جلسة 19 من مارس سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(105)
الطعن رقم 542 لسنة 39 القضائية
طوائف خاصة من العاملين - العاملون بالمحاكم - تأديب - طبيعة قرارات مجالس التأديب الخاصة بهم. المادة (166) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
تعتبر قرارات مجالس تأديب العاملين بالمحاكم بمثابة أحكام - يتعين مراعاة القواعد الأساسية للأحكام - من بين هذه القواعد أن يصدر الحكم من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً طبقاًَ للقانون - إذا حدد المشرع عدداً معيناً لأعضاء الهيئة فإنه يتعين مراعاة ذلك عند تشكيلها دون زيادة أو نقص - مخالفة هذه القاعدة يؤدي إلى بطلان لتعلق ذلك بالنظام العام - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 20/ 12/ 1992 أودع الأستاذ/....... المحامي نيابة عن الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الراهن في قرار مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية الصادر في القضية التأديبية رقم 3 لسنة 1992 بجلسة 2/ 12/ 1992 والمتضمن فصل/......... (الطاعن) من الخدمة.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان وإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما قضى به من فصل الطاعن من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 26/ 12/ 1992 تم إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها في مواجهة هيئة قضايا الدولة.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار.
وتم تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 22/ 12/ 1993 إصدار الحكم بجلسة 26/ 1/ 1994 مع مذكرات في أسبوعين.
وخلال الأجل قدمت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير العدل بصفته مذكرة وردت بتاريخ 4/ 1/ 1994 طلبت فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة 26/ 1/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 12/ 2/ 1994 مساء.
وتم نظر الطعن أمام المحكمة حيث قرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن الأستاذ/..... المحامي تقدم بشكوى إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة دمنهور الابتدائية تتضمن إنه اكتشف بعد الاطلاع على الدعوى المدنية رقم 703 لسنة 1987 م كفر الدوار تزويراً في إعلاناتها وفي رولات الجلسات وأصل الصحيفة وأيضاً الحكم الصادر فيها وأنه حينما تقدم إلى قلم الحفظ للحصول على صورة من الإعلانات المزورة فوجئ باختفاء إعلانين من الدعوى.
وقد أحال السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة دمنهور الابتدائية الشكوى سالفة الذكر إلى السيد الأستاذ المحامي العام لنيابة دمنهور الكلية حيث أجرت النيابة العامة تحقيقاً فيها وقامت بسماع أقوال الشاكي وبعض موظفي محكمة دمنهور الابتدائية ومنهم أمين السر....... (الطاعن) وقامت النيابة العامة بتكييف الواقعة بأنها تشكل جنايتي التزوير والاختلاس عملاً بنص المواد 112، 211، 311 من قانون العقوبات إلا أنه نظراً لأن العقوبة المقررة للجريمة سالفة الذكر تبلغ حداً من الجسامة لا يتناسب مع ما ارتكبه المتهمون (ومنهم الطاعن) من جرم وأنهم موظفون عموميون وأن تقديمهم للمحاكمة الجنائية فيه إضرار بمستقبلهم الوظيفي أبلغ الضرر ومتى كان ذلك وكانت الجهة الإدارية التابعين لها تملك من السلطات والصلاحيات ما يكفي لتوقيع الجزاء الإداري الذي يتناسب مع ما ارتكبه المتهمون من جرم ومن ثم فقد انتهت النيابة العامة بعد موافقة المستشار المحامي العام لنيابة دمنهور في 1/ 1/ 1992 إلى إرسال الأوراق للجهة الإدارية التابع لها المتهمون (محكمة دمنهور الابتدائية) 1 -....... (الطاعن) 2 -....... 3 -...... 4 -........ لمجازاتهم إدارياً لما نسب إليهم.
وبعرض الأوراق على السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة دمنهور قرر إحالة المذكورين إلى مجلس تأديب العاملين بالمحكمة الذي باشر محاكمة المحالين على النحو الموضح بمحاضر جلساته، وأصدر بجلسة 28/ 11/ 1992 القرار المطعون فيه متضمناً مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة.
ومن حيث إن قرار مجلس التأديب المطعون فيه قد أقام قضاءه بمجازاة الطاعن على أساس أنه ثبت في حق المحال المذكور (الطاعن) إجراء تغيير على خلاف الحقيقة في محضر جلسة 26/ 12/ 1987 وبمنطوق الحكم الصادر بجلسة 29/ 10/ 1988 وبرول (الدعوى رقم 703 لسنة 1987 م ك كفر الدوار) وصوره الكربونية الثلاث وذلك من واقع ما انتهى إليه تقرير مصلحة الطب الشرعي - قسم أبحاث التزييف والتزوير وما ورد بالتحقيقات وأن ذلك يشكل في حق المحال الأول (الطاعن) خروجاً وإخلالاً جسيماً بمقتضيات واجبات وظيفته كأمين سر المحكمة وما تفرضه عليه من الأمانة والدقة والثقة في شخص من يقوم بتدوين ما يدور بالجلسة بمحاضرها والمحافظة على ما يظل تحت يده من مستندات خاصة بموضوع الدعوى وهذه الثقة هي أساس قيام العمل القضائي.
ومن حيث إن مبنى الطعن بطلان القرار المطعون فيه ومخالفته للقانون لبطلان تشكيل مجلس التأديب الذي أصدره لأن الثابت أنه مشكل من أربعة في حين أن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 قد حدد أعضاء مجالس التأديب للعاملين بالمحاكم بثلاثة فقط، وأن هذا التشكيل يتعلق بالنظام العام كما قضى القرار بعقوبة غير العقوبة المقررة للعاملين بالمحاكم كما أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن غير ثابتة في حقه كما تضمن القرار إخلالاً بحق الدفاع إذ تقدم الطاعن بشهادة مكتوبة من المحامي الذي أقام الدعوى رقم 703 لسنة 1987 تفيد وجود خطأ مادي أثناء تحرير عريضة الدعوى فيما يتعلق باسم أحد المدعين (......) وهو موضوع القول بالتزوير وأنه تم تصحيح ذلك الخطأ إلا أن مجلس التأديب لم يلتفت إلى تلك الشهادة ولم يسمع أقوال ذلك الشاهد بما يصم قرار مجلس التأديب بالبطلان.
ومن حيث إن قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 قد خصص الباب الخامس منه للعاملين بالمحاكم وحدد الفصل السادس منه لقواعد وأحكام تأديب العاملين بالمحاكم ونصت المادة/ 166 منه على أنه: (لا توقع العقوبة إلا بحكم مجلس التأديب.......).
وتولت المادة كيفية تشكيل مجلس التأديب فنصت على أن:
(يشكل مجلس التأديب في محكمة النقض وفي كل محكمة من محاكم الاستئناف من مستشار تنتخبه الجمعية العامة ومن المحامي العام وكبير كتاب المحكمة.
وفي المحاكم الابتدائية والنيابات من رئيس المحكمة ورئيس النيابة ومن يقوم مقامهما وكبير الكتاب ويستبدل المحضرين عند محاكمة أحد المحضرين ورئيس القلم الجنائي عند محاكمة كتاب النيابات).
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن تشكيل مجلس التأديب لمحاكمة العاملين بالمحاكم يتكون من ثلاثة أعضاء فقط على النحو المحدد بالمادة 167 متقدمة الذكر.
ومن حيث إن المستقر عليه أن قرارات مجالس تأديب العاملين بالمحاكم تعتبر بمثابة أحكام ومن ثم فإنه يتعين فيها مراعاة القواعد الأساسية والجوهرية للأحكام ومن تلك القواعد ضرورة أن يصدر الحكم من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً طبقاً للقانون فإذا حدد المشرع عدداً معيناً لأعضاء الهيئة فإنه يتعين مراعاة ذلك عند تشكيلها لا زيادة ولا نقصاً لأن أي من الأمرين يعد إخلالاً جوهرياً بالأصول العامة في المحاكمات وهو ما يتعلق بالنظام العام بما يؤثر على الحكم الذي يصدر نتيجة التشكيل المخالف للقانون ويؤدي إلى بطلانه، ذلك إنه في حالة تشكيل الهيئة بأكثر من العدد المحدد قانوناً فإن العضو الزائد اشتراكه في المداولة والحكم إنما يمثل اعتداء على حقوق الدفاع إذ قد يكون لهذا العضو الزائد أثر في اتجاه الرأي وفي مصير الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من محاضر جلسات تأديب العاملين في الدعوى الصادر فيها القرار المطعون فيه أن الهيئة التي قررت بجلسة 31/ 10/ 1992 مشكلة على النحو الأتي:
برئاسة السيد الأستاذ/...... رئيس المحكمة والسيد الأستاذ/...... رئيس النيابة والسيد/....... كبير الكتاب المنتدب والسيد/........ كبير المحضرين والسيد/........ سكرتير المجلس.
وبذات التشكيل أصدر مجلس التأديب قراره المطعون فيه بجلسة 28/ 11/ 1992 حسبما جاء بمحضر جلسة ذلك اليوم وحسبما هو وارد صراحة بصدر قرار مجلس التأديب المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن مجلس التأديب الذي تولى محاكمة الطاعن والذي سمع المرافعة وقرر حجز الدعوى للحكم وأصدر القرار المطعون فيه كان مشكلاً من أربعة أعضاء وأن هؤلاء الأعضاء الأربعة جميعهم وقعوا على محاضر جلسة المرافعة يوم 31/ 10/ 1992 والتي تقرر فيها حجز الدعوى للحكم كما أنهم ذاتهم وقعوا على القرار الصادر بمحضر جلسة النطق بالحكم يوم 28/ 11/ 1992 وقد وردت أسماؤهم جميعهم بصدر القرار المطعون فيه على النحو المتقدم إيراده فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر من هيئة مشكلة تشكيلاً مخالفاً للقانون باشتراك أربعة أعضاء في حين أن العدد المحدد قانوناً ثلاثة فقط ليس من بينهم كبير المحضرين باعتبار أن المتهم (الطاعن) يشغل وظيفة أمين سر بما يبطل تشكيل الهيئة ويؤثر بالتالي على القرار الذي أصدرته بما يجعله صدر مشوباً ببطلان جوهري ينحدر به إلى درجة الانعدام باشتراك عضو زيادة (كبير المحضرين) ليس له صفة قانوناً في ذلك ويتعين لذلك إلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية للحكم فيها مجدداً من هيئة أخرى حتى لا يعتبر تعرض هذه المحكمة للنزاع لأول مرة بما ينطوي عليه من إخلال جسيم بإجراءات التقاضي تفويتاً لدرجة من درجاته إذ أن مناط تعرض هذه المحكمة للنزاع أن يكون الحكم أو القرار الصادر له كيان قانوني بصدوره من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً طبقاً للقانون وهذا ما ينتفي في الحالة المعروضة.
ومن حيث إن الحكم في موضوع الطعن يغني عن التعرض لطلب وقف التنفيذ.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وبإعادة الدعوى إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى بتشكيل صحيح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق