جلسة 16 من مايو سنة 1979
برياسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا وسامي الكومي.
-----------------
(251)
الطعن رقم 860 لسنة 45 القضائية
(1) قانون. تعويض. مسئولية.
إنفاق الوالد على ولده. واجب مفروض عليه قانوناً. عدم جواز المطالبة بالتعويض عن هذا الإنفاق قبل من تسبب في وفاة الابن.
(2) تعويض. مسئولية.
الرعاية المرجوة من الابن لأبويه. أمر احتمالي. تفويت الأمل في هذه الرعاية. أمر محقق. وجوب تعويضهما عن الكسب الفائت بفقد ابنهما.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى 1086 سنة 1973 مدني كلي الجيزة بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا لهما مبلغ 15000 جنيه تعويضاً على الأضرار المادية والأدبية التي لحقتهما بسبب قتل ابنهما خطأ في حادث سيارة أوتوبيس يقودها المطعون ضده الأول - تابع المطعون ضده الثاني بصفته - الذي ثبت خطؤه بحكم جنائي قضى بإدانته، وبتاريخ 6/ 2/ 1974 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا إلى الطاعنين مبلغ 6000 تعويضاً عن الضرر المادي والأدبي، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 1514 سنة 91 قضائية القاهرة للقضاء لهما بكامل طلباتهما، كما استأنفه المطعون ضدهما بالاستئناف 229 سنة 92 قضائية بطلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، قررت المحكمة ضم الاستئنافين وحكمت في 19/ 5/ 1975 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا إلى الطاعنين مبلغ 4000 تعويضاً عن الضرر الأدبي فقط، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، حاصل النعي بأولهما أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ نفى وقوع ضرر مادي للطاعنين يستوجب التعويض عنه رغم تمسكهما بما لحقهما من خسارة تتمثل فيما أنفقه الطاعن الأول على ولده المجني عليه حتى بلغ من العمر ثمانية عشر عاماً ووصل في مراحل التعليم إلى الثانوية العامة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك إن الوالد ملتزم بحكم القانون - بالإنفاق على أولاده في سبيل رعايتهم وإحسان تربيتهم فلا يصح اعتبار ما ينفقه في هذا السبيل خسارة تستوجب التعويض، لما كان ما أنفقه الطاعن الأول على ولده المجني عليه هو من قبيل القيام بالواجب المفروض عليه قانوناً فلا يجوز له أن يطالب بتعويض عنه، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم في قضائه هذا النظر يكون قد أصاب صحيح القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ نفى وقوع ضرر مادي للطاعنين يستوجب التعويض عنه مع تمسكهما بوقوع هذا الضرر الذي يتمثل فيما فاتهما من كسب بضياع أملهما في أن تستظل شيخوختهما برعاية ابنهما الفقيد.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في شأن نفي هذا العنصر من عناصر التعويض على قوله "إنه يشترط أن يكون الضرر محققاً وليس مجرد ضرر احتمالي....."، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه إذا كانت الفرصة أمراً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق، ولا يمنع القانون من أن يحسب في الكسب الفائت ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب ما دام لهذا الأمل أسباب مقبولة، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى وصف تفويت الفرصة على الطاعنين في رعاية ابنهما لهما في شيخوختهما بأنها احتمال فخلط بذلك بين الرعاية المرجوة من الابن لأبويه وهي أمر احتمالي وبين تفويت الأمل في هذه الرعاية وهي أمر محقق ولما كان الثابت في الأوراق أن الطاعن الأول قد بلغ سن الشيخوخة وإنه أحيل إلى المعاش قبل فوات خمسة أشهر على فقده ابنه الذي كان طالباً في الثانوية العامة وبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً الأمر الذي يبعث الأمل عند أبويه في أن يستظلا برعايته، وإذ افتقداه فقد فاتت فرصتهما بضياع أملهما لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد هذا العنصر عند تقدير التعويض يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق