جلسة 11 من فبراير سنة 1961
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.
----------------
(90)
القضية رقم 517 لسنة 5 القضائية
موظف - مؤهل دراسي - تعيين - مدة خدمة سابقة
- موظفو حكومة السودان المبعدون منها سياسياً - قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 1/ 1926 في شأنهم - تقريره إعفاءهم من شرط الحصول على المؤهل الدراسي استثناء عند تعيينهم في الحكومة المصرية - عدم امتداد هذا الاستثناء إلى إفادتهم من القواعد التنظيمية الموضوعة لحملة المؤهلات - أساس ذلك - مثال بالنسبة إلى قواعد ضم مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة وفقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20/ 8 و15/ 10/ 1950.
إجراءات الطعن
في 18 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 20 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 486 لسنة 4 القضائية المرفوعة من السيد/ أحمد صبري زايد ضد الهيئة العامة للسكك الحديدية القاضي "بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة في المدة من 21 من مارس سنة 1928 إلى 31 من أكتوبر سنة 1933 كاملة في الأقدمية بالتطبيق لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليها بنصف المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلنت الحكومة بالطعن في 7 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 20 من يونيه سنة 1959 وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 29 من مايو سنة 1960 ثم تدوولت القضية بالجلسات إلى أن نظرت أخيراً بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1960 وفيها قررت الهيئة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لجلسة 14 من يناير سنة 1961 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق -تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 30 من يوليه سنة 1957 أقام المدعي الدعوى رقم 486 لسنة 4 القضائية ضد رئيس الهيئة العامة لسكك حديد الجمهورية المصرية طالباً الحكم: "أولاً - باعتباره مؤهلاً للخدمة بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يناير سنة 1926 رقم 150 - 9/ 5 وثانياً - باعتبار أقدميته من تاريخ تعيينه في الخدمة أي من 28 من مارس سنة 1928" وقال في بيان ذلك ما محصله أنه صدر قانون بدل التخصص وصرف ذلك البدل إلى جميع زملائه الذين يجمعه وإياهم عمل واحد ووظيفة واحدة ومصلحة واحدة وحرم المدعي وحده بحجة أنه غير حاصل على مؤهل دراسي وهو ما لا يتفق وحكم القانون للأسباب الآتية: أولاً - في 27 من يونيه سنة 1950 صدر كتاب دوري المالية رقم ف 245 - 1/ 105 م 2 المنظم لطريقة منح بدل التخصص للمهندسين الصادر به القانون رقم 67 لسنة 1950 واشترط فيمن يصرف إليهم هذا البدل من المهندسين "أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة، أو يكون حاصلاً على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية" وقد ثار الخلاف حول تفسير هذه الفقرة فأحيل الموضوع إلى الشعبة الثانية لقسم الرأي بمجلس الدولة فأفتت بأن لكل موظف تسند إليه أعمال هندسية بحتة متى كان يشغل بالفعل وظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين ويقوم بأعبائها أن يتقاضى بدل التخصص بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 سواء أكان حائزاً للمؤهل العلمي الذي نصت عليه المادة الثالثة من قانون المهن الهندسية أم غير حائز له وسواء أكان يحمل بطاقة العضوية بالنقابة أم لا يحملها، وبناء على هذه الفتوى أصدر ديوان الموظفين الكتاب الدوري رقم 21 لسنة 1953 معدلاً لكتاب دوري المالية رقم ف 245 - 1/ 105 م 2 على النحو التالي "أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهي تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو يكون حاصلاً على لقب مهندس أو يشغل بالفعل وظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين" وقد طبقت وزارات الحكومة ومصالحها أحكام هذا الكتاب الدوري عدا مصلحة السكة الحديد ولم ينقطع الخلاف حول هذا الموضوع مما دعا ديوان الموظفين إلى إصدار الكتاب الدوري رقم 81 لسنة 1953 متضمناً تفسيراً أوسع نطاقاً مما سبقه وقد جاء به ما يأتي "1 - أن يكون المهندس حاصلاً على شهادة جامعية و ما يعادلها وهي ما تؤهل للتعيين في الدرجة السادسة أو يكون حاصلاً على لقب مهندس سواء من نقابة المهن الهندسية أو بحكم الوظيفة التي يشغلها حسب وضعها في الميزانية. 2 - ويشترط في جميع الأحوال أن يكون شاغلاً لوظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين ويقوم بأعمالها الهندسية البحتة بصفة فعلية" ثم اتبع الديوان ذلك الكتاب الدوري بمنشور تفسيري في 13 من يناير سنة 1954 جاء به ما يأتي: أ - ويرى الديوان أن المقصود من الفقرة التي تشترط أن يكون شاغلاً لوظيفة من الوظائف المخصصة في الميزانية للمهندسين هو أي وظيفة أعمالها هندسية إذ أن عمل الوظيفة هو الذي يعين وصفها وقد أكدت الفقرة الأخيرة من الشرط هذا المعنى عندما ذكرت "ويقوم بأعمالها الهندسية البحتة بصفة فعلية". ب - أما من الذي يفصل فيما إذا كانت الوظيفة أعمالها هندسية أم لا فيرى الديوان "أن الوزارة المختصة هي التي تقرر ذلك". ومفاد هذا أن أي موظف يشغل أي وظيفة تقرر الوزارة المختصة أن أعمالها هندسية يتقاضى بدل التخصص من أول فبراير سنة 1950 دون نظر إلى حصوله أو عدم حصوله على مؤهل دراسي وبتطبيق هذه القاعدة على المدعي يبين أن وظيفته في الميزانية هي وظيفة معاون وهي مدرجة في الميزانية ضمن وظائف الكادر الفني المتوسط وهي وظائف هندسية بحتة بفرع هندسة السكة والأشغال، وقد جاء بكتاب مفتش تفتيش المشروعات إلى السيد المفتش العام المؤرخ 17 من سبتمبر سنة 1953 في شأن المدعي "أنه يقوم فعلاً وبجدارة ملحوظة بأعمال هي من صميم عمل المهندس..." كما جاء بكتاب مفتش عام هندسة السكة والأشغال إلى السيد المدير العام المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1954 أن المدعي "وإن كان غير حاصل على مؤهلات دراسية وغير مقيد بنقابة المهن الهندسية إلا أنه قائم بأعمال هندسية بحتة بصفة فعلية مما قد يؤهله لاعتباره مهندساً بحكم الأعمال الهندسية التي يقوم بها..." وقد قررت اللجنة المشكلة بتفتيش السكة والأشغال استحقاق المدعي لبدل التخصص بالتطبيق لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1950 والكتب التفسيرية الصادرة في شأنه، وكل ذلك يعتبر كاشفاً لطبيعة الوظيفة التي يشغلها المدعي في الميزانية، ويضيف المدعي إلى ما تقدم أنه في 21 من يناير سنة 1926 وافق مجلس الوزراء على مذكرة اللجنة المالية التي رأت فيها جواز تعيين موظفي حكومة السودان مع عدم التقيد بتقديم شهادات دراسية مصرية اكتفاء بالخبرة التي اكتسبوها من خدمتهم لحكومة السودان إذ اعتبرت اللجنة المالية أن هذه الخبرة يمكن أن تقوم مقام الشهادات، لكل ما تقدم لا تكون المصلحة محقة في حرمان المدعي من الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بمقولة أنه لا يحمل مؤهلاً دراسياً ومن أجل ذلك أقام المدعي هذه الدعوى. وقد ردت الهيئة على الدعوى فقالت أن المدعي حاصل على شهادة من كلية غردون تفيد أنه أتم البرنامج الابتدائي من مدرسة عطبرة الابتدائية وأنه التحق بخدمة سكة حديد السودان بوظيفة Special apparentice بماهية قدرها ستة جنيهات بدون درجة من 15 من يناير سنة 1922 وفصل من الخدمة في 23 من مارس سنة 1928 لعدم تقدمه تقدماً مرضياً، وقد التحق بخدمة الحكومة المصرية في 21 من مارس سنة 1928 بوظيفة رسام مؤقت بعقد بمرتب ستة جنيهات شهرياً صرفاً على الأعمال الجديدة، واعتبر في الدرجة الثامنة بالكادر الفني المتوسط من 31 من أكتوبر سنة 1933 ورقي إلى الدرجة السابعة من أول مارس سنة 1936 - وسويت حالته طبقاً لكادر العمال ثم رقي إلى الدرجة السادسة المخصصة لوظيفة معاون من 30 من أغسطس سنة 1948، وفي موضوع الدعوى قالت الهيئة أنه في 10 من يناير سنة 1926 صدر قرار من مجلس الوزراء بإعفاء المبعدين السياسيين عن السودان من تقديم مؤهلات دراسية وهذا لا يعتبر اعترافاً من الحكومة بحصولهم على مؤهلات دراسية ومن ثم يجب للإفادة من أي قاعدة تنظيمية لها علاقة بالمؤهل الدراسي أن يثبت هؤلاء المبعدون حصولهم على مؤهل دراسي، ولم يمنح المدعي بدل تخصص لأنه غير حاصل على مؤهل جامعي كما أنه غير حاصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية، هذا فضلاً عن أن قرار رئيس الجمهورية الصادر في 13 من يوليه سنة 1957 في شأن بدل التخصص يقضي بأن يمنح بدل التخصص للمهندسين الحاصلين على لقب مهندس بالتطبيق لنص المادة الثالثة من القانون رقم 89 لسنة 1946 بشرط أن يكونوا شاغلين لوظائف هندسية مخصصة في الميزانية لمهندسين وأن يكونوا مشتغلين بصفة فعلية بأعمال هندسية بحتة، والمدعي غير حاصل على لقب مهندس من نقابة المهن الهندسية، ثم قالت الهيئة أن المدعي عين بالدرجة الثامنة بالكادر الفني المتوسط من 31 من أكتوبر سنة 1933 ولا توجد قاعدة تنظيمية تجيز رد أقدميته في هذه الدرجة إلى تاريخ تعيينه الأول وانتهت الهيئة من ذلك إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 20 من يناير سنة 1959 حكمت المحكمة بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة في المدة من 21 من مارس سنة 1928 إلى 31 من أكتوبر سنة 1933 كاملة في الأقدمية بالتطبيق لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها بنصف المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان للمبعدين سياسياً من حكومة السودان الحق في ضم مدد الخدمة السابقة حسب قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير سنة 1944 و11 من مايو سنة 1947 ولو لم يكونوا حاصلين على المؤهل الدراسي اللازم إذ أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يناير سنة 1926 قد أعفى المبعدين سياسياً من حكومة السودان من الشروط التي يستلزمها القانون للالتحاق بالوظيفة المعادلة لوظائفهم السابقة بحكومة السودان ومن هذه الشروط التي تناولها الإعفاء شرط الحصول على مؤهل دراسي اكتفاء بما حصل عليه الموظفون المذكورون من خبرة ودراية أثناء عملهم بحكومة السودان إلا أنه عند ضم مدد خدمتهم السابقة يجب أن تتوافر فيهم الشروط الأخرى التي استلزمها كل من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير سنة 1944 و11 من مايو سنة 1947" وبعد أن فصلت المحكمة شروط القرارين المذكورين قالت أن "مدة خدمة المدعي السابقة بحكومة السودان من 15 من يناير سنة 1922 إلى 23 من فبراير سنة 1923 لا يجوز حسابها في الأقدمية وتحديد الماهية بحسب قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير سنة 1944 و11 من مايو سنة 1947 إذ لم يتوافر في مدة خدمته هذه شرط ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات كما لم يتوفر فيها شرط ألا تزيد مدة ترك العمل على سنتين (حسب القرار الأول) أو على خمس سنوات (حسب القرار الثاني) ذلك أن المدعي لم يمكث في خدمة حكومة السودان غير ثلاثة عشر شهراً وبضعة أيام كما أنه لم يلتحق بخدمة الحكومة المصرية بعد إبعاده من حكومة السودان لسبب سياسي من 23 من فبراير سنة 1923 إلا في 21 من مارس سنة 1928" أما عن مدة خدمة المدعي بالحكومة قبل تعيينه في الدرجة الثامنة في 31 من أكتوبر سنة 1933، وهي المدة من 21 من مارس سنة 1928 إلى 30 من أكتوبر سنة 1933 فتقول المحكمة في شأنها أنه "متى اعتبر المدعي معفي من شروط الحصول على المؤهل الدراسي اللازم للتعيين في الدرجات المقررة للمؤهلات الدراسية لأنه من المبعدين سياسياً من حكومة السودان تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يناير سنة 1926، فإنه يطبق عليه قرارا مجلس الوزراء الصادران في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بشأن حساب المدد التي قضيت على اعتمادات في درجة أو على غير درجة في الأقدمية" ثم قالت المحكمة في شأن بدل التخصص "أنها ترى عدم الالتفات إلى هذا الطلب لعدم تعلقه بالطلبات الواردة في ختام صحيفة الدعوى والتي أصر عليها المدعي أثناء نظر الدعوى".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه من المشكوك فيه أن المدعي أبعد من السودان إبعاداً سياسياً وعلى فرض أنه أبعد لأسباب سياسية فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يناير سنة 1926 الذي أعفى المبعدين السياسيين من تقديم المؤهلات الدراسية عند التعيين في الحكومة المصرية لا يعتبر تأهيلاً لهم ولا يجعلهم في عداد المؤهلين؛ ومن ثم لا يعاملون على أساس أنهم مؤهلون في جميع الأحوال، فلا يطبق عليهم القراران الصادران في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 الخاصان بضم مدد الخدمة السابقة للمؤهلين بل أن ثمة صعوبة عملية في تطبيق القرارين في هذه الحالة إذ من المقرر أن هذه المدد إنما تضم في الدرجة المقررة للمؤهل فإذا لم يكن الموظف في الواقع حاصلاً على مؤهل، فإنه يتعذر تبعاً لذلك تحديد الدرجة التي تضم إليها مدة الخدمة السابقة، وهذا يؤدي إلى أن تضم مدد الخدمة السابقة لمن كان في مثل حالة المدعي سواء كان في الدرجة السادسة أو الخامسة أو ما فوق ذلك وهي نتيجة غير مقبولة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما ذهب إليه.
ومن حيث إنه في 10 من يناير سنة 1926 رفعت اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء مذكرة في شأن تعيين المبعدين سياسياً من السودان في الحكومة المصرية أشارت فيها أولاً إلى قرارين سابقين صادرين من مجلس الوزراء في 28 من يونيه و16 من ديسمبر سنة 1925 بشروط استخدام الموظفين المذكورين ثم قالت أن اللجنة المالية "قد أعادت النظر في هذه القواعد والشروط فرأت أنها تتعارض في تطبيقها مع الغرض الذي رمت إليه اللجنة من وضعها وهو كما جاء في مذكرتها أن ظروفهم جديرة بكل تقدير وأنه من العدالة أن تسهل لهم الحكومة المصرية طرق الارتزاق ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً. فالقاعدة الأولى تقضي باستيفاء هؤلاء الموظفين الشروط المنصوص عليها لتعيين الموظفين بالقطر المصري وقتما عينوا هم بحكومة السودان ولما كان الحصول على شهادات دراسية مصرية شرطاً أساسياً للانتظام في السلك الدائم بالحكومة المصرية بعد الأمر العالي الصادر في 24 من يونيه سنة 1901 ولما كان المفروض أن المرشحين المصريين الذين لم يستوفوا شروط الاستخدام بالحكومة المصرية من حيث الشهادات الدراسية هم الذين لجأوا إلى حكومة السودان وأن معظم المحالين إلى المعاش من حكومة السودان الآن قد التحقوا بخدمتها بعد 24 من يونيه سنة 1901 فكأن تطبيق هذا الشرط لن يسمح للمصالح المختلفة بإلحاق هؤلاء البائسين بالوظائف التي قد تخلو فيها فتضيع الفائدة التي رأت اللجنة المالية من أجلها أن ظروفهم جديرة بكل تقدير وأن من العدل أن تسهل لهم الحكومة المصرية طرق الارتزاق ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً كما تقدم، لذلك تقترح اللجنة تعديل القاعدة المذكورة بإجازة تعيين هذه الفئة من الموظفين والمستخدمين في الوظائف التي تخلو في مصالح الحكومة المختلفة مع عدم التقيد بتقديم شهادات دراسية مصرية اكتفاء بالخبرة التي اكتسبوها من مدة خدمتهم بحكومة السودان وهي خبرة يمكن أن تقوم مقام الشهادات..." وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 21 من يناير سنة 1926 على رأي اللجنة المالية الوارد بهذه المذكرة.
ومن حيث إنه واضح مما تقدم أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يناير سنة 1926، إنما هدف أساساً إلى استثناء موظفي حكومة السودان المبعدين سياسياً - عند تعيينهم في الحكومة المصرية - من شرط الحصول على مؤهلات دراسية تقديراً للظروف الخاصة التي أحاطت بهم، لا إلى اعتبارهم حاصلين على مؤهلات دراسية، وفرق ظاهر بين الحالين، ومن ثم فإن هذا الاستثناء مقصور الأثر على مجرد التعيين في الحكومة المصرية دون أن يمتد أثره إلى إفادة هذه الفئة من الموظفين من القواعد التنظيمية التي توضع لحملة المؤهلات الدراسية من موظفي الحكومة.
ومن حيث إن قراري مجلس الوزراء الصادران في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة قد خصا أرباب المؤهلات الدراسية بميزة الانتفاع بضم هذه المدد السابقة، سواء أكانت قضيت في درجة أو في غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو على اعتماد أو بمكافأة أو في التمرين ما دامت الخدمة حاصلة في الحكومة المركزية، ولما كان المدعي غير حاصل على مؤهل دراسي فإنه لا يفيد من أحكام القرارين المذكورين، ولا يشفع له في ذلك إعفاؤه من شرط الحصول على مؤهل دراسي عند تعيينه في الحكومة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1926 حسبما سلف البيان.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتطبيق أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 في حق المدعي قد خالف القانون ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق