جلسة أول ديسمبر سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.
-------------------
(15)
القضية رقم 803 لسنة 9 القضائية
عمال القناة (إعانة غلاء المعيشة)
- تعيينهم على درجات بالميزانية طبقاً للقانون رقم 173 لسنة 1961 - استمرار تقاضيهم إعانة الغلاء التي كانت تمنح لهم قبل أن تزايلهم صفة عمال قناة - عدم الاعتداد بالقواعد الواردة في قرارات مجلس الوزراء التي تناولت تحديد إعانة غلاء المعيشة - مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1155 لسنة 9 القضائية ضد الهيئة العامة للبريد، بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في 20 من يونيه سنة 1962 بناء على قرار إعفاء من الرسوم القضائية صادر لصالحه من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بجلسة 19 من مايو سنة 1962 في طلب الإعفاء المقدم منه والمقيد برقم 978 لسنة 9 القضائية، وطلب في صحيفة دعواه "الحكم بأحقيته في تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس أول مربوط الدرجة التي عين فيها وهي المرتبة الخامسة (84/ 180جنيهاً) من أول يوليه سنة 1960، مع ما يترتب على ذلك من آثار بصرف الفروق المالية عن الماضي، وإلزام الهيئة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه إنه كان من عمال القناة والتحق بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في وظيفة مساعد ملاحظ بالفئة (160/ 360 مليماً). وفي أثناء الخدمة حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1952، ثم نقل إلى الهيئة العامة للبريد في 16 من أغسطس سنة 1958، وفي 20 من نوفمبر سنة 1960 أصدرت الهيئة قراراً بترقيته إلى الدرجة التاسعة (التي تقابل المرتبة الخامسة 84/ 180 جنيهاً) اعتباراً من أول يوليه سنة 1960 وقد ترتب على ذلك أن زاد مرتبه الشهري من أربعة جنيهات إلى سبعة جنيهات إلا أن الهيئة لم تمنحه إعانة غلاء المعيشة على أساس المرتب الجديد بل ثبتتها على أساس المرتب القديم على الرغم من أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 يقضي بمنحه إعانة غلاء المعيشة على أساس المرتب المقرر للمؤهل الذي حصل عليه من تاريخ حصوله على هذا المرتب. ومن ثم فقد أقام دعواه طالباً الحكم له بهذا. وقد أجابت الهيئة العامة للبريد عن الدعوى بأن المدعي كان من عمال القناة ثم ألحق بخدمة الهيئة العامة للسكك الحديدية بأجر يومي قدره 160 مليماً، ونقل بحالته إلى الهيئة العامة للبريد اعتباراً من 7 من أغسطس سنة 1958، ونظراً لأنه حصل في أثناء الخدمة على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1952 فقد صدر قرار بنقله إلى وظيفة بالدرجة التاسعة المؤقتة اعتباراً من 20 من نوفمبر سنة 1960 بمرتب شهري قدره سبعة جنيهات وهو أول مربوط المرتبة الخامسة المتوسطة طبقاً للجدول الملحق بالقرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بشأن نظام موظفي هيئة البريد. وبجلسة 13 من مارس سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات "بأحقية المدعي في تثبيت إعانة غلاء المعيشة له على أول مربوط المرتبة الخامسة (84/ 180 جنيهاً) ومقداره سبعة جنيهات شهرياً اعتباراً من20 من نوفمبر سنة 1960 تاريخ وضعه على هذه الدرجة على ألا تصرف له الفروق المالية إلا اعتباراً من 12 من نوفمبر سنة 1961 تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 173 لسنة 1961 وألزمت الهيئة المدعى عليها بالمصروفات وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماه". وأقامت قضاءها على أنه "إعمالا لأحكام المادة الخامسة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 173 لسنة 1961 فإنه يحق للمدعي أن تسوى حالته اعتباراً من تاريخ وضعه على درجة في الميزانية في 20 من نوفمبر سنة 1960 بأن يمنح أول مربوط الدرجة المعين عليها أي سبعة جنيهات شهرياً (أول مربوط المرتبة الخامسة المتوسط (84/ 180 جنيهاً) على ألا تصرف له أية فروق مالية سابقة على 12 من نوفمبر سنة 1961 تاريخ نشر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 173 لسنة 1961، وهذا المرتب الأخير يوازي ما هو مقرر لمؤهله طبقاً لقواعد كادر عمال القناة ومن ثم يتعين تثبيت إعانة غلاء المعيشة له على هذا المرتب اعتباراً من تاريخ الحصول عليه".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي كان يتقاضى عند تعيينه بالهيئة العامة للبريد مرتباً شهرياً قدره أربعة جنيهات طبقاً لأحكام القانون رقم 569 لسنة 1955، وكان يتقاضى إعانة غلاء المعيشة على أساس هذا المرتب وأنه لم يتقاض مرتب السبعة جنيهات شهرياً إلا طبقاً للقرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بشأن نظام موظفي هيئة البريد باعتباره حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، وأن المادة الخامسة من القانون رقم 173 لسنة 1961 نصت صراحة على أن يستمر منح عامل القناة إعانة غلاء المعيشة التي كان يحصل عليها قبل وضعه في الدرجة المقررة لمؤهله مع سريان هذا الحكم على من سبق تعيينهم قبل صدور هذا القانون.
ومن حيث إن القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القناة على درجات بالميزانية نص في المادة الثالثة منه على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعين من تثبت لياقته الطبية من العمال المؤهلين ممن ذكروا في المادة السابقة كل منهم بالدرجة التي يجيز مؤهله ترشيحه لها وفقاً لأحكام المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 ويمنح كل منهم مرتباً يوازي الأجر الشهري الذي يصرف له بالتطبيق لأحكام كادر عمال القناة ولو جاوز بداية الدرجة فإن كان يمنح أجراً يومياً حدد مرتبه في الدرجة على أساس أجره اليومي المذكور مضروباً في 25 يوماً دون مجاوزة بداية الدرجة فإذا كان المرتب في الحالتين طبقاً للوجه المبين فيما سبق أقل من بداية الدرجة فلا يمنح إلا المرتب". وإذ يبين من أوراق الطعن أن المدعي كان من عمال القناة وأنه التحق بخدمة الهيئة العامة للسكك الحديدة بأجر يومي قدره 160 مليماً، ثم نقل إلى الهيئة العامة للبريد بحالته توطئة لتعيينه على درجة بالميزانية، فإن أجره اليومي مضروباً في 25 يوماً يكون هو المرتب الشهري الذي يستحقه عند تعيينه على درجة بالميزانية وذلك دون اعتداد بالأجر الشهري المقدر للحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في كادر عمال القناة وقدره سبعة جنيهات شهرياً، لأن المدعي لم يكن حاصلاً على هذا المؤهل وقت أن ترك الخدمة بالجيش البريطاني بل حصل عليه في سنة 1952 بعد التحاقه بالهيئة العامة للسكك الحديدية، ومن ثم يكون الأساس في تحديد مرتبه الشهري عند وضعه على درجة بالميزانية هو الأجر اليومي الذي كان يتقاضاه مضروباً في 25 يوماً وتحدد إعانة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس هذا الأجر إعمالاً لما ورد بالبند سادساً من الكتاب الدوري رقم 11 الصادر من لجنة تنظيم عمال القناة في 21 من مارس سنة 1956 والذي جاء به أن "علاوة غلاء المعيشة لعمال القناة المؤهلين تصرف طبقاً للقواعد العامة، والمقصود بذلك هو احتساب تلك العلاوة على أساس الأجر المحدد بكادر عمال القناة..".
ومن حيث إن القانون رقم 173 لسنة 1961 في شأن تعيين عمال القناة على درجات بالميزانية ينص في المادة الخامسة منه على أن "يمنح عامل القناة عند وضعه في الدرجة المقررة لمؤهله أو لحرفته بداية ربطها أو أجره الحالي مضروباً في 25 أيهما أكبر ولو جاوز نهاية مربوط الدرجة ويستمر منحه إعانة غلاء المعيشة التي كان يحصل عليها إلى أن تتغير فئته أو طائفته طبقاً لقواعد منح هذه الإعانة وتسري هذه المادة على من سبق تعيينهم من عمال القناة قبل صدور هذا القانون من تاريخ وضعهم على درجات في الميزانية دون صرف فروق عن الماضي". ومفاد ذلك أن المشرع قد استحدث قاعدة خاصة بالنسبة لإعانة غلاء المعيشة التي تمنح لعمال القناة مقتضاها أن يستمر هؤلاء العمال في تقاضي إعانة غلاء المعيشة التي كانت تمنح لهم قبل أن تزايلهم صفة عمال قناة وهو بذلك قد راعى الوضع الخاص الذي كان عليه العمال المذكورون من حيث الأجور والمرتبات التي كانوا يتقاضونها إبان خدمتهم بالجيش البريطاني ولم يشأ أن يخضعهم للقواعد العامة التي تحدد على مقتضاها قيمة إعانة غلاء المعيشة المستحقة للعاملين بالدولة والتي تعتد أساساً بالأجر الذي كانوا يتقاضونه، هم أو زملاؤهم، في 30 من نوفمبر سنة 1950 ومن ثم فإن إعانة غلاء المعيشة التي تستحق لهؤلاء العاملين عند وضعهم على درجات بالميزانية تخضع في خصوص تحديد قيمتها للقاعدة التي نصت عليها صراحة المادة الخامسة من القانون رقم 173 لسنة 1961 السالفة الذكر، والتي تقوم على الاعتداد بالإعانة التي كان يتقاضاها هؤلاء العاملون طبقاً لكادر عمال القناة، ولا تخضع في هذا الخصوص للقواعد الواردة في قرارات مجلس الوزراء التي تناولت تحديد هذه الإعانة ومن بينها القاعدة التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 - الذي يطلب المدعي تطبيقه والتي تقضي بمعاملة الموظفين الذين ثبتت لهم إعانة غلاء المعيشة على أساس ماهياتهم في 30 من نوفمبر سنة 1950 ثم حصلوا على شهادات دراسية أعلى من هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات أو الماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة على أساس منحهم إعانة الغلاء على الماهية الجديدة من تاريخ حصولهم عليها.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن الهيئة العامة للبريد، إذ منحت المدعي إعانة غلاء المعيشة التي كان يتقاضاها قبل وضعه على درجة بالميزانية وهي الإعانة المقدرة على أساس الراتب الذي كان يتقاضاه وقدره أربعة جنيهات شهرياً، تكون قد أصابت الحق وطبقت القانون في حق المدعي تطبيقاً سليماً، ويكون طلب المذكور تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 في شأنه ومنحه إعانة غلاء المعيشة على مقتضاه في غير محله، ذلك أن هذا القرار على ما سلف البيان - لا ينطبق على حالته التي لا تسري في شأنها إلا حكم المادة الخامسة من القانون رقم 173 لسنة 1960 الذي يعتد بإعانة غلاء المعيشة التي كان يتقاضاها العامل قبل تعيينه على درجة بالميزانية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق