الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

الطعن 584 لسنة 35 ق جلسة 14 / 3 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 83 ص 779

جلسة 14 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(83)

الطعن رقم 584 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى - طلبات في الدعوى - طلب إدخال الغير - عدم جوازه أمام المحكمة الإدارية العليا.
المادتان رقما 117 و211 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لا يجوز أمام المحكمة الإدارية العليا إدخال من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري ولا يجوز طعن الخارج عن الخصومة أمامها في الحكم الذي تعدى أثره إليه - أساس ذلك: عدم تفويت درجة من درجات التقاضي على خصومه بشأن ما يبديه - لا يمنع ذلك من سلوك طريق التماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في الحدود المقررة قانوناً للالتماس إذا لم يكن يعلم بقيام الخصومة ولم يكن في مركز يسمح بتوقعها - إذا كان الغير على علم بقيام الخصومة فلا يقبل منه الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالما لم يتدخل أو يدخل طبقاً للمادة 117 من قانون المرافعات - لا ينال من ذلك ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من قبول تدخل الخارج عن الخصومة لأول مرة فيما يتصل بالطعون في قرارات عمليتي الانتخاب والترشيح لمجلسي الشعب والشورى - أساس ذلك: أن طعن الخارج عن الخصومة بالنسبة للطعون الانتخابية يقوم على المبادئ العامة للنظام العام الدستوري التي تحتم التحقق من سلامة الإرادة الشعبية التي أسبغت على كل عضو من الأعضاء صفته - لا ينطبق ذلك على الطعن الماثل - تطبيق. (1)
(ب) مخالفات البناء 

- طبيعة القرارات الصادرة من اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 - تختص اللجنة المشار إليها بتقدير قيمة الأعمال المخالفة - ما تنتهي إليه هذه اللجنة هو مجرد إجراء تمهيدي تضعه جهة الإدارة المختصة تحت تصرف المحكمة الجنائية المختصة لتقدير قيمة الغرامة - تقدير قيمة الأعمال المخالفة ليس قراراً إدارياً بالمفهوم المقصود في قانون مجلس الدولة - أثر ذلك: عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر طلب إلغاء أو تعديل قرار تقدير قيمة الأعمال المخالفة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 29/ 1/ 1989 أودع الأستاذ/ محمود فهمي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بسجلها برقم 584 لسنة 35 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 1/ 12/ 1988 في الدعوى رقم 586 لسنة 39 ق والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة المباني موضوع النزاع ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والحكم بإلغائه فيما قضى به من تقييم الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854 جنيهاً، مع ما يستتبع ذلك من إلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 279 لسنة 1984 فيما قرره من تقدير قيمة الأعمال المخالفة بالمبلغ المذكور، مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده.
وأودع السيد الأستاذ/ محمود عادل الشربيني، مفوض الدولة, تقرير هيئة مقوضي الدولة الذي ارتأى فيه - للأسباب التي أوردها به - قبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها حيث اتخذ الطاعن بتاريخ 10/ 10/ 1990 إجراءات إدخال السيدة/ وداد عبد الرحمن حراز في الطعن باعتبارها أحد من تضمنه الترخيص موضوع المخالفة السالفة ولتتحمل نصيبها فيما قد يحكم بإلزام الطاعن بأدائه.
وبجلسة 26/ 7/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره، حيث تم تداوله أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها. حيث قررت بجلسة 18/ 10/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 27/ 12/ 1993 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 14/ 3/ 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
ومن حيث إن موضوع المنازعة يتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 3/ 11/ 1984 قد أقام الطعن الدعوى رقم 586 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة وبوقف تنفيذ القرار رقم 279 لسنة 1984. وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار لمخالفته لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1984. بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدل للقانون رقم 106 لسنة 1976، في شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء. مع إلزام المدعى عليه المصروفات.
وذكر المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه أن محافظ الجيزة قد أصدر القرار المطعون عليه متضمناً إزالة الدورين السادس والسابع عشر فوق الأرض بالعقار رقم 22 شارع وادي النيل بمدينة المهندسين مع الالتزام بتنفيذ الجراجات بالدور الأرضي والميزانين وإزالة كل ما يخالف ذلك وحدد القرار الطعين قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854.20 جنيه.
ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون، لأن العقار موضوع المخالفة لا يخضع للتنظيف الوارد بأي من القانونين رقمي 54 لسنة 1984، 30 لسنة 1983 حيث حددا حالات الإزالة في أنها تقررت إذا كانت المباني المخالفة تشكل خطراً على الأرواح والممتلكات، وإذا كانت تتضمن خروجاً على خط التنظيم، أو إذا كانت تخالف قيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني. وتأكد عدم وجود أي من هذه المخالفات بالتقارير الاستشارية المقدمة كما أن اللجنة التي شكلت لتقدير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854.20، بينما قيمتها لا تجاوز خمسة عشر ألفاً من الجنيهات من ثم جاء هذا التقدير مخالفاً للقانون إذ يلزم أن يكون التقدير من قبل اللجنة المشكلة بالمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه وأن يقدم قرارها على عناصر ثابتة ومبررة للتقدير المقرر لقيمة الأعمال المخالفة.
وبجلسة 26/ 5/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى عليه بالمصروفات.
ثم بجلسة 1/ 12/ 1988 أصدرت حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه تضمنه من إزالة المباني موضوع النزاع ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الخصومة المصروفات.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند من أن المخالفات التي صدر على أساسها القرار المطعون فيه هي قيام المدعى بالبناء بزيادة على المساحة المصرح بها والبناء بالمنور الجانبي وهي مساحة ممنوع البناء فيها والبروز المتكرر بالمسافة الجانبية وعلى الشوارع دون الارتداد ابتداء من أدوار معينة، كما أن الثابت هو أن الترخيص صادر لبناء دورين والبدروم وجراج على مستويين بدورين محلات وعشرة أدوار متكررة. إلا أن المدعى لم ينفذ الجراج بالبدروم على مستويين، وتم التنفيذ ابتداء من الدور الأرضي وسبعة عشر دوراً متكرراً بزيادة دورين عن الترخيص، وبالمخالفة له وبذلك فإن هذه المخالفات لا تدخل في عداد المخالفات الثلاث المشار إليها في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 معدلاً بالقانون (54) لسنة 1984 وبالتالي يكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون في هذا الشق منه.
وبالنسبة للشق الخاص بتقدير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854.20 جنيهاً بينما قيمتها لا تجاوز خمسة عشر ألفاً من الجنيهات فإن التقدير الذي قامت به اللجنة المختصة قد قام على صحيح سنده من القانون، إذ أن اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 هي المنوط بها هذا التقدير دون سواها وعلى أساس الإنشاءات التي تمت وقد استندت اللجنة في تقديرها إلى أن الأعمال المخالفة تتمثل في مساحة 2040.60 متر ولم ينازع في ذلك المدعى وقدرت سعر المتر 90 جنيهاً لتكون قيمة الأعمال المخالفة هي المبلغ المشار إليه. ومن ثم يكون قرارها في هذا الشق متفقاً وأحكام القانون حرياً برفض الطعن عليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن، هو مخالفة الحكم في الشق الخاص بتقدير قيمة الأعمال المخالفة للقانون والخطأ في تفسيره وتأويله ذلك أن التقدير لا يدخل في اختصاص اللجنة المشار إليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المذكور، وأن اختصاصها يقتصر فقط على معاينة الأعمال المخالفة لأحكام القانون أو لائحته التنفيذية، وقد انتهى الحكم إلى أن أي من الأعمال موضوع القرار غير مخالفة للقانون. كما أن تقدير اللجنة على فرض اختصاصها جاء مبالغاً فيه إذ أن القيمة التقديرية لكامل أعمال البناء في الترخيص هي 224.450 جنيهاً فكيف تقدر اللجنة أعمال المخالفة المفترضة في دورين بمبلغ 361.854 جنيهاً ومن ثم يكون تقديرها مشوباً بعيب مخالفة القانون وإذ ساير الحكم المطعون فيه اللجنة في تقديرها فإنه يكون بدوره مخالفاً لصحيح القانون حرياً بإلغائه.
ومن حيث إن الطاعن قد طلب إدخال السيدة/ وداد عبد الرحمن حراز في الطعن وفقاً للمادة (117) من قانون المرافعات. واتخذ إجراءات إعلانها بهذا الإدخال بتاريخ 10/ 10/ 1992 ومثلت بوكيلها في الطعن.
ومن حيث إن المادة (117) من قانون المرافعات تنص على أن (للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصاصه فيها عند رفعها ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل الجلسة مع مراعاة حكم المادة (66).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن الأصل في المبادئ العامة الحاكمة للمنازعة الإدارية عدم جواز قبول طعن الخارج عن الخصومة لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا تطبيقاً لنص المادة (211) من قانون المرافعات المشار إليه، وذلك استناداً إلى أنه لا يجوز رفع الطعن إلا ممن صدر الحكم باعتباره صاحب الصفة والمصلحة في الطعن، فصاحب الصفة في الطعن هو المحكوم عليه الذي كان طرفاً في الخصومة الصادر فيها الحكم المطعون فيه بإلزامه شيئاً لخصمه أو برفض طلب من طلباته بحيث يكون غرضه من الطعن إلغاء هذا الحكم أو تعديله لإقالته مما حكم عليه به أو لإجابته إلى ما رفض من طلباته وغنى عن البيان إن المحكوم عليه هو صاحب المصلحة في الطعن لأنه هو وسيلته الوحيدة لتصحيح الخطأ في الحكم والتخلص من آثاره أمام محكمة ثان درجة كذلك فإن الخارج عن الخصومة لا يجوز له الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة لما في ذلك من تفويت لدرجة من درجات التقاضي على خصومة بشأن ما يبديه. ومن ثم لا يجوز لتلك الأسباب قبول إدخال من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري وذلك لأول مرة في الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا تطبيقاً لنص المادة (117) من قانون المرافعات المشار إليها كقاعدة عامة وعدم جواز طعن الخارج عن الخصومة لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم الذي تعدى أثره إليه. لا يحرمه من سلوك طريق التماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وفي الحدود المقررة قانوناً لالتماس إعادة النظر وذلك إذا لم يكن يعلم بقيام الخصومة أو لم يكن في مركز يسمح له بتوقعها. أما إذا كان الغير ومن باب أولى إذا كان الطاعن نفسه. على علم بقيام الخصومة أو كان في مركز يسمح له بتوقعها فلا يقبل منه الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالما لم يتدخل - أو يدخل وفقاً للمادة (117) من قانون المرافعات المشار إليها - في الخصومة أمام محكمة القضاء الإداري وهي محكمة أول درجة إذ في هذه الحالة يكون من "الغير" ومن ثم وحيث إن الثابت أن الطاعن. قد فوت على نفسه فرصة بيان موقف المطلوب إدخاله في الدعوى وسببه، وإذا كانت الطبيعة المتميزة للمنازعة الإدارية وبصفة خاصة دعوى الإلغاء وهي وإن كانت تقوم على أساس الصفة والمصلحة الشخصية لرافع الدعوى ويستهدف بها حماية مركزه القانوني الذي اعتدى عليه القرار المطعون فيه، فإن ثمة غاية حتمية التحقق من ملف الدعوى وهي غاية تحقق المشروعية وسيادة القانون وكفالة استقرار المراكز القانونية للأفراد وحسن سير وانتظام المرافق العامة فالدعوى الإدارية غاية من الصالح العام تتمثل في إسهامها في تحقيق سيادة القانون، وبالتالي فإن هذه الغاية العامة المتمثلة في تحقيق المشروعية وسيادة القانون بما يكفل تحقق أحد الأركان الأساسية التي تقوم عليها الدولة وينصب عليها الدستور تسمح في حالات معينة بأن يفتح لمن تعدى أثر الحكم إليه بالطعن عليه أمام هذه المحكمة ما دام لم يعلم بقيام الخصومة للطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا وثاني هذه الاعتبارات ذاتها مساندة الغير الذي علم بالخصومة ووقف حيالها موقف المتربص فإن صدر الحكم لصالحه سكت، وإن صدر ضد مصلحته نازع فيه. ومن باب أولى فإن حسن سير العدالة وتيسير بلوغها لغاياتها يتطلب أن تكون هذه القاعدة أولى بالتطبيق بالنسبة للمدعي الذي لم يشأ إدخال آخرين تشترك مصلحتهم في حالة الحكم له بطلباته أو رفضها أمام محكمة القضاء الإداري والذي يقف من الحكم موقف المتربص فإذا حكم ضده بادر بطلب إدخال غيره ليمثل في طعنه أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الأصل العام في قواعد المرافعات فإنه لا يجوز الطعن إلا لمن كان طرفاً في الخصومة التي انتهت بصدور الحكم المطعون فيه. ومن ثم لا يجوز قبول إدخال من لم يكن طرفاً في الخصومة لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا كقاعدة عامة - كما سلف بيانه من أسباب، ولا ينال من صحة ما سلف ذكره من مبادئ ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من قبولها تدخل الخارج عن الخصومة أمامها لأول مرة فيما يتصل بالطعون في القرارات المتصلة بعمليتي الانتخاب والترشيح لاختلاف المصالح المستهدف تحقيقها من تدخل الخارج من الخصومة في الطعن. ذلك أن طعن الخارج عن الخصومة فيما يتعلق بالخصوم الانتخابية إنما يقوم مستنداً إلى ما انتهى إليه قضاء هذه المحكمة إلى أن المبادئ العامة للنظام العام الدستوري يحتم التحقق من سلامة الإرادة الشعبية التي أسبغت على كل عضو من أعضاء مجلس الشعب صفة الفصل به فذلك القضاء يقوم على أساس النظام العام الدستوري البرلماني والواجب حتماً الالتزام به وأعمال حكمه وترتيب أثره، وهو الأمر الذي لا يسوغ معه الزعم بأن ما قضى به الدستور صراحة في المادة (93) منه يتضمن حرمان المرشحين المتنافسين على عضوية مجلس الشعب أو غيرهم ممن له صفه ومصلحة في حقهم الدستوري في الطعن قضائياً على صحة العضوية. وذلك لأن الدستور أناط هذا الاختصاص بمجلس الشعب بناء على التحقيق الذي تجريه محكمة النقض وحدها فحق الطعن نظمه الدستور ذاته اختصاصاً وتحقيقاً ونظمته لائحة مجلس الشعب بناء على صريح نص الدستور من حيث الإجراءات وهي التي تعطي كل ناخب أو مرشح توافرت له الصفة والمصلحة في الطعن على صحة العضوية للمرشحين في انتخابات مجلس الشعب أو الشورى ولو كان تدخلهم لأول مرة أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا، ولكل من المصلحة في التدخل ومن ثم قبولها محالة "حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 645 لسنة 37 ق عليا جلسة 27/ 12/ 1992" والحكم الصادر من دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 163 لسنة 37 ق بجلسة 18/ 11/ 1990.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو مدى اختصاص اللجنة المشار إليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والهدم (المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983) بتقرير تقدير قيمة الأعمال المخالفة أم لا.
ومن حيث إن المادة (16) المشار إليها تنص على أن (يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار منه، من ثلاثة من المهندسين المعماريين والمدنيين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ممن لهم خبرة لا تقل عن عشرة سنوات قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها وذلك خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال المنصوص عليها بالمادة السابقة....... ومع عدم الإخلال بالمحاكمة الجنائية يجوز للمحافظ بعد أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة، التجاوز عن الإزالة في بعض المخالفات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران. وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية...... وفي جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصيص لإيواء السيارات، وللمحافظ أن يصدر قراره في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى.
كما تنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدلة بالقانون رقم 54 لسنة 1984 على أنه (يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 7 من يونيو سنة 1985، ولوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده، وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة - بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في مدة لا تجاوز شهراً فإذا تبين أنها تشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو لقيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981. وجب عرض الأمر على المحافظ المختص لإصدار قرار بالإزالة أو التصحيح وفقاً لحكم المادة (16) من هذا القانون.
ومن حيث إنه يبين من صريح عبارات هذا النص وفقاً لما يقتضيه التفسير السليم للقانون أن اللجنة المشار إليها بالمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 - هي المختصة بكل الإجراءات التي أشار إليها القانون سواء فيما يتصل بتقدير قيمة الأعمال المخالف عن جواز التصالح في المخالفات التي يتعين على المحافظ إصدار قرار فيها بالإزالة أو التصحيح.
ومن حيث إن الثابت من وقائع النزاع أن الطاعن قد خالف القانون رقم 106 لسنة 1976 وخالف اشتراطات البناء في المنطقة بإقامة المباني موضوع المخالفة في المساحة المجاورة للعقار مع تجاوز عدد الأدوار المرخص بها بدورين، بدون ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم. ومن حيث إن اللجنة المشكلة بالمادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 قامت بمعاينة العقار وتقدير هذه الأعمال وفقاً للأسس والضوابط التفصيلية التي ضمنته تقريرها وانتهت فيه إلى إزالة الدورين السادس عشر والسابع عشر فوق الأرضي بالعقار رقم 22 شارع وادي النيل ناحية شارع الحجاز بالمهندسين حي شمال الجيزة - ملك السيد/ محمد كمال الدين بركات وضرورة الالتزام بتنفيذ الجراجات بالدور الأرضي الميزانيين وإزالة كل ما يخالف ذلك وحددت قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 361.854 (ثلاثمائة وواحد وستين ألفاً وثمانمائة وأربعة وخمسون جنيهاً) ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما تنتهي إليه اللجنة المذكورة لا يعدو في حقيقة تكييفه القانوني مجرد إجراء تمهيدي تضعه جهة الإدارة المختصة تحت تصرف المحكمة المختصة لتقديرها قيمة الغرامة الجنائية التي يقتصر عليها وحدها ولاية الفصل في تحديدها بناء على تحديد قيمة الأعمال المخالفة وذلك إعمالاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من القانون رقم (30) لسنة 1983 المشار إليه والتي قضت بأن تكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تحدد على أساس نسبة من قيمة الأعمال المخالفة والتي حددها المشرع بـ (10%) من قيمة هذه الأعمال إلى (75%) منها، وبالتالي فإن ما تقدره اللجنة من قيمة الأعمال المخالفة ليس من بين القرارات الإدارية النهائية التي يدخل في ولاية محاكم مجلس الدولة النظر في وقف تنفيذها أو إلغائها حيث لا يكون ما تقدره اللجنة في ذاته نافذاً إلا ما تتبناه المحكمة الجنائية وتدخله عنصراً من عناصر تقديرها لقيمة العقوبة الجنائية التي توقعا وفقاً لأحكام القانون على المخالف.
ومن حيث إنه وكما جرى قضاء هذه المحكمة فإنه لا معقب على ما تنتهي إليه تلك اللجنة من محاكم مجلس الدولة حيث إن ذلك هو من اختصاص المحاكم الجنائية دون غيرها ومن ثم فقد كان يتعين على محكمة أول درجة أن تقضي بعدم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر الطلب الخاص بإلغاء أو تعديل قرار تقدير قيمة الأعمال المخالفة.
ومن حيث إنه وقد بني الحكم الطعين على خلاف صحيح أحكام القانون غير ما سلف بيانه. فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون وحقيقاً بالإلغاء.
وحيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفض طلب إدخال السيدة/ وداد عبد الرحمن حراز في هذا الطعن وبإلغاء الحكم المطعون فيه بما قضى به من رفض إلغاء قرار اللجنة الفنية بتقدير قيمة الأعمال المخالفة وبعدم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر هذا الطلب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 27/ 12/ 1992 في الطعن رقم 645 لسنة 37 ق والحكم الصادر بجلسة 18/ 11/ 1990 في الطعن رقم 163 لسنة 37 ق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق