جلسة 10 من نوفمبر سنة 1973
برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(2)
القضية رقم 1366 لسنة 14 القضائية
(أ) دعوى - ميعاد رفعها.
رفع الدعوى في الميعاد على غير ذي صفة. مثول صاحب الصفة من تلقاء نفسه أمام المحكمة - لا يقبل منه بعد ذلك الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ولو تم هذا الإجراء بعد الميعاد - أساس ذلك - قياس هذه الحالة على حالة توجيه الخصومة إلى صاحب الصفة بعد فوات الميعاد وعلى حالة تقديم التظلم إلى جهة غير مختصة - الاستشهاد في هذا الخصوص باتجاه قانون المرافعات الجديد إلى تبسيط الإجراءات.
(ب) تعليم
- السلطة المختصة بإلغاء امتحان الطالب في حالة الغش - أساس ذلك ومثال.
-----------------
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا تطبق أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة وبالقدر الذي لا يتعارض أساساً مع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة به. وإذ كانت الدعوى القائمة على روابط القانون العام يملكها القاضي وهو الذي يوجهها ويكلف الخصوم بما يراه لازماً لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها، وكانت الدعوى الإدارية تتصل باستقرار حكم القانون في علاقات الأفراد مع السلطات العامة، فإنه يلزم تأكيداً للصالح العام تيسير أمرها على ذوي الشأن وتبسيط إجراءاتها على وجه يتلاءم مع مقتضيات النظام الإداري والطبيعة العينية للدعوى الإدارية. واستهدافاً لهذه الغاية استقر قضاء هذه المحكمة على تأكيد أن صاحب الصفة الذي لم يختصم أصلاً في الدعوى إذا ما مثل فيها أمام المحكمة من تلقاء نفسه أو أبدى دفاعاً موضوعياً فيها فلا يقبل منه بعد ذلك الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ولو تم هذا الإجراء بعد انقضاء مواعيد الطعن بالإلغاء وذلك رغماً عن أن هذا الدفع من النظام العام الذي يجوز لصاحب الشأن أن يثيره في أية مرحلة كانت عليها الدعوى كما يجوز للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء ذاتها ولو لم يكن ثمة دفع من المدعى عليه أو من هيئة مفوضي الدولة. وليس من شك في وجوب التسوية في الحكم بين حالة صاحب الصفة الذي لم يختصم في الدعوى ومثل فيها من تلقاء نفسه بعد انقضاء مواعيد الطعن بالإلغاء وبين صاحب الصفة الذي توجه إليه الخصومة بعد إقامتها في الميعاد القانوني إذا تم هذا التوجيه بعد فوات مواعيد الطعن بالإلغاء وذلك لاتحاد العلة بينهما وهي مثول صاحب الصفة في الدعوى إلى ما قبل الفصل فيها. كما جرى قضاء هذه المحكمة أيضاً على أن التظلم إلى جهة غير مختصة يقطع ميعاد رفع الدعوى متى كان لهذه الجهة ثمة اتصال بموضوع التظلم. وغني عن البيان أن التجاء صاحب الشأن إلى القضاء الإداري طالباً إلغاء قرار إداري وموجهاً طلباته في الدعوى إلى جهة لها ثمة اتصال بموضوع المنازعة وإن لم تكن هي صاحبة الصفة ينطوي على دلالة أقوى في معنى الاستمساك بالحق من مجرد التظلم الإداري الذي يقطع مواعيد رفع الدعوى وأبلغ في المطالبة بأدائه على نحو من مقتضاه التسليم بأن إقامة الدعوى على غير ذي صفة له ثمة اتصال بموضوع المنازعة يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء إلى أن يتم الفصل فيها.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فالثابت من الرجوع إلى أحكام قانون المرافعات المدنية الجديد أنه قد أفصح في مذكرته الإيضاحية وهو بصدد التعليق على نص المادة 115 منه بأنها استحدثت حكماً يقضي بأنه إذا رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى عليه إنما يقوم على أساس أجلت الدعوى لإعلان ذي الصفة بدلاً من الحكم بعدم القبول، وذلك تبسيطاً للإجراءات وتقديراً من المشرع لتنوع وتعدد فروع الوزارات والمصالح والمؤسسات والهيئات على نحو قد يصعب معه تحديد الجهة التي لها صفة في التداعي وتسليماً من المشرع بصعوبة تحديد الجهة الإدارية صاحبة الصفة في الاختصام في بعض الحالات فقد استحدث نص المادة 115 سالفة الذكر حكماً ضمنه حلاً يناسب الدعاوى العادية التي غالباً ما تمتد فيها مواعيد رفع الدعوى آجالاً طويلة تتيح فسحة من الوقت تسمح بأن يتم التصحيح خلالها على خلاف دعوى الإلغاء التي حدد المشرع لرفعها أجلاً قصيراً يستحيل خلاله اكتشاف الخطأ في تحديد الجهة الإدارية صاحبة الصفة في التداعي وإجراء تصحيح شكل الدعوى بمراعاة أن الأصل في التصحيح أنه لا ينتج أثره إلا من تاريخ حصوله ولا يرجع إلى تاريخ القيام بالإجراء الأصلي الذي لحقه التصحيح. وإذ سلم المشرع بالصعوبة المذكورة ووضع لها الحل المناسب بالنسبة للدعوى العادية فإن لازم ذلك ومقتضاه في المجال الإداري التماس العذر للمدعي في دعوى الإلغاء إذا ما أخطأ في تحديد الجهة الإدارية ذات الصفة في الاختصام ثم تدارك فصححه إلى ما قبل الحكم في الدعوى، طالما أنه قد اختصم بادئ الأمر جهة إدارية ذات صلة بموضوع المنازعة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن المدعي إذا ما نشط في الميعاد القانوني إلى اختصام القرار الإداري أمام القضاء الإداري ولكنه تنكب السبيل فوجهها إلى جهة إدارية غير ذات صفة في التداعي قانوناً فإن إقامة الدعوى على هذا النحو تقطع ميعاد رفعها بالنسبة لصاحب الصفة فيها إلى أن يتم الفصل فيها وذلك طالما كانت الجهة الإدارية المختصة لها ثمة اتصال بموضوع الدعوى. ويحق للمدعي والأمر كذلك تصحيح شكل دعواه باختصام صاحب الصفة قانوناً إلى ما قبل الحكم فيها من محكمة الموضوع حيث لا يسوغ قانوناً التمسك بإجراء هذا التصحيح ابتداء أمام محكمة الطعن.
ومن حيث إن المدعي أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري في الميعاد القانوني موجهاً طلباته فيها إلى وزارة التربية والتعليم ومديرية التربية والتعليم بالإسكندرية وصلتهما بموضوع المنازعة لا شبهة فيها فإنه وقد صحح شكل دعواه قبل صدور الحكم المطعون فيه باختصام صاحب الصفة في التداعي وهو محافظ الإسكندرية فإن دعواه تكون بهذه المثابة مقبولة شكلاً وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بعدم قبول الدعوى، بدعوى توجيهها إلى صاحب الصفة فيها بعد الميعاد القانوني فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون حقيقاً بالإلغاء.
2 - إن الثابت من الأوراق أنه في 16 من مايو سنة 1967 ضبط مراقب لجنة امتحان النقل بمدرسة الناصرية الثانوية بالإسكندرية مع ابن المدعي، التلميذ بالسنة الأولى الثانوية أثناء تأديته الامتحان المقرر في مادة الجبر ورقة أسئلة امتحان مادة الفيزياء المقررة على السنة الثانية والخاصة بالتلميذ الذي كان يجلس بجواره في لجنة الامتحان مدوناً على ظهرها حل مسألتين من مسائل امتحان مادة الجبر. وقد أجرت المدرسة تحقيقاً اعترف فيه ابن المدعي بأنه تسلم من جاره في اللجنة ورقة الأسئلة الخاصة به بعد أن دون عليها حل المسألتين وأنه نقل منها حل إحدى المسألتين إلى ورقة إجابته. كما اعترف جاره بأنه طلب منه حل بعض مسائل الجبر لصعوبتها فاستجاب له وقام بحلها على ورقة أسئلة مادة الفيزياء الخاصة به وأعطاها له. وقام مدرس أول الرياضيات بالمدرسة بمضاهاة حل المسألة الأولى من ورقة إجابة ابن المدعي بما هو مكتوب على ظهر ورقة أسئلة التلميذ الآخر فوجد أنه قد نقل الإجابة فعلاً. وبناء على ذلك قام ناظر المدرسة تطبيقاً لحكم القانون رقم 85 لسنة 1964 بإلغاء امتحان الطالبين عن عام 1967 لارتكابهما جريمة الغش المعاقب عليها في القانون المذكور.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 85 لسنة 1964 بأحوال إلغاء امتحان التلميذ في النقل والامتحانات العامة النهائية تقضي بإلغاء امتحان التلميذ في النقل بجميع مراحل التعليم التابعة لوزارة التربية والتعليم أو التي تتولى الإشراف عليها إذا غش أو حاول الغش في الامتحان ويكون إلغاء الامتحان بقرار مسبب ونهائي من الرئيس العام للامتحان ويترتب عليه حرمان التلميذ من دخول امتحان السنة التالية. ويجوز لوكيل الوزارة أن يزيد عدد مرات حرمان التلميذ من دخول الامتحانات. ولما كان القرار المطعون فيه قد قام على أسباب تبرره في الواقع والقانون فقد ثبتت واقعة الغش في الامتحان المنسوبة إلى ابن المدعي من أقوال مراقب اللجنة ومن ضبط الورقة التي كان هذا التلميذ يغش منها معه ومن مضاهاة إجابته على الإجابة التي حررها له زميله في الورقة المضبوطة وكذلك من اعتراف التلميذ المذكور صراحة بما نسب إليهما، ولم يدحض المدعي ثبوت هذه الواقعة قبل ابنه بدليل يؤيده وفضلاً عن أنه لم يقدم ثمة ما يدل على ما زعمه من أن ابنه وقع على الاعتراف المنسوب إليه كرهاً فليس في الأوراق ثمة ما يقنع بصحة هذا الادعاء.
وإذ كان الأمر وكان القرار المطعون فيه قد صدر مسبباً من ناظر المدرسة بوصفه الرئيس العام للامتحان فإنه يكون قد تكاملت له أركانه القانونية ويكون النص عليه على غير أساس من القانون. ولا حجة فيما ادعاه المدعي من أن الرئيس العام للامتحان ليس ناظر المدرسة وإنما هو وكيل الوزارة مدير عام التربية والتعليم بالإسكندرية، لا حجة في ذلك لأن ناظر المدرسة في امتحانات النقل هو في الواقع من الأمر الرئيس العام للامتحان كما أنه هو السلطة المختصة بتأديب تلاميذ المدارس الثانوية وما في مستواها وفقاً لأحكام قرار وزارة التربية والتعليم رقم 1127 لسنة 1959 بالنظام التأديبي لتلاميذ المدارس الثانوية وما في مستواها ومما يقطع في الدلالة على سلامة هذا النظر ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 85 لسنة 1964 سالفة الذكر من أن اختصاص وكيل الوزارة يتحدد فقط في زيادة عدد مرات حرمان التلميذ من دخول الامتحانات، بما يستتبع أن مجرد إلغاء امتحان التلميذ الذي يغش أو يحاول الغش في الامتحان وما ترتب على ذلك بحكم القانون من حرمانه من دخول امتحان السنة التالية لا يدخل في اختصاصه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق