جلسة 23 من إبريل سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.
-----------------
(57)
الطعن رقم 84 لسنة 25 القضائية
مواعيد. مسافة.
علة إضافة ميعاد المسافة تحقيق المساواة بين المتخاصمين. انتفائها في حالة إقامة الخصوم في ذات الجهة المراد اتخاذ الإجراء فيها وبالنسبة للمسافات داخل مدينتين متى احتسبت مسافة السفر بينهما. م 21 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه وهو قصاب بشارع الدمنهوري ببنها أقام الدعوى رقم 26 سنة 1952 تجاري كلي بنها طالباً تخفيض تقديرات مأمورية الضرائب لأرباحه في السنوات 1948 و1949 و1950 واحتساب أرباحه طبقاً لإقراراته وقضت محكمة بنها في 18 يناير سنة 1954 باعتبار أرباحه في كل من سنى النزاع مبلغ 86 جنيهاً استناداً إلى أن هذا التقدير هو المحكوم به عن سنة 1947 واتخاذ هذا الرقم أساساً لربط الضريبة عليه فيما تلاها من سنين تطبيقاً للقانون رقم 240 سنة 1952. وقد استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه وتأييد قرار اللجنة وقيد الاستئناف برقم 386 سنة 71 ق وقد دفع المطعون عليه بالجلسة بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على أن الحكم الابتدائي أعلن للمصلحة في 29 مارس سنة 1954 في حين أن صحيفة الاستئناف أعلنت إليه في 29 من إبريل سنة 1954 أي في اليوم الواحد والثلاثين. وتمسكت المصلحة بأن من حقها إضافة يوم ميعاداً للمسافة عملاً بالمادة 21 مرافعات لأن المسافة بين مبنى المجمع في ميدان التحرير وبين موطن المطعون عليه بشارع الدمنهوري ببنها وهو الذي تم فيه إعلان صحيفة الاستئناف يبلغ 57 كيلو متراً منها 3 كيلو متر من المجمع إلى مقر محكمة استئناف القاهرة، 6 كيلو متر من المحكمة إلى محطة القاهرة و45 كيلو متر بين محطة القاهرة ومحطة بنها و3 كيلو متر من محطة بنها إلى شارع الدمنهوري. وقد أصدرت محكمة الاستئناف حكمها برفض هذا الدفع وبعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد. فطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بالنقض بتاريخ أول مارس سنة 1955 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن. وبتاريخ 24 فبراير سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 2 من إبريل سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد محصله مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن المسافة التي عناها الشارع في المادة 21 مرافعات هي بين مكانين هما موطن طالب الإعلان وموطن المطلوب إعلانه ويتمثلان في هذه الدعوى في موطن المصلحة بإدارة قضايا الحكومة بميدان التحرير بالمجمع وموطن المطعون عليه بشارع الدمنهوري ببنها وأنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المقصود بالمسافة هي التي تقع بين محطة القاهرة حيث موطن طالب الإعلان ومحطة بنها حيث موطن المطلوب إعلانه لأن فقه المرافعات لا يعرف إلا المكان أو الموطن الذي يقيم فيه الشخص عادة لا المحطات وما ذهب إليه الحكم من أن المراد بكلمة انتقال هو السفر فقط من مدينة لأخرى دون اعتداد أو حساب للانتقال داخل المدينة ذاتها مهما تباعدت أطرافها فيه تقييد لمدلول النص وتخصيص له بلا مخصص إذ لا يمكن قصر الانتقال على السكة الحديد. وإنما قصد الانتقال أو السفر بشتى وسائل المواصلات وهو ما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات بإشارتها إلى وسائل المواصلات الحديثة وسرعتها خصوصاً وأن قانون المرافعات الحالي لم يفرق في شأن تحديد المسافة بين الانتقال بالسكة الحديد أو غيرها من وسائل المواصلات خلافاً للقانون القديم. وأضافت الطاعنة أن المحطة قد تكون في طرف المدينة أو وسطها مما يجعل الاعتماد على هذا الأساس وحده لا وجود له من الواقع أو القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جاء في الحكم المطعون فيه من استناد إلى المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات في تعليقها على المادة 21 بقولها: "إن اللجنة قدرت سفر خمسين كيلو متر في الأحوال العادية من مصر مع وسائل المواصلات الممكنة تستهلك غالباً النصف الأول من النهار ولا يمكن القيام في النصف الآخر بعمل مجد" وقول الحكم المطعون فيه "إن المشرع قد دل بهذا على أن ميعاد المسافة لا يضاف إلى الميعاد الأصلي المقرر في القانون إلا إذا اقتضى الأمر سفراً بين بلدين ومن ثم يكون مراد الشارع في المادة 21 مرافعات بكلمة الانتقال أنه السفر ويكون مراده بكلمة المكان أنه البلد أو المدينة" وهذا الذي انتهى إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك بأن علة إضافة ميعاد المسافة هو تحقيق المساواة بين المتخاصمين بمنح من يبعد موطنه عن المكان الذي يتعين فيه الحضور أو اتخاذ إجراء فيه ميعاداً يستنفذه في قطع هذه المسافة حتى لا يضيع عليه جزء من ميعاده الأصلي في الأسفار وحتى لا يمتاز خصم يقيم في ذات البلدة المراد اتخاذ الإجراء فيها على آخر لا يقيم فيها - لما كان ذلك فإن هذه العلة تنتفي عندما يكون المتخاصمان مقيمين في ذات الجهة المراد اتخاذ الإجراء فيها كما تنتفي بالنسبة للمسافات داخل مدينتين متى احتسبت مسافة السفر بينهما.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق