الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 أغسطس 2023

الطعن 61 لسنة 18 ق جلسة 28 / 5 / 1974 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 136 ص 390

جلسة 28 من مايو سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين عوض بريقي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إبراهيم حسين صالح خليفة وسعد زغلول محمد أبو عوف ويحيى توفيق الجارحي وعبد الفتاح صالح الدهري - المستشارين.

-----------------

(136)

القضية رقم 61 لسنة 18 القضائية

(أ) إصلاح زراعي - إثبات.
الإدعاء بقبول مصلحة الأملاك للتنازل عن البيع - وجوب إقامة الدليل عليه - فقد الملف لا يعفي المدعي من إقامة الدليل - أساس ذلك.
(ب) إصلاح زراعي - الشرط المانع من التصرف.
المادة 824 من القانون المدني - أثر مخالفة الشرط المانع من التصرف - أحكام البطلان المترتب على مخالفة الشرط المانع من التصرف تتحدد وفقاً للغرض المقصود من الشرط - هذا البطلان ليس مقرراً لكل ذي مصلحة - إذا تقرر لمصلحة الغير فله وحده التمسك بالبطلان - مثال: عدم تمسك المصلحة المقرر لمصلحتها الشرط بالبطلان - قيام أدلة على تنازل المصلحة عن حقها في التمسك بالبطلان وإجازة التصرف صحة العقد ونفاذه - أساس ذلك.

------------------
إنه عن النعي على القرار المطعون فيه بأن المطعون ضدها الثانية - قد حصلت على موافقة مصلحة الأملاك على تنازلها عن البيع إلى أولادها، فإن المحكمة ترى طرح هذا الوجه من أوجه الطعن إذ أن المطعون ضدها الثانية وهي المكلفة قانوناً بإقامة الدليل على قبول مصلحة الأملاك لهذا التنازل لم تقدم الدليل على ذلك، ولا يشفع لها قولها أن ملف البيع فقد من المصلحة وأنها غير مسئولة عن فقده إذ أنها مع ذلك هي المسئولة قانوناً عن إقامة الدليل على صحة إدعائها وقد عجزت عن ذلك.
رغم النص في المادة 824 مدني على أن التصرف المخالف للشرط يعتبر باطلاً فإن اتفاق الفقه على أن آثار البطلان المقررة في المادة 824 مدني، واختلاف الآثار ناتج من أن الشرط المانع من التصرف ورد على خلاف الأصل في حق الملكية وما يخوله للمالك من سلطة التصرف في ماله، كما تقوم مشروعيته على حمايته لمصلحة مشروعة للمشترط أو المتصرف إليه أو الغير، وأن يكون مؤقتاً بحيث يعود للمالك بعد انتهاء فترة المنع حقه الطبيعي في التصرف في ملكه، وللقضاء رقابة على تحقيق هذه الشروط لصحة الشرط المانع بحيث يكون له إبطاله إذا ما تخلفت أحد شروط صحته ذلك أن تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط المانع حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك متى بنى رأيه على أسباب سائغة، وعلى ذلك فإن آثار البطلان المقررة بالمادة 141 من القانون المدني وهي جواز التمسك بالبطلان من كل ذي مصلحة وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وعدم زوال البطلان بالإجازة، هذه الآثار لا تسري جميعها على التصرف المخالف للشرط المانع إلا بالقدر الذي يتفق مع الأغراض المقصودة من الشرط المانع والواقع أن أحكام البطلان طبقاً للقواعد العامة لا تتفق مع الغرض المقصود من الشرط سواء في ذلك البطلان المطلق أو البطلان النسبي، بل إن البطلان نفسه ليس هو الجزاء الذي تقضي به القواعد العامة عند مخالفة الشرط، وإنما هو جزاء أخذ به القضاء ونص عليه الشارع لأنه يستجيب للغرض المقصود من الشرط، وما دام الأمر كذلك فإن أحكام هذا البطلان تتحدد وفقاً للغرض المذكور دون حاجة إلى ردها إلى القواعد العامة في البطلان. أما عن آثار البطلان عند مخالفة الشرط المانع فإن هذا البطلان ليس مقرراً لكل ذي مصلحة كما هو الشأن في الآثار العادية للبطلان في القانون المدني، ولكنه مقرر فقط لمن تقرر الشرط المانع لمصلحته دون الآخرين، فإذا تقرر الشرط لمصلحة المشترط أو المتصرف كان له وحده حق التمسك بالبطلان، وتوضح المحكمة هنا أن الغير في الشرط المانع من التصرف ليس هو الأجنبي عن العقد، ولكنه من تقرر الشرط لمصلحته، كما أن هذا البطلان تلحقه الإجازة إذا صدرت ممن شرع الشرط لحمايته فيجوز له أن ينزل عن طلب البطلان ويجيز التصرف، وتطبيقاً لذلك فإن التصرف موضوع المنازعة والمخالف للشرط المانع لا يلحقه البطلان من تلقاء نفسه، لمخالفته الشرط المانع كما لم تطالب المصلحة المقرر لمصلحتها الشرط بالبطلان، ولم يصدر حكم به، وليس للمطعون ضدها الأولى حق المطالبة به لأنها ليست من الغير في خصوصية العقد موضوع المنازعة، كما أن في وقائع المنازعة وأوراقها ما يدل على تنازل المصلحة البائعة عن حقها في التمسك بالبطلان وإجازة التصرف وهو حق مقرر لها قانوناً، مما ترى معه المحكمة أن العقد الصادر من المطعون ضدها الثانية إلى الطاعنين صحيح ونافذ قانوناً، عند العمل بأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 ويعتد به في تطبيق أحكام هذا القانون لثبوت تاريخ التصرف قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 المشار إليه - بدون منازعة من أحد، وبذلك يكون القرار المطعون فيه على غير أساس سليم من القانون متعين إلغاؤه مع إلزام المطعون ضدها الأولى بالمصروفات طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من تقرير الطعن - في أن الطاعنين أقاموا الاعتراض رقم 703 لسنة 1964 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي ضد المطعون ضده الأول، وذكروا في صحيفة الاعتراض أنه صدر قرار استيلاء على الأطيان الزراعية المملوكة لهم ومساحتها 17 س 6 ط 103 ف من أول نوفمبر سنة 1961 تنفيذاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 بالإصلاح الزراعي على أساس أن هذا القدر مملوك للمطعون ضدها الثانية - وهي والدة الطاعنين في حين أن المطعون ضدها الثانية باعت هذه المساحة ضمن مساحة 17 س 6 ط 203 ف إلى الطاعنين بموجب تنازل رسمي مؤرخ 14/ 2/ 1954 تحت رقم 555 لسنة 1954 شهر عقاري السيدة زينب، وهذا التنازل معتد به في تطبيق أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 لثبوت تاريخه قبل العمل بالقانون، وبالتالي يكون قرار الاستيلاء على هذه الأطيان غير صحيح قانوناً، وبجلسة 23/ 3/ 1968 أصدرت اللجنة القضائية قرارها برفض الاعتراض، وجاء بأسباب القرار أن المطعون ضدها الثانية اشترت هذه المساحة من مصلحة الأملاك بعقد مسجل في 14/ 4/ 1945 بثمن قدره 9750 جنيهاً دفعت المشترية نصفه عند التعاقد والباقي تعهدت بدفعه على أقساط سنوية متساوية اعتباراً من سنة 1945 حتى سنة 1959، وتضمن البند التاسع من العقد حكماً يقضي بأنه "طالما أن الطرف الثاني المشترية لم تسدد كامل الثمن فليس له الحق في أن يتصرف في كامل الأرض المبيعة أو بيعها - سواء كان بالبيع أو بالرهن التأميني أو بالرهن الاستغلالي ولا أن يقرر عليها أي حق عيني من أي نوع كان ولا أن يوقفها بدون أن يحصل على إذن كتابي من المصلحة - وعلى كل حال تحتفظ المصلحة لنفسها من امتياز البائعة ومن متابعة الأرض المبيعة مع ما يكون عليها من الأشجار والنخيل والمباني والسواقي والآلات - تحت يد أي شخص كان لغاية سداد كامل الثمن، وأضافت اللجنة القضائية أن المشترية رغم أنها لم تدفع حتى سنة 1954 إلا قسطاً واحداً من الأقساط المتأخرة عليها منذ تنازلت عن الأطيان جميعها إلى أولادها - الطاعنين - بموجب عقد تنازل مؤرخ 14/ 2/ 1954 تحت رقم 555 لسنة 1954 شهر عقاري السيدة زينب، ورفض الإصلاح الزراعي الاعتداد بهذا التنازل لحصوله قبل أداء الثمن واعتبر أن الأطيان لا زالت في ملك المتنازلة واستولى على ما يجاوز مائة فدان من هذه المساحة، وبجلسة 30/ 4/ 1966 أصدرت اللجنة القضائية قراراً بناء على طلب الحاضرين عن الإصلاح الزراعي ومصلحة الأملاك وبموافقة المعترضين - بوقف السير في الاعتراض حتى تتخذ الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومصلحة الأملاك إجراءات السير في رفع دعوى بطلان التنازل تنفيذاً للشرط المانع من التصرف، وتحدد الاعتراض بناء على طلب المعترضين إذ لم يتخذ الإصلاح الزراعي أو مصلحة الأملاك أي إجراء لإبطال التنازل، واستعرضت اللجنة القضائية وجهة نظر المعترضين وقالت أنه لا يوجد بالأوراق ما يؤيد زعم المعترضين أن مصلحة الأملاك وافقت على هذا التنازل الذي يخضع لحكم المادة 823 من القانون المدني الجديد باعتبار أن العقد ولو أنه تم قبل القانون المدني الجديد إلا أن التنازل جرى بعد صدوره وأن شرط عدم التصرف الوارد بالبند التاسع من العقد قصد به تحقيق مصلحة مشروعة لمصلحة الأملاك تتحصل في استئدائها باقي الثمن ومن ثم يكون الشرط مشروعاً وتوقيته مرهون بدفع باقي الثمن، ولما كانت المشترية لم تدفع باقي الثمن وتنازلت عن الأطيان فيكون التصرف باطلاً طبقاً لنص المادة 824 من القانون المدني، وهو بطلان مطلق لعدم قابلية المال للتصرف كما هو واضح من مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني، وخلصت اللجنة من ذلك إلى أن الأطيان موضوع المنازعة لا زالت في ملك المشترية الأصلية عند صدور القانون رقم 127 لسنة 1961، وبذلك يتعين الاستيلاء على ما يجاوز مائة فدان لديها وقضت اللجنة برفض الاعتراض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن مصلحة الأملاك سبق وأن وافقت على هذا التنازل في حينه وعندما طولبت أثناء سير الاعتراض رقم 703 لسنة 1964 المشار إليه بضم ملف الأملاك ادعت المصلحة فقد الملف، والطاعنون غير مسئولون عن ذلك، وأضاف الطاعنون أن المصلحة لم يسبق لها الاعتراض على تنازل المشترين عن البيوع الصادرة لهم من المصلحة، وأن المصلحة نفسها وافقت على بيع 50 فداناً من هذه المساحة إلى زوج المطعون ضدها الثانية بموجب عقد بيع مسجل برقم 3335 لسنة 1970 الجيزة، كما أن البند التاسع من العقد يعطي المصلحة الخيار بين طلب إبطال التصرف أو الاكتفاء بحق البيع وأن المصلحة لم تتمسك بطلب بطلان التصرف رغم إيقاف الاعتراض بناء على طلبها لرفع دعوى البطلان، وبالنسبة لأثر الشرط المانع من التصرف الوارد بالبند التاسع من العقد فقد قال الطاعنون أن طلب التمسك بالبطلان استناداً لهذا الشرط قاصر على من تقرر الشرط لمصلحته، ويمكن لصاحب المصلحة إجازة التصرف المخالف، ولم يثبت أن أحد أطراف العقد قد تمسك بالبطلان بما في ذلك مصلحة الأملاك التي لم ترفع دعوى البطلان رغم إمهالها لهذا الغرض، واستشهد الطاعنون بما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني وبأقوال الفقهاء على الحد الوارد مفصلاً في تقرير الطعن، وقالوا أن المصلحة تنازلت عن حق طلب البطلان واكتفت بما لها من حق التتبع لاستيفاء باقي الثمن المستحق لها كما أن حق طلب البطلان يخضع لحكم المادة 140 من القانون المدني التي تقرر سقوط هذا الحق خلال ثلاث سنوات إذا لم يتمسك به صاحبه وأن هذه الفترة قد انقضت دون أن تتمسك المسلحة بحقها في طلب البطلان، وانتهى الطاعنون إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن النعي على القرار المطعون فيه بأن المطعون ضدها الثانية - قد حصلت على موافقة مصلحة الأملاك على تنازلها عن البيع إلى أولادها، فإن المحكمة ترى طرح هذا الوجه من أوجه الطعن إذ أن المطعون ضدها الثانية وهي المكلفة قانوناً بإقامة الدليل على قبول مصلحة الأملاك لهذا التنازل لم تقدم الدليل على ذلك، ولا يشفع لها قولها أن ملف البيع فقد من المصلحة وأنها غير مسئولة عن فقده إذ أنها مع ذلك هي المسئولة قانوناً عن إقامة الدليل على صحة ادعائها وقد عجزت عن ذلك.
ومن حيث إنه عن أثر الشرط المانع من التصرف فإن المادة 823 من القانون المدني تقضي بأنه "إذا تضمن العقد أو الوصية شرط يقضي بمنع التصرف في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير" كما تنص المادة 824 من القانون المدني بأنه "إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحاً طبقاً لأحكام المادة السابعة فكل تصرف مخالف له يقع باطلاً" وترى المحكمة أن الأصل العام هو عدم جواز شرط المنع من التصرف إذ أن التصرف في المال المملوك للشخص هو أهم حق من حقوق الملكية وأن الاستثناء من هذه القاعدة هو جواز اشتراط المنع من التصرف إذا بني الشرط على باعث مشروع، وأن بالباعث يعتبر مشروعاً إذا قصد به حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير، كما أن المادة التاسعة من عقد البيع الصادر من مصلحة الأملاك إلى المطعون ضدها الثانية لا يتضمن منعاً مطلقاً للمشترية من التصرف في الأطيان ولكنه منع متوقف على إجازة المصلحة البائعة للتصرف، ويجوز للمشترية طبقاً لهذا الشرط أن تتصرف بالبيع في الأطيان المشتراة بشرط إجازة المصلحة لتصرفها، وحينئذ يقع التصرف صحيحاً ومنتجاً لآثاره وهي صحة التصرف المخالف أصلاً لشرط المنع، دون أن تحتج بأن إجراء التصرف مع قيام الشرط المانع يجعل التصرف باطلاً بطلاناً مطلقاً بالنسبة للكافة، وعلى ذلك فإنه رغم النص في المادة 824 مدني على أن التصرف المخالف للشرط يعتبر باطلاً فإن اتفاق الفقه على أن آثار البطلان المقررة في القانون المدني تختلف عن آثار البطلان المقررة في المادة 824 مدني، واختلاف الآثار ناتج من أن الشرط المانع من التصرف ورد على خلاف الأصل في حق الملكية وما يخوله للمالك من سلطة التصرف في ماله، كما تقوم مشروعيته على حمايته لمصلحة مشروعة للمشترط أو المتصرف إليه أو الغير، وأن يكون مؤقتاً بحيث يعود للمالك بعد انتهاء فترة المنع حقه الطبيعي في التصرف في ملكه، وللقضاء رقابة على تحقيق هذه الشروط لصحة الشرط المانع بحيث يكون له إبطاله إذا ما تخلفت أحد شروط صحته ذلك أن تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط المانع حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك متى بنى رأيه على أسباب سائغة، وعلى ذلك فإن آثار البطلان المقررة بالمادة 141 من القانون المدني وهي جواز التمسك بالبطلان من كل ذي مصلحة وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وعدم زوال البطلان بالإجازة، هذه الآثار لا تسري جميعها على التصرف المخالف للشرط المانع إلا بالقدر الذي يتفق مع الأغراض المقصودة من الشرط المانع. والواقع أن أحكام البطلان طبقاً للقواعد العامة لا تتفق مع الغرض المقصود من الشرط سواء في ذلك البطلان المطلق أو البطلان النسبي، بل إن البطلان نفسه ليس هو الجزاء الذي تقضي به القواعد العامة عند مخالفة الشرط، وما دام الأمر كذلك فإن أحكام هذا البطلان تتحدد وفقاً للغرض المذكور دون حاجة إلى ردها إلى القواعد العامة في البطلان......".
ومن حيث إنه عن آثار البطلان عند مخالفة الشرط المانع فإن هذا البطلان ليس مقرراً لكل ذي مصلحة كما هو الشأن في الآثار العادية للبطلان في القانون المدني، ولكنه مقرر فقط لمن تقرر الشرط المانع لمصلحته دون الآخرين، فإذا تقرر الشرط لمصلحة المشترط أو المتصرف كان له وحده حق التمسك بالبطلان، وكذلك الأمر إذا تقرر الشرط لمصلحة الغير فله وحده حق التمسك بالبطلان، وتوضح المحكمة هنا أن الغير في الشرط المانع من التصرف هو الأجنبي عن العقد، ولكنه من تقرر الشرط لمصلحته، كما أن هذا البطلان تلحقه الإجازة إذ صدرت ممن شرع الشرط لحمايته فيجوز له أن ينزل عن طلب البطلان ويجيز التصرف، وهذا الحكم مستفاد أيضاً من أن اتفاق المتعاقدين في العقد موضوع المنازعة إذ نصت المادة التاسعة من العقد على عدم جواز تصرف المشترية في الأرض دون الحصول على إذن كتابي من المصلحة، ومن المقرر قانوناً في هذا المجال أن الإجازة اللاحقة كالإذن السابق، وبطلان التصرف المخالف للشرط المانع لا يقع من تلقاء نفسه بل لابد من طلبه من صاحب الشأن والحكم به إذا ما تحققت شروط صحته، فإذا لم يطلبه صاحب المصلحة في الشرط المانع فالبطلان لا يقع، وإذا طلبه كان الطلب محل رقابة القضاء من حيث قيامه على باعث مشروع ومدة معقولة، وبتطبيق المبادئ السابقة على التصرف موضوع المنازعة فإن المحكمة ترى أن هذا التصرف لا يلحقه البطلان رغم مخالفته لشرط المنع... من تلقاء نفسه بل لابد من طلب البطلان من مصلحة الأملاك والحكم به، والثابت أن المصلحة لم تتمسك بطلب البطلان ولم تطلب الحكم، رغم إيقاف السير في الاعتراض رقم 703 لسنة 1964 بناء على طلب المصلحة لتتخذ إجراءات طلب البطلان وتعجيل الاعتراض بعد ذلك دون اتخاذ إجراء من المصلحة في هذا المجال - بل إن موقف المصلحة البائعة بعد ذلك يؤخذ منه أنها تنازلت عن طلب البطلان وأجازت التصرف فيها وهو حق مقرر لها إذ أنها أجازت تصرف المطعون ضدها الثانية ببيع مساحة 50 فداناً إلى زوجها من ضمن المساحة المباعة لها من مصلحة الأملاك بموجب العقد الشامل للشرط المانع - توفيقاً لأوضاع الأسرة بعد صدور القانون رقم 50 لسنة 1969 بالإصلاح الزراعي ووفقاً للمادة الرابعة منه، وأذنت المصلحة البائعة بهذا البيع ورحبت به رغم عدم وفاء المطعون ضدها بباقي أقساط الثمن، وسجل عقد البيع المودع صورته بملف الطعن - بتاريخ 10/ 12/ 1970 تحت رقم 3335، وعزوف المصلحة البائعة عن طلب البطلان رغم إمهالها لذلك، وترخيصها فيما بعد للمطعون ضدها الثانية ببيع جانب من هذه المساحة يؤكد للمحكمة على القدر المتيقن على تمسك المصلحة البائعة - وهي صاحبة الحق الوحيدة في التمسك بالشرط - بطلب البطلان.
ومن حيث إنه مما يؤكد لدى المحكمة عدم تمسك المصلحة البائعة بالشرط المانع من التصرف ما جاء بالقانون رقم 100 لسنة 1964 بشأن تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، فقد نصت المادة 60 من القانون على أن "لا يجوز لمن تؤول إليه ملكية عقار من العقارات التي تسري عليها أحكام هذا القانون أن يتصرف فيه كله أو بعضه إلا بعد أداء ثمنه كاملاً....." وكل تصرف يترتب عليه مخالفة أحكام المادة السابقة يقع باطلاً..." وتنص المادة 61 من القانون على أن "تسري أحكام المادة السابقة على التصرفات التي تمت قبل العمل بهذا القانون ولم يتم الوفاء بكامل الثمن المتعاقد عليه منها وملحقاته ولم تشهر" ثم عدلت المادة 61 بالقانون رقم 36 لسنة 1967 وبموجب النص الجديد لا تسري أحكام المادة 60 - أي عدم جواز التصرف إلا بعد سداد الثمن - على التصرفات السابقة الثابتة التاريخ قبل 23 من مارس 1964 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1964، أي أن المنع من التصرف بعد أن كان سارياً على التصرفات السابقة على القانون، أصبح لا يسري عليها إذا كان التصرف ثابت التاريخ قبل العمل بالقانون، والتصرف موضوع المنازعة من التصرفات السابقة والثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1964، ثم صدر القانون رقم 17 لسنة 1969 وألغت المادة الثانية منه المادتين 60، 61 من القانون رقم 100 لسنة 1964 بحيث أصبح من حق المشتري التصرف فيما اشتراه حتى لو لم يسدد كامل الثمن وألغى بذلك قيد المنع من التصرف، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 17 لسنة 1969 تعليقاً على إلغاء المادتين 60، 61 ما يلي "ولما كانت المادة 60 من القانون رقم 100 لسنة 1964 سالف الذكر المعدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1967 قد أوردت قيداً عاماً على كل من يشتري من الدولة أرضاً زراعية أو بوراً أو صحراوية من شأنه عدم جواز تصرفه فيما يشتريه إلا طبقاً لشروط وأوضاع معينة سحبت المادة 61 من ذلك القانون هذه الأحكام على التصرفات التي تمت قبل العمل به، لذلك وتمشياً مع إجراءات التفسير التي ينحو إليها المشروع المرافق إعمالاً لما أقره مجلس الوزراء من مبادئ فقد تضمن المشروع حكماً يقضي بإلغاء بعض مواد القانون رقم 100 لسنة 1964 وذلك بقصد إزالة القيود المفروضة به على التصرف في الأرض الزراعية والبور والصحراوية المشتراة من الدولة، تلك القيود التي عاقت تداول هذه الأراضي تداولاً اقتصادياً يتسم بالمرونة والحركة والفاعلية على المستوى الذي تتوقعه الدولة.." وهذه الأحكام وإن كانت لاحقة على تاريخ التصرف موضوع المنازعة إلا أنها تدل على اتجاه المشرع ونظرته لمثل هذه الشروط ومنها شرط المنع من التصرف، وهذا هو الذي حدا بالمصلحة البائعة إلى عدم اتخاذ إجراءات بطلان التصرف وإلى موافقتها فيما بعد على تصرف المطعون ضدها الثانية في جزء من المساحة لزوجها رغم شرط المنع على الوجه السابق تفصيله.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ليست بالنسبة للعقد موضوع المنازعة من الغير الذي يجوز له التمسك بالبطلان، إذ أنه إذ أجاز القول بأن لهذه الهيئة مصلحة في الاستيلاء على الأرض موضوع المنازعة لدى المطعون ضدها الثانية في حالة بطلان تصرفها إلى الطاعنين فإنها ليست من الغير في معنى الشرط المانع من التصرف لأن هذا الشرط لم يشرع لحمايتها وبالتالي ليس لها حق المطالبة بالبطلان.
ومن حيث إن المحكمة تستخلص من كل ما سبق أن التصرف موضوع المنازعة والمخالف للشرط المانع لا يلحقه البطلان من تلقاء نفسه، لمخالفته الشرط المانع كما لم تطالب المصلحة المقرر لمصلحتها الشرط بالبطلان، ولم يصدر حكم به، وليس للمطعون ضدها الأولى حق المطالبة به لأنها ليست من الغير في خصوصية العقد موضوع المنازعة، كما أن في وقائع المنازعة وأوراقها ما يدل على تنازل المصلحة البائعة عن حقها في التمسك بالبطلان وإجازة التصرف وهو حق مقرر لها قانوناً، مما ترى معه المحكمة أن العقد الصادر من المطعون ضدها الثانية إلى الطاعنين صحيح ونافذ قانوناً عند العمل بأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 ويعتد به في تطبيق أحكام هذا القانون لثبوت تاريخ التصرف قبل العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 المشار إليه - بدون منازعة من أحد، وبذلك يكون القرار المطعون فيه على غير أساس سليم من القانون متعين إلغاؤه مع إلزام المطعون ضدها الأولى بالمصروفات طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والاعتداد بعقد التنازل المؤرخ 14/ 2/ 1954 الصادر من المطعون ضدها الثانية السيدة أمينة أمين السرجاني إلى الطاعنين عن مساحة 17 س 6 ط 203 ف وإلغاء قرار الاستيلاء على مساحة 17 س 6 ط 103 ف من المساحة سالفة الذكر لدى المطعون ضدها الأولى تطبيقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 وإلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق