الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 684 لسنة 11 ق جلسة 4 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 26 ص 202

جلسة 4 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد ظاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

---------------

(26)

القضية رقم 684 لسنة 11 القضائية

قانون "نفاذه" 

- ينفذ من التاريخ المحدد فيه للعمل به ولو لم تصدر لائحته التنفيذية إلا إذا نص صراحة على غير ذلك أو كان تنفيذه متعذراً بدون الأحكام التفصيلية التي يراد للائحة أن تتضمنها - مثال.

-------------------
إن الرأي السائد فقهاً وقضاء أن القانون ينفذ من التاريخ المحدد فيه للعمل بأحكامه، ولو تضمنت نصوصه دعوة إلى السلطة التنفيذية لإصدار لائحة تنفيذية له، إلا إذا نص القانون صراحة على غير ذلك، أو كان تنفيذ القانون متعذراً بدون الأحكام التفصيلية التي يراد للائحة التنفيذية أن تتضمنها. ويبين من مراجعة القانون رقم 10 لسنة 1956 في شأن الملاحة الداخلية أنه نص في مادته 12 على ما يأتي: "مع مراعاة ما جاء في المادة الأولى لا يجوز استعمال مراكب للتعدية العامة أو الخاصة لنقل الركاب أو البضائع أو الحيوانات من شاطئ إلى آخر أو استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا بعد الحصول على ترخيص خاص في ذلك وتحصل إتاوة عن الترخيص بالمعديات العامة أو مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة تحدد عن طريق مزايدة عامة وتضاف هذه الإتاوة.. وتختص إدارة الملاحة الداخلية بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص المنصوص عليه في الفقرة الأولى فيما عدا المعديات ومراكب نقل الركاب في الخطوط المنتظمة التي تعمل داخل حدود اختصاص مجلس بلدى القاهرة فيختص بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص وتحصيل الإتاوة، ويصدر بشروط هذا الترخيص وبتنظيم كيفية إعطائه وبإجراءات المزايدة قرار من وزير الأشغال العمومية أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال "ولما كانت الأحكام المشار إليها في شأن التراخيص الخاصة بتسيير مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة قد اقتصرت على النص على أن تحدد الإتاوة عن طريق مزايدة عامة ولم تتناول تحديد شروط التراخيص، سواء كانت دائمة أو مؤقتة، ومدتها، وكيفية إعطائها، وإجراءات المزايدة بل ترك تنظيمها إلى لائحة تصدر بقرار من وزير الأشغال أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال فمن ثم فإن الأحكام التي نص عليها القانون تكون متعذرة التنفيذ بذاتها ولا تكون قابلة للتطبيق إلا بعد أن تصدر اللائحة التنفيذية التي تتضمن الأحكام التفصيلية والمكملة للأحكام الواردة في القانون، وعلى ذلك فلا يعمل بأحكام القانون في شأن استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون، ولا تكون هناك إتاوة مستحقة على هذا النوع من الاستغلال إلا بالنسبة إلى التراخيص التي تمنح في ظل اللائحة المشار إليها وطبقاً للأحكام الواردة بها، وقد أصدر وزير الأشغال اللائحة التنفيذية للقانون بقراره رقم 9100 لسنة 1957 الصادر بتاريخ 19 من أغسطس سنة 1957 والذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وأما بالنسبة إلى ما ورد في المادة السابعة والثلاثين من الأحكام الانتقالية الواردة في ذلك القرار والتي يجرى نصها على الوجه الآتي: "تعتبر الخطوط المنتظمة لنقل الركاب الحالية مرخصاً بها مؤقتاً من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 المشار إليه إلى تاريخ العمل بهذا القرار، فلا يمكن أن تغير من وجهة النظر المتقدمة، ذلك لأن المقصود منها هو إضفاء المشروعية على تصرف جهة الإدارة بالسماح باستغلال مراكب في خطوط منتظمة في المدة من تاريخ العمل بالقانون حتى تاريخ نفاذ اللائحة التنفيذية دون أن يتعدى هذا الأثر إلى فرض الإتاوة المنصوص عليها في هذا القرار على المدة السابقة على تاريخ العمل به وإلا كان في ذلك إعمال لأحكام القرار بأثر رجعي وهو ما لا يجوز إلا بقانون. ويترتب على ذلك أنه ما لم تتضمن التصاريح أو الاتفاقات المبرمة بين مستغلي الخطوط الملاحية وجهة الإدارة في المدة السابقة على تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، الاتفاق على إتاوة أو جعل أو فريضة مقابل الاستغلال، فإنه لا يحل لجهة الإدارة اقتضاء مبالغ من هذا القبيل من مستغلي الخطوط الملاحية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق، في أن المدعيين أقاما الدعوى رقم 60 لسنة 15 القضائية ضد وزارة النقل والهيئة العامة لشئون النقل المائي الداخلي، بعريضة أودعاها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 22 من أكتوبر سنة 1960، طالبين الحكم بإلغاء القرار الصادر من جهة الإدارة باتخاذ المزايدة التي أجريت في سنة 1959 أساساً للحساب عن الإتاوة المستحقة عليهما في السنوات السابقة، وقال شرحاً لدعوييهما إن الهيئة العامة لشئون النقل المائي الداخلي أعلنتهما بأنه بمقتضى التراخيص المؤقتة الصادرة لهما ولآخرين في المدة من أول يناير سنة 1957 إلى 30 من إبريل سنة 1960 بتسيير مراكب آلية لنقل الركاب في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت وبالعكس، أصبح مستحقاً عليهما للهيئة بالتضامن مع باقي المرخص لهم مبلغ 13958 جنيهاً 335 مليماً تطبيقاً للمادتين 35، 37 من القرار الوزاري رقم 9100 لسنة 1957، بعد أن تحددت الإتاوة التي صدر بها الترخيص النهائي في المزايدة التي أجريت سنة 1959 بمبلغ 3350 ج سنوياً، ثم أوقعت الهيئة حجوزاً إدارية على بعض أموالهما، فأنذر المدعيان الهيئة بأن القانون رقم 10 لسنة 1956 ليس له أثر رجعي ولذلك لا يجوز الاتفاق على تقرير الرجعية لنصوصه، خاصة وأن الإقرارات التي وقع عليها المدعيان أخذت بطريق الإكراه المعنوي والأمر الإذعاني، كما أن القانون لم ينص على التضامن وبالتالي فإن التضامن الذي تريد الهيئة تطبيقه في حقهما أمر لا يقره القانون، وطلب المدعيان إلى الهيئة الامتناع عن اتخاذ أي إجراء من إجراءات التنفيذ لتحصيل المبالغ التي تدعيها، ولما لم ترد الهيئة على الإنذار مما يعتبر رفضاً منها لإبراء ذمتهما فقد أقاما الدعوى بتلك الطلبات.
ردت الهيئة على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى شكلاً مؤسسة ذلك على أن دعوى الإلغاء لا توجه إلى العقود، وعلى ذلك فإن الدعوى تكون غير مقبولة لأنها تتعلق بعقد إداري ويدخل النظر فيها في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره صاحب الولاية الكاملة في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية. وأما بالنسبة إلى الموضوع فقالت إنه تنفيذاً لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1956 بشأن تنظيم الملاحة الداخلية أصدر وزير الأشغال القرار رقم 9100 لسنة 1957 المعمول به اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1957، وقد نصت المادة 35 منه على أن تصدر إدارة الملاحة الداخلية تراخيص مؤقتة لتسيير مراكب آلية لنقل الركاب في خطوط منتظمة لمدة ثلاثة أشهر، ويلتزم المرخص له مقابل هذا الاستغلال أداء إتاوة تقدر بربح قيمة الإتاوة السنوية التي يصدر بها الترخيص النهائي، ويجوز تجديد الترخيص لمدد أخرى مماثلة، كما نصت المادة 37 من القرار على أن تعتبر الخطوط المنتظمة لنقل الركاب الحالية مرخصاً بها مؤقتاً من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 إلى تاريخ العمل بالقرار ونصت المادة 12 على أنه إذا صدر الترخيص لأكثر من شخص كان جميع المرخص لهم متضامنين في تنفيذ شروطه، وقد تبينت الهيئة أن...... المدعيين يقومان مع آخرين بتسيير مراكب لنقل الركاب في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت من أول مارس سنة 1956 فطبقت عليهما نص المادة 37 من القرار الوزاري كما منحتهما بناء على طلبهما تراخيص مؤقتة لإدارة الخط ظلت تتجدد حتى نهاية إبريل سنة 1960، ونظراً لأن المزايدة التي أجريت في 22 من نوفمبر سنة 1959 رست بمبلغ 3330 ج سنوياً فقد قامت بمحاسبة المدعيين على أساس الأحكام الواردة في الترخيص المؤقت الصادر لهما والأحكام الواردة في القرار الوزاري فبلغت جملة المطلوب منهما ومن باقي المرخص لهم مبلغ 13958 جنيهاً و335 مليماً وانتهت المدعى عليها إلى القول بأنها طبقت القانون والعقد تطبيقاً سليماً ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس.
عقب المدعى عليهما على دفاع جهة الإدارة بأن القانون رقم 10 لسنة 1956 نص على ألا يصدر بشروط الترخيص وبكيفية إعطائه وبإجراءات المزايدة قرار من وزير الأشغال، ولم يعمل بالقرار الذي أصدره وزير الأشغال إلا من 31 من أكتوبر سنة 1957، ومؤدى ذلك ألا يبدأ العمل بالقانون إلا من هذا التاريخ، وتكون مطالبتهما بالإتاوة عن المدة السابقة على ذلك التاريخ على غير أساس من القانون، أما بالنسبة إلى المدة اللاحقة ليوم 30 من أكتوبر سنة 1957 فقال المدعيان إن التراخيص المؤقتة لا سند لها من القانون رقم 10 لسنة 1956 فقد نص هذا القانون على أن تصدر التراخيص لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد وتحدد الإتاوة عن طريق المزايدة، ولم يتصور المشرع أن يتم التحديد النهائي للإتاوة إلا خلال ثلاثة أشهر على الأكثر، لذلك أجاز إصدار التراخيص المؤقتة لهذه المدة، فإذا ما تراخت جهة الإدارة في إجراء المزايدة إلى سنة 1959 أو إلى سنة 1960 فإنها تسأل وحدها عن تراخيها، خاصة وأن الأحوال الاقتصادية تختلف من زمان إلى آخر، وقد زادت حركة الخط النهري في المدة الأخيرة نتيجة لسياسة التصنيع والحكم المحلي ورفع مستوى المعيشة في البلاد، فلا يستساغ على ذلك المحاسبة عن إتاوة مستحقة في سنة 1957 على أساس مزايدة أجريت بعد ذلك التاريخ، كما أن المزايدة المشار إليها قامت على أساس - الاحتكار أما الوضع فيما قبل ذلك فقد كان خاضعاً للمنافسة ويضاف إلى ذلك كله أن القرار الوزاري نص على تضامن المستغلين رغم أن لكل منهم مركبه الخاص ولكل منهم مصالح متعارضة، وانتهى المدعيان إلى المطالبة بإلغاء القرار واحتساب الإتاوة عن المدة اللاحقة ليوم 31 من أكتوبر سنة 1957 على أساس الحالة في حينها لا وفقاً للمزايدة الأخيرة وبدون تضامن بين المدعين وبين غيرهم من المرخص لهم في ذات الخط الملاحي مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه بجلسة 25 من إبريل سنة 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى وبإلزام المدعيين المصروفات، وأقامت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن المنازعة تتعلق بالعقد المبرم بين المدعيين وجهة الإدارة ومضمونه تسيير خط ملاحي منتظم بين الأقصر وأرمنت وهو عقد توافرت فيه خصائص العقود الإدارية، ولذلك فإن ولاية المحكمة تمتد إلى نظر المنازعة، وأما بالنسبة إلى الموضوع، فقالت المحكمة إنه تنفيذاً لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1956 الذي بدأ العمل به من تاريخ نفاذ لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الأشغال رقم 9100 لسنة 1957، بادرت جهة الإدارة المدعى عليها إلى أخذ إقرارات من المدعيين تفيد تسييرهم مراكب آلية في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت وبالعكس في الفترة الزمنية التي تقع بين تاريخ صدور القانون والعمل بلائحته التنفيذية، ثم بدأت تمنحهما سواء بمفردها أو مع آخرين تراخيص مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر ظلت تتحدد حتى نهاية إبريل سنة 1959 وقد نص فيها على أن الإتاوة المقررة تقدر بربع قيمة الإتاوة السنوية التي يصدر بها الترخيص النهائي لتسيير الخط الملاحي المشار إليه، ثم رست مزايدة استغلال الخط بإتاوة سنوية قدرها 3350 جنيهاً سنوياً على آخرين منحوا الترخيص في أول مايو سنة 1960، ولما كان الاتفاق الذي أبرمته جهة الإدارة مع المدعيين على سداد إتاوة تقدر بربع قيمة الإتاوة السنوية التي يصدر بها الترخيص النهائي قد تم تنفيذاً لأحكام القانون ولائحته التنفيذية، ويضاف إلى ذلك أن قواعد العدالة المطلقة لا تجيز لأي شخص أن يثرى على حساب الغير سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً، وكان المدعيان قد استغلا الخط الملاحي في المدة من أول يناير سنة 1957 حتى 30 من إبريل سنة 1960 دون أن يسددا إتاوة عن هذا الاستغلال، فمن ثم فإنه يستحق عليهما الإتاوة التي تطالبهما بها جهة الإدارة دون أن يحتج على ذلك بأن العقد المشار إليه تضمن شروطاً إذعانية ذلك لأن طابع العقود الإدارية أن تتضمن شروطاً من هذا النوع، وكان في وسع المدعيين عدم الارتباط بذلك العقد ومن ثم فإن دعوييهما تكون على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ذلك لأنه بالرغم من أن الحكم سلم بأنه لم يعمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 في شأن الملاحة الداخلية إلا من تاريخ العمل بلائحته التنفيذية في 31 من أكتوبر سنة 1957 فإنه انتهى إلى إلزام الطاعنين بالإتاوة عن المدة السابقة على ذلك التاريخ، واستند في ذلك إلى قواعد العدالة والإثراء على حساب الغير، مع أن تطبيق هذه القاعدة الأخيرة يقتضي أن تلحق خسارة بإحدى الذمم، والحال غير ذلك، فالدولة لم تخسر شيئاً نتيجة قيام الطاعنين باستغلال الخط الملاحي في المدة السابقة على نفاذ القانون، ذلك لأن الأصل في استعمال المرافق العامة أن يكون مجانياً ما لم يقض القانون بغير ذلك، ولما كانت الإتاوة لم تفرض إلا من تاريخ العمل بذلك القانون أي من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية فمن ثم فلا تكون الإتاوة مستحقة على المدة السابقة على ذلك وأما بالنسبة إلى المدة اللاحقة لنفاذ اللائحة التنفيذية فقد نص القانون على أن تحدد الإتاوة عن طريق المزايدة، والمقصود بذلك أن تتم المزايدة قبل الحصول على الترخيص، ذلك لأنه يجب أن يكون التزام المرخص له محدداً وواضحاً عند البدء في المشروع أو على الأقل، يكون قابلاً للتحديد ويضاف إلى ذلك أن الإدارة أخطأت خطأ جسيماً بتأجيلها منح الترخيص النهائي لمدة امتدت إلى عدة سنوات تغيرت الحالة الاقتصادية خلالها، الأمر الذي يستوجب أن يكون تقدير الإتاوة المستحقة حسب الحالة في حينها وليس على أساس المزايدة التي أجريت، هذا والحكم المطعون فيه لم يتعرض لما نعاه الطاعنان على التضامن، فالتضامن لا يترتب بلائحة بل يجب أن يقرر بنص في تشريع ولا يجوز الاحتجاج بوروده في الإقرار الصادر من الطاعنين في شهر نوفمبر سنة 1957 لأن هذا الإقرار ليس عقداً إدارياً كما ذهبت إلى ذلك المحكمة، كما أنه لم يرد فيه نص على التضامن حتى يحتج بذلك على الطاعنين، وإنما هو إجراء من إجراءات الترخيص، وشرط فرض عليهما للحصول على الترخيص المؤقت بالاستغلال.
ومن حيث إن الرأي السائد فقهاً وقضاء أن القانون ينفذ من التاريخ المحدد فيه للعمل بأحكامه، ولو تضمنت نصوصه دعوة إلى السلطة التنفيذية لإصدار لائحة تنفيذية له، إلا إذا نص القانون صراحة على غير ذلك، أو كان تنفيذ القانون متعذراً بدون الأحكام التفصيلية التي يراد للائحة التنفيذية أن تتضمنها.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة القانون رقم 10 لسنة 1956 في شأن الملاحة الداخلية أنه نص في مادته 12 على ما يأتي: "مع مراعاة ما جاء في المادة الأولى لا يجوز استعمال مراكب للتعدية العامة أو الخاصة لنقل الركاب أو البضائع أو الحيوانات من شاطئ إلى آخر أو استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا بعد الحصول على ترخيص خاص في ذلك وتحصل إتاوة عن الترخيص بالمعديات العامة أو مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة تحدد عن طريق مزايدة عامة وتضاف هذه الإتاوة... وتختص إدارة الملاحة الداخلية بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص المنصوص عليه في الفقرة الأولى فيما عدا المعديات ومراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة التي تعمل داخل حدود اختصاص مجلس بلدى القاهرة فيختص بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص وتحصيل الإتاوة ويصدر بشروط هذا الترخيص وبتنظيم كيفية إعطائه وبإجراءات المزايدة قرار من وزير الأشغال العمومية أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال". ولما كانت الأحكام المشار إليها في شأن التراخيص الخاصة بتسيير مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة قد اقتصرت على النص على أن تحدد الإتاوة عن طريق مزايدة عامة ولم تتناول تحديد شروط التراخيص، سواء كانت دائمة أو مؤقتة، ومدتها، وكيفية إعطائها، وإجراءات المزايدة بل ترك تنظيمها إلى لائحة تصدر بقرار من وزير الأشغال أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال فمن ثم فإن الأحكام التي نص عليها القانون تكون متعذرة التنفيذ بذاتها ولا تكون قابلة للتطبيق إلا بعد أن تصدر اللائحة التنفيذية التي تتضمن الأحكام التفصيلية والمكملة للأحكام الواردة، وعلى ذلك فلا يعمل بأحكام القانون في شأن استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون، ولا تكون هناك إتاوة مستحقة على هذا النوع من الاستغلال إلا بالنسبة إلى التراخيص التي تمنح في ظل اللائحة المشار إليها وطبقاً للأحكام الواردة بها، وقد أصدر وزير الأشغال اللائحة التنفيذية للقانون بقراره رقم 9100 لسنة 1957 الصادر - بتاريخ 19 من أغسطس سنة 1957 والذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وأما بالنسبة إلى ما ورد في المادة السابعة والثلاثين من الأحكام الانتقالية الواردة في ذلك القرار التي يجرى نصها على الوجه الآتي: "تعتبر الخطوط المنتظمة لنقل الركاب الحالية مرخصاً بها مؤقتاً من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 المشار إليه إلى تاريخ العمل بهذا القرار، فلا يمكن أن تغير من وجهة النظر المتقدمة، ذلك لأن المقصود منها هو إضفاء المشروعية على تصرف جهة الإدارة بالسماح باستغلال مراكب في خطوط منتظمة في المدة من تاريخ العمل بالقانون حتى تاريخ نفاذ اللائحة التنفيذية دون أن يتعدى هذا الأثر إلى فرض الإتاوة المنصوص عليها في هذا القرار على المدة السابقة على تاريخ العمل به وإلا كان في ذلك إعمال لأحكام القرار بأثر رجعي وهو ما لا يجوز إلا بقانون.
ومن حيث إنه يترتب على ذلك أنه ما لم تتضمن التصاريح أو الاتفاقات المبرمة بين مستغلي الخطوط الملاحية وجهة الإدارة في المدة السابقة على تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، الاتفاق على إتاوة أو جعل أو فريضة مقابل الاستغلال فإنه لا يحق لجهة الإدارة اقتضاء مبالغ من هذا القبيل من مستغل الخطوط الملاحية.
ومن حيث إنه يتضح من مراجعة صورة كتاب مدير الإدارة العامة للملاحظة المؤرخ 31 من أغسطس سنة 1964 والذي قدمته إدارة قضايا الحكومة إلى المحكمة بجلسة 21 من فبراير سنة 1965 ومن حافظة مستندات الحكومة رقم 4 دوسيه أنه لم يصدر إلى الطاعنين ترخيص بتسيير الخط الملاحي في المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1957 وإنما حصلت إدارة الملاحظة من الطاعنين على إقرارين أولهما مقدم من السيد أبو المجد سالم بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1957 ويجري نصه على الوجه الآتي: "أقر أنا الحاج أبو المجد سالم بأرمنت الحيط مركز أرمنت مديرية قنا بأننا نقبل تسيير مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة على النيل من الأقصر إلى أرمنت وبالعكس وذلك ابتداء من أول مارس سنة 1956 إلى آخر أكتوبر سنة 1957 ونتعهد بقبولنا الحصول على ترخيص مؤقت طبقاً لأحكام المادة 5 من القرار رقم 9100 لسنة 1957 في شأن تسيير مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة وبالشروط المقررة في هذا الترخيص المؤقت".. ومؤشر في نهاية الإقرار بالعبارة الآتية "ملحوظة تشغيل الخط المشار إليه بالإقرار عاليه هو بالاشتراك مع كل من السادة: سويمه متاذوس ومحمد إبراهيم عياد وزكرى باخوم والحاج علي بعدى موسى، وموقع عليها من المقر، والثاني، مقدم من السيد/ محمد إبراهيم عياد بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1957 ويجرى نصه على الوجه الآتي " أقرر أنا الموقع على هذا محمد إبراهيم عياد من الأقصر مديرية قنا أنني كنت أقوم بتسيير الرفاص رقم 304 ج الشيخ سليم في نقل الركاب في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت ابتداء من 1/ 3/ 1956 لغاية المدة على أساس العطاء الذي يتم الترخيص بتسيير هذه الخطوط أو لخلافه وأن أقوم بسداد المستحق عن هذه المدة بمجرد طلب بمعرفة إدارة الملاحة" (مستند رقم 1، 2 الحافظة المشار إليها".
ومن حيث إن الإقرارين المشار إليهما لم يتضمنا اتفاقاً واضحاً على إتاوة معينة أو جعلاً أو مقابلاً يستحق لجهة الإدارة عن قيام المقرين باستغلال الخط الملاحي، ذلك لأن الإقرار الأول قاطع في الدلالة على أن تعهد المقر ينصب على التزامه بالحصول على ترخيص مؤقت في المدة التالية لآخر أكتوبر سنة 1957، أما الإقرار الثاني فهو وإن تضمن أن المقر يذكر أنه يسير الخط على أساس العطاء الذي يتم الترخيص بتسيير الخطوط وسداد المستحق عليه عن هذه المدة، فإنه لم يتضمن اتفاقاً أو التزاماً بدفع أي مقابل محدد أو قابل للتحديد، كما أنه لم يتضمن قبول المقر العمل بأحكام القرار رقم 9100 لسنة 1957 في المدة السابقة على نفاذه بما يمكن أن يستخلص منه أو يقبل أداء المقابل عن الاستغلال السابق على الأساس المبين بذلك القرار، ويترتب على ذلك كله أن الإقرارين المشار إليهما لم يتضمنا اتفاقاً على الالتزام بدفع مبالغ معينة نظير استغلال الخط الملاحي في المدة من 1 من مارس سنة 1956 حتى 31 من أكتوبر سنة 1957 ومن ثم فلا تكون جهة الإدارة محقة في مطالبتهما بالإتاوة التي حددها القرار رقم 9100 لسنة 1957 عن تلك المدة.
ومن حيث إنه لا اعتداد في هذا الشأن بما استند إليه الحكم المطعون فيه من أن قواعد العدالة والإثراء بلا سبب توجب إلزام المدعيين بالإتاوة نظير قيامهما باستغلال الخط الملاحي في المدة السابقة على تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، ذلك لأن المشرع لم يفرض الإتاوة على هذا النوع من الاستغلال إلا من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 المشار إليه، وهو لم يعمل به إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية على النحو السالف بيانه، ومن ثم فإن هذا النوع من الاستغلال لم تكن تستحق عنه إتاوة قبل ذلك التاريخ وبذلك يتخلف مناط تطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب لأن شرط الافتقار بالنسبة إلى الجهة الإدارية غير متوفر إذ لا يتصور قيامه إلا حيث يثبت استحقاقها للإتاوة التي حرمها منها المستغل ولا أحقية لها في شيء من ذلك ما دامت الإتاوة لا يمكن فرضها إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية على ما سلف البيان.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المدة اللاحقة لتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1957 والتي كان الطاعنان يستغلان فيها الخط الملاحي مع آخرين بموجب تراخيص مؤقتة صدرت وفقاً للأحكام المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية، فقد أصاب الحكم المطعون فيه في قضائه برفض دعوى المدعيين بالنسبة إلى هذا الشق من الدعوى للأسباب التي بني عليها ومحصلها، أن التراخيص المؤقتة التي وقعها الطاعنان قد نصت على التزامهما بسداد الإتاوة المتفق عليها فيها والتي تحددت عن كل ترخيص بربع قيمة الإتاوة التي تحدد للترخيص النهائي عن طريق مزايدة عامة، وبتضامنهما مع باقي المرخص لهم في تشغيل ذلك الخط الملاحي، ومن ثم تكون جهة الإدارة محقة في مطالبتهما بالمبالغ المستحقة عليهما وفقاً لتلك الشروط بالتضامن مع باقي المرخص لهم في ذلك الخط الملاحي، دون اعتداد بما أثاره الطاعنان من أن جهة الإدارة تراخت في إجراء المزايدة أو أن التراخيص حوت شروطاً إذعانية، ذلك لأن.. الشروط التي تضمنتها التراخيص المؤقتة هي من الشروط التي تتضمنها العقود الإدارية عادة، والثابت من الاطلاع على الأوراق أن تلك التراخيص كانت تجدد كل ثلاثة أشهر بذات الشروط بناء على طلبات مكتوبة يتقدم بها الطاعنان إلى إدارة الملاحة الداخلية عند انتهاء مدة الترخيص، بما يفيد في ذاته رغبتهما في إجراء التجديد وموافقتهما على الشروط التي تضمنتها تلك التراخيص.
ومن حيث إنه يتضح من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه بالنسبة إلى هذا الشق من الدعوى، وأنه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه عندما قضى برفض دعوى الطاعنين إبراء ذمتهما من الإتاوة التي تطالبهما بها جهة الإدارة عن المدة من أول مارس سنة 1956 حتى 31 من أكتوبر سنة 1957، لذلك فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب المدعيين إبراء ذمتهما من الإتاوة المستحقة عن المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1957 على الوجه المبين بالأسباب وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات المناسبة وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب المدعيين إبراء ذمتهما عن الإتاوة المستحقة عن المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1957 على الوجه المبين بالأسباب وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات المناسبة وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق