الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 219 لسنة 33 ق جلسة 29 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 63 ص 428

جلسة 29 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

------------------

(63)
الطعن رقم 219 لسنة 33 القضائية

(أ) ارتفاق. "قيود البناء الاتفاقية". التزام. "سبب الالتزام".
قيود البناء الاتفاقية حقوق ارتفاق متبادلة مقررة لفائدة جميع العقارات التي فرضت لمصلحتها تلك القيود. مخالفة أغلب مالكي العقارات المرتفقة تلك القيود. انتفاء التزام صاحب العقار المرتفق به لانتفاء السبب.
(ب) ارتفاق. "قيود البناء الاتفاقية".
مخالفة قيود البناء الاتفاقية. لمالك العقار المرتفق به المطالبة بتنفيذها عيناً بطلب الإصلاح العيني للمخالفة. جواز الاكتفاء بالتعويض - كبديل عن التنفيذ العيني - إذا كان في طلب الإزالة إرهاق لصاحب العقار المرتفق به. محل ذلك أن يطلب في الدعوى الإصلاح العيني.
عدم جواز الحكم لمالك العقار المرتفق به بتمكينه من إقامة بناء مخالف لتلك القيود المفروضة عليه أو تكملته مقابل تعويض يدفعه لأصحاب العقارات المرتفقة.

----------------
1 - قيود البناء الاتفاقية تعتبر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - حقوق ارتفاق متبادلة مقررة لفائدة جميع العقارات الكائنة في الحي والتي فرضت لمصلحتها تلك القيود فإذا خالفها أغلب أهل الحي أصبح صاحب العقار المرتفق به في حل من الالتزام بها لانتفاء سبب هذا الالتزام (1).
2 - مفاد نص المادة 1018/ 1 و2 من القانون المدني أن القانون وقد اعتبر قيود البناء الاتفاقية حقوق ارتفاق جعل لمالكي العقارات المرتفقة أن يطالبوا بها مالك العقار المرتفق به وفي حالة مخالفته لتلك القيود فإن الأصل أن يطالبوه بتنفيذها عيناً عن طريق طلب الإصلاح العيني للمخالفة غير أن المشرع رأى أنه قد يترتب على ذلك إرهاق صاحب العقار المرتفق به إذا طلب منه إزالة بناء ضخم أقامه مخالفاً لما فرض عليه من القيود فأجاز في هذه الحالة الاكتفاء بالتعويض إذا وجد القاضي أن هذا جزاء عادل فيه الكفاية وذلك على غرار ما قرره المشرع في المادة 203 في شأن تنفيذ الالتزام إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين. ومتى كان المشرع قد جعل الحكم بالتعويض بديلاً عن الحكم بالإصلاح العيني للمخالفة فإن القضاء بالتعويض لا يكون إلا حيث يطالب صاحب العقار المرتفق مالك العقار المرتفق به بهذا الإصلاح العيني أما إذا رفعت الدعوى ابتداء من مالك العقار المرتفق به بطلب تمكينه من إقامة بناء مخالف لما فرض عليه من القيود أو تكملة هذا البناء فلا يكون للقاضي أن يصرح له بذلك مقابل تعويض يدفعه لأصحاب العقارات المقررة هذه القيود لمصلحتها ما داموا هم قد تمسكوا بوجوب احترامها باعتبارها حقوق ارتفاق تبادلية وذلك لما ينطوي عليه هذا القضاء من تصريح بارتكاب مخالفة لما تقع أو باستفحال مخالفة بدئ فيها، ولم يقصد المشرع من إيراد حكم المادة 1018/ 2 من القانون المدني تخويل القاضي الحق في مخالفة حقوق الارتفاق هذه وإنما كل ما قصده وهو عدم إرهاق مالك العقار المرتفق به بإزالة المباني المخالفة لما فرض عليه من قيود في حالة وقوع هذه المخالفة فعلاً قبل أن يرفع الأمر إلى القاضي فإذا لم تطلب هذه الإزالة فلا يكون هناك محل للحكم ببديلها وهو التعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة العقارية لأراضي الجيزة والروضة كانت تملك بمنطقة الدقي مساحات كبيرة من الأراضي قامت بتقسيمها والتصرف فيها ونصت في عقود البيع الصادرة منها على التزام المشترين وخلفائهم بقيود معينة عند البناء قاصدة بذلك إيجاد حي راقي هادئ تتوافر فيه عوامل الصحة والراحة والتنسيق ومن هذه القيود تحريم إقامة أي بناء للاستغلال وقصر حق المشتري على إقامة فيلا مع ترك مسافة لا تقل عن ثلاثة أمتار من ملك الجار وعن أربعة أمتار من الشارع وقد اشترت المرحومة السيدة عزيزة عارف مورثة الطاعنين قطعة أرض من أراضي الشركة وأقامت عليها الفيلا رقم 23 بشارع رفاعة ثم اشترى المطعون ضده بصفته ممثلاً لدائرة المعارض بالكويت قطعة أرض من بعض المشترين من الشركة برقم 22 بنفس الشارع في مواجهة المنزل الأول واستصدر من مصلحة التنظيم في سنة 1959 رخصة بإقامة بناء عليها مكون من بدروم يعلوه أربعة أدوار لإيواء الفتيات الكويتيات الوافدات إلى القاهرة لطلب العلم ولما شرع في إقامة هذا المبنى رفعت عليه مورثة الطاعنين أمام القضاء المستعجل الدعوى رقم 143 سنة 1960 مستعجل الجيزة طالبة الحكم بوقف أعمال البناء التي شرع في القيام بها تأسيساً على مخالفتها لقيود البناء التي فرضتها شركة الجيزة والروضة على المشترين منها وخلفائهم - وبتاريخ 3 من أبريل سنة 1960 قضت محكمة الأمور المستعجلة بوقف تلك الأعمال فاستشكل المطعون ضده في هذا الحكم بإشكالين قضى برفضهما كما استأنف ذلك الحكم وقضى في 24 من مايو سنة 1960 برفض هذا الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فرفع نقضاً عن هذا الحكم وطلب من محكمة النقض أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ولما رفضت هذا الطلب تنازل عن الطعن بالنقض وأقام في 27 نوفمبر سنة 1960 الدعوى الموضوعية الحالية رقم 667 سنة 1960 أمام محكمة الجيزة الابتدائية على مورثة الطاعنين طالباً الحكم بأحقيته في إقامة المباني طبقاً للرسوم المعتمدة من مصلحة التنظيم والرخصة الممنوحة له وبانتهاء حق الارتفاق الجماعي وبإلزام السيدة عزيزة عارف المدعى عليها بأن تدفع له تعويضاً قدره خمسون ألف جنيه نظير الأضرار التي أصابته بسبب وقف البناء بفعلها وأسس هذه الدعوى على أنه وإن كان لمبنى الذي شرع في إقامته يخالف بعض قيود البناء التي فرضتها الشركة فذلك لأن الكثيرين من ملاك الأراضي التي اشتروها من هذه الشركة في نفس الشارع والشوارع المجاورة قد سبقوه إلى مثل هذه المخالفات بل وبالغوا فيها حتى لم يبقوا على أي قيد من قيود البناء المفروضة وأنه لذلك تكون هذه القيود قد زالت بالتنازل الضمني عنها وأضاف أن مورثة الطاعنين بدورها خالفت أيضاً هذه القيود بإقامتها جراجاً بملحقاته دون أن تترك بينه وبين ملك الجار المسافة الواجب تركها - وبتاريخ 2 من مارس سنة 1961 قضت محكمة الجيزة الابتدائية قبل الفصل في الموضوع بندب خبير هندسي لمعاينة المباني التي أقامها المدعي (المطعون ضده) وبيان الناقص فيها لإمكان الانتفاع بها وتقدير الضرر الذي يترتب على إزالة ما يخالف منها شروط البناء في المنطقة وأوجه هذه المخالفة ولبيان ما إذا كانت المدعى عليها (مورثة الطاعنين) قد خالفت هذه الشروط وأوجه هذه المخالفة إن وجدت ولبيان أقرب المباني التي بها مخالفات بالنسبة لمبنى المدعي ومبنى المدعى عليها وما هي تلك المخالفات. وقد باشر الخبير هذه المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن ما تم من العمل في مبنى المطعون ضده هو الأساسات جميعها والهيكل الخرساني المسلح للدور الأرضي جميعه وللدورين الأول والثاني للجزء الرئيسي من المبنى وأعمدة الدور الثالث ومباني حوائط الدور الأول للمبنى الرئيسي - وأن نسبة الأعمال التي تمت إلى قيمة المبنى جميعه 40% وأن المبنى وإن كان قد أنشئ طبقاً للرسومات والتصميمات المعتمدة من التنظيم إلا أن به ما يخالف قيود واشتراطات الشركة فيما يختص بالمسافات الواجب تركها بينه وبين الشارع وبينه وبين الجارين الغربي والقبلي - وهما غير مورثة الطاعنين - وفيما يختص بأنه لا يعتبر فيلا وإن كان ليس استغلالياً وأن قيمة المباني التي تمت لا تقل عن عشرين ألف جنيه وأن المدعى عليه (مورثة الطاعنين) احترمت قيود وشروط الشركة وإن كانت قد أقامت جراجاً ملحقاً به "صوبة" صغيرة من الخرسان المسلح على الحد الفاصل بينها وبين الجار مباشرة إذ تبين للخبير أن معظم فيلات المنطقة بها جراجات أو ما أشبه من هذه الملحقات على نفس الوضع مما جعل الخبير يعتبر ذلك عرفاً متبعاً في جميع فيلات المنطقة كما أثبت الخبير في تقريره وجود مخالفات متعددة بعقارات عديدة بالشارعين اللذين بهما عمارة المدعي وفيلا المدعى عليها وبالشوارع المحيطة بهما وبالمنطقة التي يقعان بها ويرجع تاريخ هذه المخالفات إلى مدة تتراوح بين سنتين وما لا يقل عن 15 سنة. وبتاريخ 3 من أغسطس سنة 1961 قضت المحكمة باستمرار المباني التي يقوم بها المدعي (المطعون ضده) بحيث لا يتجاوز ارتفاعها أربعة أدوار وذلك إذا دفع للمدعى عليها (مورثة الطاعنين) تعويضاً قدره ألف جنيه فاستأنف الطاعنون هذا الحكم - بعد وفاة مورثتهم - لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1504 سنة 78 قضائية طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى ونعوا على هذا الحكم إقحامه نص الفقرة الثانية من المادة 1018 من القانون المدني وإعماله حكمها لأن محل ذلك هو عند طلب إصلاح المخالفة عيناً وهو ما لم تطلبه مورثتهم - كما استأنف المطعون ضده الحكم أيضاً بالاستئناف رقم 1570 سنة 78 ق القاهرة طالباً الحكم له بطلباته المبينة في صحيفة افتتاح دعواه وأقام استئنافه على أن قيود البناء الارتفاقية التي فرضتها أصلاً شركة الجيزة والروضة لم يعد لها وجود لسبق تراضي الملاك المرتفقين تراضياً ضمنياً على النزول عنها وعدم الالتزام بها بدليل المخالفات العديدة التي أثبتها الخبير وسكت عنها الملاك - وبتاريخ 27 من أبريل سنة 1963 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف بكامل أجزائه فطعن الطاعنون في قضائها هذا بطريق النقض بتقرير تاريخه 23 مايو سنة 1963 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن المطعون ضده طلب في دعواه الحكم له بأحقيته في تكملة المباني التي بدأ فيها طبقاً للرسوم المعتمدة من مصلحة التنظيم والرخصة الممنوحة له وإنهاء حق الارتفاق الجماعي وقد سجل عليه الحكمان الابتدائي والمطعون فيه أنه خالف قيود البناء التي تعتبر حقوق ارتفاق تبادلية وأن لمورثة الطاعنين أن تلزمه باحترام هذه القيود ما دامت هي لم تخالفها ولم تتنازل عنها وكان مقتضى ذلك أن تقضي المحكمة برفض دعوى المطعون ضده وتقف عند هذا الحد. لكن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي الذي قضى بأحقية المطعون ضده في الاستمرار في البناء إذ دفع لمورثة الطاعنين تعويضاً قدره ألف جنيه مستنداً في ذلك إلى الفقرة الثانية من المادة 1018 من القانون المدني مع أن المطعون ضده لم يطلب لا في صحيفة دعواه ولا في عريضة استئنافه في القضاء له بتكملة البناء مقابل دفع التعويض وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد قضى بشيء لم يطلبه الخصوم وفصل فيما لم يكن معروضاً عليه. هذا إلى أن محل القضاء بالتعويض على ما يستفاد من الفقرة الثانية من المادة 1018 هو عند ما ترفع دعوى بطلب الإصلاح العيني على من يخالف قيود البناء فيجوز للمحكمة عندئذ استعمال الرخصة المخولة لها في تلك الفقرة والقضاء بالتعويض بدلاً من الإزالة إذا رأت ما يبرر ذلك وإذ كانت مورثة الطاعنين لم ترفع دعوى بطلب الإصلاح العيني واكتفت بالحكم لها من القضاء المستعجل بوقف أعمال البناء التي شرع المطعون ضده في إقامتها وكان المطعون ضده هو الذي رفع الدعوى طالباً الحكم بأحقيته في الاستمرار في تلك الأعمال فإن مجال دعواه هذه لم يكن يسمح بالحديث في مسألة التعويض وإعمال حكم الفقرة المذكورة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ أعمل نص هذه الفقرة وقضى بالاستناد إليه بأحقية المطعون ضده في تكملة البناء مقابل تعويض يدفعه لمورثة الطاعنين قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن المادة 1018 تقضي في فقرتها الأولى بأنه إذا فرضت قيود معينة تحد من حقوق مالك العقار في البناء عليه كيف شاء... فإن هذه القيود تكون حقوق ارتفاق على هذا العقار لفائدة العقارات التي فرضت لمصلحتها هذه القيود وتنص الفقرة الثانية على أن "كل مخالفة لهذه القيود تجوز المطالبة بإصلاحها عيناً، ومع ذلك يجوز الاقتصار على الحكم بالتعويض إذا رأت المحكمة ما يبرر ذلك" ومفاد أن القانون وقد اعتبر قيود البناء هذه حقوق ارتفاق جعل لمالكي العقارات المرتفقة أن يطالبوا بها مالك العقار المرتفق به وفي حالة مخالفته لتلك القيود فإن الأصل أن يطالبوه بتنفيذها عيناً عن طريق طلب الإصلاح العيني للمخالفة غير أن المشرع - على ما ورد في مذكرة المشروع التمهيدي - رأى أنه قد يترتب على ذلك إرهاق صاحب العقار المرتفق به إذا طلب منه إزالة بناء ضخم أقامه مخالفاً لما فرض عليه من القيود ولهذا فقد أجاز في هذه الحالة الاكتفاء بالتعويض إذا وجد القاضي أن هذا جزاء عادل فيه الكفاية - وذلك على غرار ما قرره المشرع في المادة 203 في شأن تنفيذ الالتزام إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين - ومتى كان المشرع قد جعل الحكم بالتعويض بديلاً عن الحكم بالإصلاح العيني للمخالفة فإن محل استعمال هذه الرخصة والقضاء بالتعويض بدلاً من الإصلاح العيني لا يكون إلا حيث يطالب صاحب العقار المرتفق مالك العقار المرتفق به بهذا الإصلاح العيني أما إذا كانت الدعوى قد رفعت من الأخير ابتداء بطلب تمكينه من إقامة بناء مخالف لما فرض عليه من القيود أو تكملة هذا البناء فلا يكون للقاضي أن يصرح له بذلك مقابل تعويض يدفعه لأصحاب العقارات المقررة هذه القيود لمصلحتها ما داموا هم قد تمسكوا بوجوب احترامها باعتبارها حقوق ارتفاق تبادلية وذلك لما ينطوي عليه هذا القضاء من تصريح بارتكاب مخالفة لما تقع أو باستفحال مخالفة بدئ فيها والمشرع لم يقصد من إيراد حكم الفقرة الثانية من المادة 1018 تخويل القاضي الحق في مخالفة حقوق الارتفاق هذه وإنما كل ما قصده هو عدم إرهاق مالك العقار المرتفق به بإزالة المباني المخالفة لما فرض عليه من قيود في حالة وقوع هذه المخالفة فعلاً قبل أن يرفع الأمر إلى القاضي فإذا لم تطلب هذه الإزالة فلا يكون هناك محل للحكم ببديلها وهو التعويض. لما كان ذلك وكان المطعون ضده الذي خالف قيود البناء هو الذي رفع الدعوى على مورثة الطاعنين يطلب الحكم بأحقيته في تكملة هذا البناء حسب الرسومات المعتمدة من مصلحة التنظيم والمخالفة لقيود البناء المفروضة على أهل الحي وبانتهاء حقوق الارتفاق المترتبة على هذه القيود بسبب النزول الضمني عنها ولم تطلب مورثة الطاعنين لا بدعوى أصلية ولا في صورة طلب عارض إزالة المباني التي شرع المطعون ضده في إقامتها قبل أن يرفع الدعوى فإنه لم يكن للمحكمة أن تقضي له بالاستمرار في المباني على نحو يخالف تلك القيود إذا دفع لمورثة الطاعنين التعويض الذي قدرته ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه بقضائه بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه مع ذلك ترى هذه المحكمة أن النعي عليه بهذا الخطأ غير منتج ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد سجل في تقريراته ما يأتي: "وحيث إن قيود البناء التي اشترطتها شركة الجيزة والروضة هي ولا شك حقوق ارتفاق مقررة لمصلحة المشترين منها وخلفائهم على وجه تعتبر معه كل قطعة مرتفقة بالنسبة لباقي القطع ومرتفق بها في نفس الوقت كما أنه ولا شك في أن مخالفة بعض هؤلاء الملاك للقيود المذكورة بإقامتهم عمارات استغلالية وجراجات عمومية وحوانيت ودون التزام لحدود المسافات المقررة في تلك الحقوق وثبوت كون تلك المخالفات قد تمت قبل بدء النزاع المطروح بسنوات طويلة دون أن يطلب أحد من المرتفقين إصلاحها وقتذاك كل ذلك وإن كان من شأنه أن يؤيد المستأنف عبد اللطيف شعلان (المطعون ضده) في اتخاذها دلالات قاطعة في معنى النزول الضمني عن تلك الحقوق إلا أن أثر هذا النزول لا يتعدى تلك المخالفات المذكورة ولا ينقلب إلى نزول ضمني عام بحيث تصبح تلك القيود الارتفاقية في حكم المعدومة أصلاً" - هذا الذي سجله الحكم المطعون فيه من وقوع مخالفات كثيرة وجسيمة من أهل الحي لقيود البناء المفروضة عليهم أصلاً وطوال سنين عديدة دون أن يطلب أحد من ملاك العقارات المرتفقة إصلاحها كان يقتضي بذاته من المحكمة أن تعتبر حقوق الارتفاق هذه قد زالت بالنزول الضمني عنها ذلك بأن قيود البناء سالفة الذكر تعتبر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حقوق ارتفاق متبادلة مقررة لفائدة جميع العقارات الكائنة في الحي والتي فرضت لمصلحتها تلك القيود فإذا خالفها أغلب أهل الحي أصبح المطعون ضده في حل من الالتزام بها لانتفاء سبب هذا الالتزام ولما كان يبين مما سجله الحكم المطعون فيه ومن تقرير الخبير الذي أخذ به أن أغلب سكان الحي ومن بينهم المجاورون لمبنى مورثة الطاعنين قد وقعت منهم مخالفات جسيمة وإن هذه المورثة نفسها بنت جراجاً بملحقاته على وضع يخالف قيود البناء المفروضة وهذه المخالفة مهما قيل عن تفاهتها فإنه مخالفة على أي حال ولا يبررها قول الخبير بأن إقامة ملحقات من هذا النوع أضحى عرفاً متبعاً في الحي لأن هذا بذاته يفيد عدم تشدد أهل الحي في الالتزام بهذه القيود وإذ كان الإخلال بحقوق الارتفاق هذه على تلك الصورة المتبادلة وطوال سنين عديدة يدل دلالة قاطعة على نزول أصحابها عنها كما أنه لما كان الغرض من تقرير هذه الحقوق هو إنشاء حي سكني راق فيه عوامل الصحة والراحة ومظاهر التنسيق فإن إقامة عمارات شاهقة في هذا الحي الواحدة تلو الأخرى وفي كل المنطقة على النحو الوارد بتقرير الخبير من شأنه أن يفقد هذا الحي الصفات التي أريدت له من فرض تلك القيود ومن ثم لا يمكن القول ببقائها على قطع دون أخرى ولخدمة جار دون خدمة جار آخر. لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد تمسك بكل هذا أمام المحكمة الابتدائية كما أسس عليه استئنافه فإنه على أساس تلك الحقيقة وتطبيقاً لها يكون الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فيما قضى به للمطعون ضده من الاستمرار في البناء حسب الرسومات المعتمدة من مصلحة التنظيم وإن أخطأ في تعليقه ذلك على دفع التعويض الذي ألزم المطعون ضده بدفعه لمورثة الطاعنين غير أنه لا سبيل لمحكمة النقض إلى إصلاح هذا الخطأ ما دام المطعون ضده لم يطعن في هذا الشق من الحكم ولا يجوز أن يضار الطاعنون بطعنهم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض السبب الأول لعدم الجدوى منه كما أنه وقد أوضحت هذه المحكمة أن الحكم المطعون فيه لم يكن له أن يستعمل الرخصة المقررة في الفقرة الثانية من المادة 1018 من القانون المدني وإن قضاءه بالاستمرار في البناء إنما يستقيم على أساس قانوني آخر فإنه لم يعد محل لبحث السبب الآخر المتضمن تعييب الحكم بالقصور لإغفاله الرد على دفاع الطاعنين المتضمن انتفاء المبرر لاستعمال الرخصة المذكورة.


(1) راجع نقض 14/ 11/ 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص 1660 ونقض 29/ 4/ 1965 مجموعة المكتب الفني س 16 ص 538. ونقض 28/ 5/ 1964 مجموعة المكتب الفني س 15 ص 758.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق