جلسة أول يناير سنة 1981
برئاسة/ السيد المستشار محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: أحمد ضياء عبد الرازق, سعد حسين بدر, وليم رزق بدوي، علي محمد عبد الفتاح.
--------------
(21)
الطعن رقم 1064 لسنة 47 القضائية
(1) قوة الأمر المقضي نقض "أسباب الطعن".
الطعن بالنقض المبني على تناقض حكمين انتهائيين. شرطه. مناقضة الحكم المطعون فيه لقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي.
(2) دعوى "تقدير قيمة الدعوى". استئناف.
تحديد نصاب الاستئناف. التزام المحكمة بتقدير قيمة الدعوى طبقاً لقواعد قانون المرافعات دون الاعتداد بتقدير الخصوم.
(3) استئناف. حكم "تسبيب الحكم". دعوى "تقدير قيمة الدعوى" دفوع. نظام عام.
عدم جواز الاستئناف لقلة النصاب. تعلقه بالنظام العام. وجوب تعرض المحكمة له من تلقاء نفسها.
(4) اختصاص. استئناف. دعوى.
فصل المحكمة الابتدائية في نزاع يدخل في نصابها الانتهائي. عدم جواز الطعن في حكمها بالاستئناف بحجة مخالفته قواعد الاختصاص. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 1434 لسنة 1969 كلي سوهاج بطلب الحكم بكف منازعة الطاعن لهما في الأطيان الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمها لهما بما عسى أن يكون عليها من زراعة وقت التسليم، ثم عدلا طلبهما إلى طلب الحكم بتثبيت ملكتيهما لها، وبجلسة 9 مايو سنة 1976 قضت محكمة أول درجة بتثبيت ملكيتهما للأرض موضوع الدعوى. استأنف الطاعن ذلك الحكم بالاستئناف رقم 206 لسنة 57 ق سوهاج بتاريخ 12 مايو سنة 1977 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر, وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف وأقام قضاءه على أن قيمة الدعوى تدخل في النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية يكون قد فصل في النزاع خلافاً لحكم آخر نهائي حائز لقوة الأمر المقضي سبق صدوره في الدعوى رقم 138 لسنة 1967 مدني كلي سوهاج المقامة من المطعون عليهما على البائع لهما وقضى فيها بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر منه لهما.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 249 من قانون المرافعات تنص على أنه "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي", وكان مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن المبني على تناقض حكمين انتهائيين يصح حين يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاءً سابقاً حاز قوة الشيء المحكوم به في مسألة ثار حولها النزاع بين طرفي الخصومة واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل في منطوق الحكم السابق أو في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يقدم صورة من الحكم في الدعوى رقم 138 لسنة 1967 مدني كلي سوهاج الذي يقول إن الحكم المطعون فيه قد فصل في النزاع خلافاً له، فإن نعيه بهذا السبب يكون مفتقراً إلى الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون ويقول في بيان ذلك إنه قضى من تلقاء نفسه وبغير دفع من الخصوم بعدم جواز الاستئناف دون أن يعرض لموضوع الدعوى بما يعيبه بالقصور، كما أن نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 37 من قانون المرافعات التي أقام عليها تقديره لقيمة الدعوى لا يتضمن قاعدة آمرة، ومن ثم لا يكون ملزماً إلا إذا كان تقدير المدعي لقيمة الدعوى يترتب عليه ضياع رسوم مستحقة للحكومة، كما أن ضريبة الأطيان التي استند إليها الحكم في تقدير قيمة الدعوى لا تمثل قيمة العقار الحقيقية التي زادت زيادة كبيرة وفقاً لسعر السوق.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الاعتماد في تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف على القيمة التي حددها المدعي وسكت عنها المدعى عليه بل يجب على المحكمة أن تعتمد في ذلك على القواعد التي نص عليها قانون المرافعات, وذلك عملاً بالمادة 223 من هذا القانون، وكانت القواعد المتعلقة بقبول الاستئناف متعلقة بالنظام العام فيتعين على المحكمة أن تقضي بعدم جواز الاستئناف إذا كانت الدعوى داخلة في النصاب الانتهائي لمحكمة الدرجة الأولى ولو لم يدفع بذلك أي من الخصوم, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في تقديره لقيمة الدعوى على الفقرتين الأولى والثانية من المادة 37 من قانون المرافعات وانتهى صحيحاً إلى عدم جواز الاستئناف, فإنه لما كان يجوز له أن يعرض لدفاع الطاعن المتعلق بالموضوع، ويكون النعي عليه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه كان على محكمة الاستئناف وقد قدرت قيمة الدعوى بأقل من 250 جنيهاً أن تقضي بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم اختصاص المحكمة الابتدائية فيها بنظر الدعوى، وإذ هي لم تفعل فإنها تكون قد خالفت القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 47 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 91 لسنة 1980 تنص في فقرتها الأولى على أن "تختص المحكمة الابتدائية بالحكم ابتدائياً في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً", وكان قانون المرافعات القائم قد خلا من حكم مماثل لحكم الفقرة الثانية من المادة 401 من القانون الملغي والتي كانت تقضي بأن الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص والإحالة إلى محكمة أخرى يجوز استئنافها مهما تكن قيمة الدعوى، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون عن أن المشرع قد حذف هذه الفقرة "بعد أن زالت دواعي الاستثناء الوارد فيها وأصبح جواز استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص والإحالة مهما تكن قيمة الدعوى لم يعد له ما يبرره بعد تطور النظام القضائي وتوحيد جهات القضاء المتعددة التي كانت قائمة فيه (المادة 226 من القانون القائم) وفقدت بذلك مسائل الاختصاص ما كان لها من أهمية وخطر", لما كان ما تقدم, فإنه لم يعد في قانون المرافعات القائم نص يجيز استئناف الأحكام الصادرة من المحكمة الابتدائية في حدود نصابها الانتهائي عند عدم التزامها قواعد الاختصاص، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف على سند من القول بأن الحكم الابتدائي قد صدر في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية وفقاً للفقرة الأولى من المادة 47 من قانون المرافعات، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق