الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 218 لسنة 34 ق جلسة 22 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 54 ص 357

جلسة 22 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

---------------------

(54)
الطعن رقم 218 لسنة 34 القضائية (1)

(أ) بيع "عقد البيع غير المسجل". حوالة. "محل الحوالة".
عقد البيع غير المسجل يولد حقوقاً والتزامات شخصية. يجوز للمشتري حوالة حقوقه الشخصية قبل البائع، لشخص آخر.
(ب) حوالة "نفاذ الحوالة وأثرها". دعوى. "دعوى الفسخ". بيع.
نفاذ الحوالة قبل المحال عليه لإعلانه بها. للمحال له مقاضاته دون حاجة إلى اختصام المحيل. انتقال الحق المحال به مع الدعاوى التي تؤكده ومنها دعوى الفسخ لعدم تنفيذ البائع (المحال عليه) التزامه.
(ج) حوالة "أثر الحوالة".
بانعقاد الحوالة بين المحيل والمحال له ينتقل نفس الحق المحال به وبكل قيمته ولو كان المحال له قد دفع فيه ثمناً أقل.
(د) إصلاح زراعي "عقد البيع الثابت التاريخ". بيع. حوالة. دعوى "دعوى الفسخ".
عقد البيع غير المسجل غير الثابت قبل 23 يوليو سنة 1952. صحيح بين طرفيه ولا يعتد به قبل جهة الإصلاح الزراعي. حوالة المشتري حقوقه الشخصية المرتبة على عقد البيع الذي لم تعتد به جهة الإصلاح الزراعي. للمحال له أن يطلب الحكم على المحال عليه بفسخ العقد الصادر منه للمحيل وإلزامه برد ما دفع من الثمن.

------------------
1 - عقد البيع غير المسجل يولد حقوقاً والتزامات شخصية بين البائع والمشتري فيجوز للمشتري أن يحيل لآخر ما له من حقوق شخصية قبل البائع.
2 - إذا كانت الحوالة نافذة قبل المحال عليه لإعلانه بها فإن للمحال له أن يقاضيه في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة إلى اختصام المحيل لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوى التي تؤكده ومنها دعوى الفسخ لعدم تنفيذ البائع لالتزامه لأنها تكفل للمشتري أن يسترد الثمن فيعتبر بمثابة ضمان له ينتقل بالحوالة مع حقه المحال به.
3 - بانعقاد الحوالة بين المحيل والمحال له ينتقل نفس الحق المحال به من المحيل إلى المحال له وبكل قيمته ولو كان المحال له قد دفع فيه ثمناً أقل.
4 - عقد البيع العرفي الغير ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 يعتبر صحيحاً بين طرفيه ولكن لا يعتد به قبل الإصلاح الزراعي. فإذا أحال المشتري حقوقه الشخصية المترتبة على العقد إلى آخر وتبين له أن جهة الإصلاح الزراعي لم تعتد بالعقد لعدم ثبوت تاريخه فإن للمحال له أن يطلب الحكم على المحال عليه بفسخ عقد البيع الصادر منه للمحيل وإلزامه تبعاً لذلك برد ما دفع من الثمن بعد أن أصبح حقاً له بموجب عقد الحوالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 873 سنة 1959 كلي المنصورة على الطاعن والهيئة العامة للإصلاح الزراعي (المطعون ضدها الثانية) طلب فيها الحكم بفسخ عقد البيع المبرم في 26 من أكتوبر سنة 1950 بين الطاعن بوصفه بائعاً والسيدة خضرة فرحات أبو العينين مشترية والذي حل فيه محلها وإلزام المدعى إليه البائع (الطاعن) بأن يدفع له مبلغ 1000 ج والمصاريف وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 26/ 10/ 1950 باع الطاعن للسيدة خضرة فرحات فداناً بزمام ناحية الإنشاصية مركز أجا لقاء ثمن قدره 1000 ج سدد على دفعات آخرها في 15/ 11/ 1954 بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي، وأن المشترية تصرفت له في الفدان المذكور بعقد عرفي مؤرخ 5 مايو سنة 1959 وبذلك انتقلت إليه كافة حقوقه المشترية المترتبة على العقد قبل البائع (الطاعن) ومنها التزامه بنقل ملكية الفدان المبيع إليه، وإذ استولى الإصلاح الزراعي على الفدان موضوع العقد لأن البائع وهو الطاعن كان يملك ما يزيد على الحد الأقصى الجائز تملكه ولم يحتفظ بهذا القدر ضمن المائتي فدان التي احتفظ بها في إقراره، فقد وجه إلى الطاعن بتاريخ 20 مايو سنة 1959 إنذاراً أخطره فيه بحوالة عقد البيع إليه وأنذره بضرورة تنفيذ التزامه بنقل ملكية الفدان المبيع إليه وبتمكينه من وضع يده عليه أو استبدال فدان آخر به لم يصدر عنه قرار بالاستيلاء، وإذ لم يستجب لذلك فقد أقام عليه الدعوى بطلباته سالفة الذكر - دفع الطاعن الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة لعدم وجود رابطة قانونية بينه وبين رافعها (المطعون ضده الأول) كما دفع بأن أوراق الدعوى خلت مما يثبت أن الإصلاح الزراعي استولى على الفدان المبيع منه للسيدة خضرة فرحات وبأن التصرف الصادر منها للمطعون ضده الأول ينطوي على مضاربة قضائية من الأخير لصدوره بعد العمل بقانون الإصلاح الزراعي وطلب الطاعن في ختام دفاعه رفض الدعوى - وبتاريخ 23 من أبريل سنة 1963 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها وبفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 26/ 10/ 1950 الصادر من الطاعن للسيدة خضرة فرحات والمتضمن بيع الأول للثانية الفدان المبين بصحيفة الدعوى بالعقد المذكور لقاء ثمن قدره 1000 ج والمحول للمطعون ضده الأول بتاريخ 5/ 5/ 1959 وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 1000 ج قيمة الثمن المقبوض، فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 265 سنة 15 ق المنصورة وبتاريخ 8 فبراير سنة 1964 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعن في قضائها بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي وأخذ بأسبابه أقام قضاءه على أن قراراً صدر من هيئة الإصلاح الزراعي بالاستيلاء لدى الطاعن على الأطيان موضوع النزاع مع أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد صدور هذا القرار من اللجنة المنصوص عليها في المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي، ويرى الطاعن أن استدلال الحكم المطعون فيه على صدور الاستيلاء بالإقرار الصادر من محامي الإصلاح الزراعي هو استدلال مخالف للقانون لأن صدور هذا الإقرار في المذكرة المقدمة منه للمحكمة لا يغني عن صدور قرار الاستيلاء من اللجنة المختصة المشار إليها فيما سبق وبالأوضاع التي رسمها قانون الإصلاح الزراعي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 نصت على أن "تشكل لجان فرعية تقوم بعمليات الاستيلاء وحصر الأراضي المستولى عليها" كما نصت المادة 9 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون على أن "تشكل هذه اللجان من مندوب الحكومة بالمنطقة وممثل لتفتيش المساحة الذي تقع في دائرة اختصاصه تلك الأطيان كما نصت هذه المادة على أن تتولى اللجنة الفرعية تسلم الأراضي التي تقرر الاستيلاء عليها وحصر ما تتسلمه ملحقاً بها" ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أنه جاء به قوله "إن المدعي (المطعون ضده الأول) قدم تأييداً لدعواه حافظة مستندات رقم 4 دوسيه احتوت على (1) خطاب مؤرخ 7/ 2/ 1959 مرسل من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إدارة الاستيلاء إلى السيدة خضرة فرحات أبو العينين تخطرها فيه بأنه إشارة إلى الشكوى المقدمة منها بتاريخ 16/ 1/ 1959 بشأن مشتراها لمساحة 1 ف و15 س أطياناً زراعية بناحية الإنشاصية مركز أجا دقهلية من السيد/ أحمد محمود الأتربي (الطاعن) ترجو الهيئة العامة للإصلاح الزراعي موافاتها بما يوجد لديها من مستندات وأوراق مثبوت تاريخها قبل 23/ 7/ 1952 حتى يمكن النظر في طلبها (2) خطاب مؤرخ 25/ 3/ 1959 مرسل من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي منطقة السنبلاوين إلى السيدة خضرة فرحات (التي حل محلها المطعون ضده الأول) ويتضمن طلب حضورها إلى مقر زراعة ميت أبو الحسن للتوقيع على عقد إيجار بمساحة 1 ف و15 س في مدة أقصاها 15 يوماً. وأن السيد وزير الإصلاح الزراعي بصفته (المطعون ضده الثاني) قدم مذكرة بدفاعه رقم 12 دوسيه قال فيها إن معلومات الإصلاح الزراعي تنحصر في أنه تم الاستيلاء فعلاً على أطيان بناحية الإنشاصية مركز أجا قبل السيد/ أحمد محمود المرسي الأتربي وهذه المساحات المستولى عليها حسب محاضر الاستيلاء ووضع اليد كالآتي... حوض الأوسية رقم 12 "1 ف و15 س" وضع يد خضرة فرحات وتاريخ الاستيلاء عليها 19/ 12/ 1956 كما أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض دفاع الطرفين خلص إلى قوله "ولما كانت الحكومة قد استولت على القدر المبيع بموجب العقد المؤرخ 26/ 10/ 1950 كما جاء بمذكرة الإصلاح الزراعي رقم 12 دوسيه إذ وقع هذا القدر ضمن الزائد على 200 ف ولم يحتفظ البائع (الطاعن) به ضمن القدر الذي احتفظ به لنفسه ومن ثم أصبح هذا القدر مملوكاً للحكومة طبقاً لما نصت عليه بالمادة 13 مكررة فقرة أخيرة من قانون الإصلاح الزراعي وأصبح التزام البائع بنقل ملكية المبيع مستحيل التنفيذ". وهذا الذي قرره الحكم المطعون لا مخالفة فيه للقانون ولا يشوبه قصور. ذلك بأنه ما دام الطاعن لا ينازع في أنه لم يحتفظ بالقدر المبيع في إقراره ضمن المائتي فدان التي اختار الاحتفاظ بها باعتبارها الحد الأقصى الجائز له تملكه وكان الطاعن مقراً في السبب الرابع من أسباب الطعن بأنه لم يقدم أي دليل لجهة الإصلاح الزراعي على ثبوت تاريخ تصرفه إلى السيدة خضرة فرحات في القدر موضوع النزاع قبل 23 يوليه سنة 1952 فإن مقتضى ذلك عدم اعتداد جهة الإصلاح الزراعي بتصرفه هذا وقيامها بالاستيلاء على القدر المتصرف فيه باعتباره زائداً على المائتي فدان التي اختار الاحتفاظ بها كحد أقصى لما يجوز له تملكه. لما كان ذلك فإن محكمة الموضوع إذ اعتبرت الأطيان المبيعة من الطاعن إلى السيدة خضرة والتي حل محلها المطعون ضده الأول فيها - قد تم الاستيلاء عليها لدى الطاعن بمعرفة الإصلاح الزراعي وأقامت قضاءها في هذا الشأن على الخطابين المرسلين من جهة الإصلاح الزراعي للمشترية من الطاعن وعلى إقرار جهة الإصلاح الزراعي بحصول الاستيلاء فإنها تكون قد أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله ولا مخالفة فيها للقانون ما دامت قد وجدت في الأوراق المقدمة لها ما يكفي لاقتناعها بحصول هذا الاستيلاء بالطريق القانوني. لما كان ما تقدم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رفض الدفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على ما قاله من أن إقرار التنازل الصادر من السيدة خضرة فرحات إلى المطعون ضده الأول في 5 مايو سنة 1959 هو عقد حوالة أحالت بموجبه الأولى إلى الثاني جميع حقوقها المترتبة على عقد البيع الابتدائي الصادر لها من الطاعن في 26/ 10/ 1950 ورتبت على ذلك أن للمطعون ضده الأول كمحال له أن يطالب الطاعن كمحال عليه بحقوقه الناشئة عن الحوالة، وهذا من الحكم خطأ في القانون لأن الثابت من إقرار التنازل المذكور أنه عقد بيع عرفي باعت بموجبه السيدة خضرة فرحات الفدان الذي اشترته من الطاعن إلى المطعون ضده الأول فيعتبر الأخير مشترياً (ثانياً) ولا يجوز بالتالي أن توجه الخصومة منه إلى الطاعن إلا إذا مثلت فيها المشترية منه، وإذ لم يختصمها المطعون ضده الأول فتكون دعواه غير مقبولة. ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بقضائه برفض الدفع بعدم قبولها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الحكم الابتدائي الذي أقر الحكم المطعون فيه أسبابه، أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على قوله "وحيث إنه فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة فإنه يجوز في البيع غير المسجل لعقار معين بالذات أن يحول المشتري حقه الشخصي وفقاً لإجراءات الحوالة لا لإجراءات التسجيل لأن البيع غير المسجل يقتصر على إنشاء حقوق شخصية فتكون قابلة للحوالة ومن المقرر طبقاً للمادة 305 مدني أنه لا بد لنفاذ الحوالة في حق المدين المحال عليه من إعلانه بهذه الحوالة أو قبوله لها... وحيث إنه تطبيقاً لما تقدم ولما كان الثابت من المستندات المقدمة من المدعي "المطعون ضده الأول" أن خضرة فرحات أبو العينين حولت للمدعي عقد البيع الصادر لها من المدعى عليه "الطاعن" بتاريخ 26/ 10/ 1950 بموجب إقرار التنازل المؤرخ 5/ 5/ 1959 فتكون قد تنازلت للمدعي عن حقوقها الشخصية قبل المدعى عليه وأن هذه الحوالة قد تمت صحيحة لإعلانها إلى المدعى عليه بالإنذار الموجه من المدعي "المطعون ضده الأول" إلى المدعى عليه "الطاعن" والمعلن في 20/ 5/ 1959 فهي نافذة في حقه ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لا يقوم على أساس صحيح" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك بأن عقد البيع غير المسجل يولد حقوقاً والتزامات شخصية بين البائع والمشتري فيجوز للمشتري أن يحيل لآخر ما له من حقوق شخصية قبل البائع. وإذ كان الثابت من الأوراق أن السيدة خضرة فرحات قد اشترت من الطاعن فداناً بعقد ابتدائي مؤرخ 26/ 10/ 1950 ثم صدر منها في 5 مايو سنة 1959 عقد للمطعون ضده الأول وصف بأنه إقرار تنازل وجاء به أنها بموجب الإقرار المذكور تنازلت إلى المطعون ضده الأول عن عقد البيع الصادر لها من الطاعن نظير الثمن الوارد به وقدره 1000 جنيه وأنها تسلمت هذا المبلغ من المتنازل إليه وأصبح له كافة ما كان لها من حقوق على الفدان المبيع، وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت من ذلك أن نية الطرفين قد اتجهت إلى أن تحول السيدة خضرة إلى المطعون ضده الأول ما لها من حقوق شخصية مترتبة على عقد البيع الصادر لها من الطاعن، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وتحتمله عبارات العقد فلا سبيل لمحكمة النقض على محكمة الموضوع في ذلك. وإذ كانت الحوالة نافذة قبل المحال عليه لإعلانه بها فإن للمطعون ضده الأول المحال له أن يقاضيه في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة لاختصام المحيلة لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوى التي تؤكده ومنها دعوى الفسخ لعدم تنفيذ البائع لالتزامه لأنها تكفل للمشتري أن يسترد الثمن فيعتبر بمثابة ضمان له ينتقل بالحوالة مع حقه المحال به - لما كان ما تقدم فإن محكمة الموضوع تكون قد أصابت إذ قضت برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام المحيلة فيها. ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن التكييف الصحيح لعقد المطعون ضده الأول أنه شراء لحق متنازع عليه لأن هذا العقد صدر إليه في 5/ 5/ 1959 من السيدة خضرة فرحات المشترية من الطاعن بعد أن نازعها الإصلاح الزراعي في عقد شرائها وطلب منها في 25/ 3/ 1959 الحضور لتحرير عقد إيجار منه إليها عن الفدان المتنازع عليه، وإذ كان المطعون ضده الأول على علم بذلك قبل أن يشتري منها هذا الفدان فإنه يكون مشترياً لحق متنازع عليه فلا يلزم الطاعن عملاً بالمادة 469 مدني إلا بأن يرد إليه الثمن الحقيقي الذي دفعه للبائعة وهو يقل كثيراً عن الثمن الذي اشترت به من الطاعن والمطالب برده ولهذا طلب الطاعن من المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت أن المطعون ضده الأول لم يدفع للسيدة خضرة فرحات في البيع الصادر منها إليه سوى مبلغ أربعمائة جنيه، وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعن المتقدم الذكر رداً خاطئاً إذ وضع في اعتباره عقد المشترية الأصلية وطبق عليه قواعد الفسخ مع أن سند المطعون ضده الأول هو العقد الثاني الذي انتقلت به حقوق المشترية الأصلية إليه، كما التفتت المحكمة عن طلب الإحالة إلى التحقيق ولم ترد عليه مما يجعل حكمها قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بقوله إن عقد البيع لم يتم تسجيله فلا تنشأ عنه إلا التزامات شخصية قيمتها الثمن المحدد في العقد وليس العقار موضوع العقد ولا محل لمناقشة الثمن وقيمة المبيع لأن الحال في هذه الدعوى يخضع لقواعد الفسخ فهي التي تحكمه" وهذا الذي قررته محكمة الموضوع لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه بانعقاد الحوالة بين المحيل والمحال له - على ما جاء في الرد على السبب الثاني - ينتقل نفس الحق المحال به من المحيل إلى المحال له وبكل قيمته ولو كان المحال له دفع فيه ثمناً أقل. وإذ كان الطاعن - لا ينازع في أن السيدة خضرة فرحات قد اشترت منه فداناً بعقد ابتدائي مؤرخ 26/ 10/ 1950 لقاء ثمن قبضه قدره ألف جنيه، وكان العقد المذكور يعتبر صحيحاً بين طرفيه ولكن لا يعتد به قبل جهة الإصلاح الزراعي إلا إذا كان ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952، فإن المشترية إذ أحالت حقوقها الشخصية المترتبة على هذا العقد للمطعون ضده الأول وتبين له أن جهة الإصلاح الزراعي لم تعتد بالعقد لعدم ثبوت تاريخه فإن له كمحال إليه أن يطلب الحكم على المحال عليه (الطاعن) بفسخ عقد البيع الصادر منه للمحيلة وإلزامه تبعاً لذلك برد مبلغ الألف جنيه الذي قبضه كثمن من المحيلة بعد أن أصبح حقاً له بموجب عقد الحوالة. لما كان ذلك فإن محكمة الاستئناف إذ قضت للمطعون ضده بكامل الثمن المدفوع من المحيلة إلى الطاعن لا تكون قد خالفت القانون كما أنها تكون محقة في التفاتها عن طلب الأخير إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت أن ما دفعه المحال له (المطعون ضده الأول) للمحيلة هو 400 جنيه فقط، لأنه طلب غير منتج في الدعوى لما سلف بيانه. وإذ كان فيما ورد في أسباب الحكم المطعون فيه مما سلف الإشارة إليه ما يحمل الرد الضمني على هذا الطلب فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن هذا الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المشترية الأصلية قد أخطأت إذ قعدت عن تقديم أدلة ثبوت تاريخ عقدها إلى هيئة الإصلاح الزراعي رغم صدوره قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعي بعامين تقريباً وثبوت تاريخه فعلاً قبل 23 يوليه سنة 1952 إذ كانت تسدد بموجبه الأموال الأميرية عن الأرض المبيعة لها كما تعاملت به مع بنك التسليف في شأن السلف الزراعية وربط الحيازات الرسمية فإن كان الإصلاح الزراعي قد استولى فعلاً على القدر المبيع لها بعد أن تصرفت فيه إلى المطعون ضده الأول فإن هذا الاستيلاء كان نتيجة خطئها ومن حق الطاعن أن يتمسك بذلك في وجه المطعون ضده الأول سواء أكان مشترياً ثانياً أو محالاً إليه ولا يحق له لذلك استرداد الثمن. ولكن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن الدعوى موضوعها الفسخ المقرر بالمادة 159 مدني وأن الخطأ محله دعوى أخرى. وهو رد قاصر وغير سديد لأن الطاعن كبائع لا يضمن استحقاق المبيع للغير وهو الإصلاح الزراعي ما دام الاستحقاق قد وقع بخطأ المشترية الأصلية وإهمالها في تقديم أدلة ثبوت تاريخ عقدها لجهة الإصلاح الزراعي وفي إخطار الطاعن ليقوم بذلك. وإذ لم تناقش محكمة الاستئناف دفاع الطاعن في هذا الخصوص ولم ترد عليه فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن عقد البيع ينفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن التزام الطاعن البائع بنقل ملكية العين المبيعة قد صار مستحيلاً بسبب الاستيلاء عليها لدى الطاعن تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952، فإنه يكون بذلك قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي لا يد للبائع فيه وإذ كان وقوع الاستحالة بهذا السبب الأجنبي لا يعفي الطاعن من رد الثمن الذي قبضه بل إن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون وذلك بالتطبيق للمادة 160 من القانون المدني ويقع الغرم على الطاعن نتيجة تحمله تبعة انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه - لما كان ما تقدم فإنه يكون غير منتج ما دفع به الطاعن من خطأ المشترية الأصلية وإهمالها في تقديم أدلة ثبوت تاريخ عقدها قبل 23 يوليه سنة 1952 إلى جهة الإصلاح الزراعي أو إخطاره ليقوم بذلك. لما كان ذلك وكان لا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم ضمانه استحقاق المبيع لأن المطعون ضده الأول لم يرجع عليه بضمان الاستحقاق وإنما طالب بفسخ العقد لاستحالة تنفيذ الطاعن البائع لالتزامه فإن محكمة الاستئناف إذ قضت برد الثمن تأسيساً على انفساخ العقد واستحالة تنفيذ الطاعن لالتزامه بنقل الملكية وضمنت حكمها أن لا مجال لبحث الخطأ أو تقدير الضرر في الدعوى الحالية فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً وتضمن حكمها الرد على ما أثاره الطاعن من دفاع في هذا الشأن وبالتالي يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المشترية الأصلية قد انتفعت بالعين المبيعة زهاء تسع سنوات من تاريخ البيع إلى تاريخ الاستيلاء عليها في سنة 1959 وطلب خصم قيمة هذه المنفعة من الثمن المطالب برده كما طلب ندب خبير لتقدير ما عاد على المشترية الأصلية من منفعة خلال هذه المدة ولكن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع دون أن ترد عليه وألزمته بالثمن كاملاً دون أن تخصم منه قيمة هذه المنفعة وبذلك جاء حكمها مخالفاً للقانون ومشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه وإن كان يترتب على انفساخ عقد البيع أن يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد المشتري المبيع وثماره إذا كان قد تسلمه ويرد البائع الثمن وفوائده، إلا أن استحقاق البائع لثمار المبيع يقابله استحقاق المشتري لفوائد الثمن وتحصل المقاصة بينهما بقدر الأقل منهما، وإذ كان المطعون ضده الأول قد طلب فسخ العقد واقتصر على طلب رد الثمن دون الفوائد فإنه وقد استحال على الطاعن البائع تنفيذ التزامه بنقل ملكية المبيع فإنه ملزم أمام المشتري برد الثمن المقابل للمبيع بصرف النظر عن التزام المشتري بثماره التي تقابل فوائد الثمن، ولذلك يكون طلب الطاعن خصم ما زاد من الثمار على فوائد الثمن - من الثمن الذي طالب المطعون ضده الأول برده - هو طلب بإجراء المقاصة القضائية بين ما هو مستحق عليه من الثمن وما هو مستحق له من الثمار، وهذه المقاصة لا تكون إلا بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية طبقاً للمادة 152 من قانون المرافعات، وإذ كان الطاعن لم يبد هذا الطلب إلا أمام محكمة الاستئناف فإنه حتى إذا اعتبر هذا الطلب منه طلباً عارضاً فإنه يكون غير مقبول لإبدائه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فلا عليها إن هي التفتت عنه، كما أنه إذ كان طلب ندب الخبير لتقدير المنفعة التي عادت على المشترية غير مجد في الدعوى لما سلف بيانه فإن النعي بإغفال الحكم الرد عليه يكون غير منتج.


[(1)] تضمن هذا الحكم ذات القواعد 1 و2 و6 و7 الواردة بالطعن السابق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق