جلسة 23 من إبريل سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمود عياد، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.
----------------
(56)
الطعن رقم 41 لسنة 25 القضائية
إجارة "مسائل منوعة" "أحوال تطبيق القانون 121 لسنة 1947 وأحوال تطبيق القانون العام".
الضابط في الاختصاص بطلب الإخلاء هو وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار. عدم انطباق القانون 121 لسنة 1947 إذا كان عقد الإيجار وارداً على أرض فضاء بصرف النظر عما إذا كان يوجد بها مبان وقت العقد أم لا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 6 من فبراير سنة 1952 أقام الطاعنان دعوى على المطعون عليها قيدت بمحكمة بولاق الجزئية برقم 238 لسنة 1952 مدني بولاق طلبا فيها الحكم بإخلاء قطعة الأرض المؤجرة لها وتسليمها لهما خالية مما يشغلها مع إلزامها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة إلخ.... وقالا شرحاً لدعواهما أنهما أجرا للمطعون عليها قطعة أرض سواد خالية من المباني والأشجار بعقد إيجار محرر في أول جماد الأول سنة 1366 هـ لمدة سنة وتنتهي في أخر ربيع الثاني سنة 1367 هو نص في البند السادس منه على تحديد شهرين سابقين على انتهاء مدته ليعلن أي الطرفين الآخر برغبته في تجديده أو عدم رغبته في ذلك - وأنهما (أي الطاعنين) قد أنذرا المطعون عليها في 28 من نوفمبر سنة 1951 بعدم رغبتهما في تجديد العقد المذكور باعتباره مفسوخاً في نهاية ربيع الثاني من سنة 1371 هـ ونبها عليها بوجوب تسليم الأرض المؤجرة خالية مما عليها من المباني فلم تستجب لهذا الإنذار ولهذا أقاما عليها الدعوى بالطلبات السالف بيانها - دفعت المطعون عليها الدعوى بعدم قبولها تأسيساً على أن طلب الإخلاء والتسليم يجب أن يكون مسبوقاً بطلب فسخ عقد الإيجار كما دفعت بعدم اختصاص محكمة بولاء الجزئية بنظر الدعوى إذ هي من اختصاص المحكمة الكلية تطبيقاً للقانون 121 لسنة 1947 - وذكرت أن العين موضوع الإيجار قد أجرت بغرض إقامة مبان عليها بتصريح من المؤجرين. ثم ذكرت المدعى عليها أن حقيقة العقد المبرم بين الطرفين هو أنه عقد حكر وليس بعقد إيجار. وبتاريخ 17 من مارس سنة 1953 حكمت محكمة بولاق الجزئية برفض الدفع بعدم القبول وبرفض الدفع بعدم الاختصاص وبإخلاء قطعة الأرض المبينة بعقد الإيجار - وبتسليمها للطاعنين خالية مما يشغلها مع إلزام المطعون عليها المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة. فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم إلى محكمة القاهرة الابتدائية بالاستئناف رقم 622 سنة 1953 (مدني مستأنف القاهرة) طالبة قبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للنفاذ المعجل بغير كفالة وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه وباعتباره كأن لم يكن والحكم برفض دعوى المستأنف عليها وإلزامها بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين - ودفع المستأنف عليهما (الطاعنان) بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب - وبتاريخ 12 من مايو سنة 1953 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدفع وبجواز الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلاً وفيما يتعلق بموضوع الاستئناف الوصفي برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة له وألزمت المستأنفة بالمصاريف وأمرت المحكمة بوقف النفاذ المعجل - ثم بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1954 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئناف) بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى مع إلزام المستأنف ضدهما - الطاعنين - بمصاريف الدرجتين ومبلغ 300 قرش أتعاباً للمحاماة - واستندت المحكمة في قضائها إلى أنه قد أضيفت للبند التاسع من عقد الإيجار كتابة باليد مؤداها أن "جميع الموبيليات والمنقولات ضامنة لسداد قيمة الإيجار ولا يسمح بعمل دعوى استرداد" وفي ذلك ما يفيد أن موضوع العقد ليس مجرد أرض فضاء وأنه لذلك يكون ملحوظاً عند إنشاء العقد وجود بناء على الأرض الفضاء وأن ما ذكر من أن موضوع الإجارة أرض فضاء ليس إلا تحايلاً على الاختصاص الغرض منه حرمان المستأجرة من الانتفاع بأحكام التشريع الاستثنائي الواردة في القانون 121 لسنة 1947 وإهدار حقها في البناء المقام قبل انعقاد الإجارة. وأنه لذلك يكون الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً للمحكمة الكلية. وبتاريخ 3/ 2/ 1955 طعن الطاعنان في هذا الحكم بالنقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها رأت فيها أن الحكم المطعون فيه مرجح نقضه. وطلبت إلى دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقضي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من فبراير سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة اليوم (26 من مارس سنة 1959) وفيها صممت النيابة العامة على الرأي المبدى بمذكرتها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكرا في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف نص المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 التي يتأدى من نصها عدم انطباق هذا القانون على الأراضي الفضاء المؤجرة سواء أكانت عليها مبان مملوكة لغير المؤجر أم لا - وسواء أقيمت هذه المباني قبل التعاقد أو بعده - وقد قصد المشرع استثناء الأراضي الفضاء - بصورة مطلقة - والعبرة هي بطبيعة العقار المؤجر فإن كان المؤجر هو البناء فإن أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 تكون واجبة التطبيق أما إن كان المؤجر أرضاً فضاء فإن أحكامه لا تسري. وفي السبب الثاني ذكر الطاعنان أن الأخذ بالرأي الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه يحرم المؤجر من حقوقه المخولة له بمقتضى القانون رقم 121 لسنة 1947 - إذ هو على مقتضى الرأي المذكور لا يستطيع طلب الإخلاء للهدم وإعادة البناء - كما لا يستطيعه للضرورة الملجئة لأنه ليس مالكاً وأنه لذلك يفقد سلطانه على أرضه فلا هو يستطيع الانتفاع بها على أساس القانون رقم 121 لسنة 1947 ولا على أساس أحكام القانون العام وهذه نتيجة لا يمكن أن يكون الشارع قد هدف إليها.
وحيث إن النعي بما ورد في هذين السببين في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى على ما أخذ به في أسبابه من أن المقصود بالأرض الفضاء التي تخرج من نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 تلك التي تكون غير مشغولة بأي بناء وقت بدء التعاقد أما إذا كانت الأرض مقاماً عليها بناء في ذلك الوقت كما هو الشأن في وقائع الخصومة المطروحة فإن المنازعات الخاصة بطلب الإخلاء تحكمها نصوص ذلك القانون وتختص المحكمة (الكلية) بنظرها - ولما كان قضاء هذه المحكمة مستقراً على أن الضابط في شأن القاعدة القانونية التي تحكم مسألة الاختصاص بطلب الإخلاء هو وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار فإذا كان عقد الإيجار وارداً على أرض فضاء فإن الدعوى بالإخلاء تخضع لقواعد القانون العام الخاص بالاختصاص وذلك بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت انعقاد عقد الإيجار أم لا - وإن كانت الإجارة واردة على مكان معد للسكنى أو غير ذلك من الأغراض فإن المنازعة على الإخلاء تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وترفع دائماً إلى المحكمة الابتدائية المختصة - ولما كان خطأ محكمة الموضوع في هذه القاعدة القانونية قد حجبها عن تحقيق البحث السابق ذكره - وبذلك أعجز هذه المحكمة عن مراقبة الحكم المطعون فيه من حيث تطبيق القانون على الوقائع تطبيقاً صحيحاً فإنه يتعين نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق