا التغيير ولم تصرف إليه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان الراجح في مذهب الحنفية وهو رأي الصاحبين وجمهور الفقهاء، أن تبرع الواقف بريع وقفه لازم وأن الموقوف عليه يستحق نصيبه منه على سبيل التبرع اللازم فلا يسوغ منعه عنه أو صرفه إلى غيره إلا طبقاً لكتاب الوقف ويحق له المطالبة به إذا لم يؤده إليه الواقف أو ناظر الوقف، إلا أن المشرع لدى تقنينه أحكام الوقف بالقانون رقم 48 لسنة 1946 أخذ برأي الإمام أبي حنيفة القائم على عدم لزوم الوقف باعتباره من قبيل التبرع غير اللازم شأنه في ذلك شأن الإعارة التي يجوز فيها رجوع المعير عن التبرع بمنفعة العارية في أي وقت شاء، فمنح الواقف بموجب المادة 11 منه الحق في أن يرجع عن وقفه كله أو بعضه وأن يغير في مصارفه وشروطه ولكنه لم يتعرض لحكم الوقف بعد موت الواقف ومن ثم بقى لازماً كما كان من قبل وفق الراجح في المذهب وإذ صدر بعد ذلك القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر ناصاً في مادته الأولى المعدلة بالقانون 30 لسنة 1957 على أنه "إذ لم يعين الواقف جهة البر الموقوف عليها أو عينها ولم تكن موجودة أو وجدت مع وجود جهة بر أولى منها، جاز لوزير الأوقاف بموافقة مجلس الأوقاف الأعلى أن يصرف الريع كله أو بعضه على الجهة التي يعينها دون التقيد بشرط الواقف..." بما مفاده استثناؤه هذه الحالة من قاعدة لزوم الوقف بعد موت الواقف وذلك بمنحه وزير الأوقاف الحق في تغيير مصرف الوقف الخيري بما يراه أوفى بتحقيق معنى القربة إلى الله تعالى دون تقيد بشرط الوقف، وكان مقتضى عدم لزوم الوقف الخيري بالنسبة للجهات الموقوف عليها في الأصل اعتباره من قبيل التبرع غير اللازم فلا يحق لها متى تقرر تغيير المصرف إلى جهات بر أخرى أن تطالب بما لم يكن قد صرف لها من غلة الوقف عن المدة التالية للعمل بهذا القانون حتى تاريخ التغيير في المصرف، لما كان ذلك، وكان المقرر وفقاً لنص المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية والمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وجوب إصدار الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف التي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة فيما عدا الأحوال التي ترد بشأنها قواعد قانونية خاصة فيجب أن تصدر الأحكام فيها طبقاً لتلك القواعد، فإن الحكمين المطعون فيهما إذ خالفا مقتضى نص المادة الأولى من القانون 247 لسنة 1953 سالفة البيان وقضيا للمطعون ضدها بما لم تكن قبضته من غلة الوقف التي تحققت في المدة من 1/ 2/ 1954 - وهو تاريخ تالي للعمل بالقانون المشار إليه - حتى تغيير المصرف إلى جهة بر أخرى، يكونان قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه، ولما كان هذا الطعن للمرة الثانية ولما تقدم فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف برفض الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق