جلسة 31 من ديسمبر سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمدي الخولي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.
--------------
(458)
الطعن رقم 713 لسنة 48 قضائية
عقد "عيوب الرضا" استغلال.
الغبن في التعاقد م. 129 مدني شرطه. استغلال حاجة المتعاقد وعدم خبرته لا يعد غبناً في مفهوم هذه المادة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 7178 لسنة 1979 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضده طالباً الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف سداد باقي أقساط ثمن السيارتين المبينتين بصحيفة الدعوى اللتين اشتراهما منه وفي الموضوع بتحديد ثمنها بمبلغ 7000 ج وقال الطاعن بياناً لدعواه أن المطعون ضده أغراه بشراء هاتين السيارتين بمقولة أن ثمنهما يقل عن سعر السوق وأنه سيسقطه جمعية على أجل طويل فاشتراهما منه تحت تأثير هذا الإغراء بعقدي بيع مع الاحتفاظ بالملكية أولهما مؤرخ 19 - 5 - 1975 عن سيارة لانشيا ثمنها 6000 ج وثانيهما مؤرخ 18 - 2 - 1976 عن سيارة تويوتا ثمنها 9000 ج ونظراً لما تبين، بعد أن دفع من أقساطهما مبلغ 6650 ج، أن قيمتها في تاريخ البيع 3000 ج للسيارة الأولى و4000 ج للسيارة الثانية مما يعد غبناً له فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته وبتاريخ 3 - 1 - 1977 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 408 لسنة 94 ق، وبتاريخ 6 - 3 - 1978 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم إذ أقام قضاءه بانتفاء الغبن على عدم ثبوت استغلال المطعون ضده فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً رغم أن مجرد ثبوت عدم التعادل بين الالتزامات المتقابلة يوفر حالة الغبن المنصوص عليها في المادة 109 من القانون المدني دون حاجة لاشتراط استغلال طيش بين أو هوى جامح في المغبون فإنه يكون قد خالف القانون. كما أن الحكم إذ التفت عن طلبه ندب خبير لتقدير قيمة السيارتين لإثبات خطأ المطعون ضده المبني على سوء نيته قبل التعاقد والذي يستغرق تقصيره هو في الإلمام بسعر السوق رغم دلالة ذلك في إثبات الغبن فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لتطبيق المادة 129 من القانون المدني أن يكون المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً بمعنى أن يكون هذا الاستغلال هو الذي دفع المتعاقد المغبون إلى التعاقد وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن المبنية على الغبن على أنه لم يدع أن المطعون ضده قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً وأن ما ذهب إليه الطاعن من أن الأخير استغل فقط حاجته وعدم خبرته - بفرض صحته لا يعتبر غبناً في مفهوم المادة 129 من القانون المدني فإنه يكون قد التزم صحيح القانون) - وإذ كان الحكم قد رد على سبب استئناف الطاعن المبني على عدم إجابة محكمة أول درجة طلبه ندب خبير لتقدير قيمة السيارتين لإثبات المغالاة في ثمنها بأنه غير منتج في الدعوى طالما أنه لم يدع أن المطعون ضده قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً، وكان هذا الرد من الحكم كافياً لحمل قضائه فإن النعي في جملته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أن الحكم إن استند في تأييد حكم محكمة أول درجة إلى عدم جواز قبول الدعوى لرفعها بعد مضي سنة على تاريخ التعاقد رغم أنه أقامها قبل انقضاء هذا الميعاد فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنها خلت مما نسبه إليها الطاعن بسبب النعي فيكون وارداً على غير محل من القضاء المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان يقول أنه أثار بصحيفة الدعوى أنه كان ضحية حيل من المطعون ضده ودفعته إلى شراء السيارتين منه مما يعتبر تدليساً عليه يعيب إرادته ويبطل التصرف الصادر منه بشأنها طبقاً للمادتين 125, 126 من القانون المدني وإذ لم يبحث الحكم مدى تحقيق وقائع هذا التدليس وشروطه في الدعوى فإنه يكون مشوباً يعيب الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد تناول هذا الدفاع الذي أثاره الطاعن بصحيفة الاستئناف بقوله "أن النعي على العقدين موضوع الدعوى بالتدليس مردود ذلك أن ما ساقه المستأنف من تحديد لعناصر هذا التدليس بمقولة أن المستأنف عليه أغراه بالشراء بأن أفهمه أن السيارتين من طرازات خاصة وثمنهما أقل من سعر السوق وأن مبيعهما له بدون مقدم ثمن وبأقساط ميسرة بعيدة الأجل، كل ذلك مألوف في التعامل ولا يعتبر تدليساً..." وإذ كان هذا الذي أورده الحكم يعتبر رداً سائغاً على دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق