جلسة 8 يونيه سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ محمد طه سنجر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله، عبد المنعم أحمد بركة، مرزوق فكري عبد الله وجرجس اسحق عبد السيد.
---------------
(123)
الطعن رقم 1433 لسنة 48 قضائية
وكالة "الوكالة المستترة: آثار الوكالة". عقد. شهر عقاري. بيع.
الوكالة المستترة. نطاقها. تسجيل البيع الصادر للوكيل المسخر. أثره. نقل الملكية من الغير للموكل المستتر مباشرة في العلاقة بين الوكيل والموكل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 1092 سنة 1972 مدني كلي دمنهور ضد المطعون عليها بطلب تثبيت ملكيتها للأرض الزراعية المبينة بالصحيفة على سند من القول أنها تضع اليد عليها وضع يد هادئ ظاهر مستمر بنية الملك منذ مدة تزيد على عشرين عاماً ومن ثم مفترض لها كسب ملكيتها بالتقادم الطويل المكسب وإذ نازعتها المطعون عليها في ذلك فقد لجأت إلى الدعوى للحكم لها بطلباتها. دفعت المطعون عليها الدعوى بتملكها العين النزاع من مصلحة الأملاك بمقتضى عقد البيع المسجل رقم 1109 في 15/ 4/ 1964 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره وتدخل الطاعن الثاني خصماً منضماً للطاعنة الأولى في طلباتها، قضت المحكمة بقبول هذا التدخل وبرفض الدعوى استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 164 سنة 31 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) على أسباب من بينها أن المطعون عليها قد أقرت كتابة بأنها مجرد اسم مستعار في العقد المسجل برقم 1109 سالف الذكر لشقيقها المتدخل الذي اكتسب الملكية بموجبه ثم نقلها إلى الطاعنة الأولى بموجب أحكام توفيق أوضاع ملكية الأسرة طبقاً للقانون 50 سنة 1969، وفي 19/ 2/ 1977 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن العقد المسجل الصادر للمطعون عليها من مصلحة الأملاك هو في حقيقته بيع لصالح الطاعن الثاني وأن المطعون عليها لم تكن إلا اسماً مستعاراً فيه، وإذ لم ينفذ حكم التحقيق بعد أن دفعت المطعون عليها بعدم جواز الإثبات إلا بالكتابة عادت المحكمة وحكمت في 16/ 11/ 1977 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن القرينة القضائية أمر يستنبطه القاضي من أمور أخرى ثابتة لديه وأن هذا الاستخلاص يجب أن يكون سائغاً وأن تكون الوقائع المستنبط منها ثابتة بشكل قاطع حتى يكون الاستنباط الذي بني عليها سليماً، وإذ تمسك الطاعنان في مذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 19/ 2/ 1977 أنهما يستندان في ملكيتهما فضلاً عن وضع اليد المدة الطويلة إلى انصراف العقد المسجل الذي ركنت إليه المطعون عليها في إثبات نقل ملكيتها إليهما لأنها لم تكن إلا اسماً مستعاراً للطاعن الثاني في الشراء وأنه قد نقل الحق إلى الطاعنة الأولى عملاً بالقانون 50 سنة 1969 ودللا على ذلك بالإقرار المؤرخ 15/ 1/ 1973 الذي أقرت فيه المطعون عليها بأنها لم تدفع ثمناً لهذه الأطيان وأنها من حق الطاعن الثاني، وقد أقرت بصدور هذا الإقرار منها وإن كانت قد دفعته بأنه كان من بين مسائل أخرى تضمنه عقد صلح عدل عنه وهو حجة عليها وإن عدل عن الصلح وقد تأييد هذا الإقرار بما قدماه من إيصالات سداد الثمن إلى مصلحة الأملاك منذ سنة 1951 وأقرت المطعون عليها في محاضر أعمال الخبير بذلك وهو ما يمكن اعتباره على أقل التقديرات مبدأ ثبوت بالكتابة وعلى استعداد لتكملته بالبينة فضلاً عن أن صلة الإخوة بين المطعون عليها والطاعن الثاني تعتبر مانعاً أدبياً يبيح له إثبات تسخيره لاسمها بكافة طرق الإثبات، وإذ كان الطاعن الثاني لم يقل أنه استهدف من تسخير اسم أخته في الشراء الهروب من قوانين الإصلاح الزراعي (وإلا كان دفاعه موصوماً بمخالفة قواعد النظام العام) ولكنه قرر صراحة أنه اشترى الصفقة باسم أخته المطعون عليها حتى لا يصطدم بتعليمات مصلحة الأملاك التي كانت تحرم على كبار الملاك الشراء منها في ذلك الوقت، إلا أن الحكم المطعون فيه قد نفى استخدام الطاعن الثاني لاسم أخته في الشراء لنفسه على القول بأن قانون الإصلاح الزراعي لم يكن قد صدر سنة 1951 ومن ثم فلم يكن هناك ما يدعو الطاعن الثاني إلى استخدام اسم أخته في الشراء، وكانت الواقعة التي استنتج منها الحكم هذه القرينة واقعة غير ثابتة، دون أن يرد على دفاعهما والدليل عليه مكتفياً بالقول بأن إقرار الطاعنة الأولى بالملكية للطاعن الثاني يتعارض مع تملكها ذات الأطيان بالتقادم، في حين أن الدعوى قائمة على أن الطاعنة الأولى تستمد ملكيتها من الطاعن الثاني بعد أن خلفته إعمالاً لتوفيق الأوضاع الذي ورد به القانون رقم 50 سنة 1969 - الخاص بالإصلاح الزراعي، مما يعيب هذا الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال ترتب عليه الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت العلاقة بين الوكيل المسخر والموكل ينظمها عقد الوكالة الذي أبرماه فيلتزم الوكيل المسخر بتنفيذ الوكالة في حدودها المرسومة، مما مؤداه أن تسجيل البيع الصادر للوكيل المسخر بنقل الملكية مباشرة من الغير إلى الموكل المستتر في العلاقة بين الوكيل والموكل، وكان الاستناد إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يمنع من الاستناد إلى سبب آخر لاكتسابها، لما كان ذلك وكان يجوز في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه وفقاً لحكم المادة 235 من قانون المرافعات، وكان الثابت من صحيفة الاستئناف المقدمة صورتها الرسمية من الطاعنين ومن الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة لجلسة 19/ 2/ 1977 وأن الطاعنين أسسا طلب الحكم بتثبيت ملكية الطاعنة الأولى لأطيان التداعي على تمليكها إياها بالتقادم المكسب وبموجب العقد المسجل الصادر للمطعون عليه من مصلحة الأملاك لانصراف أثره إلى الطاعن الثاني كمشتر وأن المطعون عليها مسخرة عنه فيه، ثم انتقالها فيه إلى الطاعنة الأولى بموجب إقرار تغيير أوضاعه ملكية الأسرة وفقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 50 سنة 1969 وأن الطاعن الثاني لجأ إلى الشراء بطريق التسخير تفادياً لتعليمات المصلحة البائعة بعدم البيع لكبار الملاك، وركنا في إثبات ذلك إلى الإقرار المنسوب إلى المطعون عليها المؤرخ 5/ 1/ 1973 وإلى سداد الأقساط ثمن الصفقة دون المطعون عليها إلى المصلحة البائعة، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات حقيقة التعاقد الصادر للمطعون عليها باعتبار الدلالتين سالفتى البيان مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بالبينة، إضافة إلى وجود مانع أدبي بين الطاعن والمطعون عليها يجيز اللجوء للبينة في إثبات ما كان يجب إثباته بالكتابة، فإن الحكم المطعون فيه إذ اجتزأ في الرد على هذا الدفاع وطلب إثبات عقد الوكالة المستتر بالقول بعدم توفر موجب الإحالة إلى التحقيق لأن الطاعن الثاني لم يبد مبرر للتخفي وراء اسم المطعون عليها في الشراء لأنه في ذلك التاريخ لم يكن قد صدر قانون الإصلاح الزراعي وكان بإمكانه الشراء باسمه أو في القليل باسم زوجته وأنه لا توجد في أوراق الدعوى ما يعززها وأن ما يثيره الطاعنان من أن المطعون عليها قد أقرت صراحة بملكية الطاعن الثاني للأطيان فإنه مع افتراض صحة ذلك فإن فيه ما يتعارض مع ادعاء الطاعنة الأولى تملكها بالتقادم، على الرغم من أن الطاعن الثاني لم يدع اللجوء إلى عقد التسخير للإفلات من قانون الإصلاح الزراعي ويبرر اللجوء إليه بتعليمات مصلحة الأملاك آنذاك، وقدم من الأدلة والقرائن عليه ما قد يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى ولا يوجد ثمة تعارض بين ادعاء الطاعنة الأولى اكتساب الملكية بالتقادم وبين اكتسابها لها نتيجة لتغيير أوضاع ملكية الأسرة بينها وبين الطاعن الثاني وفقاً للقانون بعد أن اكتسب هو الملكية بموجب عقد البيع المسجل الذي سخرت فيه المطعون عليها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق