جلسة 22 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.
----------------
(53)
الطعن رقم 217 لسنة 34 القضائية
(أ) إصلاح زراعي "التصرفات الصادرة من الخاضع لقانون الإصلاح الزراعي". بيع.
عدم اعتداد جهة الإصلاح الزراعي بالبيع الصادر ممن خضع لقانون الإصلاح الزراعي والذي لم يثبت تاريخه قبل 23 يوليه سنة 1952. مقتضى ذلك الاستيلاء على القدر المتصرف فيه ما دام البائع لم يحتفظ به في إقراره ضمن المائتي فدان التي اختار الاحتفاظ بها باعتبارها الحد الأقصى الجائز تملكه طبقاً للقانون رقم 178 لسنة 1952.
(ب) بيع. "انفساخ العقد". عقد. التزام. "تحمل تبعة الاستحالة".
انفساخ عقد البيع من تلقاء نفسه بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي. أثر الانفساخ كأثر الفسخ. عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد. تبعة الاستحالة على المدين بالالتزام عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين. ثبوت استحالة تنفيذ التزام البائع بنقل ملكية العين المبيعة بسبب الاستيلاء عليها لديه تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي. سبب أجنبي لا يعفى البائع من رد الثمن الذي قبضه ويقع الغرم على البائع نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه.
(جـ) اختصاص. "اختصاص ولائي". إصلاح زراعي. "اختصاص اللجان القضائية للإصلاح الزراعي".
تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 23 يوليه سنة 1952 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه ممتنع على المحاكم. هو من اختصاص اللجان القضائية المنصوص عليها في المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 دون غيرها.
(د) بيع. "ضمان الاستحقاق". إخطار البائع. دعوى "دعوى الضمان ودعوى الفسخ والإبطال".
الإخطار المنصوص عليه في المادة 440 مدني لا يكون إلا حين ترفع على المشتري دعوى من الغير باستحقاق المبيع. لا محل للتمسك بعدم حصول هذا الإخطار إلا حيث يرجع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق على أساس قيام عقد البيع. عدم تطبيق أحكام ضمان الاستحقاق عند مطالبة المشتري بالفسخ. استقلال دعوى الضمان عن دعوى الفسخ والإبطال.
(هـ) بيع. "فسخ البيع وانفساخه". آثار الفسخ. "رد ما دفع بغير حق". تقادم. "تقادم الدعوى". عقد "فسخ العقد".
حق المشتري في استرداد الثمن من البائع في حالة فسخ البيع. أساسه استرداد ما دفع بغير حق. المادة 182 مدني. وفي حالة انفساخ العقد من تلقاء نفسه أساس رد الثمن أنه أثر من آثار الفسخ أو الانفساخ. المادة 160 مدني. عدم خضوع دعوى الفسخ للتقادم الثلاثي. تقادمها بخمس عشرة سنة. للدائن طلب رد الثمن كلما كان له أن يرفع دعوى الفسخ.
(و) بيع. "آثار البيع". "ثمار المبيع وفوائد الثمن". التزام "مقاصة".
استحقاق البائع لثمار المبيع يقابله استحقاق المشتري لفوائد الثمن. حصول المقاصة بينهما بقدر الأقل منهما.
(ز) التزام. "المقاصة القضائية". دعوى. "الطلب العارض". استئناف.
المقاصة القضائية لا تكون إلا بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على خصمه. إبداء طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. عدم قبوله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 560 سنة 1959 مدني كلي المنصورة على الطاعن وقالوا في بيانها إنه بمقتضى عقد عرفي مؤرخ 27 ديسمبر سنة 1948 اشتروا منه أرضاً زراعية مساحتها 15 ط و12 س بثمن قدره 301 جنيه و670 مليم قبضه البائع منهم عند تحرير العقد وإذ صدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وكان الطاعن من الملاك الخاضعين له والعقد غير ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 ولم يحتفظ الطاعن بالأرض المبيعة - ضمن ما سمح له القانون الاحتفاظ به - في الإقرار الذي قدمه للهيئة العامة للإصلاح الزراعي فقد استولت هذه الهيئة على الأرض المبيعة وترتب على ذلك تعذر قيام الطاعن بالتزامه بنقل ملكيتها إليهم الأمر الذي دفعهم إلى رفع هذه الدعوى للمطالبة بفسخ العقد وإلزام الطاعن برد الثمن تبعاً لذلك وفي 19 ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى الأطيان موضوع النزاع ومعاينتها وبيان ما إذا كانت الحكومة قد استولت عليها تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي وللاطلاع على الإقرار المقدم من الحاج أحمد الأتربي لجهة الإصلاح الزراعي وبيان ما إذا كان القدر موضوع الدعوى قد دخل ضمن الأطيان التي تركها المذكور للاستيلاء أم لا وتقدير ثمن الأرض وقت الاستيلاء وفي 5 فبراير سنة 1963 وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بفسخ العقد وبإلزام الطاعن برد الثمن فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 161 سنة 15 ق - وفي 8 فبراير سنة 1964 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - وبتقرير تاريخه 31 مارس سنة 1964 طعن الطاعن في قضائها بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور ذلك أنه أقام قضاءه على أن قراراً صدر من هيئة الإصلاح الزراعي بالاستيلاء لدى الطاعن على الأرض موضوع النزاع مع أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد صدور هذا القرار من اللجنة المنصوص عليها في المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي ويرى الطاعن أن استدلال الحكم المطعون فيه على وقوع الاستيلاء بما أثبته الخبير الذي ندبته المحكمة الابتدائية من اطلاعه على صورة محضر الاستيلاء المؤرخ 19 ديسمبر سنة 1956 استدلال مخالف للقانون لأن هذا المحضر لا يغني عن وجوب صدور قرار من اللجنة المختصة سالفة البيان وأضاف الطاعن إنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف ورد عليه الحكم المطعون فيه بأنه لم يقل إن القدر المبيع دخل ضمن ما احتفظ به لنفسه مما يحول دون الاستيلاء عليه وهذا الذي قرره الحكم لا يصلح رداً على ما أثاره إذ كان يتعين على المحكمة أن تتحقق من صدور قرار بالاستيلاء على الأرض المبيعة من اللجنة المختصة المشار إليها فيما سبق وبالأوضاع التي رسمها قانون الإصلاح الزراعي لأن هذا القرار وحده هو الذي ينشئ واقعة الاستيلاء.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 نصت على "أن تشكل لجان فرعية تقوم بعمليات الاستيلاء وحصر الأراضي المستولى عليها - كما نصت المادة 9 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون على أن تشكل هذه اللجان من مندوب الحكومة بالمنطقة وممثل لتفتيش المساحة الذي تقع في اختصاصه الأطيان المستولى عليها أو معظمها وواحد من رجال البوليس أو الإدارة في مركز البوليس الذي تقع في دائرة اختصاصه تلك الأطيان كما نصت هذه المادة على أن تتولى اللجنة الفرعية تسلم الأراضي التي تقرر الاستيلاء عليها وحصر ما تتسلمه ملحقاً بها، ولما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه أنه قرر في هذا الصدد "وحيث إن الثابت من تقرير الخبير ومن مطالعة صورة محضر الاستيلاء المؤرخ 19 ديسمبر سنة 1956 المحرر بمعرفة اللجنة الفرعية التي شكلت للاستيلاء على القدر الزائد عن المسموح به قانوناً قبل المدعى عليه الحالي أنه قد تم الاستيلاء على القدر موضوع الدعوى ضمن أطيان أخرى لمصلحة وزارة الإصلاح الزراعي وقد تم هذا الاستيلاء قبل قيام البائع بتنفيذ التزامه بنقل ملكية ما باعه للمدعين (المطعون ضدهم)" وكان يبين من المحضر المؤرخ 19 ديسمبر سنة 1956 الذي أشار إليه الحكم والمرفق بمحاضر أعمال الخبير أن اللجنة التي قامت بالاستيلاء على الأطيان الواردة به كانت مشكلة من مندوب الحكومة لمنطقة الإصلاح الزراعي بالسنبلاوين ومن الملازم أول حنفي محمود رحال مندوب وزارة الداخلية وفائق سلامة مندوب تفتيش المساحة بالمنصورة ومحمد رجب عزمي مهندس منطقة السنبلاوين بالإصلاح الزراعي وبحضور السيد إبراهيم أحمد الأتربي وكيل المالك فإن هذه اللجنة تكون مشكلة وفقاً لنص المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي والمادة 9 من لائحته التنفيذية وتكون هي المختصة بعمليات الاستيلاء على الأراضي الزائدة على المائتي فدان وتسلم هذه الأراضي. وإذ كان مقتضى عدم الاعتداد بالتصرف الصادر من الطاعن إلى المطعون ضدهم لعدم ثبوت تاريخه قبل 23 سنة 1952 هو الاستيلاء على القدر المتصرف فيه ما دام الطاعن لا ينازع في أنه لم يحتفظ به في إقراره ضمن المائتي فدان التي اختار الاحتفاظ بها باعتبارها الحد الأقصى الجائز له تملكه فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن الأطيان موضوع العقد العرفي المؤرخ 27 ديسمبر سنة 1948 قد تم الاستيلاء عليها لدى الطاعن بمعرفة اللجنة الفرعية المختصة يكون قد أقام قضاءه على أسباب كافية لحمله ولا مخالفة فيها للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن العقد موضوع النزاع انعقد في 17 ديسمبر سنة 1948 وتقاعس المطعون ضدهم عن مطالبته بالتوقيع على العقد النهائي وعن اتخاذ الخطوات اللازمة لتسجيله أو إثبات تاريخه حتى صدر قانون الإصلاح الزراعي فإذا استولت جهة الإصلاح الزراعي على الأرض فإن الاستيلاء يكون ناشئاً عن إهمال المطعون ضدهم وخطئهم وعليهم وحدهم تحمل تبعيته، وأضاف الطاعن في دفاعه أن العقد ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 بسبب تعامل المطعون ضدهم به مع بنك التسليف في شأن الحصول على السلف الزراعية وما يتعلق بذلك من استمارات الحيازة وبسبب سدادهم الأموال الأميرية بناء على هذا العقد وطلب الطاعن من المحكمة ندب خبير لتحقيق هذا الدفاع وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأنه لا إلزام على المطعون ضدهم بإثبات تاريخ العقد أو تسجيله وهو رد قاصر كما التفت الحكم عن طلب ندب الخبير دون أن يبدي سبباً لذلك.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن عقد البيع ينفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن التزام الطاعن البائع بنقل ملكية العين المبيعة قد صار مستحيلاً بسبب الاستيلاء عليها لديه تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فإنه يكون بذلك قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي، وإذ كان وقوع الاستحالة لهذا السبب الأجنبي لا يعفي البائع من رد الثمن الذي قبضه بل إن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون وذلك بالتطبيق للمادة 160 من القانون المدني ويقع الغرم على الطاعن نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه، لما كان ما تقدم فإنه يكون غير منتج دفاع الطاعن بعدم وقوع خطأ منه وبإهمال المطعون ضدهم في تسجيل عقدهم أو إثبات تاريخه قبل 23 يوليو سنة 1952 - لما كان ذلك وكان تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 23 يوليو سنة 1952 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه تطبيقاً لقانون الإصلاح الزراعي - ممتنعاً على المحاكم بنص المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 وتختص به اللجان القضائية المنصوص عليها في تلك المادة دون غيرها فإن محكمة الاستئناف إذ قضت برد الثمن تأسيساً على انفساخ العقد لاستحالة تنفيذ الطاعن لالتزامه بنقل الملكية ورفضت طلب ندب خبير لتحقيق ثبوت تاريخ العقد وضمنت حكمها أنه لا مجال لبحث الخطأ أو تقدير الضرر في الدعوى الحالية فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً وتضمن حكمها الرد على ما أثاره الطاعن من دفاع في هذا الشأن وبالتالي يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه لو صح أن قراراً صدر بالاستيلاء على الأرض المبيعة فإنه كان على المطعون ضدهم المبادرة بإخطاره به حتى يتمكن من الاعتراض عليه لدى الجهة المختصة وإذ كان المطعون ضدهم قد قعدوا عن إخطاره بهذا القرار ولم يعترضوا على قرار الاستيلاء فإن حقهم في الضمان يكون قد سقط - إلا أن المحكمة ردت على دفاعه بأن رفع دعوى استرداد الثمن يعتبر إخطاراً كافياً - ولما كانت الدعوى قد رفعت بعد تاريخ الاستيلاء بمدة تزيد على العامين فإن ما ذهبت إليه المحكمة يكون خطأ في القانون إذ لا يمكن القول بأن الإخطار قد تم في الموعد الملائم المقصود بالمادة 440 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المواد من 440 إلى 443 من القانون المدني خاصة بضمان الاستحقاق ويبين من المادة 440 أن الإخطار المنصوص عليه فيها لا يكون إلا حين ترفع على المشتري دعوى من الغير باستحقاق المبيع ولا محل للتمسك بعدم حصول هذا الإخطار إلا حيث يرجع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق على أساس قيام عقد البيع أما إذا اختار المشتري سبيل المطالبة بفسخ العقد فإنه لا مجال لتطبيق هذه المواد وقد أفصح المشرع عن استقلال دعوى الضمان عن دعويي الفسخ والإبطال في المادة 443 من القانون المدني التي بينت عناصر التعويض الذي يحق للمشتري أن يطلبه من البائع في حالة الرجوع عليه بدعوى الضمان عند استحقاق المبيع كله وذلك بنصه في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أن "كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله". لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضدهم قد رفعوا دعواهم بطلب فسخ عقد البيع المبرم بينهم وبين الطاعن ورد الثمن المدفوع تبعاً لذلك وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعن برد الثمن على أن التزامه بنقل ملكية الأطيان المبيعة إلى المشترين صار مستحيلاً بعد أن استولت الحكومة على هذه الأطيان لدى الطاعن فإن الحكم يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ومقاماً على ما يكفي لحمله ولا يبطله بعد ذلك ما قرره رداً على دفاع الطاعن من أن رفع الدعوى باسترداد الثمن تعتبر إخطاراً كافياً له واتجاهه بذلك إلى إعمال المادة 440 سالفة البيان ما دام منطوقه جاء موافقاً للقانون.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الدعوى في حقيقتها دعوى رد ما دفع بغير وجه حق ودفع على هذا الأساس بسقوط الحق في إقامتها بمضي أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ علم المطعون ضدهم بحقهم في الاسترداد وقال إن هذا العلم ثابت بصدور قانون الإصلاح الزراعي في 8 سبتمبر سنة 1952 ورفضت المحكمة الأخذ بهذا الدفع استناداً إلى أن مدة السقوط لا تسري في حق المطعون ضدهم إلا من تاريخ الاستيلاء الحاصل في 19 ديسمبر سنة 1956 حالة أن العقد قد انفسخ بقوة القانون في 23 يوليو سنة 1952 ومن هذا التاريخ وحده يجب احتساب مدة السقوط.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأنه وإن كان حق المشتري في استرداد الثمن من البائع في حالة فسخ البيع يقوم على أساس استرداد ما دفع بغير حق، وقد أكدت المادة 182 من القانون المدني هذا المعنى بنصها على أن يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام زال سببه بعد أن تحقق، وهو ما ينطبق على حالة ما إذا نفذ أحد المتعاقدين التزامه في عقد فسخ بعد ذلك، إلا أنه لما كان الثابت إن المطعون ضدهم رفعوا دعواهم بطلب فسخ البيع ورد الثمن الدفوع تبعاً لذلك وبنوا طلب الفسخ على استحالة تنفيذ الطاعن البائع لالتزامه بنقل الملكية بسبب الاستيلاء لديه على الأطيان المبيعة تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وهو الأمر الذي يترتب عليه قانوناً انفساخ العقد من تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني وكان الطاعن قد نازع المطعون ضدهم قبل رفع الدعوى وأثناء نظرها في وقوع هذا الانفساخ وكان رد الثمن لا يقضي به في هذه الحالة إلا كأثر من الآثار المترتبة على فسخ العقد أو انفساخه طبقاً للمادة 160 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد وكانت دعوى الفسخ لا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني ولا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة فإنه طالما يكون للدائن أن يرفع هذه الدعوى فإنه يكون له أن يطالب بالآثار المترتبة على الفسخ ومنها رد الثمن إذ لا يكون هذا الثمن مستحق الأداء وممكناً المطالبة به إلا بعد تقرير الفسخ وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهم رفعوا بطلب الفسخ في 6 مايو سنة 1959 أي قبل انقضاء مدة التقادم المقررة لسقوط هذه الدعوى فإن حق المطعون ضدهم في مطالبة البائع برد الثمن تبعاً لانفساخ العقد لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون فإنه لا يؤثر في قضائه بعد ذلك ما ورد به من تقرير قانوني خاطئ بشأن هذا التقادم وبدء سريانه ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب ذلك أنه جعل للمطعون ضدهم الحق في استرداد الثمن كاملاً دون أن يخصم منه قيمة الفائدة الحقيقية التي عادت عليهم نتيجة استغلالهم الأرض موضوع العقد الذي تم فسخه وذلك تأسيساً على ما قاله الحكم من أن الفائدة العائدة عليهم من الانتفاع بالأرض تقابل الفائدة التي حصل عليها نتيجة احتفاظه بالثمن وإذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن فوائد الثمن تقل كثيراً عن غلة الأرض خلال فترة استغلال المطعون ضدهم لها وطلب ندب خبير لتحقيق ذلك فإن الحكم المطعون فيه - إذ لم يجبه إلى هذا الطلب وألزمه برد الثمن كاملاً مع أن فسخ العقد يقتضي إعادة الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل إنشائه - يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه وإن كان يترتب على انفساخ عقد البيع أن يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد المشتري المبيع وثماره إذا كان قد تسلمه ويرد البائع الثمن وفوائده إلا أن استحقاق البائع لثمار المبيع يقابله استحقاق المشتري لفوائد الثمن وتحصل المقاصة بينهما بقدر الأقل منهما وإذ كان المطعون ضدهم قبل طلبوا فسخ العقد واقتصروا على طلب رد الثمن دون الفوائد فإنه وقد استحال على الطاعن تنفيذ التزامه بنقل ملكية هذا المبيع فإنه ملزم أمام المشتري برد الثمن المقابل للمبيع بصرف النظر عن التزام المشتري بثماره التي تقابل فوائد الثمن ولذلك يكون طلب الطاعن خصم ما زاد من قيمة الثمار على فوائد الثمن المستحقة للمشتري من الثمن الذي طالب المطعون ضدهم برده هو طلب بإجراء المقاصة القضائية بين ما هو مستحق عليه من الثمن وما هو مستحق له من الثمار - وهذه المقاصة لا تكون إلا بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه طبقاً للمادة 152 من قانون المرافعات وإذ كان الطاعن لم يبد هذا الطلب إلا أمام محكمة الاستئناف فإنه حتى إذا اعتبر هذا الطلب منه طلباً عارضاً فإنه يكون غير مقبول لإبدائه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه كما أنه إذ كان طلب ندب الخبير لتقدير المنفعة التي عادت على المشترين غير مجد في الدعوى لما سلف بيانه فإن النعي بإغفال الحكم الرد عليه يكون غير منتج.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق