الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 14 أغسطس 2023

الطعن 509 لسنة 39 ق جلسة 15 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 120 ص 1194

جلسة 15 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. أحمد مدحت حسن - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ود. إبراهيم علي حسن ومحمد عزت السيد إبراهيم ومحمد أبو الوفا عبد المتعال - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(120)

الطعن رقم 509 لسنة 39 القضائية

جامعات - تحويل الطلاب بينها - الاختصاص به - إلغاء التحويل.
رسم السياسة العامة للتعليم الجامعي بتنظيم قبول الطلاب وتحديد أعدادهم ليس وقفاً على المجلس الأعلى للجامعات وحده بل تشاطره فيه مجالس الجامعات ومجالس الكليات والمعاهد - سلطة رئيس الجامعة في تصريف شئونها تتم في حدود السياسة العامة التي يرسمها كل من المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعة وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات المعمول بها - مخالفة القرار الصادر بالتحويل للقواعد المقررة في هذا الشأن ترتب البطلان لا الانعدام - أساس ذلك: أن الانعدام لا يكون إلا إذا بلغت المخالفة حداً من الجسامة تفقد القرار كيانه وتجرده من مقوماته كتصرف قانوني وهو ما لا ينطبق في الحالة الماثلة - أثر ذلك: أنه متى تحصن قرار تحويل الطالب بمضي الميعاد المقرر قانوناً فإن القرار الساحب الذي صدر بعد انقضاء الميعاد يشكل انتهاكاً خطيراً لآثار القرارات الفردية وما تولدت عنه من مراكز قانونية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 10 ديسمبر سنة 1992 أودع الأستاذ/ سيد عبد الله النحال المحامي بوصفه نائباً عن الأستاذ/ إسماعيل محمد محمود المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن الدكتور...... الولي الطبيعي على ابنته...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 509 لسنة 39 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 19 نوفمبر سنة 1992 في الدعوى رقم 2517 لسنة 13 القضائية والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً بإلغاء قراري رئيس جامعة المنصورة ورئيس جامعة القاهرة فيما تضمناه من إلغاء تحويل الطالبة....... إلى كلية طب أسنان القاهرة وإلى كلية طب أسنان المنصورة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وبتاريخ 24 ديسمبر سنة 1992 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء القرارين المطعون فيهما وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 13/ 1/ 1993 وتم تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 28/ 4/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - التي نظرته بجلسة 8/ 5/ 1993 وبذات - الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة تتحصل - حسبما تدلي بها الأوراق - في أن الطاعن كان قد عقد لواء الخصومة ضد المطعون ضدهم بإقامة الدعوى رقم 2517 لسنة 13 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 17/ 8/ 1991 ابتغاء الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة الصادر بإلغاء قبول وتحويل ابنته.......من جامعة العرب الطبية ببني غازي بليبيا إلى كلية طب الأسنان بجامعة القاهرة ثم جامعة المنصورة مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية أخصها تمكينها من أداء امتحان الدور الثاني للفرقة الأولى بكلية طب أسنان المنصورة المحددة لعقده يوم 24/ 8/ 1991 وتنفيذ الحكم بنسخته الأصلية وبدون إعلان وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلغاء كافة ما ترتب عليه من آثار قانونية وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وشرحاً لدعواه قال المدعي - الطاعن - أن ابنته حصلت على شهادة الثانوية العامة علوم سنة 90/ 1991 والتحقت بكلية طب الأسنان بجامعة العرب الطبية ببني غازي بليبيا وقد وافق مجلس كلية طب أسنان القاهرة على قيدها في 16/ 8/ 1991 كما وافق على ذلك رئيس جامعة القاهرة وأعطيت شهادة رسمية تفيد قيدها كطالبة بالسنة الإعدادية بكلية طب أسنان القاهرة كما قامت بسداد الرسوم الدراسية وحصلت على بطاقة من كل من مكتب التنسيق المركزي وكلية طب أسنان القاهرة، وأنه وفقاً لحكم المادة 86 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات تمت الموافقة على تحويلها إلى كلية طب أسنان المنصورة واعتمد رئيس جامعة المنصورة هذا التحويل وانتظمت في الدراسة طوال العام الدراسي وسمح لها بدخول امتحان الدور الأول ثم حجبت عنها النتيجة بسبب صدور قرار بإلغاء قيدها بجامعة القاهرة وتحويلها إلى جامعة المنصورة.
ونعى المدعي - الطاعن - على القانون المطعون فيه مخالفة القانون لأسباب حاصلها أن نقل قيد ابنته من جامعة القاهرة إلى جامعة المنصورة قد استوفى جميع الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 86، 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات ثم صدر قرار رئيس الجامعة بالاعتماد وبالتالي أصبح نهائياً وحصيناً من الإلغاء بفوات ميعاد الطعن عليه دون سحبه وقد رتب بذلك للطالبة مركزاً قانونياً لا يجوز المساس به وهو اعتبارها طالبة مقيدة بكلية طب الأسنان وأنه مع التسليم جدلاً بأن تحويل ابنته من جامعة أجنبية إلى كلية الطب المصرية لم يراع الضوابط التي حددها المجلس الأعلى للجامعات فإنه لما كانت المدة القانونية قد مرت على القرار المطعون فيه دون سحبه أو إلغائه فإنه يعتبر حصيناً من الإلغاء، كما أن القاعدة العامة هي أن السلطة التي تملك سحب القرار الإداري هي السلطة التي أصدرته أو السلطة الرئاسية لها والقرار المسحوب هو قرار رئيس جامعة القاهرة باعتماد تحويل الطالبة وبالتالي فإن قرار سحب هذا القرار يجب أن يصدر من ذات الجهة وهو الأمر الذي لم يتم، وإذ كان القرار المطعون فيه يوقع بالطالبة إضراراً يتعذر تداركها - تتمثل في إضاعة فرصة دخول امتحان الدور الثاني المحدد لبدايته يوم 24/ 8/ 1991 مما يؤثر على مستقبلها الدراسي فضلاً عن جدية الأسباب المرجحة لإلغاء القرار المطعون فيه وبالتالي فإنه يلتمس الحكم له بطلباته.
وبجلسة 20/ 11/ 1991 قضت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة برفض الدفع بعد اختصاصها محلياً بنظر الدعوى، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقضت باختصاصها بنظر الدعوى وقبولها شكلاً وفي الشق المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما وألزمت المدعي مصروفاته وبإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بإلغاء قرار رئيس جامعة القاهرة رقم 622 لسنة 1991 فيما تضمنه من إلغاء تحويل ابنه المدعي من كلية طب الأسنان بجامعة العرب الطبية بليبيا إلى الفرقة الإعدادية بكلية طب الأسنان بجامعة القاهرة في العام الدراسي 90/ 1991 وإلغاء قرار رئيس جامعة المنصورة رقم 630 لسنة 1991 فيما تضمنه من إلغاء تحويل ابنه المدعي من الفرقة الإعدادية بكلية طب أسنان القاهرة إلى الفرقة الإعدادية بكلية طب أسنان المنصورة في العام الدراسي 90/ 1991 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 19/ 11/ 1992 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة حكمها المطعون فيه في الشق الموضوعي من الدعوى وقضى برفض الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام المدعي المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها برفض الدعوى على أن المشرع الدستوري قد نص على مبدأ المساواة بين - المواطنين في الحقوق والواجبات العامة ومنها حق التعليم، وحق التعليم الجامعي هو حق جوهري لكل شاب مصري حاصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية أو ما يعادلها ومؤهل له طبقاً لجدارته أو كفاءته العلمية والتي تقاس على أساس موضوعي هو مستوى نجاحه في امتحان تلك الشهادة وفقاً لمجموع درجاته إعمالاً للمبدأ الدستوري الأصيل في المساواة بين المواطنين الذين تتماثل مراكزهم القانونية والتزاماً بمبدأ تكافؤ الفرص بينهم، وكذا يجب الالتزام عند إجراء المفاضلة بين الناجحين في امتحان الشهادة المذكورة القبول بالتعليم الجامعي بترتيب درجات النجاح التي حصلوا عليها في امتحان تلك الشهادة ولا يجوز بأي حال من الأحوال الخروج على هذا المقياس الموضوعي الكفاءة العلمية عند الالتحاق بالتعليم الجامعي وقد تضمن قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية الشروط الواجب توافرها للقبول بالتعليم الجامعي كما نظمت اللائحة المذكورة عملية التحويل ونقل القيد بين الكليات سواء المتناظرة أو غير المتناظرة وسواء في ذات الجامعة أو بين جامعتين من الجامعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 وقد تضمنت هذه القواعد شرطاً يعتبر قاسماً مشتركاً في كل حالات التحويل وهو أن يكون الطالب حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها وأن يكون في سنة حصوله على هذه الشهادة حاصلاً على الحد الأدنى للمجموع الذي وصل إليه القبول بالكلية التي يرغب التحويل إليها وذلك بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية حالات التحويل دون التقيد بالحد الأدنى للمجموع وأنه ولئن كانت المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات قد فوضت المجلس الأعلى للجامعات في وضع القواعد التي تتبع في حالات التحويل من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية ولم تقيد سلطة المجلس بأي قيد حين ممارسته لاختصاصه نفاذاً لها إلا أن ذلك لا يعني أن سلطة هذا المجلس مطلقة إذ لا تملك أية سلطة الخروج على مبادئ الدستور ومن ثم فإن سلطة المجلس المذكور مقيدة بنصوص الدستور وقانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية وبالتالي فإنه لا يملك تقرير ميزة استثنائية للطلبة المخاطبين بأحكام المادة 87 سالفة الذكر بأن يضع شرطاً يتضمن خروجاً على شروط القبول بالتعليم الجامعي كعدم التقيد بالحد الأدنى للمجموع الذي وصل إليه القبول في الكلية التي يرغب الطالب في التحويل إليها وإلا انطوى ذلك التصرف على المساس بحق الطلبة الناجحين في امتحان الشهادة المذكورة الحاصلين على درجات نجاح أعلى ويعتبر ذلك إخلالاً جسيماً بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين والمساواة أمام القانون مما يشكل مخالفة صارخة الأحكام الدستور والقانون ومن ثم يكون مثل هذا الشرط منعدماً لا لأثر له قانوناً وأضافت المحكمة أنه لما كان الثابت من الأوراق أن ابنة المدعي حصلت على شهادة الثانوية العامة سنة 1990 بمجموع 224.5 ولم يؤهلها هذا المجمع للالتحاق بكلية طب الأسنان التي كانت تنشدها في أية جامعة مصرية فالتحقن بكلية طب الأسنان بجامعة العرب ببني غازي بليبيا في العام الجامعي 90/ 1991 دون أن يقترن ذلك بحالة عمل أحد والديها في ليبيا وفي ذات العام الجامعي حولت إلى كلية طب أسنان القاهرة رغم أن مجموعها أقل من الحد الأدنى للقبول بهذه الكلية وهو 224.5 ثم حولت أيضاً في ذات العام إلى كلية طب أسنان جامعة المنصورة فإن البادي مما تقدم أن ابنة المدعي التحقت بكلية الطب المذكورة عن طريق الأبواب الخلفية وعلى أساس أنها ابنة أستاذ جامعي فقرارات تحويلها تمت بدون سند قانوني وقد عزفت عن الالتحاق بالكلية التي يؤهلها مجموعها للقبول فيها فالتحقت بجامعة أجنبية مستهدفة بذلك التحايل على قواعد القبول بالجامعة المصرية الالتفات حول قرارات مكتب التنسيق بتوزيع الطلاب الناجحين في تلك الشهادة على الكليات والمعاهد العليا بمراعاة ترتيب درجات النجاح بينهم في امتحان شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها مما يشكل إخلالاً جسيماً بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة وبالتالي يكون قرار تحويل ابنة المدعي إلى كلية طب الأسنان قد شابته مخالفة جسيمة للقانون لعدم حصولها على المجموع اللازم للالتحاق بالكلية المذكورة في سنة حصولها على شهادة الثانوية العامة وهذا الشرط يعتبر جوهرياً لا يستقيم قرار التحويل بدونه، فعدم توافره يعيب قرار التحويل وينحدر به إلى درجة الانعدام فلا يكتسب حصانة ضد الإلغاء أو السحب ويكون القراران المطعون عليهما فيما تضمناه من إلغاء قبول تحويل ابنة المدعي من جامعة العرب الطبية ببني غازي بليبيا إلى كلية طب الفم والسنان بجامعة القاهرة ثم إلى كلية طب الأسنان بجامعة المنصورة قد قاما على أسباب صحيحة من حيث الواقع والقانون وتكون دعوى المدعي بطلب إلغائها قد جاءت على غير سند من الواقع والقانون ويتعين القضاء برفضها وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن الماثل ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون لأسباب حاصلها أن قانون تنظيم الجامعات لم يضع أي قواعد لتحويل الطلاب من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية وجعل التحويل من اختصاص مجلس الكلية ورئيس الجامعة دون قيود وأنه لا يجوز للمجلس الأعلى للجامعات أن يضع شروطاً لم ترد في القانون، كما أن قراري تحويل ابنة الطاعن من جامعة العرب الطبية بليبيا إلى جامعة القاهرة ثم إلى جامعة المنصورة وعلى فرض مخالفتهما القواعد التي وضعها المجلس الأعلى للجامعات قد تحصنا بفوات المواعيد عليهما وأضحى بالتالي غير جائز إلغائهما وبالإضافة إلى ما تقدم فإن المجلس الأعلى للجامعات قد عاد ووافق نهائياً على قبول تحويل الطالبة ابنة الطاعن بعد سحب جامعة القاهرة قرارها رقم 622 لسنة 1991 الأمر الذي أصبح معه قبول الطالبة المذكورة بطب أسنان القاهرة ثم تحويلها لطب أسنان المنصورة مشروعاً ويعتبر القضاء بغير ذلك مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن مفاد النصوص الواردة في قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أن المشرع وإن ناط بالمجلس الأعلى للجامعات مهمة تخطيط ورسم السياسة العامة للتعليم الجامعي وإقامة التنسيق بين الجامعات في أوجه نشاطاتها المختلفة وتنظيم قبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم، فإنه قد ناط بمجلس الجامعة أيضاً ذات المهمة إذ قضي باختصاصه برسم وتنسيق السياسة العامة للتعليم والبحوث في الجامعة وتنظيمها وتنظيم قبول الطلاب في الجامعة وتحديد أعدادهم كما ناط كذلك بمجلس الكلية أو المعهد التابع للجامعة المهمة ذاتها بقضائه باختصاصه برسم السياسة العامة للتعليم والبحوث العلمية في الكلية أو المعهد وتنسيقها بين أقسامه المختلفة وتنظيم قبول الطلاب بالكلية أو المعهد وتحديد أعدادهم (المواد 9، 12، 19، 22، 23، 26، 41، 42، 55) الأمر الذي ينتهي إلى القول بأن مهمة رسم السياسة العامة للتعليم الجامعي بتنظيم قبول الطلاب وتحديد أعدادهم ليست وقفاً على المجلس الأعلى للجامعات وحده بل تشاطره فيه وتقتسمه معه مجالس الجامعات ومجالس الكليات والمعاهد فكل منها يحق له ممارسة ذلك الاختصاص وأداء تلك المهمة في حدود الإطار الذي أولاه إياه المشرع وبما لا يحمل في ثناياه أو يشكل في صورته افتئاتا على الأخر، فالمجلس الأعلى للجامعات إن كان مختصاً برسم السياسة العامة للتعليم الجامعي فهو يأتيها بصورة عامة وشاملة، ومجلس الجامعة يتناول ذات الأمر في نطاق الجامعة أما مجلس الكلية أو المعهد فيمارسه بالنسبة للكلية أو المعهد الذي يقوم عليه وذلك يستتبع بالضرورة أن يكون لكل من تلك الجهات حق تنظيم قبول الطلاب وتحديد أعدادهم في الإطار الذي تشرف عليه وآية هذا أن المشرع نفسه قد حرص عند بيان اختصاصات كل من هذه الجهات على تزويد قيامها بذات المهمة المشار إليها وإسنادها لها، وإذا كان قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر قد ألقى على رئيس الجامعة المتولي إدارتها وتصريف كافة شئونها العلمية والإدارية والمالية تبعة تنفيذ القوانين واللوائح الجامعية وقرارات المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعة فإن اللائحة التنفيذية لذلك القانون قد حرصت على إيضاح أن يكون تصريف رئيس الجامعة لشئونها في حدود السياسة التي يرسمها كل من المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعة ووفقاً للقوانين واللوائح والقرارات المعمول بها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطالبة...... ابنة الطاعن قد حصلت على شهادة الثانوية العامة سنة 1990 والتحقت بكلية طب الأسنان بجامعة العرب الطبية ببني غازي بليبيا ثم تقدمت بطلب لتحويلها إلى كلية طب الأسنان بجامعة القاهرة وتمت الموافقة عليه من مجلس الكلية واعتمده السيد الدكتور رئيس الجامعة بتاريخ 26/ 2/ 1991 وبادرت الطالبة المذكورة بسداد الرسوم الجامعية المقررة ثم عاودت التقدم بطلب تحويلها إلى كلية طب الأسنان بجامعة المنصورة وتمت الاستجابة إليه بتاريخ 30/ 4/ 1991 ودخلت الطالبة المذكورة امتحانات الكلية دور سبتمبر سنة 1991، ومن ثم يكون القراران المطعون فيهما والصادران من جامعة القاهرة بتاريخ 19/ 8/ 1991 ومن جامعة المنصورة بتاريخ 10/ 9/ 1991 بإلغاء تحويل ابنة الطاعن من جامعة العرب الطبية بليبيا إلى جامعة القاهرة وبإلغاء تحويلها من جامعة القاهرة إلى جامعة المنصورة قد جاءا بعد فوات أكثر من ستين يوماً المقررة على سبق قبولها وقيدها وتحويلها، الأمر الذي يكسب ذلك القبول والقيد والتحويل حصانة عامة من السحب والإلغاء، ولا مقنع فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن هذين القرارين قد صدرا مشوبين بالانعدام لعدم التزامهما الضوابط والقواعد التي قررها المجلس الأعلى للجامعات ولتنافرهما والقاعدة الدستورية في المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين لأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مخالفة القرار الإداري للقانون إنما تستتبع البطلان لا الانعدام وذلك بحسبان أن الانعدام - كجزاء على مخالفة مبدأ المشروعية - لا يكون إلا متى بلغت المخالفة التي علقت بالقرار أو اعتورته حداً من الجسامة يفقده كيانه ويجرد من صفاته ويزيل عنه مقوماته كتصرف قانوني نابع من جهة الإدارة محدث لمركز قانوني معين ومن ثم يستباح لزاماً سحبه في أي وقت وفي كل وقت مهما طال، وأن الأمر يخالف ذلك بالنسبة للقرار الباطل إذ يزول أثر هذا البطلان وتنمحي معالمه بانقضاء أكثر من ستين يوماً عليه دون مساس به وهي الفترة القانونية التي يظل فيها القرار قلقاً مهدداً فمتى انصرفت غدا القرار نهائياً وتولد به لصاحب الشأن حقاً مكتسباً أضحى مستعصياً النيل منه نزولا على مبدأ وجوب استقرار المراكز القانونية واحترامها متى أصبحت نهائية وحصينة وباعتبار أن سحب القرارات المشوبة بالبطلان بعد انقضاء هذه المدة إنما يشكل انتهاكاً خطيراً لآثار القرارات الفردية وما تولدت عنه مما يجعل القرارات الساحبة لها غير جائزة من الناحية القانونية.
ومن حيث إنه متى كان ما سلف، وكان العيب الذي يمكن إلصاقه للقرارين اللذين صدرا بقبول قيد وتحويل الطالبة ابنة الطاعن في أحلك الصور هو البطلان الذي يحتويه التحصن ويزيل أثره انقضاء المدة المقررة قانوناً للمساس به وبالتالي يكون القراران المطعون فيهما إذ تضمنا إلغاء قيدها وتحويلها وقد صدرا بعد اكتساب القرارين الأوليين حصانة عاصمة لهما من السحب والإلغاء قد جاءا بالمخالفة للقانون وأضحى من التعين القضاء بإلغائهما.
ومن حيث إنه وقد بات الطاعن على حق في دعواه وفي طعنه الماثل ومن ثم وجب إلزام المطعون ضدهما الأول والثاني المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرارين المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما المصروفات عن درجتي التقاضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق