جلسة 20 من إبريل سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(109)
القضية رقم 761 لسنة 18 القضائية
المحكمة التأديبية - ضمانات المحاكمة "حق الدفاع" - عاملون مدنيون بالدولة "تأديب".
إعلان العامل بقرار إحالته للمحاكمة التأديبية وبتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى - إجراء جوهري - يترتب على إغفاله بطلان الحكم - يستوي في ذلك أن تكون هي الجلسة المحددة ابتداء للمحاكمة أو التي تحدد أثر وقف الدعوى أو في حالة تأجيلها إدارياً - أساس ذلك. مثال.
-----------------
إنه يبين من استقراء أحكام المواد 23، 29، 30 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية الذي صدر في ظله الحكم المطعون فيه - أنها تهدف إلى توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية للدفاع عن نفسه ولدرء الاتهام عنه، وذلك بإحاطته علماً باعتباره من ذوي الشأن في الدعوى التأديبية - بأمر محاكمته بإعلانه بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية المتضمن بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه وبتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى ليتمكن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه أمام المحكمة للإدلاء بما لديه من إيضاحات وتقديم ما قد يعن له من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بحصانة جوهرية لذوي الشأن وتأكيداً لأهمية إعلان العامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى، عنى المشرع بتحديد وسيلة التحقق من إتمام هذا الإجراء في المادة 23 من الباب الثالث من القانون المذكور فقد نص على أن يكون هذا الإعلان بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول ثم عاد المشرع وردد هذا المعنى في المادة 30 حيث نص على أن تكون الإعلانات والإخطارات المنصوص عليها في الباب الثالث من القانون بخطاب موصى عليه مع علم الوصول وذلك كله للاستيثاق من تمام الإعلان والإخطار بما مفاده أن المشرع قد اعتبر هذا الإجراء جوهرياً ومن ثم فإنه يترتب على إغفال هذا الإجراء وعدم تحقيق الغاية منه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر على الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
وقد التزم قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بالأحكام المتقدم ذكرها ولم يخرج عليها إذ ردد في المادتين 34، 37 منه ذات القواعد التي نصت عليها المواد 23، 29، 30 من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالفة البيان.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك وكان مفاد الوقائع على النحو آنف البيان أن الدعوى مثار الطعن الماثل كان نظرها مؤجلاً إلى جلسة 22 من فبراير سنة 1972 بناء على طلب المخالف الأول (الطاعن) للاستعداد ولتقديم دفاعه وفي هذا اليوم لم تنعقد المحكمة التأديبية وتقرر تأجيل نظر الدعوى إدارياً إلى جلسة الأول من مارس سنة 1972 مع إعلان ذوي الشأن، ولم يتم إعلان هذا المخالف للحضور أمام المحكمة بهذه الجلسة بسبب نقله من وحدة دير سمالوط الصحية إلى مستشفى الواسطى وارتد الإعلان إلى المحكمة نتيجة لذلك وسلم إلى سكرتير المحكمة الذي أودعه ملف الدعوى مؤشراً عليه وعلى غلاف الدعوى بأن الإعلان ارتد في 16 من مارس سنة 1972 ولقد كان من شأن ذلك أن هذا المخالف لم يمثل أمام المحكمة التأديبية بجلستها المنعقدة في الأول من مارس سنة 72 التي حجزت فيها الدعوى للحكم بجلسة 29 من مارس سنة 1972 مع التصريح لمن يشاء بمذكرات خلال أسبوعين. وفي هذه الجلسة أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه رغماً عن أن الدليل على عدم إعلان المخالف لجلسة الأول من مارس سنة 1972 كان تحت نظر المحكمة وكان المخالف لم يتقدم بأي دفاع له في الدعوى. ولما كان الأمر كما تقدم وكان المخالف الطاعن لم يعلن لجلسة المحاكمة التي عقدت في مارس سنة 1972 التي أجلت إليها الدعوى إدارياً وبالتالي لم يحضر فيها وصدر الحكم في الدعوى دون إتاحة الفرصة له لإبداء دفاعه في الدعوى وكان من حقه قانوناً أن يتقدم به إلى ما قبل إقفال باب المرافعة فيها بانتهاء المهلة التي حددتها المحكمة لتقديم المذكرات فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه عيب في الإجراءات ترتب عليه الإخلال بحق المخالف في الدفاع عن نفسه على وجه يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه. ولا حجة فيما أثاره الدفاع عن النيابة الإدارية مع أنه كان على الطاعن أن يتابع تأجيلات الدعوى والتعرف على الجلسة التي أجل إليها نظر الدعوى إدارياً والحضور فيها، لا حجة في ذلك لأن القانون وقد حدد وسيلة إعلان العامل المقدم للمحاكمة التأديبية بالجلسة المحددة لمحاكمته على ما سلف بيانه فإنه يكون بذلك قد حدد طريقة العلم بالجلسة المحددة، يستوي في ذلك أن تكون هي الجلسة المحددة ابتداء للمحاكمة أو تلك التي تحدد أثر وقف الدعوى أو في حالة تأجيلها إدارياً، وذلك لاتحاد العلة في الحالتين بما لا يسوغ معه مطالبة صاحب الشأن بأن يسعى للتعرف على تاريخ الجلسة في حالة تأجيلها إدارياً عن غير الطريق الذي رسمه القانون لذلك وهو إعلانه بخطاب موصى عليه مع علم الوصول.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم، وكان الطاعن لم تتح له فرصة الدفاع عن نفسه أمام المحكمة التأديبية إلى تاريخ إقفال باب المرافعة. وكانت الدعوى بذلك لم تتهيأ أمام المحكمة للفصل فيها فإنه يتعين الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة لإعادة محاكمة الطاعن والفصل فيما نسب إليه مجدداً من هيئة أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق