الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 أغسطس 2023

الطعن 203 لسنة 25 ق جلسة 3 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 111 ص 738

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(111)
الطعن رقم 203 لسنة 25 القضائية

(أ) حكم "تسبيبه" "عيوب التدليل" "خطأ الإسناد" "الخطأ المعيب".
مثال في تملك بالتقادم المكسب استند الحكم في نفيه إلى القول بأن الطاعن أقر في محضر الخبير بوضع يد المطعون عليه مع أن الواضح فيه أنه لم يصدر منه إقرار.
(ب) حكم "تسبيبه" "عيوب التدليل" "تساند الأدلة" "مناط التساند".
عند تعذر تعرف أثر الدليل المعيب في عقيدة المحكمة.

-------------------
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد استند فيها استند إليه - وفي خصوص نفي ادعاء الطاعنين التملك بالتقادم المكسب إلى القول بأن الطاعن الأول أقر في محضر أعمال الخبير بأن البيع الصادر للمطعون عليه من والدته قد تنفذ بوضع اليد ثم استطرد تأسيساً على ذلك إلى القول بأن الطاعنين لم يذكروا واقعة تفيد تغيير وضع اليد إليهم، وكان الواضح من محضر أعمال الخبير أن الطاعن الأول لم يصدر منه إقرار بوضع يد المطعون عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى هذا الدليل يكون معيباً بالخطأ في الإسناد.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه مؤسساً على تحصيل أمر واقعي من جملة أدلة منها دليل معيب - وكان الحكم قائماً على هذه الأدلة مجتمعة ولا يبين أثر كل واحد منها على حدة في تكوين عقيدة المحكمة بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاؤها مع استبعاد هذا الدليل الذي ثبت فساده، فإنه يكون من المتعين نقض هذا الحكم.


المحكمة

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون عليه الدعوى رقم 390 سنة 1946 كلي بني سويف طلبوا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى فدان و8 ط معين بالعريضة ومنع تعرضه لهم فيها وقالوا: إن هذا المقدار آل إليهم بالميراث عن المرحومة شريفة حسن إبراهيم والدة الطاعن الأول وجدة الباقين وقد تملكها بعقد مسجل في 18 من إبريل سنة 1921 فضلاً عن وضع يدهم المدة الطويلة ودفع المطعون عليه الدعوى بأن هذه الأرض مملوكة له ضمن أطيان أخرى بمقتضى عقدي بيع صادرين له من والدته يامنه محمد هيبه ومؤرخين 7/ 6/ 1916 و20/ 6/ 1917 فضلاً عن أنه هو الواضع اليد عليها. وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 25 فبراير سنة 1948 بندب خبير زراعي لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة - وتحقيق وضع اليد وسببه ومدته، وبعد أن قدم الخبير تقريره متضمناً انطباق مستندات الطرفين على هذه الأرض أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً آخر في 22/ 2/ 1950 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون بكافة طرق الإثبات وضع يدهم على الأرض موضوع النزاع من سنة 1921 لغاية سنة 1945 وضع يد مكسب للملكية ولينفي المطعون عليه بنفس الطرق، وبعد سماع شهود الطرفين أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 5/ 3/ 1952 بتثبيت ملكية الطاعنين إلى الأطيان المطالب بها ومنع تعرض المطعون عليه لهم فيها وتسليمها إليهم - وأسست حكمها على ما تبين لها من ترجيح شهود الإثبات الذين قرروا أن الطاعنين وضعوا أيديهم على هذه الأطيان مدة تزيد على الخمسة عشر عاماً - وضع يد هادئ مستمر ظاهر وبنية التملك - استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 427 سنة 69 ق. وفي 16 من يناير سنة 1955 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. وقد استعرضت محكمة الاستئناف في حكمها سلسلة التصرفات التي حصلت في هذه الأطيان من المورث الأصلي حسن إبراهيم مدكور فقررت أنه كان يملك 20 فداناً و9 قراريط و20 سهماً باع منها إلى الغير 2 فدان و12 قيراطاً ثم باع إلى زوجته يامنه محمد هيبه 12 فداناً و12 قيراطاً واستنزلت هذه المقادير من تكليفه بعد الوفاة. ولذلك انحصرت تركته في 5 فدادين و9 قراريط و20 سهماً خص منها ابنته شريفة مورثة الطاعن 9 قراريط و11 سهماً. وأن ابنته شريفة قد تنكرت للبيع الصادر إلى يامنه زوجة أبيها فاستخلصت الفدان و8 قراريط موضوع النزاع وهو القدر الذي كانت ترثه في تركة أبيها لو لم يحصل ذلك البيع إلى زوجته يامنه وباعت هذا القدر إلى زوجها حسن هنداوي بعقد مؤرخ 19/ 12/ 1920 ومسجل في 21/ 3/ 1921 ثم عادت واشترت القدر نفسه من زوجها المذكور بعقد آخر مؤرخ في 18/ 4/ 1921 ومسجل في 9/ 5/ 1921 وذلك بقصد نقل تكليف هذا القدر إلى اسمها كما أن المطعون عليه اشترى من والدته يامنه 10 فدادين و12 قيراطاً بعقد بيع مؤرخ 20/ 6/ 1917 ومسجل في سنة 1918 وأدخل في هذا البيع جزءاً كبيراً مما كان قد استنزل من تكليف المورث الأصلي بطريق البيع إلى زوجته يامنة وبعد أن سردت محكمة الاستئناف سلسلة التصرفات على الوجه المتقدم أخذت تناقش أدلة المطعون عليه فحصلتها في ثلاثة أمور أولها ما شهد به شهوده في التحقيق - والثاني محضر جرد تركة عبد الجواد حسن إبراهيم المتوفى في 13/ 4/ 1917 وهو أخ المطعون ضده ومورثة الطاعنين وموقع عليه من معاون المركز وعمدة ومشايخ الناحية ووكيل الوصية على القصر وثابت أن ذلك المتوفى ترك 18 قيراطاً و32 سهماً قيمة ما يخصه في تركة والده وقدرها 5 فدادين و9 قراريط و20 سهماً والثالث اعتراف الطاعن الأول في محضر أعمال الخبير المؤرخ 27/ 11/ 1948 بأن البيع الصادر من يامنه إلى المستأنف في سنة 1917 قد تنفذ بوضع اليد - ثم ناقشت المحكمة ملكية الست شريفة مورثة الطاعنين للقدر موضوع النزاع وقالت إن ما ادعاه الطاعنون من تزوير عقد البيع الصادر من والدها إلى زوجته يامنة لم يقم عليه أي دليل وأنكره المطعون ضده فيكون هذا الادعاء غير معول عليه ويتعين الأخذ بذلك البيع وبمقتضاه لا تستحق مورثة الطاعنين شيئاً في القدر المتنازع عليه لاستنزاله من التركة - وناقشت بعد ذلك ادعاء الطاعنين تملكهم للأطيان موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وقالت إنهم لم يدعوا بوضع يدهم إلا من سنة 1921 أي من بعد نقل التكليف إلى اسم مورثتهم وكان الطاعن الأول وأخوه مورث الباقين يقيمان في ذلك الحين مع خالهما المطعون ضده في معيشة واحدة وفي كنفه وتحت رعايته وكانت الأرض موضوع الدعوى تحت يده من قبل وفي تكليفه بطريق شرائه إياها من والدته يامنه كما اعترف الطاعن الأول بذلك في محضر أعمال الخبير ولم يذكر الطاعنون ولا شهودهم أي واقعة تفيد تغيير وضع اليد من خالهما إليهما من بعد نقل التكليف إلى اسم مورثتهما في سنة 1921 إلى أن استقل أولهما في معيشته في سنة 1937 وإلى أن قتل ثانيهما في سنة 1945 فيكون وضع يدهما على فرض حصوله في ذلك الحين مشوباً بالغموض والإبهام ولا يصلح سبباً لاكتساب الملكية - وعلى فرض ظهور أحد الأخوين مستقلاً بوضع يده على نصف ذلك القدر من سنة 1937 إلى سنة 1945 فإن هذه المدة تقتصر عن كسب الملكية ولا يمكن أن يستنتج من قيام الطاعن الأول وأخيه بزراعة هذا القدر مع أطيان خالهما المطعون عليه إنما يضعان اليد عليه بنية التملك بشكل ظاهر وخال من الغموض إلى وقت وفاة والدتهما في سنة 1937 حتى أنه لم يستطع أحدهما أو كلاهما أن ينازعا خالهما المطعون عليه في هذا القدر إلا من بعد تلك الوفاة وخلصت محكمة الاستئناف من كل ذلك إلى أن دعوى الطاعنين على غير أساس وأن الحكم الابتدائي قد جانب الصواب في أخذه بأقوال شهود الطاعنين - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 30 من إبريل سنة 1955 في قلم كتاب هذه المحكمة. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3/ 1/ 1959 وفيها حضر وكيل الطاعنين وأصر على طلباته كما صممت النيابة العامة على مذكرتها المتضمنة برأيها برفض الطعن. وأصدرت دائرة الفحص قرارها بتلك الجلسة بإحالة الطعن على الدائرة المدنية لنظره بجلسة 19 من نوفمبر سنة 1959 وفيها أصر الطاعنون على طلباتهم كما صممت النيابة العامة على ما ورد بمذكرتها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت بالأوراق - كما أخطأ في الإسناد ذلك أنه أسس قضاءه على القول بأن الطاعن الأول أقر في محضر أعمال الخبير المؤرخ 27 من نوفمبر سنة 1948. أن البيع الصادر من يامنة محمد هيبه إلى ولدها المطعون عليه قد تنفذ بوضع اليد مع أنه بالرجوع إلى محضر أعمال الخبير يتضح أن الطاعن الأول قرر أن الفدان و8 قراريط موضوع النزاع هي ملك والدته بموجب العقد المسجل في سنة 1921 الصادر من حسن هنداوي وأن جده إبراهيم مدكور المتوفى في سنة 1908 ترك 19 فداناً وكسور ولما واجهه الخبير بأنه ظاهر من الكشف الرسمي المقدم في الدعوى أن المتروك عن جده حسن إبراهيم مدكور هو 5 أفدنة و9 قراريط و20 أسهماً بعد تنزيل البيع إلى الست يامنة حسن هيبه أجاب بأن هذا البيع كان المقصود منه حرمان أولاد زوجها من الميراث بدليل حصول تقسيم بعده اختص بموجبه خاله محمد حسن مدكور بـ 2 فدانين و16 قيراطاً وخالته فاطمة حسن إبراهيم فداناً و8 قراريط وأخذوا شروطاً تحت يدهم يعلم بها العمدة والمشايخ وأن البيع الصادر إلى يامنة محمد هيبة من المورث قد تنفذ بوضع اليد في حدود الاستحقاق الميراثي لأولادها. ولم يذكر شيئاً في هذا المحضر عن البيع الصادر من يامنة إلى ولدها المطعون عليه علماً بأن هذا القول من جانب الطاعن الأول في ذاته ليس حجة على باقي الطاعنين. ولذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت بالأوراق كما أخطأ في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي صحيح. ذلك أنه يبين من مراجعة محضر أعمال الخبير المؤرخ في 27/ 11/ 1948 والمقدمة صورته الرسمية بملف الطعن. أن الطاعن الأول لم يذكر شيئاً في هذا المحضر بشأن وضع يد المطعون ضده على الأطيان موضوع النزاع وأنه لم يناقش في موضوع العقد الصادر للمطعون عليه من والدته وإنما نوقش في العقد الصادر منها للمورث وكان كل ما قرره في هذا الخصوص أن هذا العقد قصد به حرمان أولاد زوجها وأنه لم ينفذ بوضع يدها إلا في حدود الاستحقاق الميراثي لأولادها - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند فيما استند إليه. وفي خصوص نفي ادعاء الطاعنين التملك بالتقادم المكسب إلى القول بأن الطاعن الأول أقر في محضر أعمال الخبير بأن البيع الصادر من يامنة إلى ولدها المطعون عليه قد تنفذ بوضع اليد ثم استطرد تأسيساً على ذلك إلى القول بأن الطاعنين لم يذكروا واقعة تفيد تغيير وضع اليد إليهم وكان الواضح من محضر أعمال الخبير على ما سبق بيانه أن الطاعن الأول لم يصدر منه إقرار بوضع يد المطعون عليه - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى هذا الدليل يكون معيباً بالخطأ في الإسناد.
وحيث إن متى كان الحكم المطعون فيه مؤسساً على تحصيل أمر واقعي من جملة أدلة منها دليل معيب. وكان الحكم قائماً على هذه الأدلة مجتمعة ولا يبين أثر كل واحد منها على حدة في تكوين عقيدة المحكمة بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاؤها مع استبعاد هذا الدليل الذي ثبت فساده فإنه يكون من المتعين نقض هذا الحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق