جلسة 14 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(84)
الطعن رقم 2230 لسنة 35 القضائية
مقابل التحسين - اختصاص محكمة القضاء الإداري بالطعن على القرارات الصادرة من لجنة الفصل في طعون ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين.
المواد 6 و8 و9 من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين.
اللجنة المنصوص على تشكيلها بالمادة الثانية من القانون المشار إليه وإن كانت تتكون من ستة أعضاء من بينهم عضو قضائي واحد وأغلبية أعضائها من العناصر الإدارية التي تفتقر إلى خبرة القضاء وقدرتهم وما يحيطهم به القانون من ضمانات التجرد والحيدة - هذه اللجنة لا تعتبر جهة قضاء وإنما هي لجان إدارية ذات اختصاص قضائي - يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في قرارات تلك اللجان - لا وجه للمحاجة بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 6 ق تنازع بجلسة 3/ 6/ 1976 الذي اعتبر تلك اللجنة جهة مختصة بنظر الطعن في قرارات لجنة تقدير مقابل التحسين - أساس ذلك: إن هذا الحكم لم يعتبر تلك اللجان محاكم قضائية بل لجاناً ذات اختصاص قضائي وذلك في صدد بيان مناط توافر حال التنازع الايجابي المقبول وفقاً للمادة (17) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 - قرارات لجنة الفصل في الطعون المقدمة من ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين في قرارات نهائية - ليس المقصود بهذا الوصف القرار الحصين من الإلغاء أو الذي لا تختص به محاكم مجلس الدولة - أساس ذلك: إن المشرع بعد أن وصف القرارات الصادرة من تلك اللجنة بأنها نهائية تطلب في ذلك الوقت أن تكون مسببة كإجراء شكلي لازم لإصدارها حتى يكون لمحاكم مجلس الدولة إمكانية بسط رقابتها عليها - تطبيق. (1)
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 9/ 5/ 1989 أودع الأستاذ/ سليمان خالد المحامي نيابة عن الأستاذ/ زكريا خفاجي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد أمامها برقم 2230 لسنة 35 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 9/ 3/ 1989 فيما قضى به من عدم اختصاصها بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن، وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى واختصاص المحكمة ولائياً بنظرها وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للقضاء فيها مجدداً بإلغاء القرار الصادر من لجنة طعون تقدير مقابل التحسين بتاريخ 9/ 3/ 1988 من محكمة جنوب القاهرة في الطعن رقم 2 لسنة 1977 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار علي رضا تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه للأسباب الواردة به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد تدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة / / إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 20/ 12/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 31/ 1/ 1993 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 14/ 3/ 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إنه وفقاً لقانون الإدارة المحلية فإن المحافظ هو صاحب الصفة في تمثيل المحافظة في جميع إداراتها وأقسامها أمام القضاء وفي مواجهة الغير وبالتالي فلا سند من القانون المذكور أو من قانوني مجلس الدولة أو المرافعات المدنية والتجارية في اختصام غيره ما دام ليست له صفة قانونية يمثل فيها قانوناً أمام القضاء ومن ثم فإنه يتعين الالتفات عن اختصام كل من مدير عام التخطيط ومدير إدارة نزع الملكية بمحافظة القاهرة في هذه المنازعة.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سلف بيانه فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 26/ 5/ 1988 وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ قرار لجنة الطعون في تقديرات مقابل التحسين بتاريخ 9/ 3/ 1988 بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الطعن رقم 2 لسنة 1977 أمام لجنة التحسين بمحكمة جنوب القاهرة القاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار المطعون فيه. وأصلياً: وفي الموضوع الحكم بعدم صحة الإجراءات التي قامت بها محافظة القاهرة لتقدير قيمة مقابل التحسين وبطلانها وبالتالي عدم جواز احتساب أية مبالغ على الأطيان المملوكة للطاعن كمقابل تحسين وبصفة احتياطية الحكم بفرض مقابل تحسين قدره مائة جنيه على الفدان الواحد بالنسبة لأرض المدعي - مع إلزام الإدارة المصروفات.
وقال المدعى شرحاً لدعواه أنه يطعن على قرار اللجنة المشار إليه استناداً إلى أنه كان قد اشترى قطعة أرض مساحتها (س 6 ط 12 ف 1) بحوض الجزيرة رقم (1) جزائر فصل ثالث قطعة رقم (6) رمزية (4) من بلدة الدستور زمام كفر العلو قسم حلوان وبتاريخ 7/ 5/ 1977، أخطرته إدارة نزع الملكية أن لجنة التقدير المشكلة طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم (222) لسنة 1955 فرضت مقابل تحسين قدره(35641.440 قرش جنيه) على العقار ملكه باعتبار أن قيمة المتر قبل التحسين جنيهاً واحد وبعده عشرة جنيهات.
واعتمد القرار في 24/ 4/ 1977. ولما كانت الإجراءات الخاصة بتحديد مقابل التحسين المشار إليها في القانون رقم (222) لسنة 1955، قد خولفت بمقتضى قرار هذه اللجنة كما أن الطريق الذي فرض من أجله مقابل التحسين كان قائماً ومستعملاً من قبل وكل ما أجرته عليه الإدارة هو الرخص والتوسيع فقط، فضلاً عن أن الجهة المطعون ضدها لم تقدم القرار الذي أنشأ المشروع رقم (1017) طريق حلوان والقرار رقم 102 بتاريخ 27/ 5/ 1974 واقتصرت على تقديم محضر لجنة التقدير فقط نموذج (1) بتاريخ 24/ 4/ 1977 على أن مقابل التحسين هو القرار (102) بتاريخ 17/ 5/ 1984 ويكون قرار مقابل التحسين لم ينشر بالجريدة الرسمية ولم تتبع بشأنه الإجراءات القانونية مما يتعين معه إلغاءه وفقاً للمادة الرابعة من القانون رقم (222) لسنة 1955 م كما أن القرار نفسه صدر باطلاً لأن القانون المشار إليه نص فيه على أن يعمل اعتباراً من أول يناير 1953، مع أن المشروع الخاص بحلوان قد تم في 15/ 12/ 1951 أي قبل العمل بهذا القانون. ومن ثم لا تسري عليه أحكامه.
وأودع المدعى إثباتاً لدعواه أربعة حوافظ اشتملت على صورة القانون رقم (222) لسنة 1955. وصورة من الحكم الصادر في الدعوى رقم 5167 لسنة 1976 جنوب القاهرة، خريطة مساحية لأرض النزاع، وتقرير مساحي مؤرخ 12/ 11/ 1988. وصورة من كتاب منطقة إسكان حلوان رقم 7537 لسنة 1981 وصورة من كتاب مدير عام إدارة التحسين بمحافظة القاهرة إلى المدعي بتاريخ 10/ 4/ 1988 - وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن لجنة تقدير مقابل التحسين أصدرت قرارها رقم (202) لسنة 1974 بفرض مقابل تحسين على القطعة موضوع المنازعة بطريق حلوان والمعتمد من المجلس الأعلى المحلي الشعبي لمحافظة القاهرة بمبلغ 35641.440 قرش جنيه، وأخطر المدعي بذلك بالكتاب رقم 227 في 7/ 5/ 1977، وقام المذكور بالطعن على القرار وقررت اللجنة بتاريخ 9/ 3/ 1988 بتأييد القرار المطعون فيه.
كما دفعت الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى باعتبار أن قرار لجنة فحص الطعون الخاصة بمقابل التحسين والمشار إليها في القانون رقم 222 لسنة 1955 تصدر قرارات نهائية غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة قضائية، وانتهى إلى طلب الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبجلسة 9/ 3/ 1989، أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على سند من أن المشرع نص في المادة السادسة من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب إعمال المنفعة العامة تنص على أن تقدر قيمة العقار الداخل في حدود منطقة التحسين قبل التحسين وبعده بمعرفة لجنة تؤلف وفقاً لما جاء بهذه المادة كما أن المادة الثامنة أشارت إلى أن قرار المحكمة الابتدائية فيما يرفع إليها من طعون ضد قرارات لجان التحسين تعتبر نهائية لا يجوز الطعن فيها أمام أية جهة قضائية أخرى وذلك على هدي من التفسير الذي انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا لنص المادة المشار إليه في الدعوى رقم 12 لسنة 8 ق دستورية، ومن ثم تكون المحكمة غير مختصة بنظر الطعن على هذه القرارات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تأويله وتفسيره وتطبيقه استناداً إلى أن اللجنة القضائية المشار إليها في المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 لا تعتبر من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي وفقاً لما انتهى إليه الحكم ورتب على هذا التفسير عدم اختصاص قضاء مجلس الدولة بنظر الطعون ضد قراراتها وفقاً للاختصاص المنوط به في المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 هذا التفسير قد جاء مخالفاً للقانون لأن اللجان القضائية ذات الاختصاص تعتبر صاحبة ولاية قضائية ولا بد أن ينص عليها القانون صراحة ويحدد اختصاصها وجهات الطعن في قراراتها باعتبارها جهات تتولى الولاية القضائية فالمحاكم استثناء من الأصل العام الذي يترك الوظيفة القضائية للمحاكم على اختلاف درجاتها.
ولما كانت اللجنة مصدرة القرار لم تكن أساساً من تلك اللجان ودون أن يغير من ذلك إنها برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية فإن ذلك لا يغير من طبيعة قراراتها بأنها قرارات إدارية يجوز الطعن فيها أمام محاكم مجلس الدولة. وحيث قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإن الطعن عليه بالإلغاء يكون قد قام على سنده الصحيح من القانون متعيناً القضاء به.
ومن حيث إن المادة (6) من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل التحسين تنص على أن:
"تقدر قيمة العقار في حدود منطقة التحسين - قبل التحسين وبعده - لجنة تؤلف من:
1 - مدير أعمال يندبه مراقب المراقبة الإقليمية بوزارة الشئون البلدية والقروية الواقع في دائرتها العقار - رئيساً،
2 - المهندس الذي يرأس قسم التنظيم في المجلس البلدي المختص، 3 - عضو من أعضاء المجلس البلدي المختص من غير الأعضاء المعينين، 4 - مندوب عن تفتيش المساحة المختص - أعضاء.
وتستأنس اللجنة في تقدير قيمة العقار بثمن شراء المالك الأخير له وما أحدث فيه من تعديلات أو تحسينات وكذلك بثمن المثل في الصفقات التي تمت.
وتنص المادة السابعة من القانون المشار إليه على حق ذوي الشأن في الطعن على قرارات اللجان المشار إليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانهم بها.
كما تنص المادة (8) على أن "تفصل في الطعون لجنة تؤلف في كل مديرية أو محافظة من: 1 - رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار أو وكيلها - رئيساً،
2 - مراقب المراقبة الإقليمية بوزارة الشئون البلدية الواقع في دائرتها العقار، 3 - مفتش المساحة أو من ينوب عنه، 4 - مفتش المالية أو ما ينوب عنه، 5 - عضوين من أعضاء المجلس البلدي من غير الأعضاء المعينين وبحكم وظائفهم - أعضاء.
وتفصل هذه اللجنة في الطعون في ميعاد لا يتجاوز شهراً من تاريخ ورودها إليها وتكون قراراتها نهائية.
كما تنص المادة (9) من ذات القانون على أن:
"يعلن الطاعن بموعد الجلسة بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول قبل الجلسة بثمانية أيام على الأقل وله أن يحضر بنفسه أو أن يستعين بمحام على أن يتقدم بدفاعه مكتوباً".
وللجنة أن تطلب إلى ذوي الشأن ما تراه لازماً من إيضاحات ويصدر القرار مسبباً.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها إن المشرع في القانون رقم 222 لسنة 1955 المشار إليه قد جعل قرار لجنة الفصل في الطعون المقدمة من ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين نهائية فقد استقرت أحكام هذه المحكمة على أن اللجنة المنصوص على تشكيلها بالمادة الثامنة من القانون سالف الذكر وإن كانت تتكون من ستة أعضاء بينهم عضو قضائي واحد وأغلبية أعضائها من العناصر الإدارية التي تفتقر إلى خبرة القضاء وقدرتهم وما يحيطهم به القانون من ضمانات التجرد والحيدة - لذلك فلاً تعتبر جهة قضاء وإنما هي لجان إدارية خولها القانون اختصاصاً قضائياً، يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في قراراتها طبقاً للبند ثامناً من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة، ولا يغير من ذلك الاحتجاج بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 6 ق تنازع وبجلسة 3/ 6/ 1976 الذي اعتبر لجنة الطعن المنصوص عليها بالمادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 المشار إليه - جهة مختصة بنظر الطعن في قرارات لجنة تقدير مقابل التحسين ذلك إن هذا الحكم لم يعتبر هذه اللجان محاكم قضائية بل لجان ذات اختصاص قضائي في مفهوم المادة الرابعة من قانون المحكمة الإدارية العليا، وذلك في صدد بيان مناط توافر حالة التنازع الايجابي المقبول وفقاً للمادة (17) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 التي أحالت إليها الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من قانون المحكمة الإدارية العليا (مجموعة العليا - القسم الثالث 1978 ص 232) وحكم المحكمة الدستورية العليا آنف الذكر يحوز حجية فيما قضى به من منطوقه مربوطاً بأسبابه في الدعوى.
ومن حيث إنه قد توافرت أحكام هذه المحكمة على أنه يبين من النصوص المشار إليها أن المشرع في القانون رقم 222 لسنة 1955 قد جعل قرار لجنة الفصل في الطعون المقدمة من ذوي الشأن في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين نهائية، إلا أنه تطلب في ذات الوقت وأن تكون هذه القرارات مسببة كإجراء شكلي لازم لإصدارها ليكون لمحاكم مجلس الدولة المختصة إمكانية بسط رقابتها ومشروعيتها وفقاً لأحكام الدستور والقانون باعتبارها لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في قراراتها طبقاً لصريح البند ثامناً من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 سالف الذكر فالقرار النهائي هو الذي لا يحتاج لنفاذه إلى تصديق أو موافقة من سلطة رئاسية أعلى أو من جهة إدارية أخرى ويكون بالتالي نتيجة لهذا النفاذ الجبري على الأفراد صالحاً للطعن عليه قضائياً أمام محاكم مجلس الدولة المختصة فالقرار الإداري النهائي هو القابل للطعن بالإلغاء قضائياً وليس القرار الحصين من الإلغاء أو الذي لا تختص محاكم مجلس الدولة برقابة مشروعيته.
ومن حيث إنه قد حرص المشرع الدستوري على أن ينص في باب كامل من الدستور (الباب الرابع) على إعلاء مبدأ المشروعية وسيادة القانون في الدولة حيث نص صراحة في المادة (64) على أن هذا المبدأ هو أساس الحكم في الدولة ونص في المادة (65) على أن تخضع الدولة للقانون كما نص على أن استقلال القضاء عن كل سلطة وكل فرد أو جماعه وحصانته في مباشرة ولايته واختصاصاته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات.
ومن حيث إن المشرع الدستوري إعمالاً لحقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحقيقاً لسيادة القانون من خلال إخضاع الدولة للقانون قد كفل حق كل مواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، وجعل التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة - وإلزام الدولة بتقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا وحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء (م 88) كما جعل حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول من الدولة بها وضمن لغير القادرين مالياً تحقيق وسيلة اللجوء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم وفقاً للقانون - على حساب المجتمع ومصالحه ممثلاً في الخزانة العامة للدولة (م 69).
وحيث إنه أيضاً قد أناط بمجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة في المادة (172) منه الفصل في المنازعات الإدارية. الأمر الذي بسط رقابة محاكم مجلس الدولة بدون تحديد لتصرفات أو قرارات معينة للجهة الإدارية في إطار رقابة المشروعية بواسطة القاضي الطبيعي ممثلاً في المحكمة المختصة حسب أحكام الدستور وقانون مجلس الدولة لإعلاء ما تقتضيه المشروعية وسيادة القانون وبصفة خاصة إذا كان التعويض أو المخالفة ينطوي على إصدار ضوابط نص عليها القانون أو وضع إجراء حتمي أوجبه لصالح المواطنين تحقيقاً لحقهم في التقاضي أو في حق السلطة القضائية في حماية الحقوق والحريات وسيادة القانون.
ومن حيث إنه لما كان ما سبق وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القضاء بعدم الاختصاص وعلى غير سند صحيح من القانون أو الوقائع. وهو الأمر الثابت الصحيح حسبما سبق البيان.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد تسلب من ولاية المحكمة بنظر النزاع على خلاف صحيح أحكام الدستور والقانون ومن ثم فإنه يكون قد جاء والحال هذه مخالفاً لأحكام الدستور والقانون حرياً بقبول الطعن عليه بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالاً للمادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة محافظ القاهرة وحده وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وأمرت بإعادة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى، وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطعن وأبقت الفصل في باقي المصروفات.
(1) راجع الحكم الصادر بجلسة 13/ 12/ 1986 في الطعن رقم 676 لسنة 30 ق المنشور في السنة 32 - الجزء الأول - صفحة 413.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق