الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 4 لسنة 6 ق جلسة 11 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 94 ص 716

جلسة 18 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

----------------

(94)

القضية رقم 924 لسنة 4 القضائية

(أ) موظف - ترقية - ندب 

- ندب أحد الموظفين للقيام بأعباء وظيفة درجتها أعلى من درجته لمدة سنة - تركه في الترقية إلى درجة هذه الوظيفة بالرغم من استيفائه شروط المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وترقية من لم يصلح أصلاً لشغلها - يجعل موقف الإدارة مشوباً بإساءة استعمال السلطة - أساس ذلك.
(ب) موظف - ترقية - ندب 

- لا يلزم في الندب المعني في المادة 22 من قانون الموظفين أن يكون بين إدارات مستقلة إذ ليس ما يمنع أن يكون داخل الإدارة الواحدة - شروط تطبيق هذه المادة.

------------------
1 - لا محل للقول بأن جهة الإدارة في حل من ترقية الموظف الذي تثبت صلاحيته لأعمال الوظيفة التي ندب إليها متى توافرت فيه الشرائط القانونية التي استلزمتها المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951، إذ مؤدى هذا القول يضع الجهة الإدارية في موقف شاذ لأنها تكون قد أساءت استعمال سلطتها فرقت من لم يصلح أصلاً لشغل هذه الوظيفة بعد أن ثبتت صلاحية موظف آخر لها. وليس بصحيح أن الإدارة في هذا المجال، بالخيار بين إعمال قاعدة أصلية، وقاعدة استثنائية وإنما الصحيح أنها أمام قاعدتين أصليتين فلها أن ترقى مباشرة من عليه الدور في الترقية كما أن لها أن تندب غيره حتى إذا ما ثبتت صلاحية الموظف المنتدب للوظيفة الأعلى عينته عليها، فإذا ما اختارت طريق الندب لم تعد في حل من ترقية من ثبتت صلاحيته للوظيفة التي ندب إليها متى توافرت فيه شروط المادة 22.
2 - إن القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يشترط في الندب أن يكون ندباً محلياً بل جاء نص المادة 22 منه عاماً مطلقاً والمطلق يجرى على إطلاقه ما لم يوجد نص يقيده. والندب قد يجرى بين إدارات مستقل بعضها عن البعض الآخر وهذه هي الصورة المألوفة للندب ولكن ليس ما يمنع من أن يكون الندب داخل الإدارة الواحدة. فالمقصود من المادة 22 هو الحصول على العناصر الصالحة للقيام بأعمال الوظيفة المنتدب إليها واختيار صلاحية تلك العناصر وانتقاؤها من مختلف الإدارات والأقسام دون التقيد بالقواعد الجارية. ولقد جاءت المادة 22 في الباب الخاص بالتعيينات وليست في باب الترقيات والحكمة في ذلك أن الموظف الذي يصلح لوظيفة أعلى بعد ندبه لها مدة سنة على الأقل لا يمكن أن يخضع لقواعد الترقيات العادية بل هو يعين في الوظيفة الأعلى وكفاءته وصلاحيته التي تثبت خلال السنة التي قام فيها بأعباء الوظيفة الأعلى، ولذلك لم يشترط القانون أكثر من شرطين لجواز التعيين في وظيفة أعلى بالتطبيق لنص المادة 22: (1) أن يقوم الموظف بعمل الوظيفة الأعلى لمدة سنة على الأقل حتى تتبين صلاحيته للقيام بأعبائها. (2) وألا يتضمن تعيينه في الوظيفة الأعلى طفرة في التسلسل الوظيفي أو إهداراً لشرط المدة المقرر قضاؤها في الدرجة الأدنى ومن ثم اشترط القانون أن يكون الموظف صالحاً للترقية.


إجراءات الطعن

في 4 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد مفوض الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 924 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الهيئة الثالثة أ - بجلسة 10 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 967 لسنة 11 القضائية المقامة من محمد جميل محمد علي ضد وزارة المواصلات والسكة الحديد والذي يقضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للمدعي بطلباته، مع إلزام الحكومة بالمصروفات" وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 26 من أكتوبر سنة 1958 وإلى المطعون لصالحه في 29 منه. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30 من يناير سنة 1960 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 12 من مارس سنة 1960، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 967 لسنة 11 القضائية ضد وزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 10 من يونيه سنة 1957 طلب فيها الحكم: أولاً - بإلغاء القرار رقم 167 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية وثانياً - بإلغاء القرار رقم 174 الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه التحق، بعد أن حصل على دبلوم التجارة، بمصلحة السكك الحديدية سنة 1927 وظل يتقلب في مختلف الوظائف بالإدارة العامة إلى أن رقي إلى الدرجة الثالثة الإدارية في 19 من سبتمبر سنة 1950 والمخصصة لوظيفة مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات. وفي 15 من مارس سنة 1953 أصدر المدير العام الأسبق قراراً إدارياً بندب المدعي للعمل وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية بالإدارة العامة والمخصص لها بالميزانية الدرجة الثانية الإدارية، وظل قائماً بأعبائها على أكمل وجه مدة تقرب من السنتين وكانت تقاريره السرية لا تقل عن (100%) لكفايته. وقد تخلل فترة الندب صدور قرارات إدارية عهدت إليه القيام بأعمال المراقب العام للمشتريات والميزانية المرتبة في الدرجة الأولى، وذلك أثناء فترات الإجازات السنوية التي رخص بها للمراقب كالقرار الإداري الصادر في 12 من أغسطس سنة 1953. وقد أصدر المدير العام الجديد في 17 من أغسطس سنة 1954 قراراً إدارياً رقم 156 بإنهاء انتداب المدعي من وظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية وإعادته إلى وظيفة مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات بعد أن قضى بالوظيفة التي انتدب للعمل فيها مدة تقرب من السنتين. ونظراً لأن هذا القرار الأخير جاء مخالفاً لنص المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وترتب عليه حرمانه من الحق الذي تعلق له في الترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة للوظيفة التي ندب لها، فقد رفع في 26 من سبتمبر سنة 1954 إلى المدير العام السابق تظلماً مشفوعاً بتوجيه مدير عام الإيرادات والمصروفات. ولما كانت الدرجة الثانية الإدارية التي قام بأعباء وظيفتها، ظل أمر شغلها معلقاً ونظراً لأن المدعي لم يخطر بنتيجة البت في تظلمه كما أن الإدارة العامة للإيرادات والمصروفات لم يرد إليها مكاتبات عما تم في هذا الشأن، فقد ظل الموقف معلقاً على هذا الوضع إلى أن أوفد المدعي، في بعثة عملية، إلى انجلترا لدراسة تطبيق النظام الآلي على جميع النواحي الحسابية والإحصائية للإيرادات والمصروفات، ولم يصل إلى علم المدعي بعد عودته من أوروبا شغل درجة الوظيفة بالترقية إلى أن علم بأن أحد الموظفين قد رقي إليها وهو ممن تنعدم المقارنة بينه وبين المدعي سواء من حيث قيامه بعمل وظيفة الدرجة فترة تقرب من السنتين أو لأسبقيته في الأقدمية في الدرجة أو نوع العمل الذي اضطلع به وأهميته وفضلاً عن أن المرقى كان أحد موظفي الأقلام التي كانت تتبع المدعي وقت قيامه بالعمل وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية. وقد تقدم المدعي، بمجرد علمه بذلك، بتظلم في 25 من فبراير سنة 1957 قال فيه ( أ ) أنه شغل وظائف رئيسية متعددة في السلك الإداري بالإدارة العامة من بينها مساعد مراقب عام المستخدمين والعمال، في الدرجة الرابعة الإدارية سنة 1947 ثم رقي إلى الدرجة الثالثة الإدارية سنة 1950 بوظيفة مساعد عام الإيرادات والمصروفات. ثم ندب للعمل وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية سنة 1953 (ب) وقد تعددت توصيات المدير العام للإيرادات والمصروفات التي أرسلت إلى المدير العام للمصلحة خلال فترة الانتداب التي بدأت في مارس سنة 1953 لترقية المدعي إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية التي قام فعلاً بأعمالها (ج) وعلى أثر صدور القرار بإنهاء الانتداب من وظيفة وكيل المراقب العام للمشتريات والميزانية أصدر المدير العام قراراً إدارياً آخر بأن يعهد إلى المدعي بأعمال مدير إدارة المحاسبة والإحصاء الميكانيكية المنشأة، وذلك بالإضافة إلى أعماله للنهوض بالمشروع الخاص بإدخال النظام الآلي الجديد، وتطبيقه على جميع النواحي الحسابية والإحصائية بالمصلحة. ثم تقرر إيفاد المدعي إلى بعثة عملية إلى انجلترا لدراسة تطبيق النظم الميكانيكية وظل المدعي خارج البلاد إلى نهاية شهر أكتوبر 1955 (د) ورغم أن المصلحة قد حاولت إدخال هذا النظام الآلي الجديد سنة 1946 وفشلت جميع الجهود التي بذلت في ذلك، قام المدعي بالنهوض بهذا المشروع وتنفيذه على سائر الأعمال الحسابية والإحصائية في جميع النواحي التي تمثل إيرادات ومصروفات المصلحة وكذا أعمال المخازن، وذلك في مدة وجيزة تبدأ من نوفمبر سنة 1955 تاريخ مباشرة المدعي لهذا العمل وهو ما لم يكن من المستطاع الوصول إليه في سنوات متعددة، ثم قال المدعي في تظلمه أن حالة المطعون عليه محمد فرج الذي رقي إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية تنحصر فيما يلي ( أ ) كان محمد فرج الحاصل على الشهادة الابتدائية يشغل وظيفة الدرجة الرابعة الكتابية بميزانية مراقبة الحسابات بوظيفة رئيس قسم وصدر القرار الإداري رقم 28/ 103/ 1 مؤرخاً 29 من يونيه سنة 1952 بنقله بحالته إلى الدرجة الرابعة بميزانية الإدارة العامة (ب) صدر القرار رقم 771 في 21 من أغسطس سنة 1952 أي بعد نقله بعدة أيام، وقضى بترقيته إلى الدرجة الثالثة الإدارية بميزانية الإدارة العامة، وذلك بالأقدمية المطلقة (ج) أن محمد فرج لم يقم بعمل وظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية قبل ترقيته إليها فترة تؤهله لاستحقاقه الدرجة الثانية المخصصة لها، بل ظل يعمل بالإدارة العامة بوظيفة رئيس قسم لجزء من أعمال الميزانية (الباب الثاني والثالث) رغم صدور قرار بندبه للعمل بوظيفته المذكورة كما أنه لم يمض على صدوره خمسة أشهر حتى تقدمت في خلالها المصلحة إلى مجلس إدارتها بطلب ترقيته إليها. وقد قرر المجلس بجلسته المنعقدة في 19 من أبريل سنة 1955 على المذكرة رقم 22 تأجيل النظر في توصية المصلحة التي عادت بعرض أمر ترقيته فقرر المجلس بجلسته المنعقدة في 25 من يونيه سنة 1955 على المذكرة رقم 30 تأجيل النظر في هذه الترقية للمرة الثانية. ثم عادت المصلحة وتقدمت إلى مجلس إدارتها بالمذكرة رقم 37 بجلسة 7 من أغسطس سنة 1955 للمرة الثالثة، وعمدت إلى عدم وضع الأمر واضحاً وأغفلت ذكر حالة المدعي رغم تعلق حقه قانوناً طبقاً للمادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بالترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة للوظيفة التي قام فعلاً بأعبائها مدة السنتين فضلاً عن أقدمية علي محمد فرج في تاريخ شغل الدرجة الثالثة الإدارية. ولما كانت المذكرة سالفة الذكر جاءت خلواً من البيانات التي كان يتحتم درجها لوضع الأمر جلياً أمام المجلس فقد صدر القرار الإداري رقم 167 في 9 من أغسطس سنة 1955 بترقية محمد فجر وإهدار حق المدعي الذي تعلق بها طبقاً للمادة 22 من قانون التوظف، وقد اختتم المدعي تظلمه بما يأتي (1) لما كانت ترقية محمد فرج إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية، فقد تمت في أغسطس سنة 1955 وقت تغيب المدعي بالبعثة العملية التي أوفد لها في أبريل سنة 1955، كما ظلت الظلامة السابق رفعها إلى مدير عام المصلحة قبل شغل هذه الدرجة، معلقة دون أن يخطر أو تبلغ مراقبة الإيرادات والمصروفات بما تم في هذا الشأن. ولما كان المدعي لم يخطر بترقية محمد فرج التي تمت إلى الوظيفة التي تعلق حق المدعي بالترقية إلى درجتها لقيامه بأعمالها فعلاً مدة تقرب من السنتين، وبمجرد علمه بشغل تلك الدرجة على الوجه المتقدم قام المدعي بتقديم ظلامته في 25 من فبراير سنة 1957 للطعن في القرار الصادر بها لإلغائه مع حفظ حقه في الترقية إلى هذه الوظيفة والدرجة وما يترتب على ذلك من آثار لتصحيح الأوضاع التي صدرت مخالفة لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 (2) أن محمد فرج لم يمض سوى أشهر قلائل على تاريخ القرار الذي صدر بندبه للعمل بهذه الوظيفة، وذلك أثناء تغيب المدعي بالبعثة العملية المصلحية في انجلترا، ثم رقي إلى الدرجة الثانية دون استيفاء المدة التي نصت عليها أحكام المادة 22 بخلاف ما تم في حالة المدعي الذي ظل قائماً بأعبائها مدة تقرب من السنتين، الأمر الذي لم يكن يكسب المطعون في ترقيته أي حق في الترقية إلى درجة هذه الوظيفة، ولما كانت الوظيفة التي قام المدعي بأعبائها متميزة بطبيعتها طبقاً للتخصيص الصادر بميزانية الدولة، وحيث إن المدة التي قضاها المدعي في القيام بأعبائها من 15 من مارس سنة 1953 حتى 28 من سبتمبر سنة 1954 تحتم التلازم بمنح المدعي الدرجة المقررة لها طبقاً لنص المادة 22 وذلك فضلاً عن امتيازه بالكفاية والأقدمية المطلقة. فلهذه الاعتبارات اختتم المدعي ظلامته بالطعن في القرار رقم 167 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 بترقية محمد فرج إلى الدرجة الثانية مع حفظ حق المدعي بالترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية وذلك من تاريخ صدور القرار بترقية محمد فرج إلى تلك الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار. هذا وقد أحيل التظلم إلى السيد مفوض الدولة لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية وقد انتهى السيد المفوض بعد الفراغ من بحث تظلم المدعي إلى أنه يقوم على أساس سليم من القانون ومن ثم أشار السيد المفوض على الهيئة العامة للسكك الحديدية بإجابة المدعي إلى طلبه وهو استحقاقه للترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية التي ندب للعمل بها أكثر من سنة، وذلك بالتطبيق لحكم المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة اعتباراً من 7 من أغسطس سنة 1955 تاريخ ترقية محمد فرج بالقرار رقم 167 لسنة 1955 - كتاب السيد المفوض رقم 1422 في 2 من أبريل سنة 1955 إلى السيد مدير عام السكك الحديدية - وكان المفروض بعد أن كلف السيد المدير العام السيد مراقب المستخدمين بالإدارة العامة للهيئة بأن يعرض الموضوع عن طريق التنفيذ، كان المفروض أن يقوم مراقب المستخدمين بإعداد المذكرة اللازمة لتسوية حالة المدعي طبقاً لما أشار إليه مفوض الدولة وذلك بترقيته إلى الدرجة الثانية الشاغرة والمخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام الميزانية والمشتريات والتي قام المدعي بأعبائها مدة السنتين تقريباً. ولكن الذي حدث هو غير ذلك وخلافاً لما اتبع في الحالات المماثلة فقد اقتصر السيد مراقب المستخدمين على التعليق بأن مصلحة السكك الحديدية غير ملزمة بتنفيذ رأي السيد مفوض الدولة. ونظراً للانحراف والتوجيه الخاطئ الذي أشارت إليه إدارة المستخدمين بالمصلحة فقد تقدم المدعي في 4 من مايو سنة 1957 بظلامة أخرى عززها المدير العام للإيرادات والمصروفات بكتابيه المرسلين إلى مدير عام المصلحة في 20 من أبريل، 5 من مايو سنة 1957، ومضى المدعي يقول في صحيفة دعواه أنه على الرغم من وضوح مركزه القانوني وما يستلزم تحقيقه من تنفيذ التسوية على الأساس المتقدم، ورغم تعدد المكاتبات التي توضح بها حق المدعي فإن مراقبة المستخدمين بمصلحة السكك الحديدية ظلت تنحرف إما بامتناع في تعنت عن التنفيذ أو عرض الأمر عرضاً زائفاً أمام لجنة شئون الموظفين عندما قرر المدير العام إحالة هذا الموضوع إليها كما يتبين ذلك جلياً من الاطلاع على المذكرات التي عرضت على تلك اللجنة في 28 من أبريل، 21 من مايو سنة 1957 مما ترتب عليه التأجيل واستمرار التعليق حتى انتهى الأمر أخيراً بترقية المدعي من مايو سنة 1957 إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة مساعد أول مدير عام الإيرادات والمصروفات. وشغل درجة وظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية والتي ظلت شاغرة، وذلك بنقل أحد الموظفين إليها مع عدم تنفيذ ما أشار به السيد مفوض الدولة من استحقاق المدعي للترقية إلى هذه الدرجة والمخصصة للوظيفة التي قام فعلاً بأعبائها مدة تقرب من السنتين وعلى أن تتم من 7 من أغسطس سنة 1955 تاريخ ترقية محمد فرج المطعون في ترقيته للدرجة الثانية بالقرار رقم 167 المؤرخ 9 من أغسطس سنة 1955. وقد ترتب على هذا المسلك من جانب المصلحة واستمرار التعنت في عدم إجراء التسوية على الأساس القانوني السليم أن ألحق الضرر بالمدعي في حجب الانتفاع بعلاوته الدورية التي استحقت له في أول مايو سنة 1957 والتي نسخت بعلاوة الترقية التي جبت الانتفاع بتلك العلاوة الدورية لوقوعها في تاريخ سابق للترقية على خلاف استحقاقه القانوني الذي يبدأ من 7 من أغسطس سنة 1955 وهو التاريخ المحدد بالقرار المطعون فيه برقم 167 لسنة 1955 وقد تكشف للمدعي من البيان الذي أوضحته الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية، والذي ورد ذكره في الخطاب الموجه من السيد مفوض الدولة إلى السيد المدير العام برقم 1422 في 2 من أبريل سنة 1957، أن السيد/ محمد فرج قد رقي إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب الإدارة العامة، وببحث حالته تبين أن المصلحة قد بررت ترقيته باعتباره الوحيد الشاغل للدرجة الثانية الإدارية بالإدارة العامة كما نص بذلك في المذكرة رقم 2 التي عرضت على مجلس إدارة المصلحة (مستند رقم 11) وصدر القرار الإداري رقم 174 في 7 من أكتوبر سنة 1956 بهذه الترقية من 30 من سبتمبر سنة 1956. ونظراً لأن تاريخ استحقاق المدعي للدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية بالإدارة العامة هو 7 من أغسطس سنة 1955 يتساوى مع تاريخ ترقية محمد فرج إلى تلك الدرجة بالقرار رقم 167 في 9 من أغسطس سنة 1955 وطبقاً لنص المادة 25 من قانون التوظف فيقتضي الأمر الأخذ بأقدمية الدرجة السابعة، وحيث إن المدعي يشغل الدرجة الثالثة من سنة 1950 وأن محمد فرج يشغلها منذ سنة 1952 لذلك فإن المدعي يكون أسبق من المطعون عليه في الأقدمية للترقية إلى الدرجة الأولى التي صدر بها القرار رقم 174 في 7 من أكتوبر سنة 1956. وتقول صحيفة الدعوى أنه إذا روعي بجانب عوامل الأقدمية، الكفاية فتنعدم المقارنة بين المدعي والسيد/ محمد فرج سواء من حيث المؤهل أو الوظائف الرئيسية ذات المسئوليات الجسيمة والتي من بينها (مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات) و (وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية) ثم (مديراً للإدارة والمحاسبة والإحصاء الميكانيكية) التي ركز الاختيار على المدعي لها على أساس روعي فيه أقدر الموظفين للنهوض بهذه الإدارة المنشأة وتنفيذ المشروع المتشعب والخاص بتطبيق النظام الآلي على جميع النواحي الحسابية والإحصائية للإيرادات والمصروفات. ورغم أن ترقية محمد فرج قد بنيت على أنه الوحيد الشاغل للدرجة الثانية بالإدارة العامة فإذا ما تذرعت المصلحة من أن الترقية إلى الدرجة الأولى هي نصيب الاختيار يرد عليه ما جاء بملف خدمة المدعي من الثناء والتقدير وإسناد الوظائف الهامة إليه مما يكفي للدلالة على أن الاختيار قد أسئ استعماله ولم يستهدف المصلحة العامة.
ردت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية على الدعوى بمذكرة في 17 من يوليه سنة 1957 بأن المدعي سبق أن قدم تظلماً إلى السيد مفوض الدولة وقد أبانت الهيئة ملاحظاتها على ذلك التظلم وأرسلت مرفقاً بكتابها صورة من تلك الملاحظات. وأضافت إلى ذلك أنه صدر القرار رقم 360 الصادر في 27 من مايو سنة 1957 بالصرف بماهية المدعي من ربط الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة مساعد أول مراقب. وقدمت مذكرة للجنة شئون الموظفين العامة بالتوصية بترقية المدعي إلى الدرجة الثانية التي يصرف من ربطها فأوصت بجلسة 29 من مايو سنة 1957 على ترقية المدعي واعتمد المدير العام محضر اللجنة في نفس التاريخ ورفعت للسيد وزير المواصلات لاعتمادها إلا أن سيادته رأى عدم الموافقة على إجراء ترقيات بصفة عامة لتعارض بعضها والتنظيم الخاص بتقسيم الإدارات والمناطق على أن يعاد العرض فور صدور ميزانية السنة المالية 1957/ 1958 ومن أجل هذا فقد أعيد عرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين فأوصت بإلغاء ترقيتها السابقة بجلسة 29 من مايو سنة 1957 وقالت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في دفاعها الموضوعي أولاً: إن حالة السيد محمد فرج المطعون عليه تتلخص فيما يلي: أنه حاصل على الشهادة الابتدائية سنة 1912 وألحق بالخدمة سنة 1914 واستمر يتدرج في مختلف الوظائف إلى أن رقي إلى الدرجة الرابعة الكتابية في 17 من مايو سنة 1948 بميزانية المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، وفي 29 من يونيه سنة 1952 نقل إلى الإدارة العامة بالتبادل مع آخر، وفي 26 من أغسطس سنة 1952 رقي بالأقدمية إلى الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة وكيل مراقب بميزانية الإدارة العامة، وفي 17 من نوفمبر سنة 1954 صدر القرار رقم (257) بندبه للقيام بأعمال وظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات المرتبة لها الدرجة الثانية، وفي 7 من أغسطس سنة 1955 وافق مجلس الإدارة على ترقيته بالأقدمية إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات التي كان قائماً بعملها فعلاً. وفي 11 من سبتمبر سنة 1955 ندب للقيام بأعمال وظيفة مراقب الإدارة العامة المرتبة في الدرجة الأولى وذلك علاوة على أعماله، وفي 20 من سبتمبر سنة 1956 وافق المجلس الإدارة على ترقية سيادته ترقية قانونية بالأقدمية المطلقة إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب الإدارة العامة القائم بأعمالها، ثانياً: أما عن حالة المدعي محمد جميل محمد علي فإنها تتلخص فيما يلي: أنه حصل عل دبلوم التجارة المتوسطة سنة 1927 وألحق بخدمة المصلحة في 20 من يونيه سنة 1927 وتدرج في مختلف الوظائف بها إلى أن رقي إلى الدرجة الرابعة بالإدارة العامة في 27 من أغسطس سنة 1947، ثم ندب للعمل كمساعد مراقب عام للإيرادات والمصروفات من 28 من ديسمبر سنة 1950 إلى أن سويت حالته بنقله نهائياً إليها في 4 من سبتمبر سنة 1950، وفي 13 من سبتمبر سنة 1950 رقي بالاختيار إلى الدرجة الثالثة بمراقبة الإيرادات والمصروفات، وفي 12 من مارس سنة 1953 ندب للعمل بالإدارة العامة للقيام بعمل وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية وقام بعمل مراقب عام المشتريات مدة قيامه بالإجازة الاعتيادية وفترة غيابه، وفي 17 من أغسطس سنة 1954 صدر القرار رقم (156) بإلغاء ندبه فكانت مدة ندبه بالإدارة العامة من 28 من مارس سنة 1953 إلى 21 من أغسطس سنة 1954. وقالت مصلحة السكك الحديدية بعد إجراء هذه المقارنة من واقع ملف خدمة كل من المدعي والمطعون عليه، أن تسوية حالة محمد فرج بنقله من ميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات إلى ميزانية الإدارة العامة التي كان يعمل بها قد تمت في 29 من يونيه سنة 1952 أي قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة، وكان نقله على درجة رابعة إدارية بميزانية الإدارة العامة. وليس على درجة رابعة كتابية ولم يكن في ذلك الوقت درجات رابعة كتابية بميزانية الإدارة العامة وعلى هذا الأساس تدرج في الترقيات بالكادر الإداري وينحصر دفاع المصلحة في أن كل قسم من أقسام بميزانية الإدارة العامة، وليس على درجة رابعة كتابية ولم يكن في ذلك الوقت منفصلة عن أقدميات موظفي الأقسام الأخرى أي أن كل من (الإدارة العامة) و(مراقبة الإيرادات والمصروفات) يعتبر بذاته وحدة مستقلة إذا انتظم عدداً من الدرجات في تسلسل هرمي. وبجلسة 10 من يوليه سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري - الهيئة الثالثة ب - "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها، في الدفع المقدم لها من السيد مفوض الدولة بعدم قبول الطعن في القرار رقم 167 لسنة 1955 لتقديمه بعد الميعاد وبعدم قبول الطعن في القرار رقم 164 لسنة 1956، لأنه مؤسس على إلغاء القرار الأول، أقامت المحكمة قضاءها، وبحق، على أنه لم يثبت من مطالعة الأوراق أن المدعي أعلن بالقرار الأول الصادر في 9 من سبتمبر سنة 1955 أو أنه علم به يقينياً لا ظنياً، ولا افتراضياً قد يقوم مقام الإعلان، وذلك في تاريخ معين يعول عليه في مبدأ سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء، ومن ثم فإن الميعاد، والحالة هذه، يظل مفتوحاً للمدعي. وإذ كان القرار الثاني للمطعون فيه أيضاً بالإلغاء، قد صدر في 7 من أكتوبر سنة 1956 وتم نشره إلا أن الميعاد يظل مفتوحاً أيضاً طالما أن مركز المدعي لم ينكشف بالنسبة للقرار الأول، فمنه يستمد المدعي سنده للطعن بالإلغاء في القرار الثاني. ومن القرار الأول يتحدد وضعه بالنسبة للدرجة الثانية التي تخطاه القرار الأول في الترقية إليها، وعندئذ فقط يتوفر سبب طعن المدعي فيما يتعلق بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى بالقرار الثاني المطعون فيه بالإلغاء. وبهذه المثابة فإنه لا يجوز الاحتجاج في مواجهة المدعي بعدم قبول الدعوى في شأن القرار الثاني رقم 174 لسنة 1956 تأسيساً على عدم انتظار المدعي فوات ميعاد الستين يوماً المقررة للبت في التظلم المقدم منه في 29 من مايو سنة 1957 ما دام المدعي قد أودع صحيفة الطعن بالإلغاء في 10 من يونيه سنة 1957 وذلك لانتفاء الحكمة التي اقتضاها المشرع فيما يختص بتنظيم التظلم وجعله وجوبياً بالنسبة للقرارات القابلة للسحب. لأن الغرض من ذلك هو تقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع وتحقيق العدالة الإدارية بطريق أيسر للناس بإنهاء تلك المنازعات في مراحلها الأولى إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه، وإن رفضته أو لم تبت فيه خلال الميعاد المقرر فله أن يلجأ إلى طريق التقاضي. وفي خصوص هذا القرار، بوضعه سالف الذكر، فإن عدم استجابة جهة الإدارة إلى سحب قرار الترقية إلى الدرجة الأولى أمر مفروغ منه طالما أنها قد انتهت إلى رفض تظلم المدعي الخاص بالترقية إلى الدرجة الثانية، ومن أجل هذا تكون الدعوى مقبولة شكلاً ويتعين رفض الدفع المقدم من هيئة المفوضين بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد أما من حيث الموضوع، فقد أقامت المحكمة قضاءها برفض دعوى المدعي، على أن المركز القانوني للموظف المنتدب إلى وحدة إدارية ذات كيان مستقل بدرجاتها وموظفيها يكون منبت الصلة فيما يتعلق بالترقية على الدرجات والوظائف الخاصة بتلك الوحدة التي لا ينتمي إليها أصلاً ولا تتبعها درجته ووظيفته المنتدب منها، ومن ثم لا يكون هناك محل لإعمال نص المادة 22 في هذه الحالة طالما كان مجالها قيام الموظف بأعباء وظيفة درجتها أعلى من درجته ويمكن ترقيته إذا توافرت فيه شروط الترقية إليها، ومحلها الذي تقوم عليه أولاً وقبل أي اعتباراً آخر، أن يكون الموظف من عداد موظفي الجهة التي رقي في وظائفها وعلى درجاتها. وقالت محكمة القضاء الإداري أنه بالرجوع إلى ميزانية الهيئة العامة للسكك الحديدية للسنة المالية 55/ 1956 التي تمت خلالها الحركة المطعون بالإلغاء في قرارها يبين للمحكمة أن وظائف ودرجات المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات - والتي يتبعها المدعي - ذات كيان إداري مستقل، تنتظم عدداً كافياً من الدرجات المنسقة في ترتيب هرمي تصاعدي، وأنه وإن كانت قد وردت مع سائر وظائف الإدارة العامة التي يتبعها المطعون عليه - محمد فرج - ثمت فصل واحد إلا أن في إفرادها بالميزانية المذكورة بهذا الوضع المتميز بدرجات وظائفه المفرغة في الكادرات المختلفة بحسب نوعها، ما يؤكد اعتبارها وحدة إدارية مستقلة عن تلك الخاصة بالإدارة العامة، طالما لا يزال في عداد موظفي المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات ومنها الوظيفة والدرجة التي انصب عليها القرار المطعون فيه. وبهذا الوضع فإن الدعوى في هذا الشق منها تكون على غير سند صحيح من الواقع أو من التطبيق السليم للقانون حقيقة بالرفض. ولما كان الطعن في القرار الثاني رقم 174 لسنة 1956 الصادر بترقية محمد فرج إلى الدرجة الأولى استند في قيامه وتحقيق سببه على ما يرتبه القرار الأول المطعون فيه والصادر بترقية فرج إلى الدرجة الثانية من إرجاع أقدميته في الدرجة الثانية إلى التاريخ الذي حدده، ولكن المحكمة وقد كشفت عن صحة القرار الأول رقم (167) لسنة 1955 فقد انهار بالتالي الأساس الذي أقام عليه المدعي طعنه الثاني ويتعين من أجل ذلك رفضه أيضاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ميزانية الدولة للسنة المالية (55/ 1956) التي صدر في ظلها القرار الأول المطعون فيه تدل على أن وظائف المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات التي يتبعها المدعي قد وردت هي ووظائف المراقبة العامة للميزانية والمشتريات تحت بند واحد في الفرع (1) من ميزانية السكك الحديدية. ووظائف الإدارة العامة تعتبر جميعها وحدة واحدة في الترقية، ولا ينتقص من هذه الوحدة ما ورد في داخل فرع الديوان العام من تقسيمات داخلية إذ لا ترقى هذه التقسيمات إلى مصاف الوحدات الإدارية المتميزة والمستقلة إدارياً ومالياً. وعلى هذا المقتضى وإذ كان الثابت أن المدعي هو الأسبق في أقدمية الدرجة الثالثة فضلاً عن كفاءته وامتيازه الذي تنطق به تقاريره السنوية فإن القرار رقم 167 لسنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية يكون قد صدر مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه. وينبني على هذا إلغاء القرار رقم 174 الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى باعتبار أن ترقية المطعون عليه محمد فرج قد تمت إلى الدرجة الأولى بالنظر إلى أنه الوحيد من موظفي الدرجة الثانية بالمصلحة وقت صدور القرار المطعون فيه، وقد ثبت مما تقدم أحقية المدعي للدرجة الثانية التي كان قد رقي إليها المطعون عليه. ولهذه الأسباب طلب السيد رئيس هيئة المفوضين الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للمدعي بطلباته مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي من واقع خدمته أنه في 2 من نوفمبر سنة 1947 أصدر السيد المدير العام لمصلحة السكك الحديدية قراراً إدارياً بنقل المدعي، وقد كان يشغل الدرجة الرابعة الإدارية بوظيفة رئيس إدارة المستخدمين بإدارة الحركة والبضائع، إلى الدرجة الرابعة المخصصة لوظيفة مساعد مدير إدارة المستخدمين والميزانية بالإدارة العامة. وفي 4 من سبتمبر سنة 1950 صدر قرار بتسوية حالته وذلك بنقله بدرجته وماهيته الحاليتين لشغل الدرجة الرابعة الخالية بمراقبة الإيرادات والمصروفات والمخصصة لوظيفة مساعد مراقب وهي الوظيفة التي كان يقوم بأعمالها في ذلك الوقت. وفي 6 من سبتمبر سنة 1950 خلت بميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات درجة ثالثة (540/ 720) فأوصى السيد المدير العام للمصلحة بترقية المدعي إليها وقد ندب للقيام بأعمال وظيفة مساعد مراقب الإيرادات والمصروفات لأعمال المستخدمين منذ أول يناير سنة 1950 وهي الوظيفة المخصصة لها الدرجة الثالثة والتي كان يقوم بأعمالها إبراهيم الدسوقي. وجاء في مذكرة المدير العام أن المدعي حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة سنة 27 والحق بخدمة المصلحة في 20 من يونيه سنة 1927 ويشغل الدرجة الرابعة (420/ 540) منذ 27 من أغسطس سنة 1947 ويتقاضى ماهية قدرها 420 ج في السنة من أول مايو سنة 1946 وقد اختير للترقية إلى هذه الدرجة في حدود نسبة الاختيار المقررة. وقد وافق مجلس إدارة السكك الحديدية على هذه الترقية في 13 من سبتمبر سنة 1950، وفي 15 من مارس سنة 1953 أصدر المدير العام أمراً إدارياً جاء فيه "بالإحالة إلى الأمر الإداري بتاريخ 10 من مارس سنة 1953 بشأن تتبع قسم المستخدمين الموجود الآن بمراقبة الإيرادات والمصروفات لمراقبة المستخدمين والعمال، وبمناسبة ندب السيد/ محمد علي إبراهيم وكيل الميزانية والمشتريات بالإدارة العامة للعمل مع السيد عضو لجنة دراسة التظلم الحكومية التابعة لوزارة المواصلات. قررنا ندب المدعي، وهو مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات (مستخدمين) وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية بالإدارة العامة" وفي 18 من مارس سنة 1953 وبمناسبة صدور قرار ندب المدعي من وظيفة مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات للعمل بوظيفة وكيل المراقب العام للميزانية والمشتريات بالإدارة العامة كتب السيد مدير عام الإيرادات والمصروفات إلى السيد مدير عام المصلحة يقول: "بالإحالة إلى الأمر الإداري المبلغ في 15 من مارس سنة 1953 بشأن ندب المدعي ليكون وكيلاً لمراقب عام الميزانية والمشتريات بالإدارة العامة أتشرف بالإفادة أني قد لمست في سيادته طوال مدة اشتغاله معي تفانياً في العمل وكفاءة ممتازة ومقدرة فائقة على تصريف الأعمال الموكولة إليه مما يجعله جديراً بأن ينال ما يستحقه من تقدير وتشجيع وما يتناسب مع امتيازه والجهود المشكورة التي بذلها في القيام بواجباته. ورغم تعدد الاختصاصات الموكولة إليه وتشعبها وما لها من الأهمية والمسئولية الخطيرة الأمر الذي يجعلني أتمسك بالاحتفاظ به باعتباره من أكبر معاوني إلا أنه بالنظر لما أبداه من رغبة ملحة، وحتى لا أقف في سبيل مستقبله فقد اضطررت للتفريط في خدماته بالمراقبة. وإني انتهز هذه الفرصة لأوصي مشدداً بأن ينال ما يستحقه من ترقية لطول مدة خدمته ولما لمسته فيه من جدارة وحسن استعداد لتولي المناصب الرئيسية. وقد أخطر سيادته للقيام بمهام وظيفته الجديدة اعتباراً من 28 من مارس سنة 1953". والثابت أن المدعي ظل قائماً بأعباء هذه الوظيفة على أحسن وجه وأكرم نهج إلى أن صدر القرار رقم 156 في 18 من أغسطس سنة 1954 وقد نص على "أنه اعتباراً من تاريخ هذا القرار يلغى ندب المدعي بالإدارة العامة، ويعود للعمل بالإدارة العامة للإيرادات والمصروفات" وفي 30 من سبتمبر سنة 1954 صدر أمر إداري بإسناد وظيفة مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات إلى المدعي بدلاً من وديع حنا الذي نقل إلى الإدارة العامة. وفي 26 من سبتمبر سنة 1954 تظلم المدعي من قرار إلغاء ندبه بعد قضاء سبعة عشر شهراً في وظيفة وكيل المراقب العام للميزانية والمشتريات بالإدارة العامة لأنه يترتب على إلغاء هذا الندب حجب ترقيته إلى الدرجة الثانية المقررة بالميزانية لتلك الوظيفة التي كان منتدباً إليها. وهو يتظلم من حرمانه من الحق الذي خولته إياه المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقال المدعي في تظلمه أنه قد أدرج بميزانية السنة المالية 54/ 1955 درجتان ثانية بقسمي الحركة والوابورات مقابل حذف درجتين ثالثة من هذين القسمين. كما أنه كان يتخلف عن ملء الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات بالإدارة العامة، درجة ثانية مخصصة للوظيفة التي قام فعلاً بأعبائها مدة تزيد على ما قررته المادة 22 للترقية إليها. ونظراً لأن الدرجات المتقدمة تتسع لإعطائه حقه في الترقية كما أن خطاب ديوان الموظفين رقم 181/ 9/ 6 فرع 2 بتاريخ 27 من يوليه سنة 1954 قد نص على توحيد الأقدمية فيما بين الموظفين الإداريين بالمصلحة. لذلك فإنه يرجو رفع ما قد يقع عليه من غبن عندما تجرى حركة الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية لأنه يستحقها بحكم أقدميته ووفقاً لما تقرره أحكام قانون التوظف في هذا الشأن. وقد رفع مدير الإيرادات والمصروفات هذا التظلم إلى سيادة مدير عام المصلحة بكتاب جاء فيه "وسيادته قد امتاز بكفاية ومقدرة فائقتين وقد تولى عدة وظائف رئيسية ذات أهمية ومسئولية سواء بالمراقبة أو بالإدارة العامة مما يؤهله للترقية التي يستحقها عن جدارة فضلاً عن مركز أقدميته بين زملائه بالمصلحة". وفي 3 من نوفمبر سنة 1954 صدر الأمر الإداري رقم 39 لسنة 1954 وبمقتضاه تقرر أن يعهد إلى المدعي الذي يشغل وظيفة مساعد مدير عام لإيرادات والمصروفات الإشراف على إدارة المستخدمين بجميع أقسامها علاوة على أعمال وظيفته الأصلية. وفي 13 من يناير سنة 1955 تقدم السيد المدير العام للمصلحة إلى مجلس إدارة السكك الحديدية بمذكرة رشح فيها السيد/ محمد جميل محمد علي (المدعي) مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات والمشرف على إدارة المحاسبة والأعضاء لإيفاده في بعثة علمية عملية في لندن لاستكمال دراسة وافية والإلمام بخصائص الماكينات الحديثة لاستبدال النظام القائم الآن بالمصلحة في جميع النواحي الحسابية والإحصائية بالنظام الآلي. وكذلك للوقوف على النظم المتبعة لاستيعاب الأعمال المتشعبة على وجه يحقق الأغراض التي تهدف لتنفيذ المشروع على أن تتحمل المصلحة مصاريف سفر سيادته وإقامته بلندن. وقد وافق المجلس على هذا الترشيح في 26 من مارس سنة 1955 وسافر إلى انجلترا وأتم مهمته على أحسن وجه. وجاء في التقرير المقدم عنه إلى السيد مدير عام المصلحة "إني انتهز هذه المناسبة لأشيد بكفاءة السيد/ محمد جميل في مختلف الأعمال التي عهد إليه بها حتى أنه يعتبر من أكفأ وأنشط موظفي هذه المصلحة. وقد ثبتت جدارته وكفاءته في العمل في مختلف العهود وملف خدمته زاخر بالشهادة والتقارير الطيبة وفضلاً عن ذلك فقد اختصته المصلحة بالاختيار من بين سائر موظفيها الإداريين للعمل مديراً لإدارة المحاسبة والإحصاء الميكانيكية عندما تقرر إنشاء تلك الإدارة، لتنفيذ مشروع تحويل النظام اليدوي إلى النظام الآلي لجميع أعمال المراجعة والأعمال الحسابية والإحصائية بالمصلحة، وقد أوفد سيادته في بعثة لانجلترا لدراسة النظم المتبعة بها في هذا الشأن واستيعاب الأعمال المتشعبة واستخلاص النظم التي يمكن تطبيقها في الإدارة الجديدة على وجه يحقق الأغراض التي تهدف لتنفيذ هذا المشروع. وقد بذل سيادته في تلك الإدارة الجديدة جهوداً مضنية ونشاطاً كبيراً حتى تمكن من السير بالعمل في هذا النظام الجديد خطوات موفقة، ما كان يمكن الوصول إليها لولا تفرغ سيادته في الدراسات المستفيضة والبحوث المستمرة والجهودات المضنية التي بذلها والتي تستغرق منه جميع أوقاته إلى ساعات متأخرة من الليل. ولقد جاءت تقاريره السنوية السرية في السنين الأخيرة (100%) على التوالي وثابت أنه بينما كان المدعي يؤدي مهمته العلمية الرسمية في انجلترا صدر القرار رقم (167) في 9 من أغسطس سنة 1955 وتقضي المادة الثانية منه بأنه اعتباراً من 7 من أغسطس سنة 1955 يرقى السيد/ محمد فرج الشاغل للدرجة الثالثة الإدارية ترقية قانونية إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات والقائم بعملها فعلاً ومنحه علاوة الترقية القانونية وقدرها (156) جنيهاً في السنة لرفع ماهيته السنوية من (624 ج) إلى (780) وذلك اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1955.
ومن حيث إن النص الأول للمادة 22 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 120 لسنة 1951 كان يجرى: "لا تمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً. وإذا قام الموظف بأعباء وظيفة درجتها أعلى من درجته لمدة سنة على الأقل سواء بطريق الندب أو القيد على الدرجة أو برفعها جاز منحه الدرجة إذا توافرت فيه شروط الترقية إليها. ولا يجوز بغير مرسوم أن يقيد الموظف على درجة وظيفة من الوظائف التي يكون التعيين فيها بمرسوم". وفي ظل هذا النص صدر القرار المطعون فيه بالإلغاء. وقد قصد الشارع بالنص الأول ألا يرقى موظف على درجة وظيفة إذا كان لا يقوم بأعبائها، إذ التلازم واجب بين الدرجة والوظيفة ولكن لما كانت بعض الوظائف تزداد أعباؤها ومسئولياتها وقد يدعو ذلك إلى رفع درجة الوظيفة تمشياً مع قاعدة الأجر نظير العمل، كما أن بعض الموظفين يندبون أو يقيدون على وظائف أعلى من درجاتهم وليس من المصلحة بعد أن ثبتت صلاحيتهم للقيام بأعباء تلك الوظائف أن ينقلوا منها ليشغلها غيرهم، فمن أجل تلك الحكمة صدر القانون رقم 579 لسنة 1952 في 20 من نوفمبر سنة 1952 بتعديل الفقرة الأولى من المادة 22 السالفة الذكر. وقد ثبت مما تقدم أن الهيئة العامة للسكك الحديدية قد استعملت فعلاً الرخصة التي خولها الشارع إياها إذ كانت بالخيار بين ترقية موظف من موظفي الإدارة العامة إن وجد من يصلح لهذه الترقية وبين أن تنتدب موظفاً من المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات لتتبين صلاحيته لأعمال وظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات. فأصدرت قرار ندبها للمدعي في 15 من مارس سنة 1953 واستمر ندبه لا لمدة سنة واحدة فحسب بل لأكثر من سبعة عشر شهراً وإلى منتصف أغسطس سنة 1954 إذ صدر القرار رقم (156) بإنهاء ندبه وإعادته إلى وظيفة مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات وما لبث أن صدر الأمر الإداري من السيد المدير العام لمصلحة السكك الحديدية في 2 من أكتوبر سنة 1954 ومن مقتضاه أن يشرف المدعي بالإضافة إلى أعمال وظيفته، على أعمال إدارة النظام الآلي للإحصاء والمحاسبة الذي تقرر إنشاؤها وذلك علاوة على أعماله الأصلية بالمراقبة. ولا جدال في أن المدعي قد أثبت أهلية وجدارة لشغل الوظيفة التي ندب إليها بل كان يقوم عند الاقتضاء بأعمال الوظيفة التي هي أعلى منها والمخصصة لمراقب عام الميزانية والمشتريات على النحو الذي تقدم ذكره. ولا يستساغ القول بعد ذلك، بأن جهة الإدارة في حل من ترقية الموظف الذي تثبت صلاحيته لأعمال الوظيفة التي ندب إليها متى توافرت فيه الشرائط القانونية التي استلزمتها المادة 22 مؤدى هذا القول يضع الجهة الإدارية في موقف شاذ لأنها تكون قد أساءت استعمال سلطتها فرقت من لم يصلح أصلاً لشغل هذه الوظيفة بعد أن ثبتت صلاحية موظف آخر لها. وليس بصحيح أن الإدارة في هذا المجال، بالخيار بين إعمال قاعدة أصلية، وقاعدة استثنائية وإنما الصحيح أنها أمام قاعدتين أصليتين فلها أن ترقي مباشرة من عليه الدور في الترقية كما أن لها أن تندب غيره حتى إذا ما تبينت صلاحية الموظف المنتدب للوظيفة الأعلى عينته عليها، وقد اختارت هيئة السكك الحديدية طريق الندب فاختارت المدعي وندبته لمدة 17 شهراً وشهدت الأوراق جميعاً برضاء الإدارة عنه واعترافها بصلاحيته ثم ألغت ندبه لا لعدم صلاحيته وإنما لتميزه بأعباء جديدة أخرى فريدة في نوعها وفي مقدمتها الإشراف، بالإضافة إلى عمله الرئيسي في المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، على إدارة النظام الآلي بالمصلحة. وتأسيساً على ذلك يكون حق المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية قد تعلق بها من الوقت الذي استوفى فيه الشروط المقررة في المادة 22 من القانون رقم 201 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 73 لسنة 1957 الصادر في 4 من أبريل سنة 1957. وكان يتعين على جهة الإدارة أن لا تتخطاه في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام الميزانية والمشتريات موضوع القرار رقم 167 الصادر في 9 من سبتمبر سنة 1955. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب في تأويل نص المادة 22 وفي عدم جواز تطبيقها على حالة المدعي بمقولة أن وظائف المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات التي يتبعها المدعي ذات كيان إداري مستقل عن وظائف الإدارة العامة، وكان الحكم يشترط في الندب الذي يكسب الحق في الترقية بالتطبيق لنص المادة 22 أن يتم الندب داخل الوحدة المستقلة دون الندب الذي يتم في الوحدات الأخرى. هذا الحكم المطعون فيه إذ قال بذلك يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يشترط في الندب أن يكون ندباً محلياً بل جاء نص المادة 22 منه عاماً مطلقاً والمطلق يجرى على إطلاقه ما لم يوجد نص يقيده. لذلك كان اشتراط الحكم المطعون فيه وضع قيود على الندب مخالفاً للقانون والندب قد يجرى بين إدارات مستقل بعضها عن البعض الآخر وهذه هي الصورة المألوفة للندب ولكن ليس ما يمنع أن يكون الندب داخل الإدارة الواحدة. فالمقصود من المادة 22 هو الحصول على العناصر الصالحة للقيام بأعمال الوظيفة المنتدب إليها واختيار صلاحية تلك العناصر وانتقاؤها من مختلف الإدارات والأقسام دون التقيد بالقواعد الجارية. ولقد جاءت المادة 22 في الباب الخاص بالتعيينات وليست في باب الترقيات والحكمة في ذلك أن الموظف الذي يصلح لوظيفة أعلى بعد ندبه لها مدة سنة على الأقل لا يمكن أن يخضع لقواعد الترقيات العادية بل هو يعين في الوظيفة الأعلى وكفاءته وصلاحيته التي تثبت خلال السنة التي قام فيها بأعباء الوظيفة الأعلى، ولذلك لم يشترط القانون أكثر من شرطين لجواز التعيين في وظيفة أعلى بالتطبيق لنص المادة 22: (1) أن يقوم الموظف بعمل الوظيفة الأعلى لمدة سنة على الأقل حتى تتبين صلاحيته للقيام بأعبائها. (2) وألا يتضمن تعيينه في الوظيفة الأعلى طفرة في التسلسل الوظيفي أو إهداراً لشرط المدة المقرر قضاؤها في الدرجة الأدنى ومن ثم اشترط القانون أن يكون الموظف صالحاً للترقية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، قد أخطأ فيما ذهب إليه من أن ميزانية الهيئة العامة للسكك الحديدية للسنة المالية (1955/ 1956) قد جعلت وظائف درجات المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات ذات كيان إداري مستقل عن وظائف الإدارة العامة. وقد بان للمحكمة من الاطلاع على الميزانية المذكورة والتي صدر في ظلها القرار رقم 167 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 - أن وظائف المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، التي يتبعها المدعي، قد وردت هي ووظائف المراقبة العامة للميزانية والمشتريات تحت بند واحد في الفصل الأول من ميزانية السكك الحديدية. ووظائف الإدارة العامة تعتبر جميعها وحدة واحدة في الترقية ولا ينتقص من هذه الوحدة ما ورد في داخل فرع الديوان العام من تقسيمات داخلية إذ لا ترقى هذه التقسيمات إلى مصاف الوحدات الإدارية المتميزة والمستقلة إدارياً ومالياً. ولا يحتمل مثل هذا التقسيم أكثر من كونه مجرد ترتيب وتنظيم للعمل روعي فيه تشكيل القوة التي تستطيع أن تنهض بالعبء في كل قسم على حدة، وعلى هذا المقتضى لا يستساغ أن تقتصر الوظائف الإدارية بالمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات على أن تبدأ أعلاها بوظيفة من الدرجة الثانية ويحرم موظفوها من الترقية إلى الدرجة الأولى فما فوقها من الدرجات في أقسام الإدارة العامة المدرجة تحت البند واحد من الفرع واحد.
ومن حيث إن المدعي قد طلب الحكم بإلغاء القرار رقم (167) الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية وبإلغاء القرار رقم (174) الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطيه أيضاً في الترقية إلى الدرجة الأولى. والثابت من الأوراق ومن كتاب الإدارة العامة للسكك الحديدية إلى السيد رئيس هيئة المفوضين في 12 من أكتوبر سنة 1957 أن المدعي قد رقي إلى الدرجة الثانية الإدارية بميزانية الإدارة المالية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1957 وذلك طبقاً لقرار الوزارة رقم (79) الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1957. ومن ثم تنحصر طلبات المدعي في إرجاع أقدميته في الدرجة الثانية إلى 9 من أغسطس سنة 1955 تاريخ صدور القرار رقم (167) المطعون فيه وهو ما تقضي له به هذه المحكمة بعد إذ أضحى طلب الإلغاء دون جدوى. وكذلك الحال في شأن طلب إلغاء القرار رقم (174) لسنة 1956 فقد أفاد السيد مراقب عام الإفراد بكتابه المؤرخ 23 من أبريل سنة 1960 إلى السيد رئيس هيئة المفوضين بأن المدعي قد رقي إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة المراقب العام اعتباراً من 7 من مارس سنة 1960 وذلك بالقرار الوزاري رقم (219) الصادر في 22 من مارس سنة 1960. ومن ثم يكون من حق المدعي إرجاع أقدميته كذلك في الدرجة الأولى إلى 7 من أكتوبر سنة 1956 تاريخ صدور القرار رقم (174) لسنة 1956 المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثانية الإدارية راجعة إلى 9 من أغسطس سنة 1955، وفي الدرجة الأولى الإدارية راجعة إلى 7 من أكتوبر سنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق