جلسة 16 من ديسمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.
-------------------------
(212)
الطعن رقم 88 لسنة 52 القضائية
(1) ملكية "أسباب كسب الملكية": "الالتصاق".
حسن النية في معنى المادة 928 مدني. العبرة فيه بوقت البناء ولو زال بعد ذلك.
(2) حكم "تسبيب الحكم" "ما يعد فساداً".
استدلال الحكم على ضوء النية من قرائن معيبة ضمن قرائن أخرى. عدم بيانه أثر كل واحدة من هذه القرائن في تكوين عقيدته. اعتباره مشوباً بالفساد في الاستدلال. مثال بشأن بناء على أرض الغير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1577 لسنة 1970 مدني كلي أسيوط على الطاعنين طالبين الحكم بإلزامهم بإزالة المباني المقامة على أرضهم مبينة الحدود والأطوال بصحيفة الدعوى وإلا يصرح لهم بإزالتها على نفقة الطاعنين. وقالوا بياناً لها إنهم - بموجب حكم القسمة الصادر في الدعوى رقم 1145 لسنة 1951 مدني جزئي منفلوط - اقتسموا مع مورث الطاعنين أرضاً يملكونها جميعاً واختصوا بقطعة منها مساحتها 426.32 م2 إلا أن الطاعنين - عندما أقاموا على نصيبهم - جاروا على جزء من أرضهم بطول الحد القبلي منها وبعرض 25 سم من الناحية الشرقية و50 سم من الناحية الغربية وإذ امتنعوا عن إزالة المباني التي أقاموها على الجزء الذي جاورا عليه فقد أقاموا الدعوى للحكم بطلباتهم. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى. قدم الخبير تقريره كما قدم المطعون ضدهم تقريراً استشارياً. بتاريخ 30/ 3/ 1974 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين بإزالة المباني المقامة على أرض المطعون ضدهم والبالغ مساحتها 35.7 م2 س بطول الحد القبلي لحصتهم في العقار محل النزاع في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نهائية الحكم وإلا جاز للمطعون ضدهم إزالتها بمصاريف يرجعون بها على الطاعن الأول. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 157 لسنة 49 ق طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. أعادت المحكمة المأمورية إلى الخبير فقدم تقريراً تكميلياً وطلب الطاعنون إلزام المطعون ضدهم النزول عن ملكية الجزء المجار عليه مقابل تعويض أودعوه خزينة المحكمة بتاريخ 17/ 11/ 1981. قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم رفض تمليكهم ما جاروا عليه من أرض المطعون ضدهم طبقاً للمادة 928 من القانون المدني لانتفاء حسن نيتهم مستدلاً في ذلك على أنهم كانوا يعلمون حدود أرض المطعون ضدهم إذ كانوا ممثلين في دعوى القسمة، وأنهم لم يستجيبوا الإنذار المطعون ضدهم بإيقاف البناء عند بدئه. وأنهم ظلوا ينكرون على المطعون ضدهم حقهم حتى مرحلة متقدمة من الخصومة أمام محكمة أول درجة. ولما كان هذا جميعه لا يؤدي إلى ثبوت سوء نيتهم لأن المقاولين هم الذين يقومون بتنفيذ أعمال البناء والجزء المجار عليه يسير إذ بلغ 15 سم من الناحية الشرقية و40 سم من الناحية الغربية للحد القبلي لأرض المطعون ضدهم وأن العبرة في الإنذار الكاشف عن سوء النية أن يكون قبل البناء لا بعد بناء الأساس والدورين الأول والثاني حسبما جاء بالإنذار ذاته، وأن إنكارهم حق المطعون ضدها أمام محكمة أول درجة لا يدل على انتفاء حسن نيتهم عند بدء البناء بعد ما رجح الخبير الحكومي أن يكون العجز في أرضهم مرجعه خطأ في قياس الحدين الشرقي والغربي في مشروع القسمة فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في المادة 928 من القانون المدني على أن "إذا كان مالك الأرض، وهو يقيم عليها بناء قد جار بحسن نية على جزء من الأرض الملاصقة جاز للمحكمة - إذا رأت محلاً لذلك - أن تجبر صاحب هذه الأرض على أن ينزل لجاره عن ملكية الجزء المشغول بالبناء، وذلك في نظير تعويض عادل" يدل على أن العبرة في حسن النية هو بوقت البناء ولو زال بعد ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم إذ ساق قرائن معيبة ضمن قرائن أخرى استدل بها على سوء النية، وكان لا يبين من الحكم أثر كل واحدة من هذه القرائن في تكوين عقيدة المحكمة فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق للتدليل على سوء نية الطاعنين قرائن منها أن المطعون ضدهم أنذروا الطاعنين فور بنائهم على جزء من أرضهم، وكان الثابت بهذا الإنذار أنه أعلن للطاعنين بعد أن اكتملت إقامة الدول الأول من البناء وشرعوا في إقامة الدور الثاني بما لا يمكن أن يدل على سوء نيتهم وقت البناء، فإن الحكم وقد ساق هذه القرينة المعيبة ضمن قرائن أخرى متساندة استدل بها مجتمعة على سوء نية الطاعنين بما لا يبين منه أثر كل واحدة منها في تكوين عقيدة المحكمة يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق