جلسة 4 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / عاطف خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين ، قدري عبد الله ومحمد أبو السعود نواب رئيس المحكمة وعلي لبيب .
-----------------
(98)
الطعن رقم 9188 لسنة 87 القضائية
(1) قصد جنائي . آثار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
القصد الجنائي في جريمة تهريب قطع أثرية . تحققه : بعلم الجاني وقت ارتكاب الفعل بتهريبه أثراً مملوكاً للدولة . لمحكمة الموضوع استفادته من ظروف الدعوى . تحدث الحكم استقلالاً عنه . غير لازم . ما دام مستفاداً منه .
مثال .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام المحكمة . يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
مثال .
(4) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
لمحكمة الموضوع أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(5) استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة بشأن ما تضمنه محضر الاستدلالات لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(6) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . علة ذلك ؟
مثال .
(7) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
(8) غرامة . شروع . آثار . عقوبة " تطبيقها " .
نعي الطاعن على الحكم قضاءه بعقوبة تزيد عن الغرامة المقررة لجريمة الشروع في تهريب أثر . غير مقبول . ما دام عاقبه بالسجن المشدد ثلاث سنوات وتغريمه مليون جنيه . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة تهريب قطع أثرية على نحو مخالف للقانون هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يهرب أثر مملوك للدولة وأن هذا العلم لا يستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينه من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد في الجريمة التي دان الطاعن بها بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها ورده على دفاع الطاعن بانتفاء أركان الجريمة لديه يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وكافياً في إثبات علمه بأن ما بداخل الحاوية قطع آثريه – شرع في تهريبها للخارج – هي آثار مملوكة للدولة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخري ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
3- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن اختلاف العدد والأصناف التي فحصها عن بيان العبوة المقدمة من المتهم ، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولاً .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين – كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص . فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها .
6- من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على عدم ارتكابه لواقعة الدعوى يكون غير سديد .
7- لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مليون جنيه في حدود نص المادة 41 من القانون رقم 117 لسنة 83 المستبدلة بالقانون رقم 3 لسنة 2010 بشأن حماية الآثار والمنطبق على واقعة الدعوى ووفق ما جري به نص المادة 46 فقرة 2 من قانون العقوبات . فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :- شرع في تهريب أثر عبارة عن عدد مائة وواحد وعشرين قطعة أثرية والمبينة وصفاً بالتحقيقات وبالتقرير المرفق بها إلى خارج جمهورية مصر العربية بأن قام بإخفائها داخل قطع أثاث خشبية كان يتم تصديرها إلى .... إلا أنه خاب أثر جريمته وأوقفت لسبب لا دخل لإرادته فيه ألا وهو ضبط تلك القطع الأثرية بمعرفة الإدارة المركزية لميناء .... ( جمرك الصادر ) ومباحث ميناء .... قبل تمكنهم من تهريبها للخارج على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 45/1 ، 46/3 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 6 ، 40 ، 41 من القانون 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون 3 لسنة 2010 بشأن الآثار ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مليون جنيه عما أسند إليه ومصادرة الآثار المضبوطة لصالح المجلس الأعلى للآثار .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في تهريب قطع أثرية خارج البلاد قد شابه القصور والتسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه لم يستظهر القصد الجنائي وعلم الطاعن بالمضبوطات والقيمة الأثرية والتاريخية لها ، واعتنق الحكم تصويراً للواقعة يجافي العقل والمنطق ، وعول على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صلاحيتها للإدانة بدلالة أن الشاهد الثاني قرر بوجود اختلاف في عدد وأصناف القطع الاثرية المضبوطة عما تم فحصه ، كما عول على تحريات الشرطة والتي جاءت مكتبية ومستقاة من المستندات ، والتفتت النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن اعترافات المتهمين الآخرين بمحضر جمع الاستدلالات وكذا مستندات البضائع وقد ثبت تزويرها وهو ما ينفي الاتهام عن الطاعن ، ولم تنفذ النيابة العامة قرارها بضبط وإحضار هؤلاء المتهمين ، وأخيراً قضى الحكم على الطاعن بعقوبة الغرامة التي تزيد عن حدها المقرر قانوناً . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة تهريب قطع أثرية على نحو مخالف للقانون هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يهرب أثر مملوك للدولة وأن هذا العلم لا يستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينه من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد في الجريمة التي دان الطاعن بها بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها ورده على دفاع الطاعن بانتفاء أركان الجريمة لديه يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وكافياً في إثبات علمه بأن ما بداخل الحاوية قطع آثريه – شرع في تهريبها للخارج – هي آثار مملوكة للدولة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن اختلاف العدد والأصناف التي فحصها عن بيان العبوة المقدمة من المتهم ، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين – كما أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار ثمة منازعة في هذا الخصوص . فإن منازعته في هذا الأمر وإثارته أمام محكمة النقض تفتقر إلى سند قبولها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على عدم ارتكابه لواقعة الدعوى يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مليون جنيه في حدود نص المادة 41 من القانون رقم 117 لسنة 83 المستبدلة بالقانون رقم 3 لسنة 2010 بشأن حماية الآثار والمنطبق على واقعة الدعوى ووفق ما جري به نص المادة 46 فقرة 2 من قانون العقوبات . فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق