الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

الطعن 448 لسنة 6 ق جلسة 25 / 3 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 103 ص 795

جلسة 25 من مارس سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(103)

القضية رقم 448 لسنة 6 القضائية

مدة خدمة سابقة - شرط ضمها 

- اشتراط قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947 اتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته - عدم توافر هذا الشرط إذا كان العمل السابق قارئ عدادات أو مراقب تابلوه والعمل الجديد مدرس رياضة أو علوم - أساس ذلك.

------------------
أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بحساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية يستلزم توافر الشروط الآتية: (1) ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات. (2) أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته. (3) ألا تقل المؤهلات الدراسية خلال مدة الخدمة السابقة عنها خلال مدة الخدمة الحالية. (4) ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة. (5) ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك. (6) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات، فإذا انتفى شرط من هذه الشروط كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد وامتنع ضم مدد الخدمة السابقة. وأن وظيفة قارئ عدادات لا تتفق في طبيعتها مع وظيفة مدرس رياضة أو علوم - وبالمثل وظيفة مراقب تابلوه - ذلك أن مثل هذا العمل لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تحتاج إليه وظيفة مدرس الرياضة أو العلوم فبينما يلاحظ في طبيعة العمل بالمصنع أنه آلي محض لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد عقلي أو تربوي أو إلمام علمي منهاجي؛ إذ بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وقدرة على سبر أغوارهم وترويض عقولهم، وهم أنماط من الخلق والاستعداد، وتفهم شكاتهم ونقط ضعفهم وملكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم في يسر بالأصول العلمية. فمستوى المدرس لا شك في أنه أرفع في طبيعته، كما أن دائرة اختصاصه أشمل وأهم فالعملان وإن تشاركا في بعض النواحي العملية، إلا أنهما متباينان في المستوى وفي نطاق اختصاص كل منهما.
وعلى مقتضى التحديد المتقدم يكون شرط تجانس العمل السابق مع وظيفة المدعي الحالية كمدرس علوم بوزارة التربية والتعليم متخلفاً الأمر الذي يحول دون الاعتداد بخدمته كمراقب تابلوه بصالة الكهرباء بقسم الورش بشركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار لاختلاف الطبيعة الفنية في كل من عمله السابق وعدم تحاذيهما من حيث الاستعداد أو التأهيل أو الاختصاص وعدم تأثير العمل الأول في إكسابه خبرة يفيد منها في ممارسته عمله الجديد في تربية النشئ وتثقيفه تلك الخبرة التي هي علة ضم مدد الخدمة السابقة ومناطه، ذلك أن تماثل طبيعة العمل في كلتا الوظيفتين بناء على الأصل القائم على اكتساب الخبرة هو شرط أساسي لضم المدة، لا بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 فحسب، بل وفقاً لأحكام ومفهوم قرارات ضم مدد الخدمة السابقة التي صدرت بعد ذلك كافة.


إجراءات الطعن

في 4 من يناير سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن السيد وزير التربية والتعليم التنفيذي بالإقليم المصري سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 448 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1959 في الدعوى رقم 263 لسنة 6 القضائية المقامة من سعد عبد الله إبراهيم ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "باستحقاق المدعي حساب نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار والواقعة من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار والفروق المالية من تاريخ استحقاقها، مع إلزام الحكومة المصروفات" وطلب السيد الطعن - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه لما أبدته به من أسباب إلى أنها ترى "قبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبرفضها موضوعاً". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 14 من يناير سنة 1960، وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم المذكور مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5 من مارس سنة 1961، وفي 25 من فبراير سنة 1961 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 25 من مارس سنة 1961. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 263 لسنة 6 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 11 من يونيه سنة 1959 ذكر فيها أنه عين في 26 من نوفمبر سنة 1951 في وظيفة مدرس علوم بمدرسة كفر الدوار الابتدائية القديمة، وفي سنة 1957 نقل إلى وظيفة أمين معمل، وله مدة خدمة سابقة بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 يحق له ضمها إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية لتوافر جميع الشروط في حالته، إلا أن الجهة الإدارية ترفض هذا الضم بحجة أن عمله كمدرس علوم لا يتفق تماماً وعمله في الشركة المذكورة. وهذه الحجة مردودة بأنه كان يعمل مراقباً للكهرباء بالشركة، وأن هذا العمل بتماثل مع عمله كمدرس علوم لقيام العملين على أسس واحدة وتجارب مشتركة، يؤكد هذا أنه نقل في سنة 1957 إلى وظيفة أمين معمل وعملها ظاهر الانطباق على عمله كمراقب كهرباء. وقد استقر القضاء الإداري على أن الشرط الخاص باتفاق العمل السابق مع العمل الحالي في طبيعته لا يعني اتحادهما وإلا لورد النص على وجوب أن تكون الوظيفة السابقة هي بعينها الوظيفة الحالية، وإنما يكفي أن يتحد العملان في طبيعتهما الفنية وما يلزم لهما من مؤهلات دون أن يستلزم ذلك أن يكون الاختصاص واحداً في العملين أو أن يكونا متطابقين تطابقاً تاماً بحيث يتحاذيا من جميع الوجوه. وهذا هو ما جرى به قضاء محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا. ومن ثم فإنه يطلب "الحكم بأحقيته في ضم مدة خدمته السابقة بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف". وقد ردت الجهة الإدارية على هذه الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة مدرس بمدرسة كفر الدوار الابتدائية بالإذن رقم 199 المؤرخ 16 من يناير سنة 1952 اعتباراً من 26 من نوفمبر سنة 1951 بماهية قدرها 8 جنيهات و500 مليم شهرياً بمؤهل هو دبلوم المدارس الصناعية عام 1944 ودبلوم الدراسات التكميلية المسائية للمعلمين عام 1951. وقد كان لهذا الدبلوم الأخير الاعتبار الأول في التعيين إذ أن هذا المؤهل تربوي ولم يكن هو حاصلاً عليه خلال فترة عمله بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار في وظيفة مراقب تابلوه من 3 من نوفمبر سنة 1944 حتى 23 من نوفمبر سنة 1951 - فكأن مدة خدمته السابقة التي يريد ضمها كانت في ظل مؤهل أقل من مؤهل التعيين في وظيفة مدرس، مما يؤدي إلى عدم انطباق قرار 11 من مايو سنة 1947 على حالته. ومن ناحية أخرى فإن عمل مراقب تابلوه لا يماثل ولا يتحد في طبيعته الفنية مع عمل مدرس، ذلك أن مهمة مراقب تابلوه وهي قراءة العدادات لا تفيد من قريب أو بعيد ولا تؤثر إطلاقاً على خبرة المدرس التي هي مناط الحكمة في ضم مدد الخدمة السابقة؛ ذلك أن وظيفة المدرس تقوم أساساً على تربية النشئ، ولا يمكن أن يتحاذى عمل المدرس مع عمل مراقب العدادات. ولما كان ضم مدد الخدمة السابقة إجراء استثنائياً لا يجوز التوسع فيه، وكان المدعي نفسه قد رأى عدم تحاذي العمل السابق مع اللاحق بدليل أنه لم يذكر مدة خدمته السابقة بالاستمارة رقم 103 الخاصة ببيان حصر مدد الخدمة السابقة، لذلك تكون دعواه جديرة بالرفض وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه لما أبداه به من أسباب إلى أنه يرى "الحكم بأحقية المدعي في ضم نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في وظيفة مراقب تابلوه بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية، وما يترتب على ذلك من آثار منها صرف الفروق كاملة، مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف". وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية "باستحقاق المدعي حساب نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار والواقعة من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 - وما يترتب على ذلك من آثار والفروق المالية من تاريخ استحقاقها، مع إلزام الحكومة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن المقصود بالشرط الخاص باتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته هو أن يتماثل العملان، لا أن يكون الاختصاص واحداً في كلا العملين، أو أن يكون كل منهما مطابقاً للآخر تمام المطابقة، بحيث يتحاذى العملان من جميع الوجوه، وإنما يكفي أن يكون العمل السابق بحسب الاستعداد فيه والتأهيل له متماثلاً في الطبيعة مع العمل الجديد، ومتى كان الثابت أن المدعي كان حاصلاً على دبلوم المدارس الصناعية الثانوية في سنة 1944 قبل تعيينه في شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار، وأن عمله في الشركة كان عملاً فنياً يتماثل في طبيعته مع عمل مدرس الرياضة والعلوم في المدارس الابتدائية والإعدادية من حيث الاستعداد والمؤهلات الدراسية الواجبة، فإنه يتعين اعتبار عمل المذكور السابق متحداً في طبيعته مع عمله الحالي. ولا حجة في الاعتداد بدبلوم الدراسات التكميلية المسائية للمعلمين. إذ أن وزارة التربية والتعليم لم تكن حتى سنة 1951 التي حصل عليها على هذا المؤهل قد سنت قاعدة توجب أن يكون المدرسون من الحاصلين على مؤهلات تربوية، ولم تستحدث هذه القاعدة إلا بعد سنة 1955، وعلى ذلك لم يكن المؤهل المشار إليه هو محل الاعتبار الأول في تعيين المدعي في الخدمة، بل كان مؤهلاً إضافياً، وإنما المؤهل الأساسي هو دبلوم المدارس الصناعية الثانوية سنة 1944، وهو خلال مدة خدمته السابقة لا يقل عنه خلال مدة خدمته الحالية. ولما كانت المدة التي مضت بين تركه العمل في الشركة وبين التحاقه بعمله الحالي في وزارة التربية والتعليم لم تجاوز ثلاثة أيام، فإنه يكون قد توافرت في حقه جميع الشروط التي أوردها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 لحساب مدد الخدمة السابقة. فضلاً عن أنه قد استوفى أيضاً شرط طلب الضم في المواعيد المقررة طبقاً لأحكام هذا القرار إذ أثبت ذلك في طلبه المؤرخ 26 من نوفمبر سنة 1951 وهو ذات اليوم الذي عين فيه في خدمة الوزارة. ومن ثم فإنه يكون على حق في طلباته التي يتعين إجابته إليها، مع استحقاقه للفروق المالية الناتجة عن هذه التسوية، إذ الثابت أنه لم يدركها التقادم الخمسي المسقط بسبب ما قدمه من طلبات وشكاوى قاطعة لسريان هذا التقادم. وقد طعنت وزارة التربية والتعليم التنفيذية في هذا الحكم بعريضة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 4 من يناير سنة 1960 طلبت فيها "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". واستندت في أسباب طعنها إلى أن وظيفة التدريس كما استظهرتها أحكام المحكمة الإدارية العليا تقضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وقدرة على سبر أغوارهم وهم أنماط من الخلف والاستعداد وتفهم شكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم بالأصول العلمية، فمستوى المدرس لا شك أرفع في طبيعته ودائرة اختصاصه أشمل وأعم. ولما كان المدعي خلال مدة خدمته السابقة يعمل في وظيفة مراقب تابلوه بقسم الكهرباء بشركة مصر للغزل والنسيج بقسم الورش وهو عمل آلي لا يحتاج إلى مجهود ذهني كبير فإنه يكون متخلفاً في حقه شرط الاتحاد في طبيعة العمل بين عمله السابق وعمله الجديد وهو التدريس، هذا إلى أن المدعي لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته السابقة في الاستمارة رقم 103 ع. ح الخاصة بذلك على الرغم من إرفاقها ضمن مسوغات تعيينه؛ وإذ أغفل ملء هذا النموذج فإنه يسقط حقه في طلب ضم مدة خدمته السابقة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 ولا يغني عن هذا الإجراء أن يكون قد تقدم بطلب مستقل لضم هذه المدة في اليوم الأول من تعيينه بالوزارة. وإذ جرى الحكم المطعون فيه بغير ما سبق فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى "قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبرفضها موضوعاً "وأسست رأيها على القضاء السابق لهذه المحكمة وعلى أن طبيعة عمل المدعي كمراقب تابلوه بشركة مصر للغزل والنسيج من سنة 1944 إلى سنة 1951 لا تتفق وطبيعة عمله كمدرس بوزارة التربية والتعليم، ومن ثم يكون أحد الشروط الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 لضم مدة خدمته السابقة مفتقداً ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ضم نصف هذه المدة قد خالف أحكام القانون.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي من واقع الأوراق أنه حصل على دبلوم المدارس الصناعية في صناعة خرط المعادن في أكتوبر سنة 1944، واشتغل بمصانع شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع من القطن المصري بكفر الدوار في وظيفة مراقب تابلوه بصالة الكهرباء بقسم الورش من يوم 3 من نوفمبر سنة 1944 حتى يوم 23 من نوفمبر سنة 1951 حيث ترك هذا العمل بالاستقالة ثم حصل على دبلوم الدراسات التكميلية المسائية للمعلمين في سنة 1951، وعين في وظيفة مدرس علوم بمدرسة كفر الدوار الابتدائية بوزارة التربية والتعليم بمقتضى الإذن رقم 199 الصادر في 16 من يناير سنة 1952 اعتباراً من 26 من نوفمبر سنة 1951 براتب شهري قدره 8 جنيهات و500 مليم ثم تنقل بين مدارس الوزارة المختلفة حتى أسندت إليه وظيفة أمين معمل في سنة 1958. وسويت حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بحساب مدة الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية يستلزم توافر الشروط الآتية:
(1) ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات (2) أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته (3) ألا تقل المؤهلات الدراسية خلال مدة الخدمة السابقة عنها خلال مدة الخدمة الحالية (4) ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة (5) ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك (6) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات. فإذا انتفى شرط من هذه الشروط كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد وامتنع ضم مدد الخدمة السابقة. وأن وظيفة قارئ عدادات لا تتفق في طبيعتها مع وظيفة مدرس رياضة أو علوم - وبالمثل وظيفة مراقب تابلوه - ذلك أن مثل هذا العمل لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تحتاج إليه وظيفة مدرس الرياضة أو العلوم، فبينما يلاحظ في طبيعة العمل بالمصنع أنه آلي محض لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد عقلي أو تربوي أو إلمام علمي منهاجي. إذا بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وقدرة على سبر أغوارهم وترويض عقولهم، وهم أنماط من الخلق والاستعداد، وتفهم شكاتهم ونقط ضعفهم وملكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم في يسر بالأصول العلمية. فمستوى المدرس لا شك في أنه أرفع في طبيعته، كما أن دائرة اختصاصه أشمل وأعم. فالعملان وإن تشاركا في بعض النواحي العملية، إلا أنهما متباينان في المستوى وفي نطاق اختصاص كل منهما.
ومن حيث إنه على مقتضى التحديد المتقدم يكون شرط تجانس العمل السابق مع وظيفة المدعي الحالية كمدرس علوم بوزارة التربية والتعليم متخلفاً الأمر الذي يحول دون الاعتداد بخدمته كمراقب تابلوه بصالة الكهرباء بقسم الورش بشركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار لاختلاف الطبيعة الفنية في كل من عمله السابق وعدم تحاذيهما من حيث الاستعداد أو التأهيل أو الاختصاص وعدم تأثير العمل الأول في إكسابه خبرة يقيد منها في ممارسته عمله الجديد في تربية النشئ وتثقيفه تلك الخبرة التي هي علة ضم مدد الخدمة السابقة ومناطه، ذلك أن تماثل طبيعة العمل في كلتا الوظيفتين بناء على الأصل القائم على اكتساب الخبرة هو شرط أساسي لضم المدة، لا بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 فحسب، بل وفقاً لأحكام ومفهوم قرارات ضم مدد الخدمة السابقة التي صدرت بعد ذلك كافة. ومتى تخلف هذا الشرط كفى بذاته عن بحث تخلف أو عدم تخلف غيره من الشروط الأخرى كشرط ميعاد تقديم طلب الضم أو الشرط الخاص بالمؤهل الدراسي.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون المدعي على غير حق في دعواه، ويكون حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه إذ قضى بضم نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار إلى مدة خدمته الحالية بوزارة التربية والتعليم قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق