الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 20 يوليو 2023

الطعن 834 لسنة 9 ق جلسة 30 / 12 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 24 ص 188

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

-----------------

(24)

القضية رقم 834 لسنة 9 القضائية

(أ) - هيئة مديرية التحرير. "موظفوها" 

- المراحل التي مرت بها التشريعات التي تحكم شئونهم - إنشاء الهيئة بالقانون رقم 148 لسنة 1954 - اللائحة المالية ولائحة التوظف لمؤسسة مديرية التحرير الصادرة بقرار مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1955 - إدماجها في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي مع إلغاء قانون إنشائها ولائحته التنفيذية وذلك اعتباراً من 3 نوفمبر سنة 1957 - أثر ذلك أن يسري عليها كافة الأحكام واللوائح التي تنظم الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي.
(ب) - الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي. "موظفوها".
المراحل التي مرت بها التشريعات التي تحكم شئونهم - القانون رقم 169 لسنة 1954 بإنشاء الهيئة - اللائحة الداخلية الصادرة بموافقة مجلس الوزراء في 25 من أكتوبر سنة 1955 - القانون رقم 643 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 613 لسنة 1957 - اللائحة الداخلية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 والذي ألغى اللائحة الداخلية الصادرة في 25 من أكتوبر سنة 1955.
(جـ) - قانون "إلغاء لائحة".
النص على إلغاء تشريع لا يفيد حتماً افتراض صحة قيامه حتى وقت الإلغاء.
(د) - الهيئة العامة لاستصلاح الأراضي "لائحة داخلية" موظفوها - تقرير سنوي - تطبيق أحكام قانون رقم 210 لسنة 1951 عليهم".
النص صراحة في اللائحة الداخلية للهيئة العامة لاستصلاح الأراضي الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 على إلغاء اللائحة الداخلية الصادرة في 22 من أكتوبر سنة 1955 مقصود به إزالة شبهة قيامها في الماضي - لموظفيها الحق في أن يعاملوا بأحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 في حالة وجود فراغ تشريعي في الهيئات والمؤسسات العامة. أساس ذلك.
(هـ) - تشريع "سريانه من حيث الزمان" 

أثر رجعي.

------------------
1 - إن تقصي المراحل التي مرت بها التشريعات التي تحكم شئون العاملين بمؤسسة مديرية التحرير تكشف عن أنه في 20 من مارس سنة 1954 صدر القانون رقم 148 لسنة 1954 بإنشاء مؤسسة مديرية التحرير ونصت المادة الرابعة منه على أن يقوم مجلس إدارة المؤسسة بجميع التصرفات اللازمة لتحقيق غرض المؤسسة دون التقيد بالنظم أو الرقابة المالية والإدارية المتبعة في المصالح الحكومية وذلك في حدود اللائحة المالية ولائحة التوظف اللتين يضعهما المجلس ويصدر بهما مرسوم وفي 2 من مارس سنة 1955 أصدر مجلس الوزراء قراراً باللائحة المالية ولائحة التوظف لمؤسسة مديرية التحرير. وفي 3 من نوفمبر سنة 1957 صدر قرار رئيس الجمهورية بإدماج مؤسسة التحرير في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ونصت المادة الثانية منه على إلغاء القانون رقم 148 لسنة 1954 بإنشاء مؤسسة مديرية التحرير ويعمل بذلك من 3 / 11 / 1957 وواضح من ذلك أن المشرع قد ألغى القانون رقم 148 لسنة 1954 ولا شك أن هذا الإلغاء يتناول لائحته المالية والخاصة بالتوظف وذلك ابتداء من 3 من نوفمبر سنة 1957 ذلك أن مؤسسة مديرية التحرير قد أدمجت من هذا التاريخ في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي فيسري عليها كافة الأحكام واللوائح التي تضم الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي.
2 - وقد صدر في 30 من مارس سنة 1954 القانون رقم 169 لسنة 1954 بإنشاء هذه الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ونصت المادة الرابعة منه على أن يكون للهيئة لائحة داخلية تصدر بقرار منها بعد موافقة مجلس الوزراء وفي 25 من أكتوبر سنة 1955 أصدرت الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي قراراً باللائحة الداخلية استناداً إلى القانون رقم 149 لسنة 1954 وقد وافق عليها مجلس الوزراء.
وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 643 لسنة 1955 بشأن الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ونصت المادة السابعة منه على أن (يصدر مجلس الوزراء قراراً باللائحة الداخلية للهيئة وتتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها في جميع شئونها وعلى الأخص في إدارة وتنظيم أعمالها وحساباتها ونظام موظفيها ويشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التي تمنح لهم أو لغيرهم ممن يندبون أو يعارون إليها) وقد عدلت هذه المادة السابقة بالقانون رقم 613 لسنة 1957 فأصبح نصها: (يعد مجلس الإدارة لائحة للهيئة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها وتنظم أعمالها وحساباتها ونظام موظفيها وتشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التي تمنح لهم أو لغيرهم) وإعمالاً لهذه المادة صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ونصت المادة الثانية من هذا القرار على أن (تلغى اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي المؤرخة 25 من أكتوبر سنة 1955 وكل قرار يخالف أحكام اللائحة المرافقة).
3 - النص على إلغاء تشريع لا يفيد حتماً اقتراض صحة قيامه حتى وقت الإلغاء لا سيما إذا لم يكن لهذا التشريع وجود قانوني بعد أن صدر قانون استلزم بعد تعديله بقرار رئيس الجمهورية صدور هذا التشريع بقرار من رئيس الجمهورية وليس بقرار من مجلس الوزراء كما كان الحال في القانون الملغى.
4 - لم يكن من الجائز إعمال لائحة 25 من أكتوبر سنة 1955 في حق المدعي بشأن التقرير السنوي عن إعماله سنة 1959 لأن هذه اللائحة لم يعد لها وجود قانوني ولا يصح افتراض إحيائها بأثر رجعي من مجرد النص على إلغائها بقرار لاحق والصحيح في منطق التفسير السليم أن المشرع وقد تكشف له خطأ استمرار العمل بهذه اللائحة بعد إلغاء القانون الذي صدرت تنفيذاً له وبعد أن أصبح من اللازم صدورها بقرار من رئيس الجمهورية وليس بقرار من مجلس الوزراء رأى النص صراحة على إلغائها لإزالة شبهة قيامها في الماضي يؤكد ذلك ويقطع به أن قرار رئيس الجمهورية لا يملك أن ينسحب على الماضي بما يمس المراكز القانونية التي اكتسبها العاملون بالهيئة خلال الفترة السابقة على العمل بالقرار رقم 2270 لسنة 1960 حيث أصبح من حقهم أن يعاملوا بأحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 بوصفه القانون العام الذي يتعين تطبيق أحكامه في حالة وجود فراغ تشريعي في الهيئات والمؤسسات العامة.
5 - الأصل أن أي تنظيم جديد لا يسري بأثر رجعي من شأنه أن يمس المراكز القانونية الذاتية التي ترتبت قبل صدوره إلا بنص خاص في قانون وليس بأداة أدنى كلائحة ومتى وضح ذلك يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 321 لسنة 8 القضائية. ضد هيئة مديرية التحرير أمام المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 7 / 8/ 1961 طالباً الحكم: "بإلغاء القرار الصادر بحرمانه من العلاوة المستحقة في 1/ 5/ 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة".
وقال شرحاً لدعواه، إنه عين بمديرية التحرير بتاريخ 2/ 1/ 1954 واستمر يؤدي عمله على خير وجه إلى أن فوجئ عند صرف العلاوات في 1/ 5/ 1960 بحرمانه من العلاوة، وقد تظلم من قرار حرمانه بتاريخ 14/ 8/ 1960 إلا أن الإدارة لم ترد على تظلمه مما اضطر إلى التقدم بتاريخ 11/ 12/ 1960 بطلب إعفائه من الرسوم المقررة لرفع دعوى بإلغاء القرار وقد تقرر بتاريخ 17/ 6/ 1961 قبول طلبه فأقام هذه الدعوى وقد ردت الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي على الدعوى بأن القواعد المعمول بها عند بدء تطبيق كادر الإصلاح الزراعي على موظفي مديرية التحرير اعتباراً من 1/ 11/ 1958 تقضي بأن الموظف لا يستحق العلاوة الدورية التي تمنح كل سنتين إلا إذا كان تقدير كفايته بدرجة لا تقل عن جيد وقد كان تقدير كفاية المدعي عن سنة 1959 بدرجة متوسط ومن المتفق عليه أن تقدير كفاية المدعي أمر متروك لتقدير الجهة التابع لها دون معقب ما دام قرارها قد خلا من مخالفة القانون أو إساءة استعمال السلطة وقد اعتمد التقرير من مدير الهيئة ومن مدير عام المديرية وبذلك يكون قرار حرمان المدعي من علاوته المستحقة في 1/ 5/ 1960 قد صدر سليماً في حدود القانون وطلبت الهيئة رفض الدعوى.
وبجلسة 17/ 3/ 1963 قضت المحكمة بأحقية المطعون ضده في العلاوة الدورية المستحقة في 1/ 5/ 1960 وأسست قضاءها على أن التقرير السنوي الذي وضع عن أعمال المطعون ضده عن سنة 1959 يعتبر معدوماً لصدوره بالمخالفة للقواعد المنصوص عليها في قانون موظفي الدولة ذلك لأن مؤسسة مديرية التحرير قد أدمجت في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي البور عملاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 1043 لسنة 1957 وقد قرر مجلس إدارة الهيئة الأخيرة بجلسته المنعقدة في 24/ 3/ 1959 التصديق على قرار وزير الدولة للإصلاح الزراعي رقم 34 بتاريخ 28/ 7/ 1958 بتطبيق كادر الإصلاح الزراعي على موظفي الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي وموظفي مديرية التحرير ونظراً لأن القانون رقم 643 لسنة 1955 بإنشاء الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ينص في المادة السابعة على أن: "يعد مجلس الإدارة لائحة للهيئة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها ونظم أعمالها وحساباتها ونظم موظفيها وتشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التي تمنح لهم أو لغيرهم ممن يندبون أو يعارون إليها". ومن ثم فإن نظام الموظفين طبقاً لهذا النص كان يتعين أن يصدر بقرار من رئيس الجمهورية ولما كان هذا القرار لم يصدر بعد فلا تكون ثمة لائحة أو قواعد خاصة يعمل بها في شأن موظفي الهيئة، ويتعين الرجوع إلى القواعد العامة في هذا الخصوص وهي أحكام قانون الوظائف العامة عملاً بالمادة 13 من قانون المؤسسات العامة وأنه لما كان قانون نظام موظفي الدولة الصادر بالقانون رقم 210 لسنة 1951 ينص في المادة 30 منه على أن: "يخضع لنظام التقارير السنوية السرية جميع الموظفين لغاية الدرجة الثالثة... وتكتب هذه التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد أخذ رأي ديوان الموظفين" وتنص المادة 31 على أن: (يقدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي بالإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها ويعلن الموظف الذي يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه، ويترتب على تقديم التقرير بدرجة ضعيف حرمان الموظف من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها هذا التقرير" وقد استبان للمحكمة من الاطلاع على التقرير السري المقدم عن المدعي عن عام 1959 أن رئيسه المباشر قدر كفايته بدرجة جيد في كافة مفردات التقرير أعقبها مدير الإدارة بتقدير متوسط دون بيان التفصيل بمفردات التقرير وقد اعتمد المدير العام ذلك ولم يعرض التقدير على لجنة شئون الموظفين، وخلصت المحكمة إلى أنه وقد اتضح أنه لم تتبع في وضع التقرير السري الإجراءات والقواعد التي نص عليها القانون رقم 210 لسنة 1951 والتي يعتبر من الإجراءات الجوهرية الواجبة الاتباع في هذا النطاق ولم يستكمل بذلك مقوماته القانونية فلا يكون هناك أثر يترتب على التقرير المذكور ويكون القرار الصادر بحرمان المدعي من العلاوة قد اتسم بعيب عدم الاختصاص ومخالفة القانون مما لا محل معه لالتزام المواعيد القانونية عند المطالبة بإلغائه لانحدار القرار إلى درجة الانعدام وتكون الدعوى مقبولة شكلاً ويتعين الحكم بأحقية المدعي في علاوته الدورية المستحقة في 1/ 5/ 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وفي ذلك يقول تقرير الطعن إن المادة السادسة من القانون رقم 643 لسنة 1955 بشأن الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي وموظفي هيئة مديرية التحرير تنص على أنه: "لا تخضع الهيئة في أنظمتها وحساباتها وإدارة أموالها وقواعد تعيين موظفيها وترقياتهم وتأديبهم وسائر شئونهم للقواعد التي تجرى عليها الحكومة ونصت المادة السابعة على أن (يصدر مجلس الوزراء قراراً باللائحة الداخلية للهيئة...". وقد عدلت هذه المادة قرار رئيس الجمهورية الذي صدر في 10/ 7/ 1957 فأصبح نصها (يعد مجلس الإدارة لائحة للهيئة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها وتنظم أعمالها وحساباتها ونظم موظفيها وقواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافأة التي تمنح لهم أو لغيرهم).
وقد صدرت هذه اللائحة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 حيث نصت المادة الأولى منه على أن (يعمل باللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي المرافقة لهذا القرار من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية) ونصت المادة الثانية من القرار على أن (تلغى اللائحة الداخلية لاستصلاح الأراضي المؤرخة 25/ 10/ 1955 وكل قرار يخالف أحكام اللائحة المرافقة).
وترى الحكومة أن المادة الثانية المشار إليها وقد نصت على إلغاء اللائحة الداخلية لاستصلاح الأراضي المؤرخة في 25/ 10/ 1955 فإن مفاد هذا النص أن هذه اللائحة ظلت سارية المفعول منذ تاريخ صدورها حتى ألغاها قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 المشار إليه والصادر في 18 من ديسمبر سنة 1960 واستشهد تقرير الطعن بحكم صادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 23 لسنة 8 القضائية. وخلص التقرير إلى أنه (قد طبقت الطاعنة في حق المطعون ضده الإجراءات والقواعد التي كانت تسري على موظفي الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي في ظل أحكام القانون رقم 463 لسنة 1955 فإن تقدير كفاية المطعون ضده عن سنة 1959 يكون قد صدر مبرأ من عيب مخالفة القانون وانتهى تقرير طعن الحكومة إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث إنه يتعين للفصل فيما أثارته الحكومة في تقرير طعنها تقصي المراحل التي مرت بها التشريعات التي تحكم شئون العاملين بمؤسسة مديرية التحرير في 20 من مارس سنة 1954 صدر القانون رقم 148 لسنة 1954 بإنشاء مؤسسة مديرية التحرير ونصت المادة الرابعة منه على أن يقوم مجلس إدارة المؤسسة بجميع التصرفات اللازمة لتحقيق غرض المؤسسة دون التقيد بالنظم أو الرقابة المالية والإدارية المتبعة في المصالح الحكومية وذلك في حدود اللائحة المالية ولائحة التوظف اللتين يضعهما المجلس ويصدر بهما مرسوم وفي 2 من مارس سنة 1955 أصدر مجلس الوزراء قراراً باللائحة المالية ولائحة التوظف لمؤسسة مديرية التحرير.
وفي 3 من نوفمبر سنة 1957 صدر قرار رئيس الجمهورية بإدماج مؤسسة مديرية التحرير في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ونصت المادة الثانية منه على إلغاء القانون رقم 148 لسنة 1954 بإنشاء مؤسسة مديرية التحرير ويعمل بذلك من 3/ 11/ 1957 وواضح من ذلك أن المشرع قد ألغى القانون رقم 148 لسنة 1954 ولا شك أن هذا الإلغاء يتناول لائحته المالية والخاصة بالتوظف وذلك ابتداء من 3 من نوفمبر سنة 1957.
ومن حيث إن مؤسسة مديرية التحرير قد أدمجت من هذا التاريخ في الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي فيسري عليها كافة الأحكام واللوائح التي تنظم الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي، وقد صدر في 30 من مارس سنة 1954 القانون رقم 169 لسنة 1954 بإنشاء هذه الهيئة ونصت المادة الرابعة منه على أن يكون للهيئة لائحة داخلية تصدر بقرار منها بعد موافقة مجلس الوزراء وفي 25 من أكتوبر سنة 1955 أصدرت الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي قراراً باللائحة الداخلية استناداً إلى القانون رقم 149 لسنة 1954 وقد وافق عليها مجلس الوزراء.
ومن حيث إنه قد صدر بعد ذلك القانون رقم 643 لسنة 1955 بشأن الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ونصت المادة السابعة منه على أن (يصدر مجلس الوزراء قراراً باللائحة الداخلية للهيئة وتتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها في جميع شئونها وعلى الأخص في إدارة وتنظيم أعمالها وحساباتها ونظام موظفيها ويشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التي تمنح لهم أو لغيرهم ممن يندبون أو يعارون إليها) وقد عدلت هذه المادة السابعة بالقانون رقم 613 لسنة 1957 فأصبح نصها: (يعد مجلس الإدارة لائحة للهيئة تصدر بقرار من رئيس الجمهورية تتضمن النظم والقواعد التي تسير عليها وتنظم أعمالها وحساباتهم ونظام موظفيها ويشمل قواعد تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم والمكافآت التي تمنح لهم أو لغيرهم) وإعمالا لهذه المادة صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي ونصت المادة الثانية من هذا القرار على أن (تلغى اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي المؤرخة 25 من أكتوبر سنة 1955 وكل قرار يخالف اللائحة المرافقة).
ومن حيث إن مبنى الطعن أن النص في اللائحة الأخيرة على إلغاء اللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي المؤرخة 25 من أكتوبر سنة 1955 مفاده أن هذه اللائحة ظلت سارية المفعول منذ تاريخ صدورها حتى ألغاها القرار رقم 2270 لسنة 1960 المشار إليه والصادر في 18 من ديسمبر سنة 1960 للائحة الجديدة والتي لا تسري أحكامها على وقائع هذه الدعوى التي تحكمها لائحة 25 من أكتوبر سنة 1955.
ومن حيث إن هذا النظر غير سديد ولا يتفق مع قواعد التفسير الصحيح لأن النص على إلغاء تشريع لا يفيد حتماً افتراض صحة قيامه حتى يوقت الإلغاء لا سيما إذا لم يكن لهذا التشريع وجود قانوني بعد أن صدر القانون رقم 643 لسنة 1955 والذي ألغى القانون رقم 169 لسنة 1954 وقد استلزم بعد تعديله بقرار رئيس الجمهورية في 10 من يوليه سنة 1957 صدور اللائحة الداخلية للهيئة بقرار من رئيس الجمهورية وليس بقرار من مجلس الوزراء كما كان الحال في ظل القانون الملغي رقم 169 لسنة 1954.
ومن حيث إنه لم يصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2270 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي إلا في سنة 1960 ومن ثم لم يكن من الجائز إعمال لائحة 25 من أكتوبر سنة 1955 في حق المدعي بشأن التقرير السنوي عن أعماله سنة 1959 لأن هذه اللائحة لم يعد لها وجود قانوني ولا يصح افتراض إحيائها بأثر رجعي من مجرد النص على إلغائها بقرار لاحق والصحيح في منطق التفسير السليم أن المشرع وقد تكشف له خطأ استمرار العمل بهذه اللائحة بعد إلغاء القانون الذي صدرت تنفيذاً له وبعد أن أصبح من اللازم صدورها بقرار من رئيس الجمهورية وليس بقرار من مجلس الوزراء رأى النص صراحة على إلغائها لإزالة شبهة قيامها في الماضي يؤكد ذلك ويقطع به أن قرار رئيس الجمهورية لا يملك أن ينسحب على الماضي بما يمس المراكز القانونية التي اكتسبها العاملون بالهيئة خلال الفترة السابقة على العمل بالقرار رقم 2270 لسنة 1960 حيث أصبح من حقهم أن يعاملوا بأحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 بوصفه القانون العام الذي يتعين تطبيق أحكامه في حالة وجود فراغ تشريعي في الهيئات والمؤسسات العامة.
ومن حيث إنه متى كان الأصل أن أي تنظيم جديد لا يسري بأثر رجعي من شأنه أن يمس المراكز القانونية الذاتية التي ترتبت قبل صدوره إلا بنص خاص في قانون وليس بأداة أدنى كلائحة ومتى وضح ذلك يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن التقرير السنوي الذي وضع عن أعمال المطعون ضده عن سنة 1959 لم تتوفر فيه الضوابط والضمانات التي نص عليها قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 وذلك على الوجه المشروح تفصيلاً في أسباب الحكم المطعون فيه والتي تأخذ بها هذه المحكمة ولا ترى محلاً لترديدها.
ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعنة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.


قارن حكم المحكمة الإدارية العليا في القضيتين رقم 743، ورقم 748 لسنة 9 القضائية الصادرة بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1966 والمنشور بمجموعة السنة الثانية عشرة المبدأ رقم 5.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق