جلسة 23 من إبريل سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار حسين عوض بريقي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إبراهيم حسين صالح خليفة وسعد زغلول محمد أبو عوف ويحيي توفيق الجارحي وعبد الفتاح صالح الدهري - المستشارين.
------------------
(114)
القضية رقم 1148 لسنة 18 القضائية
إصلاح زراعي - الحد الأقصى للملكية.
القانون رقم 178 لسنة 1952 - إدعاء الهيئة بخضوع الطاعن لأحكامه - ثبوت تصرف الطاعن في القدر الزائد عن النصاب المقرر للملكية بالقانون رقم 178 لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961 عدم خضوعه لهما - بيان ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن نجيب سالم إسماعيل المطعون ضده الأول قد باع إلى المطعون ضده الثاني بمقتضى عقدي بيع ابتدائيين مؤرخين في 7/ 7/ 1955 و5/ 11/ 1955 أطياناً زراعية مجموع مساحاتها 10 س و5 ط و57 ف مبينة الحدود والمعالم بالعقدين، وقد استولت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الطاعنة على تلك المساحات لدى البائع طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961، فرفع البائع الاعتراض رقم 425 لسنة 1972 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بطلب الاعتداد بالعقدين لثبوت تاريخهما قبل تاريخ العمل بذلك القانون بموجب محضر مناقشة مأمورية ضرائب المنصورة الحاصل في 30/ 4/ 1959 المرفق بالاعتراض رقم 841 لسنة 1968، وبموجب طلب الشهر العقاري رقم 851 لسنة 1955 المنزلة بتاريخ 10/ 12/ 1955 ثم قصر المعترض طلباته أمام اللجنة القضائية على طلب الاعتداد بعقد البيع المؤرخ 7/ 7/ 1955 المتضمن بيع مساحة 10 س و3 ط و56 ف المبينة الحدود والمعالم بهذا العقد.
وبجلسة 31/ 5/ 1972 أصدرت اللجنة القضائية قرارها المطعون فيه الذي قضى بالاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 7/ 7/ 1955 واستبعاد المساحة المبينة به ومقدارها 10 س و3 ط و56 ف مما يستولى عليه من أطيان لدى البائع المعترض طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 واستندت اللجنة في قضائها إلى أن هذا العقد المؤرخ 7/ 7/ 1955 قد ثبت تاريخه قبل تاريخ العمل بالقانون المذكور، وذلك لورود مضمون العقد بطلب الشهر رقم 851 لسنة 1955 المنزلة المقدم إلى مأمورية الشهر في 10/ 12/ 1955 وهو تاريخ سابق على تاريخ العمل بذلك القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ما استندت إليه اللجنة القضائية في قرارها استناداً غير سليم وذلك لأن المعترض يخضع لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 عندما تخطت ملكيته في سبتمبر سنة 1954 الحد المقرر قانوناً لملكية الفرد بموجب هذا المرسوم بقانون. وكان لزاماً عليه طبقاً للمادة الثانية من اللائحة التنفيذية لذلك المرسوم بأن يقدم إقرار بملكيته خلال شهرين من تاريخ علمه بقيام سبب الملكية، كما لزاماً عليه أن يقدم إخطاراً بالتصرف بعد الإقرار خلال شهر من تاريخ التصرف طبقاً للمادة الثالثة من تلك اللائحة. وأنه تأسيساً على ما تقدم فإن كل ما قدمه المعترض المطعون ضده الأول من أدلة ثبوت تاريخ تعتبر لاحقة على نفاذ أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، وبالتالي لا يعتد بها في شأن ثبوت تاريخ العقد ويكون قرار اللجنة قد جانب الصواب ثم قدمت الهيئة الطاعنة مذكرة لاحقة قالت فيها إن المطعون ضده الأول لم يكن خاضعاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 وقت العمل به، ولكنه خضع له في سنة 1954 عندما اشترى من حسين الطاهري مساحة 75 فداناً في هذه السنة فبلغت ملكيته بهذا الشراء 231 فداناً، ثم اشترى مساحة مائة فدان أخرى من نفس البائع سنة 1955 فأصبحت ملكيته الزائدة لديه في ظل القانون رقم 178 لسنة 1952 199 فداناً. وأضافت الطاعنة أن المطعون ضده الأول قدم إقراره طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 أثبت فيه أنه كان يمتلك مساحة 187 فداناً تقريباً وأنه باع منها قبل العمل بهذا القانون مساحة 176 فداناً تقريباً بعقود ثابتة التاريخ، وقد عرض إقراره هذا على اللجنة الإدارية المختصة بالإصلاح الزراعي فقررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 21/ 11/ 1962 الاعتداد بجملة تصرفات صادرة من المطعون ضده الأول في تطبيق أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 فأصبحت أطيانه غير خاضعة لأحكامه لأن الباقي في ملكيته بعد ذلك أقل من النصاب القانوني، ومع هذا أحيل المطعون ضده الأول إلى لجان تصفية الإقطاع لبحث ملكيته في الفترة بين قانوني الإصلاح الزراعي الأول والثاني واتضح لتلك اللجان أن ملكيته كانت في هذه الفترة 399 فداناً تقريباً، وأنه عند سؤال المطعون ضده الأول في ذلك أجاب بأنه باع من هذه المساحة 394 فداناً تقريباً ثم طلبت الهيئة الطاعنة في نهاية مذكرتها ندب مكتب الخبراء لبحث ملكية المطعون ضده الأول وتحديد تاريخ التصرفات الصادرة إليه والصادرة منه وما يعتد به من هذه التصرفات.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريرها عن الموضوع جاء فيه أنه يبين من محضر المناقشة الذي أجرته مراقبة ضرائب المنصورة مع المطعون ضده الأول أنه اشترى مساحة 115 فداناً من حسين الطاهري وتسلمها في 31/ 3/ 1953 واشتري منه أيضاً مساحة 75 فداناً تسلمها في 2/ 9/ 1954 وأخيراً اشترى منه مساحة مائة فدان - وحقيقتها 22 ط و91 ف تسلمها في 6/ 7/ 1955 وبذلك تكون جملة المساحات المشتراة من حسين الطاهري من 31/ 3/ 1953 حتى 6/ 7/ 1955 تبلغ 22 ط و281. وأضافت هيئة مفوضي الدولة أنه تبين من محضر الاطلاع المرفق بمحضر المناقشة المشار إليه أن المطعون ضده الأول تصرف بعقود ثابتة التاريخ بالمحضر في الفترة من 31/ 5/ 1953 حتى 2/ 9/ 1954 في مساحة 11 س و15 ط و117 فداناً وذلك قبل شراء مساحة 75 فداناً من حسين الطاهري، وفي الفترة من 2/ 9/ 1954 حتى 6/ 7/ 1955 تصرف المطعون ضده الأول في مساحة 13 س و2 ط و53 ف بعقود ثابتة التاريخ بالمحضر وذلك قبل أن يشتري المساحة الأخيرة وقدرها 22 ط 91 ف من نفس البائع وفي الفترة من 6/ 7/ 1955 تصرف المطعون ضده الأول في 30/ 10/ 1955 في مساحة 2 س 22 ط 121 ف إلى جملة مشترين بعقود ثابتة التاريخ بمحضر الاطلاع المذكور. وخلصت هيئة مفوضي الدولة إلى القول بأن المطعون ضده الأول قد تصرف بالبيع في كل ما اشتراه من حسين الطاهري ولم يكن في ملكيته في أي وقت من الأوقات مساحة تزيد عن النصاب القانوني المحدد بالقانون رقم 178 لسنة 1952، ومن ثم يكون الطعن بأن ملكية المطعون ضده الأول كانت تزيد عن النصاب القانوني لا يستند إلى أساس سليم من الواقع أو القانون ويتعين الالتفات عنه وبالتالي يتعين رفض الطعن موضوعاً.
ومن حيث إنه يبين للمحكمة مما سلف إيضاحه من وقائع ودفاع متبادل أن إدعاء الهيئة الطاعنة بأن المطعون ضده الأول يخضع لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 قد جاء مرسلاً دون تقديم أي دليل يؤيد صحة هذا الإدعاء - وذلك فضلاً عما هو ثابت من أن لجان تصفية الإقطاع التي أعادت بحث ملكية المطعون ضده الأول قد حددت ملكيته في فترتي العمل بقانوني الإصلاح الزراعي الأول لسنة 1952 والثاني لسنة 1961 بمساحة 399 فداناً تقريباً باع منها مساحة 394 فداناً تقريباً ومما يقطع بعدم صحة سند الطعن ما جاء بالصورة الرسمية لمحضر المناقشة الذي أجرته مراقبة ضرائب المنصورة مع المطعون ضده الأول بتاريخ 30/ 4/ 1959 وكذلك محضر الاطلاع المرفق به والذي يتضمن بياناً بالعقود العرفية الصادرة من المطعون ضده الأول في الفترة من 20/ 4/ 1953 حتى 30/ 10/ 1955، إذ تضمن هذا المحضر على نحو واضح أن كل صفقة من الصفقات الثلاث التي اشتراها المطعون ضده الأول باع أجزاء منها في سنة الشراء وقبل شراء الصفقة التالية بحيث ظلت ملكيته دائماً في حدود النصاب الذي يسمح به القانون رقم 178 لسنة 1952 - فقد اشترى الصفقة الأولى من حسين الطاهري 115 فداناً وباع ما يساوي هذا القدر تقريباً منذ تاريخ الشراء وقبل شرائه الصفقة الثانية وقدرها 75 فداناً في 3 من سبتمبر سنة 1954، كما يبين من المحضر أنه منذ شراء الصفقة الثانية وقبل شراء الصفقة الثالثة في 6/ 7/ 1955 باع المطعون ضده الأول ما يساوي القدر المشتري محل الصفقة الثانية، ومنذ شراء الصفقة الثالثة وقدرها 22 ط و91 ف باع المطعون ضده الأول حتى 30/ 1/ 1955 ما يزيد عن مساحة الصفقة الثالثة. ولما كانت هذه البيانات بما فيها مضمون هذه العقود ثابتة بمحضر المناقشة المشار إليها، فإنه يكون من المقطوع به أن المطعون ضده الأول لم تتجاوز ملكيته النصاب الجائز تملكه قانوناً طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما سلف بيانه، أن إدعاء الهيئة الطاعنة من أن المطعون ضده الأول كانت تخضع ملكيته الزراعية لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 إدعاء لا يستند إلى الواقع أو القانون ويتعين لذلك عدم الأخذ به، ويكون القرار المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من الاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 7/ 7/ 1955 وباستبعاد المساحة المبينة به مما يستولى عليه لدى البائع المطعون ضده الأول في تطبيق أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 ويكون الطعن والحالة هذه في غير محله متعيناً رفضه مع إلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الطاعنة المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات. صدر هذا الحكم وتلي علناً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق