جلسة 22 من مارس سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعلي رضا عبد الرحمن رضا، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(107)
الطعن رقم 299 لسنة 35 القضائية
جامعات - العاملون بها من غير أعضاء هيئات التدريس - العاملون المؤقتون - القواعد التي تحكم استخدامهم المادة السابعة من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - قرار وزير التنمية الإدارية رقم 3 لسنة 1979.
العلاقة بين العامل المؤقت والجامعة وإن أخذت صورة تعاقدية إلا أنها رابطة من روابط من روابط القانون العام - أساس ذلك: أن العقد هو اتفاق الحق بمقتضاه العامل في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر - هذا العقد أبرم عملاً بأحكام قرار وزير التنمية الإدارية رقم 3 لسنة 1979 - تنص المادة (3) منه على أن يكون توظيف العاملين المؤقتين بطريق التعاقد في حدود الاعتمادات المالية المدرجة في موازنة الوحدة - هذا العقد لا يخضع لقانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 5/ 1/ 1989 أودع الأستاذ/........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن - بموجب توكيل عام رسمي رقم 460 لسنة 1989 توثيق شمال القاهرة - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن ضد المطعون ضدهما بصفتهما قيد تحت رقم 229 لسنة 35 قضائية عليا - في حكم محكمة القضاء الإداري، دائرة الجزاءات والترقيات الصادر في الدعوى المقامة منه رقم 1874 لسنة 40 قضائية بجلسة 10/ 11/ 1988 والقاضي بـ: "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفض طلب إلغاء القرار إنهاء خدمة المدعي المطعون فيه، وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي مبلغ 1350 جنيهاً (ألف وثلاثمائة وخمسون جنيهاً) وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة". وطلب الطاعن - للأسباب التي أوردها تقريره بالطعن - الحكم: "بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب إلغاء قرار إنهاء خدمته وبإلغاء قرار إنهاء خدمته وبتعويضه عن الضررين المادي والأدبي التعويض المناسب بالحكم بصرف رابته حتى تاريخ الحكم بعودته لعمله.
وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهما بصفتهما بتاريخ 16/ 1/ 1989.
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه - وللأسباب التي بني عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
نظرت دائرة فحص الطعون الطعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات. إلى أن قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة، حيث نظرته وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم - حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد أقيم على في الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
من حيث إن موضوع المنازعة يتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 20/ 7/ 1985 بموجب صحيفة مودعة ومعلنة إلى المطعون ضدهما قانوناً - أقام الطاعن - أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية - الدائرة 20 عمال كلي - الدعوى رقم 762 لسنة 1985 عمال شمال - طلب في ختامها الحكم.
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف القرار الصادر بفصله وإلزام المدعى عليه بأن يؤدي له أجره حتى صدور حكم في موضوع الدعوى بالإضافة إلى صرف مستحقاته عن الفترة من 1/ 4/ 1985 وحتى 1/ 7/ 1985 والتي كان يمارس فيها عمله فعلاً خلالها وامتنع المدعى عليه عن صرف أجره المستحق عن هذه الفترة.
ثانياً: الحكم: أصلياً، بإعادة المدعي إلى عمله. واحتياطياً، تعويضه التعويض العادل الذي يجبر الضرر المادي والأدبي الذي لحق به نتيجة لذلك. وقد شرح دعواه بأنه بموجب عقد مؤرخ في 1/ 4/ 1984 - تعاقد للعمل بمهنة طباخ للمستشفى التي يرأس مجلس إدارتها المدعى عليها بصفته وذلك لمدة سنة تتجدد تلقائياً ما لم يخطر أحد طرفيه الآخر في رغبته في عدم التجديد قبل إنهاء المدة المتفق عليها بشهر كامل على الأقل وذلك لقاء أجر شهري قدره مائة وخمسون جنيهاً.
وقد استمر في العمل وتجدد العقد، وبتاريخ 25/ 5/ 1985 فوجئ بمطالبته بعقد عقد جديد لمدة ثلاثة أشهر فقط. ولم يتم صرف مستحقاته خلال الفترة من 1/ 4/ 1985 وحتى 1/ 7/ 1985 رغم مزاولته عمله إلى أن منع من دخول المستشفى التي تعمل بها وذلك اعتباراً من التاريخ الأخير. الأمر الذي دعاه إلى تحرير المحضر الإداري رقم 4280 المؤرخ 14/ 7/ 1985 - الوايلي - وإذ كان ذلك يعد في نظره فصلاً تعسفياً لذا أقام الدعوى الماثلة بالطلبات آنفة الذكر وبجلسة 24/ 12/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للاختصاص بنظرها، حيث قيدت الدعوى أمامها تحت رقم 1874 لسنة 40 قضائية - دائرة الجزاءات والترقيات وصدر فيها الحكم محل الطعن الماثل على النحو آنف الذكر، وذلك تأسيساً على أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تقم بإخطار المدعي برغبتها في إنهاء العقد قبل تاريخ انتهائه بشهر كامل، فإن العقد يعتبر قد تجدد تلقائياً لمدة سنة أخرى، ولا يجوز لجهة الإدارة إنهاء العقد خلال هذه الفترة بإرادتها المنفردة، فإن فعلت، فإنها تكون قد أخلت بالتزاماتها المنصوص عليها في العقد غير أن فكرة العقود الإدارية تقوم على أساس تغليب المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة، وكان البادي من الأوراق أن الظروف المالية للمرفق هي التي حتمت إنهاء العقد قبل نهاية مدة السنة المتفق على أن يتم تجديد العقد على أساسها عند عدم الإخطار قبل نهاية مدة العقد بشهر، ومن ثم فإنه لا مناص من إنهاء العقد تغليباً للمصلحة العامة، ويكون، بالتالي، طلب المدعي إعادته لعمله قائماً على غير سند من القانون متعين الرفض، وعن طلب المدعي الخاص بالتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية، فإن الثابت أن جهة الإدارة قد أخلت بالتزاماتها المنصوص عليها في العقد، وذلك بإنهاء العقد قبل انتهاء مدته بعد تجديده تلقائياً نتيجة عدم إخطارها للمدعي برغبتها في إنهائه قبل شهر من تاريخ انتهائه وهو ما يشكل ركن الخطأ في جانبها يستوجب تعويضه عنه لتوافر علاقة السببية بين خطئها وما أصاب المدعي من أضرار وخلصت المحكمة على القول بأن عناصر الضرر التي حاقت بالمدعي تتمثل في أجره عن عمله خلال الفترة من 1/ 4/ 1985 حتى 30/ 6/ 1985 بواقع "150" مائة وخمسون شهرياً ويكون ما يستحق عن هذه الفترة مبلغ "450" جنيهاً، أما عن الفترة من 1/ 7/ 1985 حتى 30/ 12/ 1985 وهي الفترة الباقية من السنة التي أنهت الجهة الإدارية عقد المدعي عنها، فإن المدعي يستحق عنها تعويضاً تقدره المحكمة "900" جنيهاً، وبذلك يكون إجمالي ما يستحق للمدعي هو مبلغ "1350" جنيهاً (ألف وثلاثمائة وخمسون جنيهاً مصرياً) تلتزم الجهة الإدارية بأن تؤديه إليه.
ومبنى الطعن أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون، لأن البادي من عنوان العقد المعقود بين الطاعن وجهة الإدارة المطعون ضده أنه عقد عمل فردي يخضع لقانون العمل رقم 137 لسنة 1981، ذلك لأنه تم بناء على تعاقد وليس بموجب قرار كما هو السائد بالنسبة للتعاقد مع الموظفين الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978، وأن البند العاشر منه نص على أن "تكون المختصة بشأن أي نزاع خاص به محكمة القاهرة الابتدائية التي تطبق أحكام وقواعد القانون المدني ومنها قانون العمل، ولا يغير من ذلك كون العقد تضمن بنوداً تقضي بخضوع المتعاقد إلى لائحة النظام الأساسي والتعليمات الصادرة من المستشفى ذلك لأن هذا النظام معمول به أيضاً بالمنشآت الخاصة والخاضعة لأحكام قانون العمل - وأن العقد - إذ أورد في البند الثامن منه تطبيق قرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 والمعدل بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 فيما يتعلق بالإجازات السنوية وتجزئتها - يؤكد بمفهوم المخالفة أنه فيما عدا ذلك يطبق أحكام قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 ومنه المادة (72) والتي تنص على أنه "إذا كان العقد محدد المدة واستمر الطرفان في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر العقد مجدد لمدة غير محددة ويعتبر التجديد لمدة غير محددة أيضاً ولو حصل بتعاقد جديد يشمل شروطاً جديدة. ويستثنى من ذلك الأعمال العرضية والمؤقتة والموسمية، ومن ثم يعتبر العقد محل التداعي مجدداًَ لغير محددة وذل بانتهاء مدته بتاريخ 31/ 3/ 1985 دون أن يخطر المدعي - الطاعن - قبل نهايتها بشهر - برغبة إدارة المستشفى في إنهاء التعاقد بل استمر في أداء عمله حتى 1/ 7/ 1985 تاريخ منعه من دخول المستشفى، ولا ينال من ذلك قول جهة الإدارة، وسايرها في ذلك الحكم محل الطعن، من أنه بتاريخ 9/ 3/ 1985 عرضت إدارة شئون العاملين مذكرة بشأن تجديد تعاقد المدعي وأن مدير عام الشئون المالية بالجامعة أشار بتجديد التعاقد حتى 30/ 6/ 1985 على أن ينظر في التجديد في ضوء الموازنة لعام 85/ 1986 وأن رئيس الجامعة وافق على التجديد حتى 30/ 6/ 1985 بذلك تكون الظروف المالية للمرفق هي التي أملت إنهاء العقد، لأن هذا فضلاً عن ذلك يؤكد أن عقد الطاعن أصبح عقداً غير محدد المدة، ولا يسوغ لجهة الإدارة التنصل من أحكام القانون بالظروف المالية، إذ أن عمله كطباخ ليس من الأعمال العرضية أو الموسمية أو المؤقتة، وإنما هي من الأعمال والمهن التي لا تستطيع المستشفى أن تعمل بدونها، وبالإضافة إلى ما سبق - فإن الطاعن يذهب إلى أن الحكم المطعون فيه - فيما قضي به من تعويض - غير كاف لجبر كل الضرر المادي إذ أغفل الحكم أجره حتى تاريخ عودته لعمله وكذا تعويضه عن الضرر الأدبي بعد أن رتب حياته على أن عقده قد أصبح غير محدد المدة.
من حيث إن المادة السابعة من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن "الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمي وثقافي، ولكل منها شخصية اعتبارية"، كما تنص المادة 157 من ذات القانون على أن "تسري أحكام العاملين المدنيين في الدولة على العاملين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون من غير أعضاء هيئة التدريس، وذلك فيما لم يرد في شأنه نص خاص بهم في القوانين واللوائح الجامعية". وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 137 لسنة 1981 بإصدار قانون العمل والمعدلة بالقانون رقم 33 لسنة 1982 على أنه "لا تسري أحكام هذا القانون على:
أ - العاملين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة فيما عدا الأحكام الواردة بالباب الخامس من هذا القانون (المتعلق بالسلامة والصحة المهنية) وما يصدر به قرار من رئيس الجمهورية.
ب -...... جـ -........".
ومن حيث إنه بالاطلاع على العقد المعقود بين المستشفى التخصصي التابع لجامعة عين شمس والموقع عليه من السيد/ نائب رئيس هذه الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث ورئيس مجلس الإدارة بصفته الممثل القانون للمستشفى المذكورة والطاعن والمؤرخ في 1/ 4/ 1984 بمقتضاه تم الاتفاق والتراضي على أن "يلحق الطرف الثاني (الطاعن) كطباخ تحت التمرين بمكافأة شهرية قدرها مائة وخمسون جنيهاً اعتباراً من تاريخ 1/ 4/ 1984 ولمدة سنة ويلتزم الطرف الثاني بالعمل لدى الطرف الأول في الوظيفة المشار إليها بعاليه على أن تكون فترة الثلاثة شهور الأولى تحت الاختبار - وفي حالة عدم ثبوت صلاحيته للطرف الأول إنهاء العقد دون أي التزام منه قبله" وينص البند الثامن من ذات العقد على أن "يطبق قرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 والمعدل بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 فيما يتعلق بالإجازات السنوية وتجزئة الإجازات.
وينص البند الحادي عشر من ذات التعاقد على أن "يعتبر هذا العقد سارياً لمدة عام ويجدد تلقائياً ما لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر قبل نهاية العقد بشهر كامل بانتهاء العقد".
ومن حيث إن العلاقة القانونية بين الطرفين - وإن أخذت صورة تعاقدية - إلا أنها رابطة من روابط من روابط القانون العام باعتبار أن العقد المبرم بينهما هو عقد الحق بمقتضاه الطاعن في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر - وهذا العقد قد أبرم عملاً بأحكام قرار وزير التنمية الإدارية رقم 3 لسنة 1979 والذي تنص المادة الثالثة منه على أن يكون توظيف العاملين المؤقتين بطريق التعاقد في حدود الاعتمادات المالية المدرجة في موازنة الوحدة. ومن ثم فإن العقد المبرم بين الطاعن والجامعة هذا العقد لا يخضع لأحكام قانون العمل الفردي رقم 137 لسنة 1981 ولا وجه لما ذهب إليه الطاعن من امتداد هذا العقد امتداداً غير محدد المدة لعدم إخطاره - قبل انقضائه بعد تجديده. ذلك ففضلاً عن طبيعة هذا التعاقد، فإن العمل الموكل إلى الطاعن هو عمل مؤقت بطبيعته ويتوقف على ما لدى جهة الإدارة من اعتمادات مالية في موازنتها، ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من عدم كفاية التعويض الذي قضى به الحكم المطعون فيه لجبر الأضرار التي لحقت به بعد إذ كان الثابت أن المحكمة قضت به بمنحه أجره عن المدة التي عمل بها ولم يتلق عنها أجراً وكذلك منحه أجره عن المدة الباقية من السنة التي أنهت الجهة الإدارية عنها عقد الطاعن قبل انقضائها.
ومن حيث إنه متى كان ذلك كذلك، فإن الحكم المطعون فيه، على النحو الذي انتهى إليه وما بني عليه من حيثيات، تأخذ بها هذه المحكمة يكون قد جاء متفقاً مع صحيح حكم القانون. ويكون الطعن عليه على غير سند من الواقع أو القانون خليقاً بالرفض، ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق