الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

الطعن 40 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 76 ص 499

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(76)
الطعن رقم 40 لسنة 25 القضائية

(أ) إثبات "عبء الإثبات" "الإثبات بالبينة" "سلطة محكمة الموضوع ورقابة محكمة النقض".
عبء الإثبات على المدعي. عدم تقديمه دليلاً على ما يدعيه. عدم طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق. حق محكمة الموضوع في الإحالة إلى التحقيق، جوازي لها. م 190 مرافعات. تقديرها هذا بمنأى عن رقابة محكمة النقض.
(ب) بيع "آثار البيع" "التزامات البائع" "الالتزام بتسليم المبيع" "تعريفه".
تسليم المبيع هو وضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به. م 435 مدني.

----------------
1 - المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فيها - فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما يدعيه من رد الشركة المطعون عليها جهازي "الجراموفون" اللذين يطلب رد ثمنهما إليه، وكان الطاعن لم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه في هذا الشأن، وكان الحق المخول للمحكمة في المادة 190 من قانون المرافعات بأن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها بالبينة - هذا الحق جوازي لها متروك لمطلق رأيها وتقديرها تقديراً لا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض، فإن النعي على الحكم فيما انتهى إليه من رفض الدعوى في هذا الشق منها بمخالفة القانون يكون غير سديد.
2 - وضع المبيع تحت تصرف المشتري الأمر الذي يتحقق به التسليم طبقاً لنص المادة 435 من القانون المدني - يشترط فيه أن يكون بحيث يتمكن المشتري من حيازة المبيع والانتفاع به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع هذا الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 728 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة ضد الشركة المطعون عليها بعريضة قال فيها إنه اتفق معها بموجب عقد مؤرخ في أكتوبر سنة 1948 على أن يكون الموزع الوحيد بالقطر المصري عدا مدينة الإسكندرية للراديو ماركة "أريكسون" الذي تنتجه تلك الشركة بالشروط المبينة في ذلك العقد وقد استمرت المعاملة بينهما إلى أن أخطرته الشركة المطعون عليها بتاريخ 25/ 6/ 1951 بوصول عدد من الراديوهات طلبت من الطاعن دفع نصف قيمتها وقدره 1900 جنيه فقام الطاعن بدفع مبالغ من هذه القيمة مقدماً بلغ مجموعها 1423 جنيهاً ولم يتسلم لغاية 20/ 12/ 1951 سوى خمسين جهازاً فقط قيمتها 959 جنيهاً و500 مليم فيبقى له من المبلغ المدفوع للمطعون عليها مبلغ 437 جنيهاً و500 مليم طلب الحكم بإلزامها بأن تدفعه له مع مبلغ 30 جنيهاً ثمن جهازين جراموفون كان قد ردهما لها وفوائد المبلغ كله (467 جنيهاً و500 مليم) بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية مع المصاريف والأتعاب والنفاذ. فطلبت المطعون عليها رفض الدعوى بحجة أن الطاعن هو الذي قصر في استلام أجهزة الراديو الباقية حتى التهمتها النيران وهي في مخازنها إبان حريق القاهرة في 26 من يناير سنة 1952 فيكون هلاكها عليه لأنها دعتها مراراً لاستلام تلك الأجهزة فتأخر ولم يقبل. وبتاريخ 21 من فبراير سنة 1954 حكمت المحكمة بإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 467 جنيهاً و500 مليم وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27/ 3/ 1952 حتى السداد والمصروفات ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، استناداً إلى أن هلاك المبيع قبل تسلمه يكون طبقاً لنص المادة 437 من القانون المدني على البائع إلا إذا أثبت هذا الأخير أنه أعذر المشتري لتسلم المبيع فلم يتسلمه وقالت المحكمة إن الشركة المطعون عليها قد عجزت عن إثبات قيامها بهذا الإعذار. فاستأنف المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 320 سنة 71 ق تجاري طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وإلزام الطاعن بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وبتاريخ 30/ 11/ 1954 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن وذلك استناداً إلى أن الشركة المطعون عليها قد أعلمت الطاعن بوصول أجهزة الراديو ووضعتها تحت تصرفه وأن وضع المبيع تحت تصرف المشتري يغني طبقاً لنص المادة 435 من القانون المدني عن الإنذار المنصوص عنه في المادة 437 من القانون المذكور. وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1955 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وبتاريخ 6 من مايو سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 11 من يونيه سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن النعي على الحكم فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لمبلغ الثلاثين جنيهاً ثمن جهازي الجرامفون يتحصل في أن الحكم خالف القانون ذلك أنه أقام قضاءه على أن الشركة المطعون عليها قد أنكرت عليه هذا الادعاء وأنه ليس من بين أوراق القضية ما يدل عليه في حين أن الدعوى لا يقضى فيها بالرفض بمجرد أن ينكرها الخصم وأن المطالبة بهذا المبلغ لا تستدعي سنداً كتابياً لإثباتها لأنها معاملة تجارية يجوز الإثبات فيها بالبينة فكان من واجب المحكمة أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لإثباتها أو أن تبين في حكمها سبباً لعدم الأمر بالتحقيق.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه فيما يختص بمبلغ الثلاثين جنيهاً التي يقول المستأنف عليه (الطاعن) أنها ثمن جهازين جراموفون مرتجعة. فإن هذا قد أنكرته عليه المستأنفة. ولا دليل عليه في أوراق الدعوى. وإذا كان المستأنف عليه قد أشار إلى هذا المبلغ في الصورة المقدمة منه من خطابه المؤرخ 8 من فبراير سنة 1952 فإن هذا لا يتخذ دليلاً على المستأنفة لأن الخطاب المذكور من صنع المستأنف عليه" ومؤدى ذلك أن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما يطلبه في هذا الشق من الدعوى وأن ما فيها من أوراق لا يؤيد مدعاة فيه ولذا قضى الحكم برفض الدعوى بالنسبة لهذا الطلب. ولما كان المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فيها، وكان الحكم قد أثبت - على ما سبق - أن الطاعن لم يقدم دليلاً على ما يدعيه من رده إلى الشركة المطعون عليها جهازي الجراموفون اللذين يطلب رد ثمنهما إليه. كما أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه في هذا الشأن، وكان الحق المخول للمحكمة في المادة 190 من قانون المرافعات بأن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها بالبينة هذا الحق جوازي لها متروك لمطلق رأيها وتقديرها تقديراً لا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم فيما انتهى إليه من رفض الدعوى في هذا الشق منها بمخالفة القانون يكون غير سديد متعين الرفض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على قضاء الحكم في الشق الآخر من الدعوى الخاص بطلب رد ما دفع من ثمن أجهزة الراديو أن الحكم شابه فساد في الاستدلال ذلك أنه استخلص ثبوت وضع الأجهزة تحت تصرف الطاعن من أوراق وأدلة لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فوصول الأجهزة من الخارج وإخطار الطاعن بوصولها لا يؤدي إلى القول بأن الأجهزة أصبحت تحت تصرف الطاعن واستلامه لأن الثابت من العقد أنه يعقب وصولها من الخارج إجراءات الفحص وثبوت الصلاحية كما أن دفع الطاعن مبلغ 1433 جنيهاً واستلامه أجهزة قيمتها 995 جنيهاً و500 مليم يؤدي على عكس ما ذهبت إليه المحكمة إلى صحة أقوال الطاعن من أن الشركة المطعون ضدها هي التي تأخرت عن التسليم وأنه هو الذي كان يحثها في الاستلام وأنه لو كانت الأجهزة وردت وفحصت وأصبحت صالحة للعمل لكان على الأقل استلم بقدر ما دفع. إذ المبلغ المدفوع منه هو ثمن 70 جهازاً وهو قد استلم 50 فقط.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد أثار في دفاعه أن الشركة المطعون عليها لم تسلمه الراديوهات الزائدة عن الخمسين جهازاً التي تسلمها، تلك الأجهزة الزائدة التي يطالب في هذه الدعوى برد ثمنها لأنها لم تكن قد أتمت فحص تلك الأجهزة وبالتالي لم تكن قد تبينت صلاحيتها للاستعمال وقد أورد الحكم رداً على هذا الدفاع ما يأتي: "وإذ كان يدعي (الطاعن) أن هذه الشركة لم تسلمه غير خمسين جهازاً لأنها لم تكن قد أتمت فحص الجهازات فإن المبلغ الذي دفعه وقدره 1433 ج يزيد عن ثمن الخمسين جهازاً التي تسلمها مما يدل على أن الفائض وإن كان يقل عما هو ملزم بدفعه وفقاً لنصوص العقد إلا أنه قد دفع على حساب الجهازات المتبقية لحين استيفاء الثمن" ومؤدى ذلك أن الحكم قد اتخذ من دفع الطاعن للمبلغ الزائد على ثمن الخمسين جهازاً التي تسلمها دليلاً على أن هذا المبلغ قد دفع من أصل ثمن الأجهزة الزائدة على الخمسين وأنه لو كانت تلك الأجهزة لم تفحص أو كانت غير صالحة للاستعمال كما يدعي الطاعن لما دفع شيئاً من ثمنها. ولما كان وضع المبيع تحت تصرف المشتري الأمر الذي يتحقق به التسليم طبقاً لنص المادة 435 من القانون المدني يشترط فيه طبقاً لنص تلك المادة أن يكون بحيث يتمكن المشتري من حيازة المبيع والانتفاع به، وكان ما ادعاه الطاعن من عدم فحص أجهزة الراديو المطالب برد ثمنها - إذا ثبت صحة هذا الادعاء - مانعاً له من الانتفاع بها إذا أثبت الفحص عدم صلاحية تلك الأجهزة للاستعمال وبالتالي مانعاً من القول بوضعها تحت تصرفه وحصول تسليمها إليه. وكان استناد الحكم إلى عدم صحة هذا الادعاء مبنياً على مجرد قيام الطاعن بدفع جزء من ثمن تلك الأجهزة الباقية في حين أن الحكم ذاته قد قرر أن الطاعن ملزم بنصوص العقد بدفع هذا الجزء من الثمن. لما كان ذلك فإن استدلال الحكم على ثبوت فحص الأجهزة وصلاحيتها للاستعمال بأن الطاعن دفع المبلغ الزائد عن ثمن الخمسين جهازاً التي تسلمها، هذا الاستدلال يكون غير سليم، ويكون ادعاء الطاعن بعدم فحص الأجهزة الباقية وعدم صلاحيتها للاستعمال الأمر الذي يتحقق به وضع تلك الأجهزة تحت تصرفه وبالتالي تسليمها إليه، يكون هذا الدفاع باقياً بغير رد سائغ من الحكم مما يعيبه ويتعين معه نقضه في هذا الخصوص دون حاجة للتعرض لباقي أسباب النعي الخاصة بقضاء الحكم في هذا الشق من الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق