الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 أغسطس 2023

الطعن 1297 لسنة 18 ق جلسة 26 / 2 / 1974 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 78 ص 186

جلسة 26 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسين عوض بريقي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إبراهيم حسين صالح خليفة وسعد زغلول ومحمد أبو عوف ويحيى توفيق الجارحي ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

----------------

(78)

القضية رقم 1297 لسنة 18 القضائية

(أ) إصلاح زراعي - القانون رقم 15 لسنة 1970 

- تفسيره - العبرة في التفسير بقصد الشارع من القانون - وجوب الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية والأعمال التحضيرية للوقوف على قصد الشارع.
(ب) إصلاح زراعي - القانون رقم 15 لسنة 1970 

- الغرض الحقيقي للشارع من هذا التشريع هو الوصول إلى إجازة التصرفات الصادرة إلى صغار المزارعين والاعتداد بها في مواجهة الإصلاح الزراعي ما دامت قد ثبتت بالإقرارات المقدمة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وكانت المساحة المنصبة على كل تصرف منها لا تزيد على خمسة أفدنة - أساس ذلك - مثال.

-----------------
1 - من المقرر أن للمحكمة أن تقوم بتفسير القانون لتوضح ما غمض من نصوصه عند تطبيقه على ما يعرض عليها من منازعات لأن مهمتها هي بيان حكم القانون في الدعوى التي ترفع إليها كما أنه من المقرر أيضاً في شأن تفسير القانون أنه إذا كان معنى النص يتحدد بما تفيده عبارته أو لفظه أو منطوقه وبما يفيده روحه أو فحواه فإن الهادي الأول الذي يضيء الطريق لمعرفة هذا المعنى في الحالتين هو قصد الشارع الذي أراد بالنص أن يعبر عنه فقصد الشارع من نص معين هو كل شيء في تحديد معناه، فإذا ظهر أن المشرع قصد بالنص حين وضعه أمراً معيناً تحدد معناه بهذا القصد. وتأسيساً على ما تقدم فإنه يتعين الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية والأعمال التحضيرية لهذا القانون للوقوف على حقيقة غرض الشارع في شأن النص الذي تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة الأولى للقانون رقم 15 لسنة 1970.
2 - إن المحكمة تستخلص مما سلف إيضاحه من أعمال تحضيرية للقانون رقم 15 لسنة 1970 أن الغرض الحقيقي للشارع من هذا التشريع وهو الغرض الذي وافق عليه مجلس الشعب والحكومة معاً عند مناقشة مواده هو الوصول إلى إجازة التصرفات الصادرة إلى صغار الفلاحين والاعتداد بها في مواجهة الإصلاح الزراعي ما دامت قد ثبت بالإقرارات المقدمة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على النحو الوارد بالمادة الأولى من القانون المذكور وكانت المساحة المنصبة على كل تصرف منها لا تزيد على خمسة أفدنة - وذلك لرفع المشقة عن هؤلاء الفلاحين ولإزالة الأسباب التي كانت تضطرهم إلى رفع اعتراضات عن تلك التصرفات أمام اللجان القضائية وللوصول إلى تخفيض عدد المنازعات المنظورة أمام اللجان التي تنصب على مساحات لا تزيد على خمسة أفدنة حتى تتفرغ هذه اللجان لنظر المنازعات التي تنصب على مساحات تزيد على القدر المذكور لأهمية هذا النوع من المنازعات وكذلك لتخفيض المنازعات المنظورة أمام اللجان الإدارية للإصلاح الزراعي المنصبة على مساحات لا تزيد على خمسة أفدنة.
أما ما ورد بالمادة الأولى من القانون من اشتراط أن يكون التصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية فلا يعد شرطاً أو قيداً إلا في نطاق وحدود الغرض الحقيقي الذي أضيف من أجله إلى تلك المادة. وقد أفصحت المناقشات سالفة البيان والتي أقرتها الحكومة والمجلس معاً بأن ذلك الغرض ينصب على ضمان توافر ما يفيد عدم صدور قرار بالاستيلاء النهائي على الأطيان محل التصرف وذلك بقصد عدم المساس بقرارات الاستيلاء النهائية وحمايتها من الإلغاء في أحوال تطبيق أحكام المادة الأولى من هذا القانون. وينبني على ذلك أن هذه المادة لا توجب للاستفادة بأحكامها اشتراط رفع المنازعة أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي كإجراء مقصود لذاته بل لضمان تحقق الغرض المشار إليه وهو عدم صدور قرارات الاستيلاء النهائية سواء كان ذلك قبل تاريخ صدور القانون المذكور أو بعد صدوره ومما يؤيد صحة هذا النظر ويؤكد أن التفسير السليم لذلك النص لا يتحقق إلا بالتزام حدود الغرض الحقيقي للشارع أنه لو صح جدلاً الأخذ بالتفسير اللفظي القائل بضرورة رفع المنازعة قبل تاريخ صدور القانون كشرط للاستفادة بأحكام المادة الأولى فإن هذا الرأي يؤدي إلى نتيجة غير معقولة يتنزه عنها الشارع وهي التفرقة في الحكم بين حالة منازعة رفعت أمام اللجان القضائية قبل تاريخ صدور هذا القانون فيعتد فيها بالتصرف وبين حالة منازعة رفعت أمامها بعد صدوره كالحالة المطروحة فلا يعتد بالتصرف وذلك رغم توافر شرط رفع المنازعة ورغم توافر غرض الشارع سالف الذكر في كل من الحالتين بعدم صدور قرار الاستيلاء النهائي على أطيان النزاع في أيهما كما أنه لو قيل بوجوب رفع المنازعة سواء كان تاريخ رفعها قبل أو بعد تاريخ صدور القانون فإن هذا الرأي قد يؤدي إلى أن يرفع صغار الفلاحين منازعاتهم من جديد إذا لم يكن قد سبق لهم رفعها قبل تاريخ صدور القانون وهو أمر يتعارض مع أغراض الشارع التي يهدف بها إلى رفع الإرهاق عن هؤلاء الفلاحين وإلى رفع الضغط على اللجان القضائية واللجان الإدارية للإصلاح الزراعي وذلك بوجوب الاعتداد مباشرة بتلك التصرفات ما دامت قد ثبتت بإقرارات الملكية وتنصب كل منهما على مساحات لا تزيد على خمسة أفدنة ولم يصدر في شأنها قرارات استيلاء نهائية. وغني عن البيان أن الأخذ بأي من القولين سالفي الذكر يتجافى مع قصد المشرع عندما أجرى تعديل المشروع المقدم من الحكومة فقد جاء في محاضر جلسات مجلس الشعب كما سبقت الإشارة إلى ذلك أن إثبات التصرف في الإقرار يعتبر قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس ومن هذا المفهوم عدل المجلس النص إلى الاعتداد بالتصرف بدلاً من اعتباره ثابت التاريخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن السيد راغب مصطفى القطري أقام الاعتراض رقم 882 لسنة 1972 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والسيد/ عبد العال إبراهيم خريسه وقرر بصحيفة اعتراضه بأنه اشترى بمقتضى عقد البيع المؤرخ في أول نوفمبر سنة 1949 من السيد/ عبد العال إبراهيم خريسه (المستولى لديه) أطياناً زراعية قدرها فدان واحد كائنة بناحية المحمودية مركز دكرنس محافظة الدقهلية وقد استولت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على هذه المساحة لدى البائع بمقولة إن هذه الأطيان من أملاك البائع الزائدة عن الـ 100 فدان بالتطبيق لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 وقال المعترض إن هذا الاستيلاء في غير محله إذ الثابت أن البائع أثبت في إقراره المقدم منه هذا التصرف وإعمالاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 فإنه يحق للمعترض إقامة هذا الاعتراض للاعتداد بعقد البيع المؤرخ أول نوفمبر سنة 1949 واستبعاد المساحة الواردة به وقدرها فدان المبينة الحدود والمعالم بالعقد مما يستولى عليه لدى السيد/ عبد العال إبراهيم خريسه.
وبجلسة 24/ 6/ 1972 أصدرت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قرارها المطعون فيه باستبعاد المساحة المبينة الحدود والمعالم بالاعتراض من الاستيلاء وما يترتب على ذلك من آثار - وأسست اللجنة قرارها على أنه ثابت من إقرار المستولى لديه أنه قد أورد المساحة المشار إليها بالعقد في الإقرار المقدم منه وأن المساحة موضوع التصرف لا تزيد على خمسة أفدنة وأنه أقام بشأنها منازعة أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي وقالت اللجنة أنه يستوي لديها في ذلك الاعتراضات التي أقيمت قبل صدور القانون رقم 15/ 1970 وتلك التي أقيمت بعد تاريخ صدورها.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي (الطاعنة) تطلب إلغاء القرار المطعون فيه فيما قضي به من الاعتداد بعقد البيع موضوع الاعتراض وقد أسست طعنها على الوجه الآتي:
أولاً: اشترط القانون رقم 15 لسنة 1970 للاعتداد ببعض التصرفات الصادرة من الخاضعين لبعض قوانين الإصلاح الزراعي أربعة شروط هي:
1 - أن يكون التصرف مدرج بالإقرار.
2 - ألا يزيد التصرف على خمسة أفدنة.
3 - أن يكون قد رفع بشأن التصرف منازعة أمام اللجان القضائية قبل صدور القانون رقم 15 لسنة 1970.
4 - ألا يكون قد سبق أن صدر بشأن التصرف قرار من اللجان القضائية وتم التصديق عليه من رئيس مجلس إدارة الهيئة. هذا وقد تخلف الشرط الثالث من هذه الشروط إذ كان يتعين رفع المنازعة قبل 8/ 4/ 1970 وهو تاريخ صدور القانون رقم 15 لسنة 1970.
ثانياً: إن اللجنة وهي بصدد البحث عن توافر الشرط الثالث قد سوت بين الاعتراضات التي أقيمت قبل صدور القانون وتلك التي أقيمت من تاريخ صدوره وفي ذلك تجاهل للحكمة التي وضع من أجلها هذا الشرط وهي دلالة حرص صاحب المصلحة (المعترض) على حقه الذي تمثل في رفع اعتراض قبل صدور القانون وما يتحقق معه عنصر الجدية وانعدام محاولات التهرب من تطبيق قانون الإصلاح الزراعي، هذا فضلاً عن أن هذا الاتجاه الذي أخذت به اللجنة سيؤدي إلى زعزعة الثقة في حق الملكية الذي كفلته أغلب التشريعات بالحماية لأنه سيجعل من الأرض التي استولى عليها الإصلاح الزراعي وتعامل عليها مع الآخرين أن تنتقل ملكيتها من يد إلى يد دون سند من القانون.
ومن حيث إنه يبين مما سلف بيانه أن المساحة محل التصرف في المنازعة المعروضة قدرها فدان واحد وأن هذه المساحة ثابتة في الإقرار المقدم من المستولى لديه طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 ولم يثبت أن هناك قراراً نهائياً قد صدر بالاستيلاء عليها.
ومن حيث إن مثار المنازعة يدور حول ما إذا كان القانون رقم 15 لسنة 1970 يشترط للاعتداد بالتصرف وجوب سابقة رفع المنازعة عنه أمام اللجان القضائية قبل تاريخ صدوره في 8/ 4/ 1970 أم يجوز رفعها حتى ولو بعد هذا التاريخ.
ومن حيث إنه يبين من استعراض نصوص القانون رقم 127 لسنة 1961، والقانون رقم 15 لسنة 1970 ومذكرته الإيضاحية أن القانون رقم 127 لسنة 1961 ينص في مادته الأولى على أن يستبدل بنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 النص الآتي: "لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائة فدان ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية ما يملكه الأفراد من الأراضي البور والأراضي الصحراوية. وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز تسجيله". وبينت المادة الثانية الحكم في حالة إذا ما زادت ملكية الفرد عن القدر الجائز تملكه قانوناً بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد. وتنص المادة الثالثة على أن "تستولي الحكومة على ملكية ما يجاوز الحد الأقصى الذي يستبقيه المالك طبقاً للمواد السابقة. ومع مراعاة أحكام المادتين السابقتين لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات المالك ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به" - وقد تم العمل بهذا القانون من تاريخ نشره في 25 من يوليه سنة 1961.
أما القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي فإنه ينص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والمادة 3 من القانون رقم 127 لسنة 1961 في شأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي والمادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1963 في شأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، يعتد بتصرف المالك الخاضع لأحكام أي من هذه القوانين متى كان المالك قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً لأحكام أي من هذه القوانين أو كان المتصرف إليه قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طبقاً لحكم المادة 8 من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه. ويشترط لسريان حكم هذه المادة على التصرفات المشار إليها ألا تزيد مساحة الأرض موضوع كل تصرف على حدة على خمسة أفدنة، وأن يكون التصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية".
وتنص المادة الثانية منه على أنه "لا تسري أحكام المادة السابقة على قرارات اللجان القضائية التي تم التصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961. كما تسري أحكام المادة السابقة على القرارات الصادرة من اللجان القضائية في شأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963.
وتنص المادة الثالثة منه على أن ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ العمل بالقوانين المشار إليها في المواد السابقة كل منها في نطاقه.
ومن حيث إنه لما كان مثار المنازعة يدور في الحقيقة حول تحديد المعنى الذي يقصده المشرع من عبارة النص الواردة بالفقرة الأخيرة من المادة الأولى للقانون رقم 15 لسنة 1970 - والتي تقضي بأن يكون التصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية.
من المقرر أن للمحكمة أن تقوم بتفسير القانون لتوضح ما غمض من نصوصه عند تطبيقه على ما يعرض عليها من منازعات لأن مهمتها هي بيان حكم القانون في الدعوى التي ترفع إليها كما أنه من المقرر أيضاً في شأن تفسير القانون، أنه إذا كان معنى النص يتحدد بما تفيده عبارته أو لفظه أو منطوقه وبما يفيده روحه أو فحواه فإن الهادي الأول الذي يضيء الطريق لمعرفة هذا المعنى في الحالتين هو قصد الشارع الذي أراد بالنص أن يعبر عنه، فقصد الشارع من نص معين هو كل شيء في تحديد معناه، فإذا ظهر أن المشرع قصد بالنص حين وضعه أمراً معيناً تحدد معناه بهذا القصد. وتأسيساً على ما تقدم فإنه يتعين الرجوع إلى المذكرة الإيضاحية والأعمال التحضيرية لهذا القانون للوقوف على حقيقة غرض الشارع في شأن النص الذي تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة الأولى للقانون رقم 15 لسنة 1970.
وبالاطلاع على المذكرة الإيضاحية لهذا القانون يتضح أنها أعدت وفقاً لنصوص المشروع المقدم من الحكومة وقبل انتهائه إلى الصورة النهائية الحالية التي وافق عليها مجلس الشعب وصدر بمقتضاها، والتي تضمنت تعديلاً جوهرية منها رفع مساحة الأرض موضوع التصرف إلى خمسة أفدنة بعد أن كانت في المشروع المقدم من الحكومة فدانان. كما تضمنت المذكرة أن المشروع المرافق ينص في المادة (1) منه على أن يعتبر تصرف المالك الخاضع لأحكام أي من القوانين رقم 178 لسنة 1952 أو 127 لسنة 1961 أو 15 لسنة 1963 والصادر قبل تاريخ العمل بها، ثابت التاريخ وذلك في الأحوال الآتية: أن يكون المالك قد أثبت هذا التصرف في الإقرار المقدم منه... أو أن يكون المتصرف إليه قد أثبت هذا في الإقرار المقدم منه... أو أن يكون المتصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية فعدل النص بمجلس الشعب فاستبدلت عبارة "ثابت التاريخ" وأصبحت على النحو الوارد بالنص بأنه "يعتد بتصرف المالك". كما أن العبارة الأخيرة بالنص وردت على نحو مخالف للوارد بالمذكرة بأنه سبقتها واو العطف بدلاً من "أو" فصارت "... وأن يكون المتصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية". ومن ثم فلا مندوحة من اللجوء إلى مضابط جلسات مجلس الشعب من أعمال تحضيرية للقانون لاستجلاء القصد الحقيقي الذي انصرفت إليه نية المشرع عند إصداره للقانون وذلك بالاستهداء بما تضمنته، تلك المضابط من المناقشات التي أثيرت عند نظره وقد تبين من الرجوع إلى مضبطة جلسة 10 من فبراير سنة 1970 التي نوقش فيها المشروع وجلسة 10 من مارس سنة 1970 التي أخذ فيها الرأي نهائياً على إصداره ما يلي:
أولاً: أحال مجلس الشعب بجلسته المعقودة في 8 من نوفمبر سنة 1969 مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى لجنة التنمية الزراعية والري بالمجلس، وقد قدمت اللجنة تقريرها بمعرفة المقرر، الذي قرر بجلسة المجلس في 10 من فبراير سنة 1970 أن اللجنة قد اجتمعت لبحث المشروع وحضر اجتماعها رئيس مجلس إدارة الهيئة، وأنه بعد أن اطلعت اللجنة على مشروع القانون ومذكرته الإيضاحية واستمعت إلى ما أدلى به مندوب الحكومة وإلى مناقشات السادة الأعضاء انتهت اللجنة إلى تقريرها المقدم، ثم تولى تلاوته - وقد ورد به من بين ما تضمنه الآتي:
"... إن الحكومة تقدمت بهذا المشروع الذي يبين من مذكرته الإيضاحية أنها تبتغي إنهاء كثير من المنازعات الناشئة عن تطبيق تلك التشريعات، وهي المنازعات الواردة على التصرفات القانونية التي لا يجاوز محلها فدانين، والتي تثقل كاهل اللجان الإدارية والقضائية المنوط بها تحقيق هذه المنازعات والفصل فيها. وتحقيقاً لهذا الغرض أعدت الحكومة هذا المشروع بقانون، وأوردت فيه هذا الأصل، ووضعت لتنفيذه ضمانات تقوم بذاتها شاهداً على صحة التصرف وثبوت تاريخه قبل القانون الذي يحكم العقد، وذلك بنصه في المادة الأولى على أن ذكر التصرف في الإقرار المقدم من المالك نفاذاً للقانون يعتبر قرينة قاطعة على ثبوت التاريخ، أو أن يكون قد ورد في إقرار المتصرف إليه، وأن تكون قد قامت في شأنه منازعة قانونية أمام اللجنة القضائية المنصوص عليها قانوناً، فإذا تحقق ذلك اعتبر العقد ثابت التاريخ وأفلت من الأحكام الخاصة بالاستيلاء. إلا أن اللجنة رأت حرصاً على تحقيق الهدف من إصدار المشروع إدخال تعديل على هذه المادة ليفيد من تطبيقها أكبر عدد من المتقاضين ولتخفيض المنازعات المنظورة أمام اللجان القضائية إلى أقل عدد ممكن، وذلك بحذف عبارة "في الميعاد القانوني" (من المشروع) وبرفع المساحة الواردة في هذه المادة من 2 ف فدانين إلى 5 خمسة أفدنة، وإن كان هناك رأي اتجه إلى إطلاق حكم المادة بحيث يشمل جميع التصرفات مهما كانت مساحة الأرض موضوع التصرف، إلا أنه رئي لاعتبارات تتعلق بالصالح العام أن تنظر المنازعات التي تتعلق بمساحات أكثر من 5 أفدنة وهي كثيرة ولها وزن خاص أمام اللجان القضائية التي ستقوم بحكم تشكيلها ببحث هذه المنازعات بحثاً دقيقاً يصون أموال الدولة التي هي أموال الشعب من أن تضيع أو يعبث بها عابث وهو أمر من شأنه أن يشيع الطمأنينة في نفوس المتقاضين.
ثم عقب المقرر قائلاً بأن هذا الحكم لا يجري في المشروع على إطلاقه بل هو رهين بألا يكون قد صدر في شأن الأطيان قرار استيلاء نهائي على نحو ما هو واضح في المادة الثانية".
ثانياً: بعد تلاوة تقرير لجنة التنمية سالف البيان أبدى أحد أعضاء المجلس اعتراضه على صياغة المواد بالمشروع، ولذلك ارتأى رئيس الجلسة استطلاع رأي الأعضاء أولاً بالنسبة للمبدأ الذي يستهدفه المشروع - وقد قال السيد وزير الشئون الاجتماعية ووزير الدولة لشئون مجلس الأمة توضيحاً للمبدأ والغرض الذي يستهدفه المشروع "أن المعروض علينا الآن هو مناقشة القانون من حيث المبدأ، والمبدأ الذي استهدفه المشروع واضح، وهو القضاء على المنازعات التي تثقل كاهل صغار الفلاحين فالملاحظ أن كثيراً من صغار الفلاحين اشتروا قراريط معدودة من بعض الملاك وكان لابد للاعتداد بهذه التصرفات أن يرفعوا قضايا أمام لجان الإصلاح الزراعي في القاهرة وقد أثقلت كثرة القضايا كاهل هذه اللجان، بالإضافة إلى ما يعانيه صغار الفلاحين من كثرة التردد على القاهرة لحضور الجلسات. وفي هذا عبء ينوء بحمله مثل هؤلاء الناس، لذا أراد المشرع بهذا المشروع أن يرعى هؤلاء الفلاحين بالقضاء على مثل هذه المنازعات ومن هذا يتضح أن الهدف الأساسي من مشروع هذا القانون هو العمل على تحقيق راحة الفلاحين وخاصة صغارهم - ولهذا نلتمس من المجلس الموافقة على مشروع القانون من حيث المبدأ".
ثم عقب رئيس الجلسة بقوله "إن هذه القضية تتعلق بأصحاب الملكيات الصغيرة فالمالك الكبير يبيع للمالك الصغير فدانين أو خمسة أفدنة ويحصل على ثمنها ثم يأتي الإصلاح الزراعي ولا يعتد بهذا البيع ويستولي على ملكيات صغار الفلاحين، وهذه المشكلة هي التي يواجهها هذا التشريع مستهدفاً الاعتداد بهذه التصرفات لإراحة هؤلاء الملاك الصغار الذين دفعوا ثمن الأرض حتى نحميهم من استيلاء الإصلاح الزراعي على أراضيهم، وأعتقد أن مبدأ مشروع هذا القانون قد وضح لحضراتكم، فهل توافقون على إقفال باب لمناقشة في مشروع هذا القانون من حيث المبدأ".
وقد وافق أعضاء المجلس على اقتراح قفل باب المناقشة، كما وافقوا على مشروع القانون من حيث المبدأ المشار إليه.
ثالثاً: طلب رئيس الجلسة من مقرر لجنة التنمية تلاوة مواد مشروع القانون لأخذ الرأي عليها مادة مادة، وقد تولى المقرر تلاوة نص المادة الأولى الذي وافقت عليه اللجنة وهو "استثناء من أحكام المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والمادة (3) من القانون رقم 127 لسنة 1961 في شأن... والمادة (2) من القانون رقم 15 لسنة 63 في شأن...، يعتبر تصرف المالك الخاضع لأحكام أي من هذه القوانين والصادر قبل تاريخ العمل بها ثابت التاريخ. إذا كان المالك قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنفيذاً لأحكام أي من هذه القوانين أو كان المتصرف إليه قد أثبت التصرف في الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طبقاً لحكم المادة (8) من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه. ويشترط لسريان حكم هذه المادة على التصرفات المشار إليها ألا تزيد مساحة الأرض موضوع كل تصرف على حدة على خمسة أفدنة، وأن يكون التصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية".
وقد عقب السيد الأستاذ مقرر لجنة الشئون التشريعية بالمجلس على صياغة هذه المادة بقوله: "...... إن إثبات التصرف في الإقرار يعتبر قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس، على إفلات التصرف من أحكام قانون الإصلاح الزراعي. فإذا قلنا أن ثبوت التصرف في الإقرار ضمان في حد ذاته، فليس جزاؤه أن يكون ثابت التاريخ ولكن جزاؤه هو الاعتداد بالتصرف. فإذا كانت لجنة التنمية الزراعية والري قد فهمت وجهة نظر لجنة الشئون التشريعية على غير هذا الوجه فنحن نرد الفهم إلى إطاره الصحيح.. ولذلك اعتقد أن التعديل الذي اقترحه يوضح المعنى الذي يستهدفه النص وهو الاعتداد بهذه التصرفات". وقد وافقت الحكومة على إجراء هذا التعديل بنص المادة.
ثم عقب السيد العضو المذكور بعد ذلك بقوله: "لقد جاء في المادة الأولى، كما ورد في مشروع الحكومة: "ويشترط لسريان حكم هذه المادة على التصرفات المشار إليها، ألا تزيد مساحة الأرض موضوع كل تصرف على حدة، على فدانين" - وعندما عدل هذا النص في اللجنة أضيف إليه القيد الخاص بضرورة أن يكون التصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية. والذي يحدث في حالة تملك المالك لقدر من الأرض يزيد على الحد الأقصى للملكية هو أن يقوم الإصلاح الزراعي بالاستيلاء الابتدائي على هذا القدر يظل قرار الاستيلاء الابتدائي قائماً إلى أن تنتهي المنازعة.
ومن هنا يتضح أن أوجه المنازعة التي تعطل صدور قرار الاستيلاء النهائي هي الالتجاء إلى اللجان القضائية في شأن التصرف، ولذلك أضفنا هذا القيد، لأنه من المسلم به أنه في كل حالة يتظلم في شأنها إلى اللجان القضائية يتعذر على الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طبقاً للائحتها التنفيذية أن تصدر قراراً نهائياً للاستيلاء على الأرض موضوع التصرف، فإذا افترضنا العكس ولم نقيد المادة بهذا القيد الذي ورد بها فإننا نلغي جميع قرارات الاستيلاء النهائية كما قال السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة، وهذا أمر غير متصور ولا يمكن النص عليه لاسترداد الأرض التي تم الاستيلاء عليها، وقد روعي في ذلك اعتبار واقعي، هو توزيع الأراضي على المستحقين لها فعلاً......" وقد عقب على ذلك السيد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي قائلاً إن التفسير الذي شرحه الأستاذ مقرر لجنة الشئون التشريعية بالمجلس يعبر تماماً عن وجهة نظر الحكومة بالنسبة لمشروع هذا القانون.....
إن المحكمة تستخلص مما سلف إيضاحه من أعمال تحضيرية للقانون رقم 15 لسنة 1970 أن الغرض الحقيقي للشارع من هذا التشريع وهو الغرض الذي وافق عليه مجلس الشعب والحكومة معاً عند مناقشة مواده، هو الوصول إلى إجازة التصرفات الصادرة إلى صغار الفلاحين والاعتداد بها في مواجهة الإصلاح الزراعي ما دامت قد ثبتت بالإقرارات المقدمة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على النحو الوارد بالمادة الأولى من القانون المذكور وكانت المساحة المنصبة على كل تصرف منها لا تزيد على خمسة أفدنة - وذلك لرفع المشقة عن هؤلاء الفلاحين، ولإزالة الأسباب التي كانت تضطرهم إلى رفع اعتراضات عن تلك التصرفات أمام اللجان القضائية، وللوصول إلى تخفيض عدد المنازعات المنظورة أمام اللجان القضائية التي تنصب على مساحات لا تزيد على خمسة أفدنة حتى تتفرغ هذه اللجان لنظر المنازعات التي تنصب على مساحات تزيد على القدر المذكور لأهمية هذا النوع من المنازعات، وكذلك لتخفيض المنازعات المنظورة أمام اللجان الإدارية للإصلاح الزراعي المنصبة على مساحات لا تزيد على خمسة أفدنة.
أما ما ورد بالمادة الأولى من القانون من اشتراط أن يكون التصرف قد رفع في شأنه منازعة أمام اللجان القضائية فلا يعد شرطاً أو قيداً إلا في نطاق وحدود الغرض الحقيقي الذي أضيف من أجله إلى تلك المادة. وقد أفصحت المناقشات سالفة البيان والتي أقرتها الحكومة والمجلس معاً بأن ذلك الغرض ينصب على ضمان توافر ما يفيد عدم صدور قرار الاستيلاء النهائي على الأطيان محل التصرف وذلك بقصد عدم المساس بقرارات الاستيلاء النهائية وحمايتها من الإلغاء في أحوال تطبيق أحكام المادة الأولى من هذا القانون. وينبني على ذلك أن هذه المادة لا توجب للاستفادة بأحكامها اشتراط رفع المنازعة أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي كإجراء مقصود لذاته بل لضمان تحقق الغرض المشار إليه وهو عدم صدور قرارات الاستيلاء النهائية سواء كان ذلك قبل تاريخ صدور القانون المذكور أو بعد صدوره. ومما يؤيد صحة هذا النظر ويؤكد أن التفسير السليم لذلك النص لا يتحقق إلا بالتزام حدود الغرض الحقيقي للشارع، أنه لو صح جدلاً الأخذ بالتفسير اللفظي القائل بضرورة رفع المنازعة قبل تاريخ صدور القانون كشرط للاستفادة بأحكام المادة الأولى فإن هذا الرأي يؤدي إلى نتيجة غير معقولة يتنزه عنها الشارع وهي التفرقة في الحكم بين حالة منازعة رفعت أمام اللجان القضائية قبل تاريخ صدور هذا القانون فيعتد فيها بالتصرف وبين حالة منازعة رفعت أمامها بعد صدوره كالحالة المطروحة فلا يعتد بالتصرف، وذلك رغم توافر شرط رفع المنازعة ورغم توافر غرض الشارع سالف الذكر في كل من الحالتين بعدم صدور قرار الاستيلاء النهائي على أطيان النزاع في أيهما كما أنه قبل بوجوب رفع المنازعة سواء كان تاريخ رفعها قبل أو بعد تاريخ صدور القانون، فإن هذا الرأي قد يؤدي إلى أن يرفع صغار الفلاحين منازعاتهم من جديد إذا لم يكن قد سبق لهم رفعها قبل تاريخ صدور القانون، وهو أمر يتعارض مع أغراض الشارع التي يهدف بها إلى رفع الإرهاق عن هؤلاء الفلاحين وإلى رفع الضغط عن اللجان القضائية واللجان الإدارية للإصلاح الزراعي وذلك بوجوب الاعتداد مباشرة بتلك التصرفات ما دامت قد ثبتت بإقرارات الملكية وتنصب كل منها على مساحات لا تزيد على خمسة أفدنة ولم يصدر في شأنها قرارات استيلاء نهائية. وغني عن البيان أن الأخذ بأي من القولين سالفي الذكر يتجافى مع قصد المشرع عندما أجرى تعديل المشروع المقدم من الحكومة فقد جاء في محاضر جلسات مجلس الشعب كما سبقت الإشارة إلى ذلك أن إثبات التصرف في الإقرار يعتبر قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس ومن هذا المفهوم عدل المجلس النص إلى الاعتداد بالتصرف بدلاً من اعتباره ثابت التاريخ.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم، ترى المحكمة أن التطبيق السليم للمادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 1970 يوجب الاعتداد بالتصرف ما دام قد ثبت في الإقرار المقدم على النحو الوارد بهذه المادة وكانت المساحة محل التصرف لا تزيد على خمسة أفدنة ولم يكن قد صدر قرار نهائي بالاستيلاء عليها ولا محل للقول بأنه لا يجوز التوسع في تفسير نص المادة الأولى من القانون المذكور باعتبار أنه أتى باستثناء يرد على قاعدة ثبوت التاريخ التي جرى عليها العمل في قانون الإصلاح الزراعي والاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره، لأنه قول مردود بأن المشرع لم يأت بحكم جديد في هذه المادة يتعلق بثبوت التاريخ ويعتبر استثناء للقواعد العامة المقررة في شأن ثبوت التاريخ بل إنه خرج كلية من نطاق مجال ثبوت التاريخ ووضع حكماً جديداً خاصاً بالاعتداد بالتصرف في مواجهة الإصلاح الزراعي دون التعرض لثبوت تاريخه.
ومن حيث إنه إذا كان ذلك وكان الثابت من أوراق الطعن أن التصرف قد ثبت في الإقرار المقدم على النحو الوارد بهذه المادة وكانت المساحة محل التصرف لا تزيد على خمسة أفدنة ولم يكن قد صدر قرار نهائي بالاستيلاء عليها ومن ثم يتعين الاعتداد بهذا التصرف وفقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1970.
ومن حيث إنه لكل ما سلف إيضاحه يكون قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها فيه ويكون الطعن والحالة هذه في غير محله متعيناً رفضه مع إلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الطاعنة المصروفات طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق